مشاهدة النسخة كاملة : هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي
الصفحات :
[
1]
2
3
4
5
6
7
8
9
أبو فراس السليماني
2014-07-16, 06:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مفاهيمنا
كتبه
فضيلة الشيخ
صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ
جزاه الله تعالى خير الجزاء
رد على كتاب
"مفاهيم يجب أن تصحح"
لمحمد بن علوي المالكي
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=1&book=144
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
دليل موضوعات الكتاب
مقدمة
الباب الأول
تعريف الوسيلة، ومناقشة الكاتب في تعريفه
رد كلام الكاتب في التوسل المبتدع بالذوات والجاه ونحوها
كلام الكاتب حول حديث توسل آدم بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وبيان ما فيه
استخراج الكاتب علة للتوسل بالنبي وتعديته الحكم بالقياس،
ورده وأول من قاس مثل قياسه، ونتيجة ذلك
أثر توسل اليهود بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل نبوته،
وبيان أنه كذب موضوع
حديث توسل الأعمى في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بدعائه،
والكلام عليه
رواية تعليم عثمان بن حنيف من أبطأ عليه عثمان بالإجابة،
ضعيفة جداً، وباطلة منكرة
تجويز الكاتب الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته،
وبيان أنه شرك
افتراء كاتب المفاهيم على صحابي لنصرة هواه
آثار فيها ذكر المحبوب لإزالة خدر الرجل،
وجهل الكاتب بها رواية ودراية
سياق الكاتب أحاديث فيها أدعية لمن ضلّ في فلاة ونحوه،
وتخريجها، ورد كلام الكاتب
زعم الكاتب أن الرسول صلى الله عليه وسلم
كأنه توسل بجبريل في دعاءٍ له، ورد افترائه
رد كلام الكاتب حول معنى توسل عمر بالعباس
حديث قبر فاطمة بنت أسد،
وتوسل النبي صلى الله عليه وسلم بمن قبله،
وبيان جهالة الكاتب في تخريجه، وتلبيسه
حديث نداء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم في قبره زمن القحط، وضعفه،
وتوجيه كلام ابن كثير، وابن حجر
كذب الكاتب على ابن حجر
قد يورد بعض المؤرخين ما يستنكر شرعاً،
والجواب عن ذلك
حديث ( أسألك بحق السائلين عليك ) وتخريجه،
والكلام عليه رواية ودراية
الرد على زعم الكاتب أن التبرك هو معنى التوسل بآثاره صلى الله عليه وسلم
احتجاج الكاتب بالإسرائليات، وإلزامه بأثر إسرائيلي ينقض دعواه
تقديم بني إسرائيل التابوت في معاركهم،
وبطلان استدلال الكاتب به أثراً ونظراً
بيان أن حديث الدارمي في فتح كوة من قبر النبي صلى الله عليه وسلم
إلى السماء لاستنزال المطر،
باطل وضعيف الإسناد جداً، وقول ابن تيمية إنه كذب
الكلام على قصة العتبي، وتوجيه نقل من نقلها،
وبيان ضعف عبارة الكاتب علمياً
سرد الكاتب أسماء بعض من أورد الآثار الضعيفة في التوسل وقوله:
إنهم يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم والرد عليه
الرد على افتراء الكاتب في أن الاستغاثة بالمقربين عند الشدائد أجمع عليها الأنبياء والمرسلون وقررها رب العالمين،
تعالى الله عما يقوله الظالمون علواً كبيراً
تحريف الكاتب النقل عن شيخ الإسلام لنصرة هواه في التوسل، والرد عليه
حديث عرض الأعمال عليه، والكلام عليه رواية ورد الاستدلال به
افتراؤه على الإمام محمد بن عبد الوهاب في أنه لا ينكر التوسل البدعي،
وجهله بطريقة الشيخ في الدعوة
الرد على شناعة الكاتب حيث قال إن التوسل ليس مقصوراً على الدائرة الضيقة
التي يظنها أهل السنة،
ويعني بـ (الدائرة الضيقة) التوسل بأسماء الله وصفاته والأعمال الصالحة
الباب الثاني
الشرك في قوم نوح
الشرك في قوم إبراهيم
أصل ما بعد هذين الصنفين من الشرك نابع منهما ومن فلسفتهما
الشرك في العرب
دخول الشرك لهذه الأمة عن طريق الباطنيين
قول الكاتب إن ما حكاه الله عن المشركين في القرآن
لم يقولوه جادين في إقرارهم بالربوبية
توحيد الربوبية والألوهية، والفرق بينهما،
وإقرار المشركين بالأول دون الثاني
دلائل ذلك من القرآن
دليل ذلك من السنة
من شعر العرب الدال على ذلك
مسألة (المجاز العقلي)، ورد احتجاج الكاتب به في تجويز الشرك الأكبر
رد اعتقاد الكاتب أن المشرك من أشرك في الربوبية،
أما السببية والتوسط فليس شركاً عنده
رد قوله: (لا سبيل لتكفير المؤمنين بإسناد شيءً لغير الله)
اعتقاد المشركين اليوم بأن أصحاب القبور، والمشايخ المعبودين يتصرفون في الكون
قول الكاتب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه:
(دائم العناية بأمته، متصرف بإذن الله في شؤونها،
خبير بأحوالها، وهذا شرك في الربوبية، والعياذ بالله
تجويز الكاتب أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاء وقضاء الدين، احتجاجاً بالمجاز العقلي على فهمه للشرك
مسألة المجاز، وهل يوجد في اللغة أم لا؟ وتحقيق المقام
الباب الثالث
معنى الشفاعة لغة، وما ورد في القرآن من الشفاعة المنفية والمثبتة
معنى الشفاعة المنفية
ليس للأنبياء حق على الله في أن يجيب كل ما دعوا، ودلائله
معنى الشفاعة المثبتة
شفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
تجويز الكاتب طلب الشفاعة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم وغيره، ورد ذلك
تلبيس الكاتب بجعل الشفاعة أعطيت للأنبياء والمؤمنين مطلقاً، بالتواتر المعنوي
رد قول الكاتب أن الدعاء مأذون فيه مقدور عليه من الأموات
تناقض الكاتب وتلبيسه في تقريره أن الشفاعة وإن طلبت في الدنيا فمحلها الآخرة
جهل الكاتب بمعتقد أهل التوحيد والسنة، واحتجاجه بحياة الشهداء
تعاظم الكاتب وزعمه أنه يعلم شؤون الأرواح،
وجزمه بأنها: (تجيب من يناديها، وتغيث من يستغيث بها،
كالأحياء سواء بسواء بل أشد وأعظم)
رد قوله، وبيان أن ذلك من فعل الشياطين عند القبور، ليضلوا بني آدم
رد كلام الكاتب الفاسد على حديث ابن عباس:
( إذا سألت فاسأل الله )
تجويز الكاتب الشرك، في قول القائل:
(يا رسول الله أريد أن ترد عيني
أو يزول عنا البلاء أو يذهب مرضي) ونحو ذلك
نقول عن المشركين في أن الرسول صلى الله عليه وسلم يتصرف في الدنيا حيث شاء
رد كلام الكاتب على حديث يروى
(أنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله)
بيان تنقص الكاتب لأبي بكر الصديق في شرحه للحديث
الباب الرابع:
التكفير
نقول عن كتب فقهية من باب المرتد،
فيها أن المسلم قد يكفر بأشياء
نقول عن أهل العلم في كفر عباد القبور
سبب خفاء هذا الحكم على بعض المنتسبين للعلم المتأخرين
رد أقوال الكاتب في أن هذه الأمة لا يكون فيها شرك، خاصة الجزيرة
الباب الخامس:
التبرك
المعنى اللغوي لـ (التبرك)، والآيات في ذلك
البركة لله، لا يجوز أن تطلب من غيره
البركة نوعان: خاصة وعامة
تقسيم البركة الخاصة إلى: بركة ذات، وبركة عمل ودليله
البركة الخاصة اللازمة لذوات الأنبياء قد تتعدى بركتها بالذوات
البركة الخاصة بأماكن العبادة والصفات، لا تتعدى بركتها بالعين، بل بالعمل
التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم
التبرك بذوات الصالحين
رد بعض آراء الكاتب في التبرك
فصل في معنى الانتساب إلى السلف
الباب السادس
عقيدة الكاتب
أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا تصيبه الأمراض،
إلا ما لا يوجب التنقيص من خفيف المرض، ورده
رمي الكاتب الدعاة إلى معتقد السلف بالتفرقة بين الأمة،
وهو أحق بتهمته
لفظة السلف له إطلاقات
رمي الكاتب الصحابة رضي الله عنهم بالبحث
فيما ضرره أكبر من نفعه، بالالتزام
الأشاعرة
تلبيس الكاتب وكذبه في النقل عن ابن تيمية،
وتقليده لأشعري معاصر
خلط الكاتب بين أبي حيان التوحيدي، وأبي حيان الأندلسي، ومتابعة كل من قرظ كتابه له على هذا الخلط، وهم يزعمون قراءة الكتاب
قول الكاتب في إن إطراء الرسول صلى الله عليه وسلم بغير جعله ولداً لله أو أقنوماً، جائز
قول شراح البردة موافقة لصاحبها أن قدره أرفع من جميع الآيات التي أوتيها، وقول الباجوري: حتى من القرآن...الخ
خاتمة
أبو فراس السليماني
2014-07-16, 06:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
وسيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه
وسلم تسليماً كثيراً،
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله،
وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم،
وشر الأمور محدثاتها،
وكل محدثة بدعة،
وكل بدعة ضلالة.
وبعد:
فإن الفتن في هذا الزمان تتابعت،
وتنوعت وتكاثرت،
فمنها الفاتن للجوارح،
ومنها الفاتن للقلوب،
ومنها الفتان للعقول والفهوم،
وقد خاض أناس في الفتن غير مبالين،
وخاض أناس غير عالمين،
وخاض فئام عالمين،
وخاضت جماعات مقلدين.
حتى أصبح ذو القلب الحي
ينكر من يراه وما يراه،
فلا الوجوه بالوجوه التي يعرف،
ولا الأعمال بالأعمال التي يعهد،
ولا العقول بالعقول المستنيرة،
ولا بالفهوم المنيرة.
فهو مخالط للناس بجسمه،
مزايل لهم بعمله،
يعيش في غربته بين جلدته،
حتى يأذن الله بحلول الأجل فيلحق
– إن عفا الله وغفر –
بمن يفك غربته ويؤنس وحشته.
أبو فراس السليماني
2014-07-16, 06:38 PM
وإن من أعظم تلك الفتن
وأشدها صرفاً عن الصراط المستقيم
الفتنة عن تحقيق معنى الشهادتين،
شهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمداً رسول الله،
فكم من فاتنٍ عنها بعلم،
وكم من مفتونٍ عنها بتقليد.
ولهذا الفتنة،
عن تحقيق معنى الشهادتين صور كثيرة،
جمع صورها هذا الزمان وأهله،
وما اجتمعت في وقتٍ اجتماعها
وتواردها في هذا الزمن،
فما أقل الفقيه بها،
المجاهد لها،
على تنوعها وتشعبها،
وظهورها وجلائها.
فطوائف من الناس
إذا سئلوا عن معنى كلمة التوحيد
ظنوا معناها لا خالق موجود إلا الله،
وكأن أهل الجاهلية والعمى
ممن بعثت إليهم الرسل
يقولون بتعدد المبدعين الخالقين المدبرين،
حتى تبعث لهم الرسل
بلا إله إلا الله.
والشأن أن أولئك الجاهلين
كانوا يُعَددون معبوديهم
لا خالقهم،
فأتت الرسل
بلا إله إلا الله
ومعناها
ما قال نوح عليه السلام لقومه
{ أن لا تعبدوا إلا الله }
بالمطابقة.
أبو فراس السليماني
2014-07-16, 06:46 PM
والعبادة:
هي الذل والخضوع والاستكانة
في لغة العرب،
وسُميت العبادات بذلك
لأنها تُفْعَل مع الذل والخضوع والاستكانة،
وتورثُ الخضوع
لرب العالمين في المآل،
لأمره ونهيه،
والأنسَ به
والذل بين يديه والانكسار.
هذا ما تعلمه العرب من كلامها،
فلفهمِهم المعنى
أبوا أن يخضعوا لـ "لا إله إلا الله"
ولو بنطقِ كلمة.
وإذا تدبرت أحوال بعض الناس اليوم
وجدت ذلهم وخضوعهم
عند القبور وأبنيتها،
وتحت قباَبِها
وفي المسير إليها
أعظم من خضعانهم وانكسارهم
إذا كانوا في مسجدٍ لله
ليس فيه قبر،
ولا قُبَّة.
أبو فراس السليماني
2014-07-16, 06:55 PM
وعند القبور تلك
من نواقض
معنى إفراد الله بالعبادة
شيء لا تُحصر صوره
فمن طائف بالقبر سبعاً،
ومن قائل:
يا ولي الله اشفِ مريضي،
أو أزلِ الدَّينَ عني،
ومن قائل:
أنا في حَسْبك ووقايتك
ادفعِ الآفات عني.
يعتقدون في المقبور
أن له تصرفاً في الكون
بتفويض الله له التصرف،
فمنهم
من أُعطيَ بلداً
يرزقُ من يشاء
ويدفع عمن يشاء،
ومنهم
من أُعطي قُطراً،
ومنهم
من فُوَّضَ له ربعُ العالم،
ومنهم
من فُوَّض له أمرُ
الأرض كلها،
وهو المسمى بالغوثِ،
هكذا
يزعمُ
عبادُ القبور.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 11:45 AM
كمن اعتقد تفويض الله أمرَ العالم
للكواكبِ السبعة.
ومنهم
من أبى عقلُه
أن يُشرك في التصرف،
كما فعله أولئك،
ولكنه سار مع طائفةٍ أخرى
في ما سماه أبو البقاء الكفويُّ في
"الكليات"
شرك تقريبٍ،
وهو سائقٌ لشركِ التصرف.
فادعى مع المدَّعين،
وخاض مع الخائضين،
وطلب من الأموات المقبورين
أن يشفعوا له
في غُفْران ذنبه،
أو سَعَةِ رزقه،
أو رفع كربته،
أو شفاء مريضه،
يدعون الوسائط
أن تتوسط لهم عند الله
فتشفع بحاجاتهم.
وكأن الله جل وعلا
قد أغلق أبوابه
دون حاجاتهم ودعواتهم،
وكأنه في ملزمِ فعلِهم
لا يعطي ولا يمنع
إلا بتوسطِ وسيطٍ،
وفي هذا
من التنقص ما فيه.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 11:51 AM
وتجدهم يتحببون لهذا المقبور
بأنواع القُرب:
فمن مهريقٍ الدمَ باسمه،
ومن ناذرٍ له،
ومن طائفٍ حول قبره
يتقرب بالسعي والطواف
لنيل شفاعته.
فهذان النوعان
من الشرك الأكبر قد فَشَيا،
ولا حول ولا قوة إلا بالله،
وقد أشرتُ أثناء هذه الورقاتِ
إلى أن أول من أحدث الشرك الأكبر
في المسلمين من هذه الأمة
هم الباطنيون
وعلى رأسهم "إخوانُ الصفا"
وتولى كبر ذلك الدولة العبيدية.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 11:59 AM
وكثر انخداعُ الناسِ
وخاصة الجهال بها،
ووجد أناسُ آخرون في ذلك
نِعم المصدرُ لاكتساب معايشهم،
وراج ذلك أكثر ما راج
في الصوفية
لكثرة المتعبدين بجهلٍ فيهم،
فصاروا لُعْبةً وسلوى لأولئك،
يتحكمون فيهم،
لأجل الدنيا.
ثم شاع بعد القرن الخامس
ذاك في الناس وكثر،
فعَمَّ وطَمَّ
وقَلَّ أن سَلِمَ منه بلدٌ،
وفي كل قرن يعيش أولياء
وكل من مات قُبَّبَ على قبره،
واتُّخِذَ مزاراً،
يستشفعُ به،
ويُسأل ويُدعى.
فكثُرت القبور،
وكثُرت العطايا للقبور،
فكثُر السدنةُ والمنتفعون،
والمالُ فتنة،
والجاه فتنة،
والسيادة فتنة.
وأحبَّ من لم يتبع التوحيد
أن يُعظمَه الناسُ في حياته،
فمن مُقبلٍ للأيدي والأرجل،
ومن متمسحٍ بالثياب
خاضعٍ بالقول،
والقلب والجوارح.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 12:13 PM
وقد رأيت مرة رجلاً يُظَنُّ عالماً
في المطافِ حول البيت العتيق
وهو يدور مقهقهاً مع رفيقٍ له،
ومن الناس من تمسَّحَ به
وقَبَّلَ يده!
أي حالٍ تلك،
وأي قلوبٍ هاتيك القلوبُ
التي تقهقه حول الكعبة المشرفة،
ثم هم أولياءُ في زعمهم.
ووصفُ أحوال
المنتسبين للإسلام اليوم يطولُ،
ولكن الإيماءَ كافٍ،
فالإطالةُ تضني،
وقد جادلت يوماً ببلدٍ إفريقي
أحد المفتونين من كبار العلماء
المُحَبَّذين لعبادة القبور
والسدنةِ حولها في حالهم،
ومعنى العبادة،
ومفهوم الشهادتين،
فقال:
أنا أعلم
أنكم على الحق
ولكن
(سيب) الناس تعيش!
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 12:23 PM
إن هذا هو الواقع
فالمسألةُ ليست نصرةً للحق بدلائله،
ولكنها سيادةٌ
وجاهٌ
وسمعةٌ
وأموالٌ
ثم يبحث
لتثبيتِ هذا المقرر سلفاً
في الدلائل الشرعية
وإن كانت أحاديث مكذوبة،
وفي الدلائل العقلية
وإن كانت أوهى
من خيوط العناكب.
وإن المحافظة على
المجد والسيادة
مما يحرص عليها ناصروا المذاهب البدعية،
يورثونها أولادهم
لحبهم أن يدعوا الورثة أغنياء!
وإذا هلك صُيَّر مدفنه ضريحاً
إن استطيعَ
وتوجَّه قلوبُ الناس إليه،
فيزداد الخليفةُ
جاهاً
وطاعةً
ومالاً.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 12:33 PM
وفي كل صِقْعٍ من الأرض
وُجِدَ فيه عبادُ القبور
تجد فيه غالباً طائفةً
على هدي النبي محمدٍ
صلى الله عليه وسلم
سائرة لا يخدعهم تسيُّدٌ،
ولا تؤثرُ فيهم شبهةٌ،
وأولئك غرباء في كثير من البلاد
يدلون الناس على السنة،
ويهدونهم إلى التوحيد،
وصَرْفِ القلوب إلى الله،
وتعظيمه وإجلاله،
والهيبة والخوف منه،
ورجاءِ ما عنده ،
يعلقون القلوب
بخالقهم وحده،
لا بأحدٍ من الخلق،
فلا يحبون إلا لله،
ولا يبغضون إلا لله،
ولا يعبدون إلا إياه،
همهم دعوة الناس إلى
توحيد ربهم
في الأعمال:
أعمال القلوب وأعمال الجوارح.
يسمون أنفسهم
أتباع السلف الصالح،
وأكْرِمْ به من اتباع
مقابلةً باتباع غيرهم للخلف الطالح،
وأسْفِلْ به من اتباع.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 12:41 PM
ويسميهم أعداؤهم:
الوهابية أو المتطرفة،
ويسعى أعداؤهم
في نشر الكتب الناقضة
دعوة الشيخ المصلح
محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى،
رداً عليهم،
وعلى أتباع الدعوة السلفية الخالصة.
وتتخذ هذه الردود أشكالاً
تناسبُ البلدَ المنشور فيه الرد،
فبينما يُصَرَّحُ بذلك في بلدٍ،
يُسَرُّ به في بلدٍ
ويأتي تلويحاً لا تصريحاً.
والحملةُ واحدة،
والطريق قديمة سابلةٌ،
ولها وُرَّادٌ،
ودعاةٌ على جنباتها،
إذا صَرَخَ داعٍ
تجاوبَ الجميعُ بالصَرُّاخ.
والطريقُ
ليست علميةً
كما قد يُظَن،
ولكنها سبيلٌ
غايتُها التمكين لدعاة الباطلِ
في أرضِهم، وأرضِ غيرهم.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 12:50 PM
ومن تلك الردود على الدعوة الإصلاحية
كتابٌ سماه كاتبهُ:
"مفاهيم يجب أن تصحح"
طبع بمصر سنة 1405هـ،
ثم طبع بالتصوير في المملكة العربية السعودية بأعداد كبيرة،
ووُزَّع سراً وعَلَناً في كثير من أرجاء البلاد،
وفي الحرمين وما جوارها أكثر.
وفي هذا الكتاب
"مفاهيم يجب أن تصحح"
تجويزُ كاتبه - وتحبيذُه حيناً -
سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعةَ
في قبره،
وسؤاله التوسط،
وتجويزه ودعوته لطلب الغوث
منه صلى الله عليه وسلم،
فالاستغاثة به منجاة عنده ،
وطلبُ شفاعتهِ مشروعٌ عنده بعد موته،
وسؤاله الإعانة ونحو ذلك،
وطرد هذا في الصالحين ونحوهم.
بل زاد بأن قول القائل:
يا رسول الله
أريدُ أن تردَّ عيني،
أو يزولَ عنا البلاءُ،
أو أن يذهبَ مرضي:
من الجائزاتِ،
التي لا عَتْبَ على قائلها،
كما ذكره في(ص98) من كتابه.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 01:46 PM
وفي كتابه من التدليل لشبهه المتهافتةِ
بالأحاديث الموضوعة،
والواهية،
والمنكرة،
والباطلة والضعيفة جداً،
والضعيفة شيءٌ كثير،
وكثير منها يَسْتَدِلُّ به بتعسفٍ
مع وهاء الدليل وضعفه.
والقوم لهم وَلَعٌ
بالمكذوبات الواهيات،
وإعراض عن
الصحاح العاليات الغاليات.
وليس هذا جديداً،
بل شأنُ كل من نهج غير سبيل السلف وأتباعهم
حبُّ البدع، وإغلاؤها،
حتى صار وضعُ الحديث
عند طائفةٍ من أولئك
والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
سهلاً خفيفاً.
ومنهم من يضع الحديث
ويفتري على رسول الله صلى الله عليه وسلم عالماً،
ومنهم من يكون جاهلاً،
وهاك مثالاً لهؤلاء وأولئك
تُبْصِرْ به ما وراء ذلك.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 02:00 PM
جاء في كتاب "الدرر السنية في الرد على الوهابية"
لأحمد بن زيني دحلان(ص55) (1) :
(ذكر العلامة السيد علوي بن أحمد بن حسن
ابن القطب السيد عبد الله الحداد باعلوي
في كتابه الذي ألفه في الرد على ابن عبد الوهاب
المسمى "جلاء الظلام في الرد على النجدي الذي أضل العوام"
وهو كتاب جليل ذكر فيه جملة من الأحاديث.
منها حديث مروي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه
عم النبي صلى الله عليه وسلم
أسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه
"سيخرج في ثاني عشر قرناً في وادي بني حنيفة
رجل كهيئة الثور،
لا يزال يلعق براطمه،
يكثر في زمانه الهرج والمرج،
يستحلون أموال المسلمين ويتخذونها بينهم متجراً،
ويستحلون دماء المسلمين
ويتخذونها بينهم مفخراً،
وهي فتنة يعتز فيها الأرذلون والسفل
تتجارى بينهم الأهواء
كما تتجارى الكلب بصاحبه".
قال:
ولهذا الحديث شواهد تقوي معناه،
وإن لم يُعرف من خرَّجه ) انتهى.
فهذا من وضع الرجل المذكور أو شبهه،
يكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم
عياناً أمام الخلق،
فيالها من قلوبٍ تلك التي تجرؤ على ذلك،
ويالها من قلوبٍ تلك التي تحبُّ أولئك.
يكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم،
ويدَّعون محبةَ النبي صلى الله عليه وسلم.
فهل يجتمعان في قلبٍ
كلا والله،
إلا في قلب مبتدع
مأفون
كاذب.
ومن العجب أنه قال
(لم يُعرَف من خرَّجه)
ولو أسنده إلى كتاب معدوم مفقودٍ
لراج كذبُه أكثر على الجهال،
لا على العلماء
الذين يعرفون
نورَ كلامِ النبوة.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
(1): ومن كذب على النبي صلى الله عليه وسلم
فكذبه على غيره ممن سار على نهجه واقتفى سنته أولى،
فقد افترى هذا الرجل على الشيخ محمد بن عبد الوهاب افتراءات:
منها قوله: (والظاهر من حال محمد بن عبد الوهاب أنه يدعي النبوة) اهـ(ص50)،
ومنها قوله(54): (وكان ابن عبد الوهاب يأمر أيضاً بحلق رؤوس النساء اللاتي يتبعنه) اهـ،
والافتراءات كُثُر.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 02:08 PM
ومن الصنف الثاني
الذين كذبوا
على جهل
ما جاء في " الرد المحكم المنيع " (ص17)
قال:
(المعلوم لطلبة العلم، والعامة،
فكيف للعلماء قوله صلى الله عليه وسلم:
( الناس مؤتمنون على أنسابهم ) اهـ
والمعروف عند العلماء
بل طلاب العلم
بل صغار طلبة العلم
أن جملة ( الناس مؤتمنون على أنسابهم )
من قول الإمام مالك بن أنس
رحمه الله تعالى.
وكل من أحب البدع هَجَرَ السننَ،
وكل من زيَّن البدعة
فسينقص من معرفته
بسنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
بقدر ذلك،
ومن تأمل ذلك في الخلق عَلِمَه.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 02:13 PM
وكتابُ "مفاهيم يجب أن تصحح"
مَجْلَبٌ لما تفرق من شُبَه
الذين عارضوا
دعوةَ الشيخِ محمدِ بن عبد الوهاب،
فهو يتابعُهم حتى في أوهامهم،
وفي عَزْوِهم،
وفي فِكْرِهم،
حتى إنه لم يتكلفْ عناء توثيقِ أقوالهم،
أو تعنَّى فوجدَ خلاف ما كتبوا،
فأثبته كما أرادوا.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 02:20 PM
ولما كان هذا الكتابُ
يعبر فيه كاتبهُ عن رأيه،
وفيه من الشطاطِ
عن فهم التوحيد ما فيه،
ومن عدم الفهمِ
لدعوة الشيخ ما فيه،
ومن الخوض في الدفاع
عن الداعين أصحاب القبور
من الأنبياء والصالحين،
وفي تجويز ما قال الفقهاء في باب "الردة"
إنه كفرٌ بالإجماع،
ولما لكاتبه من تَبَعٍ ومريدين
استعنتُ اللهَ
في كشفِ ذلك،
وبيان الحق فيه،
وبيان أن ما جوزَه الكاتبُ في "مفاهيمه"
من الشرك
الذي بُعِثَ الرسلُ جميعاً
وآخرهم محمدُ بنُ عبد الله
صلى الله عليه وسلم
لقمعه.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 02:31 PM
والشركُ في الإلهيةِ
له صورٌ يزينها الشيطانُ للواقعين فيه،
وهو شَغِفٌ لهَفٌ
على أن يخوضوا فيما نهاهم الله عنه،
ويُقْنعهم بأنهم
لم يخوضوا فيما نهى الله عنه.
فله طرقٌ وسبلٌ،
وعلى كل سبيل زينةٌ
وبهجةٌ يخدعُ بها الناسَ.
والمنكرُ واجب الإزالةِ
بحسب المراتب التي جاءت في حديث
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
فعسى أن يأذنَ الله
لهذه الورقات بالقبول عنده،
وأن يُنْتَفَعَ بها،
فإن المُنْيَةَ الإنتفاعُ بها،
وليس وراء القبول مُبْتَغَىَ،
ولا سواه مُرْتَجى.
وسميتُ هذا الردَّ
"الورقات الكاسرة للمفاهيم الخاسرة".
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 02:49 PM
ولما أطلعتُ على هذا الكتاب
سماحةَ والدي ومن له بعد اللهِ الفضلُ علَّي
نصر المولى به الحق،
وجزاه الله أحسنَ الجزاء،
ورفع درجتَه، وأمْتَعَ به،
أشار بتسميته
"هذه مفاهيمنا"،
وإشارته أمرٌ، وطاعَتُه غُنْمٌ،
فسميتهُ بما سماه به
طرحاً لما أرى عند ما يَرَى،
ورَفْعاً لرأيِه،
واتهاماً لقولي عند مقاله.
وكتبته مقطعاً(1)،
والقلب مشتَّتُ الشواغلِ،
في كل وادٍ منه مُزْعَة،
والهمومُ لتدني الأحوال مترادفة،
والفتنُ الطاغية صادةٌ عن صفاء المقال،
وإحكام الأقوال،
والأنيس قليلٌ، بل عزيز،
فاللهم إن مفزعَنَا إليك
لا إلى غيرك،
فثبت أقدامنا على الحق،
وبَصَّرْنا بأنفسنا،
ولا تجعل من عملنا لأحدٍ سواك شيئاً،
ونعوذ بك أن نشركَ بك على علم،
ونستغفرك مما لا نعلم،
فإنَّ صفتنا التقصير،
وصفة الرب
العفو والغفران،
فاغفر اللهم جَمَّاً،
وآخرُ دعوانا
أنِ الحمدُ للهِ رَبَّ العالمين.
كتبه
صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ
يوم الخميس13/5/1406هـ.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
(1): ورددت به على الباب الأول من كتابه، وفصلاً من الثاني، لأني رأيت أن أصول أقواله في هذين، وفي الكتاب أغلاط كثيرة سيما في الحديث، وأغلاط في الاستدلال، فتركت الكلام على ذلك، واقتصرت على رد الشركيات ووسائلها، وما بين به منهج المؤلف في مفاهيمه، والبصير ينظر بعين ما ذكر إلى ما طوى.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 04:53 PM
الباب الأول
وفيه مباحث
1ـ معنى الوسيلة.
2ـ تخريج الآثار والأخبار
التي استدل بها كاتب "المفاهيم".
3ـ رد استدلالات الكاتب بما ساقه من آثار.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 05:03 PM
قال (ص45):
(الوسيلة: كل ما جعله الله سببا في الزلفى عنده،
ووصلة إلى قضاء الحوائج منه.
والمدار فيها
على أن يكون
للوسيلة قدر وحرمة
عند المتوسل إليه ) ا هـ.
أقول: كلامه حوى جملتين
الأولى من الحق،
والثانية فيها إجمال
به يتوصل إلى
ما نهى الله عنه،
ولم يجعله وسيلة.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 05:16 PM
فقول:
(والمدار فيها..الخ)!
مجمل يمكن تفسيره
على أحد وجهين:
الأول: أن يدخل في ذلك
ذوات الأنبياء والصالحين
باعتبار أن لهم من المنزلة
والزلفى عند الله
ما يجل عن الوصف.
فإن كان هذا معنيا،
فالله سبحانه وتعالى
لم يجعل
ذوات الأنبياء والصالحين
أو جاههم
أو حرمتهم
وسيلة إليه
ولا سببا للزلفى لديه.
وإنما جعل الوسيلة إليه
هو اتباعهم
وتصديق ما أخبروا به،
واتباع النور الذي جاءوا به،
والجهاد من أجل تقريره وتثبيته بين الخلق،
فهذا من الوسائل المشروعة
التي يشرع للداعي بمسألة أن يقدمها
بين يدي مسألته،
ولا يصح للداعي دعاء عبادة
دعاؤه إلا باتباعهم وتصديقهم.
فهذا من الوسائل المشروعة التي أمر الله بها،
وشرعها.
وأما الأنبياء والصالحون
فليس من المشروع
التوسل بذواتهم
ولا جاههم
ولا حرمتهم
كما سيأتي بيانه.
وإنما يُشرع التوسل
بدعائهم في حياتهم
كما كان يفعله المسلمون
زمنه صلى الله عليه وسلم
وبعده من طلب الدعاء
في الاستسقاء وغيره.
وأما بعد مماتهم
فليس التوسل بدعائهم
ولا ذواتهم
مشروعا
بإجماع القرون المفضلة.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 05:31 PM
الثاني:
أن تكون الوسائل
من الأعمال ونحوها مشروعة،
لم تتبع فيها سبل المبتدعة،
وإنما اتبع فيها السنة،
وهذا حق.
والكاتب أجمل
ليُدخل الوسيلة المبتدعة
في خلل كلمات الحق،
وقد بينا ما فيها،
وما كان ينبغي له ذلك
وهو يفسر آية من كتاب الله.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 05:40 PM
وفي الوسيلة قولان
ذكرهما أهل التفسير،
وقربهما ابن الجوزي في "زاد المسير"
(2/348)
قال:
( أحدهما:
أنه القربة،
قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد والفراء.
وقال قتادة:
تقربوا إليه
بما يرضيه.
قال أبو عبيدة:
يقال: توسلت إليه،
أي: تقربت إليه.
وأنشد:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا
وعاد التصافي بيننا والوسائل
الثاني:
المحبة،
يقول:
تحببوا إلى الله.
هذا قول ابن زيد ) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 05:50 PM
وفي أسئلة نافع بن الأزرق لابن عباس:
أخبرني عن قوله تعالى:
{ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ }
[ المائدة: 35 ]،
قال:
الوسيلة الحاجة.
قال:
وهل تعرف العرب ذلك ؟
قال: نعم.
أما سمعت عنترة وهو يقول:
إن الرجال لهم إليك وسيلة
أن يأخذوك تكحلي وتخضبي
وفي المادة شواهد غير ما ذكر.
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 06:02 PM
فالوسيلة:
التقرب إلى الله
بأنواع القُرَب والطاعات،
وأعلاها إخلاص الدين له،
والتقرب إليه بمحبته
ومحبة رسوله
ومحبة دينه
ومحبة من شُرِعَ حبه،
بهذا يُجمع ما قاله السلف،
وقولهم من اختلاف التنوع.
وتأمل قوله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ }
[ المائدة: 35]،
ففي تقديم الجار والمجرور
{ إليه }
إفادة اختصاص
الوسائل بالله،
لا يشركه معه
فيها أحد.
كما في
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }
[ الفاتحة: 5].
أبو فراس السليماني
2014-07-17, 06:25 PM
قال العلامة الشنقيطي
رحمه الله في"تفسيره" (2/98):
( التحقيق في معنى الوسيلة
هو ما ذهب إليه عامة العلماء
من أنها التقرب إلى الله تعالى
بالإخلاص له في العبادة
على وفق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
وتفسير ابن عباس داخل في هذا،
لأن دعاء الله
والابتهال إليه
في طلب الحوائج
من أعظم
أنواع عبادته
التي هي الوسيلة
إلى نيل
رضاه ورحمته.
وبهذا التحقيق
تعلم أن ما يزعمه كثير
من ملاحدة أتباع الجهال،
المدعين للتصوف
من أن المراد بالوسيلة في الآية
الشيخ
الذي يكون له واسطة
بينه وبين ربه
أنه تخبط في الجهل والعمى،
وضلال مبين،
وتلاعب بكتاب الله تعالى.
واتخاذ الوسائط من دون الله
من أصول كفر الكفار
كما صرح به تعالى في قوله عنهم:
{ مَا نَعْبُدُهُمْ
إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا
إِلَى اللَّهِ زُلْفَى }
[الزمر: 3]،
وقوله:
{ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ
قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ
بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ
وَلا فِي الْأَرْضِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ }
[يونس: 18].
فيجب على كل مكلف
أن يعلم أن الطريقة الموصلة
إلى رضا الله
وجنته
ورحمته
هي اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم،
ومن حاد عن ذلك
فقد ضل سواء السبيل
{ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُم ْ
وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ
مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً
يُجْزَ بِهِ }
[ النساء: 123] )
انتهى كلامه.
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 01:33 PM
قال الكاتب (ص43):
( إن التوسل ليس أمرا لازماً أو ضرورياً،
وليست الإجابة متوقفة عليه،
بل الأصل
دعاء الله تعالى مطلقا،
كما قال تعالى:
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي
فَإِنِّي قَرِيب }
[ البقرة: 186 ] )
انتهى.
أقول:
إذا كان الأصل هو
دعاء الله تعالى
بلا واسطة،
فلمَ العدول عن الأصل إلى غيره،
ولا يخفى أن غير الأصل لا يتمسك به
إلا من عدم الأصل،
والله جل جلاله
حي قيوم،
لا تأخذه سنة ولا نوم،
يحب أن يدعوه عبده،
وأن يرجوه،
وأن يخافه،
وأن يتوسل إليه
بأسمائه وصفاته.
فإذا كان هذا لا ينقطع عن مسلم
في أي بقعة كان
وهو الأصل الأصيل،
فَلِمَ العدول عنه،
والتنكب له ؟!
أفتعدل إلى طريق هي أهدى ؟!.
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 01:43 PM
تقولُ:
إن التوسل الذي ننكره وهو التوسل بالذوات
وعمل غير الداعي ونحوها،
ليس الأصل،
بل الأصل.
معكم
وأنتم حقيقون بالأصل.
تُقر لنا
بالهداية والاتباع،
وترغب في مخالفة الأصل
دون دليلٍ صحيح !
أما في الأصل لك كفاية ؟!
أما في
دعاء الله وحده بلا واسطة
لك مقنع ؟!
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 01:52 PM
إذا كان الحي القيوم
الذي يجيب المضطر إذا دعاه
ويكشف السوء،
يحب أن
يدعوه عبده كل حين:
دعاء عبادة
أو دعاء مسألة،
وهو الذي يقول:
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي
فَإِنِّي قَرِيب }
[ البقرة: 186]
إذا كان كذلك
فلمَ العدول إلى الأموات
تتوسل
بذواتهم
أو جاههم
أو حُرمتهم
وغيرها من
الألفاظ البدعية ؟!
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 02:06 PM
لِمَ لا يُعلَّم المسلمون
دعاء الله وحده،
فتخلص قلوبهم
من الالتفات إلى غيره
في دفع كربة
أو رفع بلاء،
أو جلب نفع ؟
علموهم هذا
ولا تعلقوا قلوبهم بغير الله
فيتخذوهم أنداداً،
فيذهب ذكرهم لربهم وحده،
وحبهم له وحده،
إذ نفعهم
معلق في أذهانهم
بوسائط .
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 02:15 PM
إن من انفتح عليهم باب البدعة في التوسل
ألقى بهم ولو بعد حين
إلى دائرة الإشراك،
إذ هو طريقه وسبيله
ومنه يتدرج إلى دعاء الأموات أنفسهم
أو سؤالهم
الشفاعة،
أو الإغاثة،
أو الإعانة.
وكل هذه صرَّح كاتب المفاهيم بتجويزها
في مواضع من كتابه،
كما سيأتي في مباحث الشفاعة.
وكل ذلك من سيئات ترك الأصول المتفق عليها،
واتباع المتشابهات المنهي عنها.
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 02:45 PM
قال الكاتب (ص44):
( ونحن نرى أن الخلاف شكلي،
وليس بجوهري،
لأن التوسل بالذوات يرجع في الحقيقة
إلى توسل الإنسان بعمله،
وهو المتفق على جوازه ).
أقول:
هذا خَطَلٌ من القول،
ومخادعةٌ للنفس ظاهرة،
إذ المتوسلون بالذوات يعلمون
بُعْدَ هذا التبرير والتأويل،
وأن الخلاف جوهري
لا صوري،
وبرهان ذلك
فساد الدليل الذي ادعيتموه،
وهو راجع إلى المجاز العقلي،
والكلام فيه سيأتي مفصلاً،
ثم هل
عمل الذات المتوسَّل بها
عمل للمتوسِّل
المتفق على جوازه ؟
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 02:57 PM
ولكنى أقول هنا
على سبيل المجاراة والمناظرة:
هب أن الخلاف شكلي.
أفلا يجب عليكم
ترك الألفاظ الموهمة
لأمور غير شرعية ؟
فإن القائل:
أتوسل بفلان،
دالٌ ظاهر لفظه
على التوسل بالذات المجردة
عن الجامع بين الذاتين،
ولا قرينة
لفظية
ولا غير لفظية
متصلة
ولا غير متصلة
تصرفه عن هذا الظاهر.
والقرينة المدعاة قلبية خفية،
والحكم على ما في قلوب الناس
فرع الاطلاع عليها،
ولا سبيل إلى ذلك.
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 03:10 PM
ومن المتقرر أن الشريعة المطهرة
جاءت بترك الألفاظ الموهمة
لما يُنهى عنه شرعًا،
كما قال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا
وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا
وَلِلْكَافِرِين َ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
[ البقرة: 104].
فقد كانت يهود تستعمل (راعنا) للسب،
والمسلمون حين قالوها
لا يشركونهم في ما عقدت قلوبهم عليه
من تفسير اللفظ،
ومن اليقين أن الصحابة
لم يقولوا اللفظ
وهم يعنون المعنى الفاسد،
فهذه من أقوى القرائن القلبية.
ومع هذا نُهوا عن ذلك.
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 03:17 PM
قال القرطبي في " تفسيره " (2/57):
( في هذه الآية دليلان:
أحدهما:
على تجنب الألفاظ المحتملة
التي فيها التعريض للتنقيص والغض.
الدليل الثاني:
التمسك بسد الذرائع وحمايتها )
انتهى.
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 03:31 PM
وقال الجصاص
في " أحكام القرآن " (1/58):
( وقوله { رَاعِنَا }
وإن كان يحتمل المراعاة والانتظار،
فإنه لما احتمل الهزء
على النحو الذي كانت اليهود تطلقه
نهوا عن إطلاقه،
لما فيه من احتمال
المعنى المحظور إطلاقه،
ومثله موجود في اللغة)
ثم قال:
( وهذا يدل
على أن كل لفظ
احتمل الخير والشر
فغير جائز إطلاقه
حتى يقيد
بما يفيد الخير )
انتهى كلام الجصاص.
أبو فراس السليماني
2014-07-24, 03:48 PM
فتأمل
كيف أن الصحابة
استعملوا هذا اللفظ
وهم أبعد الناس
عن إرادة معنى الهزء والتنقص،
فنهاهم الله تعالى
عن ذلك اللفظ
لما فيه من الاشتراك،
ولم يكفِ في تجويز استعماله
ما قام بقلوبهم ونياتهم
من المعنى الخير الصحيح.
وهذا جليٌّ لمن تجرَّد !
أبو فراس السليماني
2014-07-27, 12:07 PM
قال (ص44):
( ومحل الخلاف في مسألة التوسل
هو التوسل بغير عمل المتوسل،
كالتوسل بالذوات والأشخاص.
بأن يقول اللهم إني أتوسل إليك بنبيك
محمد صلى الله عليه وسلم،
أو أتوسل إليك بأبي بكر الصديق
أو بعمر بن الخطاب
أو بعثمان
أو بعلي رضي الله عنهم ).
أقول:
الواجب عند الاختلاف
الرد إلى كتاب الله
وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم
وفهم أصحابه الكرام
رضى الله عنهم،
كما قال تعالى:
{ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ
مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى
وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ
نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى
وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً }
[ النساء: 115].
ومسألة التوسل بالذوات،
وكذا التوسل بأعمال من انقضى سعيهم،
لا خلاف عند السلف
من الصحابة والتابعين
أنها ليست من الدين،
ولا هي سائغة في الدعاء.
وبرهان ذلك
أنه لم ينقل عن واحد منهم
بنقل صحيح مصدق
أنه توسل
بأحد الخلفاء الأربعة
أو العشرة
أو البدريين.
والعمل على وفق ما فهموه هو المُنجي
كما في فصل
" السلف والسلفية،
من هذا الكتاب،
ومن ابتغى نهجا جديدا فهو الخَلَفي،
وليس له حظ منهم.
أبو فراس السليماني
2014-07-27, 12:14 PM
إذا تقرر هذا،
فالتوسل بالذوات ونحو ذلك
ممنوع لأوجه:
الأول:
أنه بدعة
لم تكن معروفة عند الصحابة والتابعين،
وكل بدعة ضلالة،
وليس على الله أكرم من الدعاء،
وفي الحديث:
( الدعاء هو العبادة )
أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما
بإسناد صحيح عن النعمان بن بشير.
فإذا كان عبادة
بل هو العبادة
فإحداث أمر في العبادة
مردود باتفاق العلماء.
أبو فراس السليماني
2014-07-27, 12:25 PM
الثاني:
أن قول القائل:
أتوسل بأبي بكر وعمر... خطأ محض،
جره إليه سقم فهمه،
وكثافة ذهنه،
واعتقاده أن كل شيء توسل به يكون وسيلة،
وهذا غلط.
فمن قال أتوسل بأبي بكر مثلاً
فقد جمع بين ذاتين
لا وسيلة ولا طريق
توصل وتجمع أحدهما بالآخر،
فكأنما هذا القائل
قد لفظ لفظاً لا معنى له،
بمنزلة من سرد الأحرف الهجائية،
إذ لا اتصال بين ذات المتوسَّل والمتوسَّل به
حتى يجمع بينهما.
فلا بد من جامع يتوسل به،
وهو حب الصحابة مثلا،
وهو من عمل المتوسل،
فإذا قال:
أتوسل إليك رب بحبي لأبي بكر،
أو بحبي لعمر،
أو بحبي لصحابة نبيك
كان هذا
حسناً مشروعاً.
وكذا إن قال:
أتوسل إليك بتوقيري وتعزيري وحبي
واتباعي لنبيك نبي الرحمة
كان هذا من
الوسائل النافعة.
أبو فراس السليماني
2014-07-27, 12:37 PM
فلازمٌ ذكر الإيمان أو العمل الصالح
الذي يصل بين ذاتين
لا يجمع بينهما إلا بجامع.
كما حكى الله عن عباده المؤمنين قولهم:
{ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ
وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ
فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }
[ آل عمران: 53]،
وقوله:
{ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ
أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا
رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا
وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا
وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ }
[ آل عمران: 193]،
والآيات في هذا الباب كثيرة.
فإذا كان خيرةُ الخلق الأنبياء والرسل
وأتباعهم وحواريوهم
لم يحيلوا على ما في قلوبهم
بل قالوا بلسانهم ما حواه جنانهم،
وهم الذين لا يشك بما في قلوبهم
أفلا يكون الخلوف
الذين جاؤوا من بعدهم
أولى وأحرى أن يفصحوا وأن يظهروا،
وأن لا يتحيلوا
لفاسد قولهم
بالمجاز العقلي ؟!
أبو فراس السليماني
2014-07-27, 12:44 PM
الثالث:
أن الصحابة فهموا من التوسل
التوسل بالدعاء
لا بالذوات،
فعمر بن الخطاب رضى الله عنه
توسل بدعاء العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم،
ومعاوية بن أبي سفيان
توسل بدعاء يزيد بن الأسود.
ولو كان
التوسل بالذوات جائزا عندهم
لأغناهم عن تكلف غيره،
ولتوسلوا
بذات أكرم الخلق وأفضل البشر
وأعظمهم عند الله قدرا ومنزلة،
فعدلوا
عن ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم
الموجودة في القبر،
إلى الأحياء ممن هم دونه منزلة ورتبة.
فعُلم أن المشروع ما فعلوه،
لا ما تركوه.
أبو فراس السليماني
2014-07-27, 12:51 PM
قال الشهاب الألوسي
في "روح المعاني" (6/113)
في الكلام على عدول الصحابة:
( وحاشاهم أن يعدلوا عن التوسل بسيد الناس
إلى التوسل بعمه العباس
وهم يجدون أدنى مساغ لذلك.
فعدولهم
مع أنهم السابقون الأولون،
وهم أعلم منا بالله تعالى
ورسوله صلى الله عليه وسلم،
وبحقوق الله تعالى،
ورسوله عليه الصلاة والسلام،
وما يشرع من الدعاء وما لا يشرع،
وهم في وقت ضرورة ومخمصة،
يطلبون تفريج الكربات
وتيسير العسير
وإنزال الغيث بكل طريق:
دليل واضح
على أن المشروع
ما سلكوه دون غيره )
انتهى.
أبو فراس السليماني
2014-07-27, 01:22 PM
الرابع:
أن يقال تنزلا:
لا يخلو التوسل بالذوات
أن يكون أفضل من التوسل بأسماء الله وصفاته،
والأعمال الصالحة أو لا.
فإن قيل التوسل بالذوات أفضل
فهو قول كفري باطل.
وإن كان التوسل بأسماء الله وصفاته
وبالأعمال الصالحة أفضل
فلمَ يُنافَح عن المفضول،
وتُترَك نصرة الفاضل وتأييده
ونشره وتعليمه للناس ؟!
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 12:02 PM
قال كاتب المفاهيم (ص46):
( وقد جاء في الحديث أن آدم توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحاكم في المستدرك:
حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل
حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي
حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري
حدثنا إسماعيل بن مسلمة أنبأنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
عن أبيه، عن جده عن عمر رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ لما اقترف آدم الخطيئة قال:
يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي... ] الحديث.
أخرجه الحاكم في "المستدرك" وصححه (ج2 ص651)
ورواه الحافظ السيوطي في "الخصائص النبوية" وصححه.
ورواه البيهقي في "دلائل النبوة"،
وهو لايروي الموضوعات،
كما صرح بذلك في مقدمة كتابه.
وصححه أيضا القسطلاني،
والزرقاني في"المواهب اللدنية" (2/62)،
والسبكي في "شفاء السقام".
قال الحافظ الهيثمي:
رواه الطبراني في "الأوسط " وفيه من لم أعرفهم.
"مجمع الزوائد"، (8/253))
اهـ كلام الكاتب.
أقول:
هذه الأسطر حوت
أغلاطاً،
واستغفالاً،
وتحريفاً،
مما سأبينه إنشاء الله.
وما كنت أظن أن يتجاهل الجاني على نفسه،
المعجب بعلمه، علماء زمانه،
ومن انتسب للعلم من أتباعه
حتى يكتب
ما كتب على هذا الحديث
وما بعده من الأحاديث.
ولي مع الكاتب هنا وقفات ثلاث:
الأولى:
في ما كتبه، وفي عزوه الحديث لمن خرجه.
الثانية:
في الكلام على رواية الحديث.
الثالثة:
في النظر في متن الحديث ودرايته.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 12:14 PM
أما الأولى:
فينتظم عقدها أمورا:
الأول:
عزوه الحديث فيه قصور،
فقد رواه جماعة من طبقة مشايخ الحاكم
ومن نحو طبقته ومن بعدهم،
وكلهم رووه من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم،
فكثرتهم لا تفيد الخبر قوة،
ولذا لن أذكر أولئك
حتى لا يستكثر بهم الجهول بالحديث
واصطلاحات أهله.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 12:32 PM
الثاني:
ساق إسناد الحاكم
ولم يحسن النقل
فقد سقط من الإسناد [عن أبيه]
وألحقتها بالإسناد،
ووهم أيضا في توثيق النقل من "المستدرك"،
فذكره مرتين (ج 2ص651)
وهذا قَلْبٌ وخطأ،
وليس سبق قلم
لأنه تكرر مرات.
ثم طالعت رسالة "إعلام النبيل"
لواعظ بالبحرين
فوجدته عزاه كما هنا (ج2 ص651)،
وقد طبع قبل "المفاهيم"،
فتأمل
تواردهم على التقليد في كل شيء !
وصواب التوثيق (2/615)،
و"المستدرك" لم يطبع إلى هذه السنة
إلا طبعة هندية واحدة.
وقال: وصححه،
يعني الحاكم وهذا غلط،
فالحاكم كتب:
(صحيح الإسناد)،
والمشتغلون بالحديث
يفرِّقون بين صحة الإسناد وصحة الحديث.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 12:45 PM
الثالث:
قوله:
(ورواه الحافظ السيوطي... وصححه)
من عجائب مفاهيمه،
ومما يدل على عدم تعاطيه علم الحديث
- وإن أُعطي - شهادة الزور -
لأن قوله (رواه)
خطأ لا يستعمله المحدثون،
فمن يذكر الحديث ويسوقه
في كتاب له مستدلا به على مراده
لا يجوز أن يقال إنه رواه.
فكلمة (رواه) لا تقال
إلا لمن ساق حديثا أسنده عن مشايخه،
إلى منتهاه.
وأما قوله: (وصححه)
فأعجب،
إذ أن السيوطي لم يعقب الحديث
بتصحيح في "الخصائص"
الذي نقل منه تصحيحه،
وهذا افتراء على السيوطي.
والكاتب- لضعفه العلمي-
أخذ قول السيوطي في مقدمة "الخصائص" (1/8):
(ونزهته عن الأخبار الموضوعة وما يرد)
فعممه،
وقول السيوطي
لا يفيد صحة كل ما يورده.
ولذا صرَّح بضعف إسناد الحديث
في كتابه الآخر
"مناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفاء"
(ص30)
(طبع بمصر طبعة حجرية سنة 1276).
والسيوطي في"الخصائص"
اتبع أبا نعيم في "الخصائص" له،
وإن كان الإسناد مظلما،
أو كان المتن منكرا،
صرح بهذا في كتابه (1/47)
فقال بعد ذكره حديثين شديدي النكارة:
(ولم تكن نفسي تطيب بإيرادهما،
ولكني تبعت الحافظ أبا نعيم في ذلك) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 02:20 PM
الرابع:
قال عن البيهقي
(وهو لا يروي الموضوعات) اهـ.
أقول:
لِمَ لَم ينقل ما قاله البيهقي نصًا
بعد رواية الحديث،
لِمَ يجعل ديدنه التلبيس والإجمالات
التي تلبس على البسطاء،
فهو دائما طاوٍ للذي يقوِّض دليله.
قال البيهقي في "دلائل النبوة"
(489/5)
بعد سياقه الحديث:
( تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
وهو ضعيف ) اهـ.
وكلمة البيهقي هذه غالية،
يعرف قدرها المحدِّثون،
أما المبتدعة
فلا يعرفون إلا الإجمال،
شأن الطلبة
الذين لا يعرفون مصطلحات أهل العلم.
قال الحافظ الذهبي
في "ميزان الاعتدال"
(3/140-141):
( وإن تفرَّد الصدوق ومن دونه
يُعد منكرا ) اهـ.
فإذا كان هذا شأن الصدوق،
وشأن من دونه ممن خف حفظهم
وكثر نسيانهم وضاع أكثر ضبطهم،
فما بالك بتفرد الضعيف
الذي أجمع أهل العلم بالجرح والتعديل
على عدم تعديله،
فقال بعضهم كالحاكم
أحاديثه موضوعة،
مما ستقف عليه إن شاء الله تعالى.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 02:27 PM
الخامس:
قال الكاتب:
( وصححه القسطلاني ).
أقول:
هذا كتاب "المواهب" فهل صححه،
أم أنه ذكر كلام البيهقي الذي سلف.
ونصه
(1/76 مع شرحه):
(وقال - أي البيهقي-:
تفرَّد به عبد الرحمن )
هذا كلام القسطلاني،
وفهم مراده
شارح المواهب الزرقاني فقال:
( تفرَّد به عبد الرحمن،
أي: لم يتابعه عليه غيره،
فهو غريب
مع ضعف راويه) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 02:34 PM
والقسطلاني في المواهب
وبعض كتبه الأخرى
ينقل عن السيوطي في مؤلفاته
دون عزو إليه،
وجرت في ذلك كائنة تُحكى
نقلها ابن العماد في"شذرات الذهب"،
وأسوقها ليُعلم أن القسطلاني في المواهب
يأخذ كلام غيره
فلا يُكترث به في (التصحيح)،
وليس معدودا في أهل التخريج
والتعديل والتجريح
وإنما هو ناقل ( 1 )،
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ): أعني للتخريج والتصحيح،
وكتبه نافعة مع الاحتراز عن الواهيات التي يسوقها.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 02:41 PM
قال ابن العماد
(8 /122 ـ123):
( ويحكى أن الحافظ السيوطي
كان يغضُّ منه
ويزعم أنه يأخذ من كتبه
ويستمد منها،
ولا ينسب النقل إليها،
وأنه ادعى عليه بذلك بين يدي شيخ الإسلام زكريا،
فألزمه ببيان مدعاه،
فعدد مواضع قال إنه نقل فيها عن البيهقي،
وقال: إن للبيهقي عدة مؤلفات
فليذكر لنا ذكره في أي مؤلفاته
لنعلم أنه نقل عن البيهقي
فنقله برمته،
وكان الواجب أن يقول:
نقل السيوطي عن البيهقي.
وحكى الشيخ جار الله بن فهد
أن الشيخ رحمه الله
قصد إزالة ما في خاطر الجلال السيوطي،
فمشى من القاهرة إلى الروضة
إلى باب السيوطي
ودق الباب.
فقال له: من أنت؟
فقال: أنا القسطلاني،
جئت إليك حافيا مكشوف الرأس
ليطيب خاطرك علي،
فقال له:
قد طاب خاطري عليك،
ولم يفتح له الباب،
ولم يقابله )
انتهى النقل عن "الشذرات".
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 02:49 PM
وللسيوطي كتاب سماه:
" الفارق بين المصنف والسارق"
لعله- ولا أجزم- يعني القسطلاني
حيث قال فيه:
( وأغار على عدة كتب لنا
أقمنا في جمعها سنين،
وتتبعنا فيها الأصول القديمة،
وعمد إلى كتابي "المعجزات والخصائص"
الطويل والمختصر،
فسرق جميع ما فيها
بعباراتي التي يعرفها أولو البصر( 2 ))
انتهى.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 2 ): (ص745) من "مجلة عالم الكتب"، ربيع الثاني 1402هـ،
فقد نشرت رسالة "الفارق" كاملة، بتحقيق قاسم السامرائي.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 02:59 PM
السادس:
قوله:
وصححه الزرقاني في "المواهب اللدنية"
(ج2 ص62).
أقول:
ليس للزرقاني كتاب باسم المواهب،
وكأن الكاتب أراد شرح المواهب.
ثم إن الزرقاني ضعَّفه ولم يصححه،
فقال (1/ 76):
(هو غريب
مع ضعف راويه)،
فلِمَ ينقل الكاتب ما ليس صحيحاً،
ويحرِّف
وكم هو يجيد التلبيس،
ولِمَ يوثق نقله توثيقا خطأ
فيحيل إلى - ج 2 -
وهو في الجزء الأول.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 03:08 PM
السابع:
قال في تعداد من صحح الحديث:
(والسبكي في "شفاء السقام")،
والسبكي قلَّد الحاكم في تصحيحه،
والمقلِّد لا يستكثر به،
قال السبكي
(ص163):
(وقد اعتمدنا في تصحيحه
على الحاكم) اهـ.
والسبكي مقر بوجه ضعفه
لكنه قال:
(عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
لا يبلغ في الضعف
إلى الحد الذي ادعاه ).
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 03:16 PM
الثامن:
أسقطَ من نقله عن الهيثمي
عزو الحديث إلى "المعجم الصغير" للطبراني،
فلزم التنبيه.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 03:25 PM
الوقفة الثانية:
الكلام على الرواية، وإسناد الحديث.
مما سبق سطره ورسمه
تجلى أن الحديث لم يقل بصحة إسناده إلا الحاكم،
قال الحاكم في "المستدرك"
(2/615):
(صحيح الإسناد ( 1 )
وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم)
انتهى،
ومدار الحديث عند كل من أخرجه
مرفوعا على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا الموضع
أن الحاكم لا يُقبل كلامه هنا
عند التحقيق العلمي،
وذلك لأمور:
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ): ومن اللطائف أن طبعة المستدرك الهندية، وقع فيها خطأ مطبعي،
هكذا: "هذا حديث صيح الإسناد"
وصيح من قولك تصيح الشيء إذا تكسر،
كما في "تاج العروس شرح القاموس" (2/186)، فمعنى:
صيح الإسناد: منكسر الإسناد،
وهذه عجيبة
ولله حكمة في وقوع هذا الخطأ
فتبصروا!.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 03:40 PM
الأول:
أنه قال في كتابه"المدخل إلى الصحيح"
(1/154):
(عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
روى عن أبيه أحاديث موضوعة
لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة
أن الحمل فيها عليه) اهـ
وكان قال في أول "المدخل"
(1/114):
(وأنا مبين بعون الله وتوفيقه
أسامي قوم من المجروحين
ممن ظهر لي جرحهم اجتهادا،
ومعرفة بجرحهم،
لا تقليدا فيه لأحد من الأئمة،
وأتوهم أن رواية أحاديث هؤلاء
لا تُحمل إلا بعد بيان حالهم
لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم
في حديثه:
( من حدث بحديث
وهو يرى أنه كذب
فهو أحد الكاذبين ) )
انتهى.
وسردهم
وذكر منهم
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
كما نقلناه لك.
فهذا تعارض وتناقض من الحاكم،
فما السبب فيه ؟!
وما الحامل له
على تصحيح إسناد حديث
فيه عبد الرحمن ؟!
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 03:49 PM
الجواب معلوم عند أهل الحديث
والنظر السالم من الهوى،
وهو أنه ابتدأ كتابة كتابه "المستدرك"
سنة 393 هـ ( 1 )
أي بعد بلوغه 72 سنة من عمره،
قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان"
(5/233):
(ذكر بعضهم أنه حصل له
تغير وغفلة
في آخر عمره،
ويدل على ذلك:
أنه ذكر جماعة في كتاب "الضعفاء" له،
وقطع بترك الرواية عنهم،
ومنع من الاحتجاج بهم،
ثم أخرج أحاديث بعضهم في "مستدركه"
وصححها،
من ذلك:
أنه أخرج حديثا لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم
وكان قد ذكره في الضعفاء،
فقال:
إنه روى عن أبيه
أحاديث موضوعة
لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة
أن الحمل فيها عليه )
انتهى كلام الحافظ ابن حجر.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ): كما هو مثبت في "السماع" ( ج1 ص2) وغيرها.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 03:55 PM
وجرى على هذا علماء الحديث
في شأن المستدرك،
ومنه قول السخاوي
في "فتح المغيث"
(1/36):
(يقال إن السبب في ذلك
أنه صنفه في أواخر عمره
وقد حصلت له غفلة وتغير،
أو أنه لم يتيسر له تحريره وتنقيحه،
ويدل له
أن تساهله
في قدر الخمس الأول منه قليل جدا
بالنسبة لباقيه،
فإنه وجد عنده
إلى هنا انتهى إملاء الحاكم )
انتهى.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 04:04 PM
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم
راوي الحديث الذي احتج به
مجيزوا التوسل بالذوات
ضعيف جدا في الحديث،
قاله علي بن المديني،
وقال أبو حاتم الرازي:
كان في نفسه صالحاً،
وفي الحديث واهياً.
وضعفه أحمد
وابن معين
والبخاري
والنسائي
والدارقطني
وغيرهم كثير،
وقال الطحاوي:
( حديثه عند أهل العلم بالحديث
في النهاية من الضعف).
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 04:15 PM
فهذه عبارة إمام الحنفية في وقته
وشيخ المصريين في زمانه،
أفيستحل الكاتب
أن يتقرب إلى الله
ويتعبد بحديث
في النهاية من الضعف،
كيف تقوى قدماك على التماسك
وأنت تُسأل أمام ربك،
وبمَ تحتج،
وعلى من تتكىء،
أعد للمسألة جوابا،
فإن الأمر عظيم.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 05:08 PM
الثاني:
أن في إسناد الحاكم والبيهقي
رجلا اسمه عبد الله بن مسلم الفهري
ترجمه الحافظ الذهبي في "الميزان"
(2/405)
وقال:
(روى عن إسماعيل بن مسلمة بن قعنب
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
خبرا باطلا
فيه
"يا آدم لولا محمد ما خلقتك"
رواه البيهقي في دلائل النبوة"
انتهى.
قال الحافظ ابن حجر
في "لسان الميزان"
(3/360):
( قلت:
لا أستبعد أن يكون هو
الذي قبله فإنه من طبقته) اهـ.
يعني بالذي قبله الترجمة السابقة لترجمة الفهري،
وهو عبد الله بن مسلّم بن رُشيد
قال الذهبي:
ذكره ابن حبان
متهم بوضع الحديث...
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 05:20 PM
الثالث:
أن إسناد الحديث ضعفه
جماعة كثيرون:
فمنهم:
البيهقي في "دلائل النبوة"
(5/486).
ومنهم:
الذهبي في "تلخيص المستدرك"
(2/615)،
قال: (موضوع)،
وفي"الميزان": قال: (باطل)،
فهو موضوع الإسناد باطل المتن.
ومنهم:
الشيخ تقي الدين بن تيمية
حكم بوضعه
في "الرد على البكري"
(ص6)
من مختصره.
ومنهم:
ابن عبد الهادي الحافظ
نصر القول بوضعه في
"الصارم المنكي".
ومنهم:
الحافظ ابن كثير
في
"البداية والنهاية"
(2/323)
قال عن راويه:
(وهو متكلم فيه)
ونقل كلام البيهقي بضعف راويه.
ومنهم:
الهيثمي في "مجمع الزوائد"
(8/253).
ومنهم:
السيوطي في "تخريج أحاديث الشفاء"
(ص30).
ومنهم:
الزرقاني في "شرح المواهب"
(1/76).
ومنهم
الشهاب الخفاجي في "شرح الشفاء"
(2/242).
ومنهم
ملا علي القاري
في "شرح الشفاء"
(1/215).
ومنهم
ابن عراق في"تنزيه الشريعة"
(1/67)
وذكر القول ببطلانه.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 05:30 PM
الوقفة الثالثة:
في النظر في متن الحديث ودرايته.
إن الثابت أن الدعاء الذي به قبل الله توبة آدم
هو ما قاله الله في سورة الأعراف:
{ قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا
وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا
لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
[ الأعراف: 23 ].
فهذه هي الكلمات
التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه.
كما قال تعالى:
{ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ
كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ
إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }
[ البقرة: 37].
قال ابن كثير الحافظ في "تفسيره"
(1/116):
( روي هذا عن مجاهد،
وسعيد بن جبير،
وأبي العالية،
والربيع بن أنس،
والحسن،
وقتادة،
ومحمد بن كعب القرظي،
وخالد بن معدان،
وعطاء الخراساني
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم)
اهـ.
عشرة من أهل العلم فسرها بآية الأعراف،
ومنهم عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
راوي الحديث المنكر في توسل آدم.
وهذا مما يزيد في توهين روايته
الحديث المنكر الواهي
وهنا على وهن،
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 05:34 PM
ولم يذكر أن أحداً من الصحابة
أو التابعين
أو تابعيهم
فسر الكلمات بتوسل آدم بالنبي
محمد صلى الله عليه وسلم،
بطريق صحيحة ولا ضعيفة،
إلا أن تكون واهية موضوعة
ولعل قصة مغفرة ذنب آدم
بتوسله بمحمد صلى الله عليه وسلم
تلقاها جهلة المسلمين
من أهل الكتاب
في عيسى عليه السلام،
فأرادوا إثبات فضيلة لنبينا
محمد صلى الله عليه وسلم
فقالوا ما قالوا.
أبو فراس السليماني
2014-07-31, 05:38 PM
نقل الشهرستاني
في كتابه"الملل والنحل"
(1/524)
عن عقائد النصارى قولهم:
(والمسيح عليه السلام درجته فوق ذلك،
لأنه الابن الوحيد،
فلا نظير له،
ولا قياس له إلى غيره من الأنبياء.
وهو الذي به غفرت زلة آدم.
عليه السلام ) اهـ.
فهذا من اعتقاد النصارى،
فنافسهم جهلة المسلمين
في ذلك.
أبو فراس السليماني
2014-08-01, 07:52 PM
قال (ص47):
بعد سياق حديث لما اقترف...
واستشهاد ابن تيمية به.
قال:
(فهذا يدل على أن الحديث عند ابن تيمية
صالح للاستشهاد والاعتبار
لأن الموضوع أو الباطل
لا يستشهد به عند المحدثين) الخ..
أقول:
بل إن شيخ الإسلام ذكر الحديث
في "الرد على البكري"
في أوله وحكم عليه بالوضع
وأنه أشبه
بحكايات بني إسرائيل
قال (ص6):
(هذا الحديث وأمثاله
لا يحتج به في إثبات حكم شرعي
لم يسبقه أحد من الأئمة إليه
وإثبات عبادة لم يقلها
أحد من الصحابة
ولا التابعين وتابعيهم
إلا من هو أجهل الناس
بطرق الأحكام الشرعية،
وأضلهم في المسالك الدينية،
فإن هذا الحديث لم ينقله أحد
عن النبي صلى الله عليه وسلم
لا بإسناد حسن
ولا صحيح،
بل ولا ضعيف يُستأنس به
و يعتضد به ).
أبو فراس السليماني
2014-08-01, 07:58 PM
وشيخ الإسلام ذكر في غير موضع
أن الحديث موضوع،
ولكنه لما كان فيما نقل الكاتب
طرفا منه في كلام مع أهل وحدة الوجود
ذكر هذين الحديثين بأسانيدهما
على خلاف عادته
فهو لا يذكر إسناداً إلا نادراً
وإنما ساق الأسانيد
ليعلم حالهما من طالعهما،
وعادة العلماء أن من ساق إسنادا
فقد أدى عهدته،
والحكم عليه بعد ذلك بوضع أو غيره
إنما يكون إذا أراد الرد
على من يعتمده في لفظ من ألفاظه.
ولهذا تجد
حفاظ الحديث
كأبي نعيم والخطيب ونحوهما،
والبيهقي أحيانا
يذكرون من الأحاديث الموضوعة
أو شديدة الضعف
ما يعرفه أهل النظر،
واُعتذر عنهم
بأنهم يسوقون الأسانيد
ومن ساق الإسناد فقد ذكر عواره أو ظلامه
إن كان فيه عوار أو ظلمة.
أبو فراس السليماني
2014-08-01, 10:46 PM
قال (ص50):
( وفي الحديث
التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم
قبل أن يتشرف العالم بوجوده فيه،
وأن المدار في صحة التوسل
على أن يكون للمتوسَل به القدر الرفيع عند ربه عز وجل
وأنه لا يشترط كونه حيا في دار الدنيا) اهـ.
أقول:
لم يكتف الكاتب بتصحيح حديث موضوع
بل استخرج للحكم الوارد فيه علة
ثم عدى العلة بالقياس إلى غير محل الحكم
وإلى غير زمان الحكم.
أبو فراس السليماني
2014-08-01, 10:51 PM
وتوضيح هذا:
أن في الحديث توسل آدم بالنبي صلى الله عليه وسلم
قبل وجوده،
أي قبل حياته،
أي: وهو فاقد الحياة،
ولا معنى لتوسله بمن كان كذلك
إلا جوازه في الحياة،
وقبلها وبعدها.
كذا استنتاج الهوى
وقياس الردى.
ثم إن تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم
عند هذا الكاتب بالتوسل
لا معنى له
حيث قاس كل من كان له عند الله القدر الرفيع
على النبي،
بجامع النبوة،
أو الولاية،
أو الكرامة.
أبو فراس السليماني
2014-08-01, 10:58 PM
وهذا هو عين احتجاج أصحاب القبور
المفتونين بعبادتها من دون الله،
عدوا بالقياس دعاء الميت والطلب منه
على طلب الدعاء من الحي،
وجادلوا في ذلك،
فلما ظنوا أنه ثبت لهم ما زعموه
في حق النبي صلى الله عليه وسلم
قالوا:
لا معنى لاختصاص
النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالدعاء
أو الاستشفاع
أو نحوه من العبادات،
بل يعدى جواز هذا الفعل إلى غيره
صلى الله عليه وسلم
بجامع النبوة إن كان نبيا
أو الكرامة.
أو كما قال هذا القائل هنا:
( المدار في صحة التوسل
على أن يكون للمتوسَل به القدر الرفيع
عند ربه عز وجل )،
وهذا تمهيد وتقعيد لمسائل
لم يفصح عنها في هذا الموضع.
أبو فراس السليماني
2014-08-01, 11:03 PM
فانظر هذا التجرؤ على أحكام الشرع:
تصحح الموضوعات،
وقياس فاسد
لم يقل به عالم قط
منذ بعث محمد صلى الله عليه وسلم
إلى انتهاء القرون الثلاثة الأولى
حتى ظهرت القرامطة الباطنية،
وأتباعهم (إخوان الصفا)
وهم جماعة مشهورة
ظهروا في أول القرن الرابع،
وهم الذين جلبوا هذا الذي تبناه الكاتب
وقبله أخذه أهل الضلالة،
فانظر ما قاله إخوان الصفا
وكيف شرعوا هذا الدين
الذي لم يعرفه المسلمون في المئات الثلاث،
فسبحان
من صير القلوب إلى قلبين.
أبو فراس السليماني
2014-08-01, 11:14 PM
جاء في الرسالة 42
من رسائل "إخوان الصفا" (4/21).
قولهم:
( اعلم يا أخي أن من الناس من يتقرب إلى الله
بأنبيائه ورسله وبأئمتهم وأوصيائهم
أو بأولياء الله وعباده الصالحين،
أو بملائكة الله المقربين
والتعظيم لهم ومساجدهم
والاقتداء بهم وبأفعالهم
والعمل بوصاياهم وسننهم على ذلك
بحسب ما يمكنهم ويتأتى لهم
ويتحقق في نفوسهم ويؤدي إليه اجتهادهم.
فأما من يعرف الله حق معرفته
فهو لا يتوسل إليه بأحد غيره،
وهذه مرتبة أهل المعارف الذين هم أولياء الله.
وأما من قصر فهمه ومعرفته وحقيقته
فليس له طريق إلى الله تعالى إلا بأنبيائه.
ومن قصر فهمه معرفته فليس له طريق إلى الله تعالى
إلا بالأئمة من خلفائهم وأوصيائهم وعباده.
فإن قصر فهمه ومعرفته بهم
فليس له طريق إلا اتباع آثارهم والعمل بوصاياهـم
والتعلق بسننهم والذهاب إلى مساجدهم ومشاهدهم
والدعاء والصلاة والصيام والاستغفار،
وطلب الغفران والرحمة عند قبورهم
وعند تماثيلهم المصورة على أشكالهم،
لتذكار آياتهم وتعرف أحوالهم
من الأصنام والأوثان
وما يشاكل ذلك
طلبا للقُربة إلى الله
والزلفى لديه.
ثم اعلم!
أنه على كل حال من يعبد شيئا من الأشياء
ويتقرب إلى الله تعالى بأحد
فهو أصلح حالا
ممن لا يدين شيئا
ولا يتقرب إلى الله البتة ).اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-01, 11:21 PM
هكذا أدخل إخوان الصفا الباطنيون
الشركَ في المسلمين،
فانتشر في الجهال انتشارا،
واشتعل فيهم اشتعال اللهب في يابس الشجر،
فقام جماعات من العلماء ينكرون هذا،
وكان أول أمره غير متضحة غايته،
ولا مستبين سبيله،
لأن المسلمين
لم يكن
دين الأصنام فيهم ،
أبو فراس السليماني
2014-08-01, 11:27 PM
ثم استبان الشأن،
وانكشف الغطاء
فأنكره العلماء في القرن الرابع والخامس،
ومنهم ابن عقيل الحنبلي، فقال:
( لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام
عدلوا عن أوضاع الشرع
إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم،
فسهلت عليهم
إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم.
وهم عندي كفار لهذه الأوضاع،
مثل تعظيم القبور،
وخطاب الموتى بالحوائج
وكتب الرقاع
فيها يا مولاي افعل بي كذا وكذا،
وإلقاء الخرق على الشجر
اقتداء بمن عَبَدَ اللات والعزى ).
أبو فراس السليماني
2014-08-01, 11:50 PM
فهذا الشرك الأكبر
أصله وسببه هذا القياس الفاسد الباطل
الذي قاله صاحب المفاهيم،
باب التوسل بالذوات
الذي لا نقول بأنه شرك
بل هو بدعة من الطرق والوسائل
لهذا الشرك الأكبر
وكل ما كان وسيلة إلى الكفر والشرك
فهو ممنوع
يجب سد بابه
وإغلاقه
ووصده
وتتريبه
حتى لا يُفتح مرة أخرى.
ومن في قلبه
حب لله وللإسلام
الذي جاء به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم
ليغار ويشتد غضباً
أن يعود شرك الجاهلية،
الذي أزالته
بعثة حبيبنا
محمد صلى الله عليه وسلم.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 10:11 AM
وعقد المؤلف فصلاً (ص51)
عنونه بـ:
توسل اليهود به صلى الله عليه وسلم.
وساق فيه أن ابن عباس قال:
( كانت يهود خيبر تقاتل غطفان
فلما التقوا هزمت يهود،
فدعت يهود بهذا الدعاء،
وقالوا إنا نسألك بحق النبي الأمي
الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان
أن تنصرنا عليهم...)
"تفسير القرطبي"
(2/ 26- 27) ) اهـ.
وأقول:
إن المؤلف أغرب كثيرا
في الاستدلال بفعل اليهود الذي نقله،
فمن حيث الرواية:
فإن قول ابن عباس ذكره الكاتب
غير مخرج ولم يذكر من صحح إسناده
لأنه لم يجد من صححه
وقدأخرجه الحاكم في "المستدرك"
(2/263)،
والبيهقي في"دلائل النبوة"
(2/ 76)
من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة
عن أبيه عن جده عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس من كلامه.
وقال الحاكم بعد ذكره الحديث:
(أدت الضرورة إلى إخراجه في التفسير وهو غريب) اهـ،
قال الذهبي في "تلخيصه":
(قلت: لا ضرورة في ذلك،
فعبد الملك متروك هالك) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 10:15 AM
وذكر السيوطي في "الدر المنثور"
أن إسناده ضعيف،
وهو لا يقول ضعيف
إلا إذا لم يكن
في الإسناد حيلة يصحح بها.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 10:25 AM
والحاكم قد ذكر عبد الملك في "المدخل"
(1/170)
وقال:
(روى عن أبيه أحاديث موضوعة)
وعبد الملك هذا كذبه
ابن معين وابن حبان والجوزجاني وغيرهم،
وهو الذي وضع حديثا لفظه:
(أربعة أبواب من أبواب الجنة مفتحة:
الإسكندرية وعسقلان
وقزوين وعبادان،
وفضل جُدّة على هؤلاء
كفضل بيت الله على سائر البيوت).
كذب صريح،
ويروج ما يرويه جهلة المسلمين،
ممن لا يغارون على كلام رسول الله
صلى الله عليه وسلم،
والقوم لهم ولع بالكذوبات،
وإعراض عن الصحاح.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 10:33 AM
قال شيخ الإسلام في "التوسل والوسيلة"
1/299-30
"مجموع الفتاوى" :
( قوله تعالى:
{ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا }
[البقرة: 89]
إنما نزلت باتفاق أهل التفسير والسير
في اليهود المجاورين للمدينة أولا،
كبني قينقاع وقريظة والنظير،
وهم الذين كانوا يحالفون الأوس والخزرج
وهم الذين عاهدهم النبي صلى الله عليه وسلم
لما قدم المدينة
ثم لما نقضوا العهد حاربهم...
فكيف يقال:
نزلت في يهود خيبر وغطفان؟
فإن هذا من كذاب جاهل
لا يحسن كيف يكذب.
ومما يبين ذلك
أنه ذكر فيه انتصار اليهود على غطفان
لما دعوا بهذا الدعاء،
وهذا مما لم ينقله أحد
غير هذا الكذاب )
انتهى.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 10:50 AM
إذا ظهر هذا وانجلى
فالرواية الثابتة الصحيحة
ما أخرجه ابن جرير
(2/333 ط.شاكر)،
وأبو نعيم في "الدلائل"
(1/ من الأصل)
والبيهقي في "الدلائل"
(2/75)
كلهم من طريق ابن إسحاق في "سيرته"
(ص63رواية يونس بن بكير)
قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال:
حدثني أشياخ منا قالوا:
لم يكن أحد من العرب أعلم بشأن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
منا:
كان معنا يهود،
وكانوا أهل كتاب وكنا أصحاب وثن
وكنا إذا بلغنا منهم ما يكرهون قالوا:
إن نبيا مبعوثا الآن قد أظل زمانه
نتبعه فنقتلكم قتل عاد وإرم،
فلما بعث الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم
اتبعناه وكفروا به،
ففينا وفيهم أنزل الله عز وجل:
{ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا }
[ البقرة: 89]
وهذا إسناد جليل،
فإن الأشياخ هؤلاء صحابة
أدركوا الأمر وعلموه
فما أجل هذا وأحسنه!.
وقد جاءت أخبار كثيرة في هذا المعنى
عن ابن عباس وغيره،
تركتها اجتزاء بما صح،
وحذر الملال بسرد الطوال.
فاللهم! ألهم وعلِّم.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 10:57 AM
ذكر الكاتب (ص52)
حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه
في توسل الضرير
بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم
في حياته.
أقول:
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في "مسنده"
(4/138)،
والترمذي في "جامعه"
(5/569)،
والنسائي في "عمل اليوم والليلة"
(417-418)،
وابن ماجه في "سننه"
(1385)،
والطبراني في "المعجم الكبير"
(9/19)
والحاكم في"المستدرك"
(1/313 و519)
وغيرهم.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 11:03 AM
قال أحمد:
ثنا عثمان بن عمر ثنا شعبة عن أبي جعفر
قال سمعت غمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف به.
ثم رواه أحمد قال:
ثنا روح قال:
حدثنا شعبة عن أبي جعفر المديني به.
ثم رواه أحمد قال:
ثنا مؤمل قال: حدثنا حماد- يعني ابن سلمة-
قال: حدثنا أبو جعفر الخطمي به.
قال النسائي في "عمل اليوم والليلة":
خالفهما هشام الدستوائي وروح بن القاسم فقالا:
عن أبي جعفر عمير بن يزيد بن خراشة
عن أبي أمامة بن سهل عن عثمان بن حنيف.
وهذا الاختلاف علة،
قد يرد بها بعض المحدثين الحديث،
وهي موضع تأمل.
وإسناد رواية شعبة وحماد حسن لابأس به،
فإن أبا جعفر هو الخطمي المدني
كما ثبت في روايات أحمد وغيره،
وهو عمير بن يزيد الأنصاري الخطمي المدني،
قال الحافظ في"التقريب":
(صدوق).
ورأى طائفة من أهل العلم ضعف الحديث،
لأن أبا جعفر فيه كلام،
وبعضهم ضعف الإسناد
لأجل عدم التثبت أن أبا جعفر هو الخطمي،
معتمدين على نفي الترمذي
أن يكون هو الخطمي.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 11:09 AM
هذا،
ولا حُجة في الحديث
على ما ادعاه
مجيزوا التوسل بالذوات والجاه ونحوها،
لأنه جارٍ على أصول الشريعة
في باب التوسل،
وهو التوسل بدعاء النبي
صلى الله عليه وسلم في حياته،
وهو معنى الشفاعة،
فمدلول الحديث
التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم
والتوجه بدعائه في حياته،
وهذا مما ثبتت به السنة
في أمور غير هذا الحديث،
فأثبته أهل السنة والحديث،
ولا مراء في هذا،
ولا استشكال في معنى الحديث.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 11:25 AM
ومن ظن أن الحديث
فيه توسل بالذات
فيلزمه تساؤل،
وهو أن يقال:
كيف يخفى هذا الدعاء
الذي فيه توسل بالذات
على عميان ومكفوفي الصحابة
فلم يستعملوه في حياته ولا بعد مماته،
ولا من بعدهم،
والناس حريصون على جوارحهم وحواسهم ؟
نعلم من هذا الإلزام
أن الحديث إنما فيه التوسل بدعاء
النبي صلى الله عليه وسلم،
لا بذاته،
وهذا مقطوع به جزما،
فيبقى الحديث خاصا بهذا الأعمى وحده
ومعجزة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم،
والحمد لله
الموفق للصالحات.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 11:32 AM
ثم قال الكاتب:
(وليس هذا خاصاً بحياته صلى الله عليه وسلم
بل قد استعمل بعض الصحابة
هذه الصيغة من التوسل
بعد وفاته صلى الله عليه وسلم).
واستدل له بتعليم عثمان بن حنيف
رجلا له حاجه عند عثمان
أن يدعو فيقول:
(اللهم إني أسألك
وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم
نبي الرحمة
يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك
فيقضي حاجتي،
وتذكر حاجتك..) ففعله.
فقضى عثمان حاجته.
هذا مختصر ما رواه الطبراني.
قال:
(هذه القصة صححها الحافظ الطبراني
والحافظ أبو عبد الله المقدسي).
أقول:
هنا بدأ صاحب المفاهيم
وشرع في تعميته الحقائق،
وكَفْره النقول الصادقة،
وأخذه في التمويه
على غير المتتبعين لمقالاته.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 11:37 AM
فقال:
هذه القصة صححها الحافظ الطبراني...
وما صححها الطبراني وحاشاه،
ولو نقلت ما قاله صدقا وأمانة
لما لبست على المطالع لكلامك،
إذ الثقة فيمن ينتسب إلى العلم
تعمي كثيرين عن تتبع نقوله
وهل يصدق فيها ولا يحرِّف
أم الشأن استغلال الثقة
في نشر وترويج غير الحق ؟
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 12:10 PM
قال الطبراني في "الصغير"
(1/184):
( لم يروه عن روح بن القاسم
إلا شبيب بن سعيد أبو سعيد المكي- وهو ثقة-
وهو الذي يحدث عنه ابنه ( 1 ) أحمد بن شبيب
عن أبيه عن يونس بن يزيد الأيلي.
وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي
واسمه عمير بن يزيد- وهو ثقة-
تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة
والحديث صحيح ) اهـ.
فبهذا النقل اتضح أن تصحيح الطبراني للحديث السابق
وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم،
ولكن القصة لم يعترض لها الطبراني
بتصحيح ولا غيره،
بل قال: (لم يروه... الخ)
وهو يُشعر بضعف القصة عنده،
وهو الحق.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ): تحرفت مطبوعة "المعجم الصغير" في هذه الجملة،
والتصويب من "مجمع البحرين" للهيثمي
(1/101/1) نسخة أحمد الثالث بتركيا.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 12:16 PM
وبيان هذا
أن القصة رواها الطبراني في "الصغير" و"الكبير"
(9/17-18)
من طريق شيخه طاهر بن عيسى بن قيرس المصري التميمي،
حدثنا أصبغ بن الفرج حدثنا عبد الله بن وهب
عن شبيب بن سعيدالمكي عن روح بن القاسم
عن أبي جعفر الخطمي المدني به.
وهذا الإسناد آفته
رواية عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد
وهي منكرة عند أهل الحديث
لم أر بينهم اختلافا في ذلك.
قال ابن عدي في"الكامل في ضعفاء الرجال"
(4/1347)
( حدث عنه ابن وهب
بأحاديث مناكير)،
ثم قال:
(ولعل شبيب بمصر في تجارته إليها
كتب عنه ابن وهب من حفظه
فيغلط ويهم،
وأرجو أنه لا يتعمد شبيب
هذا الكذب ) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 12:21 PM
والقصة مدارها على هذا الإسناد،
فالمتن منكر،
ولا خير في منكر.
ثم مما يدلل على هذه النكارة
أن الحديث رواه الحاكم
(1/526-527)
وابن السني في "عمل اليوم والليلة"
(ص170ط الهند)
من طريق أحمد بن شبيب بن سعيد قال:
ثنا أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المدني
وهو الخطمي
عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف
عن عمه عثمان بن حنيف قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وجاءه رجل
فذكر الحديث دون القصة.
وهذا الرواية أصح،
لأنها من روايات أحمد بن شبيب عن أبيه
قال الحافظ في "التقريب"
في ترجمة شبيب:
( لا بأس بحديثه من روايات ابنه أحمد عنه
لا من رواية ابن وهب ) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 12:28 PM
فأحمد بن شبيب وهو الراوي المختص بأبيه
لم يذكر القصة عن أبيه
وهي من نفس الطريق
التي رواها ابن وهب عن شبيب
فدل تفرد ابن وهب عن شبيب
على نكارتها
ودلت مخالفة رواية ابن وهب عن شبيب
- وهي منكرة -
لرواية أحمد بن شبيب عن أبيه
دل ذلك
على شدة نكارتها وبطلانها،
وأنها يمكن أن تكون مكذوبة.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 12:33 PM
إذا تبين هذا
فالقصة إما مكذوبة
أو منكرة
للأمور التي ذكرنا،
وهي حجة كافية ناصعة بيضاء
لمن أراد الله تبصرته،
ومن يضلل الله فماله من هاد.
والعجب من صاحب المفاهيم
كيف يكون حبه للمنكرات والواهيات
أشد من حبه لما صح من حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم،
وكان حقه صلى الله عليه وسلم
نفي الكذب عنه،
وترك الواهيات المنسوبة له،
لا نشرها وترويجها.
أبو فراس السليماني
2014-08-02, 12:41 PM
وفي الإسناد شيخ الطبراني طاهر بن عيسى،
وهو مجهول لا يعرف بالعدالة،
ذكره الذهبي
ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً،
فهو مجهول الحال،
لا يجوز الاحتجاج بخبره
لاسيما فيما يخالف
نصوص الكتاب والسنة.
قاله الشيخ سليمان بن عبد الله
في "تيسير العزيز الحميد"
(ص212 ط الأولى).
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 08:46 AM
قال (ص54):
( إن عثمان بن حنيف "علَّم من شكا إليه
إبطاء الخليفة عن قضاء حاجته
هذا الدعاء الذي فيه:
التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
والنداء له،
مستغيثا به
بعد وفاته
صلى الله عليه وسلم ) اهـ.
أقول:
هذه ثالثة الأثافي،
وقاصمة الظهر،
أنستنا ما قبلها من التوسل البدعي،
فإذا الشأن في النداء للموتى
والاستغاثة بهم،
فما كنت أظن أن يبلغ صاحب المفاهيم
هذا المبلغ من الهوى
حتى رأيت رَقْمَه ببنانه،
وقوله بلسانه،
فلا حول ولا قوة إلا بالله،
ويا مقلب القلوب
ثبِّت قلوبنا على طاعتك.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 08:57 AM
وهذا القول فاسد
مناهض لدين الإسلام،
موافق لما عليه أهل الجاهلية
من الاستغاثة بالأنبياء والصالحين
وندائهم لكشف الملمات
ورفع المدلهمات،
أفما يقرأ هؤلاء القرآن،
ويسمعون قول سلف الأمة من الصالحين ؟
أفما قرؤوا قوله تعالى:
{ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ
فَلا يَمْلِكُونَ
كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ
وَلا تَحْوِيلاً *
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ
أَيُّهُمْ أَقْرَبُ
وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ
وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }
[ الاسراء: 56-57 ].
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 09:07 AM
ففي هذه الآية
إنكار عام
على كل من دعا من دون الله شيئا،
جنيا أو نبيا
فكلمة { الَّذِينَ}
في الآية اسم موصول،
والأسماء الموصولة من صيغ العموم
عند الأصوليين والنحويين
كما هو مقرر في هذين العلمين.
فقوله: { الَّذِينَ}
يعم كل من دُعي من دونه تعالى
في كشف الضر
أو تحويله،
فعمَّتْ الأنبياء والصالحين
وغيرهم من الملائكة والجن
فدعاء هؤلاء لا يجوز،
فإنه دين الجاهلية والمشركين
وصور هذا الدعاء كثيرة
فمنها
النداء للموتى أنبياء أو غيرهم
كما هو ظاهر من الآية،
ومنها
الاستغاثة.
فالأنبياء والصالحون بعد مماتهم
لا يملكون لأنفسهم
ضرا ولا نفعا،
فكيف يملكون لغيرهم.
فهذه الآية
تظهر دين المشركين وتبينه
فما لهؤلاء يعودون إلى دين المشركين.
ما لهم يدَعون دين الرسل المتيقن،
ويرضون بدين الجاهلية الباطل ؟!.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 09:17 AM
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن
(ص24)
من رده على ابن جرجيس:
( وقال تعالى:
{ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً
وَهُمْ يُخْلَقُونَ*
أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ
وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }
[ النحل: 21 ]،
وليست هذه الآية في الأصنام
كما يزعمه من لم يتدبر،
لأن{ وَالَّذِينَ }
لا يُخبر به إلا عن العقلاء،
ولأن الأصنام من الأخشاب والأحجار
لا يحلها الموت،
فإنها لم تحلها الحياة حتى يحلها الموت،
ولأنها لا تبعث يوم القيامة
بعث الإنسان ليجزى بما كسبت يداه،
ولا يُعقل منها شعور بهذا البعث
حتى ينفيه الله عنها،
وقد قال تعالى:
{ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }
[ النحل: 21 ]،
فهذه الآية
فيمن يموت ويُبعث،
كما لا يخفى على من تدبرها،
وتأمل قوله تعالى:
{ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }
وهذا إنما يُستعمل فيمن يعقل
كما لا يخفى على من له معرفة باللغة العربية،
فالحمد لله
على ظهور الحجة
وبيان المحجة ).
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 09:24 AM
عودٌ إلى استدلاله الفاسد
بقول المكروب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم:
( يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي )
وأي دليل في هذا
بعد معرفة بطلان الحديث ونكارته ؟!
أفيُحتج بالمنكرات والأباطيل ؟!
إنه لعجب عجيب
وأمر غريب
واستدلال مريب،
فنتنزل معهم في المناظرة بالكلام
على معنى هذا اللفظ
فأقول:
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 09:29 AM
أولاً:
أيكون قولك وقول المسلمين في "التشهد":
(السلام عليك أيها النبي...)
نداء للنبي بعد مماته ؟
أينادي المسلمون النبي في كل صلاة،
أم أن لفظ النداء هنا
لاستحضار منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم؛
ليكون أمكن في القلب
لما يجب في حقه من تعزيره وتوقيره ونصرته ؟
فما استدل واحد
من العلماء المهتدين بالتشهد
على دعوى جواز مناداة النبي بعد موته،
وهذا إجماع لا خلاف فيه.
وهذا الأثر- مع نكارته الشديدة-
من هذا الباب
إنما يكون لاستحضار ما قلنا
في لفظ المصلي في التشهد،
وهو التفات،
والالتفات له مقتضيات معلومة
في فنون المعاني والبيان،
وأقول هذا تنزلا في المجادلة،
وإلا فما ينبغي ابتداءً،
والمناسب هنا ما ذكرنا آنفاً.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 09:38 AM
ثانياً:
غاية ما في هذا الأثر
المنكر الضعيف
أنه توجه بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء،
فأين هذا من دعاء الميت ؟!
فإن التوجه بالمخلوقات سؤال به لا سؤال منه،
وكل أحد يفرِّق
بين سؤال الشخص وبين السؤال به،
فإنه في السؤال به قد أخلص الدعاء لله،
ولكن توجه إلى الله بذاته،
وأما في سؤاله نفسه
ما لا يقدر عليه إلا الله،
فيكون قد جعله شريك الله
في عبادة الدعاء،
فليس في حديث الأعمى
وحديث ابن حنيف هذا
إلا إخلاص الدعاء لله
كما هو صريح فيه،
إلا قوله
يا محمد إني أتوجه بك،
وهذا ليس فيه المخاطبة للميت
فيما لا يقدر عليه،
إنما فيه مخاطبته مستحضراً له في ذهنه
كما يقول المصلي:
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ( 1 )
كما أوضحته في الوجه الأول.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ): "تيسير العزيزالحميد" (ص212).
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 09:46 AM
ثالثاً:
أيكون هذا الدعاء
الذي تفرج به الكروب،
وتزول به الشدائد المهلكات،
وتحصل به المنجيات
خفياً على الأمة،
فلم يستعملوه
حين أصابتهم الشدة والضيق ؟!
قحط المسلمون في زمن عمر
فتوجهوا بالعباس أي - بدعائه -
والرسول صلى الله عليه وسلم
ميت عندهم،
وأصاب المسلمين فتن في زمن عثمان وعلي،
وبعده محن وأمور لا يعلم شدتها إلا الله
فلِمَ لَمْ يستعملوه ؟!
أين زعمكم
يا أرباب الحِجاج!
وأصحاب الفهوم ؟!!
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 12:35 PM
قوله (ص54):
(ولما ظن الرجل أن حاجته قضيت
بسبب كلام عثمان مع الخليفة
بادر ابن حنيف بنفي ذلك الظن،
وحدثه بالحديث الذي سمعه وشهده،
ليثبت له أن حاجته إنما قضيت
بتوسله به صلى الله عليه وسلم،
وندائه له
واستغاثته به) اهـ.
أقول:
هذا افتراء على صحابي جليل
شهد بدراً وما بعدها،
وقول بالظن،
والظن أكذب الحديث،
وجراءة ما بعدها جراءة.
وقد قدم كلامه هذا بمقدمة فيها:
أن القصة صحيحة
صححها الطبراني والمقدسي،
ونقل تصحيحهم لها المنذري والهيثمي وغيرهم،
وهذا هوى ظاهر
إذ أن كلام الطبراني كما سبق نقله بحروفه،
إنما هو في تصحيح الحديث أي: المرفوع،
ولم يقل: (القصة صحيحة)،
بل قال: (الحديث صحيح)،
وليت شعري!
أما اقشعر بدن كاتب المفاهيم
وهو يفتري هذه الافتراءات،
وينقل ويكذب في النقل،
{ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ }
[ النحل: 105 ]،
ولا شك أن افتراء كهذا
على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعلى حفاظ المسلمين وأئمتهم
تشق قراءته
وتشق رؤيته.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 05:32 PM
قال (ص68) معنونا:
(التوسل به في المرض والشدائد).
عن الهيثم بن [حنش] ( 1 ) قال:
كنا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
فخدرت رجله،
فقال له رجل:
اذكر أحب الناس إليك.
فقال: يا محمد!
فكأنما نشط من عقال.
وعن مجاهد قال: خدرت رِجْلُ رَجُلٍ
عند ابن عباس رضي الله عنهما
فقال له ابن عباس:
اذكر أحب الناس إليك.
فقال: محمد صلى الله عليه وسلم فذهب خدره،
ثم قال:
فهذا توسل في صورة النداء) اهـ.
أقول:
الكلام هنا في أمرين:
الأول:
الرواية:
فالخبر الأول أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"
(رقم170)،
قال: حدثنا محمد بن خالد بن محمد البرذعي قال:
ثنا حاجب بن سليمان قال:
ثنا محمد بن مصعب،
قال: ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الهيثم بن حنش به.
وهذا إسنادٌ ضعيف جداً،
فيه عِللٌ كثيرة:
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ): وحُرف اسم الراوي في "المفاهيم" إلى خنس، فصححته.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 05:40 PM
منها:
أن محمد بن مصعب القرقساني ضعيف عندهم،
قال ابن معين:
لم يكن من أصحاب الحديث،
كان مغفلا.
وقال النسائي:
ضعيف
ومثله عن أبي حاتم الرازي.
وقال ابن حبان:
(يقلب الأسانيد،
ويرفع المراسيل
لا يجوز الاحتجاج به ).
وقال الإسماعيلي:
محمد بن مصعب من الضعفاء.
وقال الخطيب:
كان كثير الغلط؛
لتحديثه من حفظه.
وقال أحمد:
ليس به بأس،
ونحوه عن ابن عدي.
ووثقه ابن قانع،
وابن قانع من المتساهلين.
فمن هذا يتضح ضعْفُه
كما ذهب إليه أئمة أهل العلم.
وأما قول أحمد:
ليس به بأس،
يعني في نفسه،
فهو صدوق في نفسه،
ولكنه ضعيف الحديث.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 05:44 PM
ومنها:
أن الهيثم بن حنش
مجهول العين،
قال الخطيب
في "الكفاية فيعلوم الرواية"
(ص88):
( المجهول عند أصحاب الحديث
هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه،
ولا عرفه العلماء به،
ومن لم يُعرف حديثه إلا من جهة راوٍ واحد،
مثل عمرو ذي مر،
وجبار الطائي،
وعبد الله بن أغر الهمداني،
والهيثم بن حنش...
هؤلاء كلهم لم يرو عنهم
غير أبي اسحاق السبيعي ) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 05:47 PM
ومنها:
أن أبا إسحاق السبيعي مدلس،
وقد عنعنه
عن هذا المجهول.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 05:51 PM
ومنها:
أن أبا إسحاق قد اختلط،
ومما يدل على تخليطه في هذا الحديث
أنه رواه تارة عن أبي شعبة
(أو أبي سعيد)،
وتارة عن عبد الرحمن بن سعد.
وهذا اضطراب
يُرَدُّ به الحديث.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 05:56 PM
وأمثل ما روي في هذا الباب وأصحه
على تدليس أبي إسحاق فيه،
ما رواه البخاري في "الأدب المفرد"
(964)
قال:
حدثنا أبو نعيم قال:
حدثنا سفيان عن أبي إسحاق
عن عبد الرحمن بن سعد قال:
( خدرت رِجْلُ ابن عمر،
فقال له رجل:
أذكر أحب الناس إليك فقال محمد ).
وهذه الرواية أصح ما روي،
وأفادت فوائد:
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 05:59 PM
الأولى:
قول ابن عمر: محمد،
بدون حرف النداء،
والشائع عند العرب
- كما سيأتي-
استعمال "يا النداء" في تذكر الحبيب؛
ليكون أكثر استحضاراً في ذهن الخادرة رجله،
فتنطلق.
وابن عمر عدل عن الاستعمال الشائع إلى غيره؛
لما في الشائع
من ا لمحذور.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 06:04 PM
الثانية:
أن تذكره للنبي صلى الله عليه وسلم،
وأنه أحبّ الناس إليه
هو الحق؛
لأنه لا يؤمن أحد
حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم
أحبَّ إليه
من والده
وولده
والناس أجمعين؛
بل ومن نفسه
التي بين جنبيه.
وهذا ما نعقد عليه قلوبنا،
بهداية ربنا.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 06:08 PM
الثالثة:
أن سفيان من الحفاظ الأثبات،
فنقله خبر أبي إسحاق
بهذا اللفظ
يدل على أنه هو المحفوظ،
وسواه
غلط مردود.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 06:19 PM
وأما الخبر الثاني:
فأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"
(169)،
وفي إسناده:
غياث بن إبراهيم كذبوه.
قال ابن معين:
كذاب خبيث.
ولفظه في تذكره (محمداً)
مجردٌ من حرف النداء،
فلا حجة فيه،
والكلام فيه
على نحو ما مر في قول ابن عمر.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 06:31 PM
الأمر الثاني:
في الدراية:
يقال لهذا المستدل:
غاية ما ذكرته
أن فيه ذكرا للمحبوب،
لا طلب حاجة منه
أو به أن يُزال ما به،
ولا أن يكون واسطة
لإزالة خدر الرجل،
وليس فيه توسلٌ،
وإلا لكان لازماً أن من ذكر محبوبه
فقد استغاث به
وتوسل به في إزالة شدته،
وهذا من أبطل الباطل،
وأمحل المحال.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 06:40 PM
فما قوله
إذا ذكر الكافرُ حبيبه
فزال خدَرُ رجله
وانتشرت بعد قَيْد وخدور ؟
أفيكون توسل به ؟!
ويكون من يزيل الأمراض والأخدار
- سبحانه وتعالى -
قد قَبِلَ هذه الوسيلة ؟!
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 06:44 PM
وهذا الدواء-التجريبي- للخَدَر
كان معروفاً عند الجاهليين
قبل الإسلام جُرَّب فنفع،
وليس فيه إلا ذكر المحبوب،
وقيل في تفسير ذلك:
إن ذكره لمحبوبه يجعل الحرارة الغريزية
تتحرك في بدنه،
فيجري الدم في عروقه،
فتتحرك أعصاب الرِجل،
فيذهب الخَدَر.
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 06:53 PM
وجاءت الأشعار بهذا كثيرا
في الجاهلية والإسلام:
فمنها:
قول الشاعر:
صبُّ محبُّ إذا ما رِجْلُه خَدَرت
نادى (كُبَيْشَةَ) حتى يذهب الخَدَر
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 06:56 PM
وقولُ الآخر:
على أنَّ رجلي لا يَزَالُ امْذِلُها
مقيماً بها حتى أُجيْلَكِ في فكري
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 06:58 PM
وقال كُثَيَّر:
إذا مَذَلَتْ رجلي ذكرتُكِ اشتفي
بدعواك من مَذْلٍ بها فيهونُ
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 07:00 PM
وقال جميلُ بثينةَ:
وأنتِ لعَيْنِيْ قُرَّةٌ حين نَلْتَقِيْ
وذِكْرُكِ يَشفِيْني إذا خَدَرتْ رجلي
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 07:02 PM
وقالت امرأة:
إذا خدرت رجلي دعوتُ ابنَ مُصْعبٍ
فإنْ قلتُ: عبدَاللهِ أجْلَى فتورَها
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 07:05 PM
وقال الموصلي:
واللهِ ما خَدَرَتْ رجلي وما عَثَرَتْ
إلا ذكرتُكِ حتى يَذْهبَ الخدَرُ
أبو فراس السليماني
2014-08-04, 07:10 PM
وقال الوليد بن يزيد:
أثيبي هائماً كَلِفاً مُعَنَّى
إذا خَدَرتْ له رجْلٌ دَعاكِ ( 1 )
وغير ذلك من الأشعار،
أفيقال:
إن هؤلاء توسلوا بمن يحبونه،
من نساءٍ وغلمان،
وأُجيب سؤلهم،
وقُبلت وسيلتهم ؟!!
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ): "بلوغ الأرب" (2/320-321).
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 05:28 PM
وقال (ص68) معنونا:
(التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم).
ونقل أحاديث
من "مجمع الزوائد" للهيثمي
(10/ 132).
والهيثمي الحافظ بَوَّب لهذه الأحاديث بقوله:
(باب ما يقول إذا انفلتت دابته،
أو أراد غوثا أو أضل شيئا)
ساقه ضمن أبواب أدعية السفر.
وفِقْهُ الهيثمي في هذا التبويب ظاهر،
وأما من بوب
بـ (التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم)
فليس بفقيه في النصوص،
وسأبين هذا.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 05:35 PM
استدل صاحب المفاهيم
تحت هذه الترجمة بأحاديث:
قال:
(عن عتبة بن غزوان
عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:
( إذا أضل أحدكم شيئا
أو أراد عونا وهو بأرض ليس بها أنيس
فليقل يا عباد الله أعينوني،
فإن لله عبادا لا نراهم.
وقد جرب ذلك
( ... رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم
إلا أن يزيد بن علي لم يدرك عتبة )
انتهى كلامه.
والكلام عليه من أوجه:
الأول:
ما وقع في نقله من التحريفات،
فمنها
أنه جعل قوله: (وقد جرب ذلك)
من كلام رسول الله،
إذ أدخله بين الحاصرتين
وهو ليس من كلامه،
إنما من قول بعض الرواة المتأخرين
كما سيأتي.
ومنها:
أن (يزيد) محرَّفه
وصوابها زيد بن على،
كما هو في معجم الطبراني.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 05:40 PM
الثاني:
الحديث رواه الطبراني في "معجمه الكبير"
(17/117)،
من طريق أحمد بن يحيى الصوفي
ثنا عبد الرحمن بن شريك ( 1 )
حدثني أبي عن عبد الله بن عيسى
عن زيد بن علي عن عتبة بن غزوان مرفوعاً.
قال الحافظ ابن حجر
في "نتائج الأفكار":
( أخرجه الطبراني
بسند منقطع ) اهـ.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ):هكذا في نسختي المصورة عن مكتبة أحمد الثالث (9/27/1)،
وقد تحرفت في المطبوعة إلى عبد الرحمن بن سهل.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 05:43 PM
ويقال:
ومع الانقطاع
ففي إسناده كلام
من وجهين:
1 - عبد الرحمن بن شريك:
قال أبو حاتم:
واهي الحديث،
وذكره ابن حبان في الثقات،
وقال:
ربما أخطأ،
ذكر ذلك ابن حجر في "تهذيب التهذيب"،
ولم يذكر سوى هذين القولين.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 05:47 PM
2 - شريك والد عبد الرحمن
هو ابن عبد الله النخعي القاضى المشهور،
قال الحافظ في "التقريب":
(صدوق،
يخطئ كثيراً،
تغير حفظه منذ ولي قضاء الكوفة،
وكان عادلاً فاضلاً عابداً،
شديداً على أهل البدع ) اهـ.
فاجتمع في هذا الإسناد
ثلاثُ آفات:
الانقطاع،
وضعف عبد الرحمن،
وضعف شريك.
فالإسناد ضعيف بيقين.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 05:57 PM
وقال:
(وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( إن لله ملائكة [ في الأرض ]،
سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر،
فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة
فليناد: أعينوني يا عباد الله! ).
رواه الطبراني ورجاله ثقات.
اهـ نقله عن "مجمع الزوائد".
أقول:
وفي نسخة من "مجمع الزوائد" رواه البزار،
ولعله أصوب،
فإن أثر ابن عباس أخرجه البزار
في "البحر الزخار"
وذكره الهيثمي في "كشف الأستار"
(4/33-34)،
قال البزار:
(حدثنا موسى بن إسحاق ثنا منجاب بن الحارث
ثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد
عن أبان بن صالح عن مجاهد
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:
فذكره.
قال البزار:
(لا نعلمه يُروى
عن النبي صلى الله عليه وسلم
بهذا اللفظ
إلا بهذا الإسناد) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 06:00 PM
وفي هذا الإسناد نظر:
1 - أسامة بن زيد هو الليثي المدني.
عدَّلَه بعضهم وجرح حديثه آخرون،
قال أحمد بن حنبل:
ليس بشيء رواها الأثرم عنه.
وقال عبد الله بن أحمد لأبيه:
أراه حسن الحديث،
فقال:
إن تدبرت حديثه فستعرف فيه النكرة،
وكان يحيى بن سعيد يضعفه.
وقال أبو حاتم:
يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال النسائي:
ليس بالقوي.
وقال البرقي:
هو ممن يضعف،
وقال: قال لي يحيى:
أنكروا عليه أحاديث.
هذه حكاية أقوال بعض من تكلموا فيه.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 06:04 PM
وممن وثقه:
ابن معين في رواية أبي يعلى،
وكذا نحوه في رواية عباس.
وفي رواية الدارمي عن ابن معين:
ليس به بأس.
وتبع ابن معين ابنُ عدي فقال:
ليس بحديثه بأس.
ووثقه ابن شاهين،
وابن حبان وزاد: (يخطئ)،
ومن تدبر هذه الأقوال
علم أن ما تفرد به حقه الرد،
فإن توبع قُبل،
ومن أحاديثه التي تفرد بها
حديث ابن عباس.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 06:09 PM
2 - حاتم بن إسماعيل الراوي عن أسامة بن زيد
قال فيه الحافظ:
( صحيح الكتاب صدوق يهم ) اهـ.
قال الشيخ ناصر الألباني:
(خالفه جعفر بن عون فقال:
ثنا أسامة بن زيد…
فذكره موقوفا على ابن عباس.
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"
(2/455/1)،
وجعفر بن عون أوثق من حاتم بن إسماعيل
فإنهما وإن كانا من رجال الشيخين،
فالأول منهما لم يجرح بشيء،
بخلاف الآخر،
فقد قال فيه النسائي:
ليس بالقوي،
وقال غيره:
فيه غفلة.
ولذلك قال فيه الحافظ:
صحيح الكتاب صدوق يهم.
وقال في جعفر: (صدوق).
ولذلك فالحديث عندي
معلول بالمخالفة ) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 06:14 PM
3 - تفرد أسامة به،
وقد تقدم أن تفرد ضعيف الحفظ
يعد منكراً،
إذا لم تؤيده أصول صريحة صحيحة.
وقال الحافظ ابن حجر:
( هذا حديث حسن الإسناد،
غريب جدا ) اهـ
من "شرح ابن علان للأذكار"
(5/151)،
ومن المعلوم أن حُسن إسناده
لا يدل على حسن الحديث دائماً.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 06:18 PM
والحديث على ضعفه
من أبواب الأذكار
لا يدل على ما يدعيه المبطلة
من سؤال الموتى ونحوهم،
بل إنه صريح في أن من يخاطبه ضال الطريق
هم الملائكة،
وهم يسمعون مخاطبته لهم،
ويقدرون على الإجابة بإذن ربهم؛
لأنهم أحياء ممكنون من دلالة الضال،
فهم عباد لله، أحياء يسمعون،
ويجيبون بما أقدرهم عليه ربهم،
وهو إرشاد ضالي الطريق في الفلاة،
ومن استدل بهذه الآثار
على نداءِ شخص معين باسمه
فقد كذب
على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولم يلاحظ ويتدبر
كلام النبي صلى الله عليه وسلم،
وذاك سيما
أهل الأهواء.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 06:31 PM
إذا تبين هذا
فالأثر من الأذكار
التي قد يتساهل في العمل بها مع ضعفها؛
لأنها جارية على الأصول الشرعية،
ولم تخالف النصوص القرآنية،
والأحاديث النبوية،
ثم هو مخصوص
بما ورد به الدليل؛
لأن هذا مما لا يجوز فيه القياس
لأن العقائد مبناها على التوقيف.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 06:38 PM
ولهذا روى عبد الله بن أحمد في "المسائل"
(ص245)
عن أبيه قال:
(ضللت الطريق في حجة وكنت ماشياً،
فجعلت أقول: يا عباد الله!
دلونا على الطريق،
فلم أزل أقول ذلك
حتى وقعت على الطريق).
فما بَوّبَ به صاحب المفاهيم هذا الحديث وأشباهه
بقوله:
(التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم)
هو من عدم تدبر الأحاديث وفهمهما
كما فهمها أئمة العلماء،
فلم يقل عالم من المتقدمين
إنها دليل في التوسل
بغير النبي صلى الله عليه وسلم،
كيف
وقد أجمعوا على منعه.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 07:53 PM
وقال ناقلاً عن "مجمع الزوائد"
وعن عبد الله بن مسعود أنه قال:
قال رسول صلى الله عليه وسلم:
( إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة:
فليناد ياعباد الله! احبسوا،
فإن لله حاضراً في الأرض سيحبسه ).
رواه أبو يعلى والطبراني،
وزاد: ( سيحبسه عليكم )
وفيه معروف بن حسان وهو ضعيف اهـ.
أقول:
الحديث في "المعجم الكبير"
(10/267)
حدثنا إبراهيم بن نائلة،
و"مسند أبي يعلي"
(2/244)،
وفي "عمل اليوم والليلة" لابن السني
(ص136)
من طريق أبي يعلى،
كلاهما قال:
حدثنا الحسن بن عمر بن شفيق
حدثنا معروف بن حسان (أبو معاذ) السمرقندي
عن سعيد بن أبى عروبة عن عبد الله بن بريدة
عن عبد الله بن مسعود به مرفوعاً.
وهذا
إسناد ضعيف
لأمور:
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 07:57 PM
1 - معروف بن حسان:
قال أبو حاتم:
(مجهول)،
وقال ابن عدي:
(منكر الحديث)،
قلت:
هو الراوي عن ابن أبي ذئب
عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً:
( من ربى شجرة حتى نبتت
كان له كأجر قائم الليل
صائم النهار )،
وهو حديث موضوع،
رواه الكنجروذي في "الكنجروذيات" .
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 08:03 PM
2 - سعيد ابن أبي عروبة:
اختلط،
قال النسائي:
من سمع منه بعد الاختلاط فليس بشيء.
ومعروف بن حسان من الصغار،
ولم يسمع منه قبل الاختلاط إلا الكبار،
وسمع منه قبل استحكام اختلاطه جماعة،
وسمع منه بعد استحكام الاختلاط كثير.
وكان بدأ اختلاطه سنة 132هـ،
واستحكم 148هـ،
أفاده البزار.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 08:11 PM
3 - تدليس سعيد بن أبي عروبة:
قال الحافظ
(كثير التدليس).
وروى هذا الحديث معنعناً
عن ابن بريدة
فلا يقبل.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 08:16 PM
4 - قال الحافظ في "نتائج الأفكار":
(حديث غريب
أخرجه ابن السني وأخرجه الطبراني،
وفي السند انقطاع
بين ابن بريدة وابن مسعود) اهـ.
فهذه علة رابعة،
أفادها الحافظ
وهي الانقطاع.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 08:20 PM
5 -روى ابن أبي شيبة في "المصنف"
(10/424- 425):
حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق
عن أبان بن صالح
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: فذكره.
وهذا الإسناد معضل،
وتدليس ابن إسحاق مشهور،
فهذه علل تِلْوَ علل،
ليس لها دواء من التلف،
وإسناده مطروح.
ولهذا كله لم يصَحَّحْ أو يحسن هذا الحديث
أحدٌ ممن له معرفة
أو مشاركة في علم الحديث،
بل إما مضعف،
أو ناقل تضعيف غيره.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 08:25 PM
وبعد:
فقول صاحب المفاهيم
(ص69):
(فهذا توسل في صورة النداء)
من الدعاوي العريضة
لغةً وشرعاً.
فأما اللغة:
فلا يُعرف أن من صور التوسل النداء،
بل النداء دعاء وطلب مباشر،
لمنادى حاضر يسمع ويجيب،
والتوسل جعل القُرَب
سببا لقبول الدعاء.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 08:28 PM
وأما الشرع:
فالأحاديث ضعيفة،
والأول والثالث شديدا الضعف،
والثاني: والذي فيه ذكر الملائكة
ضعيف وغريب جداً،
ولا دلالة فيه
على المدعى وهو التوسل،
إذ هذا نداء
حي يقدر على إجابته.
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 08:34 PM
وما أحسن ما روى الهروي
في "ذم الكلام"
(4/68/1):
(أن عبد الله بن المبارك
ضلَّ في بعض أسفاره في طريق،
وكان قد بلغه:
أن من اضطر في مفازة فنادى:
عباد الله!
أعينوني أُعين.
قال: فجعلتُ أطلب الجزء أنظر إسناده ).
قال الهروي:
فلم يستجز
أن يدعو بدعاء
لا يرى إسناده ) ( 1 ) اهـ.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ):"سلسلة الأحاديث الضعيفة" (2/109).
أبو فراس السليماني
2014-08-05, 08:39 PM
فهذه طريق السلف،
وأتباعهم
البحث في الأسانيد،
وصنيع بعض الخلف وأتباعهم
الفرح بكل ما يؤيد رأيهم
ولو بالموضوعات
المكذوبات،
ولا يغارون
على سنة المصطفى
محمد صلى الله عليه وسلم.
أبو فراس السليماني
2014-08-06, 11:13 AM
وقال (ص69):
(وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يقول بعد ركعتي الفجر:
( اللهم رب جبرائيل وإسرافيل وميكائيل
ومحمد صلى الله عليه وسلم
أعوذ بك من النار ).
ثم قال:
(وتخصيص هؤلاء بالذكر في معنى التوسل بهم،
فكأنه يقول: اللهم!
إني أسألك وأتوسل إليك بجبريل.. الخ.
وقد أشار ابن علان إلى هذا في الشرح)
انتهى كلامه.
أقول:
في ما قاله تعليل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وتحليل لما في نفسه صلى الله عليه وسلم،
وإلا فما أدراه عما في قلبه صلى الله عليه وسلم
حتى يقول: (كأنه يقول)،
هذا تجرؤ عظيم على مقام الرسالة.
ثم أيَّد تجرأه بنسبته ذلك إلي ابن علان
في "شرح الأذكار"
(2/141)،
وما قاله ابن علان
ولا أشار إليه،
ولكنه تحريف وتبديل،
وصنيع مذموم رديء.
أبو فراس السليماني
2014-08-06, 11:21 AM
فهاكَ ما قاله ابن علان
في "شرح الأذكار"
قال:
( إنما خصهم بالذكر
- وإن كان تعالى ربُّ كل شيء -
لما تقرر في القرآن والسنة من نظائره
من الإضافة إلى كل عظيم المرتبة
وكبير الشأن،
دون ما يستحقر ويستصغر )،
ثم قال:
( فالتوسل إلى الله سبحانه
بربوبية الله لهذه الأرواح العظيمة
الموكلة بالحياة
له تأثير عظيم
في حصول الحاجات
ووصول المهمات) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-06, 11:26 AM
وهو كلام جيد من ابن علان،
فالتوسل بربوبية الله
لهذه الأرواح
لا بالأرواح،
وهو توسل بصفةٍ من صفات الله العلى،
وهذا التوسل
مما يحبه الله ويرضاه،
واختاره رسوله وانتقاه.
فجرِّد المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم،
وذرِ الخائضين ذوي الـمَين والـحَين،
محبي إفساد ذات البَين.
أبو فراس السليماني
2014-08-06, 11:40 AM
وعقد صاحب المفاهيم (ص69) عنوانا،
قال فيه معنونا:
(معنى توسل عمر بالعباس).
قَلَبَ فيه ما قاله العلماء في معنى هذا التوسل،
وأنه توسل بالدعاء؛
لأن العباس يملكه.
فقال عجباً،
فاسمعه:
( من فهم من كلام أمير المؤمنين
أنه إنما توسل بالعباس
ولم يتوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم،
لأن العباس حي والنبي ميت:
فقد مات فهمه،
وغلب عليه وهمه،
ونادى على نفسه بحالة ظاهرة،
أو عصبية لرأيه قاهره.
فإن عمر لم يتوسل بالعباس
إلا لقرابته من رسول صلى الله عليه وسلم..).
أقول:
ما أعجب هذا
وأسهل صده ورده،
وإنما أُتيَ كاتبه من أمرين:
الأول:
شهوةٌ خفية
تُرى خلل أسطر قوله، وأحرفه.
أبو فراس السليماني
2014-08-06, 11:49 AM
الثاني:
قلة التتبع والفقه
لمعنى الاستسقاء بالصالحين وتاريخه،
فقد صح أن معاوية بن أبي سفيان
- رضي الله عنه -
استسقى بـ (يزيد بن الأسود).
قال الحافظ العَلَم يعقوب بن سفيان
في كتابه "المعرفة والتاريخ"
(2/380- 381):
حدثنا أبو اليمان
قال حدثنا صفوان عن سليم بن عامر الخبائري:
أن السماء قحطت،
فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون،
فلما قعد معاوية على المنبر قال:
أين يزيد بن الأسود الجرشي؟
فناداه الناس.
فأقبل يتخطى الناس فأمره معاوية فصعد المنبر،
فقعد عند رجليه،
فقال معاوية: اللهم!
إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا،
اللهم! إنا نستشفع إليك
بيزيد بن الأسود الجرشي،
يا يزيد!
ارفع يديك إلى الله،
فرفع يزيد يديه،
ورفع الناس أيديهم.
فما كان أوشك أن فارت سحابة في الغرب
كأنها تُرْس،
وهبت لها ريح،
فسُقينا
حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم.
أبو فراس السليماني
2014-08-06, 11:56 AM
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات
(7/444)،
وأبو زرعة في "تاريخ دمشق "
(1/602)
وإسناده مسلسل بالثقات الكبار،
فهو في غاية الصحة.
فهذا معاوية الصحابي - رضى الله عنه -
فهم من الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم
حال حياته
أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لهم.
وفهم من فعل عمر بالعباس،
أن يدعو العباس لهم،
وسار على هذا الفهم،
فاستسقى واستشفع بيزيد يدعو لهم،
وأي قرابة ليزيد
من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
ولا شك أن قرابته مع صلاحه
سبب لقبول دعائه،
أما مجرد القرابة من غير صلاح
فلم تُفِدْ
عمه أبا لهب ونحوه.
أبو فراس السليماني
2014-08-06, 12:17 PM
إنما هو السبب الأعظم،
والحبل الأكرم،
اتباع النبي صلى الله عليه وسلم
فنحن على
فهم الصحابة
مقتفون ومتبعون،
ولمُجانِب سنة الخليفة الراشد
والصحابة من بعده
مجانبون،
ولفهم أهل الأهواء
رادون ناقضون،
والحمد لله رب العالمين.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:28 PM
قال (ص65) معنوناً:
(توسل النبي صلى الله عليه وسلم بحقه
وحق الأنبياء والصالحين).
ثم استدل بحديث قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاطمةَ بنت أسد أم علي
- رضى الله عنه - وفيه:
( اغفر لأمي فاطمة بنت أسد،
ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها،
بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي ).
قال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"،
وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف،
وبقية رجاله رجال الصحيح
[كذا بـ"مجمع الزوائد" (ج9 ص 257]
رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير"بسند جيد.
ورواه ابن حبان والحاكم وصححوه عن أنس.
ورواه ابن أبي شيبة عن جابر.
وابن عبد البر عن ابن عباس.
واختلف بعضهم في روح بن صلاح أحد رواته،
ولكن ابن حبان ذكره في الثقات
وقال الحاكم: ثقة مأمون،
وكلا الحافظين صحح الحديث.
وهكذا الهيثمي في "مجمع الزوائد"
ورجاله رجال الصحيح،
ورواه كذلك ابن عبد البر عن ابن عباس،
وابن أبي شيبة عن جابر،
وأخرجه الديلمي وأبو نعيم،
فطرقه يشد بعضها بعضا بقوة وتحقيق). اهـ.
هذا كلام صاحب المفاهيم بحروفه
أطلت الكتاب بنقله
ليتبين لمن طالع كلامه أمور:
الأول:
قلة معرفته
بالتخريج وأصوله.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:30 PM
الثاني:
تناقضه في حديث واحد
وفي أسطر متقاربة في مواضع:
منها:
أنه نقل عن الهيثمي أول كلامه
ما يفيد ضعف الحديث،
ثم قال في آخره: صححه الهيثمي.
فكيف يزعم أنه صححه
وإنما قال عن روح:
(وفيه ضعف)،
قاله بعد سياق من وثقه مستدركاً عليهم.
ثم قوله: (رجاله رجال الصحيح)،
إنما تفيد لو كانوا كلهم رجال الصحيح
أن رواته ثقات،
ولا دخل للحكم على الإسناد بالصحة
فكيف بتصحيح الحديث ؟!
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:31 PM
ومنها:
أنه قال: بسند جيد،
ثم ذكر صحته من الطريق نفسها
التي قال إن إسنادها جيد.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:31 PM
ومنها:
قوله
وأخرجه الديلمي وأبو نعيم،
وإنما أخرجاه من طريق روح؛
ليلبس وليوهم كثرة الطرق.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:32 PM
الثالث:
تكراره لرواية ابن أبي شيبة وابن عبد البر مرتين
وما أدري ِلـمَ ؟!
ولكن يريد تطويلاً.
وعبارته في هذا الحديث مختلة
مضطربة
متكررة العبارات،
ليست بمستقيمة
كما هو ظاهر لمن قرأها
فضلاً عمن تأملها،
فكيف لم ينبه عليها
الذين قرَّضوا كتابه ؟!
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:33 PM
تخريج الحديث:
حديث أنس المذكور:
أخرجه الطبراني في "الأوسط "
(1/152-153)،
وفي "المعجم الكبير"
(24/352)،
وأبو نعيم في "الحلية"
(3/121)،
من طريق روح بن صلاح
حدثنا سفيان الثوري عن عاصم الأحول عن أنس.
وفي هذا الإسناد روح بن صلاح:
ضعفه الدار قطني،
قال الذهبي:
الدارقطني لا يضعف إلا من لا طِبّ فيه. اهـ.
نقله عنه المناوي في "فيض القدير"
(1/28).
وضعفه ابن عدي،
وابن ماكولا
وقال:
(ضعفوه)،
وقال ابن يونس في "تاريخ الغرباء":
رويت عنه مناكير.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:33 PM
أما توثيق ابن حبان
فعلى قاعدته في توثيق المجاهيل،
وقد ترجم روحاً في "الثقات" فقال:
( روح بن صلاح من أهل مصر،
يروي عن يحيى بن أيوب وأهل بلده ).
(روى عنه محمد بن إبراهيم البوشنجي وأهل مصر) اهـ
(2/132/2)
من ترتيب الهيثمي
نسخة دار الكتب).
فهذا ظاهر أنه مجهول،
فلا يتكثر بتوثيق ابن حبان،
والحاكم تلميذ ابن حبان
فلعلّه استقى توثيقه منه،
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:34 PM
ومن كان ضعيفاً فلا يُقبل حديثه،
فكيف إذا تفرَّد به ؟!
فإن هذا الحديث لم يروه أحدٌ
من أصحاب سفيان الثوري مطلقا
ولذا قال الطبراني في "الأوسط "
ونقله عنه أبونعيم في "الحلية":
(تفرَّد به روح بن صلاح)،
ومعلوم أن الضعيف
إذا تفرَّد بحديث
صار منكراً
كما قاله الذهبي في "الميزان"
في ترجمة ابن المديني،
وسبقت الإشارة إلى ذلك.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:35 PM
قوله:
(رواه ابن حبان والحاكم وصححوه عن أنس).
لم يذكر هذا التخريج الحفاظ الجهابذة،
ابن حجر في "الإصابة"
ولا السيوطي في "الجامع الكبير"،
وذكر كل ما فيه المتقي الهندي
في "كنز العمال" في موضعين
ولم يذكر هذا المخرج.
وكأن المؤلف اغترَّ بالكوثري
فهو الذي عزا هذا العزو في "مقالاته"
(ص391)
وحاله في التلبيس والتحريف
تُعلم من "التنكيل"
للعلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:35 PM
أما قول الكاتب:
(ورواه كذلك ابن عبد البر عن ابن عباس)،
فهذا تدليس شديد،
وتلبيس عتيد،
فرواية ابن عباس ليس فيها
توسل النبي صلى الله عليه وسلم
بحقه وحق الأنبياء،
فهذه اللفظة ليست في رواية ابن عباس
فلماذا يُلبِّس صاحب المفاهيم
على المطالعين لكتبه،
أيريد إثبات أمر
لم يثبت
ولم يُروَ،
إن إيراد الشواهد في باب
معناه عند العلماء أن الشاهد يدل على ما ترجم به،
وهذا لا يوجد في كلام صاحب المفاهيم،
فكأن له قصدا يستخفي به،
ويتدسس لإثباته.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:36 PM
وإليك ما قاله ابن عبد البر في"الاستيعاب"
(4/1891)،
قال:
(روى سعدان بن الوليد السابري
عن عطاء بن أبي رباح
عن ابن عباس قال:
لما ماتت فاطمة أم علي بن أبي طالب
ألبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه
واضطجع معها في قبرها،
فقالوا: ما رأيناك صنعت ما صنعت بهذه.
فقال: إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبر بي منها،
إنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة
واضطجعت معها ليهون عليها) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:37 PM
فأفادنا هذا التوثيق
عوار ما قاله صاحب المفاهيم
مُلبساً تلبيسين:
الأول:
قوله (رواه)،
وأنت ترى أن ابن عبد البر لم يروه،
وإنما حكى أن سعدان بن الوليد رواه
وفرق بعيد بين الحالين.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:37 PM
الثاني:
أن الشاهد في التوسل بحق النبي والأنبياء
ليس له ذكر في خبر ابن عباس،
فتحفَّظ مما يمليه
هؤلاء المبطلة،
وكن حذراً.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:38 PM
وقال صاحب المفاهيم
(ص66-67):
(قال الحافظ أبو بكر البيهقي:
أخبرنا أبو نصر بن قتادة وأبو بكر الفارسي قالا:
حدثنا أبو عمر بن مطر حدثنا إبراهيم بن علي الذهلي
حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش
عن أبي صالح عن مالك قال:
أصاب الناس قحط في زمن عمر بن الخطاب،
فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله!
استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا.
فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال:
( ائت عمر فأقرئه مني السلام وأخبرهم أنهم مسقون،
وقل له: عليك بالكيس الكيس ).
فأتى الرجل فأخبر عمر فقال:
يا رب!
لا آلوا إلاما عجزت عنه.
وهذا إسناد صحيح
[كذا قال الحافظ ابن كثير في "البداية"
(جـ 7 -ص91)( 1 )
في حوادث عام ثمانية عشر].
اهـ .كلام صاحب المفاهيم.
أقول:
الكلام هنا في مبحثين:
الأول:
الحافظ ابن كثير ساق قبل رواية البيهقي رواية سيف،
وفيها أن عمر- رضى الله عنه-
صعد المنبر فقال للناس:
أنشدكم الله الذي هداكم للإسلام
هل رأيتم مني شيئاً تكرهون؟
فقالوا: اللهم لا.
وعم ذلك؟
فأخبرهم بقول المزني وهو بلال بن حارث.
ففطنوا ولم يفطن.
فقالوا:
إنما استبطأك في الاستسقاء فاستسق بنا.
ا هـ المقصود.
وهذه الرواية مبينة أن قول نبي الله لعمر
في رواية سيف:
( عهدي بك وفي العهد شديد العقد
فالكيس الكيس يا عمر )
هو ما فسرها صحابة رسول الله
(ففطنوا ولم يفطن عمر)
كما جاء صريحاً،
وهو إرشاده للإستسقاء.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ): في الأصل (جـ 1) وصوابه (جـ 7)،
وقد تكرر الخطأ في العزو إلى الجزء في (ص77) أيضاً،
وكأنه ليس مطبعياً.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:39 PM
وفي هذا سرّ لطيف
وهو أن قول القائل:
(يا رسول الله!استسق الله لأمتك)
منكر،
جره تباطؤ عمر عن طلب السقيا،
وعدم الفزع إلى المشروع،
يجرُّ إلى وجود غير المشروع،
فلذا قال نبي الله صلى الله عليه وسلم:
( عهدي بك وفي العهد شديد العقد
فالكيس الكيس ).
أقول هذا مع
ضعف الرواية،
لأبين مقصد ابن كثير
حين ساق الروايتين الضعيفتين..
إذا تبين هذا عُلم فضل علم ابن كثير- رحمه الله -
حيث جعل رواية البيهقي هي الثانية،
ورواية سيف المفصَّلة
معنى الكيس هي الأولى،
فتأمل هذا!
وتبين مقاصد الحفاظ
في أحكامهم.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:39 PM
ويقال:
تأخر عمر عن الاستسقاء وهو العبادة المشروعة
التي يحبها الله،
لما فيها من الذل بين يديه،
والانكسار له،
وتوجه القلوب بصدقٍ وإخلاص
نحو ربها لكشف ضرها،
إن تأخر عمر عن الاستغاثة المشروعة
سبب هذا الأمر غير المشروع.
ولذا؛
لم يفعل أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
مثل ما فعل هذا الرجل
الذي جاء إلى قبر نبي الله صلى الله عليه وسلم
وقال ما قال،
وهم إنما سقوا
باستسقائهم،
لا بقول الرجل غير المشروع.
فتنبه لهذا.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:40 PM
الثاني:
أن هذه الرواية التي ساقها الحافظ ابن كثير
من رواية البيهقي في "دلائل النبوة"
فيها علل يعلل بها المحدثون:
الأولى:
عنعنة الأعمش،
وهو مدلس،
والمدلس لا يُقبل من حديثه
إلا ما قال فيه(حدثنا)
و (أخبرنا) ونحوها،
دون (قال) أو (عن)،
إذ احتمال أنه أخذه عن ضعيف
يهي الحديث بذكره،
كما هو معلوم في "مصطلح الحديث"،
مع أن الأعمش في الطبقة الثانية من المدلسين
عند الحافظ وغيره.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:40 PM
الثاني:
مالك الذي في إسناده
والذي هو عمدة الرواية مجهول،
وذكره البخاري وابن أبي حاتم،
ولم يذكرا فيها تعديلاً ولا جرحاً،
فهو مجهول.
والمجهول
لا يُقبل حديثه.
وابن كثير إنما صحح الإسناد على طريقته
في توثيق مجاهيل كبار التابعين
كما يُعلم من تتبع صنيعه في التفسير وغيره.
وإذا كان مجهولاً
فلا علم لنا بتاريخ وفاته.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:41 PM
الثالث:
أن أبا صالح وهو ذكوان الراوي عن مالك
لا يُعلم سماعه ولا إدراكه لمالك،
إذ لم نتبين وفاة مالك،
سيما ورواه بالعنعنة
فهو مظنة انقطاع،
لا تدليس.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:42 PM
الرابعة:
أن تفرد مالك المجهول به
رغم عظم الحادثة وشدة وقعها على الناس
إذ هم في كرب شديد
أسودَّ معه لون عمر بن الخطاب،
إن سبباً يفك هذه الأزمة ويرشد إلى المخرج منها
مما تتداعى همم الصغار فضلاً عن الكبار
لنقله وتناقله،
كما في تناقلهم للمجاعة عام الرمادة،
فإذا لم ينقلوه
مع عظم سبب نقله
دل على أن الأمر لم يكن
كما رواه مالك،
فلعله ظنه ظناً.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:42 PM
ونقل الكاتب (ص67)
قول الحافظ في هذه الرواية:
(وروى ابن أبي شيبة بإسنادٍ صحيح
من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار
(وكان خازن عمر)...)
فساق نحواً من حديث البيهقي.
قال صاحب المفاهيم:
(وقد أورد هذا الحديث ابن حجر العسقلاني
وصحح سنده كما تقدم،
وهو من هو في علمه وفضله
ووزنه بين حفاظ الحديث،
مما لا يحتاج إلى بيان وتفصيل) اهـ.
أقول:
منزلة الحافظ لا مكان للمجادلة فيها
فهو عَلَم أشم في علوم الحديث،
ولكن الشأن في فهم من ينتسب إلى العلم،
ولا يدرك ألفاظ الحافظ ومدلولاتها.
فالحافظ المِدْره الجهْبذ ابن حجر
لم يصحح إسناده مطلقاً
كما زعمه صاحب المفاهيم،
إنما قال:
(بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان
عن مالك الدار...) اهـ
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:43 PM
ومعنى هذا
أن الحافظ صحح سنده
إلى أبي صالح السمان،
وما ذكر من رجال إسناده
لم يقل بصحته
كما هو ظاهر لأهل العلم،
ففرق بين قوله هذا
وبين ما لو قال:
(بإسناد صحيح أن مالك الدار قال...)،
فتبين أن كلام الحافظ هذا
لا يمنع من علتين
سبق تعليلُ الحديث بهما.
الأولى:
جهالة مالك الدار.
الثانية:
مظنة الانقطاع
بين أبي صالح ذكوان وبين مالك الدار،
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:44 PM
إذا تقرر هذا واتضح،
عُلم فضل قول الحافظ ابن حجر
- رحمه الله -
على قول ابن كثير الذي سبق.
ومنه يتبين ضعف الأثر،
ثم قد أوضحت أنه لا حجة في لفظه،
بل ينعكس به الاستدلال
على صاحب المفاهيم،
وذلك إذا سلمت النفوس،
وارتضت قواعد أهل العلم طريقاً
وسبيلاً للوصول للحق،
ومن لم يكن كذلك
فلا يباليه أهل العلم باله،
ولا يأخذون بالوزن مقاله.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:45 PM
رواية سيف في "الفتوح":
قال صاحب المفاهيم (ص67):
(وقد روى سيف في "الفتوح"
أن الذي رأى في المنام المذكور
هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة،
قال ابن حجر: إسناده صحيح. اهـ ]
"فتح الباري"
(ص 415 جـ2[)
انتهى.
أقول:
هذا كذب ظاهر على الحافظ ابن حجر،
فكلامه انتهى عند قوله أحد الصحابة.
أما قوله قال ابن حجر:
إسناده صحيح،
فهو من مفتريات صاحب المفاهيم على الحافظ،
فانظر كيف فعلته،
وسوء صنعته.
وكيف يصحح الحافظ إسناداً
يرويه سيف في "الفتوح" ؟!
والحافظ هو الذي يقول في سيف في كتابه
"تقريب التهذيب":
(ضعيف الحديث)،
ومن قال فيه ذلك
فلا يُقبل حتى في المتابعات
كما هو معلوم من اصطلاحه،
ذكره في مقدمة كتابه،
وسيأتي في المسألة التي تلي هذه
كلام الحفاظ في سيف.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:46 PM
فما لصاحب المفاهيم
وتعمُّد الكذب،
فتعمده الكذب كبيرة،
قال في
"المشرع الروي في مناقب آل أبي علوي"
(1/58):
( إن القبيح من أهل البيت
أقبح منه في غيرهم،
ولهذا قال العباس لابنه عبد الله
- رضى الله عنهما -،
يا بني!
إن الكذب
ليس بأحدٍ أقبح من هذه الأمة
أقبحمنه بي وبك
وبأهل بيتك ) اهـ
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:46 PM
وقال (ص67):
(ذكر الحافظ ابن كثير أن شعار المسلمين
في موقعة اليمامة كان [محمداه]) اهـ.
أقول:
ابن كثير - رحمه الله -
ساق ذلك في ضمن خبر طويل عن الغزوة،
دخل حديث بعض الأخباريين في بعض.
وأما هذا الشعار
فقد روى خبره ابن جرير
في "تاريخ الأمم والملوك"
(3/293)
قال:
(كتب إلي السري عن شعيب عن سيف
عن الضحاك بن يربوع عن أبيه
عن رجل من بني سحيم..)
فذكر قصة وفيها الشعار.
أقول:
هذا إسنادٌ مظلم،
وما عهدت مسائل
العقيدة والتوحيد،
بل ولا غيرها من أحكام الشريعة
تؤخذ من كتب التاريخ،
وإنما تروى قصص التأريخ للعبرة والعظة،
والتصديق بمجموعها،
لا تفاصيلها
ولهذا قال أحمد بن حنبل:
(ثلاثة
ليس لها أصول
وذكر المغازي..)
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:47 PM
وإظلام هذا الإسناد
من ثلاث جهات:
الأولى:
سيف هو ابن عمر مصنف "الفتوح"،
و"الردة"،
يروي عن خلق كثير من المجهولين.
قال الذهبي في "ميزان الاعتدال"
(2/255):
(روى مطيّن عن يحيى:
فَلْس خير منه.
وقال أبو داود:
ليس بشيء.
وقال أبو حاتم:
متروك.
وقال ابن حبان:
اُتهم بالزندقة.
وقال ابن عدي:
عامة حديثه منكر..) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:48 PM
الثانية:
الضحاك بن يربوع:
قال الأزدي:
حديثه ليس بقائم.
قلت:
وهو من المجهولين
الذين تفرَّد بالرواية عنهم سيف.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:49 PM
الثالثة:
جهالة يربوع والرجل السحيمي.
وكل واحدة من هذه العلل والقوادح
تضعف الحديث،
فكيف وهو من رواية سيف بن عمر ؟!
وقد عرفت ما فيه،
نسأل الله العافية.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:50 PM
ولا يُستنكر إيراد ابن جرير
لمثل هذه الحكايات الواهيات،
وتتابع المؤرخين بعده على ذكرها،
فقد قال ابن جرير - رحمه الله -
في مقدمة كتابه
"تاريخ الأمم والملوك"
(1/8) ما نصه:
( فما يكن في كتابي هذا من خبر
ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارؤه،
أو يستشنعه سامعه،
من أجل أنه لم يعرف له وجهاً في الصحة،
ولا معنى في الحقيقة:
فيعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا،
وإنما أُتي من قبل بعض ناقليه إلينا،
وأنا إنما أدينا ذلك
على نحو ما أُديَ إلينا )
انتهى كلامه.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:50 PM
استدل صاحب المفاهيم
- على زعمه -
بجواز التوسل بحق الصالحين
بحديث أبي سعيد الخدري الذي ساقه
(ص 65-66)
ولفظه:
( من خرج من بيته إلى الصلاة
فقال اللهم!إني أسألك بحق السائلين عليك،
وبحق ممشاي هذا
فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً،
ولا رياءً ولا سمعه.. )
الحديث .
أقول:
المؤلف قصَّر في الحكم على الحديث
والنظر في إسناده
على عادته،
فالحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند"
(3/ 21)،
وابن ماجه في "سننه"
(1/256)،
وابن السني في "عمل اليوم والليلة"
(85)،
وأشار ابن خزيمة في "التوحيد"
(ص17)
إلى تخريج الحديث في كتاب آخر،
كلهم عن فُضيل بن مرزوق عن عطية العوفي
عن أبي سعيد الخدري به مرفوعاً.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:51 PM
وهذا إسناد ضعيف لأمور:
1 - فضيل بن مرزوق:
وثقه بعضهم وضعفه آخرون،
وهو ممن عيب على مسلم
- رحمه الله -
إخراج حديثهم في "الصحيح"،
كما قال الحاكم - رحمه الله -،
وأغلظ ابن حبان فقال:
(يروي عن عطية الموضوعات).
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:52 PM
2 - عطية العوفي:
قال الذهبي في "الميزان":
(تابعي شهير، ضعيف...،
وقال أحمد:
ضعيف الحديث..
وقال النسائي وجماعة:
ضعيف) اهـ .
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:53 PM
3 - عطية مدلس مع ضعفه،
وتدليسه عجيب،
قال أحمد:
بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي،
فيأخذ عنه التفسير،
وكان يكنى بأبي سعيد فيقول:
قال أبو سعيد.
انتهى.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:54 PM
4 - وقد أعلَّ الحديث الشيخ ناصر الألباني
في "السلسلة الضعيفة" (1/ 37) بعلة أخرى،
وهي: اضطراب عطية
أو ابن مرزوق في روايته،
حيث إنه رواه تارة مرفوعاً كما تقدم،
وأخرى موقوفاً على أبي سعيد،
كما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"
(12/110/1) عن ابن مرزوق به موقوفاً.
وفي رواية البغوي من طريق الفضيل قال:
أحسبه قد رفعه،
وقال ابن أبي حاتم في "العلل"
(2/184):
موقوف أشبه.
انتهى
وهو كلام متجه؛
لأن المضطربين ضعاف في حديثهم،
فلا يحمل ذلك على غير الاضطراب،
كما هو معلوم من "أصول الحديث".
وقد حسَّن إسناد الحديث الحافظ العراقي
في "تخريج الإحياء الصغير"
(1/323)،
وحسن الحديث الحافظ ابن حجر
فقال في "نتائج الأفكار":
(حديث حسن أخرجه أحمد وابن ماجة
وابن خزيمة في كتاب "التوحيد"
وأبو نعيم الأصبهاني.
قال: وفي "كتاب الصلاة" لأبي نعيم
عن فضيل عن عطية قال:
حدثني أبو سعيد فذكره،
ولكنه لم يرفعه.
فقد أمن بذلك تدليس عطية..)
انتهى.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:54 PM
أقول:
أفاد الحافظ هنا أن تحسينه الحديث
لأجل انتفاء تدليس عطية
وفي هذا نظر من وجهين:
الأول:
أن تدليس عطية ليس هو تدليس الإسناد المعروف
حتى يؤمن بقوله:
حدثني،
بل هو تدليس آخر،
فعطية يقول:
حدثني أبو سعيد،
أو قال أبو سعيد ويعني به الكلبي.
كما أفاد الإمام أحمد
- رحمه الله -.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:55 PM
الثاني:
أن الحافظ ذكر أن الرواية
التي فيها حدثنا أبو سعيد موقوفة،
فلمَ لم يُعلّها بالاضطراب ،
وحقها ذلك ؟!
إذا عُلم هذا النظر،
فقد قال جماعة كثيرون
من الحفاظ
بضعف الحديث:
منهم:
الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري،
في "الترغيب والترهيب"
(3/ 459).
ومنهم:
الحافظ النووي
في "الأذكار"
(ص25).
ومنهم:
شيخ الإسلام ابن تيمية
في "مجموع الفتاوى"
(1/288).
ومنهم:
البوصيري الحافظ
في "زوائد ابن ماجة".
وغيرهم،
ممن أصاب الحق،
فمن تأمل ما ذكر متجرداً منصفاً،
علم أن قول هؤلاء الحفاظ الأكثرين
هو الأصوب،
والله أعلم.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:56 PM
تنبيه:
قال شيخ الإسلام على هذا الحديث
في "مجموع "الفتاوى"
(1/288):
( وهذا الحديث من رواية عطية العوفي
عن أبي سعيد،
وهو ضعيف بإجماع أهل العلم،
وقد روي من طريق آخر( 1 )،
وهو ضعيف أيضاً،
ولفظه لا حجة فيه،
فإن حق السائلين عليه أن يجيبهم،
وحق العابدين أن يثيبهم،
وهو حق أحقه الله تعالى على نفسه الكريمة
بوعده الصادق
باتفاق أهل العلم،
وبإيجابه على نفسه في أحد أقوالهم.
وهذا بمنزلة الثلاثة
الذين سألوه في الغار بأعمالهم )
انتهى.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ): يشير إلى طريق الوازع بن نافع العقيلي
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر عن بلال بنحوه.
قال الحافظ ابن حجر: (هذا حديث واه جداً)،
وقد ذكرت من أخرجه،
وبقية الكلام عليه بأطول مما هنا
في العدد الرابع من مجلة "كلية أصول الدين بالرياض".
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:57 PM
وقال رحمه الله
(1/217):
(ومن قال:
بل للمخلوق على الله حق فهو صحيح
إذا أراد به الحق الذي أخبر الله بوقوعه،
فإن الله صادق لا يخلف الميعاد،
وهو الذي أوجبه على نفسه
بحكمته وفضله ورحمته،
وهذا المستحق لهذا الحق
إذا سأل الله به يسأل الله تعالى
إنجاز وعده،
أو يسأله بالأسباب التي علق الله بها المسببات
كالأعمال الصالحة،
فهذا مناسب.
وأما غير المستحق لهذا الحق
إذا سأله بحق ذلك الشخص
فهو كما لو سأله بجاه ذلك الشخص،
وذلك سؤال بأمر أجنبي عن هذا السائل،
لم يسأله
بسبب يناسب إجابة دعائه ) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-08, 02:57 PM
وقال
(1/214):
(وذلك أن النفوس الجاهلية
تتخيل أن الإنسان بعبادته وعلمه
يصير له على الله حق
من جنس مايصير للمخلوق على المخلوق،
كالذين يخدمون ملوكهم ومُلاَّكهم،
فيجلبون لهم منفعة،
ويدفعون عنه مضرة،
ويبقى أحدهم يتقاضى العوض والمجازاة على ذلك،
ويقول له عند جفاء أو إعراض يراه منه:
ألم أفعل كذا ؟
يمنُّ عليه بما يفعله معه،
وإن لم يقل ذلك بلسانه
كان ذلك في نفسه.
وتخيل مثل هذا
في حق الله تعالى
من جهل الإنسان وظلمه ) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 07:23 AM
قال (ص62) معنوناً:
(التوسل بآثاره صلى الله عليه وسلم):
(ثبت أن الصحابة- رضي الله عنهم -
كانوا يتبركون بآثاره صلى الله عليه وسلم،
وهذا التبرك ليس له إلا معنى واحد
ألا وهو التوسل بآثاره إلى الله تعالى،
لأن التوسل يقع على وجوه كثيرة
لا على وجه واحد،
أفتراهم يتوسلون بآثاره ولا يتوسلون به؟!
هل يصح أن يتوسل بالفرع
ولا يصح بالأصل؟!).
أقول:
لما كان أكثر من يتبع ما يدعو إليه المبتدعة
الجهال الطغام الذين لا يفقهون الفروق اللغوية
ولا الشرعية بين الألفاظ،
لما كان كذلك
سهل على رؤسائهم وسادتهم
أن يتلاعبوا بهم،
وبالألفاظ الشرعية واللغوية
فتلوى أعناقها
وتكسر أيديها
وتعكف أرجلها
لتوافق ما يريدون.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 07:27 AM
وهذه الأسطر التي نقلتها من هذه البابة.
فالصحابة ثبت
أنهم يتبركون بذاته صلى الله عليه وسلم،
وما بأيديهم من آثاره الجسمية
كالشعر والعرق ونحو ذلك،
والتبرك بذاته صلى الله عليه وسلم
مما نقر به ونؤمن به
كما يأتي بيانه،
ولكن أين وجد مؤلف المفاهيم
أن التبرك يسمى توسلاً ؟!
وكيف استجاز أن يخرق أقوال أهل العلم
من الصحابة ومن بعدهم
بتسميته توسلاً،
البركة شيء،
والوسيلة شي آخر ؟!!
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 07:32 AM
ولذا تعلم مجازفة وتعدي صاحب المفاهيم
على صحابة رسول الله
بقوله:
(هذا التبرك ليس له إلا معنى واحد
ألا وهو التوسل بآثاره).
ليٌّ لفعل الصحابة ظاهر،
وكسر لأعناق تصرفاتهم جائر.
وهو يريد تقرير مذهبه،
ولكن بطريق غير علمية،
لا تصلح إلا في الأزمنة الجاهلية،
حيث يتبع الناس ساداتهم
دون بحث ونظر،
وبقي منهم بقية،
ولكن اليقظة العلمية الشرعية
كفيلة برد مزاعمه إليه
ولو من أتباعه.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 07:37 AM
أنس - رضى الله عنه -
كان عنده شعرة يتبرك بها،
فهلا أحضرت لنا نقلاً واحداً
أنه قال مرة:
(أتوسل بشعر رسول الله) ؟!
لن تستطيع
ولو طرت إلى الثريا،
لن يأتي المبتدعة بشيء من هذا،
ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 07:43 AM
إن الصحابة يفرقون
بين التبرك بالأثر المنفصل عن جسمه،
وبين التوسل.
ولكن القوم لايفهمون،
أو يفهمون
وعلى الصحابة يجنون،
والحمد لله
فنحن أهلُ السنة
على طريق الصحابة سائرون،
وبما قالوه قائلون.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 07:51 AM
وقال (ص64):
( وهذا في الحقيقة
ليس إلا توسلاً بآثار أولئك الأنبياء
إذ لا معنى لتقديمهم التابوت
بين أيديهم إلا ذلك،
والله سبحانه راض عن ذلك،
بدليل أنه رده إليهم
وجعله علامة وآية على صحة ملك طالوت،
ولم ينكر عليهم ذلك الفعل ) اهـ.
هذا آخر كلامه في (التوسل بآثار الأنبياء)،
وواضح لأدنى ذي مسكة من علم
ما في كلِمه من عُوَار:
ففيه:
أن تقديمهم التابوت بين أيديهم
مفتقر إلى إثباته
لا أن تجعل مقالات بعض المؤرخين
مما نقله الإخباريون في مجالسهم
مقام النصوص التي يستدل بها،
ويفرع عليها.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 07:59 AM
فلم أسمع أحداً ممن ارتبط بالعلم بسبب
من المتقدمين والمتأخرين
يستدل لحكم شرعي عقدي
بقول مؤرخ.
أسفاً على ما أصله العلماء،
فقد ذهب حين نطق أشباه العلماء،
فإن كانت الإسرائيليات حجة
عند كاتب المفاهيم وأشباهه
كما هو ظاهر من احتجاجهم بها،
فليحتجوا بما رواه أبو نعيم
في "حلية الأولياء" (10/9):
قال يوسف عليه السلام:
(اللهم! إني أتوجه إليك بصلاح آبائي
إبراهيم خليلك
وإسحاق ذبيحك؛
ويعقوب إسرائيلك).
فأوحى الله تعالى إليه:
يا يوسف!
تتوجه بنعمةٍ أنا أنعمتها عليهم ؟
فاحتجوا بهذا
يا أصحاب المفاهيم!
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 08:07 AM
وفيه:
التجني على مقام الربوبية
بقوله:
(والله سبحانه راض عن ذلك)،
فانظر جزمه برضى المولى
على فعل نقله الأخباريون
لا يثبت عند العلماء،
وليس له وزن.
يوصف الله بالرضى عن فعلٍ
لم يقله هو
ولا رسوله،
وإنما قاله المؤرخون.
ياله من تسرع،
وسوء نظر،
وقلة مبالاة،
نسأل الله السلامة،
نسأل الله السلامة،
نسأل الله السلامة،
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 12:33 PM
قال (ص64):
معنونا:
(التوسل بآثار الأنبياء).
ثم ساق قوله تعالى:
{ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ
أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ
تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }
[ البقرة: 248. ]
ونقل عن ابن كثير في "تاريخه"
قول ابن جرير:
(كانوا يُنصرون ببركته
وبما جعل الله فيه من السكينة).
أقول:
كم بين الدعوى والدليل من بَوْن
تنقطع أكباد المهاري البزل عن وصوله،
فالدعوى:
التوسل بآثار الأنبياء،
ودليل هذا عند قائله
قول ابن جرير:
(كانوا يُنصرون ببركته).
ففي هذا افتئات على العلم الشرعي
وجناية من أوجه:
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 12:37 PM
الأول:
أن الآيات ليس فيها إلا
أنهم أنكروا مُلْكَ طالوت،
لكونه ليس من سلالة الملك،
فقال لهم نبيهم إن آية صحة ملكه
أن يأتيكم التابوت
تسكنون لصحة كونه آية،
وفيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون،
تستدلون بهذه البقية على الصحة
دليلاً ثانياً،
والدليل الثالث
أن الملائكة تحمله.
هذا ما دلت عليه الآية.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 12:40 PM
الثاني:
أن كلام ابن جرير وغيره
بحاجة إلى أن يُستدل له
لا أن يُستدل به.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 12:45 PM
الثالث:
هبهم كانوا يتبركون،
فأين الدليل
على أنهم كانوا يتوسلون به ؟!
ومؤلف المفاهيم
لا يُفرق
بين التبرك، والتوسل!
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 12:47 PM
الرابع:
هبه كما زعمت،
فمن أين جزمت
أن ما جاز في شرع من قبلنا
جائز في شرعنا مطلقاً ؟!
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 12:51 PM
الخامس:
من أدلة عدم جواز فعل
ما فعلت بنو إسرائيل
- إن صح -:
ترك النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك،
والتوجيه إليه في سراياه التي بعثها،
وهزم المسلمون فيها،
كغزوة مؤته ونحوها،
أفلا بعث شيئاً من آثاره
كملابسه ونحوها
لينصرون بها ؟!
إن عدم الفعل مع اشتداد الحاجة إليه
دليل على أن ذلك
ليس مشروعاً عندنا.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 12:54 PM
السادس:
وهذا فهم الصحابة
بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم
لم يأخذوا شيئا من آثاره
ليبعثوها مع المجاهدين تبركاً بها،
واستنصاراً بها،
وإنما بعثوا الرجال العاملين المخلصين،
وتفقدوا أمر السنن في حروبهم،
تفقدوا آثار أنبيائهم الآمرة الناهية
لا آثارهم الجسمية،
هذا شأنهم في حروبهم.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 03:04 PM
وقال في(ص66) معنونا:
(التوسل بقبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته)،
وذكر برهانه على هذا العنوان الغريب،
فقال:
قال الإمام الحافظ الدارمي في كتابه "السنن":
باب ما أكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بعد موته.
حدثنا أبو النعمان حدثنا سعيد بن زيد
حدثنا عمرو بن مالك البكري( 1 )
حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال:
قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة فقالت:
أنظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم
فاجعلوا منه كواً إلى السماء
حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف،
قال: ففعلوا. فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل
(تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق،
ومعنى كواً أي: نافذة) اهـ
"سنن الدارمي" (جـ 1 ص43)).
انتهى ما نقله صاحب المفاهيم.
ووضعه (تفتقت من الشحم...) إلخ
بين أقواس من تصرفه،
وإخلاله بالنقل السليم،
فإن اللفظ في "سنن الدارمي"
(1/43) هكذا:
(وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم
فسمي عام الفتق) اهـ .
هذه عبارة "سنن الدارمي"،
فتصرفه مذموم،
وزاد على الأثر قوله:
ومعنى كواً أي نافذة،
وهذه ليست في "سنن الدارمي"
التي نصَّ على النقل عنها.
وهذا الأثر
ضعيف جداً
لا حجة فيه،
لأوجه:
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
( 1 ):هكذا حرَّفها الناقل،
وفي "السنن"النكري، بالنون.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 03:12 PM
الأول:
أن راويه عمرو بن مالك النكري
ضعيف بمرة،
قال ابن عدي في "الكامل"
(5/1799):
(منكر الحديث عن الثقات،
ويسرق الحديث،
سمعت أبايعلى يقول:
عمرو بن مالك النكري:
كان ضعيفاً )،
ثم قال بعد أن ساق أحاديث:
( ولعمرو غير ما ذكرت
أحاديث مناكير ) اهـ،
وقال ابن حبان:
(يخطئ ويُغرب) اهـ.
فعمرو وأمثاله ممن هذه حالهم
كيف يجترأ على الاحتجاج بروايتهم ؟!
أما من غيرة
على سنة رسول الله وشريعته
من سُراق الحديث ؟!
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 03:15 PM
الثاني:
أن سعيد بن زيد الراوي عن عمرو
فيه ضعف،
قال يحيى بن سعيد:
ضعيف،
وقال السعدي:
يضعفون حديثه،
وقال النسائي وغيره:
ليس بالقوي،
وقال أحمد:
ليس به بأس:
كان يحيى بن سعيد لا يستمرؤه،
ساق هذه الأقوال الذهبي في "الميزان".
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 03:32 PM
الثالث:
قال شيخ الإسلام
في "مختصر الرد على البكري"
(ص68-69):
( وما روي عن عائشة
- رضى الله عنها -
من فتح الكوة من قبره إلى السماء لينزل المطر،
فليس بصحيح
ولا يثبت إسناده،
وإنما نُقل ذلك
من هو معروف بالكذب.
ومما يبين كذب هذا
أنه في مدة حياة عائشة
لم يكن للبيت كوة،
بل كان بعضه باقياً
كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
بعضه مسقوف وبعضه مكشوف،
وكانت الشمس تنزل فيه
كما ثبت في "الصحيحين" عن عائشة
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر
والشمس في حجرتها
لم يظهر الفيء بعد.
ولم تزل الحجرة كذلك
حتى زاد الوليد بن عبد الملك
في المسجد في إمارته
لما زاد الحجر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم )
انتهى.
أبو فراس السليماني
2014-08-11, 03:37 PM
وبعد أن تبين وانجلى
نكارة هذه الحكاية
نقلاً وعقلاً،
إسناداً وتأريخاً
يُعلم أن قول صاحب المفاهيم
بعد سياق الأثر:
( فهذا توسل بقبره صلى الله عليه وسلم،
لا من حيث كونه قبراً،
بل من حيث كونه ضم جسد أشرف المخلوقين،
وحبيب رب العالمين،
فتشرف بهذه المجاورة العظيمة،
واستحق بذلك المنقبة الكريمة) اهـ.
مما اعتمد فيه على المنكرات الواهيات،
ولهذا فلا قيمة لكلامه،
ولو بنخالة شعير،
أو وزن قطمير
وهذا ظاهر لكل أحد،
والحمد لله على توفيقه.
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 10:30 PM
وقال صاحب المفاهيم في (ص72)
بعد سياقه قصة العتبي:
(فهذه القصة رواها الإمام النووي في كتابه المعروف بـ"الإيضاح"
في الباب السادس (ص 498).
ورواها أيضا الحافظ عماد الدين ابن كثير في تفسيره الشهير
عند قوله تعالى:
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ...}
[النساء: 64] الآية.
ورواها أيضاً
الشيخ أبو محمد بن قدامه في كتابه "المغني"
(ج 3 ص556).) انتهى.
أقول:
هذه عبارات عامية،
ليست علمية،
ولا تنبئ عن فهم طالب علم،
ذلك أن قوله رواها،...ورواها... إلخ
خطأ محض؛
لأن كلمة رواها
لا تقال إلا لمن ساق القصة بإسناده
بقوله: حدثنا أو أخبرنا
أو نحوها من كلمات التحمل والأداء.
1 - فالنووي لم يروها،
وإنما قال في "المجموع شرح المهذب"
(8/274)
وفي آخر منسكه المعروف بـ " الإيضاح":
(ومن أحسن ما يقول:
ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب
وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له،
قال: كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ...)
انتهى.
فهذا هو قول النووي،
وما هو برواية،
ومن قال إنه رواية:
فإما أن يكون لا فقه له
ولا فهم بمصطلحات العلماء،
وإما أن يكون متشبعاً بما لم يعط،
مُلّبساً،
فهذا لا حيلة فيه.
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 10:35 PM
2 - وابن كثير لم يروها،
وإنما قال في "تفسيره":
(ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ
في كتابه"الشامل" الحكاية المشهورة عن العتبي...)
وما هذه برواية،
وإنما هو نقل.
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 10:39 PM
3 - وابن قدامة في "المغني"
لم يروها،
وإنما حكاها بصيغة التضعيف
(3/557)
فقال: (ويُروى عن العتبي...).
وليست هذه رواية،
إنما نقل بصيغة التمريض
وهي تفيد التضعيف،
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 10:46 PM
ثم المؤلف يعلم
أن قصة العتبي ضعيفة السند واهية،
فهي مردودة غير صحيحة.
ولعلمه بذلك أورد الشبهة
التي لم يبق له مع الضعف إلا هي،
فقال (ص73):
(هذه قصة العتبي،
وهؤلاء الذين نقولها،
وسواءً أكانت صحيحة أم ضعيفة من ناحية السند
الذي يعتمد عليه المحدثون في الحكم على أي خبر،
فإننا نتساءل ونقول:
هل نقل هؤلاء الكفر والضلال؟!
أو نقلوا ما يدعو إلى الوثنية وعبادة القبور؟!...) اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 10:56 PM
أقول:
أولا:
مادام أنها ليست من سنة الرسول
صلى الله عليه وسلم
ولا فعل خلفائه الراشدين،
وصحابه المكرمين،
ولا من فعل التابعين والقرون المفضلة،
وإنما هي مجرد حكاية عن مجهول،
نُقلت بسند ضعيف
فكيفَ يُحتج بها
في عقيدة التوحيد
الذي هو أصل الأصول ؟!
وكيفَ يُحتج بها
وهي تعارض الأحاديث الصحيحة
التي نُهيَ فيها عن الغلو في القبور
والغلو في الصالحين عموماً،
وعن الغلو في قبره
والغلو فيه صلى الله عليه وسلم خصوصاً ؟!
وأما من نقلها من العلماء أو استحسنها
فليسَ ذلك بحجة
تُعارَض بها النصوص الصحيحة
وتُخالَف من أجلها عقيدة السلف،
فقد يخفى على بعض العلماء
ما هو واضح لغيرهم،
وقد يخطئون في نقلهم ورأيهم
وتكون الحجة مع من خالفهم،
وما دمنا قد علمنا طريق الصواب
فلا شأن لنا
بما قاله فلان
أو حكاه فلان،
فليس ديننا مبنياً على الحكايات والمنامات،
وإنما هو مبني على
البراهين الصحيحة.
بوقاسم رفيق
2014-09-04, 10:59 PM
سبحان الله كيف يدلسون على العوام من غير استحياء كم يحس المرء بقيمة العلم إذا رأى مثل هذا
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 11:11 PM
ثانياً:
قد تخفى بعض المسائل والمعاني
على من خلع الأنداد وتبرأ من الشرك وأهله،
كما قال بعض الصحابة:
(اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط)،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[الله أكبر
إنها السنن
قلتم والذي نفسي بيده
ما قاله أصحاب موسى:
{ اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } ].
حديث صحيح.
والحجة في هذا
أن هؤلاء الصحابة وإن كانوا حديثي عهد بكفر
فهم دخلوا في الدين بلا إله إلا الله،
وهي تخلع الأنداد وأصناف الشرك
وتوحد المعبود،
فمع ذلك
ومع معرفة قائليها الحقة بمعنى لا إله إلا الله،
خفي عليهم بعض المسائل من أفرادها.
وإنما الشأن أنه إذا وضح الدليل
وأبينت الحجة
فيجب الرجوع إليها والتزامها،
والجاهل قد يعذر،
كما عذر أولئك الصحابة في قولهم:
اجعل لنا ذات أنواط،
وغيرهم من العلماء
أولى باحتمال أن يخفى عليهم بعض المسائل
ولو في التوحيد والشرك.
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 11:20 PM
ثالثاً:
كيف يتجاسر أحد
أن يعارض نصوص كتاب الله،
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
بقول حكاه حاكٍ مستحسناً له،
والله سبحانه يقول:
{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
[النور: 63]؟!
قال الإمام أحمد:
عجبتُ لقوم عرفوا الإسناد وصحته
يذهبون إلى رأي سفيان،
والله تعالى يقول:
{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ }،
أتدري ما الفتنة؟
الفتنة: الشرك،
لعله إذا ردَّ بعض قوله
أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
رواه عن أحمد الفضل بن زياد، وأبو طالب،
ولعله في كتاب
"طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم"
لأحمد رحمه الله.
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 11:27 PM
فطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم
مقدمة على طاعة كل أحد،
وإن كان خير هذه الأمة أبا بكر وعمر،
كما قال ابن عباس:
يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء
أقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتقولون: قال أبو بكر وعمر.
فكيف لو رأى ابن عباس هؤلاء الناس
الذين يعارضون السنة الثابتة،
والحجة الواضحة
بقول أعرابي في قصة العتبي الضعيفة المنكرة.
إن السنة في قلوب محبيها أعظم وأغلا
من تلك الحجج المتهافتة
التي يدلي بها
صاحب المفاهيم البدعية،
تلك المفاهيم المبنية على المنامات والمنكرات.
فاعجب لهذا،
وجرّد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
وحذارِ ثم حذارِ
من أن ترد الأحاديث الصحيحة،
وتؤمن بالأخبار الباطلة الواهية،
فيوشك بمن فعل ذلك
أن يقع في قلبه فتنة فيهلك.
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 11:34 PM
رابعاً:
ما من عالم إلا ويردّ عليه في مسائل اختارها:
إما عن رأي أو عن ضعف حجة،
وهم معذورون قبل إيضاح المحجة بدلائلها،
ولو تتبع الناس شذوذات المجتهدين ورخصهم
لخرجوا عن دين الإسلام إلى دين آخر،
كما قيل:
من تتبع الرخص تزندق.
ولو أراد مبتغي الفساد والعدول عن الصراط
أن يتخذ له من رخصهم سلماً يرتقي به إلى شهواته،
لكان الواجب على الحاكم قمعه وصده وتعزيره
كما هو مشهور في فقه الأئمة الأربعة وغيرهم.
وما ذكر فقيه أن من أحال لتبرير جرمه
على قول عالم عُلِمَ خطؤه فيه،
أنه يقبل منه ولا يؤخذ بالعتاب.
اللهم احفظ علينا
ديننا وتوحيدنا.
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 11:41 PM
وعنون صاحب المفاهيم (ص76):
(بيان أسماء المتوسلين من أئمة المسلمين).
وعمدته في هذا إيراد أكثر أولئك العلماء
حديثاً فيه التوسل،
وهذا من الحكم بالظن المنهي عنه،
بل ثبت عن بعضهم
- وهم الأكثر -
خلاف ما زعمه،
والقاعدة المقررة عند أهل العلم
أن العالم إذا أورد أثراً بإسنادٍ
فقد خفف من العهدة
التي تجب عليه
من إتباع ذلك بالحكم على الحديث.
وإذا رُوي حديث وصححه راويه في كتاب له
فلا يعني هذا إلزامه بالقول به،
إذ قد يكون له نظر وفهم،
ولعل سبباً اكتنف حكم الحديث
يمنع من القول به،
من إجماع على خلافه،
أو نسخ،
أو لكونه ليس في شرعنا،
ونحو ذلك.
وتفصيل هذا الإجمال
يُطلب من كتب الأصول.
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 11:45 PM
قال المؤلف معددا أسماء:
1 - فمنهم الحاكم في "المستدرك"، فقد ذكر حديث آدم وصححه.
والجواب:
حال الحديث أنه واضح الضعف،
كما نص الحاكم على ضعف راويه في "المدخل"،
وأن النسخة التي روي بها الحديث موضوعة،
و"المستدرك" لم يحرره الحاكم،
بل أكثره مسودة،
كما سبق تفصيل ذلك.
فالقول بأنه يقول به
مع تضعيفه الشديد لرواية راويه،
وضميمة القاعدة التي ذكرنا،
ليس بمستقيم مع المنهج العلمي الموفق.
أبو فراس السليماني
2014-09-04, 11:56 PM
2 – ومنهم: البيهقي في"دلائل النبوة"،
فقد ذكر حديث آدم وغيره،
وقد التزم أن لا يخرج الموضوعات.
والجواب:
أن البيهقي عقب الحديث بيَّن تفرد راويه عبد الرحمن مع ضعفه.
وهذه علة توجب رد الحديث.
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 12:02 AM
3 – ومنهم: السيوطي في كتابه "الخصائص النبوية"،
فقد ذكر الحديث وغيره.
والجواب:
ذكره ولم يحكم عليه،
وذكره في "تخريج الشفاء" له،
وقال بضعف إسناده.
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 12:07 AM
4 – ومنهم: ابن الجوزي في "الوفا" فقد ذكر الحديث وغيره.
والجواب:
أن ابن الجوزي ذكر كل ما وجد
ولم يتكفل بصحة إسنادٍ،
وقد ذكر في كتابه
"مكذوبات يعرفها أهل الشأن "،
ويعدونها من تناقضاته.
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 12:11 AM
وقال: (5،6،7)،ومنهم عياض وملا قاري والخفاجي.
والجواب:
أن القاري والخفاجي قد ضعفوا حديث توسل آدم،
والعبرة بتضعيفهم لا برأيهم،
انظر "شرح القاري" (1/215)،
و"شرح الخفاجي" (2/242).
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 12:17 AM
قال: 8 - ومنهم القسطلاني في كتابه "المواهب اللدنية".
والجواب:
أن القسطلاني لا يفرد بقول بتصحيح حديث آدم،
فإنما هو في كتابه هذا ناقل من السيوطي،
وقد ذكرنا القصة في ذلك،
وما قد يكون سبباً لتأليف السيوطي
"الفارق بين المصنف والسارق".
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 12:26 AM
قال: 9 - ومنهم الزرقاني في "شرحه على المواهب" (ج1 ص44).
والجواب:
ضعّف الزرقاني حديث آدم،
فإن كان رأيا ارتآه فليذكر دليله،
ولم أجد في (ج1 ص44)
من شرح المواهب شيئا من ذلك.
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 12:30 AM
قال: 10 - ومنهم النووي.
أقول:
ذكره قصة العتبي
لا يعني أنه يجيز التوسل بالذوات
ونحوه.
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 12:35 AM
قال: ومنهم ابن كثير.
الجواب:
نقله قصة الأعرابي
لا يعني تجويزه للتوسل بالذوات ونحوه،
وقصة آدم ذكرها وضعَّف راويها.
وقصة الرجل الذي جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم،
بينت ما فيها فارجع إليه،
وتصحيح إسنادها
لا يعني القول بجواز فعلها،
كما يشير إليه صنيع ابن كثير نفسه.
وذكره شعار المسلمين [ يا محمداه ]
ليس مقصوداً،
بل ورد في أثناء نقل طويل
بإسنادٍ مظلم. اهـ.
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 12:43 AM
قال: 12 - ومنهم ابن حجر
فقد صحح سند قصة الرجل الذي جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
والجواب:
لم يصححها،
وإنما قال:
بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار.
وفي هذا تنبيه لعلة الرواية عنده،
يفهمها المشتغلون بعلم الحديث.
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 12:51 AM
قال: 13- ومنهم القرطبي المفسر.
الجواب:
ذكر القرطبي نحوا من قصة الأعرابي،
وحكايته لها
لا يدل على قوله بموجب كل لفظٍ فيها.
ومن هذا ينجلي الغطاء،
وينكشف ما تحت الكساء،
ويظهر أن قول صاحب المفاهيم
فيه تجن على أكثر من ذكرنا قولهم،
وما كان يحسن به هذا،
وهو شيء لم يسبق إليه
ولم يفعله المصنفون قبله،
ذلك لأنه مردود
على مقتضى قواعد أهل العلم،
وبالله التوفيق.
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 01:01 AM
ذكر (ص54):
استغاثة الخلق يوم القيامة بالأنبياء
وآخرهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
ليشفع إلى ربه في أهل الموقف... الخ.
ثم قال:
( فهذا إجماع من الأنبياء والمرسلين وسائر المؤمنين،
وتقرير من رب العالمين،
بأن الاستغاثة عند الشدائد بأكابر المقربين
من أعظم مفاتيح الفرج
ومن موجبات رضى رب العالمين ) اهـ.
أقول:
هذه جراءة قبيحة على رب العالمين،
وعلى أنبيائه ورسله،
فلو صعدت أبخرة هذه الجراءة إلى السحاب
لنزل ماؤه سماً زعافاً،
ولو نزلت إلى ينابيع الماء
لقلبتها ناراً تلظى.
ولكن الهوى يفسد العقول،
ويجرُّ إلى عبادة غير الله
{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ }
[الجاثـية: 23]،
{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً }
[الفرقان: 43]،
أيكون دين الجاهلية قرره رب العالمين ؟!
أبو فراس السليماني
2014-09-05, 01:11 AM
أيكون دين الجاهلية أجمع عليه:
الأنبياء والمرسلون ؟!
ما أقبح الهوى!
وما أظهر الجاهلية
في كلام كاتب المفاهيم الخاسرة!
إن الذي يكون يوم القيامة:
أن الخلق يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم
أن يشفع لهم إلى ربهم
في فصل القضاء بينهم وإراحتهم من الموقف،
وهذا الطلب جار على المألوف الجائز
من طلب الشفاعة من حي حاضر قادر
بمعنى أن يدعو الله للطالب في حصول مقصوده،
فالشفاعة معناها:
طلب الدعاء من الحي الحاضر،
وهذا بخلاف طلب الشفاعة من الميت،
أو التقرب إليه بشيء من أنواع العبادة
بقصد أن يشفع له
كما قال تعالى:
{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
مَا لا يَضُرُّهُمْ
وَلا يَنْفَعُهُمْ
وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ }
[ يونس: 18 ] .
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 09:54 PM
قال (ص55):
(وفي "الفتاوى الكبرى":
سئل شيخ الإسلام -رحمه الله- :
هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟
فأجاب: الحمد لله، أما التوسل بالإيمان به،
ومحبته وطاعته والصلاة والسلام عليه،
وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك
من ما هو من أفعاله وأفعال العباد المأمور بها في حقه،
فهو مشروع باتفاق المسلمين ]
"الفتاوى الكبرى" [ ج1 ص 140 ] اهـ.
أقول:
جرى كاتب المفاهيم على هديه الذي رضيه لنفسه،
وهو التحريف والتبديل،
فبتر آخر كلام شيخ الإسلام،
ليوهم أنه ساوى بين التوسل بدعائه وشفاعته
صلى الله عليه وسلم حياً وميتاً.
وهذا تحريف للمعنى
من جنس ما مر من تحريفاته.
قال الشيخ بعد قوله الذي نقله الكاتب:
(وكان الصحابة - رضي الله عنهم- يتوسلون به في حياته،
وتوسلوا بعد موته بالعباس عمه،
كما كانوا يتوسلون به) اهـ.
فهذا التفسير للإجمال السابق
لابد من ذكره ونقله،
وفيه أن التوسل به في حياته يكون بدعائه
لمن طلب منه الدعاء،
أو بابتدائه الدعاء لمن شاء من أصحابه.
فهذا حق؛
لأن نبي الله حي بين أظهرهم،
ممكن من الدعاء في دار التكليف،
ممكن من سؤال الله لمن طلب منه،
بالنصوص القطعية.
أما بعد انتقاله صلى الله عليه وسلم
إلى الرفيق الأعلى، والحياة البرزخية،
فقد انقطع ما كان يعمله في حياته
من الدعاء لمن طلب منه،
والشفاعة لمن استشفعه.
وما خرج عن ذلك فهو مردود،
إلا بنص
ولا نص منقول يدل عليه،
لا صحيح ولا حسن ولا ضعيف،
كما يفهمه أولو الشأن.
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 09:57 PM
والرسول صلى الله عليه وسلم
- كما بين في باب الشفاعة من هذا الكتاب -
لم يتشفع ولم يتوسل بمن قبله من الأنبياء،
بل ولا شهداء أحد
وأفضلهم حمزة بن عبد المطلب،
فلم يسألهم الدعاء
ولا توسل بهم وهم الأنبياء،
والشهداء الذين ثبتت حياتهم،
وأنهم ليسوا بأموات،
ولكنها حياة برزخية.
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 10:00 PM
هذا فعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فنحن له أتباع،
والمبتدعة الضُلّال
لأهوائهم أتباع.
ومن نظر في هذا نظرة،
حدثت له فكرة،
أنجته بإذن مالك الأفئدة من الحسرة،
إن كان من طلاب الصراط المستقيم،
والهدي القويم،
هدي خير الخلق أجمعين.
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 10:12 PM
قال (ص56):
(مما يستفاد من كلام الشيخ ابن تيمية
أن من دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم
صح له أن يتوسل إلى الله بدعائه صلى الله عليه وسلم له،
وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قد دعا لأمته،
كما ثبت ذلك في أحاديث كثيرة) اهـ .
ثم قال:
(لذا فإنه يصح لكل مسلم أن يتوسل إلى الله سبحانه وتعالى بذلك فيقول:
اللهم! إن نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم قد دعا لأمته،
وأنا من أفراد هذه الأمة،
فأتوسل إليك بهذا الدعاء أن تغفر لي وأن ترحمني،
إلى آخر ما يريد،
فإذا قال ذلك لم يخرج عن الأمر المتفق عليه
بين كافة علماء المسلمين) اهـ .
أقول:
قد بينت آنفاً ما في التوسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
بعد موته من البدعة،
والخروج عن فهم السلف للتوسل.
والتوسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
ليس مقصوداً للكاتب،
وإنما أتى بذلك ليصل إلى شيء آخر،
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 10:19 PM
وهو ما صرح به بقوله:
(فإن قال: اللهم! إني أتوسل إليك بنبيك
محمد صلى الله عليه وسلم،
فقد فاته التصريح بما ينويه،
وبيان ما ينعقد عليه قلبه،
وهو مقصود كل مسلم،
ومراده لا يخرج عن هذا الحد) اهـ.
فهذا الكلام بيّن لِمَ ساق الكاتب
كل ما مر من كلام شيخ الإسلام؟
فانظروا ضعف حجته،
وقلة بصيرته
في إحالته على قلوب المتوسلين برسول الله
صلى الله عليه وسلم بعد موته،
وهو يزعم أنه بما في قلوبهم عليم
وأن مراداتهم لا تخرج عن الحد
الذي اطّلع به على قلوبهم.
أفتش الكاتب قلوب الداعين ؟!
أم هو نقيبهم ينافح عنهم ؟!
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 10:27 PM
وها هو الكاتب خرج عن هذا الحد المدّعى،
فتوصل بالتوسل البدعي
إلى جواز الاستغاثة بالأنبياء،
وطلبهم الشفاعة،
فجعله سلماً.
ثم ما الذي يحجز الداعي
من التصريح بما في قلبه ؟!
لا يمنعه إلا شيء هو أحسن عنده
مما لم يذكره،
فلو كان يعتقد في لفظ أنه أقرب وأصح لقاله
فإنه داعٍ سائل،
والسائل يتحرى المقرب الصحيح،
فلو كان مقصودهم ما اعتذر به الكاتب لصرحوا به،
ولكن مقصودهم هو التوسل بذاته،
مما هو من البدع،
ووسائل الشرك،
والإقسام به على الله تعالى،
واتخاذه شفيعاً،
ومغيثاً، ومعيناً،
فيما لا يقدر عليه إلا الله
أو بعد موته.
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 10:31 PM
ثم إنك إن فتشت
لا تكاد تجد اليوم
أحداً ينافح عن جواز التوسل بالذوات
إلا وهو يجيز الشرك:
كالاستغاثة بالأموات
ودعائهم
أو طلب شفاعتهم.
وقد طالعت من كتبهم شيئاً
فوجدتهم كما وصفت لك،
فلعلك تكون من المستبصرين الناجين.
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 11:13 PM
قال (ص57):
جاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:
( حياتي خير لكم ومماتي خير لكم،
تحدثون ويحدث لكم تعرض أعمالكم عليّ،
فإن وجدت خيراً حمدت الله،
وإن وجدت شراً استغفرتالله لكم ).
رواه الحافظ إسماعيل القاضي
في "جزء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"،
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" وصححه.
وهذا صريح بأنه صلى الله عليه وسلم يستغفر للأمة في برزخه،
والاستغفار دعاء،والأمة تنتفع بذلك")
اهـ كلام صاحب المفاهيم.
أقول:
الكلام في هذه الأحرف من أوجه:
الأول:
هذا الحديث أخرجه إسماعيل القاضي (ص36)
في "جزء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"
مرسلاً،
فقال: حدثنا سليمان بن حرب قال:
حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا غالب القطان
عن بكر بن عبد الله المزني
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم...
فذكره بلفظ آخر غير ما ذكر،
فأوهم صنيع صاحب المفاهيم
أنه رواه باللفظ المذكور،
وبكر بن عبد الله المزني من التابعين الثقات،
توفي سنة 106 هـ،
فهو مرسل،
والمرسل. لا يُقبل عند المحدثين.
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 11:18 PM
وأما قول الكاتب:
(ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" وصححه)
ففيه:
أن الهيثمي ذكر رواية البزار (وسيأتي ما فيها)،
وقال: (رجاله رجال الصحيح)
وهذه العبارة لا تفيد تصحيحه الحديث،
فلا يجوز أن يقال إنه صححه،
كما تجرأ عليه صاحب المفاهيم.
وذلك أن قوله:
(رجاله رجال الصحيح)
تفيد ثقة الرجال وأنهم مخرََّج لهم في الصحيح،
ولا تفيد لا صحة الإسناد
ولا صحة الحديث.
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 11:21 PM
فصحة الإسناد
تفتقر إلى معرفة اتصال الرواية
وعدم الانقطاع في الإسناد،
وألا يكون في الإسناد مدلس رواه بالعنعنة.
فمثلاً:
لو روي حديث من طريق أحمد بن حنبل عن سفيان الثوري
عن ابن المسيب عن أبي بكر الصديق،
لجاز أن يقال:
رجاله أئمة أثبات حفاظ،
ولا يعني ذلك التكفل بصحة الإسناد،
إذ ظاهر الإسناد الانقطاع
بين كل راو وشيخه،
فأحمد لم يدرك سفيان
وهو لم يدرك ابن المسيب،
وسعيد لم يدرك أبا بكر.
أبو فراس السليماني
2014-09-10, 11:30 PM
وصحة الحديث ليست بلازمة لصحة الإسناد،
بل بينهما مراتب يعرفها أهل العلم والنظر،
فكم من حديث صحيح الإسناد
وهو شاذ أو غلط أو معلل.
وذلك أن تعريف علماء الحديث
للحديث الصحيح جمع أمرين:
صحة الإسناد وانتفاء الشذوذ والعلة.
فما لم يجتمع الأمران
لا يقال بصحة حديث.
ومن هذا يعلم ما في قول صاحب المفاهيم
من نسبة تصحيح الحديث للهيثمي
من تَقَوُّل على الهيثمي،
وزيادة أمرٍ
لم يقله الحافظ الهيثمي رحمه الله.
ومثله ما نقله
صاحب المفاهيم
في (ص172) من كتابه
من قول العراقي: إسناده جيد.
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2025 vBulletin Solutions، Inc. All rights reserved.