السلام عليكم ورحمة الله؛
أريد أن أعرف الدليل على تعريف العلماء للعبادة، فليُدلي الإخوة بارك الله فيهم في هذا.
أرجوا أن يبدأ كل أخٍ مشاركٍ بتعريف العبادة أولا، ثم يذكر الدليل الشرعي على ذلك التعريف. بارك الله فيكم جميعا!
والسلام عليكم.
السلام عليكم ورحمة الله؛
أريد أن أعرف الدليل على تعريف العلماء للعبادة، فليُدلي الإخوة بارك الله فيهم في هذا.
أرجوا أن يبدأ كل أخٍ مشاركٍ بتعريف العبادة أولا، ثم يذكر الدليل الشرعي على ذلك التعريف. بارك الله فيكم جميعا!
والسلام عليكم.
وعليكم السلام ورحمة الله - بارك الله فيك اخى-أبو خبيب الصومالي-قال جل وعلا - :"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"-وقال تعالى وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ". الأنبياء الآية 25
تعريف العبادة لغةً:هي التذلل والخضوع فيقال بعير معبد أي مذلل، وطريق معبد أي مذلل، ذللته الأقدام.قال الراغب: (العبودية: إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل)-قال الزجاج (ومعنى العبادة في اللغة: الطاعة مع الخضوع) (2) وقال الجوهري (أصل العبودية: الخضوع والتذلل)------ قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - العبادة روحُها وحقيقتُها تحقيقُ الحبِّ والخضوع لله؛ فالحب التام والخضوع الكامل لله هو حقيقة العبادة، فمتى خلت العبادة من هذين الأمرين أو من أحدهما فليست عبادة؛ فإن حقيقتها الذل والانكسار لله، ولا يكون ذلك إلا مع محبته المحبة التامة التي تتبعها المحاب كلها---وعرفها بتعريف شيخ الاسلام بن تيمية فقال: العبادة والعبودية لله اسم جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه من العقائد، وأعمال القلوب، وأعمال الجوارح؛ فكل ما يقرب إلى الله من الأفعال، والتروك فهو عبادة؛ ولهذا كان تارك المعصية لله متعبداً متقرباً إلى ربه بذلك.
ومنه قول طرفة بن العبد في معلقته المشهورة يصف ناقته:
تباري عتاقاً ناجيات وأتبعت *** وظيفاً وظيفاً فوق مور معبد
فقوله: فوق مور معبد: أي فوق طريق مذلل من كثرة السير عليه، فالمور هو الطريق.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن العبادة تطلق إطلاقين:
1_ الفعل الذي هو التَّعَبُّد.2_ المفعول وهو المُتَعَبَّدُ به أو القربة.مثال ذلك الصلاة ففعلها عبادة وهو التعبد، وهي نفسها عبادة وهي المتعبد به.-------------------------ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه ((العبودية)) ما معناه
أن العبد لايخرج في طوره على نوعين :
1-عبد بمعنى عابد.
2-عبد بمعنى معبد.
فالأول عبد مؤمن عابد لله تعالى مطيع لأوامره الشرعية،
والثاني:عبد بمعنى: مُعبّد، خاضع لإرادة الله الكونية من أقدار كالمرض والمصائب والرزق ونحو ذلك .. فالأول خاص بالمؤمنين وهو العبادة التي يحبها الله ويرضاها، وهو الذي عليه الحساب في الآخرة .. أما الثاني فيشترك فيه المؤمن والكافر بل وجميع المخلوقات، وليس لأحدٍ فيه فضل وانما يؤجر المؤمن بالصير علىالأقدار الكونية المؤلمة من المصائب وغيرها قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم يقول الشيخ عبد العزيز الراجحي فى شرحه لكلام شيخ الاسلام بن تيمية - فى تعريف العبادة بانها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة،:
هذا هو تعريف العبادة، العبادة: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، هذا هو تحديد تعريف العبادة: اسم جامع، يعني: اسم يجمع كل ما يحبه الله ويرضاه، سواء كان هذا الذي يرضاه الله قولا أو عملا، وسواء كان باطنا أو ظاهرا، سواء كان من أعمال القلوب، أو من أعمال الجوارح، أو من أقوال اللسان.
فكله داخل في مسمى العبادة، ما دام هذا الشيء يحبه الله ويرضاه فهو عبادة، كل شيء يحبه الله ويرضاه فهو عبادة، سواء كان قولا أو عملا، وسواء كان باطنا أو ظاهرا، سواء كان من أقوال اللسان أو من أقوال القلب، سواء كان قول القلب أو قول اللسان، أو عمل القلب أو عمل الجوارح، كله داخل في مسمى العبادة ما دام هذا الشيء يحبه الله ويرضاه.---------------------------------------------------------------------------------------------------------يقول يقول الشيخ صالح ال الشيخ فى شرح كشف الشبهات-أما العبادة في الشرع فالعلماء عرّفوها بعدة تعريفات نختار منها في هذا المقام ثلاثة:
• الأول: أن العبادة هي ما طُلب فعله في الشرع ورُتب الثواب على ذلك وهذا ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية لما تكلم عن الوضوء، فإذا كان الشيء طلب فعله في الشرع ولم يكن مطلوبا قبل ذلك ورتب على ذلك الفعل الثواب فهذا الفعل عبادة.
• التعريف الثاني: أيضا كلي أيضا ذكره شيخ الإسلام في أول رسالة العبودية هي أن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
• وعرفه أيضا طائفة من العلماء - ومنهم الأصوليون - بأن العبادة هي ما أمر به من غير اضطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي.
فنخلص من هذا إلى أن العبادة شيء جاء بالشرع لم يكن قبل ذلك، لم يكن قبل ذلك ليس من جهة الفعل والحصول، ولكن من جهة كونه مأمورا به لهؤلاء الناس المعينين، فجاء الشرع بالأمر بأشياء كانت موجودة عند العرب، ولكن كانوا يفعلونها من غير أمر خاص شرعي بذلك، وإنما ورثوها هكذا فلما أمر بها الشرع ورتب عليها الثواب كانت مما يحبه الله ويرضاه، وكانت مأمور بها من غير اقتضاء عقلي لها ولا اطّراد عرفي بها وإنما كانت باطّراد أمر الشارع بها، فخرجت عن كون مقتضى بها جاءت عرفا فقط.
لهذا الأقوال هذه الثلاثة لتعريف العبادة تلتقي ولا تختلف.
فإفراد الله سبحانه بالعبادة - معناه - أن يفرد الله سبحانه بكل ما أمر به الشرع؛ بكل ما أمر به الشرع من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فيدخل في ذلك أعمال القلوب مثل الإخلاص والرغب والرهب والخوف والتوكل والإنابة والمحبة والرجاء والاستعاذة؛ استعاذة القلب إلى آخره، ويدخل فيه أيضا الأفعال الظاهرة مثل الدعاء وأنواعه الاستعانة والاستغاثة والاستسقاء والاستعانة الظاهرة إلى غير ذلك، ويدخل فيها الذبح والنذر والصلاة والزكاة والدعاء والحج والعمرة والصلة؛ صلة الرحم وغير ذلك، فالعبادة اسم يعم هذا جميعا، فكما أنه لا يصلي المصلي إلا لله - كذلك لا يستغيث إلا بالله فيما لا يقدر عليه المخلوق، وهكذا في مظاهرها كما أُوضح ذلك مفصلا في كتاب التوحيد
[شرح كشف الشبهات لصالح ال الشيخ]-----------------------وقال ابن القيم ( والمحبة مع الخضوع هي العبودية التي خلق الخلق لأجلها فإنها غاية الحب بغاية الذل ولا يصلح ذلك إلا له سبحانه والإشراك به في هذا هو الشرك الذي لا يغفره الله ولا يقبل لصاحبه عملا )
[
الفوائد ص 183--------------قال الشيخ صالح الفوزان- :
((*قوله : "فَهَيَ تَتَضَمَّنُ غَايَة الذُّلِّ بِـغَايَـةِ الْمَحَـبَّـة لَهُ" : فـَـعِبادةُ الله-جَلَّ وعَلَا-تتضمَّن معنيين أساسيين :
غاية الذُّلِّ مع غاية الحب ، لا تكون ذُلًّا فقط بدون محبة ، ولا تكون محبّة فقط بدون ذُلّ ، فإنَّ من ذَلَّ لشيءٍ ولم يحبّه لا يكون عابدًا له ، فتعريف العبادة إجمالًا أنّها غاية الذُّلِّ مع غاية الحبِّ ؛ فالإنْسان يَذلُّ للجبابرة والطواغيت ، ولكنه لا يُحبّهم ؛ فلا يُقال : هذه عبادة ، وكذلك الإنسان يُحبُّ زوجته ، و يُحبُّ أولاده ، ولكنّه لا يذلُّ لهم فلا يُقال : إنّه عَبَدَهُم ؛ فالعبادةُ ما اجتمع فيها : غاية الذُّلِّ مع غاية الحبِّ ، كما قال ابن القيم -رحمه الله- في النونية :
وَعِـبَاْدَةُ الرَّحَمَـنِ غَايَـةُ حُبِّـهِ ***مـع ذُلِّ عَـابِـدِه هُمَـاْ قُـطْبَـانِ
وَعَلَيْهِمَــا ْ فَـلَـكُ الْعِبَـادَةِ دَاْئـِرٌ ***مـَاْ دَارَ حــتَّى قـَـامَتَ القُطْبَـانِ -المجموع المفيد لمفهوم العبادة
---
- قال الشيخ عبدالله الغنيمان - قال شيخ الإسلام رحمة الله عليه: العبادة هي طاعة الله بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل.
وقال أيضاً: العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
قال ابن القيم رحمه الله: ومدارها على خمس عشرة قاعدة، من كملها كمل مراتب العبودية.
وبيان ذلك أن العبادة منقسمة على القلب واللسان والجوارح، والأحكام التي للعبودية خمسة: واجب ومستحب وحرام ومكروه ومباح، وهن لكل واحد من القلب واللسان والجوارح.
وقال القرطبي : أصل العبادة التذلل والخضوع، وسميت وظائف الشرع على المكلفين عبادات لأنهم يلتزمونها ويفعلونها خاضعين متذللين لله تعالى ].
تعريف العبادة في الحقيقية مهم جداً، لكي يعرف كل إنسان معنى العبادة التي خلق لها؛ لأن الله جل وعلا يقول: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات:56]، وكثير من الناس اليوم لا يعرف معنى العبادة، كما أنه لا يعرف معنى الإله، وأكثر ما يقع الضلال في المسلمين الذين هم في بلاد الإسلام بسبب هذين الأمرين: الأول: كونهم لم يعرفوا معنى العبادة.
والثاني: كونهم لم يعرفوا معنى الإله، فوقعوا في الشرك لجهلهم بهذين الأمرين.
فعلى هذا يجب على الإنسان أن يتنبه لذلك، ويهتم له مخافة أن يقع في الشرك وهو لا يدري؛ لأن الذي يصرف شيئاً من العبادة لغير الله يكون مشركاً، فالعبادة عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فقوله: (اسم جامع) يعني أن تسمية العبادة عبادة يجمع أشياء كثيرة، يجمع العمل ويجمع القول ويجمع العقيدة؛ لأن الاعتقاد كله عبادة.
فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، ولا يكون العمل عبادة إلا إذا كان مأموراً به، فالله لا يحب ولا يرضى إلا ما أمر به، والشيء الذي لم يأمر الله جل وعلا به لا يكون عبادة، فلا يتعبد الإنسان برأيه أو بنظره وقياسه، وإن كان هذا العمل عبادة في اللغة، ولكنه في الشرع ليس عبادة.
العبادة في الشرع لابد أن يجتمع فيها أمران: أحدهما: أن تكون خالصة لله.
والثاني: أن تكون هذه العبادة قد جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعها، فإن تخلف واحد من هذين الأمرين فليست عبادة في الشرع، وإن كانت عبادة في اللغة.
ولهذا قال: العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال، مثل التسبيح والذكر والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك مما يقال باللسان، والأعمال يدخل فيها أعمال الجوارح، مثل الركوع والسجود والطواف، حتى كَشْفُ الرأس لله جل وعلا في الإحرام عبادة، ويدخل فيه أعمال القلوب، مثل النية والخشية والخوف والرجاء والإنابة والتوبة والندم على الذنب وما أشبه ذلك، فكل هذه من الأعمال، ولهذا قال: من الأعمال الظاهرة والباطنة، فالظاهرة التي تفعل بالجوارح، والباطنة التي تفعل بالقلب، هذا معنى تعريفه هذا، وهو تعريف جامع مانع.
وأما التعريف الثاني: فهو الذي ذكره عن القرطبي أن العبادة هي التذلل، فيقال: طريق معبد إذا ذل بوطء الأقدام وأصبح سهلاً مسلوكاً، وطريق غير معبد إذا كان وعراً، وفيه ما يعثر به القدم، ولكن لابد أن يضاف إلى هذا التعريف أنها التذلل لله مع الحب، وليس كل من ذل لأحد يكون عابداً له، فقد يذل الإنسان لظالم وقلبه يلعنه ولسانه يذكر أنه يحبه، فلا يكون هذا عبادة، وإنما العبادة أن يذل القلب مع محبة المذلول له وتعظيمه، وهذا لا يجوز أن يكون إلا لله وحده جل وعلا.
إذاً العبادة هي غاية الذل مع الحب و التعظيم لله جل وعلا، ولابد أن يكون هذا في الشيء الذي أُمر به الإنسان؛ لأن العبادة -كما قلنا- توقيفية، والله جل وعلا يقول: { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف:110]، فالعمل الصالح هو موافقة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا وافق العمل السنة صار صالحاً، وإن خالفها فهو فاسد، وقوله تعالى: { وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف:110]، يعني: أن تخلص لله عبادتك، وهذا هو معنى ما جاء في عدد من الآيات، من أنه جل وعلا وصف ما جاء به الرسول أنه هدىً وأنه دين الحق، فالهدى هو: العلم اليقيني الذي يكون على ضوء ما جاء به الرسول، ودين الحق هو: العمل بذلك، فلابد أن يكون القلب والجوارح كلاهما قد تحلى بالعبادة، فعلى هذا كل شيء يعمله الإنسان فإنه يرجو ثوابه من الله، فيجب أن يكون خالصاً لله.[شرح كتاب التوحيد ]
الدليل - قال شيخ الإسلام رحمة الله عليه: العبادة هي طاعة الله بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل.
وقال أيضاً: العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. اذا كل امر امر الله به في القرآن أو أمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم- في السنة إما بفعله, أو تركه فهو عبادة. ---قال السعدي رحمه الله :
كل أمر مدحه الشارع
أو أثنى على من قام به
أو أمر به فهو عبادة .
فإن العبادة ( اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة )[ القول السديد]------ هنا يبين شيخ الاسلام والشيخ السعدى ان الدليل على العبادة يكون بالاستقراء-كل أمر امر الله به على السنة رسله فهو عبادة
وهذه العبادة إما أعمال قلبية أو ظاهرة و يدخل فيها القول و الترك
و لا تثبت إلا بنص فهي توقيفية
و لا يجوز صرف العبادة لغير الله - إلا إذا كان العمل يقع على وجوه منها ما ليس بعبادة فهنا لابد من التفصيل - اضرب امثلة - المحبة مثلا -تنقسم المحبة الى محبة العبادة والمحبة الطبيعية والمحبة المحرمة- كذلك الاستعانة والاستغاثة وغيرها من الاعمال التى لابد فيها من التفصيل بين مالا يقدر عليه الا الله وبين ما يقدر عليه المخلوق-----اذا بالاستقراء- كل ما أمرك الله به فى القرآن أو أمرك به رسوله - صلى الله عليه وسلم- في السنة إما بفعله مما يحبه ويرضاه , أو امرك بتركه مما يبغضه فهو عبادة.--اذا العبادة دليلها استقرائى---ويفصل ذلك الشيخ صالح ال الشيخ فى كشف الشبهات فيقول -العبادة في الشرع فالعلماء عرّفوها بعدة تعريفات نختار منها في هذا المقام ثلاثة:فإفراد الله سبحانه بالعبادة معناه أن يفرد الله سبحانه بكل ما أمر به الشرع؛ بكل ما أمر به الشرع من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فيدخل في ذلك أعمال القلوب مثل الإخلاص والرغب والرهب والخوف والتوكل والإنابة والمحبة والرجاء والاستعاذة؛ استعاذة القلب إلى آخره، ويدخل فيه أيضا الأفعال الظاهرة مثل الدعاء وأنواعه الاستعانة والاستغاثة والاستسقاء والاستعانة الظاهرة إلى غير ذلك، ويدخل فيها الذبح والنذر والصلاة والزكاة والدعاء والحج والعمرة والصلة؛ صلة الرحم وغير ذلك، فالعبادة اسم يعم هذا جميعا، فكما أنه لا يصلي المصلي إلا لله كذلك لا يستغيث إلا بالله فيما لا يقدر عليه المخلوق-[كشف الشبهات]--- وسأبين ان شاء الله الدليل على ان امر ما يكون عبادة- فى المشاركة القادمة .....................
"الأول: أن العبادة هي ما طُلب فعله في الشرع ورُتب الثواب على ذلك وهذا ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية لما تكلم عن الوضوء، فإذا كان الشيء طلب فعله في الشرع ولم يكن مطلوبا قبل ذلك ورتب على ذلك الفعل الثواب فهذا الفعل عبادة.
"التعريف الثاني: أيضا كلي أيضا ذكره شيخ الإسلام في أول رسالة العبودية هي أن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
"وعرفه أيضا طائفة من العلماء ومنهم الأصوليون بأن العبادة هي ما أمر به من غير اضطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي.
فنخلص من هذا إلى أن العبادة شيء جاء بالشرع لم يكن قبل ذلك، لم يكن قبل ذلك ليس من جهة الفعل والحصول، ولكن من جهة كونه مأمورا به لهؤلاء الناس المعينين، فجاء الشرع بالأمر بأشياء كانت موجودة عند العرب، ولكن كانوا يفعلونها من غير أمر خاص شرعي بذلك، وإنما ورثوها هكذا فلما أمر بها الشرع ورتب عليها الثواب كانت مما يحبه الله ويرضاه، وكانت مأمور بها من غير اقتضاء عقلي لها ولا اطّراد عرفي بها(1)، وإنما كانت باطّراد أمر الشارع بها، فخرجت عن كون مقتضى بها جاءت عرفا فقط.
لهذا الأقوال هذه الثلاثة لتعريف العبادة تلتقي ولا تختلف.
يقول الشيخ صالح ال الشيخ فى كشف الشبهات -قال الجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب (فإذا قال: نعم. فقل له: بيِّن لي الذي فرض عليك وهو إخلاص العبادة لله وحده) تسأله عن بيان هذا الذي يقر أن الله فرضه عليه، وكثير بل الأكثر من المشركين جهّال؛ لا يعلمون معنى العبادة، ولا يعلمون معنى الإخلاص، ولا يعلمون معنى الذي فرض الله جل وعلا عليهم، ولهذا فإذا سألته عن هذه فإنه لن يجيب؛ بل سيقول لا أعرف معنى العبادة أو لا أعرف جواب هذا؛ بل إخلاص العبادة لله أن أصلي لله وأزكي لله وأشباه ذلك، فإنه يجعل الإخلاص في بعض الصور.
لهذا قال الشيخ رحمه الله (فإن كان لا يعرف العبادة ولا أنواعها فبينها له)، وهذا خلوص منه في الحجاج إلى تعليم الجاهل، فإن المحتج على الخصم لا يسوغ أن ينزِّله دائما منزلة المعاند أو أن يجعله معاندا فيُغلظ به في القول ويغلظ له في الحجة؛ لأنه ربما نفر من ذلك وانتصر لنفسه وترك سماع الحجة، فإنك تستدرجه حتى يُقِرَّ بأنه جاهل، فإذا أقر بأنه جاهل لا يعرف معنى العبادة ولا يعرف معنى الإخلاص ولا يعرف معنى الدعاء وأشباه ذلك، فإنك تبين له ذلك حتى تقوم الحجة على أفراد واضحة في قلبه وفي عقله وذهنه.
لهذا هذا الحوار الذي ذكره إمام الدعوة فيه فائدة عظيمة ذكرتُها لك الآن؛ وهي أنه من أقوى وأنفع وسائل الحجاج أن تنزِّل من أمامك منزلة الجاهل، حتى تنقلب معه إلى معلم غير مناظر؛ لأنّ المعلم دائما أعلى من المتعلم؛ أعلى من جهة الحجة وأعلى من جهة قَبول المتعلم لما يقول، فإنّ المقابل لك إذا أحسّ أنه عند علما ليس عنده فإنه سيصير إلى الاستفادة منك، وهذا يثير كثيرا من النفوس في قَبول الحق إذا علم أنه جاهل بما أَوْجب الله جل وعلا عليه وهو يدعي شيئا يجهله، فهذه وسيلة من الوسائل العظيمة في الحجة وفي جواب الشبهة.
فإذن نستفيد من هذا أننا إذا رأينا من هو مشرك بالله جل وعلا أو من جادل عن نفسه بأنه ليس بمشرك فإنه لا يَحسُن أن يُنَزَّل دائما منزلة المعاند الذي تقام عليه الحجة بنوع من الشدة والغِلظة؛ بل يُنظر في أمره ويستدرج حتى يجعله في منزلة الجاهل، وإذا كان كذلك فإنك تقيم عليه الحجة وتعلمه دين الله جل وعلا.
قال (فإن كان لا يعرف العبادة ولا أنواعها فبينها له) والعبادة سبق أن أوضحنا معناها في شرح ثلاثة الأصول وفي كتاب التوحيد، وأنَّ العبادة تحصل معرفتها في الأدلة من الكتاب والسنة بنوعين من الاستدلال:
أما النوع الأول من الاستدلال: فالنصوص التي فيها الأمر بالعبادة بعبادة الله وحده دون ما سواه، وأن من صرف العبادة بغير الله فهو كافر مشرك.
كقول الله جل وعلا في الأول ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ أعْبُدُوا رَبَّكُمْ الذِي خَلَقَكُمْ?
ومن الثاني قول الله جل وعلا في آخر سورة المؤمنون - وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ،-- ومن السنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "الدعاء هو العبادة".
فإذا بينت له هذه الأدلة بعامة فتقول له: العبادة نعلم أن هذا الشيء عبادة لأن الله جل وعلا أمر به أو أمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان هذا الشيء مأمورا به علمنا أنه عبادة؛ لأن الله جل وعلا لم يأمرنا إلا للتعبّد، فصحّ أن هذا الذي أُمِرنا به أمر إيجاب فإنه عبادة وكذلك أمر استحباب. فتقول له:
أمرنا الله جل وعلا بإخلاص الدين له، فإذن إخلاص الدين لله عبادة.
أمرنا الله جل وعلا بخوفه، فالخوف عبادة.
أمرنا الله جل وعلا برجائه، فالرجاء عبادة.
أمرنا الله بالصلاة، فالصلاة عبادة.
أمرنا الله بالزكاة، فالزكاة عبادة.
أمرنا الله بالنحر، فالنحر عبادة.
أمرنا الله بكذا وكذا فهذه عبادات، وهذا النوع الأول من الاستدلال.
والنوع الثاني: ما جاء في كل مسألة من تلك المسائل التي عددناها من العبادة؛ لأن الله أمرنا بها، ما جاء في كل مسألة من دليل خاص يُثبت وجوب اختصاص الله جل وعلا بهذا النوع من العبادة.
فإذن الدليل الأول دليل عام، تقول: إن هذا الشيء قد أمر الله جل وعلا به فهو عبادة والله جل وعلا أمرنا أن نعبده دون ما سواه وأخبرنا أنّ من عبد غيره فإنه مشرك كافر.
والنوع الثاني من الأدلة والاستدلال ما كان في كل مسألة بحسبها فنقول مثلا: أمر الله جل وعلا بإفراده بالعبادة بقوله ?إَيَّاكَ نَعْبُدُ?[الفاتحة:5] فقدّم المفعول على الفعل والفاعل ليفيد الاختصاص؛ اختصاص العبادة به وقصر العبادة عليه وحده دونما سواه، وقال ?وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ?[الفاتحة:5]، فقدّم المفعول على الفعل من المفاعيل والفاعل ليدلنا على أن الاستعانة في العبادة إنما تكون بالله جل وعلا وحده هو المختص بها، وكذلك قوله جل وعلا ?قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(162 )لَا شَرِيكَ لَهُ?[الأنعام:162-163]، فيها أنَّ هذه الأشياء لله وحده المستحقة؛ يعني الصلاة والنسك مستحقة لله دون ما سواه لا شريك له.
كذلك تأتي للإنابة والتوسل فتقول قال الله جل وعلا ?عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ?[هود:88](1)فدل على أن التوكل عليه وحده دون ما سواه لأنه قدم الجار والمجرور على ما يتعلق به وهو الفعل فدلّ على اختصاص التوكل بالله جل وعلا؛ يعني بأن التوكل يكون عليه وليس على غيره، وكذلك الإنابة فإنها إليه لا إلى غيره، وهكذا في غيرها من المسائل.
وكذلك الدعاء فإن الدعاء أمر الله بدعائه وحده فقال ?فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ?[غافر:14]، وقال?وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا?[الجن:18].
إذن فتوضح له معنى العبادة، ثم توضح له الأمر بالعبادة بأن يعبد الله دون ما سواه، ثم تبين له ما أمر الله به إن كل مسألة مما أمر الله به أنها تدخل في العبادة؛ فدخل الذبح في العبادة، ودخلت الصلاة في العبادة، ودخل الخوف في العبادة، ودخل التوكل في العبادة، ودخلت الاستغاثة في العبادة، ودخل الرجاء في العبادة، إلى آخر مفردات توحيد العبادة، ثم بعد ذلك تقيم عليه الدليل الثاني أو النوع الثاني من الأدلة والاستدلال بأنّ الله في القرآن والنبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة جعل هذه الأنواع مختصة به وحده دون ما سواه، فصار الدليل من جهتين:
"من جهة دخولها في العبادة والله أمر بعبادته وحده دون ما سواه.
"ومن جهة أن الله جعلها مختصة به دون ما سواه.
وهذان نوعان من الأدلة يكثر أفرادهما، وتكثر الآيات والأحاديث في كل واحد من هذين النوعين.[شرح كشف الشبهات ]
فإذا بينت له ذلك فقد تم البيان في إيضاح أن هذه المسائل من العبادة.
والشيخ رحمه الله تعالى مثل بذلك بمثال، بمثال في الدعاء لأن الدعاء هو الذي يدخل فيه كثير من الصور، فقال (فبيّنها له بقولك: قال الله تعالى ?ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً?)، وفي قوله رحمه الله (فبيّنها له بقولك: قال الله تعالى) أنَّ حجة الموحد يجب أن تكون دائما بالأدلة وألاّ يحتج بحجج عقلية لأنه قد يكون الخصم عنده من العقليات ما ليس عند الموحد فيغلبه إما بتأصيل أو برد إلى المنطق أو ما أشبه ذلك فتضعف حجة الموحد؛ ولكن يبين له الحجة بأدلة ثم يوضح له وجه الاستدلال من الدليل، قال(فبيّنها له بقولك: قال الله تعالى ?ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً?) ووجه الاستدلال من هذا الدليل أن الله جل وعلا أمرنا بدعائه، فيكون الدعاء عبادة لأنه مأمور به، وأمر بدعائه تضرعا وخفية، وسبب ذلك أن المشركين يدعون آلهتهم التي يعبدونها مع الله أو من دونه يدعونها جِهارا يدعونها برفع الصوت، والله جل وعلا حي سميع بصير أقرب إلى الداعي من نفسه ومن عُنق راحلته، فلما أمر الله جل وعلا بذلك علمنا أن هذا مخالفة لصنيع المشركين، قال سبحانه (ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) وذلك لأنه سبحانه يعلم السرَّ وأخفى، وقد قال الحسن رحمه الله تعالى: ما كان دعاؤهم إلا فيما بينهم وبين ربهم إلا همهة. أو قال: إلا حديثا بينهم وبين ربهم حتى إنه يدعو الداعي والرجل بجنبه لا يسمعه. في حديثٍ له ساقه ابن جرير رحمه الله تعالى في تفسيره ونقله عنه أيضا ابن كثير وجماعة، فالتضرع والخُفْيَة صفة الداعي.
فنقول له: أليس الدعاء ؛ دعاء الرب جل وعلا على هذه الحالة عبادة لله جل وعلا، (فلابد أن يقول نعم والدعاء مخ العبادة) يعني أن الدعاء لب العبادة، فإن العبادة أنواع وأعظم أنواعها الدعاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام "الدعاء هو العبادة" تعظيما لشأن الدعاء، كما قال "الحج عرفة"، فالدعاء مخ العبادة ومعظمها ولبها، ولهذا قال الشيخ رحمه الله (فلابد أن يقول: نعم)، (والدعاء مخ العبادة) هذه جملة استطرادية، (فقل له: إذا أقررت أنه عبادة) لأنّ الخصم لابد أن يقر أن دعاء الله وحده عبادة، قال(إذا أقررت أنه عبادة ودعوتَ الله ليلاً ونهارًا خوفًا وطمعًا، ثم دعوت في تلك الحاجة نبيًا أو غيره) تبدأ تناقشه في تعريف العبادة وما قدمنا تقول: إذا دعوت الله وحده ليلا ونهارا في حاجة خوفا وطمعا، ثم في هذه الحاجة بعينها سألت الوليَّ أو الميت أو صاحب السّر أو صاحب المشهد أو صاحب القبة أو ما أشبه ذلك، دعوته وسألته هذا السؤال، هل يكون هذا شركا في العبادة أم لا؟ فلابد أن يقول: نعم. لم؟ إلا أن يكون مكابرا، لابد أن يقول: نعم. لأن عين الشيء سأله الله جل وعلا ودعا به الله وحده طمعا وخوفا ورجاء ليلا ونهارا ثُم تَوَجَّه به إلى غير الله في الحاجة عينها، فلابد أن يقول: نعم، سألتُ الله الحاجة وسألتُ الولي الحاجة، فيقول: نعم هذا شرك بالله جل وعلا، لهذا قال الشيخ رحمه الله (فقل له: إذا أقررت أنه عبادة ودعوت الله ليلاً ونهارًا خوفًا وطمعًا، ثم دعوت في تلك الحاجة نبيًا أو غيره هل أشركت في عبادة الله غيرَه؟ فلابد أن يقول: نعم، فقل له: فإذا عملت بقول الله تعالى ?فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ - هذه صورة ثانية، الصورة الأولى في الدعاء، الصورة الثانية في النحر قال (فإذا عملت بقول الله تعالى: ?فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ?) يعني انحر لربك ولا تنحر لغيره، ?قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(162 )لَا شَرِيكَ لَهُ، قل له إذا نحرتَ لله وحده وذكرتَ اسم الله على الذبيحة ونحرت الإبل أو البقر أو ذبحت الذبائح متقربا بها إلى الله جل وعلا هل هذا عبادة؟ فسيقول: نعم هذا من أعظم العبادات؛ لأن الذبح في الأضاحي والنحر في الحج وأشباه ذلك، هذا من أعظم العبادات لله جل وعلا، (فقل له: إذا نحرت لمخلوق) يعني تقربت بهذا الدم لمخلوق كما فعلت بأن تقربت بدم آخر لله فتقربت بالدملمخلوق، فما الفرق بين هذا وهذا؟ لا فرق؛ لأنك تقربتَ بالذبح الأول لله، وبالذبح الثاني تقربت للنبي أو لولي أو لصالح، أو لجني تخاف شره أو لساحر أو ما أشبه ذلك، (هل أشركت في هذه العبادة غير الله؟ فلا بد أن يُقِرَّ ويقول: نعم) لأنه لا مفرّ له، فعين الفعل فعلته لله والفعل عينه فعلته لغير الله، فهل هذا شرك أم لا؟ فلابد أن يقول: إن هذا النوع عبادة لغير الله؛ لأني قصدت بها غير الله، وذاك عبادة لله لأني قصدت بها الله جل وعلا. ولا يمكن أن يقول في الصورة الثانية: إن هذا ليس بعبادة ولم أقصد بها غير الله؛ لأنه حين فعل تقرُّبا إلى الله بالذبح أقر بأن الذبح عبادة وحين توجه إلى غير الله بهذا الذبح وإراقة الدم أقرّ بأن هذه العبادة توجه بها لغير الله، فلابد إذن أن يقول: نعم. للحجة.
وهذا تمام الوجه الأول من هذا الاحتجاج، وهو ظاهر بين قوي في أن يُتدرج مع المشرك ومع هذا الذي يَعبد غير الله ويدعو غير الله ويستغيث بغير الله أو يذبح لغير الله أو أنواع الصور الشركية، فإنه يُتدرج معه في هذا حتى يُقر بأنّ الحجة واضحة، وأنه إذا فعل ذلك فقد عَبَد مع الله جل وعلا غيره، نسأل الله السلامة والعافية.
يقول الشيخ صالح ال الشيخ فى كفاية المستزيد
فكل دليل من الكتاب أو السنة فيه إفراد لله بالعبادة يكون دليلا على أن كل عبادة لا تصلح إلا لله، هذا نوع من الأدلة، كل دليل فيه إفراد الله جل وعلا بالعبادة، يصلح أن تستدل به على أن عبادة ما لا يجوز صرفها لغير الله جل وعلا، بأي مقدمة؟ بأن تقول دل الدليل على وجوب صرف العبادة لله وحده وعلى أنه لا يجوز صرف العبادة لغير الله جل وعلا، وأن من صرفها لغير لله جل وعلا فقد أشرك، وتلك العبادة الخاصة مثلا عندنا هنا النذر تقول هذه عبادة من العبادات، فهي داخلة في ذلك النوع من الأدلة.
والنوع الثاني من الاستدلال: أن تستدل على المسائل بأدلة خاصة وردت فيها، تستدل على الذبح بأدلة خاصة وردت في الذبح، تستدل على وجوب الاستغاثة بالله وحده دون ما سواه على أدلة خاصة بالاستغاثة, وعلى أدلة خاصة بالاستعاذة ونحو ذلك.
فإذن الأدلة على وجوب إفراد الله بجميع أنواع العبادة تفصيلا وإجمالا وعلى أن صرفها لغير الله شرك أكبر يستقيم بهذين النوعين من الاستدلال.
استدلال عام - بكل آية أو حديث فيها أمر بإفراد الله بالعبادة والنهي عن الشرك فتُدخل هذه الصورة فيها لأنها عبادة بجامع تعريف العبادة.وهذا من الفقه الدّقيق في التصنيف وفِقْهِ الأدلة الشرعية من أن المستدل على مسائل التوحيد ينبغي له أن يدرك التنويع؛ لأن في تنويع الاستدلال وإيراد الأدلة من جهة ومن جهة أخرى ثالثة ورابعة ما يضعف حجة الخصوم الذين يدعون الناس لعبادة غير الله وللشرك به جل وعلا، وإذا أتيت مرة بدليل عام ومرة بدليل خاص ونوّعت فإنه يضيق، أما إذا ليس ثم دليل واحد فربما أوّلَه لكَ أو ناقشك فيه فيحصل ضعف عند المستدل، أما إذا أنتبه لمقاصد أهل العلم وحفظ الأدلة فإنه يقوى على الخصوم والله جل وعلا وعد عباده بالنصر - إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ?[غافر:59] - ، وقد قال الشيخ رحمه الله في كشف الشبهات: والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء المشركين. وهذا صحيح فإن عند العوام الذين علموا مسائل التوحيد وأخذوها عن أهلها عندهم من الحجج ووضوح البينات في ذلك ما ليس عند بعض المتعلمين-[كفاية المستزيد ]---نعم عند عوام الموحدين من العلم بالتوحيد ما ليس عند كثير من أدعياء العلم الذين رغبوا عن تعليم الناس اهم المهمات واول الواجبات وصارت دعوتهم الى بعض الشعائر والفروض وصار من يدعوا الناس الى اصل دعوة الانبياء والمرسلين متشدد وهابى- فانا لله وانا اليه راجعون ----- قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۚ قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا ۚ وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ۚ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۚ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا ۚ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ (90)فَأَخَذَتْهُم ُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۚ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ ۖ فَكَيْفَ آسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ (93) وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوا وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95)
والثاني أن تستدل على المسألة بخصوص ما ورد فيها من الأدلة.
والآيات التي قدّمها في أول الكتاب كقوله جل وعلا - وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وكقوله - وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - وكقوله - وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، - وكقوله - قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، هذه أدلة تصلح لأن تستدل بها على أن صرف النذر لغير الله شرك, فتقول: النذر لغير الله عبادة والله جل وعلا نهى أن تصرف العبادة لغيره، وأن من صرف العبادة لغير الله فهوّ مشرك، وتقول: النذر عبادة لأنه كذا وكذا لأنه داخل في حد العبادة حيث إنه يرضاه الله جل وعلا ومدح الموفين به.
الدليل الخاص أن تستدل بخصوص ما جاء في الكتاب والسنة من الأدلة على النذر، ولهذا الشيخ هنا أتى بالدليل التفصيلي وفي أول الكتاب أتى بالأدلة العامة على كل مسائل العبادة.
بسم الله الرحمن الرحيم :
أخي الكريم ، كان المفروض أن يقال : ما هو الإيمان وما هو الكفر وما هو الشرك .
لأن سر المسـألة هو أن تعلم أن الله تعالى أمر بالتوحيد والإيمان ونهى عن الشرك والكفر .
والإيمان بجميع شعبه الواجبة والمستحبة = هو عبادة لله تعالى ، وهذه عبادة الله من جهة المأمورات والواجبات.
والكفر والشرك بسائر شعبه من المنهيات هو عبادة الشيطان .
فأما سبيله الواجبات والمستحبات مما هو عبادة فعلية لله فلا يصح إلا بأمرين = الأول : عقد القلب ونيته ، والثاني الامتثال بالجوارح .
بمعنى أن: عبادة الله لا تكون عبادة لله إلا بمجموع عقد القلب وعمل الجوارح .
وأما المعاصي - بسائر أنواعها - فلم يشترط الشرعُ عقد القلب لتكون معاص ، بل مجرد التلبس بها يجعلها معاص .
فعبادة الله لا تكون عبادة - في الشرع - إلا بالعقد والعمل .
وأما عبادة الشيطان بالمعاصي والذنوب والشرك وما دونه ، لا يشترطُ الشرع في كونها عبادة للشيطان أن يخطرَ ببالي المتلبس بها أنه قد أطاع الشيطان ، فالزاني زان سواء عرف أنه يعبد الشيطان أم لم يعرف ، والسارق كذلك سارق ، والنمام كذلك ، فهو عاص لله وطائع للشيطان عابدٌ له ، خطر ذلك بباله أم لم يخطر ، على عكس عبادة الله التي لا تكون عبادة لله إلا بعقد القلب على طاعة الله ثم الامتثال بالجوارح .
ومن هنا تعلم خطأ من يزعم أن العبادة عموما يشترطُ فيها القصد والاعتقادُ ، ولم يفرق بين ما هو عبادة لله ، وما هو عبادة للشيطان .
وقد أشرتُ إلى ذلك في موضوع سابق ، وخلاصة الأمر أن الذين يشترطون عقد القلب لكفر العاكف على القبور والأوثان وقعوا في الخلط بين ما هو عبادة لله وما هو عبادة للشيطان ، لذلك فهم يوردون السؤال عن العبادة عموما ، ولم يميزوا بين عبادة مطلوبة وهي الطاعات الواجبة والمستحبة ، وعبادة محرمة وهي الشرك وما دونه.
فإذا فهمت أن الله تعالى اشترط لعبادته أن تكون عبادة : 1: عقد القلب ونيته ، 2 : عمل الجوارح ، وعلمتَ أيضا ، أنه لم يشترط لمعصيته ( التي هي عبادة وطاعة للشيطان) أن تكون بعقد القلب ، وأن المتلبس بها عاصٍ ، سواء خطر بقلبه أنه يعبد الشيطان أم لم يخطر ، إذا ميزتَ بين الأمرين تَخَلَّصْتَ من الشبهة التي يوردُ عليكَ بعض غلاة الإرجاء .
ولتعلمْ أنهم يتفادونَ الكلام في الإيمان عند أهل السنة والجماعة ، لأنه مضبوط تماما أشد من ضبط مخارج الحروف ، لذلك فهم يتحاشون الكلام عن مفهوم الإيمان الذي عرفه السلف أنه قول وعمل ، وأنه تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح ، ويلزم من ذلك أن الكفر والشرك هو أيضا كذلك ، لكنهم خاضوا المعركة بمصطلح العبادة ، وهو مصطلح مجمل ، لأنه ، من المفروض أن يقولوا : ما هي عبادة الله ، وما هي عبادة الشيطان ، وحينئذ يتميزُ الأمران ، لأن عبادة الله الواجبة والمستحبة يشترط فيها عقد القلب لزوما ، وركنها الثاني عمل الجوارح ، أما المعاصي والمخالفات = التي هي عبادة للشيطان ، فمجرد الوقوع فيها يجعلها عبادة للشيطان ، من غير نظر في حال القلب ، فإن كانت صغيرة في الشرع فهي صغيرة ، وإن كانت كبيرة فهي كبيرة ، وإن كانت شركا أكبر فهي شرك أكبر ، وإن كانت شركا أصغر فهي كذلك .
واعلم أن العبادة = أعني عبادة الله هي نفسها الإيمان الشرعي ، فما قيل في الإيمان أنه قول وعمل ، فكذلك العبادة قول وعمل ، ولكن هذا في عبادة الله ، أي ما سبيله الواجبات والمستحبات .
فكان ينبغي تقييدهم العبادة بعبادة الله لا بمطلق العبادة .
أما العبادة = بمعنى عبادة الشيطان بالمعاصي والكبائر والشرك فلم يشترط فيها الشرع عقد القلب .
وكلامنا في المعاصي على المعاصي باللسان والجوارح .
وباختصار مع التمثيل :
الصلاة لله لا تكون عبادة لله إلا بعقد القلب وعمل الجوارح ، والزكاة كذلك ، والحج كذلك وسائر العبادات الفعلية المستحبة ، فيشترط لها الأمران ، قصْدُ وجه الله والعمل ، فلا يعتبرها الشرع طاعة لله وعبادة له إلا بمجموع الأمرين .
وأما المعاصي = وهي عبادة للشيطان وطاعة له ، فلم يشترط الشرع فيها عقد القلب ونيته لكي تكون معصية = أي عبادة للشيطان ، فالزان زان سواء خطر بباله انه يعبد الشيطان ويطيعه أم لم يخطر ، والسارق سارق في الشرع سواء خطر بباله أن يعبد الشيطان أم لم يخطر بباله ، وقل ذلك في المغتاب والنمام والكاذب وشارب الخمر ونحوهم .
فكان على الذين يسألون هذا السؤال أن يبينوا : هل يريدون تعريف عبادة الله أم تعريف عبادة غير الله ، ولا يستويان لأن الشرع لم يسو بينهما .
فإن أرادوا بالعبادة عبادة الله فهي قول وعمل ، فلا تكون عبادة لله إلا بالقلب والجوارح .
وإن أرادوا بالعبادة عبادة الشيطان فمجرد الوقوع فيها يجعلها معصية ، وليس شرطا ان يخطر بباله أنه يعبد الشيطان ، والدليل قوله تعالى:ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان ! فقد عبدوه بالذنوب والمعاصي والشرك ، وإن لم يخطر ببالهم أنهم يعبدونه .
والله اعلم .
أرجو أن يزول عنك هذا الإشكال .
بارك الله فيك اخى الكريم المجلسي الشنقيطي-الحنيف: هو المائل عن الضلالة وأعظم ضلالة هي الشرك ، حنف عن الشرك وعن الضلالة ومال قصدا إلى التوحيد ، فهو ما مال وحاد عن الضلالة إلا وهو يقصد التوحيد كما قال الله - جلَّ وعلا-: ﴿ قَانِتًا لِّلَّـهِ حَنِيفًا﴾[النحل:120] وقال- جلَّ وعلا-: ﴿حَنِيفًا مُّسْلِمًا﴾ [آل عمران:67] و كما قال الله- جلَّ وعلا -: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ* حُنَفَاءَ لِلَّـهِ﴾--الحنيف هو: المقبل على الله المائل عما سواه، وفسر بأنه المائل عن الشرك قصدا إلى التوحيد؛ لأن الحنف عند العرب هو الميل. وشرعا: معناها ببيان حقيقتها: هي الإقبال على الله بالتوحيد ولازمه الميل عن الشرك؛ وإذا عرفت باللازم قيل: هي الملة المائلة عن الشرك المبنية على الإخلاص لله تعالى. بالتوحيد.--------------قال بن القيم رحمه الله - أن فعل المأمور مقصود لذاته وترك المنهي مقصود لتكميل فعل المأمور, فهو منهي عنه لأجل كونه يخل بفعل المأمور أو يضعفه وينقصه, كما نبه سبحانه على ذلك في النهي عن الخمر والميسر بكونهما يصدان عن ذكر الله وعن الصلاة كما قال تعالى في الآية 91 من سورة المائدة , فالمنهيات قواطع وموانع صادة عن فعل المأمورات أو عن كمالها, فالنهي عنها من باب المقصود لغيره, والأمر بالواجبات من باب المقصود لنفسه. يوضحه الوجه الخامس: أن فعل المأمورات من باب حفظ قوة الإيمان وبقائها وترك المنهيات من باب الحمية عما يشوش قوة الإيمان ويخرجها عن الاعتدال, وحفظ القوة مقدم على الحمية, فإن القوة كلما قويت دفعت المواد الفاسدة وإذا ضعفت غلبت المواد الفاسدة, فالحمية مرادة لغيرها وهو حفظ القوة وزيادتها وبقاؤها, ولهذا كلما قويت قوة الإيمان دفعت المواد الرديئة ومنعت من غلبتها وكثرتها بحسب القوة وضعفها, وإذا ضعفت غلبت المواد الفاسدة. فتأمل هذا الوجه. الوجه السادس: أن فعل المأمورات حياة القلب وغذاؤه وزينته وسروره وقرة عينه ولذته ونعيمه, وترك المنهيات بدون ذلك لا يحصل له شيء من ذلك, فإنه لو ترك جميع المنهيات ولم يأت بالإيمان والأعمال المأمور بها لم ينفعه ذلك الترك شيئا وكان خالدا مخلدا في النار. فإن قيل: فهو إنما هلك بارتكاب المحظور وهو الشرك, قيل: يكفي في الهلاك ترك نفس التوحيد المأمور به وإن لم يأت بضد وجودي من الشرك, بل متى خلا قلبه من التوحيد رأسا فلم يوحد الله فهو هالك وان لم يعبد معه غيره, فإذا انضاف إليه عبادة غيره عذب على ترك التوحيد المأمور به وفعل الشرك المنهي عنه. يوضحه الوجه الثامن: أن المدعو إلى الإيمان إذا قال: لا أصدق ولا أكذب ولا أحب ولا أبغض ولا أعبده ولا أعبد غيره, كان كافرا بمجرد الترك والإعراض, بخلاف ما إذا قال: أنا أصدق الرسول وأحبه وأؤمن به وأفعل ما أمرني, ولكن شهوتي وإرادتي وطبعي حاكمة علي لا تدعني أترك ما نهاني عنه وأنا أعلم أنه قد نهاني وكره لي فعل المنهي ولكن لا صبر لي عنه, فهذا لا يعد بذلك كافرا, ولا حكمه حكم الأول؛ فإن هذا مطيع من وجه, وتارك المأمور جملة لا يعد مطيعا بوجه. يوضحه الوجه التاسع: أن الطاعة والمعصية إنما تتعلق بالأمر أصلا, وبالنهي تبعا, فالمطيع ممتثل المأمور, والعاصي تارك المأمور, قال تعالى:{ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ } التحريم 6, وقال موسى لأخيه: { مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } طه 92 93. وقال عمرو بن العاص عند موته: أنا الذي أمرتني فعصيت, ولكن لا إله إلا أنت. وقال الشاعر: أمرتك أمرا جازما فعصيتني.
والمقصود من إرسال الرسل طاعة المرسل ولا تحصل إلا بامتثال أوامره, واجتناب المناهي من تمام امتثال الأوامر ولوازمه. ولهذا لو اجتنب المناهي ولم يفعل ما أمر به لم يكن مطيعا وكان عاصيا, بخلاف ما لو أتى المأمورات وارتكب المناهي. فإنه وإن عد عاصيا مذنبا فإنه مطيع بامتثال الأمر, عاص بارتكاب النهي بخلاف الأمر فإنه لا يعد مطيعا باجتناب المنهيات خاصة. الوجه العاشر: أن امتثال الأمر عبودية وتقرب وخدمة, وتلك العبادة التي خلق لأجلها الخلق كما قال تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات56,فأخبر سبحانه أنه إنما خلقهم للعبادة , وكذلك إنما أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه ليعبدوه. فالعبادة هي الغاية التي خلقوا لها ولم يخلقوا لمجرد الترك فإنه أمر عدمي لا كمال فيه من حيث هو عدم, بخلاف امتثال المأمور فإنه أمر وجودي مطلوب الحصول. وهذا يتبين بالوجه الحادي عشر: وهو أن المطلوب بالنهي عدم الفعل وهو أمر عدمي, والمطلوب بالأمر إيجاد فعل وهو أمر وجودي, فمتعلق الأمر بالإيجاد, ومتعلق النهي الإعدام أو العدم وهو أمر لا كمال فيه إلا إذا تضمّن أمرا وجوديا, فإن العدم من حيث هو عدم لا كمال فيه ولا مصلحة إلا إذا تضمن أمرا وجوديا مطلقا, وذلك الأمر الوجودي مطلوب مأمور به فعادت حقيقة النهي إلى الأمر, وأن المطلوب به ما في ضمن النهي من الأمر الوجودي المطلوب به. وهذا يتضح بالوجه الثاني عشر: وهو أن الناس اختلفوا في المطلوب بالنهي على أقوال: أحدها: أن المطلوب به كف النفس عن الفعل, وحبسها عنه, وهو أمر وجودي. قالوا: لأن التكليف إنما يتعلق بالمقدور, والعدم المحض غير مقدور. وهذا قول الجمهور. وقال أبو هاشم وغيره: بل المطلوب عدم الفعل, ولهذا يحصل المقصود من بقائه على العدم, وإن لم يخطر بباله فعل, فضلا أن يقصد الكف عنه, ولو كان المطلوب الكف لكان عاصيا إذا لم يأت به, ولأن الناس يمدحون بعدم فعل القبيح من لم يخطر بباله فعله والكف عنه. وهذا أحد قولي القاضي أبي بكر( صاحب كتاب إعجاز القرآن) ولأجله التزم أن عدم الفعل مقدور للعبد وداخل تحت الكسب, قال: والمقصود بالنهي الإبقاء على العدم الأصلي وهو مقدور. وقالت طائفة: المطلوب بالنهي فعل الضد فإنه هو المقدور وهو المقصود للناهي, فإنه إنما نهاه عن الفاحشة طلبا للعفة وهي المأمور بها, ونهاه عن الظلم طلبا للعدل المأمور به, وعن الكذب طلبا للصدق المأمور به وهكذا جميع المنهيات. فعند هؤلاء أن حقيقة النهي الطلب لضد المنهي عنه, فعاد الأمر إلى أن الطلب إنما تعلق بفعل المأمور.
والتحقيق أن المطلوب نوعان: مطلوب لنفسه وهو المأمور به, ومطلوب إعدامه لمضادته المأمور به وهو المنهي عنه, لما فيه من المفسدة المضادة للمأمور به. فإذا لم يخطر ببال المكلف ولا دعته نفسه إليه بل استمر على العدم الأصلي لم يثب على تركه, وإن خطر بباله وكف نفسه عنه لله وتركه اختيارا أثيب على كف نفسه وامتناعه, فإنه فعل وجودي. والثواب إنما يقع على الأمر الوجودي دون العدم المحض وإن تركه مع عزمه الجازم على فعله لكن تركه عجزا, فهذا وإن لم يعاقب عقوبة الفاعل لكن يعاقب على عزمه وإرادته الجازمة التي إنما تخلف مرادها عجزا. وقد دلت على ذلك النصوص الكثيرة فلا يلتفت إلى ما خالفها, كقوله تعالى:{ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ } البقرة 284. وقوله في كاتم الشهادة:{ فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ } البقرة283, وقوله:{ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } البقرة225, وقوله:{ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ } الطارق 9. وقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا تواجه المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار", قالوا: هذا القاتل, فما بال المقتول؟ قال: "إنه أراد قتل صاحبه" وقوله في الحديث الآخر:" ورجل قال: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته وهما في الوزر سواء" الترمذي في الزهد رقم 2326, وابن ماجه وأحمد. وقول من قال: أن المطلوب بالنهي فعل الضد ليس كذلك, فإن المقصود عدم الفعل والتلبس بالضدين, فإن مالا يتم الواجب إلا به فهو غير مقصود بالقصد الأول, وإن كان المقصود بالقصد الأول المأمور الذي نهى عما يمنعه ويضعفه, فالمنهي عنه مطلوب إعدامه طلب الوسائل والذرائع, والمأمور به مطلوب إيجاده طلب المقاصد والغايات: وقول أبي هاشم: إن تارك القبائح يحمد وإن لم يخطر بباله كف النفس. فإن أراد بحمده أنه لا يذم فصحيح, وإن أراد أنه يثني عليه بذلك ويحب عليه ويستحق الثواب فغير صحيح. فإن الناس لا يحمدون المحبوب (أي مقطوع الذكر) على ترك الزنا ولا الأخرس على عدم الغيبة والسب, وإنما يحمدون القادر الممتنع عن قدرة وداع إلى الفعل. وقول القاضي الإبقاء على العدم الأصلي مقدور, فإن أراد به كف النفس ومنعها فصحيح, وإن أراد مجرّد العدم فليس كذلك. وهذا يتبين بالوجه الثالث عشر: وهو أن الأمر بالشيء نهي عن ضده من طريق اللزوم العقلي لا القصد الطلبي, فإن الأمر إنما مقصوده فعل المأمور. فإذا كان من لوازمه ترك الضد صار تركه مقصودا لغيره, وهذا هو الصواب في مسألة الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده أم لا؟ فهو نهي عنه من جهة اللزوم لا من جهة القصد والطلب. وكذلك النهي عن الشيء, مقصود الناهي بالقصد الأول الانتهاء عن المنهي عنه وكونه مشتغلا بضده جاء من جهة اللزوم العقلي, لكن إنما نهى عما يضاد ما أمر به كما تقدم, فكأن المأمور هو المقصود بالقصد الأول في الموضعين.
وحرف المسألة: أن طلب الشيء طلب له بالذات ولما هو من ضرورته باللزوم, والنهي عن الشيء طلب لتركه بالذات ولفعل ما هو من ضرورة الترك باللزوم, والمطلوب في الموضعين فعل وكف, وكلاهما أمر وجودي. الوجه الرابع عشر: أن الأمر والنهي في باب الطلب نظير النفي والإثبات في باب الخبر, والمدح والثناء لا يحصلان بالنفي المحض إن لم يتضمن ثبوتا, فإن النفي كاسمه عدم لا كمال فيه ولا مدح, فإذا تضمن ثبوتا صح المدح به كنفي النسيان المستلزم لكمال العلم وبيانه. ونفي اللغوب والإعياء والتعب المستلزم لكمال القوة والقدرة. ونفي السنة والنوم المستلزم لكمال الحياة والقيّوميّة, ونفي الولد والصاحبة المستلزم لكمال الغنى والملك والربوبية. ونفي الشريك والولي والشفيع بدون الإذن المستلزم لكمال التوحيد والتفرّد بالكمال والإلهية والملك ونفي الظلم المتضمن لكمال العدل. ونفي إدراك الأبصار له المتضمن لعظمته وأنه أجلّ من أن يدرك وإن رأته الأبصار,--قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الجواب الكافي
( أما عدم الفعل
فتارة يكون لعدم مقتضاه وسببه
وتارة يكون بوجود البغض والكراهة المانع منه وهذا متعلق الامر والنهى وهو يسمي الكف وهو متعلق الثواب والعقاب
وبهذا يزول الاشتباه في مسألة الترك هل هو أمر وجودي أو عدمي
والتحقيق انه قسمان فالترك المضاف الى عدم السبب المقتضي عدمي والمضاف الى السبب المانع من الفعل وجودى ) ---------- الترك نوعان :
ترك مع القصد : ياخذ حكم الفعل.
ترك بدون قصد : لاياخذ حكم الفعل فلا ينبني عليه حكم شرعي.-------------
---------------------اذن العبودية لله لا تتم الا بامثال ما امر الله به واجتناب ما نهي عنه - فالامر مقصود فعله والنهى مقصود تركه
قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله --------أن الحسنات إما فعل مأمور به ، أو ترك منهي عنه . والترك : أمر وجودي . فترك الإنسان لما نهي عنه ، ومعرفته بأنه ذنب قبيح ، وبأنه سبب للعذاب ، وبغضه وكراهته له ، ومنع نفسه منه إذا هويته ، واشتهته وطلبته . كل هذه أمور وجودية . كما أن معرفته بأن الحسنات - كالعدل والصدق - حسنة ، وفعله لها أمور وجودية . ولهذا إنما يثاب الإنسان على فعل الحسنات إذا فعلها محبا لها بنية وقصد فعلها ابتغاء وجه ربه . وطاعة لله ولرسوله ، ويثاب على ترك السيئات إذا تركها بالكراهة لها ، والامتناع منها . قال تعالى { ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون } وقال تعالى { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى } { فإن الجنة هي المأوى } وقال تعالى { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر }
. وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما . ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله . ومن كان يكره [ ص: 279 ] أن يرجع في الكفر - بعد إذ أنقذه الله منه - كما يكره أن يلقى في النار } . وفي السنن عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم { أوثق عرى الإيمان : الحب في الله ، والبغض في الله } . وفيها عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم { من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان } . وفي الصحيح عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من رأى منكم منكرا فليغيره بيده . فإن لم يستطع فبلسانه . فإن لم يستطع فبقلبه . وذلك أضعف الإيمان } . وفي الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه - لما ذكر الخلوف - قال { من جاهدهم بيده فهو مؤمن .
ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن . ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن . ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل } وقد قال تعالى { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء } . [ ص: 280 ] وقال على لسان الخليل { إنني براء مما تعبدون } { إلا الذي فطرني فإنه سيهدين } وقال { أفرأيتم ما كنتم تعبدون } { أنتم وآباؤكم الأقدمون } { فإنهم عدو لي إلا رب العالمين } وقال { فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون } { إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين } فهذا البغض والعداوة والبراءة مما يعبد من دون الله ومن عابديه : هي أمور موجودة في القلب ، وعلى اللسان والجوارح ، كما أن حب الله وموالاته وموالاة أوليائه : أمور موجودة في القلب ، وعلى اللسان والجوارح .
وهي تحقيق قول " لا إله إلا الله " وهو إثبات تأليه القلب لله حبا خالصا وذلا صادقا . ومنع تأليهه لغير الله ، وبغض ذلك وكراهته . فلا يعبد إلا الله . ويحب أن يعبده ، ويبغض عبادة غيره ويحب التوكل عليه وخشيته ودعاءه ويبغض التوكل على غيره وخشيته ودعاءه . فهذه كلها أمور موجودة في القلب . وهي الحسنات التي يثيب الله عليها . وأما مجرد عدم السيئات ، من غير أن يعرف أنها سيئة ، ولا يكرهها ، بل لا يفعلها لكونها لم تخطر بباله ، أو تخطر كما تخطر الجمادات التي لا يحبها ولا يبغضها - فهذا لا يثاب على عدم ما يفعله من السيئات . ولكن لا يعاقب أيضا على فعلها . فكأنه لم يفعلها . فهذا تكون السيئات في حقه بمنزلتها في حق الطفل والمجنون والبهيمة . لا ثواب ولا عقاب . ولكن إذا قامت عليه الحجة بعلمه تحريمها . فإن لم يعتقد تحريمها ويكرها وإلا عوقب على ترك الإيمان بتحريمها . [مجموع الفتاوى]
يجب اخى الكريم المجلسي الشنقيطي- ان تفرق بين امرين بين التلبس بالفعل -وبين التعبد لله بقصد ترك الفعل كما فى كلام شيخ الاسلام بن تيمية سابقا وأما مجرد عدم السيئات ، من غير أن يعرف أنها سيئة ، ولا يكرهها ، بل لا يفعلها لكونها لم تخطر بباله ، أو تخطر كما تخطر الجمادات التي لا يحبها ولا يبغضها - فهذا لا يثاب على عدم ما يفعله من السيئات . ولكن لا يعاقب أيضا على فعلها . فكأنه لم يفعلها . فهذا تكون السيئات في حقه بمنزلتها في حق الطفل والمجنون والبهيمة . لا ثواب ولا عقاب . ولكن إذا قامت عليه الحجة بعلمه تحريمها . فإن لم يعتقد تحريمها ويكرها وإلا عوقب على ترك الإيمان بتحريمها -------------------------الصواب اخى الكريم ان تقول الزنى طاعة للشيطان وليس عبادة بالمعنى الخاص كالشرك الاكبر -- وانما هى طاعة فى معصية الله وان كان فيها نوع عبودية صغرى كما جاء فيى الحديث تعس عبد الدينار -هذه نوع عبودية وليست العبودية المخرجة من الملة وانما من جنس المعاصى والكبائر العملية التى لا تخرج من الملة--- اما الطاعة المخرجة من الملة هى الطاعة فى التحليل والتحريم-- اذا اطاع الشيطان فى تحليل الحرام او تحريم الحلال هذه هى التى تخرج من الملة او تسمى الاستحلال- اما المعاصى او الذنوب العملية-فهذه لا يقال لفاعلها انه عابد للشيطان هكذا بطلاق وانما تذكر مقيدة بجنس الذنوب العملية التى دون الكفر والشرك الاكبر ويقال عنها كفر دون كفر- او يقال نوع عبودية--- وهذا التعليق منى لانى رايتك اخى الكريم تكرر كثيرا على ان العاصى عابد للشيطان - لا يصح هذا الاطلاق هكذا هذا يوهم بالتكفير بالذنوب العملية- لابد من ان تفرق بين العصيان الاكبر بالكفر والشرك كما فعل ابليس لعنه الله وبين العصيان الاصغر الذى لا يخرج من الملة كعصيان ادم عليه السلام كما قال جل وعلا فعصى ادم ربه فغوى - هذا عصيان اصغر--- وكذلك العبادة قد تأتى بالمعنى اللغوى كما فى الحديث تعس عبد الدينار فهذا نوع عبودية بمعنى انها تحركه وتستهويه--وليست العبودية المتضمنة لكمال الخضوع والذل مع التعظيم والمحبة --فالزاني زان سواء عرف أنه يعبد الشيطان أم لم يعرف ، والسارق كذلك سارق ، والنمام كذلك ، فهو عاص لله وطائع للشيطان عابدٌ له
ارجو ان يزول اشكالك اخى الكريم المجلسى الشنقيطى اولا يجب ان تثبت العرش ثم انقش كما تريدأرجو أن يزول عنك هذا الإشكال .
أخي الكريم محمد عبد اللطيف، بارك الله فيك وجعلك من عباده المخلصين.
كما قلتَ أخي، العبادة غاية الخضوع والتذلل، فإن صُرِف هذا المعنى إلى الله سبحانه وتعالى، فإن ذلك يكون عبادةً لله سبحانه وتعالى؛ وإن صُرِف هذا المعنى إلى الطاغوت، فإن ذلك يكون عبادةً للطاغوت.
الآن أريد أن أُورِدَ الإِشكال الذي مِن أجلِه طرحتُ هذا الموضوع.
قد علِمتَ أن التحليل والتحريم خاص بالله جل وعلا، وأنَّ تلقِّي التحريم والتحليل من غير الله هو عبادةٌ لذلك الغير من دون الله، وهذا منصوصٌ عليه في حديث عديّ ابن حاتم المشهور.
سؤالي هو حول دخول هذا النوع من العبادة، في التعريف الجامع ل "العبادة" (الذي هو: غاية الخضوع والتذلل):
أولا، لا إشكال عندي أنّ تلقِّي التحليل والتحريم هو عبادة، وذلك لوجود النص على ذلك.
ثانيا، الإشكال فقط هو في معرفة وجه دخول هذا النوع من العبادة، في التعريف الجامع الذي سبق ذِكرُه.
الإشكال: إذا قال قائلٌ أنه يخضع للجهة التي يأخذ منها التحليل والتحريم، لكنه لا يتذلل لتلك الجهة، فهو خاضع لأحكامها ويتلقى منها الحلال والحرام، لكن لا يتذلل لها، ففيه (الخضوع) لكن ليس فيه (التذلل)؛ فماذا نقول عن وجهِ دخول فِعلِه هذا في تعريف "العبادة" وضابطها الشامل؟
أرجوا أن يكون سؤالي ليس متبعثرا، وبارك الله فيك وفي الإخوة غيرك.
والسلام عليكم.
اخي الكريم....
كل معصية هي طاعة للشيطان وعبادة له....وكل بحسبه....فإذا كانت صغيرة فهي صغيرة ....واذا كانت كبيرة فهي كبيرة....واذا كانت شركا فهي شرك ....
ولا ضير من تسميتها عبادة للشيطان كما انها طاعة للشيطان.
وهذا اطلاق صحيح ... ولم يعبد كل بني ادم الشيطان ، ولكن كل بني ادم خطاء ...
ولذلك قال تعالى : الم اعهد اليكم يا بني ادم الا تعبدوا الشيطان....
وقال النبي صلى الله عليه وسلم تعس عبد الدرهم
وبخصوص النية في التروك....ربما لم تفهم قصدي...
فارجو ان تنتبه الى اني لم اقل ان الترك للمعصية تعبدا ليس عبادة لله.....وبالتالي لا ثواب فيه ...وقد علم ان الترك بنية الامتثال عبادة لله.
لم يكن هذا قصدي...
فارجو ان تميز جيدا ....
انا قصدي
العبادة لفظ مجمل ...
فهناك عبادة فعليه لله فهذه شرطها العقد وفعل الجوارح....
وهناك عبادة للشيطان وهي المعصية ولم يشترط فيها الشرع ان يخطر ببال العاصي انه يطيع الشيطان....
بمعنى....
كان الخلاف قديما بين اهل السنة في مفهوم الايمان....ويقصدو ن الايمان بالله
والان حول هؤلاء ساحة الخلاف الى مفهوم العبادة وهو مفهوم مجمل.....فأي عبادة يقصدون ؟!
لم يكن هذا الاجمال واقعا في مفهوم الايمان ما هو ....لان البحث في الايمان بالله خاصة.
فحولوا البحث الى مفهوم العبادة ....وهم يريدون بها عبادة غير الله لا عبادة الله.
لماذا حولوه من موضوع الايمان الى موضوع العبادة؟
كما قلت لك لانهم يريدون ان يسحبوا شروط عبادة الله على عبادة غير الله....فيقولوا : كما اشترط الشرع في عبادة الله الاعتقاد فكذلك عبادة غير الله يشترط فيها الاعتقاد ! اي اعتقاد انهم يطيعون الشيطان ....فالزاني زان سواء خطر بباله انه يطيع الشيطان ام لم يخطر بباله...وداعي القبور والاوثان مشرك سواء وقع بقلبه انه مطيع للشيطان ام لم يقع.
ولم يكن لهذه الحيلة ان تروج لولا انهم تلاعبوا بالالفاظ ولبسوا وخلطوا بين عبادتين ....
فارجو ان تفهم قصدي جيدا اخي الكريم
ليس قصدي ما تتحدث انت عنه.
وليس قصدي ما فهمت من كلامي.
فليس قصدي ان الترك للمعاصي يؤجر صاحبه وان لم ينو ذلك ، لا هذا بعيد كل البعد عن موضوعي.
بارك الله فيك
قال السعدي في تفسير قوله تعالى الم اعهد اليكم يا بني ادم الا تعبدوا الشيطان ....
قال: اي لا تطيعوه ، وهذا التوبيخ يدخل فيه التوبيخ عن جميع انواع الكفر والمعاصي ، لانها كلها طاعة للشيطان وعبادة له . اه.
وقال القرطبي ...اي لا تطيعوه في معصيتي.
وقال الزمخشري ...عبادة الشيطان طاعته فيما يوسوس به...
وهذا المعنى مشهور مستفيض....وليس يقصد به الكفر والشرك خاصة.
واختصارا.....
اشترط الشرع في عبادة الله تعالى عقد القلب.
ولم يشترط عقد القلب على شيءما في المعاصي بسائر انواعها من الصغائر الى الشرك الاكبر والكفر الاكبر لتكون معاص.
فالاعتقاد شرط في عبادة الله لتكون عبادة لله.
وليس الاعتقاد شرطا في المعصية لتكون معصية...ايا كانت هذه المعصية.
بارك الله فيك اخى المجلسي الشنقيطي- المرجئة اشترطوا الاعتقاد فى التكفير -لخطئهم فى باب الايمان وان الايمان مجرد التصديق او اخراج الاعمال من مسمى الايمان لذلك اشترطوا الاعتقاد فى التكفير- لما حصروا الايمان فى الاعتقاد بالتالى حصروا المقابل له وهو الكفر فى الاعتقاد - هذا عند بعض طوائف المرجئة-- اما عند اهل السنة ان الايمان كما يكون بالاعتقاد والقول والعمل مجتمعين - اذا كان الثلاثة مطلوبين- واضرب مثال على التوحيد حتى لا نذهب بعيدا -قال الامام محمد بن عبد الوهاب لا خلاف ان التوحيد لابد ان يكون بالقلب واللسان والعمل فان اختل شئ من هذه الاركان لم يكن الرجل مسلما - الشيخ جعل الاعتقاد ركن والقول ركن والعمل ركن - فلا بد من الاركان الثلاثة مجتمعة فان تخلف ركن من هذه الاركان الثلاثثة لم يكن الرجل مسلما---فى الايمان لابد من اجتماع جميع الشروط حتى يصير الرجل مسلما- وأمثل على ذلك بشروط لا اله الا الله- لا تنفع قائلها الا بعد استكمال شروطها -- اذا فى باب الايمان لابد من اجتماع الاركان الثلاثة حتى يتحقق الايمان - لانها فيما ترْكُه كُفْر شرط صحة وركن من اركان الايمان ----اما فى التكفير عند اهل السنة فلا يشترط اجتماع الثلاثة- ولكن ينتقض الايمان بواحد من الثلاثة- الكفر يكون بنقض احد الاركان الثلاثة - قد ينتقض باعتقاد مكفر -او قول مكفر او عمل مكفر--اما عند المرجئة لما كان الايمان محصور فى القلب كان مورد الكفر عندهم محصور فى الاعتقاد لذلك التزموا بقولهم لا كفر الا بالاعتقاد وهذا سببه فى الاصل الخطأ فى باب الايمان .......
فيا اخي الكريم
ليس كلامي عن الترك بنية القصد والامتثال وبدون ذلك.
كلامي بعيد جدا عن هذا المعنى .
كلامي عما يلزمنا به اهل الارجاء في اشتراط عقد القلب في المعاصي ...شركا كانت او دونه....
فليس في الشرع هذا الشرط في المعاصي = اي عبادة الشيطان وطاعته.
ولكنه شرط معتبر في الطاعات الفعليه = عبادة الله.
فمن فعل الطاعات الفعليه نقول له هذه عبادة لله اذا جئت بعقد القلب.
ومن فعل المناهي قلنا له انت خالفت وعصيت واطعت الشيطان ابتداء، ولا نقول له لا تكون مطيعا للشيطان الا اذا قصدت.
ارجو ان يكون الامر واضحا.
بارك الله فيك إذا أطاع العبد الشيطان في معصية فهو عاص لله تعالى، وإذا أطاعه في الكفر فهو عابد للشيطان بذلك، وبطاعته له في الكفر يحكم بكفره وخروجه من الملة، وكذا إذا اتبع هواه في المعصية فهو عاص، وإذا اتبعه في الكفر فهو كافر ـ والعياذ بالله ـ فليست كل طاعة للهوى أو للشيطان كفرا، بل منها ما هو معصية ومنها ما هو كفر، والآيات المذكورة وردت في خطاب المشركين ، والذين أطاعوا أهواءهم، واتبعوا شياطينهم في الكفر بالله تعالى،قال الشيخ محمد الشنقيطي رحمه الله : . وهذا الإشراك في الطاعة، واتباع التشريع المخالف لما شرعه الله تعالى – هو المراد بعبادة الشيطان في قوله تعالى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ، وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) --هل يمكن ان تقول لمن يفعل معصية او ذنب من الذنوب العملية انت عابد لغير الله هكذا باطلاق - لا يمكن ذلك هذا مقصدى بارك الله فيك