تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 16 من 16

الموضوع: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    قال الشيخ صالح الفوزان
    الناس في الولاء والبراء على ثلاثة أقسام:
    القسم الأول: من يحب محبة خالصة لا معادة معها
    وهم المؤمنون الخلص من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين. وفي مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه تجب محبته أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين. ثم زوجاته أمهات المؤمنين وأهل بيته الطيبين وصاحبته الكرام – خصوصًا الخلفاء الراشدين وبقية العشرة والمهاجرين والأنصار وأهل بدر وأهل بيعة الرضوان ثم بقية الصحابة – رضي الله عنهم – أجمعين.
    ثم التابعين والقرون المفضلة وسلف هذه الأمة وأئمتها – كالأئمة الأربعة.
    قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: 10].
    ولا يبغض الصحابة وسلف هذه الأمة من في قلبه إيمان. وإنما يبغضهم أهل الزيغ والنفاق وأعداء الإسلام كالرافضة والخوارج نسأل الله العافية.
    القسم الثاني: من يبغض ويعادي بغضًا ومعاداة خالصين لا محبة ولا موالاة معهما
    وهم الكفار الخلص من الكفار والمشركين والمنافقين والمرتدين والملحدين على اختلاف أجناسهم.
    كما قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22].
    وقال تعالى عائبًا على بني إسرائيل: {تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَـكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 80-81].
    القسم الثالث: من يحب من وجه ويبغض من وجه
    فتجتمع فيه المحبة والعداوة وهم عصاة المؤمنين. يحبون لما فيهم من الإيمان ويبغضون لما فيهم من المعصية التي هي دون الكفر والTرك.
    ومحبتهم تقتضي مناصحتهم والإنكار عليهم. فلا يجوز السكئت على معاصيهم بل ينكر عليهم ويؤمرون بالمعروف وينهون عن الcنكر وتقام عليهم الحدود والتعزيرات حتى يكفوا عن معاصيهم ويتوبوا من سيئاتهم.
    ولكن لا يبغضون بغضًا خالصًا ويتبرأ منهم كما تقوله الخوارج في مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك.
    ولا يحبون ويوالون حبًا وموالاة خالصين كما تقوله المرجئة بل يعتدل في شأنهم على ما ذكرنا كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.
    والحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان، والمرء مع من أحب يوم القيامة كما في الحديث.
    وقد تغير الوضع وصار غالب موالاة الناس ومعاداتهم لأجل الدنيا فمن كان عنده طمع من مطامع الدنيا والوه وإن كان عدوًّا لله ولرسوله ولدين المسلمين.
    ومن لم يكن عنده طمع من مطامع الدنيا عادوه ولو كان وليًّا لله ولرسوله عند أدنى سبب وضايقوه واحتقروه.
    وقد قال عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما -: "من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك، وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئًا" [رواه ابن جرير].
    وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب). [الحديث رواه البخاري].
    وأشد الناس محاربة لله من عادى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبهم وتنقصهم.
    وقد قال صلى الله عليه وسلم: (الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضًا، فمن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه). [أخرجه الترمذي وغيره].
    وقد صارت معاداة الصحابة وسبهم دينًا وعقيدة عند بعض الطوائف الضالة.
    [الارشاد الى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
    "الحمد والذم والحب والبغض والموالاة والمعاداة فإنما تكون بالأشياء التي أنزل الله بها سلطانه، وسلطانه كتابه".

    فمن كان مؤمناً وجبت موالاته من أي صنف كان، ومن كان كافراً وجبت معاداته من أي صنف كان.

    قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءامَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:55-56].

    وقال تعالى: {يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَـارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [المائدة:51]، وقال: {وَالْمُؤمنون وَالْمُؤْمِنَات ِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [التوبة:71].

    ومن كان فيه إيمان وفيه فجور أعطِي من الموالاة بحسب إيمانه، ومن البغض بحسب فجوره، ولا يخرج من الإيمان بالكلية بمجرّد الذنوب والمعاصي كما يقول الخوارج والمعتزلة.
    ولا يجعَل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون بمنزلة الفساق في الإيمان والدين والحب والبغض والموالاة والمعاداة، قال الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا} إلى قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:9-10] فجعلهم إخوة مع وجود الاقتتال والبغي.

    وقال في موضع آخر:
    "ولهذا كان السلف مع الاقتتال يوالي بعضهم بعضاً موالاة الدين، لا يعادون كمعاداة الكفار، فيقبل بعضهم شهادة بعض، ويأخذ بعضهم العلم عن بعض، ويتوارثون ويتناكحون، ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض مع ما كان بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك".

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    أقسام الناس في الحب والبغض

    الناس في باب الحب والبغض ثلاثة أقسام:

    الأول: ولي لله تجب محبته مطلقا
    والثاني: عدو لله يجب بغضه مطلقا
    والثالث: المخلط؛ كالفاسق من المسلمين يحب بحسب ما معه من الإيمان والطاعة، ويبغض بحسب ما معه من الفسوق والمعصية. فمن العدل في الحكم والمعاملة أن تفرق بين الناس، فلا تعط الناس حكما واحدا؛ بل تنزل الناس منازلهم بحسب حكم الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -
    للشيخ البراك-شرح الطحاويةص276

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    قال الشيخ سليمان آل الشيخ:
    "فهل يتمّ الدين أو يقام عَلَم الجهاد أو عَلَمُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا بالحب في الله والبغض في الله، والمعاداة في الله والموالاة في الله. ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء لم يكن فرقاناً بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان".

    وقال الشيخ عبد الرزاق عفيفي عن الولاء والبراء:
    "[إنهما] مظهران من مظاهر إخلاص المحبة لله، ثم لأنبيائه وللمؤمنين. والبراءة: مظهر من مظاهر كراهية الباطل وأهله، وهذا أصل من أصول الإيمان".
    كتاب الإيمان (ص 14).

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    الولاء والبراء شرط في الإيمان
    قال تعالى:تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ، وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 80 – 81].
    يقول ابن تيمية رحمه الله عن هذه الآية :
    (فذكر جملة شرطية تقتضي أنه إذا وجد الشرط وجد المشروط بحرف "لو" التي تقتضي مع انتفاء الشرط انتفاء المشروط، فقال: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ}؛ فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء؛ ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه، ومثله قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، فإنه أخبر في تلك الآيات أن متوليهم لا يكون مؤمنا، وأخبر هنا أن متوليهم هو منهم، فالقرآن يصدق بعضه بعضاً).
    قال العلامة حمد بن عتيق رحمه الله حول هذه الآية وغيرها من الآيات:
    (فأما معاداة الكفار والمشركين, فاعلم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجب ذلك, وأكد إيجابه, وحرم موالاتهم وشدد فيها, حتى إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده... قال تعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ, وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ).
    قال شيخ الإسلام:
    "فبين سبحانه أن الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه ملتزم بعدم ولايتهم, فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان؛ لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم".
    *******
    رتب الله تعالى على موالاة الكافرين سخطه والخلود في العذاب, وأخبر أن ولايتهم لا تحصل إلا ممن ليس بمؤمن وأما أهل الإيمان بالله وكتابه ورسوله فإنهم لا يوالونهم بل يعادونهم, كما أخبر الله عن إبراهيم والذين معه من المرسلين قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ, فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}، فنهى سبحانه وتعالى المؤمنين أن يوالوا اليهود والنصارى, وذكر أن من تولاهم فهو منهم، أي؛ من تولى اليهود فهو يهودي, ومن تولى النصارى فهو نصراني, وقد روى ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال: قال عبد الله بن عتبة: "ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر", قال: فظنناه يريد هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء... }، إلى قوله: {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، وكذلك من تولى المشرك فهو مشرك, ومن تولى الأعاجم فهو أعجمي, فلا فرق بين من تولى أهل الكتابين وغيرهم من الكفار... وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، فنهى سبحانه المؤمنين عن موالاة أهل الكتابين وغيرهم من الكفار, وبين أن موالاتهم تنافي الإيمان, وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ, قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوه َا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}، فنهى سبحانه وتعالى المؤمن عن موالاة أبيه وأخيه - اللذين هما أقرب الناس إليه - إذا كان دينهما غير الإيمان وبين أن الذي يتولى أباه وأخاه إذا كانا كافرين فهو ظالم, فكيف بمن تولى الكافرين الذين هم أعداء له ولآبائه ولدينه أفلا يكون هذا ظالم, بلى والله إنه لمن أظلم الظالمين, ثم بين تعالى أن هذه الثمانية لا تكون عذرا في موالاة الكافرين, فليس لأحد أن يواليهم خوفا على أبيه أو أخيه أ وبلاده أو ماله أو مشحته بعشيرته أو مخافته على زوجاته, فإن الله قد سد على الخلق باب الأعذار بأن هذا ليس بعذر) أهـ بتصرف واختصار.
    وقال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله :
    (فذكر تعالى أن موالاة الكفار منافية للإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه، ثم أخبر أن سبب ذلك كون كثير منهم فاسقين، ولم يفرق بين من خاف الدائرة ولم يخف، وهكذا حال كثير من هؤلاء المرتدين قبل ردتهم كثير منهم فاسقون، فجر ذلك إلى موالاة الكفار والردة عن الإسلام، نعوذ بالله من ذلك)

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    علاقة الحب والبغض بالولاء والبراء:
    الحب والبغض هما أصلا الموالاة والمعاداة.
    قال شيخ الإسلام: "أصل الموالاة هي المحبة، كما أنّ أصل المعاداة البغض، فإن التّحابّ يوجب التقارب والاتفاق، والتباغض يوجب التباعد والاختلاف، وقد قيل: المولى من الولي: وهو القرب، وهو يلي هذا، أي: هو يقرب منه.
    والعدو من العدواء وهو البعد، ومنه العُدْوَة، والشيء إذا ولى الشيء ودنا منه وقرب إليه اتّصل به، كما أنه إذا عُدّى عنه، ونأى عنه، وبعد منه، كان ماضياً عنه".
    والموالاة لازم الحب وكذا المعاداة لازم البغض:
    قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: ((ووالى في الله)): "هذا بيان للازم المحبة في الله وهو الموالاة، فيه إشارة إلى أنه لا يكفي في ذلك مجرّد الحب، بل لا بد مع ذلك من الموالاة التي هي لازم الحب، وهي النصرة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين باطناً وظاهراً".
    وقال في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: ((وعادى في الله)): "هذا بيان للازم البغض في الله وهو المعاداة فيه، أي: إظهار العداوة بالفعل، كالجهاد لأعداء الله والبراءة منهم، والبعد عنهم باطناً وظاهراً، إشارة إلى أنه لا يكفي مجرّد بغض القلب، بل لا بد مع ذلك من الإتيان بلازمه".

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    تحريم ولاء الكفار والمنافقين:
    قال سليمان آل الشيخ: "اعلم ـ رحمك الله ـ أنّ الإنسان إذا أظهر للمشركين الموافقة على دينهم خوفاً منهم ومداراة لهم ومداهنة لدفع شرّهم فإنّه كافر مثلهم وإن كان يكره دينَهم ويبغضهم ويحبّ الإسلام والمسلمين، هذا إذا لم يقع منه إلا ذلك، فكيف إذا كان في دار منَعَة واستعدى بهم ودخل في طاعتهم وأظهر الموافقة على دينهم الباطل، وأعانهم عليه بالنصرة والمال ووالاهم، وقطع الموالاة بينه وبين المسلمين، وصار من جنود القباب والشرك وأهلها، بعدما كان من جنود الإخلاص والتوحيد وأهله، فإنّ هذا لا يشكّ مسلم أنّه كافر من أشدّ الناس عداوة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستثنى من ذلك إلا المكرَه، وهو الذي يستولي عليه المشركون فيقولون له: اكفر أو افعل كذا وإلا فعلنا بك وقتلناك، أو يأخذونه فيعذبونه حتى يوافقهم، فيجوز له الموافقة باللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان".
    وقال الشيخ حمد بن عتيق بعد ذكره لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدّينِ وَأَخْرَجُوكُم مّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُواْ عَلَى إِخْراجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة:9]: "في هذه الآية أعظم الدليل وأوضح البرهان على أن موالاتهم محرمة منافية للإيمان وذلك أنه قال: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ} فجمع بين لفظة (إنما) المفيدة للحصر، وبين النهي الصريح، وذكر الخصال الثلاث، وضمير الحصر وهو لفظة (هم)، ثم ذكر الظلم المعرّف بأداة التعريف".
    وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم موالاة الكفار، فأجاب بقوله: "موالاة الكفار بالموادة والمناصرة واتخاذهم بطانة حرام منهي عنها بنص القرآن الكريم، قال تعالى: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة:75]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51]، وقال تعالى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} [آل عمران:118]، وأخبز أنّه إذا لم يكن المؤمنون بعضهم أولياء بعض والذين كفروا بعضهم أولياء بعض، ويتميز هؤلاء عن هؤلاء، فإنها تكون فتنة في الأرض وفساد كبير.
    ولا ينبغي أبداً أن يثق المؤمن بغير المؤمن مهما أظهر من المودّة وأبدى من النصح؛ فإن الله تعالى يقول عنهم: {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء} [النساء:89]، ويقول سبحانه لنبيه: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]، والواجب على المؤمن أن يعتمد على الله في تنفيذ شرعه، وأن لا تأخذه فيه لومة لائم، وأن لا يخاف من أعدائه، فقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا ذالِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران:175]، وقال تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِىَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِى أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:52]، وقال سبحانه: {ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَاذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}

    قال الشيخ سليمان بن سحمان نظماً في الفرق بين الموالاة والتولي:
    وأصلُ بلاء القوم حيث تورّطوا هو الجهل في حكم الموالاة عن زلل
    فما فرّقوا بين التولّي وحكمه وبين الموالاة التي هي في العمل
    أخفّ، ومنها ما يكفر فعله ومنها يكون دون ذلك في الخلل

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    من صور ومظاهر ولاء الكفار والمشركين والمنافقين:
    ذكر العلماء مظاهر وصورا شتى من ولاء الكفار والمشركين والمنافقين، والتي نهى الله سبحانه وتعالى عنها وشدّد في ذلك، وأخبر أنّ من تولاهم فهو منهم، وكذلك حذّر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك في أحاديث كثيرة، وأخبر أنّ من أحبّ قوماً حُشر معهم، وهي كما يلي:
    1- الرضا بكفر الكافرين، وعدم تكفيرهم، أو الشك في كفرهم، أو تصحيح أي مذهب من مذاهبهم الكافرة:
    قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءاؤاْ مّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:4]، وقال: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة:256].
    وعن أبي مالك سعد بن طارق عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبَد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله)).
    قال الإمام محمد بن عبد الوهاب: "وصفة الكفر بالطاغوت: أن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها وتبغضها، وتكفّر أهلها، وتعاديهم".
    وقال أيضاً: "اعلم أن نواقض الإسلام عشرة نواقض... ـ وذكر منها: ـ
    الثالث: من لم يكفّر المشركين أو يشكّ في كفرهم أو صحّح مذهبهم كفر".
    2- التولي العام واتخاذهم أعواناً وأنصاراً وأولياء أو الدخول في دينهم:
    قال تعالى: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَىْء إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذّرْكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران:28].
    قال ابن جرير: "وهذا نهي من الله عز وجل للمؤمنين أن يتّخذوا الكفار أعواناً وأنصاراً وظهوراً، ولذلك كسر {يَتَّخِذِ} لأنه في موضع جزم بالنهي، ولكنه كسر الذال منه للساكن الذي لقيه وهي ساكنة، ومعنى ذلك: لا تتخذوا ـ أيها المؤمنون ـ الكفار ظهراً وأنصاراً، توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلّونهم على عوراتهم، فإنّه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، يعني بذلك: فقد برئ من الله، وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر، {إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً}: إلا أن تكونوا في سلطانهم، فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل".
    وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].
    قال ابن جرير: "من يتولّ اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنّه منهم، يقول: فإنّ من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم، فإنه لا يتولى متولٍّ أحداً إلا وهو به وبدينه وما هو عليه راض، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه، وصار حكمه حكمه".

    وقال ابن القيم: "إن الله سبحانه قد حكم ـ ولا أحسن من حكمه ـ أنه من تولى اليهود والنصارى فهو منهم: {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم، وهذا عام خُصّ منه من يتولاهم ودخل في دينهم بعد التزام الإسلام فإنّه لا يقَرّ ولا تقبَل منه الجزية، بل إمّا الإسلام أو السّيف، فإنه مرتدّ بالنص والإجماع، ولا يصحّ إلحاق من دخل في دينهم من الكفار قبل التزام الإسلام بمن دخل فيه من المسلمين... وأنّ من دان بدينهم من الكفار بعد نزول الفرقان فقد انتقل من دينه إلى دينٍ خير مِنه وإن كانا جميعاً باطلَين، وأمّا المسلم فإنّه قد انتقل من دين الحقّ إلى الدين الباطل بعد إقراره بصحة ما كان عليه وبطلان ما انتقل إليه فلا يُقَرّ".
    3- الإيمان ببعض ما هم عليه من الكفر، أو التحاكم إليهم دون كتاب الله:
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن جنس موالاة الكفار التي ذمّ الله بها أهلَ الكتاب والمنافقين الإيمان ببعض ما هم عليه من الكفر، أو التحاكم إليهم دون كتاب الله، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ ءامَنُواْ سَبِيلاً} [النساء:51]... فمن كان من هذه الأمة موالياً للكفار من المشركين أو أهل الكتاب ببعض أنواع الموالاة ونحوها، مثل إتيانه أهل الباطل، واتباعهم في شيء من مقالهم وفعالهم الباطل، كان له من الذمّ والعقاب والنفاق بحسَب ذلك، وذلك مثل متابعتِهم في آرائهم وأعمالهم، كنحو أقوال الصابئة وأفعالهم من الفلاسفة ونحوهم المخالفة للكتاب والسنة، ونحو أقوال المجوس والمشركين وأفعالهم المخالفة للكتاب والسنة".
    4- المحبة والمودّة الخاصة:
    قال الله تعالى: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ} [المجادلة:22].
    قال شيخ الإسلام: "أخبر الله أنك لا تجد مؤمناً يوادّ المحادّين لله ورسوله، فإنّ نفس الإيمان ينافي موادّته كما ينفي أحد الضدين الآخر، فإذا وجد الإيمان انتفى ضدّه وهو موالاة أعداء الله، فإذا كان الرجل يوالي أعداء الله بقلبه كان ذلك دليلاً على أن قلبه ليس فيه الإيمان الواجب".
    وسئل الشيخ ابن عثيمين عن حكم مودّة الكفار وتفضيلهم على المسلمين، فأجاب بقوله: "لا شكّ أن الذي يوادّ الكفار أكثرَ من المسلمين قد فعل محرّماً عظيماً، فإنّه يجب أن يحبّ المسلمين وأن يحبّ لهم ما يحبّ لنفسه، أمّا أن يودّ أعداء الله أكثر من المسلمين فهذا خطر عظيم وحرام عليه، بل لا يجوز أن يودَّهم ولو أقلّ من المسلمين لقوله تعالى: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً...} الآية وقال تعالى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَاءكُمْ مّنَ الْحَقّ} [الممتحنة:1]، وكذلك أيضاً من أثنى عليهم ومدحهم وفضّلهم على المسلمين في العمل وغيره، فإنه قد فعل إثماً وأساء الظنّ بإخوانه المسلمين، وأحسن الظنّ بمن ليسوا أهلاً لإحسان الظنّ، والواجب على المؤمن أن يقدّم المسلمين على غيرهم في جميع الشئون في الأعمال وفي غيرها، وإذا حصل من المسلمين تقصيرٌ فالواجب عليه أن ينصحهم وأن يحذّرَهم، وأن يبيّن لهم مغبّة الظلم لعلّ الله أن يهديَهم على يده".
    5- الركون إليهم:
    قال الله تعالى: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحياةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء:74، 75].
    وقال سبحانه: {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} [هود:113].
    قال القرطبي: "قوله تعالى: {وَلاَ تَرْكَنُواْ} الركون حقيقة الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به، قال قتادة: معناه: لا تودّوهم ولا تطيعوهم. ابن جريج: لا تميلوا إليهم. أبو العالية: لا ترضوا أعمالهم. وكلّه متقارب. وقال ابن زيد: الركون هنا الإدهان، وذلك ألا ينكِر عليهم كفرَهم. وقوله تعالى: {إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ} قيل: أهل الشرك، وقيل: عامة فيهم وفي العصاة... وهذا هو الصحيح في معنى الآية، وأنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم، فإنّ صحبتهم كفر أو معصية، إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودّة".
    6- اتخاذهم بطانة من دون المؤمنين:

    قال تعالى: {ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْواهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ ءامَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الاْنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا} [آل عمران:118-120].
    قال الشيخ صالح الفوزان: "ومن مظاهر موالاة الكفار: الاستعانة بهم والثقة بهم وتوليتهم المناصب التي فيها أسرار المسلمين واتخاذهم بطانة ومستشارين... فهذه الآيات الكريمة تشرح دخائل الكفّار وما يكنّونه نحو المسلمين من بغض وما يدبّرونه ضدّهم من مكر وخيانة وما يحبّونه من مضرّة المسلمين وإيصال الأذى إليهم بكلّ وسيلة، وأنهم يستغلّون ثقة المسلمين بهم فيخطّطون للإضرار بهم والنيل منهم.
    روى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت لعمر رضي الله عنه: لي كاتب نصراني، قال: ما لك قاتلك الله؟! أما سمعت الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [المائدة:51]؟! ألا اتخذت حنيفاً؟! قال: قلت: يا أمير المؤمنين، لي كتابته وله دينه، قال: لا أكرِمهم إذ أهانهم الله، ولا أعِزّهم إذ أذلهّم الله، ولا أدنِيهم وقد أقصاهم الله.
    وروى الإمام أحمد ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فلحقه عند الحرة، فقال: إني أردتُ أن أتبعك وأصيب معك، قال: ((تؤمن بالله ورسوله؟)) قال: لا، قال: ((ارجِع فلن أستعين بمشرك)).
    ومن هذه النصوص يتبيّن لنا تحريم تولِيَة الكفار أعمالَ المسلمين التي يتمكّنون بواسطتها من الاطلاع على أحوال المسلمين وأسرارهم، ويكيدون لهم بإلحاق الضرر بهم، ومن هذا ما وقع في هذا الزمان من استقدام الكفار إلى بلاد المسلمين ـ بلاد الحرمين الشريفين ـ وجعلهم عمّالاً وسائقين ومستخدمين ومربّين في البيوت وخلطهم مع العوائل أو خلطهم مع المسلمين".
    7- الرضا بأعمالهم أو التشبّه بهم والتزيي بزيهم:
    قال شيخ الإسلام: "والموالاة والموادة وإن كانت متعلقة بالقلب، لكن المخالفة في الظاهر أعوَن على مقاطعة الكافرين ومباينتهم.
    ومشاركتهم في الظاهر إن لم تكن ذريعة أو سبباً قريباً أو بعيداً إلى نوعٍ ما من الموالاة والموادّة فليس فيها مصحلة المقاطعة والمباينة، مع أنها تدعو إلى نوع ما من المواصلة كما توجبه الطبيعة، وتدلّ عليه العادة، ولهذا كان السلف رضي الله عنهم يستدلّون بهذه الآيات على ترك الاستعانة بهم في الولايات...
    ولما دلّ عليه معنى الكتاب جاءت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين التي أجمع الفقهاء عليها بمخالفتهم وترك التشبه بهم، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم))()، أمر بمخالفتهم، وذلك يقتضي أن يكون جنس مخالفتهم أمراً مقصوداً للشارع، لأنه إن كان الأمر بجنس المخالفة حصل المقصود، وإن كان الأمر بالمخالفة في تغيير الشعر فقط فهو لأجل ما فيه من المخالفة.
    فالمخالفة إما علّة مفردة، أو علة أخرى، أو بعض علة، وعلى التقديرات تكون مأموراً بها مطلوبة من الشارع... ولو لم يكن لقصد مخالفتهم تأثير في الأمر بالصبغ لم يكن لذكرهم فائدة، ولا حسن تعقيبه به، وهذا وإن دلّ على أن مخالفتهم أمر مقصود للشرع، فذلك لا ينفي أن يكون في نفس الفعل الذي خولِفوا فيه مصلحة مقصودَة، مع قطع النظر عن مخالفتهم، فإن هنا شيئين:
    أحدهما: أنّ نفس المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين، لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم، وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن تنوّر قلبه، حتى رأى ما اتّصف به المغضوب عليهم والضالون من المرض الذي ضرره أشدّ من ضرر أمراض الأبدان.

    والثاني: أنّ نفس ما هم عليه من الهدي والخلق قد يكون مضراً أو منقصاً، فينهى عنه ويؤمر بضده لما فيه من المنفعة والكمال، وليس شيء من أمورهم إلا وهو إما مضرّ أو ناقص؛ لأن ما بأيديهم من الأعمال المبتدعَة والمنسوخة ونحوها مضرّة، وما بأيديهم مما لم ينسَخ أصله فهو يقبل الزيادة والنقص، فمخالفتهم فيه بأن يشرع ما يحصِّله على وجه الكمال، ولا يتصوَّر أن يكون شيء من أمورهم كاملاً قطّ، فإذاً المخالفة لهم فيها منفعة وصلاح لنا في كلّ أمورهم، حتى ما هم عليه من إتقان بعض أمور دنياهم قد يكون مضراً بأمر الآخرة أو بما هو أهمّ منه من أمر الدنيا، فالمخالفة فيه صلاحٌ لنا".
    وقال الشيخ صالح الفوزان: "من مظاهر موالاة الكفار التشبه بهم في الملبس والكلام وغيرهما؛ لأنّ التشبّه بهم في الملبس والكلام وغيرهما يدلّ على محبة المتشبّه للمتشبّه به، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من تشبه بقوم فهو منهم))، فيحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم ومن عاداتهم وعباداتهم وسمتهم وأخلاقهم كحلق اللحى، وإطالة الشوارب، والرطانة بلغتهم إلا عند الحاجة، وفي هيئة اللباس، والأكل والشرب، وغير ذلك".
    8- الإقامة في بلادهم وعدم الانتقال منها إلى بلد المسلمين، والسفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس:
    قال الشيخ صالح الفوزان: "ومن مظاهر موالاة الكفار الإقامة في بلادهم وعدم الانتقال منها إلى بلد المسلمين لأجل الفرار بالدين، لأن الهجرة بهذا المعنى ولهذا الغرض واجبة على المسلم؛ لأن إقامته في بلاد الكفر تدلّ على موالاة الكافرين، ومن هنا حرم الله إقامة المسلم بين الكفار إذا كان يقدر على الهجرة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَئِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الأرْضِ قَالْواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِ ينَ مِنَ الرّجَالِ وَالنّسَاء وَالْوِلْدانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} [النساء:97-99]، فلم يعذُر الله في الإقامة في بلاد الكفار إلا المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة، وكذلك من كان في إقامته مصلحة دينية كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام في بلادهم...
    ومن موالاة الكفار السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس، والسفر إلى بلاد الكفار محرم إلا عند الضرورة، كالعلاج والتجارة والتعليم للتخصّصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر إليهم، فيجوز بقدر الحاجة، وإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين.
    ويشترط كذلك لجواز هذا السفر أن يكون مظهِراً لدينه، معتزًّا بإسلامه، مبتعِداً عن مواطن الشرّ، حذِراً من دسائس الأعداء ومكائدهم، وكذلك يجوز السفر أو يجب إلى بلادهم إذا كان لأجل الدّعوة إلى الله ونشر الإسلام"

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    مفهوم الولاء والبراء

    سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " الرجاء من فضيلتكم توضيح الولاء والبراء لمن يكون وهل يجوز موالاة الكفار؟ .
    فأجاب: الولاء والبراء معناه محبة المؤمنين وموالاتهم وبغض الكافرين ومعاداتهم والبراءة منهم ومن دينهم هذا هو الولاء والبراء كما قال الله سبحانه في سورة الممتحنة: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ الآية. وليس معنى بغضهم وعداوتهم أن تظلمهم أو تتعدى عليهم إذا لم يكونوا محاربين، وإنما معناه أن تبغضهم في قلبك وتعاديهم بقبلك ولا يكونوا أصحابا لك، لكن لا تؤذيهم ولا تضرهم ولا تظلمهم فإذا سلموا ترد عليهم السلام وتنصحهم وتوجههم إلى الخير كما قال الله عز وجل: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ الآية. وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وهكذا غيرهم من الكفار الذين لهم أمان أو عهد أو ذمة، لكن من ظلم منهم يجازى على ظلمه، وإلا فالمشروع للمؤمن الجدال بالتي هي أحسن مع المسلمين والكفار مع بغضهم في الله للآية الكريمة السابقة..." انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5/ 246).
    وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ما هو الولاء والبراء؟
    الجواب: البراء والولاء لله -سبحانه- أن يتبرأ الإنسان من كل ما تبرأ الله منه كما قال -سبحانه وتعالى-: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُؤا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً) (الممتحنة: من الآية4) وهذا مع القوم المشركين كما قال -سبحانه-: (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) (التوبة: من الآية3) ؛ فيجب على كل مؤمن أن يتبرأ من كل مشرك وكافر. فهذا في الأشخاص.
    وكذلك يجب على المسلم أن يتبرأ من كل عمل لا يرضي الله ورسوله ، وإن لم يكن كفراً، كالفسوق والعصيان، كما قال - سبحانه-: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (الحجرات: من الآية7)" انتهى من "فتاوى أركان الإسلام"، ص183
    وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في "شرح نواقض الإسلام" ص158: "الشيخ رحمه الله تعالى أخذ نوعاً واحداً من أنواع موالاة الكفار، وهو المظاهرة، وإلا فالمولاة تشمل المحبة بالقلب، والمظاهرة على المسلمين، والثناء والمدح لهم، إلى غير ذلك، لأن الله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين معاداة الكفار، وبغضهم، والبراءة منهم، وهذا ما يسمى في الإسلام بباب الولاء والبراء" انتهى.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    الولاء والبراء من لوازم (لا إله إلا الله)
    هذا الباب باب عظيم من أبواب التوحيد والإيمان، ويجب على كل مسلم أن يتعلمه ويعمل به، وهو واجب ديني ومطلب إيماني من مقتضيات التوحيد ولوازمه، وأصل من أصول العقيدة الإسلامية، ولازم من لوازم (لا إله إلا الله)، ألا وهو باب الولاء والبراء، ويجب على كل مسلم يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها، وألا يتخذ الكافرين أولياء يحبهم ويتولاهم ويصافيهم، بل الواجب عليه أن يُبغضهم ويتخذهم أعداءً؛ لأنهم أعداء لله عز وجل، فلا يجتمع إيمان بالله وحب لأعدائه في قلب العبد.
    أتحب أعداء الحبيب وتدعي
    حبًّا له، ما ذاك في الإمكانِ
    وكذا تعادي جاهدًا أحبابه
    أين المحبة يا أخا الشيطانِ
    شرط المحبة أن توافق مَن تحبْ
    بُ على محبته بلا نقصانِ
    فإن ادعيت له المحبة معْ خلا
    فِكَ ما يحب فأنت ذو بطلان


    فمَن كان مؤمنًا بـ: (لا إله إلا الله) عالِمًا بمعناها، معتقدًا لما دلت عليه من التوحيد والإيمان - كان محبًّا لها ولأهلها من المؤمنين الموحدين، مبغضًا لأعدائها من الكفار والمشركين، ولا يستقيم الإيمان إلا بذلك.
    ومِن أعظم مقتضيات الكفر بالطاغوت: البراءة منه ومن أوليائه، فلا يمكن أن يكون الإنسان مؤمنًا موحدًا، وفي نفس الوقت يكون محبًّا للكافرين والمشركين مواليًا لهم، معتقدًا صحة ما هم عليه من الباطل أو مسوغًا له، هذا لا يوجد أصلًا؛ قال الله تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ
    الكافر قد حادَّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فكأنه في حد، والله ورسوله في حد آخر؛ لأنه في مخالفة ومعاندة ومجانبة لِما أمره الله به من التوحيد له عز وجل والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم،
    فالمؤمن في حد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما الكافر فهو في حد الشيطان وجنوده؛ ولذلك فلا تجوز موالاة الكافر، ولو كان أقرب قريب،

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    إن قضية الولاء والبراء هي من القضايا الهامة والأساسية في دين الله عزوجل ،
    وذلك لما يترتب على هذه القضية من أحكام وواجبات وتبعات خطيرة على واقع جماعة المسلمين ،
    ولذلك تجد أن النصوص الشرعية المستفيضة من الكتاب والسنة والإجماع
    قد ركزت على بيان هذه القضية بياناً واضحاً لا لبس فيه.
    يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله عن أهمية الولاء والبراء:
    (فهذه مسألة مبنية على أصل كبير ، وهو أن الله تعالى عقد الأخوة والموالاة والمحبة بين المؤمنين كلهم ،
    ونهى عن موالاة الكافرين كلهم من يهود ونصارى ومجوس ومشركين وملحدين ومارقين وغيرهم ،
    ممن ثبت في الكتاب والسنة الحكم بكفرهم .
    وهذا الأصل متفق عليه بين المسلمين ،
    ودلائل هذا من الكتاب والسنة كثيرة معروفة.
    فكل مؤمن موحد تارك لجميع المكفرات الشرعية ، فإنه يجب محبته وموالاته ونصرته ،
    وكل من كان بخلاف ذلك ، فإنه يجب التقرب إلى الله ببغضه ومعاداته ، وجهاده باللسان واليد بحسب
    القدرة) الفتاوي السعدية
    قلت: ومن هنا نعلم يقيناً أن قضية الولاء والبراء هي قضية شرعية محسومة في دين الله
    بالأدلة الشرعية قطعية الدلالة والثبوت
    فهي خرجت عن حيز الإجتهاد والرأي
    بحيث لايمكن لأحد أن يحرف أويميع هـذه القضية العقدية
    أويتكلم فيها بالجهل والهوى.
    ولـذا كانت قضية الولاء والبراء هي الركن الركين في دين الله لا يستقيم الإسلام أو يتحقق التوحيد أو يكتمل الإيمان إلا بحصولها في واقع المسلمين.
    وقال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله:
    (والمرء قد يكره الشرك، ويحب التوحيد، لكن يأتيه الخلل من جهة عدم البراءة من أهل الشرك، وترك موالاة أهل التوحيد ونصرتهم؛ فيكون متبعاً لهواه، داخلاً من الشرك في شعب تهدم دينه وما بناه، تاركاً من التوحيد أصولاً وشعباً، لا يستقيم معها إيمانه الذي ارتضاه، فلا يحب ولا يبغض لله، ولا يعادي ولا يوالي لجلال من أنشأه وسواه؛ وكل هذا يؤخذ من شهادة أن لا إله إلا الله.)إهـ الدررالسنية(8/396).
    ومـن هنا نعلم أن المرء لا يثبت له حكم الإسلام إلا بتحقيق أصل الولاء والبراء في واقع حياته العملية ، لأن هـذه القضية هي الأساس في التفريق بين التوحيد والشرك ، والإيمان والكفر.
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:( إنما يصير الرجل مسلماً حنيفاً موحداً إذا شهد أن لا إله إلا الله ، فعبد الله وحده بحيث لا يشرك معه أحداً في تألهه ، ومحبته له وعبوديته وإنابته إليه ، وإسلامه له، ودعائه له ، والتوكل عليه ، وموالاته فيه ، ومعاداته فيه ، ومحبته ما يحب ؛ وبغضه ما يبغض)إهـ مجموع الفتاوى(8/164
    ولـذا كان من لوازم شهادة أن" لاإله إلا الله " أن يتولي أهل الإيمان بعضهم بعضاً برابطة الإسلام منفصلين في ذلك عن الكفار والمشركين على اختلاف مللهم الكفرية ، ومتى لـم يقوموا بهذا الواجب الشرعي تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
    يقول الله تعالى:(والـذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) سورة الأنفال الآية:73.
    قال الشيخ محمد بن عبد الطيف آل الشيخ رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة:
    ( قال بعض العلماء الفضلاء: الفتنة في الأرض الشرك ، والفساد الكبير اختلاط المسلم بالكافر، والمُطيع بالعاصي ، فعند ذلك يختل نظام الإسلام وتضمحل حقيقة التوحيد ، ويحصل من الشر ما الله به عليم ؛ فلا يستقيم الإسلام ، ويقوم قائم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويرتفع علم الجهاد ، إلاَّ بالحب في الله والبغض فيه ، وموالاة أوليائه ، ومعاداة أعدائه ، والآيات الدالة على ذلك ، أكثر من أن تُحصر، وأما الأحاديث ، فأشهر من أن تُذكر)إهـ الدررالسنية (8/447).
    والمقصود بيان أن من أكبر أسباب حصول الفتنة والفساد في الأرض هو ترك موالاة المؤمنين واتخاذ الكفار أولياء ، فعندها يختل نظام الإسلام ويقع الشر والبلاء ..
    وهكــذا فإنه لما هدمت قواعد الدين ،
    وطمست آثار التوحيد ،
    واندثرت معالم ملة إبراهيم عليه السلام في هذا الزمان الذي اشتدت فيه غربة الدين
    وعادت فيه الجاهلية ،
    وانقلبت فيه الحقائق الشرعية عند الأكثرين حتى عـاد المعروف عندهم منكراً والمنكر معروفاً ،
    فاختلط أهـل الإيمان بأهـل الكفر،
    والتبست الملة الإسلامية بالملل الشركية ،
    واختل ميزان الحب والبغض والولاء والبراء عند كثير من المنتسبين إلى الإسلام ،
    فصاروا يوالون الكفرة المشركين ويحبونهم ويقربونهم ،
    ويتبرأون من المؤمنين الموحدين ويبغضونهم ويبعدونهم ، ...
    ولــذا كان من الضروري على المسلم ــ في هذا العصرــ أن يتنبه إلى خطورة الانحراف الحاصل في قضية الولاء والبراء حتى لا تلتبس عليه الحقائق الشرعية والواقعية ، أو يختلط عليه سبيل المؤمنين بسبيل المجرمين فيضع الأمور في غير موضعها الصحيح.
    ضرورة التفريق بين المسلمين والكفار:
    ( إن سفور الكفر والشر والإجرام ضروري لوضوح الإيمان والخير والصلاح ،
    واستبانة سبيل المجرمين هدف من أهداف التفصيل الرباني ... ذلك أن أي غبش أو شبهة في موقف المجرمين وفي سبيلهم ترتد غبشاً وشبهة في موقف المؤمنين وفي سبيلهم .. فهما صفحتان متقابلتان ، وطريقان مفترقتان .. ولا بد من وضوح الألوان والخطوط .. ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة إسلامية بتحديد سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين.
    يجب أن تبدأ من تعريف سبيل المؤمنين وتعريف سبيل المجرمين ؛ ووضع العنوان المميز للمؤمنين ، والعنوان المميز للمجرمين في عالم الواقع لا في عالم النظريات.
    فيعرف أصحاب الدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية من هم المؤمنون ممن حولهم ومن هم المجرمون بعد تحديد سبيل المؤمنين ومنهجهم وعلامتهم ، وتحديد سبيل المجرمين ومنهجهم وعلامتهم ، بحيث لا يختلط السبيلان ولا يتشابه العنوانان ، ولا تلتبس الملامح والسمات بين المؤمنين والمجرمين ... وهذا التحديد كان قائماُ ، وهذا الوضوح كان كاملاً ، يوم كان الإسلام يواجه المشركين في الجزيرة العربية ؛ فكانت سبيل المسلمين الصالحين هي سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه ، وكانت سبيل المشركين المجرمين هي سبيل من لم يدخل معهم في هذا الدين ... يجب أن تبدأ الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين ... ويجب ألا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة ، وألا تأخذهم فيها خشية ولا خوف ؛ وألا تقعدهم عنها لومة لائم ، ولا صيحة صائح ..) اهـ
    ومن هنا يتضح أن ضرورة معرفة المسلم من المشرك ، وتمييز المؤمن من الكافر هو من أكبر مطالب الشريعة الإسلامية ، وأعظم مقصد من مقاصدها لمن فهم طبيعة هذا الدين الرباني.
    إن قضية الولاء والبراء هي من لوازم ومقتضيات كلمة التوحيد:(لا إله إلاّ الله) إذ معنى ذلك أن المسلم يجب عليه أن يحب ويبغض ويوالي ويتبرأ في الله ومن أجل دين الله عزوجل.
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:( فإن تحقيق الشهادة بالتوحيد يقتضي ألا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله ، ولا يوالي إلا لله ، ولا يعادي إلا لله، وأن يحب ما يحبه الله ، ويبغض ما أبغضه ، ويأمر بما أمر الله به وينهى عما نهى الله عنه ، وإنك لا ترجو إلا الله ، ولا تخاف إلا الله ، ولا تسأل إلا الله ، هذا ملة إبراهيم ، وهذا الإسلام الذي بعث الله به جميع المرسلين)إهـ مجموع الفتاوى(8/164) منقول بتصرف

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2019
    المشاركات
    44

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    .

    من صور ومظاهر ولاء الكفار والمشركين والمنافقين:
    ذكر العلماء مظاهر وصورا شتى من ولاء الكفار والمشركين والمنافقين،
    والتي نهى الله سبحانه وتعالى عنها وشدّد في ذلك،
    وأخبر أنّ من تولاهم فهو منهم، وكذلك حذّر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك في أحاديث كثيرة،
    وأخبر أنّ من أحبّ قوماً حُشر معهم،

    والزواج من اهل الكتاب (اليهود -- والنصارى) اجازه علماء المسلمين
    كيف تطبيق (الولاء - والبراء ) في هذا الزواج
    ؟


    .

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2020
    المشاركات
    54

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    تعليقا على قول الشيخ محمد بن عبدالوهاب :
    المسألة الثالثة: أن من أطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب
    والدليل قوله تعالى : ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر ...)

    أن هذا الكلام ليس على إطلاقه ...ُثم قال :
    *محبة الكافر ثلاثة أنواع :
    الاول : محبة تكون كفرا وردة إذا أحبهم لدينهم ..
    الثاني : محبة تكون معصية وهو إذا أحبهم لأجل الدنيا وبيننا وبينهم حرب وهذا ما حصل لحاطب رضي الله عنه ...
    الثالث : محبة جائزة وهو أن يحب الرجل لأجل الدنيا وليس بيننا وبينهم حرب ..قد يكون جاره يهوديا أو نصرانيا فيحبه لأخلاقه ولحسن معاملته هذا جائز ولا بأس بذلك ..ويدخل في قول الله تعالى :( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم )
    انتهى ملخصا من كلام الدكتور سعود المطيري ( مقطع فيديو )


  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اللسان النجدي مشاهدة المشاركة
    .



    والزواج من اهل الكتاب (اليهود -- والنصارى) اجازه علماء المسلمين
    كيف تطبيق (الولاء - والبراء ) في هذا الزواج
    ؟


    .

    قال الشيخ صالح آل الشيخ.
    السؤال :
    ما يجده المسلم من ميل ومحبة للكافر إذا أحسن إليه كالطبيب والدكتور فهل يؤثر على الولاء والبراء،
    وكذلك محبة الزوج المسلم لزوجته الكتابية، هل يؤثر على الولاء والبراء علماً بأنه لو أبغضها لما تزوجها؟

    الجواب :
    الحب هنا ليس مطلقاً، ما أحب الكافر مطلقاً ولا أحب الكتابية مطلقاً، وإنما أحبَّ ذاك لأجل النفع الذي وصل إليه منهم، وهذا محبة في واقع لنفسه لأمر دنيوي، ولهذا ذكر العلماء أنَّ محبة الرجل لزوجه الكتابية لا بأس به؛ لأنه كما ذكر لو لم يحبها أو يكون لها مودة في قلبه لما أبقاها معه.

    لكن المحبة التي هي في الولاء والبراء - لأنَّ الحقيقة الولاء والبراء هي المحبة والبغض
    1-المحبة لدينه ومن أحب الكافر لدينه فإنه يكفر.
    2-أو المحبة لدنياه مُطلقَاً وهذه مُوادة له لا تجوز ونوع موالاة.
    3-والثالث محبةٌ مُقَيَّدَة : لأجل النفع المُقَيَّد الحاصل له منه فهذه فيها سعة لأجل أنَّ النفوس جُبِلَتْ على حب من أحسن إليهم.
    والذي ينبغي من جهة الكمال أن يكون تعامل المرء مع الكفار تعاملاً ظاهرياً بالعدل ولا يكون في قلبه ميل لهم ولا مودة لهم، وإنما إذا أحسنوا إليه فإنه يحسن إليهم.
    استدل أهل العلم على هذه الصورة الثالثة :
    1-بحديث أظنه حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وكانت أمها مشركة وقدمت عليهم في المدينة، فسألت النبي ? عن أمها قالت: أَأَصِلُ أمي؟ قال: "نعم صِلِي أمك"8 والصلة المراد بها في هذا الحديث أنها تكرمها إكرام الولد لوالده إذا قدم عليه، وهذا الإكرام لا يخلو؛ بل لابد فيه من مودة.
    2-والاستدلال الثاني وهو استدلال ضمني بأنَّ الله ? نهى عن الإحسان إلى المحاربين وأَذِنَ بالصلة والإحسان لمن لم يحارب من الكفار فقال ? ?لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ?[الممتحنة:8،9]، وقوله هنا ?أَن تَوَلَّوْهُمْ? في وصف المحاربين يدل على أنَّ غير المحاربين له نوع موالاة جائزة بالإحسان والمودة الجزئية ونحو ذلك، وهذا واضح بالمقابلة.
    المقصود من ذلك أن يعلم أنَّ الولاء والبراء للكافر -يعني للمعين- ثلاث درجات:
    1- الدرجة الأولى: موالاة ومحبة الكافر لكفره هذا كفر.
    2-الدرجة الثانية: محبته وموادته وإكرامه للدنيا مطلقاً ، هذا لا يجوز ومحرم ونوع موالاة مذموم.
    3-الدرجة الثالثة: وهو أن يكون في مقابلة نعمة أو في مقابلة قرابة ( فإن نوع المودة الحاصلة أو الإحسان أو نحو ذلك في غير المحاربين هذا فيه رخصة.
    (شرح الطحاوية ) للشيخ صالح آل الشيخ - المصدر ( المكتبة الشاملة )

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقسام الناس فيما يجب في حقهم من الولاء والبراء

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد عامري مشاهدة المشاركة
    أن هذا الكلام ليس على إطلاقه ..
    نعم بارك الله فيك
    الحب هنا ليس مطلقاً، ما أحب الكافر مطلقاً ولا أحب الكتابية مطلقاً، وإنما أحبَّ ذاك لأجل النفع الذي وصل إليه منهم، وهذا محبة في واقع لنفسه لأمر دنيوي، ولهذا ذكر العلماء أنَّ محبة الرجل لزوجه الكتابية لا بأس به؛ لأنه كما ذكر لو لم يحبها أو يكون لها مودة في قلبه لما أبقاها معه.
    لكن المحبة التي هي في الولاء والبراء - لأنَّ الحقيقة الولاء والبراء هي المحبة والبغض
    1-المحبة لدينه ومن أحب الكافر لدينه فإنه يكفر.
    2-أو المحبة لدنياه مُطلقَاً وهذه مُوادة له لا تجوز ونوع موالاة.
    3-والثالث محبةٌ مُقَيَّدَة : لأجل النفع المُقَيَّد الحاصل له منه فهذه فيها سعة لأجل أنَّ النفوس جُبِلَتْ على حب من أحسن إليهم.
    والذي ينبغي من جهة الكمال أن يكون تعامل المرء مع الكفار تعاملاً ظاهرياً بالعدل ولا يكون في قلبه ميل لهم ولا مودة لهم، وإنما إذا أحسنوا إليه فإنه يحسن إليهم...............

    أنَّ الولاء والبراء للكافر -يعني للمعين- ثلاث درجات:
    1- الدرجة الأولى: موالاة ومحبة الكافر لكفره هذا كفر.
    2-الدرجة الثانية: محبته وموادته وإكرامه للدنيا مطلقاً ، هذا لا يجوز ومحرم ونوع موالاة مذموم.
    3-الدرجة الثالثة: وهو أن يكون في مقابلة نعمة أو في مقابلة قرابة ( فإن نوع المودة الحاصلة أو الإحسان أو نحو ذلك في غير المحاربين هذا فيه رخصة.
    (شرح الطحاوية ) للشيخ صالح آل الشيخ - المصدر ( المكتبة الشاملة )

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •