تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هذه مفاهيمنا - ردًا على شركيات وضلالات محمد علوي مالكي



الصفحات : 1 2 3 4 [5] 6 7 8 9

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:21 AM
حقاً إن واقع المالكي
هو ما قرره
مجلس هيئة كبار العلماء
في قراره الإجماعي
الذي جاء فيه ما نصه :

" وأنه يسعى إلى عودة الوثنية في هذه البلاد ،
عبادة القبور والأنبياء ،
والتعلُّق على غير الله ،
ويطعن في دعوة التوحيد ،
ويعمل على نشر الشرك والخرافات ،
والغلو في القبور
وتقرير هذه الأمور في كتبه ،
ويدعو إليها في مجالسه ،
ويسافر من أجل الدعوة إليها في الخارج .. إلى آخره " اهـ .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:59 AM
الوقفة الثالثة :

عند قول المالكي فهي بدعة ،
باعتبار هيئتها الاجتماعية
لا باعتبار أفرادها لوجود أفرادها في العهد النبوي .

لا ندري ما مقصود المالكي
بدعواه
وجود أفراد للاحتفالات بالمولد ،
في العهد النبوي !،

هل أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمفرده
أو معه زوجاته احتفالاً بمولده ؟
أو أقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وزوجته فاطمة ،
وولداه الحسن والحسين احتفالاً بمولده ؟

أو أقام آل العباس احتفالاً بمولده صلى الله عليه وسلم ؟

أو أقام أبو بكر وعمر أو غيرهما من أصفياء رسول الله
صلى الله عليه وسلم احتفالاً بمولده ؟

هل يعني بأفراد بدعته
صومه صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين
لكونه يوم ولادته ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 10:04 AM
لقد سبقت مناقشة ادعاء الاستدلال بهذا
على مشروعية إقامة الاحتفال بالمولد
فلا حاجة لإعادته وتكراره .

لقد وعد المالكي بذكر أفراد للمولد
في رسالته هذه فلننظر وفاءه بوعده ،
ثم نقف مع كل جزئية يحتج بها على الاحتفال بالمولد ،

لتذهب مع غيرها جفاء ،
ثم هباء تذروه الرياح .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 10:25 AM
الدليـل السادس
مناقشته ثم رده :-



ثم ذكر المالكي الدليل السادس بقوله :

" السادس
أن المولد يبعث على الصلاة والسلام المطلوبين
بقوله تعالى :
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسْليماً } ،
وما كان يبعث المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً ،
فكم للصلاة عليه من فوائد نبوية وإمدادات محمدية
يسجد القلم في محراب البيان ،
عاجز عن تعداد آثارها ومظاهر أنوارها " اهـ .




لنا مع المالكي في دليله هذا الوقفات التالية :

الوقـفة الأولى :

عند قوله
إن المولد الشريف يبعث على الصلاة والسلام المطلوبين .

ما أجفاك أيها المالكي وأضرابك !!
وما أبعدكم عن سنة المصطفى
صلى الله عليه وسلم ،

وإن كنتم تتشدقون بحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
والتمتع والاستبشار بسيرته ،

لا لصدق محبة رسول
الله صلى الله عليه وسلم;
وإنما لترويج بدعة
وضمان وجاهة عند العامة .

فهل ترضى أيها المالكي من نفسك
أن تكون صلاتك وتسليمك
على المصطفى صلى الله عليه وسلم
في ليلة من ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ؟
أليس هذا هو الجفاء ؟
أليس هذا هو الصدود والغـفـلة
عن تذكر مقام رسول الله
صلى الله علـيه وسلم ؟ ،

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 10:45 AM
أترضى ألاَّ ينبعث داعي الصلاة والتسليم
على رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلا في ليلة بعد ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ؟

إن الصلاة والتسليم على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ينبغي أن تكون في كل صلاة
من الصلوات المكتوبة والمسنونة كل يوم ،

وأن تكون عند كل ذكر لرسول الله
صلى الله عليه وسلم ،
وما أكثر مواطن ذكره .

وينبغي أن يتقرب بأدائهما إلى الله تعالى
كلما أراد العبد التقرب إلى الله ،

فما أحوج العبد إلى ذلك دائماً ،
وفي كل حال ،

إن الله سبحانه وتعالى يأمرنا أن نصلي ونسلم
على رسول الله صلى الله عليه وسلم كل وقت ،

كما هو مقتضى إطلاق الآية الكريمة :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }[1] .


===========
[1] - سورة الأحزاب ، الآية : 56 .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 10:51 AM
ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول :
" البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ " .

ويقول:
" من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً " .

ويذكر صلى الله عليه وسلم
أن من ذُكر عنده فلم يصل عليه
فقد رغم أنفه .

إن الصلاة والسلام عليه
- صلى الله عليه وسلم -

ينبغي أن تكون منا في كل وقت ،
وعند كل مناسبة ،
في الصلاة وبعد الأذان
وغيرهما من مواطن الصلاة عليه ،
ويتأكد ذلك في يوم الجمعة وليلتها ،
وخطبتها ،
وفي أول كل دعاء .

أما أن يُقال بإيجاد مناسبة للصلاة والتسليم عليه ،
هي ليلة المولد ،
ليلة بعد ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ;
فهذا ما لا يتفق مع محبة
ولا تقدير ،
ولا انقياد وامتثال تامّين لأمر الله تعالى
بالصلاة والسلام على رسوله .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 11:14 AM
الوقـفة الثانـية :

عند قوله
وما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً .

أقول :

ليست الموالد مما تبعث على الصلاة والسلام
- صلى الله عليه وسلم - ،

بقدر ما تبعث على إيذائه
بالغلو في شخصه ،
والإفراط في مدحه ،
والتنطع في ذكر المدائح النبوية
التي ترفع مقامه صلى الله عليه وسلم إلى مقام ربه ،
في شمول السلطان
وكمال القدرة على النفع والضر ،
والمنع والعطاء ،

تعالى الله
عما يقول الظالمون علواً كبيراً .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 11:18 AM
لقد كان صلى الله عليه وسلم
حريصاً على حماية
جناب التوحيد ،
حريصاً على توجيه الأمة وتحذيرها
عن الغلو والإطراء ،

قال صلى الله عليه وسلم :

" لا تطـروني
كما أطرت النصارى ابن مريم،
إنما أنا عبد
فقولوا عبد الله ورسوله " .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 11:23 AM
هل المولد الذي يبعث على اعتقاد
أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم
مقاليد السموات والأرض ،
وأن له
حق الإقطاع في الجنة ،
وأن من جوده نفع الدنيا وضرتها ،
ومن علومه علم اللوح والقلم ،
وأن قبره صلى الله عليه وسلم أفضل من الكعبة ،
وأن ليلة مولده أفضل من ليلة القدر ،
وأن آدم وجميع المخلوقات
خلقت لأجله صلى الله عليه وسلم ،
وأنه نور لا ظل له في شمس ولا قمر ،
وأنه حيّ في قبره يصلي الصلوات الخمس ،
ويُؤذن ويصوم ويحج ،
إلى غير ذلك مما يقوله المالكي في كتابه ;

هل المولد الذي يدعو إليه المالكي
والذي يبعث على اعتقاد ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم
مما هو محض حق لله تعالى
مطلوب شرعاً ؟

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 11:28 AM
أوصيك أيها المالكي ونفسي
بتقوى الله تعالى ،
واعلم أنك ستقف أمام رب العالمين ،
وسيحاسبك حساباً عسيراً
إن لم ينفذ عليك

قوله تعالى :

{ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ
أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }[1] ،

وقوله تعالى :

{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ
وَمَأْوَاهُ النَّارُ }[2] .

فإن لله تعالى وحده
مقاليد السموات والأرض ،
وهو المانع والمعطي ،
وهو النافع والضار ،


===========
[1] - سورة النساء ، الآية : 48 .
[2] - سورة المائدة ، الآية : 72 .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 11:32 AM
ورسولنا صلى الله عليه وسلم
يقول لأقرب الناس إليه ،
فاطمة ابنته :

" سليني ما شئت ،
فإني لا أملك لكِ من الله شيئاً " .

ويقول الله تعالى له
وقد كان صلى الله عليه وسلم حريصاً
على هداية عمه أبي طالب ،

وقد سبقت عليه من الله الشقاوة :

{ إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ }[1] .



===========
[1] (http://majles.alukah.net/#_ftnref1) - سورة القصص ، الآية : 56 .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 07:33 PM
الوقـفة الثالـثة :

عند قوله
فكم للصلاة عليه من فوائد نبوية، وإمدادات محمدية .

أما فوائد الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
فلا شك أنها كثيرة ،
ويكفي أنها استجابة لله تعالى ،
حيث أمرنا بذلك اقتداء به تعالى
وملائكته الأبرار ،

حيث قال تعالى :
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا }[1] .


===========
[1] - سورة الأحزاب ، الآية : 56 .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 07:37 PM
وأما الإمدادات المحمدية
فلا ندري ما هو مقصود المالكي بها ،

ولعلها نتيجة اعتقاده أن لمحمد صلى الله عليه وسلم
مقاليد السموات والأرض ،
وأن له حق الإقطاع في الجنة،
وأن من جوده الدنيا وضرتها،
ومن علومه علم اللوح والقلم ،
وأن الخلق خلقوا لأجله ،
إلى غير ذلك من عبارات الغلو
والإطراء
والتنطع
والتشدق
والتفيهق .

فهل يريد من صلواته على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
مدداً محمدياً
لا مدداً إلهياً ؟!

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 07:42 PM
إننا لا نستطيع تصور الشرك بالله
إذا لم يكن هذا الاتجاه من المالكي وأضرابه
أبشع ألوانه ،
وأظهر مثال له ،وعليه

فلا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم .

إن التعبير من المالكي
بالإمدادات المحمدية ،
تذكرنا بحال العامة من المتصوفة وأهل الطُرُق ،
حينما يقع أحدهم في ضائقة أو مصيبة ،
فيسارع إلى تكرار :
يا محمد مدد ،
يا رفاعي مدد ،
يا بدوي مدد .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 07:46 PM
إننا نتقطع أسى حينما تصل الحال
بمحمد علوي مالكي ،
ذلك الشاب الذي رضع من العلم الشرعي
في المدارس الحكومية بمختلف مراحلها ،
حتى شبع وعرف
العقيدة السلفية ،
وذكر عنه بعض الإخوة تحمسه لها وتأثره بها ،
وعاش في عصر العلم ،
والارتفاع بمستوى العقل إلى إدراك ما عليه
الخرافيون وأصحاب الطُرُق
من انحطاط بمستوى عقولهم ،
بحيث تجري على عقولهم
ما لا يصدقه العقلاء .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 07:50 PM
نعم ،
نتقطع أسى حينما تصل الحال
بمحمد مالكي
إلى أن يكون أحد رجال الطُرُق ،
وأحد مروجي البدع
والخرافات
والشركيات ،
وأحد من يُؤثر الدنيا على الآخرة ،
حينما يكون ممن يغررون بالعامة ،
ليكونوا لهم عُبَّاداً
يلحسون أيديهم ،
ويقدمون لهم واجب التقدير والإجلال ،
بالانحناءات وطلب البركات ،
وأحد من يدعو الناس إلى عبادته .

إنه سيقف أمام رب العالمين ،
وسيكون إن لم يمنّ الله عليه بتوبة عاجلة
مع المغضوب عليهم
ممن عندهم علم فلم يعملوا به .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 08:54 PM
الوقـفة الرابـعة :

عند قوله
يسجد القلم في محراب البيان عاجزاً عن
تعداد آثارها ومظاهر أنوارها .

وهذه أيضاً ضرب من عبارات الغلو
والإطراء
والتنطع
والإفراط ،

فما هذه الأنوار
التي يسجد القلم عاجزاً عن تعدادها ؟

إن القلم ليسجد عاجزاً عن
تعداد كلمات ربي ،
عاجزاً عن
تعداد نعم ربي ،
عاجزاً عن
تعداد صنوف العبادة لربي ،
الحي القيوم
المانع المعطي
النافع الضار
القادر على كل شيء ،
مالك يوم الدين
العزيز الجبار
المتكبر المهيمن
الرحمن الرحيم .

أما الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فمع ما فيها من الفوائد والأجر الجزيل
فإن مقدار ذلك في علم الغيب
عند من لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ،
ويكفينا منها
أنها استجابة كريمة
لله رب العالمين .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 08:59 PM
الدليـل السابـع
مناقشته ثم رده :-


وذكر المالكي الدليل السابع بقوله :
" السابع :
أن المولد الشريف يشتمل على ذكر مولده الشريف
ومعجزته وسيرته والتعريف به،
أولسنا مأمورين بمعرفته ومطالبين بالاقتداء والتأسي بأعماله ،
والإيمان بمعجزاته والتصديق بآياته؟،
وكتب المولد تؤدي هذا المعنى تماماً " اهـ .



ونقف مع المالكي في دليله هذا
الوقفة التالية :

لا شك أن النظر في سيرته صلى الله عليه وسلم
من مولده حتى وفاته
أمر محبوب ومطلوب ومتعين ،
فبمعرفة ذلك نستطيع
الاقتداء والتأسي ،
فحياته صلى الله عليه وسلم كلها صور إشراق ،
ففيها الإيمان الثابت ،
والصبر والتذلل لرب العالمين ،
والجهاد في سبيله ،
وشكر الله على نعمه قولاً وعملاً ،
حتى تفطرت قدماه صلى الله عليه وسلم من العبادة ،
إلى غير ذلك من جوانب الإشراق ،

ولكن النظر في ذلك وتدارسه وتأمله
واستخراج صور العبر والاتعاظ من حياته
صلى الله عليه وسلم
لا تكون في ليلة واحدة
بعد مضي ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ،

بل ينبغي أن يكون ذلك
في كل وقت ،
وأن تكون مما يدرس في المساجد
والمجالس العامة والخاصة ،
وفي المراحل الدراسية حتى نهايتها .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:04 PM
حقاً إننا مأمورون بمعرفته
صلى الله عليه وسلم ،
ومطالبون بالاقتداء به
والتأسي بأعماله
والإيمان بما جاء به ،

ولكن ذلك كله ليس في كتب الموالد ،
ولكنه في كتب الحديث وشروحه ،
وفي كتب السير والتواريخ ،

فلقد عني علماء الإسلام بذلك
عناية جعلتنا ونحن نقرأ ونتدارس حياة الرسول
صلى الله عليه وسلم ;
نستشعر العيش معه ومع أصحابه ،
في إيمانهم بالله ،
وفي خالص عبادتهم لله ،
وفي جهادهم في سبيل الله .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:08 PM
أما كتب الموالد ;

فالمالكي نفسه يعلم أنها كتب تشتمل على المدائح النبوية ،
التي ترفع مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى مرتبة الإله ،

وللمالكي باع عريض
في ترويجها وشرحها ونشرها ،

نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا ،
أن يهديه ويرده إلى جادة الصواب ،

فلقد أشرك بعض أصحاب هذه الموالد
مع الله غيره ،
في الملكوت
وفي السلطة
وفي القدرة
والعلم ،
والنفع والضر ،
والمنع والعطاء ،

وغير ذلك مما هو
محض حق الله تعالى ،
لا يصلح لأحدٍ غيره ،
لا لملك مقرب ،
ولا لنبي مرسل .

فهذه هي كتب موالد المالكي
التي يدَّعي زوراً
وبهتاناً
وإثماً مبيناً
أنها تؤدي إلى معرفة رسول الله
صلى الله عليه وسلم للتأسي به،
والإبمان بما جاء به ،

سبحانك اللهم
هذا بهتان عظيم .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:16 PM
الدليل الثامـن
مناقشـته والرد عليه :-




ويذكر المالكي الدليل الثامن بقوله :-

الثامن :
التعرض لمكافأته ،
بأداء بعض ما يجب له علينا ،
ببيان أوصافه الكاملة وأخلاقه الفاضلة ،
وقد كان الشعراء يفدون إليه صلى الله عليه وسلم بالقصائد ،
ويرضى عملهم ويجزيهم على ذلك بالطيبات والصلات ،
فإذا كان يرضى عمن مدحه ،
فكيف لا يرضى عمن جمع شمائله النبوية ،
ففي ذلك التقرب له عليه السلام باستجلاب محبته ورضاه . اهـ .



ونقف مع المالكي في دليله هذا
الوقفات التالية :

الوقفة الأولى :

عند قوله
التعرض لمكافأته بأداء بعض ما يجب له علينا .

إن الله تعالى قد أمر رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم
أن يقول للناس : أنه لا يسألهم على أداء الرسالة أجراً ،
فإن أجره على الله ،

قال الله تعالى :

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا *
قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ
إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا }[1] .

وقال تعالى :

{ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ
إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }[2] .

وقال تعالى :
{ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ
إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ }[3] .

وغير ذلك من الآيات الكثيرة والصريحة
في هذا المجال .


=============
[1] - سورة الفرقان ، الآية : 56 - 57 .
[2] - سورة سبأ ، الآية : 47 .
[3] - سورة يوسف ، الآية : 104 .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:23 PM
فهو صلى الله عليه وسلم
رسول من رب العالمين ،

أرسله الله بالرسالة ،
وأمره بتبليغها ،
ووعده الأجر العظيم لقاء ذلك ،

وأمره أن يبلغ الأمة
أنه لا يريد منهم جزاءً ولا شكورا.

ومحمد صلى الله عليه وسلم
كغيره من الرسل
الذين ذكر القرآن صوراً من حياتهم،
وطرق تبليغهم الرسالة إلى أقوامهم،
وقد كانوا يصرِّحون وينادون في ملأ قومهم
أنهم لا يريدون منهم جزاءً ولا شكـورا،

قال تعالى حكايـة عن أحدهم :

{ يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا
إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي
أَفَلا تَعْقِلُونَ } [1] .

وقال تعالى :

{ وَمَا مُحَمَّدٌ
إِلاَّ رَسُولٌ
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ }[2] .


=============
[1] - سورة هود ، الآية : 51 .
[2] - سورة آل عمران آية : 114 .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:27 PM
لا شك أن لرسولنا
محمد صلى الله عليه وسلم
فضلاً كبيراً علينا معشر أمته ،
وأننا نحبه
أكثر من محبتنا لأنفسنا وأهلينا أجمعين ،

إلا أن محبته صلى الله عليه وسلم
ليست فيما يكره ،
ولا فيما يغضبه ،
ولا فيما يسلب عن ربه
إفراده تعالى
بالخلق
والتدبير
والعبادة .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:33 PM
إن محبته صلى الله عليه وسلم
لا تعني رفع مقامه
إلى مقام الربوبية والألوهية ،
مما هو محض الشرك بالله ،

فلقد مكث صلى الله عليه وسلم
ثلاثة عشر عاماً
يحارب الشرك بالله ،
ويدعو الناس إلى
توحيد الله
في ألوهيته
وربوبيته
وأسمائه وصفاته.

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:39 PM
حقاً إن إقامة المولد
ليست مكافأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فهو في حد ذاته منكر
لكونه بدعة ،
ليس عليها أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

فهو يغضبه ويأباه صلى الله عليه وسلم ،
وإذا انضم إيه ما هو لازم له
عند المهتمين به والمحافظين على إقامته
من منكرات
وشركيات
وخرافات
سبق منا إيضاحها ;
تحوّل ذلك المنكر من أمر بدعي
إلى عيد جاهلي .

لو كان صلى الله عليه وسلم حياً
لجرّد سيوف القتال لمحاربتهم ،

فلقد أنكر صلى الله عليه وسلم
على أحد أصحابه حينما قال له :

" ما شاء الله وشئت" ،

قال :
" أجعلتني لله نداً ؟
قل
ما شاء الله وحده " [1] .


=============
[1] - حديث رواه النسائي عن ابن عباس .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:46 PM
إن محبته صلى الله عليه وسلم
تعني اتباع سنته ،
والتأسي به صلى الله عليه وسلم ،
وأخذ العبر والعظات
من حياته صلى الله عليه وسلم ،
وحياة أصحابه من بعده

{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا }[1] .

إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة والصريحة ;

في أن محبته صلى الله عليه وسلم
ليست في الغلو في شخصه ،
ولا في مجاوزة الحد في مدحه وإطرائه ،
ولا في نسبة شيء
من أفعال الله تعالى وخصائصه
إليه صلى الله عليه وسلم .


=============
[1] - سورة الحشر ، الآية : 7 .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 09:54 PM
إننا بالصدق في اتباع سنته
صلى الله عليه وسلم
نستطيع أن نقول :

إننا نحبه ونقدِّره
ولا نمنُّ عليه بشيء من ذلك ،
على اعتبار أننا نكافؤه ،
فأجره على الله تعالى ،
والله يجزيه
عن بلاغه الرسالة ،
وأدائه الأمانة ،
ونصحه لأمته ،
خير جزاء وأكمله وأتمه ،

إنه وليُّ ذلك
والقادرُ عليه .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 10:18 PM
الوقـفة الثانـية :


عند قول المالكي :

إن الشعراء كانوا يفدون إليه صلى الله عليه وسلم بالقصائد
ويرضى عملهم .. إلى آخره .




حقاً لقد وقف حسّان بن ثابت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم
موقف المجاهد والمدافع ،

وقد شهد له صلى الله عليه وسلم
بأن لسانه على المشركين أشد وقعاً
من السيوف على أرقابهم .

ومدحه كعب بن زهير ،
وعبد الله بن رواحة وغيرهم من شعراء الصحابة ،
وكان صلى الله عليه وسلم يسرُّ بذلك

ونحن ندعو الله تعالى أن يثيب
من يمدح رسول الله
بمدائح تليق
بمقام النبوة والرسالة
مما يستحقه صلى الله عليه وسلم ،
لمواقفه مع ربه في سبيل إبلاغ الرسالة ،
والصبر على ما كان يلاقيه صلى الله عليه وسلم
من العنت والسخرية والتسفيه ،
حتى أكمل الله له دينه ،
وأتم نعمته ،

ودخل الناس
في دين التوحيد أفوجاً .

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 10:25 PM
ونحن بما ذكره المالكي في دليله

هذا نتذكر قول الشاعر :

ألم ترَ أن السيف ينقـصُ قدره
إذا قيل إن السيف أمضى من العـصا

ونعجب منه
ومن عقليته
في قياسه مدائح
أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم

بمدائح قومه أهل الموالد ،
أمثال البوصيري ، والبكري وغيرهما ،

ممن يجعلون المصطفى صلى الله عليه وسلم
شريكاً لربه ،
في شمول الإدراك
والقدرة على النفع والضر،
وملك مقاليد السموات والأرض ،
وغير ذلك
من خصائص الربوبية والألوهية

كقوله :

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم

إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي
فضلاً وإلا فـقـل يا زلـة القــدم

فإن من جــودك الدنيـا وضرتها
ومن عـلومك عـلم اللوح والقـلم

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 10:30 PM
وقول الآخر :

ما أرسل الرحمن أو يرسل
من رحمة تصعد أو تنزل

في مـلكـــوت الله أو ملكــه
من كل ما يختص أو يشمل

إلا وطه المصطـفى عـبـده
نـبـيـّـه مخـتاره المـرســـل

واسـطــة فـيهـا وأصـل لها
يعـلـم هــذا كل مـن يعـقــل

ونـادِه إن أزمــة أنشـبـــت
أظفارها واستحكم المعضل

يا أكـرم الخلـق على ربـه
وخيـر من فـيهـم به يُســـأل

قد مسني الكـرب وكم مرة
فرَّجتَ كربـاً بعضه يُذهــل

عجِّل بإذهاب الذي أشتكي
فإن توقـفـت فمن ذا يُســأل

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 10:34 PM
وقول الآخر
في نعل النبي صلى الله عليه وسلم :

ولما رأيت الدهر قد حارب الورى
جعلت لنفسي نعل سيده حصنا

تحـصنــتُ منـه في بديــع مثــالهــا
بسور منيع نلتُ في ظله الأمنا

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 10:43 PM
فبربك يا مالكي :
أما تستحي
أن تجعل أمثال هذه المدائح
التي هي في الواقع دعوات صارخة
إلى الشرك بالله ،
في الربوبية والألوهية ،
وإلى الجاهلية الجهلاء ،
والوثنية العمياء ;

شبيهة بقصائد حسان بن ثابت
وعبدالله بن رواحة وكعب بن زهير
وغيرهم من أهل الصدق في الإيمان
والعدل في المدح والثناء
والشدة على الأعداء ؟؟!

أبو فراس السليماني
2014-10-07, 10:50 PM
إن قصائد موالدك
يا محمد علوي مالكي

لو أُلقيت على
رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما اكتفى بحثو التراب في أفواه قائليها ;
بل لحاربهم كما حارب أبا جهل و أبا لهب وغيرهما
من أقطاب الكفر والشرك بالله .

فسبحان الله

كيف استوت عندك يا مالكي
الظلمات والنور ،
والتوحيد الخالص
والكفر البواح ،

وأنتَ ذلك الرجل
الذي يدَّعي الرفعة في العلم !
حقاً إن الهوى يُعمي ويُصم ،

ربنا لا تزغ قلوبنا
بعد إذ هديتنا .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 09:11 AM
الدليـل التاسع
مناقشته ورده :-




وذكر المالكي الدليل التاسع بقوله :

التاسع :
إن معرفة شمائله ومعجزاته وإرهاصاته
تستدعي كمال الإيمان به عليه الصلاة والسلام وزيادة المحبة ،
إذ الإنسان مطبوع على حب الجميل خَـلقاً وخُـلقاً ،
علماً وعملاً ، حالاً واعتقاداً ،
ولا أجمل ولا أكمل ولا أفضل من أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم ،
وزيادة المحبة وكمال الإيمان مطلوبان شرعاً ،
فما كان يستدعيهما مطلوب شرعا. اهـ .




لقد مللنا تكرار القول ،
وهذا يعني أن مزاعم المالكي الاستدلالية
يمكن أن ترجع الثلاثة أو الأربعة منها إلى دليل واحد،
وأنه هو نفسه الذي يكرر القول ،
ويدَّعي تعدد الأدلة ،

وما دمنا قد أخذنا على أنفسنا ردَّ مزاعمه
فلنجارِهِ في دعوى تعدد الأدلة ،
ونقف معه عند كل دليل يزعم الاستدلال به ،
وإن كان مكرراً ومعاداً .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 09:15 AM
لاشك أن معرفة شمائله صلى الله عليه وسلم ،
وما هو عليه من حال ،
في جهاده وصبره وأمانته ،
وحرصه على أمته ورأفته بهم ،
ورحمته إياهم ،
كل ذلك يستدعي
قوة التعلق بسنته صلى الله عليه وسلم ،
وزيادة محبته ،

ولكن معرفة ذلك
مطلوبة في كل وقت ،
لا أن التعرف على ذلك
مخصوص بليلة
بعد مضي ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 09:21 AM
ثم إن معرفة ذلك ينبغي أن تكون
معرفة بحقيقة شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وأنه رسول رب العالمين ،
لا يملك من خصائص الربوبية شيئاً ،
ولا يستحق من خصائص الألوهية شيئاً ،

خلافاً لما هو صريح قول المالكي وأضرابه ،
فليس له صلى الله عليه وسلم
من مقاليد السموات والأرض شيء ،
وليس له سلطة في الإقطاع في الجنة ،
وليست الدنيا وضرتها من جوده ،
وليس له علم اللوح والقلم ،
وليس الملاذ والصمد والملجأ
عند حصول المصائب والكربات .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 09:28 AM
قال تعالى :

{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ }[1] .

وقال تعالى :

{ إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ
وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ }[2] .

وقال تعالى :

{ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً
فَـلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }[3] ،

وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

" قام رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين أنزل عليه { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ }
فقال:
يا معشر قريش أو كلمة نحوها ،
اشتروا أنفسكم
لا أغني عنكم من الله شيئاً ،

يا عباس بن عبد المطلب
لا أغني عنكَ من الله شيئاً ،

يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا أغني عنكِ من الله شيئاً ،

ويا فاطمة بنت محمد
سليني من مالي ما شئت
لا أغني عنكِ من الله شيئاً " .


===========
[1] - سورة آل عمران ، الآية : 128 .
[2] - سورة القصص ، الآية : 56 .
[3] - سورة التوبة ، الآية : 80 .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 09:33 AM
فمحبته صلى الله عليه وسلم
لا شك أنها مطلوبة شرعاً ،
والإيمان به واجب و متعيّن شرعاً ،

إذ الإيمان بنبينا محمدٍ رسولاً
جزء من الركن الأول من أركان الإسلام ،
لا يتم للعبد إسلام وإيمان حتى يشهد برسالته ،

إلا أن الاحتفالات بالمولد
ليست هي التي تحققها ،

بل إنها بحكم ابتداعها
والقول لدى أصحاب الابتداع بمشروعيتها،
وما تشتمل عليه من منكرات ،
وشركيات ،
واعتقادات وهمية ،
إنها تتعارض مع
محبته صلى الله عليه وسلم ،

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 09:36 AM
فإن محبته صلى الله عليه وسلم
وكمال الإيمان به
متحقق فيمن كان هواه تبعاً
لما جاء به صلى الله عليه وسلم .

وهذه الاحتفالات في هيئتها العامة
وما تشتمل عليه من جزئيات آثمة
مخالفة تمام المخالفة
لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

فكيف أجاز المالكي لنفسه
هذه المغالطة المكشوفة الآثمة ! .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 09:44 AM
إنه الهوى يُعمي ويُصم ،

وصدق الله حيث يقول :

{ فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ
وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ
الَّتِي فِي الصُّدُورِ }[1] .

وحيث يقول :
{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ
وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ
وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً
فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ
أَفلا تَذَكَّرُونَ }[2] .


===========
[1] - سورة الحج ، الآية : 46
[2] - سورة الجاثية ، الآية : 23 .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 10:17 AM
الدليـل العـاشـر
مناقشته ثم رده :-




وذكر المالكي الدليل العاشر بقوله :

العاشر :
إن تعظيمه صلى الله عليه وسلم مشروع ،
والفرح بيوم ميلاده الشريف بإظهار السرور ،
ووضع الولائم والاجتماع للذكر ، وإكرام الفقير ;
من مظاهر إظهار التعظيم والابتهاج والفرح
والشكر لله بما هدانا لدينه القويم ،
وما منّ به علينا من بعثه عليه أفضل الصلاة والتسليم . اهـ .



هذا القول مرَّ تكراره ،
ومرَّ تكرار مناقشته ،

وحينما نفرح بميلاده صلى الله عليه وسلم
فإن بعثته بالرسالة الأولى أولى بالفرح والابتهاج ،
وعلى أي حال فميلاده صلى الله عليه وسلم
وبعثته وهجرته
ومواقفه المشرفة في ميادين الصبر والنضال
والجهاد والتعليم ،
وإبلاغ الرسالة ،
ونصح الأمة ،
وترك هذه الأمة على محجة بيضاء
ليلها كنهارها ;

كل هذه الأمور نفرح بها ،
وننتشي لسماع أخبارها ،
وتنشرح خواطرنا بصدق الإيمان
وقوة الثبات وجميل الصبر ،
ونستلهم من هذه الجوانب
والصور المشرقة العبر والعظات .

ولكن ذلك كله
لا يكون في ليلة واحدة من السنة ،
وإنما يُشرع في كل وقت ،
وفي كل مكان
في المساجد والمجالس العامة والخاصة
ومدرجات الجامعات ،

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 10:21 AM
ليس مكان ذلك
عند خوانات الموائد وأدوات المعازف ،
ومجالس الاعتقادات الوهمية ،
ونوادي المدائح المتسمة
بالإفراط
و الغلو
والتنطع
والتفيهق
والإطراء ،
ونسبة خصائص الربوبية والألوهية
إلى غير الله تعالى ،
مما يغضب الله ورسوله .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 10:25 AM
وإنما يجب أن يكون الفرح
بشمائله صلى الله عليه وسلم
وحياته المشرقة
مما ذكره أهل العلم والعقل
والتقى والصلاح من أهل الحديث وشرّاحه ،
وأهل التفسير والسيَر .

ولا نشك أن المالكي بحكم نشأته في عصرنا هذا
يدرك حقيقة وصدق ما نقول ،
وبطلان ما يدعو إليه ،

ولكنه الإبقاء على لحس الأيدي
ممن غرَّر بهم وأضلهم ،
والإبقاء على ما يطالبهم به
من تقديم آيات الاحترام والتبجيل
بالانحناءات وطلب البركات ،

فلا حول ولا قوة إلا بالله .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 05:18 PM
الدلـيل الحادي عشر
مناقشته ثم رده:-




وذكر المالكي الدليل الحادي عشر بقوله :

الحادي عشر :
يُؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم في فضل يوم الجمعة ،
وعد مزاياه ، وفيه ولد آدم تشريف الزمان
الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبي كان من الأنبياء عليهم السلام ،
فكيف باليوم الذي ولد فيه أفضل النبيين وأشرف المرسلين .
ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه ،
بل يكون له خصوصاً ولنوعه عموماً، مهما تكرر ،
كما هو الحال في يوم الجمعة ، شكراً للنعمة ، وإظهار المزية النبوية ،
وإحياء للحوادث التاريخية الخطيرة ،
ذات الإصلاح المهم في تاريخ الإنسانية ،
وجبهة الدهر وصحيفة الخلود .
كما يُؤخذ تعظيم المكان الذي ولد فيه نبي ،
من أمر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم
بصلاة ركعتين ببيت لحم ،
قال له : أتدري أين صليت ؟ قال : لا ،
قال : صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى . اهـ .




هذا الدليل لنا مع صاحبه الوقفات التالية :

الوقفـة الأولى :

حول ما يتعلق بفضل يوم الجمعة
والاستدلال بفضله على الفضل لأيام أخر
بمعيار القياس .

لقد سبق منا تكرار القول
بأننا مأمورون بالاتباع
لا بالابتداع ،

فما جاءت بمشروعيته النصوص الشرعية
من كتاب أو سنة قبلناه ،
وأخذناه على العين والرأس ،
واعتبرناه أمراً مشروعاً على سبيل الوجوب أو الاستحباب ،
حسبما تقضي بذلك تلك النصوص،

وقد جاءت النصوص الشرعية الصريحة الثابتة
بفضل يوم الجمعة ،
واعتباره أحد أعياد المسلمين،
واختصاصه بخصائص ليست لغيره .
فنحن نقف مع النصوص الشرعية حيث وقفت ،
ونسير معها حيث اتجهت :

{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }[1] ،

ولا نبيح لأنفسنا أن نشرع لنا تفضيل يوم بعينه
لم يرد النص بتفضيله ،

إذ لو كان خيراً لشُرع لنا تفضيله ،
كما شُرع لنا تفضيل يوم الجمعة
{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا }[2] .


===========
[1] - سورة الحشر ، الآية : 7 .
[2] - سورة مريم ، الآية : 64 .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 05:23 PM
ولو جاءت نصوص شرعية
تنص على فضل يوم ذكرى ميلاد رسول الله
صلى الله عليه وسلم ;

لكنا بتوفيق الله وهدايته
أسرع الناس إلى اعتبار ذلك والأخذ به ،

امتثالاً لقوله تعالى :
{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ }[1] ،

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ }[2] ،

{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ }[3] ،

وتحقيقـاً للإيمان بالله ربـا،
وبالإسـلام دينـا ،
وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيــاً ورسولا .


===========
[1] - سورة الحشر ، الآية : 7 .
[2] - سورة النساء ، الآية : 59 .
[3] - سورة آل عمران ، الآية : 31 .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 05:27 PM
أما يوم الجمعة فهو يوم فاضل ،
وعيد من أعياد المسلمين ،
يكون لصلاة الجمعة فيه وضع خاص ،
ومغاير لصلوات الظهر في أيام الأسبوع السائرة ،
فيه يجتمع المسلمون
ويسمعون من المواعظ والتوجيهات
والترغيب والترهيب والوعد والوعيد ;
ما يمكن أن يكون زاداً روحياً
لمسيرتهم في بقية أيام الأسبوع .

ولكن فضل هذا اليوم
لا يعطينا الحق في القياس عليه ،
فنقول بتفضيل يوم آخر ،
سواء كان ذكرى مولد
أو مهاجر
أو إسراء
أو معراج ،
أو غير ذلك من الحوادث التاريخية ،
ما لم يكن لدينا في ذلك
مستند قولي أو فعلي ،
ممن له حق التبليغ عن رب العالمين ،

فإن الأمر في ذلك
كما قال سيد المرسلين وحبيب رب العالمين :

" من أحدثَ في أمرنا هذا
ما ليس منه
فهو رَدٌّ " .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 05:32 PM
الوقفة الثانية :

عند قوله
ولا يختص هذا التعظيم بذلك اليوم بعينه،
بل يكون له خصوصاً ولنوعه عموماً . اهـ .



هذا القول يقتضي أن نقيس في العبادات ،
ولا يخفى ما عليه أهل العلم من علماء الأصول وفقهاء الأمة ،
ممن يقولون بالقياس
من أنهم يمنعون القياس في العبادات ،

لأن القياس مبني على اتحاد المقيس والمقيس عليه في العلة ،
والعبادات مبناها على التوقيف والتعبد،
سواء كانت علة التشريع ظاهرة أو خفية ،
فلا يجوز أن نقيس على أصل مشروعية الصلاة
بتشريع صلاة سادسة بين الفجر والظهر مثلاً ،
ولا بتشريع صيام آخر بعد رمضان أو قبله ،
ولا بزيادة ركعة أو أكثر
على ركعات صلاة من الصلوات الخمس ،
كزيادة ركعة في صلاة المغرب
وركعتين في صلاة الفجر ;

بحجة أن التشريع في الصلوات
أو في الصيام أو في غيرهما من أنواع العبادة
لها خصوصاً ولنوعها عموماً .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 05:36 PM
إن الله تعالى حينما فضَّل يوم الجمعة
على غيره من الأيام الأخرى ،
وتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم
بما يدل على ذلك التفضيل ويؤكده ;
قادر على أن يقرر تفضيل غيره من الأيام ،
كيوم مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
أو بعثته أو هجرته ،
ويعطي عباده نصوصاً صريحة
من قوله تعالى ،
أو قول رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم ،
في تفضيل ذلك اليوم
كما هو الحال
في يوم الجمعة ،
وفي ليلة القدر .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 05:42 PM
وأما ذكرى ميلاده صلى الله عليه وسلم
فلم نجد أحداً من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أخذ ما أخذه به المالكي وأحزابه ،
أخذاً عن أسلافهم في ذلك
القرامطة
والفاطميين
والرافضة
والمتصوفة ،

{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } [1] .

وما كان صلى الله عليه وسلم مقصِّراً
في جناب
إبلاغ الرسالة ،
وأداء الأمانة ،
والنصح للأمة
فيما يعود عليها بالخير
والقرب من الله تعالى .



===========
[1] - سورة مريم ، الآية : 64 .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 05:46 PM
وما كان المالكي وأحزابه وأسلافه من
القرامطة
والفاطميين
والرافضة
أشد حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم
من أصحابه
وأتباعهم
ومن تبعهم بإحسان ،
ولا أخلص اتباعاً،
ولا أنقى سريرة ،
ولا أكثر تقى وصلاحاً ،

فهم رضوان الله عليهم
صفوة أمته .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 05:50 PM
وما كان المالكي و أحزابه وأسلافه وأئمته
من القرامطة
والفاطميين
أكثر علماً وإدراكاً لأسرار التشريع
من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وتابعيهم ،

ولكنها الفتنة بأبواب الشر
ومغاليق الخير ،
والتشبث بما فيه ترويج
البدع و المنكرات ،

ولكنه الزبد يذهب جفاء ،
والباطل يندمغ ،
فإذا هو زاهق ،

و يأبى الله إلا أن يتم نوره
ولو كره الكافرون .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 05:52 PM
لا شك أن بعض الأزمنـة أفضل من بعض ،
وأن بعض الأمكنـة أفضل من بعض ،
إلا أن الفضل في ذلك
لا يكون بالرأي والقياس ،
ولا بالاستحسان ،
ولا بقول من ليس له اختصاص
في تبليغ رسالة إلهية ،

ولكن فضل ذلك يُؤخذ من رب العالمين ،
وممن يبلغ عن رب العالمين .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 05:55 PM
فمتى وجدنا نصاً من كتاب الله
أو من سنة رسول الله ،
يقضي بتفضيل زمان أو مكان على غيرهما ;
أخذنا بذلك النص واقتصرنا عليه ،
ولم نوسع مدلوله
فيما لا يحتمله النص ،

فنقول كما يقول المالكي :
" هذا له خصوص ولنوعه عموم " ،

فنقع فيما وقع فيه من اللغط والغلط ،
والقول على الله وعلى رسوله
بالزور
والبهتان
والعدوان ،
نسأل الله لنا وله الهداية ،

والله المستعان .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 06:05 PM
الدليل الثاني عشر
مناقشته ثم رده :-




وذكر المالكي الدليل الثاني عشر بقوله :

الثاني عشر :
إن المولد أمر يستحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد ،
و جرى به العمل في كل صقع ،
فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف
( ما رآه المسلمون حسناً فهوعند الله حسن ،
وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح ) اهـ .




ونقول للمالكي :

من هم العلماء والمسلمون الذين يستحسنون المولد ؟

هل هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قطعاً لا ..

هل هم التابعون ؟
قطعاً لا ..
هل هم تابعوا التابعين ؟
قطعاً لا ..
هل من العلماء والمسلمين من يقيم المولد
من أهل القـرون الثلاثة المفضلة ؟

قطعاً لا ..

مَن مِن علماء المسلمين الذين يستحسنون المولد ؟
هل هم أهل الحديث وشرّاحه
أمثال البخاري ومسلم
والنسائي وأحمد وابن ماجه
والترمذي وأبو داود والبيهقي والطبراني ،
وغيرهم من أئمة الحديث ورجاله
ممن عرفوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ونذروا أنفسهم لخدمتها والتبصير بها ،
ورد ما ليس منها مما يُراد أن يكون منها ؟

قطعاً لا ..

هل هم أئمة الفقهاء
أمثال أبي حنيفة ومالك والشافعي
وأحمد وابن حزم و الأوزاعي والثوري ،
وغيرهم من فقهاء الأمة وعلمائها ؟

قطعاً لا ..

هل هم علماء التفسير
أمثال ابن كثير وابن جرير والبغوي
والقرطبي وابن العربي ، وغيرهم ؟

قطعاً لا ..

هل هم قادة القرامطة والفاطميين والرافضة
بمختلف طوائفهـم ونحلهم ؟؟
اللهم نعم .

هل هم أهل الطُرُق الصوفية
من تيجانية وسنوسية ورفاعية وشاذلية ونقشبندية ونحوهم ؟

اللهم نعم ..

هل هم عوام مغرّر بهم
من المالكي وأحزابـه وأسلافـه من
دعاة البـدع والمحدثات؟

اللهم نعم .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 06:41 PM
وإذا كان كذلك ;
ولا شك أن الأمر كما قلنا ،

والمالكي يعترف بأن المولد بدعة
باعتباره لم يكن في الصدر الأول من الإسلام ،
ولكنه يناقض نفسه
حينما يقول بأن المسلمين والعلماء قد استحسنوا المولد ،

والحال أن علية الأمة الإسلامية وصفوتها
ورعيلها الأول من أهل القرون الثلاثة المفضلة
من علماء وزهاد و عباد ،
من صحابة وتابعين وأتباع تابعين ،
لم يكن المولد على عهدهم
ولا عهد لهم به .

إنها المغالطة
إذا لم نقل أنه الجهل المركب منه .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 06:46 PM
ثم مَن المسلمون المعتبرون في اعتبار الحُسْن والقبح
كما جاء به الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه ؟
هل هم القرامطة
والفاطميون
وأصحاب الطُرُق
ممن عشَّش الشيطان في عقولهم فأفسدها ،
فأصبح الحسن عندهم ما رآه الشيطان حسنا ،
والقبيح لديهم ما رآه قبيحا ؟.

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 06:49 PM
هل يستطيع
المالكي وأحزابه وأعوانه وشيـوخه وأئمته
أن يأتوا لنا بقـول أو فعـل أو استحسان للموالد والاحتفال بها
من السلف الصالح
من الصحابة والتابعين وتابع التابعين ،
وصلحاء الأمة من فقهائها ومحدثيها ،
وزهّـادها وعبّـادها ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 06:51 PM
لا شك أنهم سيعجزون
عن أن يأتوا بما تحديناهم أن يأتوا به ،
ولهذا نكتفي بهذا التحدي ،
لثقتنا الكاملة في جدواه ،

نكتفي بذلك عن أن ندخل مع المالكي
في مناقشة لأثر ابن مسعود رضي الله عنه ،
من حيث ثبوته ،
والمقصود به ،
وما ذكره أهل العلم بخصوصه .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 06:54 PM
ونختم رد هذا الدليل
بما ذكره الشاطبي في هذا الخصوص،
فقد عقد الشاطبي رحمه الله
باباً في كتابه ( الاعتصام ) الجزء الثاني ،

ذكر فيه الفرق بين البدعة
وبين الاستحسان والمصالح المرسلة
اللذين أخذ بهما مجموعة من أهل العلم ،
واحتج بهما على مشروعية الابتداع أهل البدع ،

نقتطف من قوله رحمه الله
ما يتسع المجال لاقتطافه ،
ونحيل طالب الاستزاده والتحصيل
إلى الكتاب نفسه .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 06:57 PM
قال رحمه الله :
الباب الثامن
في الفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان :

( هذا الباب يضطر إلى الكلام فيه عند النظر
فيما هو بدعة وما ليس ببدعة ،
فإن كثيراً من الناس عدوا أكثر المصالح المرسلة بدعاً ،
ونسبوها إلى الصحابة والتابعين ،
وجعلوها حجة فيما ذهبوا إليه
من اختراع العبادات .

وقوم جعلوا البدع تنقسم بأقسام أحكام الشريعة ،
فقالوا : إن منها واجب ومندوب ،
وعدوا من الواجب كتب المصحف وغيره ،
ومن المندوب الاجتماع في قيام رمضان على قارئ واحد .

وأيضاً فإن المصالح المرسلة
يرجع معناها إلى اعتبار المناسب
الذي لا يشهد له أصل معين ،
فليس له على هذا شاهد شرعي على الخصوص ،
ولا كونه قياساً بحيث إذا عرض على العقول تلقته بالقبول ،

وهذا بعينه موجود في البدع المستحسنة ،
فإنها راجعة إلى أمور في الدين مصلحية
– في زعم واضعيها –
في الشرع على الخصوص ،
وإذا ثبت هذا فإن كان اعتبار المصالح حقا ;
فاعتبار البدع المستحسنة حق ،
لأنهما يجريان في واد واحد ،
وإن لم يكن اعتبار البدع حقا ;
لم يصح اعتبار المصالح المرسلة )

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:00 PM
– إلى أن قال -

( فلما كان هذا الموضع
مزلة قدم لأهل البدع ،
أن يستدلوا على بدعتهم من جهته ،
كان من الحق المتعين النظر في مناط الغلط ،
الواقع لهؤلاء ،

حتى يتبين أن المصالح المرسلة ليست من البدع ،
في ورد ولا صدر بحول الله ،

والله الموفق

فنقول :
المعنى المناسب الذي يربط به الحكم
لا يخلو من ثلاثة أقسام :

أحدها :

أن يشهد الشرع بقبوله ،
فلا إشكال في صحته ولا خلاف في إعماله ،
وإلا كان مناقضة للشريعة ،
كشريعة القصاص حفظاً للنفوس والأطراف ،
وغيرها .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:04 PM
والثـاني :

ما شهد الشرع برده فلا سبيل إلى قبوله ،

إذ المناسبة لا تقتضي الحكم لنفسها ،
وإنما ذلك مذهب أهل التحسين العقلي ،
بل إذا ظهر المعنى ،
وفهمنا من الشرع اعتباره في اقتضاء الأحكام ;
فحينئذ نقبله ،

فإن المراد بالمصلحة عندنا ما فهم رعايته ،
في حق الخلق في جلب المصالح ودرء المفاسد
لا يستقل العقل بدركه على حال ،

فإذا لم يشهد الشرع باعتبار ذلك المعنى بل برده ;
كان مردوداً باتفاق المسلمين .

ومثاله ما حكى الغزالي عن بعض أكابر العلماء ،
أنه دخل على بعض السلاطين فسأله عن الوقاع في نهار رمضان ،
فقال : عليك صيام شهرين متتابعين ،
فلما خرج راجعه بعض الفقهاء ،
وقالوا له : القادر على إعتاق الرقبة كيف يعدل به إلى الصوم ،
والصوم وظيفة المعسرين ،
وهذا الملك يملك عبيداً غير محصورين .
فقال لهم : لو قلت عليك إعتاق رقبة لاستحضر ذلك وأعتق عبيداً مراراً ،
فلا يزجره إعتاق الرقبة ،
ويزجره صوم شهرين متتابعين .

فهذا المعنى مناسب
لأن الكفارة مقصود الشرع منها الزجر ،
والملك لا يزجره إلا صوم شهرين متتابعين .
وهذه الفتيا باطلة
لأن العلماء بين قائليّـن قائل بالتخيير ، وقائل بالترتيب ،
فيقدم العتق على الصيام ،

فتقديم الصيام بالنسبة إلى المفتى
لا قائل به )

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:10 PM
- إلى أن قال : -

( الثالث :

ما سكتت عنه الشواهد الخاصة ،
فلم تشهد باعتباره ولا بإلغائه ،

فهذا على وجهين ،
أحدهما : ألا يرد نص على وفق ذلك المعنى ،
كتعليل منع القتل للميراث بالمعاملة ،
بنقيض المقصود ،
وعلى تقدير أن لم يرد نص على وفقه ،
فإن هذه العلة لا عهد بها في تصرفات الشرع بالنص ،
ولا بملائمها بحيث يوجد لها جنس معتبر ،
فلا يصح التعليل بها ،
ولا بناء الحكم عليها باتفاق
ومثل هذا تشريع من القائل به فلا يمكن قبوله .

والثاني : أن يلائم تصرفات الشارع ،

وهو أن يوجد لذلك المعنى جنس
اعتبره الشارع في الجملة ،
بغير دليل معين ،

وهو الاستدلال المرسل
المسمى بالمصالح المرسلة ) ،

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:14 PM
- ثم ذكر عشرة أمثلة لتوضيح ذلك ،

ثم قال :
( فهذه أمثـلة عشرة ،
توضح لك الوجه العملي في المصالح المرسلة،
وتبيّن لك اعتبار أمور :

أحدها :

الملائمة لمقاصد الشرع
بحيث لا تنافي أصلاً من أصوله ،
ولا دليلاً من دلائله .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:18 PM
الثاني :

أن عامة النظر فيها إنما هو فيما عقل منها ،
وجرى على وفق المناسبات المعقولة ،
التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول ،
فلا مدخل لها في التعبدات ،
ولا ما جرى مجراها من الأمور الشرعية ،
لأن عامة التعبدات
لا يعقل لها معنى على التفصيل ،
كالوضوء والصيام والصلاة في زمان مخصوص دون غيره ،
ونحو ذلك فليتأمل الناظر الموفق ،
كيف وضعت على التحكم المحض
المنافي للمناسبات التفصيلية .

ألا ترى أن الطهارات على اختلاف أنواعها
قد اختص كل نوع منها بتعبد مخالف جداً
لما يظهر لبادئ الرأي ،
فإن البول والغائط خارجان نجسان
يجب بهما تطهير أعضاء الوضوء دون المخرجين فقط ،
ودون جميع الجسد ،
فإذا خرج المنى أو دم الحيض وجب غسل جميع الجسد ،
دون المخرج فقط ،
ودون أعضاء الوضوء ...

ثم التراب ومن شأنه التلويث،
يقوم مقام الماء الذي من شأنه التنظيف ) .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:22 PM
ثم استمر رحمه الله
في استعراض أنواع العبادة ،
من صلاة وصوم وحج وغير ذلك من أنواع العبادة ،

وأوضح أن التشريع فيها
أمر تعبدي
لا يعقل فيه معنى تفصيلي ،

ثم ذكر الأمر الثالث بقوله :

( الثالث :
أن حاصل المصالح المرسلة يرجع إلى حفظ أمر ضروري ،
ورفع حرج لازم في الدين ،
وأيضاً مرجعها إلى حفظ الضروري
من باب ما لا يتم الواجب إلا به ،
فهي إذاً من الوسائل ،
لأن المقاصد ورجوعها إلى رفع الحرج
راجع إلى باب التخفيف لا إلى التشديد )

- إلى أن قال -
( إذا تقررت هذه الشروط ;
عُلم أن البدع كالمضادة للمصالح المرسلة ،
لأن موضوع المصالح المرسلة
ما عُقل معناه على التفصيل ،

والتعبدات من حقيقتها
ألا يُعقل معناها على التفصيل )

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:29 PM
- إلى أن قال -

( فإذا ثبت أن المصالح المرسلة
ترجع إما إلى حفظ ضروري ،
من باب الوسائل أو التخفيف ،

فلا يمكن إحداث البدع من جهتها ،
ولا الزيادة في المندوبات ،

لأن البدع من باب الوسائل ،
لأنها متعبد بها بالفرض ،
ولأنها زيادة في التكليف
وهو مضاد للتخفيف ،

فحصل من هذا كله
ألا تعلُّق للمبتدع
بباب المصالح المرسلة
إلا القسم الملغي باتفاق العلماء ،
وحسبك به متعلقاً ،
والله الموفق .

وبذلك كله يعلم من قصد الشارع

أنه لم يكل شيئاً من التعبدات
إلى آراء العباد

فلم يبقَ إلا الوقوف عند ما حده ،

والزيادة عليه بدعة ،
كما أن النقصان منه بدعة )

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:41 PM
- ثم قال -

( فصل

وأما الاستحسان
فلأن لأهل البدع أيضاً تعلقاً به،

فإن الاستحسان لا يكون إلا بمستحسن،
وهو إما العقل أو الشرع ،
أما الشرع فاستحسانه واستقباحه قد فرغ منهما ،
لأن الأدلة اقتضت ذلك ،
فلا فائدة لتسميته استحساناً ،
ولا لوضع ترجمة له زائدة
على الكتاب والسنة و الإجماع ،
وما ينشأ عنها من القياس والاستدلال ،

فلم يبق إلا العقل هو المستحسن ،
فإن كان بدليل
فلا فائدة لهذه التسمية لرجوعه إلى الأدلة ،
لا إلى غيرها ،

وإن كان بغير دليل
فذلك هو البدعة التي تستحسن ،

ويشهد لذلك قول من قال في الاستحسان
إنه يستحسنه المجتهد لفعله ،
ويميل إليه برأيه ،
قالوا وهو عند هؤلاء من جنس ما يستحسن في العوائد ،
وتميل إليه الطباع ،
فيجوز الحكم بمقتضاه ،
إذ لم يوجد في الشرع ما ينافي هذا الكلام .

ثم بين أن من التعبدات ما لا يكون عليه دليل ،
وهو الذي يسمى بالبدعة ،
فلا بد أن ينقسم إلى حسن وقبيح ،
إذ ليس كل استحسان حقا )

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:46 PM
- إلى أن قال -

( وقد أتوا بثلاثة أدلة :
أحدها : قول الله سبحانه:
{ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ }[1] ،

وقوله :
{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ }[2] ،

وقوله :
{.. فَبَشِّرْ عِبَادِ *
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }[3]

هو ما تستحسنه عقولهم .

والثاني :
قوله عليه السلام :
" ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن "

وإنما يعني بذلك ما رأوه بعقولهم ،
وإلا لو كان حسنه بالدليل الشرعي
لم يكن من حسن ما يرون ،
إذ لا مجال للعقول في التشريع على ما زعمتم ،
فلم يكن للحديث فائدة
فدل على أن المراد ما رأوه بعقولهم .




===========
[1] - سورة الزمر ، الآية : 55 .
[2] - سورة الزمر ، الآية : 23 .
[3] - سورة الزمر ، الآية : 18 .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:51 PM
والثالث :

أن الأمة استحسنت دخول الحمام من غير تقدير أجرة ،
ولا تقدير مدة اللبث ،
ولا تقدير الماء المستعمل ،
ولا سبب ذلك
إلا أن المشاحة في فعله قبيحة في العادة ،
فاستحسن الناس تركه ،
مع أنا نقطع أن الإجارة المجهولة أو مدة الاستئجار ،
أو مقدار المشترى إذا جهل ;
فإنه ممنوع وقد استحسنت إجارته مع مخالفة الدليل ،
فأولى أن يجوز إذا لم يخالف دليل .

فأنت ترى أن هذا الموضع مزلة قدم أيضاً ،
لمن أراد أن يبتدع
فله أن يقول :
إن استحسنت كذا وكذا
فغيري من العلماء قد استحسن،
وإذا كان كذلك

فلابد من فضل اعتناء بهذا الفصل
حتى لا يغتر به جاهل
أو زاعم أنه عالم ) .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:56 PM
ثم ذهب رحمه الله
في تعريف الاستحسان ومناقشة تعاريفه المختلفة ،
وأقوال أهل العلم في اعتباره وشروطه .

ثم قال بعد ذلك
( فإذا تقرر هذا
فلنرجع إلى ما احتجوا به أولاً
فإن من حد الاستحسان
بأن ما يستحسنه المجتهد
بفعله ويميل إليه برأيه .

فكان هؤلاء يرون هذا النوع من جملة أدلة الأحكام ،
ولا شك أن العقل يجوز أن يرد الشرع بذلك ،
بل يجوز أن يرد بأن ما سبق إلى أوهام العوام مثلاً ،
فهو حكم الله عليهم ،
فيلزمهم العمل بمقتضاه ،

ولكن لم يقع مثل هذا
ولم يُعرف التعبد به
لا بضرورة ولا بنظر
ولا بدليل من الشرع قاطع ولا مظنون ،
فلا يجوز إسناده لحكم الله
لأنه ابتداء تشريع من جهة العقل .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 07:59 PM
وأيضاً فإنا نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم ،
حصروا نظرهم في الوقائع التي لا نصوص فيها
في الاستنباط والرد ،
إلى ما فهموه من الأمور الثابتة ،

ولم يقل أحد منهم إني حكمت في هذا بكذا ،
لأن طبعي مال إليه ،
أو لأنه يوافق محبتي وحناني ،

ولو قال ذلك لاشتد عليه النكير ،
وقيل له من أين لك أن تحكم على عباد الله
بمحض ميل النفس وهوى القلب
هذا مقطوع ببطلانه .

بل كانوا يتناظرون
ويعترض بعضهم بعضا على مأخذ بعض ،
ويحصرون ضوابط الشرع .

وأيضاً فلو رجع الحكم إلى مجرد الاستحسان ;
لم يكن للمناظرة فائدة ،
لأن الناس تختلف أهواؤهم وأغراضهم
في الأطعمة والأشربة واللباس وغير ذلك ،
ولا يحتاجون إلى مناظرة بعضهم بعضاً ،
لم كان هذا الماء أشهى عندك من الآخر ،

والشريعة ليست كذلك .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 08:02 PM
على أن أرباب البدع العملية
أكثرهم لا يحبون أن يناظروا أحداً ،
ولا يفاتحون عالماً ولا غيره
فيما يبتغون خوفاً من الفضيحة
ألا يجدوا مستنداً شرعياً ،

وإنما شأنهم إذا وجدوا عالماً أو لقوه أن يصانعوا ،

وإن وجدوا جاهلاً عامياً
ألقوا عليه في الشريعة الطاهرة إشكالات حتى يزلزلوهم ،
ويخلطوا عليهم ويلبسوا دينهم ،

فإذا عرفوا منهم الحيرة والالتباس ;
ألقوا إليهم من بدعهم على التدريـج شيئاً فشيئاً ،

وذموا أهل العلم بأنهم أهل الدنيا المنكبّون عليها ،
وأن هذه الطائفة هم أهل الله وخاصته .
وربما أوردوا عليهم من كلام غلاة الصوفية
شواهد على ما يلقون عليهم )

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 08:33 PM
- إلى أن قال

( وأما الدليل الأول فلا متعلق به ،
فإن أحسن الاتباع
اتباع الأدلة الشرعية ،
وخصوصاً القرآن،

فإن الله تعالى يقول:
{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا }[1] الآية ،

وجاء في صحيح الحديث الذي أخرجه مسلم ،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته :
" أما بعد فإن
أحسن الحديث كتـاب الله " ،

فيفتقر أصحاب الدليل
أن يبينوا أن ميل الطباع أو أهواء النفوس
مما أُنزل إلينا ،
فضلاً عن أن يكون من أحسنه .


==========
[1] - سورة الزمر ، الآية : 23 .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 08:36 PM
وقوله :
{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }[1] الآية ،

يحتاج إلى بيان أن ميل النفوس يسمى قولاً ،
وحينئذ ينظر إلى كونه أحسن القول ،
كما تقدم ،
وهذا كله فاسد ،

ثم إنا نعارض هذا الاستحسان ;
بأن عقولنا تميل إلى إبطاله وأنه ليس بحجة ،
وإنما الحجة الأدلة الشرعية
المتلقاة من الشرع ،

وأيضاً
فيلزم عليه استحسان العوام ،
ومن ليس من أهل النظر ،
إذا فرض أن الحكم يتبع مجرد ميل النفوس وهوى الطبع ،
وذلك محال للعلم
بأن ذلك مضاد للشريعة
فضلاً عن أن يكون من أدلتها .


==========
[1] - سورة الزمر ، الآية : 18 .

أبو فراس السليماني
2014-10-08, 08:39 PM
وأما الدليل الثاني
فلا حجة فيه
من أوجه :

أحدهما :

أن ظاهره يدل على أن ما رآه المسلمون حسناً فهو حسن ،
والأمة لا تجتمع على باطل ،
فاجتماعهم على حُسن شيء يدل على حسنه شرعاً ،
لأن الإجماع دليلاً شرعياً ،
فالحديث دليل الحكم عليكم
لا لكم .

والثاني :

أنه خبر واحد في مسألة قطعية فلا يُسمع .

والثالث :

أنه إذا لم يرد به أهل الإجماع وأريد بعضهم ;
فيلزم عليه استحسان العوام ،
وهو باطل بإجماع )

إلى أن قال

( فالحاصل أن تعلق المبتدعة بمثل هذه الأمور
تعلق بما لا يغنيهم ولا ينفعهم البتة ..)

إلى آخر ما ذكره .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 12:18 AM
الدليل الثالث عشر
مناقشته ثم رده :-




وذكر المالكي الدليل الثالث عشر بقوله :

الثالث عشر :
أن المولد اجتماع ذكر وصدقة ومدح وتعظيم للجناب النبوي ،
فهو سنة ،
وهذه أمور مطلوبة شرعاً وممدوحة ،
وجاءت الآثار الصحيحة بها ، وبالحث عليها . اهـ .




ونقف مع المالكي في دليله هذا الوقفات التالية :-

الوقفة الأولى :

مع ما ذكره من أن المولد اجتماع ذكر وصدقة . إلى آخر قوله .

و نقول للمالكي :

إن الاحتفالات بالمولد تشتمل على اجتماع كما ذكر ،
ولكنها اجتماعات مشوبة بالمنكرات ،
ففيها الاختلاط بين الرجال والنساء ،
وفيها المعازف بمختلف أنواعها ،
وإذا كانت موالد المالكي لا تشتمل على شيء من ذلك
كما نفاه في رسالته هذه ;

فإنه أثبت لنا بطريق الاعتراف والإقرار
أن موالده تشتمل على تربية العقول
على الأوهام والتخيلات الباطلة ،
والاعتقادات السخيفة ،

حينما يعتقد من يحضر احتفالاته بالمولد
بحضور الحضرة النبوية ،
وتعين القيام لها ،
فاجتماع يشتمل على السخرية بالعقول ،
والأخذ بالاعتقادات السخيفة ،
يضاف إلى ذلك ما يحيط به من منكرات الاختلاط ،
والأغاني والإسراف في المآكل والمشارب ،
والاستجداء من هذه الاحتفالات ،
إلى غير ذلك
مما يعرفه المالكي وأحزابه داخل البلاد وخارجها .
هل يكون هذا الاجتماع بهذا الوضع المزري ،
وبهذه الحال السيئة مطلوب شرعاً مطلوب شرعاً ؟

سبحانك
هذا بهتان عظيم .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 12:24 AM
وإذا كان هذا الاجتماع
يشتمل على ما يزعم المالكي
على الذكر والصدقة
ومدح وتعظيم الجناب النبوي ;

فإن الذكر يعني تلاوة كتب الموالد ودلائل الخيرات ،
وغير ذلك مما يصرخ بالشركيات
والبدعيات ،
والغلو في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم
ورفع مقامه إلى مقام الربوبية والألوهية ،
والصدقة تعني تقديم موائد الأكل والشرب
للمشاركين في هذا الاحتفال ،
من برّ وفاجر ، وغني وفقير ،
وتعنى كما ذكره أهل العلم
والعارفون بخصائص الموالد ;
الاستجداء ،
حيث يتقدم الحاضرون لهذه الاحتفالات
بما تجود به نفوسهم المأخوذة
بدواعي التغرير
والتضليل
والإغراء الكاذب ،

فيجتمع لدى المختص بجمع الأموال
ما يزيد بكثير عن المستلزمات المالية للاحتفال بالمولد ،
فيأخذه المالكي
وأحزابه زعماء الموالد وقادتها .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 12:29 AM
أما المدح والتعظيم للجناب النبوي
فذلك بيت القصيد ،
إن لم يكن ذلك قميص عثمان .
ففي هذه الاحتفالات الترنم ببردة البوصيري
وغيرها من المدائح النبوية
التي ترفع مقام النبي صلى الله عليه وسلم
إلى مقام الربوبية والألوهية كقوله :

يا أكرم الخلق مالي من ألوذ بـه
سواك عند حلول الحادث العمـم

إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي
فضلاً وإلا فـقــل يا زلـة القــدم

فإن من جـودك الدنـيا وضرتهـا
ومن علومـك علم اللـوح والقـلـم

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 12:32 AM
وقول البكري :

ولـُذْ به في كل ما تـرتـجي
فـإنــه المـأمــن والمــعـقــل

ونــادهِ إن أزمــة أنـشـبــت
أظفارها واستحكم المعضـل

يا أكـرم الخـلــق على ربـه
وخيــر من فـيهـم به يُـسـأل

قد مسني الكـرب وكم مـرة
فرّجتَ كـرباً بعـضه يعضل

عجّـل بإذهاب الذي أشتكي
فإن تـوقـفـت فمن ذا أســأل

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 12:34 AM
إلى آخر ما في المدائح النبوية
من الغلو
والإطراء ،
والإفراط
ومخالفة أمر و رغبة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،

وحرصه الشديد في أن تعرف أمته قدره عند ربه ،
فلا تطريه وترفعه إلى مقام لا يرتضيه :

" لا تطروني
كما أطرت النصارى ابن مريم ،
إنما أنا عبد ،
فقولوا
عبدُ الله ورسوله " .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 12:39 AM
فهل في مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وهي في الإتيان بما يُغضب رسول الله ،
وهل الغلو في رسول الله
بما لا يرضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
هل في ذلك سنة ومطلوب شرعاً ؟
أم أن ذلك عين المحظور ،
وجوهر التنكب عن الصراط المستقيم ! .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 12:42 AM
الوقفة الثانية :

عند قوله :
إن الآثار الصحيحة جاءت بها وبالحث عليها .

ونقول للمالكي :

إن كان قصدك أن ذكر الله تعالى ،
والتحدث بنعمه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
والتصدق على من يستحق الصدقة ،
ومدح رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتعظيمه بما لا يخرجه عن مقامه
ولا منزلته التي أنزلها الله إياها ;
إن كان قصدك أن هذه الأمور مأمور بها ومطلوبة شرعاً ;
فهذا حق وصدق وعدل .

إلا أن ذلك
ليس خاصاً
بليلة واحدة
في السنة ،

وإنما هي وغيرها مما أمر به في كتابه ،
أو على لسان رسوله صلى الله عليه و سلم ،
مطلوبة منا شرعاً
وفي كل وقت
وفي كل مكان
ومن كل فرد ،
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بمشروعيتها ،
وبالحث عليها ،

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 12:49 AM
وهذا لا يعني أننا نُسلِّم للمالكي بدليله هذا ،
فقد وقفنا معه الوقفة الأولى
وبينا بُعْده عن مواطن الاستدلال
وأن الذكر والصدقة والمدائح النبوية
التي يُقام الاحتفال للمولد بها ;
ليست الأمور المطلوبة شرعاً ،
بحكم ما يخالطها ويمازجها من المنكرات
والشركيات
والتلاعب بالعقول ،
وإنما هي أمور محظورة شرعاً ،
تغضب الله وتغضب رسوله ،
وتتنافى مع مقتضى شهادة ألا إله إلا الله ،
وأن محمداً رسول الله ،
وتربي العقول على الأخذ بالخيالات
والترهات والوهميات ،
فهل خلط عقل المالكي
فالتبست عليه المتضادات ؟
أم أنه الهوى يُعمي ويُصم ؟ .

رحمك الله أيها الشاطبي ،

فحقاً ما قلت :
بأن أهل البدع لا يستطيعون المناظرة
ومقابلة الحجة بالحجة ،
لأنهم يُشرِّعون بعقولهم المجردة
عن أي مستند شرعي .

وهذا المالكي
من أجناس من قصدت
رحمك الله .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:46 AM
الدليل الرابع عشر
مناقشته ثم ردّه :-




وذكر المالكي الدليل الرابع عشر بقوله :

الرابع عشر :
أن الله تعالى قال :
{ وَكُلاَّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ }[1]،
يظهر منه أن الحكمة في قص أنباء الرسل عليه
تثبيت فؤاده الشريف بذلك ،
ولا شك أننا اليوم نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه وأخباره ،
أشد من احتياجه هو صلى الله عليه وسلم .اهـ .




حقاً إننا محتاجون دائماً وأبداً
وفي كل وقت ،
وليس في ليلة واحدة
بعد مضي ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ،
محتاجون إلى ما يثبت أفئدتنا
ويقوى عزائمنا ويزيد في إيماننا ،
وذلك باتباع أوامر الله تعالى
وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم ،
وبالتزام الطاعة والعبادة
وفق ما شرعه صلى الله عليه وسلم ،
وما هو عليه من صبر وإيمان وجهاد ،
ورأفة تامة بأمته
وحرص منه صلى الله عليه وسلم على اهتدائها ،
وغير ذلك من جوانب الإشراق
في حياته صلى الله عليه وسلم .


==========
[1] - سورة هود ، الآية : 120 .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:51 AM
لا شك أن في دراسة ذلك وتأمله ومتابعته
تقوية لأفئدتنا ، وزاداً لعزائمنا ،
وإيماناً بحكمة وجودنا في هذه الحياة ،

إلا أن ذلك ينبغي أن يكون
في كل وقت
وعلى أي حال وفي كل مناسبة ،
في مساجدنا ومدارسنا ومجالسنا وأجهزة إعلامنا ،

فنحن في أشد وأحوج إلى ما تقوى به عزائمنا ،
وتثبت به أفئدتنا ،

ولا شك أن أفئدتنا ستكون أشد زعزعة ،
وعزائمنا أكثر ضعفاً
إذا كنا لا نسمع أخباره صلى الله عليه وسلم ،
ولا تقص علينا سيرته صلى الله عليه وسلم
إلا مرة في السنة ،
فيها من التلاعب وتسفيه الأحلام ،
والسكوت على المنكرات أو المشاركة بها
ما يعرفه المالكي وأحزابه ،

فهل بعد هذا الجفاء جفاء ؟ ،
وهل بعد هذا الحرمان من حرمان ؟ ،
وهل بعد هذه القطيعة من قطيعة ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:53 AM
لقد أمر الله تعالى أن تكون صلة عباده به قوية
ومتماسكة ومستمرة ،
فقد أوجب على عباده خمس صلوات في كل يوم وليلة ،
وجعل في الصلوات من الأذكار والأقوال
ما يرتفع بها ذكر رسوله صلى الله عليه وسلم ،
كما هو الواقع في التشهد الأول
وما فيه من سلام عليه صلى الله عليه وسلم ،
وشهادة له بالرسالة ،
وما في التشهد الثاني فوق ذلك
من الصلاة عليه وعلى آله
والدعاء لهم بالبركة .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:57 AM
إن المالكي يتشدق
ويظن أنه بهذيانه في رسالته البتـراء
وفي غيرهـا من كتـبـه و رسائله ;

يعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يستحقه ،
وما يدري الجاهل المسكين
أنه بدعوته لإقامة الموالد
يُبعد الناس عن سيرة رسول الله ،
وعن جوانب الإشراق في حياة رسول الله ،
وعن موجبات الاتعاظ وأخذ العبر من جهاد رسول الله ،

حينما لا يكون تذكر ذلك
إلا في ليلة واحدة
بعد ثلاثمائة وأربع وخمسين ليلة ،
ينشغل فيهن الناس بأمور الدنيا وزخارفها ومتعها ،
وينسون ما سمعوه في ليلة المولد
إن سمعوا فيها حقاً وصدقاً ،
وما أقل ذلك وأندره .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:08 AM
الدليل الخامس عشر
مناقشته ثم رده :-




وذكر المالكي الدليل الخامس عشر بقوله :-

الخامس عشر:
ليس كل ما لم يفعله السلف ولم يكن في الصدر الأول فهو بدعة منكرة سيئة
يحرم فعلها ويجب الإنكار عليها،
بل يجب أن يعرض ما أحدث على أدلة الشرع ،
فما اشتمل على مصلحة فهو واجب ،
أو على محرم فهو محرم ،
أو على مكروه فهو مكروه ،
أو على مباح فهو مباح ،
أو على مندوب فهو مندوب ،
وللوسائل حكم المقاصد .
ثم قسم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام :
واجبة كالرد على أهل الزيغ وتعلم النحو ،
ومندوبة كإحداث الربط والمدارس والأذان على المنابر ،
وصنع إحسان لم يعهده في الصدر الأول ،
ومكروهة كزخرفة المساجد وتزويق المصاحف ،
ومباحة كاستعمال المنخل والتوسع في المآكل والمشارب،
ومحرمة وهي ما أحدث لمخالفة السنة ،
ولم تشمله أدلة الشرع العامة ،
ولم يحتو على مصلحة شرعية .اهـ .




الواقع أن العلماء رحمهم الله
لم يهملوا هذه المسألة
بل بحثوها وحققوها تحقيقاً ظهر منه
ما يعتبر بدعة وما لا يعتبر بدعة .

وقد سبق أن قدمنا في الفصل التمهيدي
للدخول مع المالكي في مناقشة أدلته وردها ;

قدمنا نصوصاً لأهل العلم والمحققين منهم
أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية والشاطبي
والعز بن عبد السلام وابـن رجب ،
وغيرهـم مما يغـني عن إعادته .

تحدثوا رحمهم الله عن البدعة
وعن الإحداث في الدين ،
وفندوا رأي من يقسم البدعة إلى حسن وقبيح ،
وذكروا رحمهم الله أن النصوص النبوية في
رد البدعة والتحذير منها
نصوص عامة شاملة ،

لا يمكن أن يخرج من أجزائها أو أفرادها
ما يعتبر حسناً مشروعاً ،
لما في ذلك من الخلل والخطأ ،
والبعد عن روح التشريع ،
من اتهام الدين بالنقص
والرسول بالتقصير في أداء الرسالة ،

وزعزعة الإيمان بمقتضى مدلول قوله تعالى :

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسَْلامَ دِينًا }[1].


==========
[1] - سورة المائدة ، الآية 3 .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:13 AM
ولا شك أن ما أُحدث فينبغي عرضه على أدلة الشرع ،
فما اشتمل على مصلحة ظاهرة ،
وأدلة الشرع العامة تؤيده وتدعو إليه ،
كالرد على
أهل الزيغ والبدع والضلال ،
والنظر فيما يحفظ كتاب الله من جمع ونشر ،
وتصنيف علوم القرآن واللغة والحديث ،
ونحو ذلك مما تؤيده القواعد العامة للتشريع ;
فهذا ليس من قبيل الابتداع ،

ولا نقول بأن السلف الصالح لم يكن على عهد به ،
وقد أحدث بعدهم ،

فالعبرة من هذه الأمور المستحدثة بنتائجها،
ولا شك أن نتائجها محصلة لدى سلفنا الصالح،
فكتاب الله في صدروهم ،
وهم أهل اللغة سليقة ،
فليسوا في حاجة إلى علوم اللغة ،

إلى أن اختلت ألسنة أولادهم ،
بحكم اختلاطهم بالأعاجم ،
فأشار الخليفة الراشد على بن أبي طالب رضي الله عنه
بإيجاد علم النحو لحفظ اللسان العربي ،
ثم تتابعت علوم القرآن واللغة
تحقيقاً لضرورة العناية بكتاب الله
حفظاً وتعلماً وتعليماً ،

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:18 AM
ورد سلفنا الصالح
على أهل الزيغ والضلال حاصل منهم بالفعل ،
فقد ردَّت عائشة رضي الله عنها على الحرورية ،
وردَّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه على غلاة الشيعة ،

وأصل ذلك تحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته
من دعاة السوء والضلال ،
من خوارج وغيرهم ،
وأنه إن أدركهم ليقاتلنهم .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:23 AM
ولا نقول بأن إيقاف الربط ليس له عهد لدى سلفنا الصالح ،
فأين المالكي عن الصفة وأهل الصفة ،
فهي رباط على فقراء الصحابة ،
وهي أصل في مشروعية وقف الأربطة على الفقراء .

ولا نقول بأن المدارس محدثة ،
فأين المالكي عن دار الأرقم المدرسة الأولى في الإسلام ؟
فهي كذلك أصل في إيجاد مدارس
يتعلم فيها أبناء المسلمين أمور دينهم ودنياهم .

أما الأذان على المنابر
فلا يخفى أن الأذان شرع للإعلام بدخول وقت الصلاة ،
وأن المؤذنين في الصدر الأول من الإسلام
كانوا يؤذنون على سطوح المساجد والبيوت
ابتغاء التوسع في الإبلاغ ،
فإذا كان التوسع في الإبلاغ بدخول الوقت مطلباً شرعياً ;
فأي وسيلة إليه مطلوبة شرعاً ،
ولا تعتبر حدثاً لوجود أصلها في الجملة .

أما زخرفة المساجد والمصاحف
فالحمد لله على الإقرار بكراهيتها ،
مع أن النصوص النبوية متوفرة بمنع ذلك والحمد لله .

وأما الأمور المباحة مما لا يُـقصد باستعمالها أمر تعبدي ;
فهي مشمولة بالنص النبوي الكريم
" أنتم أعلم بأمور دنياكم " ،

فما استحدثه الناس في أمور حياتهم
مما لا يتعارض مع النصوص العامة
في مراعاة الاقتصاد والإباحة العامة ;
فلا يُعتبر بدعة ،

فقد عرّف العلماء البدعة
بأنها طريقة محدثة في الدين .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:30 AM
وقد ذكر المالكي ما ذكره بعض أهل العلم
من أن البدعة تجري عليها الأحكام الخمسة :
الوجوب ، والاستحباب ، والإباحة ، والكراهة ، والحظر ،
وذكر أمثلة لكل نوع ،
وجرت مناقشته على تقسيم البدعة ،
ومناقشته على الأمثلة التي ذكرها للأحكام الأربعة ،

وبقي القسم الخامس المتعلق
بالتحريم لمخالفته السنة ،
ولأنه لا يحتوي على مصلحة شرعية ،
ولم تشمله أدلة الشرع العامة ،
ونقول إن هذا القسم الخامس
هو البدعة بعينها ،

وأن الموالد والاحتفال بها ولها;
من أمور البدعة محرّمة
لمخالفتها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

لأن السنة في اصطلاح أهل العلم
هي أقوال الرسول وأفعاله وتقريراته ،
وما عدا ذلك
فهو عمل ليس عـليه أمر رسول الله
صلى الله عـليه وسلم
وإحداث في الديـن ما لـيس منه ،

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:35 AM
وقد اعترف المالكي أن المولد بدعة ،
وأنه لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولا عهد أصحابه
ولا عهد التابعين وتابعيهم ،
من القرون المفضلة الذين هم الصدر الأول للإسلام ،

والمولد بحكم ابتداعه
ونية التعبد به بلا مستند شرعي ; بدعة ،

وهو بحكم ما يشتمل عليه من المنكرات
في الاجتماع من اختلاط وغناء
وإسراف في المآكل والمشارب وانتهاك لحرمة العقول ،
حيث تُجبر على تصديق التخيلات والتوهمات والخرافات
من حضور الحضرة ،
ووجوب تقديم آيات الإجلال والتقدير بالقيام لها ،
واستشعار الرهبة والخشية والخشوع والتذلل
لتوهم حضورها ،

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:38 AM
إن المولد بحكم ابتداعه
وبحكم ما يشتمل عليه مما ذكرنا ،
وما لم نذكره مما يعرفه المالكي وأحزابه ،

لا يكفي أن نقول إن أدلة الشرع العامة لا تشمله ،
ولم يحتو على مصلحة شرعية ،
ولكننا نقول إنه يشتمل على مخالفات شرعية ،
ومضار شرعية ،
وبدع ومنكرات وشركيات
تجعل المخلوق شريكاً للخالق
في مقاليد السموات والأرض،

وتجعل لرسول الله منزلة إلهية ،
حيث يكون من جوده الدنيا وضرتها
ومن علومه علم اللوح والقلم ،
وأن الخلق خلقوا لأجله ،
وأن ليلة مولده أفضل من ليلة القدر
التي نزلت بفضلها وتفضيلها على ألف شهر سورة كاملة ،
وأن قبره أفضل من الكعبة ،
إلى غير ذلك مما يقرأ ويعرض ويتلى
في احتفالات المولد .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:43 AM
فهل يستطيع المالكي
وأحزاب المالكي ،
وأئمة المالكي
وشيوخ المالكي ،
ومن يسلك مسلك المالكي

أن يجدوا للاحتفالات بالمولد
في تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام ؟،

وهل يجدون للمولد مكاناً غير القسم الخامس ،

لما فيها من مخالفة السنة ،
وانتـفاء أدلة الشرع العامة على مشروعيتها ،
وخلوها من المصالح العامة ؟

إنهم إن حكموا عقولهم العامة
وطوحوا بأهوائهم عرض الحيطان ;
فسيسلمون لنا بذلك ،
وإن ركبوا رؤوسهم
فسيأتون من القول بالعجب العجاب ،
ولكنه الزبد يذهب جفاء ،
والباطل يندفع
فيكون زهوقاً .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 08:29 PM
الدليل السادس عشر
مناقشته ثم ردّه :-



وذكر المالكي الدليل السادس عشر بقوله :

السادس عشر : ليست كل بدعة محرمة ،
ولو كان كذلك لحرم جمع أبي بكر وعمر وزيد رضي الله عنهم القرآن ،
وكتبه في المصاحب خوفاً على ضياعه بموت الصحابة القرآء رضي الله عنهم ،
ولحرم جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد في صلاة القيام ،
مع قوله نعمت البدعة هذه ،
وحرم التصنيف في جميع العلوم النافعة ،
ولوجب علينا حرب الكفار بالسهام والأقواس ،
مع حربهم لنا بالرصاص والمدافع والدبابات والطيارات والغواصات والأساطيل ،
وحرم الأذان على المنابر واتخاذ الربط والمدارس والمستشفيات والإسعاف ودار اليتامى والسجون ،
فمن ثم قيد العلماء رضي الله عنهم حديث كل بدعة ضلالة بالبدعة السيئة ،
ويصرح لهذا القيد ما وقع من أكابر الصحابة والتابعين ،
من المحدثات التي لم تكن في زمنه صلى الله عليه وسلم ،
ونحن اليوم قد أحدثنا مسائل كثيرة لم يفعلها السلف ،
وذلك كجمع الناس على إمام واحد في آخر الليل لأداء صلاة التهجد بعد صلاة التراويح ،
وكختم المصحف فيها ، وكقرآءة دعاء ختم القرآن ،
وكخطبة الإمام ليلة سبع وعشرين في صلاة التهجد وكنداء المنادي بقوله :
صلاة القيام أثابكم الله ، فكل هذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ،
ولا أحد من السلف ، فهل يكون فعلنا له بدعة ؟ .



هذا الدليل لنا مع صاحبه عدة وقفات :

الوقفة الأولى :

عند قوله ليست كل بدعة محرمة .

هذا القول قد تكرر منه عدة مرات في أدلته السابقة ،
وتكررت منا الإجابة عليه تبعاً لتكرار إيراده ،

ونقتصر الآن على القول
بأننا لا نسلم للمالكي قوله :
ليست كل بدعة سيئة ،

وسبق أن ذكرنا أقوال المحققين من أهل العلم
في ذلك أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن رجب
والشاطبي والعز بن عبد السلام ،
وردهم على من يقول بقول المالكي ،
بتقسيم البدعة إلى حسنة وقبيحة ،

وتمسكهم بعموم النصوص الدالة على الشمول والإطلاق ،
وانتفاء التخصيص أو القيد .

وذكرنا أن مَن يقسم البدعة إلى خمسة أقسام ،
لا يعني بالأقسام الأربعة : الوجوب ، الندب ، الإباحة ، الكراهة ;
البدعة الشرعية ،
وإنما يعني بذلك البدعة اللغوية ،
بدليل أن أمثلة الأقسام الثلاثة مندرجة تحت نصوص عامة ،
وخاصة من كتاب الله تعالى ،
ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،

والقسم الرابع وهو الإباحة لا تعلق له بالدين ،
وإنما هو من أمور العباد الدنيوية المندرجة
تحت قوله صلى الله عليه وسلم :
أنتم أعلم بشئون دنياكم .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 08:32 PM
أما القسم الخامس
وهو المحرم;
فهو البدعة الشرعية بعينها ،
سواء كان تحريمها لمخالفتها السنة ،
أو لانتفاء مشروعيتها من الأدلة الشرعية العامة ،
أو لخلوها من المصلحة
كما هو الحال في الموالد والاحتفال بها ،

فهي مخالفة للسنة
لكونها مما لم يكن عليه أمر هذا الدين
في الصدر الأول من الإسلام ،

ولاشتمالها على المدائح النبوية
المشتملة على الغلو
والإطراء
والإفراط ،

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 08:36 PM
وقد تواترت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة ،
على التزام القصد في الثناء ،
والنهي عن الغلو والتنطع ،
ومجاوزة الحد في المدح ،
وحماية جناب التوحيد ;
من أن يأتي العباد في تصرفاتهم
بما يخدش كمال التوحيد .

كما أن المصالح الشرعية منتفية عنها ،
و فيها من المضار والمنكرات
ما لا يخفى على عاقل منصف يحب الله ورسوله ،
ويعرف ما الله من حق ،
وما لرسوله من مقام .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 08:39 PM
الوقفة الثانية :

عند اعتباره جمع القرآن من أبي بكر وعمر وزيد بن ثابت بدعة .

لا نعتقد أن أحداً من أهل العلم
ممن يُعتد بهم في علمهم وتقاهم وصلاحهم
وسلامة اعتقادهم
يرى أن جمع القرآن بدعة شرعية ،

لأن البدعة هي الطريقة المحدثة في الدين ،
على غير مثال ،

والله تعالى أمر بحفظ كتابه ،
وحض على ذلك رسول الله صلى الله وسلم ،
وأكد الله سبحانه وتعالى ضمان حفظه كتابه بقوله :

{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }[1] ،

فعمل أبو بكر وعمر وعثمان
هو في الواقع تطبيق عملي لنصوص شرعية من الكتاب ،
والسنة تأمر بذلك وتؤكده ،


===========
[1] - سورة الحجر ، الآية : 9 .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 08:44 PM
وفضلاً عن ذلك
فهو من عمل من أعمال الخلفاء الراشدين المهديين
من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
تلقته الأمة بالقبول والارتياح التامين ،

وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما عليه الخلفاء الراشدون سنة ،
وأمرنا باتباع سنته وسنة خلفائه الراشدين ،

حيث يقول :
" عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ،
تمسكوا بها ،
وعضوا عليها بالنواجذ " .

فقد برأ صلى الله عليه وسلم
ما عليه الخلفاء الراشدون من الابتداع ،
وسمى ما هم عليه سنة ،
وطهَّرها من أن تكون من المحدثات .

فهل يستقيم للمالكي قول معتبر
في تشبيه عمل الصحابة
بعمل القرامطة والفاطميين
وأتباعهم أشياخ المالكي وأئمته ؟

سبحان الله ! .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 08:48 PM
أيها المنكح الثريا سهيلا
عمرك الله كيف يلتقيان

هي شامية إذا ما استقلت
وسهيل إذا استقل يماني

إن التشبيه لا يستقيم له
تشبيه الليل بالنهار،
والظلمات بالنور،
والجهل بالعرفان .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 08:53 PM
الوقـفة الثالثـة :

عند اعتباره جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد
في صلاة قيام الليل بدعة .



ما قلناه في اعتباره جمع القرآن بدعة في ردنا ذلك
نقوله في هذا ،
وإذا كان عمر رضي الله عنه يقول :
" نعمت البدعة هذه " ;

فقد أجمع أهل العلم ،
المعتد بهم على أن المراد ببدعة عمر ;
البدعة اللغوية ،

فعمر رضي الله عنه لم يبتدع هذه الصلاة ;
كما ابتدع أحزاب المالكي
صلاة الرغائب والفاتح لما أغلق ،
وغيرها من الصلوات المردودة على أصحابها
بأوزار ابتداعها ،

فأصل قيام الليل مشروع
من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

فعن جبير بن نفير عن أبي ذر قال :
" صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصل بنا
حتى بقي سبع من الشهر ،
فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ،
ثم لم يقم بنا في الثالثة ،
وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل ،
فقلنا يارسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه ؟
فقال إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف
كتب له قيام ليلة .
ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر ،
فصلى بنا في الثالثة ،
ودعا أهله ونساءه ،
فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح .
فقلنا له وما الفلاح ؟
قال : السحور "

رواه الخمسة ، وصححه الترمذي .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 08:55 PM
وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم

" صلى بالمسجد ، فصلى بصلاته ناس ،
ثم صلى الثانية فكثر الناس ،
ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة ،
فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فلما أصبح قال :
رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم
إلا أني خشيت أن تفرض عليكم ،
وذلك في رمضان "

متفق عليه .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 08:58 PM
وفي رواية
" كان الناس يصلون في المسجد بالليل أوزاع ،
يكون مع الرجل الشيء من القرآن
فيكون معه النفر الخمسة أو السبعة
أو أقل من ذلك أو أكثر ،
يصلون بصلاته ،

قالت :
فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنصب له حصيراً
على باب حجرتي ففعلت ،
فخرج إليهم بعد أن صلى عشاء الآخرة ،
فاجتمع إليه من في المسجد ، فصلى بهم .."
وذكرت القصة .
بمعنى ما تقدم
غير أن فيها أنه لم يخرج إليهم في الليلة الثانية ،

رواه أحمد .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:01 PM
وعن عبد الرحمن بن عبد القادر قال :

خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه
في رمضان إلى المسجد ،
فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلى الرجل لنفسه ،
ويصلي الرجل بصلاته الرهط ،
فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء
على قارئ واحد لكان أمثل ،
ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب ،
ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم ،

فقال عمر
" نعمت البدعة هذه "

رواه البخاري .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:05 PM
فهذه الأحاديث الصحيحة الثابتة
صريحة في مشروعية قيام الليل ،
وأدائها جماعة ،

وإذا كان عمر رضي الله عنه قد جمع الناس وراء قارئ واحد ،
فقد اقتدى برسول الله صلى الله عليه وسلم ،
إذ أن حديث عائشة رضي الله عنها صريح
في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صلى بالمسلمين قيام رمضان ،
إلا أنه لم يداوم على ذلك
خشية أن يُفرض عليهم ،

فلما انتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ،
وانقطع الوحي ، واستقرت الشريعة ،

وصار الأمن مما كان يخشاه صلى الله عليه وسلم
من فرضه على الأمة ;
أنفذ عمر رغبة رسول الله
صلى الله عليه وسلم
في جمع الناس وراء إمام واحد .

فهل في هذا الإجراء من الخليفة الراشد
المأمورين باتباع سنته

مشابهة لما ابتدعه القرامطة والفاطميون
من الاحتفالات بذكرى المولد وغيره ؟

سبحانك
هذا ضلال مبين .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:12 PM
الوقفة الرابعة :

عند اعتباره تصنيف العلوم النافعة ،
وحرب الكفار بالمعدات الحديثة ،
والأذان على المنابر ،
واتخاذ الربط والمدارس والمستشفيات ،
وغير ذلك من وجوه البر والإحسان ،
اتخاذ ذلك بدعة .

لقد سبقت منا مناقشة هذا الاعتبار في الدليل الخامس عشر ،
وقد مللنا التكرار ،
فيغني ذلك عن إعادته .
إلا أننا نذكر المالكي حينما يرى
أن محاربة الكفار بالمعدات الحديثة بدعة،
نذكره بقوله تعالى:
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ }[1] ،

فهل يكون في امتثال أمر الله ابتداع ؟

رحمك الله أيها الشاطبي ،
فقد أكدت لنا القول
بأن أهل البدع
لا يستطيعون المناظرة
مع أهل العلم
لفقرهم إلى ما يسندهم في بدعهم
من الأدلة الموجبة للإقناع .


===========
[1] - سورة الأنفال ، الآية : 60 .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:20 PM
الوقفة الخامسة :

عند قوله :
ويصرح بهذا القيد ما وقع من أكابر الصحابة والتابعين من المحدثات ،
التي لم تكن في زمنه صلى الله عليه وسلم .

ونقول للمالكي إن كان قصدك من هذا
جمع القرآن ونشره ،
وجعل الناس وراء إمام واحد في قيام رمضان ،
وقتال أهل الردة ;
فقد مرت الإجابة عن ذلك
بما يغنى عن إعادته ،

وإن كان القصد أن الصحابة والتابعين
قد أحدثوا في الدين
ما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ;
فإن هذا كذب
وافتراء
وزور
وبهتان ،

فهم رضوان الله عليهم
أبعد الناس عن المخالفة ،
وأولى الناس بالاتباع والاقتداء ،
وأحرص الناس على الوقوف عند سنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،

ونتحدى المالكي وأحزابه
وأبالسة الإنس والجن
من دعاة السوء والابتداع
أن ياتوا لنا بما يصدق عليه
أن يكون بدعة مما يدعيه المالكي
من إحداثات الصحابة وابتداعهم .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:25 PM
سبحان الله ،

يروي أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم :
" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ،
من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ،
إياكم ومحدثات الأمور
فإن كل محدثة بدعة
وكل بدعة ضلالة
وكل ضلالة في النار ،
عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي
تمسكوا بها
وعضوا عليها بالنواجذ ،
ما أحدث قوم بدعة
إلا رفع الله مثلها من السنة " .

وما روي موقوفاً على أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم

كقول ابن مسعود :
اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ،

وقول حذيفة رضي الله عنه :

كل عبادة لم يتعبّدها أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فلا تعبّدوها ،
فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً ،
فاتقوا الله يا معشر القرآء ،
وخذوا بطريق من كان قبلكم .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:29 PM
سبحان الله ،

يروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأحاديث الصحيحة الصريحة
في محاربة الابتداع والتحذير منه ،
ثم يبتدعون ! ،
إنه لبهتان عظيم ،

نشهد ببراءة أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم منه ،

ونسأله تعالى أن ينتقم لأصحاب رسول الله
ممن رماهم بهذا
البهت والافتراء .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:57 PM
الوقفة السادسة :

عند قوله :
ونحن اليوم قد أحدثنا مسائل كثيرة لم يفعلها السلف
إلى آخر الدليل .



تمثيل المالكي على دعواه
بأننا في هذا العصر قد أحدثنا
بجمع الناس على إمام واحد آخر الليل
لأداء صلاة التهجد
مردود
بأن قيام رمضان ثابت
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً ،

فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم
الترغيب في قيام رمضان ،

فقد قال
من قام رمضان إيماناً واحتساباً
غفر له ما تقدم من ذنبه ،

ولم يعين صلى الله عليه وسلم صلاة محدودة للقيام ،
ولا وقتاً له معيناً من الليل ،

وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم
قام أول الليل ووسطه وآخره ،
وأنه صلى الله عليه وسلم صلاها جماعة .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 09:59 PM
ففي كتاب قيام الليل
لأبي عبدالله محمد بن نصر المرزوي
قال :

باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم جماعة ليلاً
تطوعاً في شهر رمضان ،.

فذكر حديث عائشة رضي الله عنها ،
وحديث جبير بن نفير عن أبي ذر المتقدميّن مما أوردنا ،
وذكر حديث النعمان بن بشير بسنده ،

قال :
قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهـر رمضان
ليـلة ثـلاث وعشريـن إلى نصف الليـل ،

ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين
حتى خفنا ألا ندرك الفلاح ،
وكنا نسميه السحور .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:03 PM
وقال في باب اختيار قيام الليل على أوله :

طاووس سمع ابن عباس يقول :
دعاني عمر أتغذى عنده ، يعني السحر ،
فسمع هيعة الناس ،
فقال : ما هذا ؟
فقلت: الناس خرجوا من المسجد ،
قال ما بقي من الليل أفضل مما مضى.

وقال الحسن :
كان الناس يصلون العشاء في شهر رمضان
في زمان عمر بن الخطاب وعثمان بن عثمان ربع الليل الأول ،
ثم يقومون الربع الثاني ،
ثم يرقدون ربع الليل ويصلون فيما بين ذلك .

وكان علي بن أبي طالب إذا تعشى في شهر رمضان
هجع ثم يقوم إلى الصلاة فيصلي .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:05 PM
فهذه الآثار صريحة
في أن قيام الليل غير محدد بوقت ،
ولا بعدد معين من الصلاة ،
وأن إقامة صلاة الليل جماعة
سواء كان ذلك في أول الليل أو وسطه أو آخره
ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
كما أن تعدد أداء صلاة القيام في رمضان
ثابت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وقد تلقت الأمة ذلك بالقبول ،
ولم يقل أحد من أهل العلم
أن قيام التهجد آخر الليل جماعة بدعة ،

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:08 PM
إلا المالكي وأحزابه
ممن لا يعتد بهم في قول أو عمل ،
ولم يكن له ولأحزابه
قصد في محاربة الابتداع ،
وإنما قصده في ذلك
التلبيس والتدليس على الأمة
بمشروعية الابتداع ،

هداه الله وأعاده إلى الصواب .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:12 PM
ومثـَّل المالكي للابتداع في زمننا
بختم القرآن في قيام الليل ،
وهذا أيضاً مردود
بالآثار الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعن أصحابه وتابعيهم ،
وكلها تنص على الترغيب
في تلاوة كتاب الله في قيام الليل
حسبما تقتضي بذلك أحوالهم وقواهم .

ففي قيام الليل لأبي عبدالله المروزي
تحت باب مقدار القرآءة في كل ركعة في قيام الليل
قال ما نصه :

( السائب بن يزيد :
أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميم الداري
أن يقوما للناس في رمضان ،
فكان القارئ يقرأ بالمئتين ،
حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام ،
وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر ) ،

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:13 PM
إلى أن قال

( أبو داود سأل أحمد
عن الرجل يقرأ القرآن مرتين في رمضان ،
يؤم الناس ،
قال :
هذا عندي على قدر نشاط القوم ،
وإن فيهم العمال ،
وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ
أفتان أنت ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:16 PM
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية
ما نصه :

( وأما قرآءة القرآن في التراويح
فمستحب باتفاق أئمة المسلمين ،
بل من أجلّ مقصود التراويح قرآءة القرآن فيها
ليسمع المسلمون كلام الله ،
فإن شهر رمضان فيه نزل القرآن ،
وفيه كان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس ،
وإن أجود ما يكون في رمضان
حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن )[1] . اهـ .


==========
[1] - انظر 23 ، ص 122 من مجموع الفتاوى .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:21 PM
وفي المغني لابن قدامة رحمه الله
ما نصه :

( وسُئل أبو عبدالله عن الإمام في شهر رمضان
يدع الآيات من السورة ،
ترى لمن خلفه أن يقرأها ؟
قال : نعم ، ينبغي أن يفعل ،
قد كانوا بمكة يوكلون رجلاً
يكتب ما ترك الإمام من الحروف وغيرها ،
فإذا كان ليلة الختمة أعاده ،
وإنما استحب ذلك لتتم الختمة ويكمل الثواب )[1] . اهـ .


==========
[1] - انظر ج 2 ، ص 172 من المغنى .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:26 PM
وأما دعاء ختم القرآن في تراويح رمضان أو قيامه ،
فليس كما ذكره المالكي من الأمور المبتدعة ،
وإنما هو من أعمال السلف الصالح ،

وفي ذلك يقول ابن قدامة رحمه الله
في المغنى نقلاً عن إمام أهل السنة وقامع البدعة ،
الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه
ما نصه :

( قال الفضل بن زياد :
سألت أبا عبدالله أختم القرآن أجعله في الوتر أو في التروايح ؟
قال : اجعله في التراويح حتى يكون لنا دعاءين اثنين .
قلت : كيف أصنع ؟ ،
قال : إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع ،
وادع بنا ونحن في الصلاة ،
وأطل القيام . قلت : بمَ أدعُ ؟ ،
قال : بما شئت .
قال : فقلت بما أمرني وهو خلفي يدعو ويرفع يديه .

قال حنبل سمعت أحمد يقول في ختم القرآن :
إذا فرغت من قرآءة { قل أعوذ بربِ الناس }
فارفع يديك بالدعاء قبل الركوع .

قلت : إلى أي شيء تذهب في هذا ؟،
قال: رأيت أهل مكة يفعلونه ،
وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم بمكة .

قال العباس بن عبد العظيم :
وكذلك أدركنا الناس بالبصرة وبمكة .
ويروي أهل المدينة في هذا شيئاً ،
وذكر عن عثمان بن عفان )[1]. اهـ .

==========
[1] - انظر ج 2 ، ص 171 في المغنى .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:33 PM
وأما نداء المنادى بقوله :
صلاة القيام أثابكم الله ،
فعلى فرض أنه بدعة ،
فليس لها وجود في غير الحرمين ،
ولعلها من بقايا أمور [ زيدت ]،
ورؤي أن الخطب في هذه يسير ،
فبقيت

مع أنها في الواقع مستندة إلى أصل
هو مشروعية الإبلاغ للدخول في وقت الصلاة ،
وهذا نوع من الإبلاغ ،
وفيه مصلحة شرعية ،
ويستند إلى أصل عام ،
ولا يترتب عليه من المنكرات شيء مطلقاً ،
كما أنه لا ينطبق عليه تعريف البدعة،
فليس الإبلاغ للدخول في الصلاة محدث في الدين ،

ومع ذلك فلو استغـنى عنه
واقتصر على ما عليه بقية البلاد
لكان ذلك أسلم و أكمل .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:36 PM
إلا أننا لا نسلم للمالكي
تشبيهه هذه المسألة بالموالد والاحتفال بها ،
إلا مع الفارق الكبير ،
كالفارق بين السماء والأرض ،
والعلم والجهل ،
والنور والظلمات ،
والحق والباطل ،

لأن الموالد فضلاً عما هي في واقعها
بدعة واضحة جلية ;
فإنها تشتمل على منكرات وشركيات ،
لو كانت في حد ذاتها مشروعة
لاتجه القول بحرمتها
أشبه مسجد الضرار .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 10:41 PM
الوقفة السابعة :


عن تساؤل المالكي في هذا الدليل ،
بعد إيراده جمع الناس على إمام واحد في التهجد ، وختم القرآن فيه ، ودعاء ختم القرآن ،
وإعلام الناس بالقيام ، واعتباره كل ذلك بدعاً ،
إذا اعتبرنا احتفاله بالمولد بدعة .



ونقول له :

إنك بتشبيهك هذه الأمور بالمولد بين أمرين :
إما أنك جاهل
وفاقد لحاسة الإدراك العلمية ;
لأنك تجمع في تشبيهك بين متضادين ومتناقضين ومتباينين ،
كمن يجمع بين الحق والباطل ،
والظلمات والنور ،
لأن هذه الأمور مؤصلة شرعاً ،
وقد تلقاها الخلف عن السلف الصالح ،
وذكر السلف الصالح مستندهم في اعتبارها
مما مر ذكره وإيضاحه .

أما الاحتفالات بالموالد فلم تُعرف
إلا بعد أن انقرضت القرون الثلاثة المفضلة بأهلها
أهل العلم والإيمان والتقى والصلاح والاتباع والاقتداء ،

ثم ابتدعها ونادى بها
من هو من شر خلق الله
القرامطة و الرافضة والفاطميون ،

وتلقاها عنهم
أهل التصوف والدجل
والغرام بالمحدثات ،
وجعلوا للاحتفالات بها
هيئة تشتمل على الكثير من المنكرات
مما مر ذكره و تكراره .

أبو فراس السليماني
2014-10-09, 11:09 PM
وإما أنك أيها المالكي
تدرك تنكبك عن الصرط السوي ;
إلا أنك تريد المغالطة ،
وإثارة الشبه ،
وبلبلة الأفكار
كما يفعل المغضوب عليهم
ممن عندهم علم لكنهم لم يعملوا به .

ولثقتنا بعلم المالكي وذكائه وقوة إداركه
وحبه للظهور ،
وابتغاء الوجاهة بأي وسيلة ;
فإننا نظن به الثانية ،
لتبقى له قاعدته الشعبية من الرعاع والسذج ،
تقدم له آيات الإجلال والتقدير
بالانحناءات
والخضوع ،
ولحس الأيدي ،
وتلمس البركات .

وإلا فنحن على ثقة كبيرة
من أنه يدرك أن الاحتفالات بالمولد
تجمع من المنكرات والشركيات
والوهميات والخيالات ما لا يخفى
مما مر ذكره وتكراره .

يُلاحظ في هذا ،
أن صاحب الرسالة البتراء
لم يذكر الدليل السابع عشر
لسهو أو غير ذلك
مما يعرفه المؤلف .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:07 AM
الدليل الثامن عشر
مناقشته ثم رده :-



وذكر المالكي الدليل الثامن عشر بقوله :

الثامن عشر :
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه :
ما أحدث وخالف كتاباً أو سنة أو إجماعاً أو أثراً فهو البدعة الضالة ،
وما أحدث من الخير ولم يخالف شيئاً من ذلك فهو محمود . اهـ .
وجرى الإمام العز بن عبد السلام والنووي كذلك وابن الأثير
على تقسيم البدعة إلى ما أشرنا إليه سابقاً . اهـ .




سبق أن أوردنا نصوصاً عن مجموعة من أهل العلم
منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن رجب
والعز بن عبد السلام والشاطبي
وابن النحاس وابن حجر العسقلاني ;

فيها انتقاد صريح وواضح
لتقسيم البدعة إلى جائز ومحظور ،

وقد تنزَّل بعضهم وأخذ بالتقسيم ،

إلا أن الأقسام الجائزة عندهم
لا تسمى بدعة إلا على سبيل اللغوي ،
كما قال عمر في جمع الناس في التراويح على إمام واحد :
نعمت البدعة هذه .
مما له أصل معتبر في الشرع ،
وليس له مردود سيء .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:10 AM
وقد مر بنا استعراض ما ذكروه من ذلك ،
كجمع القرآن ونشره
وتدوين علوم القرآن والحديث واللغة ،
وإيجاد الأربطة والمدارس والمستشفيات والمدارس ;
والرد على اعتبار ذلك بدعاً شرعية ،
وذلك في الرد على الدليل الخامس عشر ،
وتحدثنا عن كل مسألة من هذه المسائل ،
وبينا أن لها أصلاً معتبراً في الشرع ،
وفي الصدر الأول من الإسلام ،

وأن إيرادها لتشبيهها بالمولد والاحتفال به ،
أو تشبيه المولد بها
يعتبر مغالطة وسفهاً من المالكي ،
إن لم يكن ذلك منه جهلاً وضلالا .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:13 AM
وإذا أصر المالكي على أن هؤلاء العلماء الأجلاء
يقصدون بتقسيمهم البدعة إلى حسن وقبيح ،
إجازة إحداث بدع ،
فنحن أولاً لا نوافقه على إصراره ،
لأن لهؤلاء العلماء الذين ذكرهم
مقاماً محموداً في الاتباع
والاقتداء
والاهتداء
والوقوف عند الحدود
التي حدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وحذر من تجاوزها .
لهم في ذلك مقام لا يجاريهم فيه
إلا أسلافهم من الصحابة والتابعين .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:17 AM
وعلى افتراض موافقتنا المالكي على فهمه السيء
عن هؤلاء العلماء الأجلاء ;
فكل يُؤخذ من قوله ويُترك
إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
قال تعالى:
{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }[1] ،

وقال صلى الله عليه وسلم :

" إن خير الحديث كتاب الله
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ،
وشر الأمور محدثاتها
وكل بدعة ضلالة " .


===========
[1] - سورة الحشر ، الآية : 7 .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:22 AM
وقال :
" عليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين المهديين
من بعدي
تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ،
وإياكم ومحدثات الأمور
فكل محدثة بدعة،
وكل بدعة ضلالة ،
وكل ضلالة في النار ".

وقال:
" من أحدث في أمرنا هذا
ما ليس منه
فهو رد " .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:25 AM
فهذه أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بأخذها
وقبولها والعمل بما تقتضيه ،
وكلها ألفاظ صريحة وواضحة
جاءت بلفظ العموم والحصر ،
فليس فيها تخصيص عموم
ولا قيد إطلاق
ولا استثناءات
ولا تقسيمات .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:26 AM
فبربك أيها المالكي ;
أيجوز لنا أن نترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
وما فيه من أمر ونهي وإلزام وتحذير وعموم ;
ونقول قال فلان وقال فلان ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:31 AM
أين محبتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وتشدقك بالتعلق به ،
والفرح والاستبشار بسيرته وشمائله ،

والحال أنه صلى الله عليه وسلم
ينهى عن البدع والمحدثات ،
بلفظ العموم والحصر والاختصاص ،

وتقول : قال فلان وقال علان ;
إن البدعة تنقسم إلى قسمين جائز وممنوع ،
وقبيح وحسن ،
وممدوح ومذموم ؟

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:37 AM
لقد اشتد نكير ابن عباس رضي الله عنهما
على من اعتبر قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ،
في أن الإفراد بالحج أفضل ،

وكان ابن عباس يرى التمتع بالعمرة إلى الحج واجب ،

لحديث سراقة بن مالك حين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم
أن يجعلوها عمرة ،
ويحلوا إذا طافوا بالبيت ،
وسعوا بين الصفا والمروة ،

فقال سراقة :
ألعامنا هذا ، أم للأبد ؟
فقال : بل للأبد .

فقد جاءه رضي الله عنه من قال له :
إن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما
لا يريان التمتع بالعمرة إلى الحج ،
ويريان أن إفراد الحج أفضل .

فقال رضي الله عنه :

يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ،
أقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتقولون قال أبو بكر وعمر ؟ .

فإذا كان هذا قـول بن عـباس رضي الله عـنه
في الخليفتين الراشدين أبي بكـر وعمر،
فكيف بمن ترك قول رسول الله
صلى الله عليه وسلم
لقول من هو دونهما ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:39 AM
وقد ثبت عن الشافعي رحمه الله قوله :

أجمع العلماء على أن من استبانت له
سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يكن له أن يدعها
لقول أحد .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:44 AM
وقال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه :

عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته ،
يذهبون إلى رأي سفيان .

والله تعالى يقول :

{ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }[1] ،

أتدري ما الفتنة ؟
الفتنة الشرك .
لعله إذا ردَّ بعض قوله
أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك . اهـ .


==========
[1] - سورة النور ، الآية : 63 .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:48 AM
أهذه من المالكي محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
يقول صلى الله عليه و سلم بالعموم
وبالحصر وبالاختصاص
في رد البدعة والتحذير منها ،
وبيان مصيرها ومصير أصحابها والعاملين بها .

يقول صلى الله عليه وسلم :
" وكل بدعة ضلالة " ،

ويقول المالكي : لا ،
ليست كل بدعة ضلالة .

أهذا هو الفرح والاستبشار
بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 06:53 AM
أنترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
وما فيه من
قول واضح
ونص صريح
وتوجيه راشد ،

ونقول : قال الشافعي ، قال النووي ، قال ابن الأثير ،
قال فلان ، قال علان ؟!

حقاً يوشك أن تنزل
على أهل هذا الاتجاه السيء
حجارة من السماء
مسوّمة عند ربك
وما هي من الظالمين ببعيد .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 09:20 AM
الدليل التاسع عشر
مناقشته ثم رده :-



وذكر المالكي الدليل التاسع عشر بقوله :

الدليل التاسع عشر :
كل ما تشمله الأدلة الشرعية ،
ولم يقصد بإحداثه مخالفة الشريعة ولم يشتمل على منكر فهو من الدين ،
وقول المتعصب إن هذا لم يفعله السلف ;
ليس دليلاً له ، بل هو عدم دليل .
كما لا يخفى على من مارس علم الأصول ،
فقد سمى الشارع بدعة الهدى سنة ،
و وعد فاعلها أجراً ، فقال عليه الصلاة والسلام :
" من سنّ في الإسلام سنـّة حسنة فعُـمل بها بعده ،
كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء " . اهـ .



هذا الدليل هو في الواقع تكرار للدليل الخامس عشر ،
وإذا كان الدليل الخامس عشر قد بسطه المالكي بقول
جرت مناقشته ورده جملة وتفصيلا ،
فإن هذا الدليل التاسع عشر هو إجمال واختصار
للدليل الخامس عشر ،
ونجاري المالكي في تكراره الممل ،

ونقول له :

إن الاحتفال بالمولد
لم تشمله الأدلة الشرعية العامة أو الخاصة ،
فلم يكن من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا أصحابه
ولا التابعين
ولا تابعيهم احتفال بمولده صلى الله عليه وسلم ،
لا بشكل جماعي ،
ولا بشكل فردي ،
ولم تلق قصائد مدحه صلى الله عليه وسلم
في ذكرى مولده المتكررة بتكرر السنين والأعوام ،

وإنما كانت تلقى في مناسبات تقتضيها الأحوال .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 09:23 AM
وما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم
من صومه يوم الإثنين من كل أسبوع ،
وتعليله ذلك بأنه يوم ولد فيه ;
لا يُعتبر دليلاً على إقامة احتفال سنوي ;
فيه من المنكرات والشركيات والترهات ما الله به عليم ،

فالأول خير محض ،

والثاني إن لم يكن شراً محضاً
فضرره لا يقابل ما فيه من خير إن وجد .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 09:25 AM
والنبي صلى الله عليه وسلم
حينما سُـئل عن صوم يوم الإثنين والخميس ،
قال :
" إنهما يومان تعرض الأعمال فيهما على الله ،
فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم " .

فصيام يوم الإثنين مسنون لعدة أحكام :
أهمها أنه يوم ولد فيه ،
ويوم أنزل عليه القرآن فيه ،
ويوم تعرض فيه أعمال العباد .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 09:30 AM
ونقول له أيضاً

إن المولد أمر محدَث مخالف للشريعة الإسلامية ،
فليس له أصل في الإسلام ،
ولم يكن ممن يعتد بهم وتقتفى آثارهم
في الاتباع والاهتداء والاقتداء
من صحابة أو تابعين أو أتباع تابعين ،

وإنما هو من ابتداع شر أهل الأرض
القرامطة والرافضة ،

ولو كان خيراً
لسبقنا إليه من هم
أحرص منا على ابتغاء الخير ،
وأفقه منا في معرفة طريق الخير ،
وأتقى منا في تتبع ما يهدي إلى الخير ،
وأصدق منا محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ;
وفيما تعنيه محبته من مناهج الخير ،

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 09:35 AM
وقد مات صلى الله عليه وسلم
بعد أن تركها لنا محجة بيضاء ،
ليلها كنهارها ،
لا يزيغ عنها إلا هالك ،

وبعد أن نزلت عليه آخر آية من كتاب الله :
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا }،

ولم يكن في إكمال الدين
وإتمام النعمة
وارتضاء الإسلام ديناً
لنا أمر يدعو إلى إقامة الاحتفال بالمولد ،
فهل كان ربك نسيا ؟
تعالى وتقدَّس .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 09:52 AM
أم أن محمداً صلى الله عليه وسلم قصَّر في أداء الرسالة ;
حينما أغفل الأمر
بإقامة الاحتفالات بمولده صلى الله عليه وسلم ؟
هل أراد حرماننا من الأجر العظيم
والقربة إلى الله تعالى ;
حينما بخل علينا ببيان ما في إقامة المولد من الفضل الجمّ ،
والخير الواسع ;

على ما يدعيه ويزعمه
شيخ البدعة محمد علوي مالكي؟

سبحانك
هذا بهتان عظيم .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 09:56 AM
أما القول بأن المولد لم يشتمل على منكر ،
فهذا قول مردود جملة وتفصيلا،
والمالكي نفسه يعلم كذبه
وبطلان قوله .

ففي الموالد اختلاط الرجال بالنساء ،
واستعمال أنواع المعازف ،
وما فيها من الرقص والغناء أفراداً وجماعات ،
وفيها من الإسراف في تقديم الموائد
المشتملة على المآكل والمشارب مما تعرف منه وتنكر ،
وفيها الاستجداء بطريق التحايل
على العقول المعطلة .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 10:03 AM
وإذا كان المالكي يبرئ موالده من هذه الأمور المنكرة ;
وإن كانت في الواقع
هي الخصائص الرئيسية للاحتفالات بالمولد ;
إذا كان المالكي ينكر هذه الأمور في موالده

فإنه لا يستطيع أن ينكر ما هو أدهى فيها وأمر ،
لا يستطيع أن ينكر ما يتلى في موالده
من المدائح النبوية
المشتملة على
الغلو والإطراء والإفراط والتنطع ،
ورفع منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم
إلى مقام الربوبية والألوهية
من المنع والعطاء
والإحاطة الشاملة ،
واعتباره ملجأ
وملاذاً وصمداً ،
وأن له مقاليد السموات والأرض ،
وأنه نور لا ظل له في شمس ولا قمر ،
وأن الخلق خلقوا لأجله ،
وأن قبره أفضل من الكعبة ،
وليلة مولده أفضل من ليلة القدر ،
وأن له الحق في الإقطاع في الجنة ،
وأنه يعلم الأمور الخمسة
التي استأثر الله تعالى بعلمها :

{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ
وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ }[1] ،

وأن أعمال أمته تعرض عليه ،

إلى غير ذلك

مما لم يقل به
أبو جهل وأبو لهب وأُبيّ بن خلف
وغيرهم من أئمة الكفر والشرك والطغيان ،
ممن يعترفون لله تعالى بتوحيد الربوبية
ويقولون في تبرير دعوتهم أصنامهم
{ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى }[2] .


===========
[1] - سورة لقمان ، الآية : 34 .
[2] - سورة الزمر ، الآية : 3 .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 10:07 AM
كما أن المالكي
لا يستطيع أن ينكر ما تشتمل عليه موالده
من الخيالات والوهميات
في حضور الحضرة النبوية ،
ووجوب القيام لها إجلالاً واحتراماً .

حيث فتح هذا الاعتقاد للشيطان وأعوان الشيطان وأتباع الشيطان
من الإنس والجن أبواب اختلال الأمة ،
وإبعادها عن الموارد الصافية في الشريعة الإسلامية ،
حيث أعطى هذا الاعتقاد مردوداً سيئاً في تفرق الأمة ،
وفساد اعتقادها ،
وانتشار فرق الضلال فيما بينها ;
من قاديانية
واسماعيلية
ونصيرية
وطرق متعددة للمتصوفة
والروافض .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 10:12 AM
أفبعد هذا يستطيع المالكي أن يقول
أن موالده لا تشتمل على منكر ؟ ،

وإن كنا قد كشفنا ما عليه موالده من منكرات وشركيات ،
وإذا كان المالكي بقدر ما وهبه الله من عقل
يستطيع به إدراك الحق من الباطل ،

فهل يعترف لنا بعد ذلك
ببدعية موالده ،
وأنها خالية من الدليل الشرعي ،
ومخالفة للمقتضيات الشرعية ،
ومشتملة على المفاسد والمنكرات ،
وفتح أبواب الشرك بالله
على أوسع مصاريعها ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 01:01 PM
الدليل العشرون
مناقشته ثم رده :-



وذكر المالكي الدليل العشرين بقوله :

الدليل العشرون :
أن الاحتفال بالمولد إحياء لذكرى المصطفى صلى الله عليه وسلم ،
وذلك مشروع عندنا في الإسلام ،
فأنت ترى أن أكثر أعمال الحج
إنما هي إحياء لذكريات مشهودة ومواقف محمودة ،
فالسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمرات والذبح بمنى ;
كلها حوادث ماضية سابقة يحي المسلمون ذكراها
بتجديد صورتها في الواقع .اهـ .



لقد كنا نحسن الظن بالمالكي ،
وبأنه على مستوى طيب من العلم والفهم والإدراك ،
ولكننا بعد ان قرأنا له ما سجلته
يده الزائغة المشلولة
ويراعه المسموم ،
أدركنا أن الرجل في غياهب الجهالات والضلالات ،
ومن أطوع جنود إبليس
للدعوة إلى الشرك بالله ،
والزج بالأمة إلى جاهلية جهلاء ،
بل إلى ما لم تكن عليه جاهلية أبي جهل وأبي لهب وأبي بن خلف
وغيرهم من أقطاب الكفر والشرك والطغيان ،

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 01:06 PM
وإنما إلى جاهلية
تكفر بوحدانية الله تعالى في ربوبيته ،
حينما ينادي المالكي وأتباعه
بأن محمداً صلى الله عليه وسلم ، شريك لله
في مقاليد السموات والأرض،
وأن له حق الإقطاع في الجنة ،
وأن له العلم الشامل ،
ومن ذلك علم اللوح والقـلم والروح
والأمـور الخمسة التي ذكر الله اختصاصه بها ،
وأن قبره أفضل من الكعبة ،
وليلة مولده أفضل من ليلة القدر ،
وأنه نور لا ظل له في شمس ولا قمر ،
إلى آخر ترهات المالكي وأباطيله ،
ومحدثاته وغرائبه وعجائبه
مما ذكره في كتابه السيء
( الذخائر المحمدية ) ،

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 01:13 PM
وإلى جاهلية
تكفر بوحدانية الله تعالى في ألوهيته ;
حينما يعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم
من التقديس والإجلال
ما يجب أن يختص الله تعالى به ،

فيعتبره الملجأ
والملاذ
ومفرّج الكربات العظام ،
وأنه إن توقف
عن تفريج الكربة
فمن ذا يُسأل بعده .

قال إمامه البوصيري :

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
سواكَ عند حلول الحادث العمم

وقال إمامه البكري :

ونــــادِه إن أزمـــة أنــشـبــت
أظفارها واستحكم المعضل

قـد مسنـي الكــرب وكـم مـرة
فـرّجتَ كرباً بعضه يعضل

عجِّـل بإذهـاب الذي أشـتـكـي
فإن توقـفـت فـمن ذا أســأل

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 01:20 PM
كم أنا متألم من قسوتي على المالكي ،
ووصفه بأوصاف مؤلمة ،

ولكنه الغضب في سبيل الله تعالى ،
والقسوة في مجال توحيد الله تعالى ،
والغيرة على حقوق الله تبارك وتعالى ،
والتأسي بعبد الله ورسوله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،
فقد كان شديد الغيرة على حقوق الله ،
شديد الحرص على حماية جناب التوحيد ،
شديد الحرص على أن تعرف أمته منزلته
التي أنزله الله إياها .

ففي سنن النسائي بسند جيد
عن أنس رضي الله عنه ،

أن ناساً قالوا :
يا رسول الله ، يا خيرنا ، و ابن خيرنا ،
وسيدنا وابن سيدنا ،
فقال :
" يا أيها الناس قولوا بقولكم
ولا يستهوينكم الشيطان ،
أنا محمد عبد الله ورسوله ،
ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي
التي أنزلني الله عز وجل " ،

فقد أنكر صلى الله عليه وسلم عليهم
قولهم هذا الإطراء ،
وعلل ذلك بأن الشيطان قد يدخل على الناس
لإفساد دينهم من هذا الباب ،
فسدّه صلى الله عليه وسلم ،
وقطع دابر كل ذريعة توصل إليه .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 01:25 PM
والله سبحانه وتعالى حسيب المالكي
وأشياخه وأئمته وأتباعه
الذين قاموا بفتح باب الشرك بالله على هذه الأمة ،
وغلوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأطروه كما أطرت النصارى ابن مريم ،

فإن النصارى قالوا : إن عيسى ابن الله .
والمالكي وأحزابه قالوا إن محمداً شريك الله
في مقاليد السموات والأرض ،
وأنه الملتجأ والملاذ ،
وأن من علومه علم اللوح والقلم والروح ،
وأنه مفرج الكربات
إلى آخر ما في قائمة المالكي
من أنواع الشرك بالله في ربوبيته وألوهيته .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 02:01 PM
نعم إن المالكي في دليله العشرين ،
يقول :
طالما أن الحج عبارة عن إحياء ذكريات لوقائع تاريخية ;
في السعي و في رمي الجمار وفي الذبح
فلماذا لا نسجل مثل هذه الوقائع كالموالد والإسراء والمعراج ونحو ذلك .

سبحان الله
لم يكتف المالكي
بإشراك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ربه
في الألوهية والربوبية ،

حتى تطاولت نفسه
على الاشتراك مع الله
تبارك وتعالى
في التشريع .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 02:04 PM
لا ندري هل الرجل في مستوى علمي
يسمح لنا بأن نكرر عليه ما سبق
أن ذكرناه عن أهل العلم ;
من منعهم القياس في العبادات ،
وأن تشبيه الابتداع في الدين
برعاية المصالح أو الاستحسان
تشبيه في غير محله ،

لأن العبادات مبنية على التوقيف
وخفاء العلل التفصيلية
التي هي شرط في قيام القياس ،
وذكرنا كلاماً طويلاً للشاطبي يبينه ويوضحه ؟ ،

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 02:08 PM
نعم لا ندري
هل الرجل في مستوى علمي
يسمح لنا بمناقشته المناقشة العلمية ،

أم أن الرجل غاوٍ
في متاهات الابتداع والإحداث ،
والعمل على ابتناء قاعدة شعبية
تسودها روح الغباء
والجهل
والضلال
والسذاجة ،

وطرح العقول في رفوف الزوايا ،
حتى يتم له الدجل والتهريج ،
وتقدم له آيات الإجلال والتقدير
من الأقوال والأفعال .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 02:13 PM
لقد كررنا القول
بأننا ملزمون بالاتباع
لا بالابتداع ،
وأننا ملزمون بالاقتداء والاهتداء
بما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،

وأننا محذرون بلسان رسول رب العالمين ،
صاحب المقام المحمود
والحوض المورود ،
من لا ينطق عن الهوى ،
من أمرنا الله تبارك وتعالى بطاعته ،
وأخذ ما آتانا به :
{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ
وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }[1] ،

محذرون عن
الابتداع والإحداث في الدين .


==========
[1] - سورة الحشر ، الآية : 7 .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 02:15 PM
فلقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله :
" من أحدثَ في أمرنا هذا
ما ليس منه فهو رد .

من عمل عملاً
ليس عليه أمرنا فهو رد .

إياكم ومحدثات الأمور ،
فإن كل محدثة بدعة ،
وكل بدعة ضلالة ،
وكل ضلالة في النار "

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 02:23 PM
وتأدب أصحابه بأدبه صلى الله عليه وسلم
في إنكار الابتداع
والتحذير من الوقوع فيه ،

فابن مسعود رضي الله عنه يقول :
اتبعوا ولا تبتدعوا
فقد كفيتم .

وحذيفة بن اليمان أمين سر رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول :

كل عبادة لم يتعبّدها أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فلا تعبّدوها ،
فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً ،
فاتقوا الله يا معشر القرآء ،
فخذوا بطريق من قبلكم .

فلقد تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم
محجة بيضاء ليلها كنهارها
لا يزيغ عنها إلا هالك .
لا خير إلا دل الأمة عليه ،
ولا شر إلا حذرها عنه ،
بلغ الرسالة أتم بلاغ ،
وأدى الأمانة أحسن أداء ،
ونصح صلى الله عليه وسلم لأمته نصحاً
كان تحقيقـاً وتأكيداً وتطبيقـاً عملياً ،

لقوله تعالى :
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ
بِالْمُؤْمِنِين َ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }[1] .

فهل بعد هذا نترك هذه المحجة البيضاء ،
وهذه الشريعة السمحة الكاملة

لنسمع مع المالكي
مقالة إبليس على لسانه ؟


==========
[1] - سورة التوبة ، الآية : 128 .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 02:27 PM
إن قول المالكي بأن في الحج ذكريات لوقائع تاريخية ،
يجدر بنا أن نأخذ بمثلها في المولد ونحوه ،

يذكرنا بقصة حدوث الشرك في الأرض وكيف بدؤه .

ففي صحيح البخاري
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :

{ وَقَالُوالَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ
وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا
وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا }[1] ،

قال هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ،
فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم
أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا ،
وسموها بأسمائهم ، ففعلوا و لم تعبد ،
حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلم ; عُبدت .

قال ابن القيّم رحمه الله :
قال غير واحد من السلف :
لما ماتوا عكفوا على قبورهم
ثم صوروا تماثيلهم ،
ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم . اهـ .


============
[1] - سورة نوح ، الآية : 23 .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 05:38 PM
الدليل الحادي والعشرون
مناقشته ثم رده :-




ثم ذكر المالكي الدليل الحادي والعشرين بقوله :

واحد وعشرون :
كل ما ذكرناه سابقاً من الوجوه في مشروعية المولد ;
إنما هو في المولد الذي خلا من المنكرات المذمومة التي يجب الإنكار عليها ،
أما إذا اشتمل المولد على شيئ مما يجب الإنكار عليه كاختلاط الرجال بالنساء ،
و ارتكاب المحرمات ،
وكثرة الإسراف مما لا يرضى به صاحب المولد الشريف صلى الله عليه وسلم ;
فهذا لا شك في تحريمه ومنعه ،
لما اشتمل عليه من المحرمات ،
لكن تحريمه حينئذ يكون عارضاً لا ذاتياً ،
كما لا يخفى على من تأمل ذلك . اهـ .



هذا في الواقع ليس دليلاً وإنما هو احتراز منه ،
بأن موالده لا تشتمل
على الرقص والغناء والاختلاط والإسراف في الموائد ،
فإذا اشتمل المولد على شيء من ذلك
كان محرماً لا لذاته ;
وإنما لما اعترضه من منكر يزال ،
فتبقى للمولد مشروعيته ،
هكذا يريد المالكي ويقرر.

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 05:42 PM
لقد كررنا القول
بأن ما تشتمل عليه موالد المالكي
من الكفر بالله في ألوهيته وربوبيته ،
وانتهاك حرمات العقول
بإلزامها بالأخذ بحضور الحضرات الصالحة
من نبوية وغيرها لهذه الاجتماعات ،
وتعين القيام لها احتراماً وإجلالاً ;
هذه الموالد المشتملة على هذه الأمور الشركية
أشد إثماً
وأعظم ذنباً،
وأولى بالإنكار ،
وأجدر ألا تكون ممن يؤمن بالله رباً ،
وبالإسلام ديناً ،
وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً .

أبو فراس السليماني
2014-10-10, 05:50 PM
وما نفاه المالكي عن موالده
يعتبر من المعاصي
التي يدخل أصحابها تحت رحمة الله ومشيئته ،
إن شاء عذبهم بها ،
وإن شاء رحمهم فغفر لهم .

وما أثبتته كتبه في الموالد
يعتبر من الأمور الشركية

التي قال الله تعالى عنها :

{ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا }[1] ،

وقال :
{ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ
وَمَأْوَاهُ النَّارُ
وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أنصار }[2] .

وبناء على ما سبق لنا من بسط وتوضيح وتفصيل
لوجوه ردنا موالد المالكي ،
و إن خلت من الاختلاط والأغاني والرقص ;
فإننا نكتفي بذلك ،
ونحيل عليه .


=============
[1] - سورة النساء ، الآية : 116 .
[2] - سورة المائدة ، الآية : 72 .

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 09:04 PM
رد افتراء المالكي
على شيخ الإسلام ابن تيمية
أنه أجاز المولد


~~~~~~~



وبعد أن استكمل المالكي
مزاعمه الاستدلالية الواحدة والعشرين ;
أورد ما زعمه رأياً لشيخ الإسلام ابن تيمية في المولد ،
وقد أورده بشكل فيه التلبيس والتدليس ،
وعلى طريقة من يقف على المصلين

في قوله تعالى :
{ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ *
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ }[1] ،

ولو كان المالكي ذا أمانة علمية
وخوف من الله تعالى ;
لما تجرأ على أن ينسب لعالم كبير
يُعتبر من أشد عباد الله إنكاراً للبدعة ،
وأولاهم تحقيقاً وتطبيقاً للسنة ،
أن ينسب له رأياً في إجازة المولد ،

حيث قال عنه ما نصه:
( رأي الشيخ ابن تيمية في المولد يقول :
قد يُثاب بعض الناس على فعل المولد ..)
إلى آخر ما ذكره .


===========
[1] - سورة الماعون ، الآية : 4 – 5 .

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 09:08 PM
وقد سبق أن ذكرنا رأيه رحمه الله
في الجزء الثالث والعشرين من مجموع فتاواه ،
ويحسن بنا أن نعيد ماله تعلق بالموضوع ،
فقد قال رحمه الله :

( فلو قوماً اجتمعوا بعض الليالي على صلاة تطوع ،
من غير أن يتخذوا ذلك عادة راتبة
تشبه السنة الراتبة لم يكره .
لكن اتخاذه عادة دائرة بدوران الأوقات مكروه ،
لما فيه من تغيير الشريعة ،
وتشبيه غير المشروع بالمشروع ،

ولو ساغ ذلك لساغ أن يعمل صلاة أخرى وقت الضحى ،
أو بين الظهر والعصر ،
أو تراويح في شعبان ،
أو أذان في العيدين ،
أو حج إلى الصخرة ،
وهذه تغيير لدين الله ،
وتبديل له ،
وهكذا القول في ليلة المولد وغيرها ). اهـ.

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 09:14 PM
ونجدنا الآن مضطرين إلى نقل ما قاله
شيخ الإسلام رحمه الله
في كتابه
( اقتضاء الصراط المستقيم )
عن البدعة ونقد تقسيماتها ،
ورأيه في المولد ،
ونعتذر للقارئ عن طول ما سننقل عن الشيخ من كتابه ،
لأننا في الواقع مضطرون إلى ذلك
لأمرين :

أحدهما :

أن مقام الابتداع أمر خطير ،
وباب دخل منه الشيطان لإفساد العقيدة على المسلمين ،
فقام بوساوسه وهمزاته ولمزاته ونفثاته ،
ففرَّق المسلمين إلى ما تفرق عليه أهل الكتاب ،

وإذا أعطانا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
نَفَسه في الحديث عن موضوع ما
فإنما هي درر العلم وجواهره ،
فهو رحمه الله ينظر بنور الله ،
يعطي المقام حقه ،
والخصم مستحقه ،
وقد أعطانا رحمه الله نَفَسه
في بحث البدعة ونقد تقسيماتها ،
وذكر الأمثلة التطبيقية لها ،
وذلك بأسلوب علمي
مبني على التأصيل والتقعيد ،
مما لا يسع الخصم المنصف
إلا التسليم والقبول .

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 09:18 PM
الأمر الثاني :

أن المالكي عامله الله بعدله
فيما نسبه للشيخ ;
قد افترى على شيخ الإسلام ابن تيمية ،
وذكر عنه أنه يقول بجواز المولد وبإثابة فاعله .

فنحن هنا نورد كلامه رحمه الله
وإن كان طويلاً
إلا أنه يوضح رأيه في الموضوع ،
ويظهر حقيقة الافتراء عليه من المالكي ،
ويرد شبهاته
وشبهات أشياخه
مشائخ الابتداع ،

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 09:46 PM
فقد قال رحمه الله :-

فـصـــل

ومن المنكرات في هذا الباب :
سائر الأعياد والمواسم المبتدعة .

فإنها من المنكرات المكروهات ،
سواء بلغت الكراهة التحريم أو لم تبلغه .

وذلك :
أن أعياد أهل الكتاب والأعاجم
نهي عنها لسببين :

أحدهما :
أن فيها مشابهة للكفار .

والثاني :

أنها من البدع .

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 09:50 PM
فما أُحدث من المواسم والأعياد فهو منكر
وإن لم يكن فيه مشابهة لأهل الكتاب ،

لوجهين :

أحدهما :

أن ذلك داخل في
مسمى البدع والمحدثات ،

فيدخل فيما رواه مسلم في صحيحه
عن جابر قال :

( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا خطب احمرت عيناه ،
وعلا صوته ، واشتد غضبه ،
حتى كأنه منذر جيش ،
يقول : صبحكم ومساكم .
ويقول : بعثت أنا والساعة كهاتين
– ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى –
ويقول : أما بعد ،
فإن خير الحديث كتاب الله ،
وخير الهدي هدي محمد ،
وشر الأمور محدثاتها ،
وكل بدعة ضلالة ) .

وفي رواية للنسائي

( وكل ضلالة في النار ) .

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 09:54 PM
وفيما رواه أيضاً في الصحيح
عن عائشة رضي الله عنها
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

( من عمل عملاً
ليس عليه أمرنا
فهو رَد ).

وفي لفظ في الصحيحين

( من أحدثَ في أمرنا هذا
ما ليس منه
فهو رَد ) .

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 09:58 PM
وفي الحديث الصحيح
الذي رواه أهل السنن عن العرباض بن سارية
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

( إنه من يعش منكم من بعدي فسيرى اختلافاً كثيرا ،
فعليكم بسنتي
وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ،
تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ .
وإياكم ومحدثات الأمور ،
فإن كل بدعة ضلالة ) .

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 10:03 PM
وهذه قاعدة
قد دلت عليها السنة والإجماع ،
مع ما في كتاب الله من الدلالة عليها أيضاً .

قال تعالى :

{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ
شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ
مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ }[1] .

فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله ،
أو أوجبه بقوله أو فعله ،
من غير أن يشرعه الله ;
فقد شرع من الدين
ما لم يأذن به الله .

ومن اتبعه في ذلك
فقد اتخذه شـريكـاً لله ،
شرع له من الدين ما لم يأذن به الله .


==========
[1] - سورة الشورى ، الآية : 21

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 10:06 PM
نعم قد يكون متأولاً في هذا الشرع ،
فيغفر له لأجل تأويله ;
إذا كان مجتهداً الاجتهاد
الذي يُعفى فيه عن المخطئ ،
ويُثاب أيضاً على اجتهاده ،
لكن لا يجوز اتباعه في ذلك ،
كما لا يجوز اتباع سائر من قال أو عمل
قولاً أو عملاً
قد علم الصواب في خلافه ،
وإن كان القائل أو الفاعل
مأجوراً أو معذوراً ،

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 10:11 PM
وقد قال سبحانه :

{ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ
وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا
لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ
سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }[1] ،

قال عدي بن حاتم للنبي صلى الله عليه وسلم :

( يا رسول الله ، ما عبدوهم،
قال :
ما عبدوهم ،
ولكن أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم ،
وحرَّموا عليهم الحلال فأطاعوهم ) .


==========
[1] - سورة التوبة ، الآية : 31 .

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 10:19 PM
فمن أطاع أحداً في دين لم يأذن به الله
من تحليل أو تحريم أو استحباب او إيجاب ;
فقد لحقه من هذا الذم نصيب ،
كما يلحق الآمر الناهي أيضاً نصيب .

ثم قد يكون كل منهما معفواً عنه لاجتهاده ;
ومثاباً أيضاً على اجتهاده ،
فيتخلف عنه الذم لفوات شرطه ،
أو لوجود مانعه ،
وإن كان المقتضى له قائماً ،

ويلحق الذم من يبين له الحق فيتركه ،
أو من قصَّر في طلبه حتى لم يتبين له ،
أو أعرض عن طلب معرفته
لهوى أو لكسل أو نحو ذلك .

أبو فراس السليماني
2014-10-11, 10:31 PM
وأيضاً فإن الله عاب على المشركين شيئين .

أحدهما :
أنهم قد أشركوا به ما لم ينزل به سلطاناً .

والثاني : تحريمهم ما لم يحرمه الله عليهم .

وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
فيما رواه مسلم عن عياض بن حمار ،
عنالنبي صلى الله عليه وسلم قال :

( قال الله تعالى :
إني جعلت عبادي حنفاء ،
فاجتالتهم الشياطين ،
وحرمت عليهم ما أحللت لهم ،
وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم ينزل به سلطاناً ) ،

قال سبحانه :

{ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا
وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ }[1] ،

فجمعوا بين الشرك والتحريم ،

والشرك يدخل فيه كل عبادة لم يأذن الله بها ،
فإن المشركين يزعمون أن عبادتهم إما واجبة ، وإما مستحبة ،
وإن فعلها خير من تركها .
ثم منهم
من عبد غير الله
ليتقرب بعبادته إلى الله ،
ومنهم من ابتدع ديناً عبدوا به الله
في زعمهم ،

كما أحدثه النصارى من أنواع العبادات المحدثة .


==========
[1] - سورة الأنعام ، الآية : 148 .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 04:27 PM
وأصل الضلال في أهل الأرض إنما نشأ من هذيـن :
إما اتخاذ دين لم يشرعـه الله ،
أو تحريم ما لم يحرمه الله .

ولهذا كان الأصل الذي بنى الإمام أحمد
وغيره من الأئمة عليه مذاهبهم ،
أن أعمال الخلق تنقسم إلى
عبادات يتخذونها دينا،
ينتفعون بها في الآخرة ،
أو في الدنيا والآخرة ،
وإلى عادات ينتفعون بها في معايشهم .

فالأصل في العبادات
أن لا يشرع منها
إلا ما شرعه الله ،

والأصل في العادات
أن لا يحظر منها إلا ما حظره الله .

وهذه المواسم المحدثة
إنما نهي عنها
لما حدث فيها من الدين الذي يتقرب به ،
كما سنذكره إن شاء الله .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 04:31 PM
واعلم أن هذه القاعدة
– وهي الاستدلال بكون الشيء بدعة على كراهته –
قاعدة عامة عظيمة ،

وتمامها بالجواب عما يعارضها.

وذلك :
أن من الناس من يقول :
البدع تنقسم إلى قسمين : حسنة وقبيحة ،

بدليل قول عمر رضي الله عنه في صلاة التروايح
( نعمت البدعة هذه ) ،
وبدليل أشياء من الأقوال والأفعال
أُحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وليست بمكروهة ،
أو هي حسنة للأدلة الدالة على ذلك
من الإجماع أو القياس .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 04:36 PM
وربما يضم إلى ذلك
من لم يُحكم أصول العلم
ما عليه كثير من الناس ;
من كثير من العادات ونحوها .
فيجعل هذا أيضاً من الدلائل
على حسن بعض البدع ،

إما بأن يجعل ما اعتاده هو ومن يعرفه إجماعاً ،
وإن لم يعلم قول سائر المسلمين في ذلك ،
أو يستنكر تركه لما اعتاده ،
بمثابة مَن

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ
قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا }[1] ،

وما أكثر ما قد يحتج بعض من يتميز
من المنتسبين إلى علم أو عبادة ،
بحجج ليست من أصول العلم
التي يُعتمد في الدين عليها .



==========
[1] - سورة المائدة ، الآية : 104 .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 04:40 PM
والغرض :

أن هذه النصوص الدالة على ذم البدع ;
معارضة بما دل على حسن بعض البدع ،
إما من الأدلة الشرعية الصحيحة ،

أو من حجج بعض الناس
التي يعتمد عليها بعض الجاهلين ،
أو المتأولين في الجملة .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 04:43 PM
ثم هؤلاء المعارضون لهم هنا مقامان :

أحدهما : أن يقولوا :
إذا ثبت أن بعض البدع حسن وبعضها قبيح ;
فالقبيح ما نهانا عنه الشرع ،
أما ما سكت عنه من البدع فليس بقبيح ،
بل قد يكون حسناً .
فهذا مما قد يقوله بعضهم .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 04:48 PM
المقام الثاني :

أن يُقال عن بدعة سيئة ;
هذه بدعة حسنة ،
لأن فيها من المصلحة كيت وكيت ،
وهؤلاء المعارضون يقولون :
ليست كل بدعة ضلالة .

والجواب :
إما أن القول ( أن
شر الأمور محدثاتها ،
وأن كل محدثة بدعة ضلالة ،
وكل ضلالة في النار )
والتحذير من الأمور المحدثة ;

فهذا نص رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فلا يحل لأحد
أن يدفع دلالته
على ذم البدع ،
ومن نازع في دلالته فهو مراغم .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 04:54 PM
وأما المعارضات ،
فالجواب عنها بأحد قولين :

إما بأن يُقال :
ما ثبت حُسنه فليس من البدع ،
فيبقى العموم محفوظاً لا خصوص فيه .

وإما أن يُقال :
ما ثبت حُسنه فهو مخصوص من هذا العموم ،
فيبقى العموم محفوظاً لا خصوص فيه ،

وإما أن يقال :
ما ثبت حسنه فهو مخصوص من العموم ;
والعام المخصوص دليل
فيما عدا صورة التخصيص ،

فمن اعتقد أن بعض البدع
مخصوص من هذا العموم
احتاج إلى دليل يصلح للتخصيص ،
وإلا كان ذلك العموم اللفظي
موجباً للنهي .

ثم المخصص هو الأدلة الشرعية
من الكتاب والسنة والإجماع
نصاً واستنباطاً .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 04:58 PM
وأما عادة بعض البلاد أو أكثرها ،
وقول كثير من العلماء أو العباد
أو أكثرهم ونحو ذلك ;

فليس مما يصلح أن يكون معارضاً
لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم
حتى يُعارَض به .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 05:08 PM
ومن اعتقد أن أكثر هذه العادات المخالفة للسنن
مجمع عليها ،
بناء على أن الأمة أقرتها ولم تنكرها ;
فهو مخطئ في هذا الاعتقاد .
فإنه لم يزل ولا يزال في كل وقت
من ينهى عن عامة العادات المحدثة المخالفة للسنة.
ولا يجوز دعوى إجماع بعمل بلد
أو بلاد من بلدان المسلمين ،
فكيف بعمل طوائف منهم ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 05:20 PM
وإذا كان أكثر أهل العلم
لم يعتمدوا على عمل علماء أهل المدينة
وإجماعهم في عصر مالك ،
بل رأوا السنة حُجة عليهم ،
كما هي حجة على غيرهم ،
مع ما أوتوه من العلم والإيمان ;

فكيف يعتمد المؤمن العالم
على عادات أكثر من اعتادها عامة ،
أو مَن قيدته العامة ،
أو قوم مترئسون بالجهالة ،
لم يرسخوا في العلم ،
ولا يعدون من أولي الأمر ،
ولا يصلحون للشورى ،
ولعلهم لم يتم إيمانهم بالله وبرسوله ،

أو قد دخل معهم فيها بحكم العادة
قوم من أهل الفضل عن غير رويّة
أو لشبهة أحسن أحوالهم فيها
أن يكونوا فيها بمنزلة المجتهدين من الأئمة والصديقين ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 05:26 PM
والاحتجاج بمثل هذه الحجج ،
والجواب عنها معلوم أنه ليس طريقة أهل العلم ،
لكن لكثرة الجهالة
قد يستند إلى مثلها خلق كثير من الناس ،
حتى من المنتسبين إلى العلم والدين ،

وقد يبدو لذوي العلم والدين فيها مستند آخر
من الأدلة الشرعية،
والله يعلم أن قوله بها وعلمه لها
ليس مستنداً آخر من الأدلة الشرعية ;
وإن كان شبهة،

وإنما هو مستند إلى أمور
ليست مأخوذة
عن الله ولا عن رسوله ،
من أنواع المستندات التي يستند إليها
غير أولي العلم والإيمان ،

وإنما يذكر الحجة الشرعية حجة على غيره ،
ودفعاً لما يناظره .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 05:41 PM
والمجادلة المحمودة :

إنما هي بإبداء المدارك ، وإظهار الحجج ،
التي هي مستند الأقوال والأعمال ،

وأما إظهار الاعتماد
على ما ليس هو المعتمد في القول والعمل ،
فنوع من النفاق
في العلم والجدل والكلام والعمل .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 06:54 PM
وأيضاً :

لا يجوز حمل قوله صلى الله عليه وسلم
( كل بدعة ضلالة )
على البدعة التي نهى عنها بخصوصها ،
لأن هذا تعطيل لفائدة هذا الحديث ،
فإن ما نهى عنه من الكفر والفسوق وأنواع المعاصي ;
قد علم بذلك النهي أنه قد أبيح محرم ،
وسواء كان بدعة أو لم يكن بدعة ،
فإذا كان لا منكر في الدين إلا ما نهى عنه بخصوصه ،
سواء كان مفعولاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أو لم يكن وما نهى عنه ;
فهو منكر ، سواء كان بدعة أو لم يكن ،
صار وصف البدعة عديم التأثير
لا يدل وجوده على القبح ،
ولا عدمه على الحسن ،
بل يكون قوله ( كل بدعة ضلالة ) ،
بمنزلة قوله ( كل عادة ضلالة ) ،
أو ( كل ما عليه العرب والعجم فهو ضلالة ) ،
ويراد بذلك أن ما نهي عنه من ذلك فهو الضلالة ،
وهذا تعطيل للنصوص
من نوع التحريف والإلحاد ;
ليس من نوع التأويل السائغ ،

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:02 PM
وفيه من المفاسد أشياء .


أحدها :

سقوط الاعتماد على هذا الحديث ،
فإن ما علم أنه منهي عنه بخصوصه
فقد علم حكمه بذلك النهي ،
وما لم يعلم فلا يندرج في هذا الحديث ،
فلا يبقى في هذا الحديث فائدة ،

مع كون النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،
كان يخطب به في الجمع ،
ويعده من جوامع الكلم .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:04 PM
الثاني :

أن لفظ البدعة يكون اسماً عديم التأثير ،
فتعليق الحكم بهذا اللفظ أو المعنى
تعليق له بما لا تأثير له ;
كسائر الصفات العديمة التأثير .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:07 PM
الثالث :

أن الخطاب بمثل هذا
إذا لم يقصد إلا الوصف الآخر
– وهو كونه منهياً عنه –
كتمان لما يجب بيانه ،
وبيان لما لم يقصد ظاهره ،

فإن البدعة والنهي الخاص
بينهما عموم وخصوص ،

إذ ليس كل بدعة جاء عنها نهي خاص ،
وليس كل ما جاء فيه نهي خاص بدعة ،
فالتكلم بأحد الاسمين وإرادة الآخر ;
تلبيس محض ،
لا يسوغ للمتكلم إلا أن يكون مدلساً ،
كما لو قال ( الأسود ) وعني به الفرس
أو ( الفرس ) وعني به الأسود .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:10 PM
الرابع :

أن قوله ( كل بدعة ضلالة ،
وإياكم ومحدثات الأمور ) ،

إذا أراد بهذا ما فيه نهي خاص
كان قد أحالهم في معرفة المراد بهذا الحديث
على ما لا يكاد يحيط به أحد ،
ولا يحيط بأكثره إلا خواص الأمة ،
ومثل هذا
لا يجوز بحال .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:13 PM
الخامس :

أنه إذا أريد به ما فيه من النهي الخاص
كان ذلك أقل
مما ليس فيه نهي خاص من البدع ،
فإنك لو تأملت البدع التي نهي عنها بأعيانها ،
وما لم ينه عنها بأعيانها ;
وجدت هذا الضرب هو الأكثر ،

واللفظ العام
لا يجوز أن يُراد به
الصور القليلة أو النادرة .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:18 PM
فهذه الوجوه وغيرها ;
توجب القطع بأن
هذا التأويل فاسد ،
لا يجوز حمل الحديث عليه ،

سواء أراد المتأول أن يعضد التأويل بدليل صارف
أو لم يعضده ،

فإن على المتأول بيان جواز إرادة المعنى
الذي حمل الحديث عليه من ذلك الحديث ،
ثم بيان الدليل الصارف إلى ذلك .

وهذه الوجوه
تمنع جواز إرادة هذا المعنى بالحديث ،

فهذا الجواب
عن مقامهم الأول .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:20 PM
وأما مقامهم الثاني

فيقال :
هب أن البدع تنقسم إلى حسن وقبيح ،
فهذا القدر لا يمنع أن يكون هذا الحديث
دالاً على قبح الجميع ،
لكن أكثر ما يقال :
أنه إذا ثبت هذا حسن ;
يكون مستثنى من العموم ،

وإلا فالأصل
أن كل بدعة ضلالة .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:23 PM
فقد تبين أن الجواب عن كل ما يعارض به
من إنه حسن وهو بدعة ;
إما بأنه ليس بدعة ،
وإما بأنه مخصوص ،

فقد سلمت دلالة الحديث ،
وهذا الجواب
إنما هو عما ثبت حُسنه .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:25 PM
فأما أمور أخرى قد يُظن أنها حسنة
وليست بحسنة ،
أو أمور يجوز أن تكون حسنة ،
ويجوز أن لا تكون حسنة ;
فلا تصلح المعارضة بها ،

بل يجاب عنها بالجواب المركب ،
وهو :
إن ثبت أن هذا حسن فلا يكون بدعة ،
أو يكون مخصوصاً ،
وإن لم يثبت أنه حسن
فهو داخل في العموم .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:30 PM
وإذا عرفت أن الجواب عن هذه المعارضة
بأحد الجوابين فعلى التقديرين :

الدلالة من الحديث باقية ،

لا تُرَد بما ذكروا ،
ولا يحل لأحد
أن يقابل هذه الكلمة الجامعة
من رسول الله صلى الله وسلم الكلية ،
وهي قوله ( كل بدعة ضلالة )
بسلب عمومها ،
وهو أن يقال :
ليست كل بدعة ضلالة ،
فإن هذا إلى مشاقة الرسول
أقرب منه إلى التأويل .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:32 PM
بل الذي يقال فيما يثبت به حسن الأعمال ،
التي قد يقال هي بدعة ،
إن هذا العمل المعين مثلاً ليس ببدعة ،
فلا يندرج في الحديث ،

أو إن اندرج ;
لكنه مستثنى من هذا العموم لدليل كذا وكذا ،
الذي هو أقوى من العموم ،

مع أن الجواب الأول أجود .

أبو فراس السليماني
2014-10-12, 07:35 PM
وهذا الجواب فيه نظر .

فإن قصد التعميم المحيط
ظاهر من نص رسول الله صلى الله عليه وسلم
بهذه الكلمة الجامعة ،
فلا يعدل عن مقصوده
– بأبي هو وأمي
صلى الله عليه وسلم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 06:00 AM
فأما صلاة التراويح :
فليست بدعة في الشريعة ،
بل هي سنة ،

بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله ،
فإنه قال :
( إن الله فرض عليكم صيام رمضان
وسننتُ لكم قيامه ) .

ولا صلاتها جماعة بدعة ،
بل هي سنة في الشريعة ،
بل قد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجماعة
في أول شهر رمضان ليلتين ، بل ثلاثاً ،
وصلاها أيضاً في العشر الآواخر في جماعة مرات ،
وقال :
( إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف
كُتب له قيام ليلة ) ،

لما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح .
رواه أهل السنن .

وبهذا الحديث احتج أحمد وغيره
على أن فعلها في الجماعة أفضل
من فعلها في حال الانفراد .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 06:03 AM
وفي قوله هذا ;

ترغيب في قيام شهر رمضان خلف الإمام ،
وذلك أوكد من أن يكون سنـّة مطلقة .

وكان الناس يصلونها جماعة في المسجد
على عهده صلى الله عليه وسلم ،
ويقرُّهم ،
وإقراره سنـّة منه صلى الله عليه وسلم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 01:20 PM
وأما قول عمر
( نعمت البدعة هذه ) ،
فأكثر المحتجين بهذا
- لو أردنا أن نثبت حكماً بقول عمر الذي لم يخالف فيه –
لقالوا ( قول الصاحب ليس بحجة ) ،

فكيف يكون حجة لهم في خلاف
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

ومن اعتقد أن قول الصاحب حجة
فلا يعتقده إذا خالف الحديث .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 01:22 PM
فعلى التقديرين :

لا تصلح معارضة الحديث
بقول الصاحب .

نعم يجوز تخصيص عموم الحديث
بقول الصاحب الذي لم يخالف ،
على إحدى الروايتين ،
فيفيدهم هذا حسن تلك البدعة ،
أما غيرها فلا .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 01:24 PM
ثم نقول:

أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعة ;
مع حسنها،
وهذه تسمية لغوية ،
لا تسمية شرعية ،

وذلك أن ( البدعة ) في اللغة :
تعم كل ما فُعل ابتداء من غير مثال سابق ،

وأما البدعة الشرعية :
فكل ما لم يدل عليه دليل شرعي .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 01:26 PM
فإذا كان نص رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد دل على استحباب فعل أو إيجابه بعد موته ،
أو دل عليه مطلقاً ولم يعمل به بعد موته ;
ككتاب الصدقة الذي أخرجه أبو بكر الصديق رضي الله عنه ،
فإذا عمل أحد ذلك العمل بعد موته
صح أن يسمى بدعة في اللغة ،
لأنه عمل مبتدأ ،

كما أن نفس الدين الذي جاء به النبي
صلى الله عليه وسلم
يسمى بدعة ،
ويسمى محدثاً في اللغة .

قالت رسل قريش للنجاشي
عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
المهاجـرين إلى الحبشـة

( إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم ،
ولم يدخلوا في دين الملك ،
وجاءوا بدين مُحدَث لا يُعرف ) .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 01:29 PM
ثم إن ذلك العمل الذي يدل عليه الكتاب والسنة
ليس بدعة في الشريعة ،
وإن سُمي بدعة في اللغة ،

فلفظ ( البدعة ) في اللغة
أعم من لفظ ( البدعة ) في الشريعة ،

وقد عُـلم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم
( كل بدعة ضلالة )
لم يُرد به كل عمل مبتدأ ،
فإن دين الإسلام بل كل دين جاءت به الرسل ;
فهو عمل مبتدأ ،

وإنما أراد :
ما ابتدئ من الأعمال
التي لم يشرعها هو
صلى الله عليه وسلم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 05:28 PM
وإذا كان كذلك ،
فالنبي صلى الله عليه وسلم
قد كانوا يصلون قيام رمضان على عهده جماعة وفرادى ،
وقد قال لهم في الليلة الثالثة والرابعة لما اجتمعوا :
( إنه لم يمنعـني أن أخرج إليكم
إلا كراهة أن يُـفرض عليكم ،
فصلوا في بيـوتـكم ،
فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) ،

فعلـل صلى الله عليه وسلم عدم الخروج بخشية الافتراض ،
فعلم بذلك أن المقتضى للخروج قائم ،
وأنه لولا الافتراض لخرج إليهم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 05:30 PM
فلما كان في عهد عمر جمعهم على قارئ واحد ،
وأسرج المسجد ،
فصارت هذه الهيئة
– وهي هيئة اجتماعهم في المسجد
على إمام واحد مع الإسراج –
عملاً لم يكونوا يعملونه من قبل ،
فسمي بدعة ،
لأنه في اللغة يُسمى كذلك ،

وإن لم يكن بدعة شرعية ،
لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح
لولا خوف الافتراض ،
وخوف الافتراض قد زال
بموته صلى الله عليه وسلم ،

فانتفى المعارض .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 05:33 PM
وهكذا جمع القرآن ،
فإن المانع من جمعه على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم
كان أن الوحي كان لا يزال ينزل ،
فيغيّر الله ما يشاء ، ويحكم ما يريد ،

فلو جمع في مصحف واحد
لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت ،

فلما استقر القرآن بموته صلى الله عليه وسلم
واستقرت الشريعة بموته صلى الله عليه وسلم
أمن الناس من زيادة القرآن ونقصه ،
وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم ،
والمقتضى للعمل قائم بسنته صلى الله عليه وسلم ،

فعمل المسلمون بمقتضى سنته ،
وذلك العمل من سنته ،
وإن كان يسمى هذا في اللغة بدعة ،

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 05:35 PM
وصار هذا كنفي عمر ليهود خيبر ونصارى نجران
ونحوهم من أرض العرب ،
فإن النبي صلى الله عليه وسلم عهد بذلك في مرضه ،
فقال:
( أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب ) ،

وإنما لم ينفذه أبو بكر رضي الله عنه
لاشتغاله عنه بقتال أهل الردة ،
وبشروعه في قتال فارس والروم ،

وكذلك عمر لم يمكنه فعله في أول الأمر
لاشتغاله بقتال فارس والروم ،

فلما تمكن من ذلك ;
فعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ،
وإن كان هذا الفعل
قد يسمى بدعة في اللغة ،

كما قال له اليهود
( كيف تخرجنا وقد أقرنا أبو القاسم ؟ ) ،

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 05:52 PM
وكما جاءوا إلى علي رضي الله عنه في خلافته
فأرادوا منه إعادتهم ،
وقالوا ( كتابك بخطك )
فامتنع من ذلك ،

لأن ذلك الفعل من عمر
كان بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وإن كان محدثاً بعده ،
مغيراً لما فعله هو صلى الله عليه وسلم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 05:54 PM
وكذلك دفعه إلى أهبان بن صيفي سيفاً ،

وقوله :
( قاتل به المشركين ،
فإذا رأيت المسلمين قد اقتتلوا فاكسره ) ،

فإن كسره لسيفه وإن كان محدثاً
حيث لم يكن المسلمون يكسرون سيوفهم
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولكن هو بأمره صلى الله عليه وسلم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 05:57 PM
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم :

( خذوا العطاء ما كان عطاء ،
فإذا كان عوضاً عن دين أحدكم فلا تأخذوه ) ،

فلما صار الأمراء يعطون مال الله لمن يعينهم على أهوائهم
وإن كانت معصية ;
كان من امتنع من أخذه متبعاً لسنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،
وإن كان ترك قبول العطاء من أولي الأمر محدثاً ،

لكن لما أحدثوا ما أحدثوه
أحدث لهم حكم آخر بسنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 06:03 PM
ومن هذا الباب :

قتال أبو بكر لمانعي الزكاة ،
فإنه وإن كان بدعة لغوية
من حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقاتل أحداً
على إيتاء الزكاة فقط ،

لكن لما قال :
( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ،
وأن محمداً رسول الله ،
فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهـم وأموالهـم إلا بحقها ،
وحسابهم على الله ) .

وقد علم أن الزكاة من حق لا إله إلا الله ،
فلم يعصم بمجرد قولها من منع الزكاة ،

كما بينه في الحديث الآخر الصحيح :
( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ،
وأن محمداً رسول الله ،
ويقيموا الصلاة ،
ويُؤتوا الزكاة ) ،

وهذا باب واسع .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 06:06 PM
والضابط في هذا
- والله أعلم-

أن يُقال إن الناس لا يحدثون شيئاً
إلا لأنهم يرونه مصلحة ،

إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه ،
فإنه لا يدعوا إليه عقل ولا دين .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 06:07 PM
فما رآه المسلمون مصلحة
نُظر في السبب المحوج إليه ،
فإن كان السبب المحوج إليه
أمراً حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم
لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم
من غير تفريط منا ;
فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه ،

وكذلك تركه
إن كان المقتضى لفعله قائماً على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم
لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم
لمعارض قد زال بموته .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 06:09 PM
وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه ،
أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد ;
فهنا لا يجوز الإحداث .

فكل أمر يكون المقتضى لفعله على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم
موجوداً لو كان مصلحة ولم يُفعل ;
يُعلم أنه ليس بمصلحة .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 06:57 PM
وأما ما حدث المقتضى له بعد موته
من غير معصية الخالق ;
قد يكون مصلحة .

ثم هنا للفـقهاء طريقان :
أحدهما :
أن ذلك يُفعل ما لم يُنـه عنه .
وهذا قول القائلين بالمصالح المرسلة .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:02 PM
والثاني :

أن ذلك لا يفعل ما لم يُؤمر به .

وهو قول من لا يرى إثبات الأحكام بالمصالح المرسلة .

وهؤلاء ضربان :

منهم من لا يثبت الحكم
إن لم يدخل تحت دليل من كلام الشارع أو فعله أو إقراره ،
وهم نفاة القياس .

ومنهم من يثبته بلفظ الشارع أو بمعناه ،
وهو القياسيون .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:04 PM
فأما ما كان المقتضى لفعله موجوداً لو كان مصلحة ،
وهو مع هذا
لم يشرعه ،
فوضعه تغيير لدين الله تعالى ،

وإنما أدخله فيه
من نسب إلى تغيير الدين
من الملوك والعلماء والعباد ،
أو من زل منهم باجتهاد ،

كما روي عن النبي صلى الله عليه سلم
وغير واحد من الصحابة
( إن أخوف ما أخاف عليكم زلة عالم ،
أو جدال منافق بالقرآن ،
وأئمة مضلون ) .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:09 PM
فمثال هذا القسم :

الأذان في العيدين ،
فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء
أنكره المسلمون لأنه بدعة ،

فلو لم يكن كونه بدعة دليلاً على كراهته،
وإلا لقيل:هذا ذكر الله ،
ودعاء للخلق إلى عبادة الله ،
فيدخل في العمومات

كقوله تعالى :
{ اُذْكُرُوا اللَّه ذِكْرًا كَثِيرًا }[1] ،

وقوله تعالى :
{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ }[2] .

أو يقاس على الأذان يوم الجمعة ،

فإن الاستدلال على الأذان في العيدين
أقوى من الاستدلال على حُسْن أكبر البدع .


===========
[1] - سورة الأحزاب ، الآية 41 .
[2] - سورة فصلت ، الآية : 33 .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:13 PM
بل يقال :

ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم له
مع وجود ما يعتقد مقتضياً،
وزوال المانع ;
سنـّة ،
كما أن فعله سنـّة .

فلما أمر بالأذان في الجمعة ،
وصلى العيدين بلا أذان ولا إقامة ،
كان ترك الأذان فيهما سنـّة ،

فليس لأحد
أن يزيد في ذلك ،

بل الزيادة في ذلك
كالزيادة في أعداد الصلاة ،
وأعداد الركعات ،
أو الحج ،

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:17 PM
فإن رجلاً لو أحب أن يصلي الظهر خمس ركعات وقال :
هذا زيادة عمل صالح ،
لم يكن له ذلك .

وكذلك لو أراد أن ينصب مكاناً آخر
يُقصد لدعاء الله فيه وذكره ،
لم يكن له ذلك ،

وليس له أن يقول : هذه بدعة حسنة ،

بل يقال له :
كل بدعة ضلالة .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:27 PM
ونحن نعلم أن هذا ضلالة
قبل أن نعلم نهياً خاصاً عنها ،
أو نعلم ما فيها من المفسدة ،

فهذا مثال لما حدث ،
مع قيام المقتضى له وزوال المانع ،
لو كان خيراً
فإن كل ما يبديه المحدث لهذا من المصلحة ،
أو يستدل به من الأدلة
قد كان ثابتاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ومع هذا
لم يفعله رسول الله
صلى الله عليه وسلم ،

فهذا الترك سنـّة خاصة ،
مقدمة على كل عموم وكل قياس .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:30 PM
ومثال ما حدثت الحاجة له من البدع
بتفريط من الناس
تقديم الخطبة على الصلاة في العيدين ،

فإنه لما فعله بعض الأمراء أنكره المسلمون ،
لأنه بدعة ،
واعتذار من أحدثه
بأن الناس قد صاروا ينفضّون قبل سماع الخطبة ،
وكانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا ينفضّون حتى يسمعوا
أو أكثرهم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:34 PM
فيقال له :
سبب هذا تفريطك ،

فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطبهم خطبة
يقصد بها نفعهم وتبليغهم وهدايتهم ،
وأنت تقصد إقامة رياستك ،

وإن قصدت صلاح دينهم
فلست تعلمهم ما ينفعهم ،

فهذه المعصية منك
لا تبيح لك
إحداث معصية أخرى ،

بل الطريق في ذلك
أن تتوب إلى الله
وتتبع سنـّة نبيه ،
وقد استقام الأمر .
وإن لم يستقم
فلا يسألك الله إلا عن عملك
لا عن عملهم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:41 PM
وهذان المعنيان مَن فهمهما
انحل عنه كثير من شُبه البدع المحدَثة ،

فإنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال :
( ما أحدث قوم بدعة
إلا نزع الله عنهم
من السنـّة مثلها ) .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:47 PM
وقد أشرت إلى هذا المعنى فيما تقدم ،
وبيّـنت أن
الشرائع أغذية القلوب ،

فمتى ما اغتذت القلوب بالبدع
لم يبقَ فيها فضل للسنن ،
فتكون بمنزلة من اغتذى بالطعام الخبيث .

وعامة الأمراء إنما أحدثوا أنواعاً من السياسات الجائرة ،
من أخذ أموال لا يجوز أخذها ،
وعقوبات على الجرائم لا تجوز ،
لأنهم فرّطوا في المشروع
من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 07:50 PM
وإلا فلو قبضوا ما يسوغ قبضه ،
ووضعوه حيث يسوغ وضعه ،
طالبين بذلك إقامة دين الله
لا رياسة أنفسهم ،
وأقاموا الحدود المشروعة
على الشريف والوضيع ،
والقريب والبعيد ،
متحررين في ترغيبهم وترهيبهم
للعدل الذي شرعه الله ;

لما احتاجوا إلى المكوس الموضوعة ،
ولا إلى العقوبات الجائرة ،
ولا إلى من يحفظهم من العبيد والمستعبدين ،

كما كان
الخلفاء الراشدون
وعمر بن عبدالعزيز
وغيرهم من أمراء بعض الأقاليم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 08:35 PM
وكذلك العلماء إذا أقاموا كتاب الله ،
وفقهوا ما فيه من البينات التي هي حجج الله ،
وما فيه من الهدى
الذي هو العلم النافع والعمل الصالح ،
وأقاموا حكمة الله
التي بعث بها رسوله صلى الله عليه وسلم وهي سنته ;

لوجدوا فيها من أنواع العلوم النافعة
ما يحيط بعلم عامة الناس ،
ولميزوا حينئذ بين المحق والمبطل من جميع الخلق ،
بوصف الشهادة التي جعلها الله لهذه الأمة ،

حيث يقول الله عز وجل :
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا
لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ }[1]،

ولاستغنوا بذلك
عما ابتدعه المبتدعون
من الحجج الفاسدة ،
التي يزعم الكلاميون أنهم ينصرون بها أصل الدين،

ومن الرأي الفاسد الذي يزعم القياسيون أنهم يتمون به فروع الدين ،

وما كان من الحجج صحيحاً ،
ومن الرأي سديداً
فذلك له أصل
في كـتاب الله وسنـّة رسوله ،
فهمه من فهمه ،
وحرمه من حرمه .


============
[1] - سورة البقرة ، الآية : 143 .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 08:40 PM
وكذلك العباد ;
إذا تعبّدوا بما شرع الله
من الأقوال والأعمال ظاهراً وباطناُ ،
وذاقوا طعم الكلم الطيب ،
والعمل الصالح الذي بعث الله به رسوله ;
لوجدوا في ذلك من الأحوال الزكية ،
والمقامات العلية ، والنتائج العظيمة ;
ما يغنيهم عما قد حدث في نوعه ،
كالتغبير ونحوه من السماعات المبتدعة
الصارفة عن سماع القرآن ،

وأنواع من الأذكار والأوراد لفَّـقها بعض الناس ،

أو في قدره كزيادات من التعبّدات
أحدَثها من أحدثها
لنقص تمسكه بالمشروع منها ،

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 08:46 PM
وإن كان كثير من العباد والعلماء بل والأمراء
قد يكون معذوراً فيما أحدثه لنوع اجتهاد .

فالغرض أن يعرف الدليل الصحيح ،

وإن كان التارك له قد يكون معذوراً لاجتهاده ،
بل قد يكون صديقاً عظيماً ،

فليس من شرط
الصديق أن يكون قوله كله صحيحاً ،
وعمله كله سنـّة ،
إذ قـد يكون بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

وهذا باب واسع .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 08:49 PM
والكلام في أنواع البدع وأحكامها وصفاتها
لا يتسع له هذا الكتاب ،

وإنما الغرض التنبيه
على ما يزيل شبهة المعارضة للحديث الصحيح الذي ذكرناه ،
و التعريف بأن النصوص الدالة على ذم البدع
مما يجب العمل بها .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 09:33 PM
والوجه الثاني
في ذم المواسم والأعياد المحدثة :

ما تشتمل عليه من الفساد في الدين ،

واعلم أنه ليس كل واحد ;
بل ولا أكثر الناس يدرك فساد هذا النوع من البدع ،
ولا سيما إذا كان من جنس العبادات المشروعة ،
بل أولو الألباب هم الذين يدركون بعض ما فيه من الفساد ،
والواجب على الخلق
اتباع الكتاب والسنـّة ،
وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة ،

فننبّـه على بعض مفاسدها .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 09:35 PM
فمن ذلك ;

أن من أحدثَ عملاً في يوم ،
كإحداث صوم أول خميس من رجب ،
والصلاة في ليلة تلك الجمعة
التي يسميها الجاهلون
صلاة الرغائب مثلاً ،

وما يتبع ذلك من إحداث أطعمة وزينة ،
وتوسيع في النفقة ،
ونحو ذلك ;

فلا بد أن يتبع هذا العمل
اعتقاد في القلب .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 09:39 PM
وذلك ;

لأنه يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله ،
وأن الصوم فيه
مستحب فيه استحباباً زائداً
على الخميس الذي قبله ،
والذي بعده مثلاً ،
وأن هذه الليلة أفضل من غيرها من ليالي الجمع ،
وأن الصلاة فيها
أفضل من الصلاة في غيرها من ليالي الجمع ، خصوصاً ،
وسائر الليالي عموماً ،

إذ لولا قيام هذا الاعتقاد في قلبه
أو في قلب متبوعه ;
لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة ،
فإن الترجيح من غير مرجح ممتنع .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 09:41 PM
وهذا المعنى قد شهد له الشرع بالاعتبار في هذا الحكم ،
ونص على تأثيره ،
فهو من المعاني المناسبة المؤثرة ،

فإن مجرد المناسبة مع الاقتران
يدل على العلة عند من يقول بالمناسب الغريب ،
وهم كثير من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم ،
ومن لا يقول إلا بالمؤثرة ;

فلا يكتفى بمجرد المناسبة ،
حتى يدل الشرع على أن مثل ذلك الوصف
مؤثر في مثل ذلك الحكم ،

وهو قول كثير من الفقهاء أيضاً من أصحابنا وغيرهم .

وهؤلاء إذا رأوا أن في الحكم المنصوص
معنى قد أثر في مثل ذلك الحكم ،
في موضوع آخر ،
عللوا ذلك الحكم المنصوص به .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 09:48 PM
وهنا قول ثالث

قاله كثير من أصحابنا وغيرهم أيضاً وهو :

أن الحكم المنصوص لا يُعلل
إلا بوصف
دلَّ الشرع على أنه معلل به ،
ولا يكتفى بكونه علل به نظيره أو نوعه .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 09:50 PM
وتلخيص الفرق بين الأقوال الثلاثة :

أنا إذا رأينا الشارع قد نص على الحكم ودل على علته ،
كما قال في الهرة
( إنها ليست بنجس
إنها من الطوافين عليكم والطوافات ) .

فهذه العلة تسمى المنصوصة أو المومى إليها ،
علمت مناسبتها أو لم تعلم ،
فيعمل بموجبها باتفاق الطوائف الثلاث ،

وإن اختلفوا :
هل يسمى هذا قياساً ، أو لا يسمى ؟ .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 09:54 PM
ومثاله في كلام الناس:

ما لو قال السيد لعبده:
لا تُدخل داري فلاناً ،
فإنه مبتدع ،
أو فإنه أسود ونحو ذلك ،

فإنه يفهم منه :
أنه لا يُدخل داره من كان مبتدعاً ،
أو من كان أسود .

وهو نظير أن يقول :
لا تدخل داري مبتدعاً ولا أسودا .

ولهذا نعمل نحن بمثل هذا من باب الإيمان ،

فلو قال :

لا لبست هذا الثوب الذي يمنُّ به عليَّ فلان ;
حنث بما كانت منته فيه
مثل منته وهو ثمنه
ونحو ذلك .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 09:57 PM
وأما إذا رأينا الشارع قد حكم بحكم
ولم يذكر علته ،
لكن قد ذكر علة نظيره أو نوعه ،
مثل أنه جوَّز للأب أن يزوج ابنته الصغيرة البكر بلا إذنها ،
وقد رأيناه جوَّز له الاستيلاء على مالها لكونها صغيرة ،
فهل نعتقد أن علة النكاح هي الصغر مثلاً ؟ .
كما أن ولاية المال كذلك ،

أم نقول :
بل قد يكون لنكاح الصغيرة علة أخرى ،
وهي البكارة مثلاً ،
فهذه العلة هي المؤثرة .
أي قد بين الشارع تأثيرها في حكم منصوص ،
وسكت عن بيان تأثيرها
في نظير ذلك الحكم .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 09:59 PM
فالفريقان الأولان
يقولان بها ،
وهو في الحقيقة إثبات للعلة بالقياس ،

فإنه يقول :
كما أن هذا الوصف أثر في الحكم في ذلك المكان ،
كذلك يؤثر فيه في هذا المكان .

والفريق الثالث :
لا يقول بها إلا بدلالة خاصة ،
لجواز أن يكون النوع الواحد من الأحكام
له علل مختلفة .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 10:01 PM
ومن هذا النوع :

أنه صلى الله عليه وسلم
( نهى عن بيع الرجل على بيع أخيه ،
أو أن يسوم الرجل على سوم أخيه ،
أو يخطب الرجل على خطبة أخيه ) .

فيعلل ذلك بما فيه من فساد ذات البين ،

كما علل به في قوله :
( لا تنكح المرأة على عمتها ،
ولا على خالتها ،
فإنكم إذا فعلتم ذلك ;
قطعتم أرحامكم ) .

وإن كان هذا المثال يظهر التعليل فيه
مالا يظهر في الأول ;
فإنما ذاك
لأنه لا يظهر فيه وصف مناسب للنهي إلا هذا .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 10:03 PM
وأكبر دليل خاص على العلة ونظيره
من كلام الناس ;
أن يقول :
لا تعط هذا الفقير فإنه مبتدع ،
ثم يسأله فقير آخر مبتدع ،
فيقول : لا تعطه ،
وقد يكون ذلك الفقير عدواً له ،
فهل يحكم بأن العلة هي البدعة ، أم يتردد ؟
لجواز أن تكون العلة هي العداوة .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 10:06 PM
وأما إذا رأينا الشارع قد حكم بحكم ،
ورأينا فيه وصفاً مناسباً له ،
لكن الشارع لم يذكر تلك العلة ،
ولا علل بها نظير لك الحكم في موضوع آخر ;

فهذا هو الوصف المناسب الغريب ،
لأنه لا نظير له في الشرع ،
ولا دلَّ كلام الشارع وإيماؤه عليه .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 10:09 PM
فجوَّز الفريق الأول اتباعه ،
ونفاه الآخران .

وهذا إدراك لعلة الشارع ،
بنفس عقولنا من غير دلالة منه ،
كما أن الذي قبله إدراك لعلته بنفس القياس على كلامه ،
والأول إدراك لعلته بنفس كلامه .

ومع هذا فقد تعلم علة الحكم المعين بالسبر ،
وبدلالات أخرى .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 10:11 PM
فإذا ثبتت هذه الأقسام

فمسألتنا من باب العلة المنصوصة في موضع،
المؤثرة في موضوع آخر .

وذلك:
أن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى عن تخصيص أوقات بصلاة أو صيام ،

وأباح ذلك
إذا لم يكن على وجه التخصيص .

أبو فراس السليماني
2014-10-13, 10:13 PM
فروى مسلم في صحيحه
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ،
ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام ،
إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم ) .