تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: القبر والتبرك به والبناء عليه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي القبر والتبرك به والبناء عليه

    بسم الله والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده -
    السلام عليكم -
    القبر والتبرك به والبناء عليه, من مصادر التشريع وأقوال المذاهب والعلماء ونقض اقوال المخالفين باختصار :

    من صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
    حديث جندب بن عبد الله وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك". [مسلم ح 532].
    وحديث عائشة وأبن عباس وانه قال :"لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". [البخاري ح435، 436 ومسلم ح 531], وهي كل مكان يتعبد الله فيه جماعة, فاليهود سموا مساجدهم معابد, والنصارى سموها كنائس .
    وحديث عائشة أيضاُ وأنه قال: "إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة". [البخاري ح 427 ومسلم ح 528].
    وحديث جابر بن عبد الله وأنه: "نهى أن يجصص القبر ، وأن يقعد عليه ، وأن يبنى عليه". [مسلم ح 970].
    وحديث جابر أيضاً وأنه: "نهى أن يُبنى على القبر أو يُزاد عليه أو يُجصص". [وروي عن أكثر من صحابي عند النسائي 86/4 والبيهقي 410/3 وأحمد 299/6 وأبن ماجه ح1564].
    وحديث أبي مرثد الغنوي وأنه قال: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها". [مسلم ح972], والدعاء تجاه القبر صلاة .
    وحديث ابن عباس وأنه قال :"لا تصلوا إلى قبـر ، ولا تصلوا على قبـر". [الطبراني ح12051، 12168، السلسلة الصحيحة ح1016].
    وحديث أبي سعيد الخدري وأنه قال: "الأرض كلها مسجد إلا المقبـرة والحمام". [الترمذي ح317، وأبو داود ح492].
    وحديث أبن عمر وأنه قال: "اجعلوا في بـيوتكم من صلاتكم ، ولا تــتخذوها قبورا". [البخاري ح432، ومسلم ح777], وفيه ان القبور مكان لا يصلى فيه .
    وحديث فضالة: "فَأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوي ، ثم قال : سمعت رسول الله يأمر بتسويتها". [مسلم ح968].
    وأنه بعث علياً وقال :"أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ، ولا قبرا مشرفا إلا سويته". [مسلم ح969]. فساوى هنا بين طمس التماثيل وتسوية القبور، إذ بهما يُتوصل لعبادة البشر، فعبادة الاصنام بدءت بتعظيم الأموات باتخاذ صورهم وتجسيمها ومسحها والصلاة عندها .
    ورفع القبر تعظيم لصاحب القبـر ، والزائرين إذا رأوا بناءً فوق القبر هالهم ذلك، ومن ثم عظُـم الميت في نفوسهم، فكان ذلك سبباً في تعلق قلوبهم به، ومن ثم التقرب إليه والتوجه اليه بالدعاء وغيره .

    ومن اقوال وأفعال الصحابة :-
    • أن عثمان خرج فأمر بتسوية القبور فسويت ، إلا قبر أم عمرو ابنة عثمان ، فقال : ما هذا القبر ؟ فقالوا : قبر أم عمرو . فأمر به فسُوي". [مصنف ابي شيبة ح11795].
    • وأوصى أبو موسى الأشعري فقال :"ولا تجعلوا على قبـري بناءً". [مسند أحمد 397/4].
    • وعن أبي سعيد الخدري قال لا تضربوا علي فسطاطا ". [مصنف ابن أبي شيبة ح11748].
    • ورأى ابن عمر فسطاطاً على قبر عبد الرحمن فقال: "انزِعه يا غلام، فإنما يظله عمله". [البخاري في صحيحة تعليقا ص458].
    • وعن ابن عباس قال: "إذا رأيت القوم قد دفنوا ميتا فأحدثوا في قبره ما ليس في قبور المسلمين ، فسوِّه بقبور المسلمين". [مصنف ابي شيبة 11796].
    • وعن أنس قال: "كنت أصلي قريباً من قبر، فرآني عمر بن الخطاب فقال: القبر القبر". [البخاري في صحيحة معلقا قبل الحديث427 والبيهقي 435/2].
    • ومر عمر في المقبرة وأناس يحفرون لزينب بنت جحش في يوم حار فقال : لو أني ضربت عليه فسطاطا ، فضرب عليهم فسطاطا ، فكان أول فسطاط ضرب على قبر" [كنز العمال ح37796 ، ومنازل الأشراف لأبن أبي الدنيا 301/8].
    • وأن عمر رأى مظلة على قبر فامر برفعها وقال دعوه يظله عمله" [المجموع للنووي ص266 عن البغوي].

    ومن اقوال الإئمة والعلماء الذين يستعملون عادة لفظ الكراهة ويقصدون به التحريم، ويأخذون كما قول الله تعالى: (كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا) كالقتل والزنا، وقوله تعالى: (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ).
    قال ابن القيم: "وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك , حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم , وأطلقوا لفظ الكراهة , فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة , ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفت مؤنته عليهم فحمله بعضهم على التنزيه , وتجاوز به آخرون إلى كراهة ترك الأولى , وهذا كثير جدا في تصرفاتهم ; فحصل بسببه غلط عظيم على الشريعة وعلى الأئمة". [أعلام الموقعين 32].

    اولاً: الشافعية :-
    قال الشافعي: "وأكره أن يعظم مخلوق حتى يُجعل قبره مسجداً ". [الأم 278/1، والمهذب 139/1، وروضة الطالبين 652/1، والمجموع 266/5 و257/8]. وقال أيضاً: "وأكره أن يبنى على القبر مسجد وأن يسوى ، أو يصلى عليه وهو غير مسوى ، أو يصلى إليه". [الأم 317/1].

    وقال النووي: "واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر سواء كان الميت مشهورا بالصلاح أو غيره , لعموم الأحاديث , قال الشافعي والأصحاب : وتكره الصلاة إلى القبور , سواء كان الميت صالحا أو غيره قال الحافظ أبو موسى : قال الزعفراني : ولا يصلى إلى قبره , ولا عنده تبركا به وإعظاما له للأحاديث". [المجموع 270/5].
    وقال النووي: "قال الشافعي والاصحاب يكره ان يجصص القبر وان يكتب عليه اسم صاحبه أو غير ذلك وان يبني عليه وهذا لا خلاف فيه عندنا ..... قال الشافعي في الام ورأيت من الولاة من يهدم ما بني فيها قال ولم ار الفقهاء يعيبون عليه ذلك ولا أن في ذلك تضييقا علي الناس". [المجموع 298/5، شرح مسلم للنووي 24/7، ومواهب الجليل 65/3].
    وقال النووي ناقلاً عن الزعفراني وهو فقيه محقق كما وصفه بذلك النووي: "الْمُسْتَحَب فِي زيارة القبور أَنْ يَقِفَ مستدبر القبلة مستقبلًا وجه الميت يسلم ولا يمسح القبر ولا يقبله ولا يمسه فإن ذلك من عادة النصارى". [المجموع 311/5].
    وقال أيضاً: "ويكره تجصيص القبر والبناء والكتابة عليه". [الوهاج في شرح المنهاج 109/3].
    وقال أيضاً: "ولا يجوز أن يطاف بقبره صلى الله عليه وسلم ، ويكره لصاق البطن والظهر بجدار القبر ، قاله أبو عبد الله الحليمي وغيره ، قالوا: ويكره مسحه باليد وتقبيله بل الأدب أن يبعد منه ، كما يبعد منه من حضره في حياته صلى الله عليه وسلم .هذا هو الصواب الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه ، ولا يغتر بمخالفة كثير من العوام وفعلهم ، كذلك فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بالأحاديث الصحيحة وأقوال العلماء ، ولا يلتفت إلى محدثات العوام وغيرهم وجهالاتهم". [المجموع ص258].

    وقـال بن حجر الهيتمي: "فإن أعظم المحرمات وأسباب الشرك الصلاة عندها واتخاذها مساجد أو بناءها عليها . والقول بالكراهة محمول على غير ذلك ، إذ لا يظن بالعلماء تجويز فعل تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله ، ويجب المبادرة لهدمها وهدم القباب التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار؛ لأنها أسست على معصية الرسول؛ لأنه نهى عن ذلك ، وأمر صلى الله عليه وسلم بهدم القبور المشرفة ، وتجب إزالة كل قنديل وسراج على القبر ولا يصح وقفه ونذره". [الزواجر عن اقتراف الكبائر 121/1] وأقرة الألوسي في [روح المعاني 31/5].
    وقال الهيتمي أيضاً ما ملخصه: "ويكره تجصيص القبر والبناء عليه . . . والكتابة عليه ، للنهي الصحيح عن الثلاثة ، سواء كتابة اسمه وغيره في لوح عند رأسه أو في غيره ، إلى أن قال: وقد أفتى جمع بهدم كل ما بقرافة مصر من البناء حتى قبة إمامنا الشافعي ، التي بناها بعض الملوك ، وينبغي لكل أحد هدم ذلك ، ما لم يخش منه مفسدة فيتعين الرفع للإمام". [تحفة المحتاج في شرح المنهاج ص197]و[العقد الثمين ص186].

    وقال البيضاوي: "لما كان اليهود والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم ،ويتوجهون إليها تعظيما لشأنهم ، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة والدعاء نحوها ، واتخذوها أوثانا ، لعنهم الله ، ومنع المسلمين من مثل ذلك . وأصل الشرك إنما حدث من تعظيم القبر والتوجه إليه". [حاشية سنن النسائي 42/2].
    وقال السويدي: "فتراهم يرفعونها فوق كل رفيع ، ويكتبون عليها الآيات القرآنية ويعملون لها التوابيت من خشب الصندل والعاج ، ويضعون فوقها ستور الحرير المحلاة بالذهب العقيان والفضة الخالصة ، ولم يرضهم ذلك حتى أداروا عليها شبابيك من الفضة وغيره ، وعلقوا عليها قناديل الذهب ، وبنوا عليها قبابا من الذهب ، أو الزجاج المنقوش ، وزخرفوا أبوابها ، وجعلوا لها الأقفال من الفضة وغيرها خوفا عليها من اللصوص ، كل ذلك مخالف لدين الرسل ، وعين المحادة لله ورسوله ، فإن كانوا متبعين فلينظروا إليه ، صلى الله عليه وسلم ، كيف كان يفعل بأصحابه الذين هم أفضل الأصحاب ، وينظروا إلى قبره الشريف وما عملت الصحابة فيه". [العقد الثمين ص185].

    وقال تقي الدين السبكي، وهو يتكلم عن آداب زيارة قبر النبي: "وَلَا يمس القبر ولا يقرب منه ولا يطوف به". [فتاوى السبكي 1/ 289].
    وقال أيضاً: "وإنما التمسح بالقبر وتقبيله والسجود عليه ونحو ذلك فإنما يفعله بعض الجهــال ومن فعل ذلك ينكـــر عليه فعلــه ويعلَم آداب الزيارة". [شفاء السقام ص130].
    ونقل السبكي قول ابن تيمية بأن الصحابة لم يكونوا يأتون قبره عليه الصلاة والسلام, للصـلاة عنده ولا لمسح القبر، فقال: "ونحن نقول من آداب الزيارة ذلك . ننهى عن التمسح بالقبر والصلاة عنده". [شفاء السقام ص152].

    وقال السيوطي: "والذي يستحب للرجل الزائر للقبور أن يتذكر بزيارته الآخرة ، وأن يسلم عليهم ويدعو لهم بالمأثور بالدعاء الذي كان يعلم النبي أصحابه... وما سوى ذلك من المحدثات ، كالصلاة عندها ، واتخاذها مساجد ، وبناء المساجد عليها فقد تواترت النصوص عن النبي بالنهي عن ذلك والتغليظ على فاعله ..... فهذه المساجد المبنية على القبور يتعين إزالتها ، هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء المعروفين ، وتكره الصلاة فيها من غير خلاف ، ولا تصح عند الإمام أحمد في ظاهر مذهبه ، لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك ..., وكذلك الصلاة عندها مكروهة وإن لم يكن هناك مسجد ، فإن كل موضع يصلي فيه فهو مسجد وإن لم يكن بناء". [الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع ص56].
    وقال السيوطي أيضاً :" وهذه العلة التي لأجلها نهى الشارع صلى الله عليه وسلم هي التي أوقعت كثيرا من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه ، ولهذا تجد أقواما كثيرين من الضالين يتضرعون عند قبور الصالحين ويخشعون ويتذللون ويعبدونهم بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله المساجد ، بل ولا في الأسحار بين يدي الله تعالى ، ويرجون من الصلاة عندها والدعاء ما لا يرجونه في المساجد التي تشد إليها الرحال ، فهذه المفسدة هي التي أراد النبي صلى الله عليه وسلم حسم مادتها ، حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقا وإن لم يقصد المصلي بركة البقعة ولا ذلك المكان ، سدا للذريعة إلى تلك المفسدة التي من أجلها عُـبدت الأوثان". [الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع ص138].
    وقال الغزالي: "ولا يمس قبراً ولا حجراً فإن ذلك من عادة النصارى" وقال أيضاً: " فإن المس والتقبيل للمشاهد من عادة اليهود والنصارى". [إحياء علوم الدين 259/1، 491/4].

    ثانياً: الحنفية :-
    قال محمد تلميذ أبي حنيفة: "لا نرى أن يُزاد على ما خرج من القبر ونكره أن يُجصص أو يُطين أو يُجعل عنده مسجدا". [الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني ص45].
    وقال الكاساني : "ويكره تجصيص القبر وتطيينه ، وكره أبو حنيفة البناء على القبر ، وأن يُعلّم بعلامة ، وكره أبو يوسف الكتابة عليه". [بدائع الصانع في ترتيب الشرائع 359/2].
    وقال الطحطاوي: "ولا يمس القبر ولا يقبله فإنه من عادة أهل الكتاب ولم يعهد الاستلام إلا للحجر الأسود والركن اليماني خاصة". [حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص620].
    وقال الزيلعي: "ويكره أن يبنى على القبر أو يقعد عليه أو ينام عليه أو يوطأ عليه أو يقضى عليه حاجة الإنسان ... أو يصلى إليه أو يصلى بين القبور ... ونهى - عليه الصلاة والسلام - عن اتخاذ القبور مساجد". [تبيين الحقائق للزيلعي 246/1].

    ثالثًا: المالكية :-
    قال مالك: "أكره تجصيص القبور والبناء عليها، وهذه الحجارة التي يبنى عليها". [المدونة الكبرى 189/1].
    وقال الحطاب :" قال ابن رشد : " كره مالك البناء على القبر وأن يجعل البلاطة المكتوبة ، لأن ذلك من البدع التي أحدثها أهل الطول من إرادة الفخر والمباهاة والسمعة ، وذلك ممّا لا اختلاف في كراهته". [مواهب الجليل في شرح مختصر خليل 100/2].
    وقال ابن الحاج: "قال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلم على النبي - ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم عليه ولا يمس القبر بيده". [المدخل 261/1].
    وقال الجندي: "وليحذر مما يفعله بعضهم بقبره - صلى الله عليه وسلم - وكذلك أيضًا تمسحهم بالبناء ويلقون عليه مناديلهم وثيابهم، وذلك كله من البدع؛ لأن التبرك إنما يكون بالاتباع له - صلى الله عليه وسلم - وما كانت عبادة الجاهلية الأصنام إلا من هذا الباب". [مناسك الحج ص145].
    وقال الفاسي: "الثالثة من البدع اتخاذ المساجد علي مقبرة الصالحين ووقد القناديل عليه دائما أو في زمان بعينه والمسح بالقبر عند الزيارة وهو من فعل النصارى وحمل تراب القبر تبركا به وكل ذلك ممنوع بل يحرم". [شرح الرسالة 289/1]. وقد أكد على ذلك في كتابه [عمدة المريد الصادق ص533]، فقال: "ولا يصلي على المقابر ، ولا يبني عليها مسجد للتبرك ".

    وقال ابن عبد البر :"وكل ما يعبد من دون الله فهو وثن ، صنما كان أو غير صنم ، وكانت العرب تصلي إلى الأصنام وتعبدها ، فخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمتـه أن تصنع كما صنع بعض من مضى من الأمم ، كانوا إذا مات لهم نبي عكفوا حول قبره كما يُصنع بالصنم". [التمهيد 177/5].
    وقال القرطبي :"فاتخاذ المساجد على القبور والصلاة فيها والبناء عليها ، إلى غير ذلك مما تضمنته السنة من النهي عنه ممنوع لا يجوز ; لما روى .... قال علماؤنا : وهذا يحرِّم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبـياء والعلماء مساجد . وروى الأئمة عن أبي مرثد الغنوي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها .
    أي لا تتخذوها قبلة فتصلوا عليها أو إليها كما فعل اليهود والنصارى ، فيؤدي إلى عبادة من فيها ، كما كان السبب في عبادة الأصنام". [الجامع لأحكام القرآن تفسير سورة الكهف].

    رابعًا: الحنابلة :-
    قال ابن الجوزي: "وأما نهيه عن اتخاذ القبور مساجد فلئلا تعظم لأن الصلاة عند الشيء تعظيم له وقد أغرب أهل زماننا بالصلوات عند قبر معروف وغيره وذلك لغلبة الجهلة وملكة العادات". [كشف المشكل من أحاديث الصحيحين 145/1].

    وقال الأثرم :"قلت للإمام أحمد بن حنبل، قبر النبي صلى الله عليه وسلم يلمس ويتمسح به؟ قال: ما أعرف هذا". [الصارم المنكي ص145 والمغني 3/ 479].
    وقد روي أنه أجاز مس القبر: "فقد جاء عن أبنه عبد الله قال سَأَلته عَن الرجل يمس مِنْبَر النَّبِيَّ ويتبرك بمسه ويقبله وَيفْعل بالقبر مثل ذَلِك أَو نَحْو هَذَا يُرِيد بذلك التَّقَرُّب إِلَى الله جلّ وَعز فَقَالَ لَا بَأْس بذلك". [العلل ومعرفة الرجال 492/2].
    وأستبعد بعض أصحاب ابن حنبل ذلك عنه، كما ذكر أبن حجر في [فتح الباري 475/3]. وشكك الهيتمي ايضا في هذه الرواية وذكر أن بعض أصحاب أحمد استبعدوا ذلك عنه.[حاشية الهيتمي على شرح الإيضاح في المناسك ص454].
    وهناك رواية أُخرى صحيحة عن أحمد قوله :"ولا يمس الحائط ولا يُقَبِّلُهُ» يعني حائط القبر". [مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح 60/3 رقم 1340]
    واخرى أيضا عنه قال ابن قدامة في [المُغْنِي 468/5] :"ولا يُستَحَبُّ التَّمَسُّحُ بحائط قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقبيله ، قال أحمد : ما أعرفُ هذا . قال الأثرم : رأيتُ أهل العلم من أهل المدينة لا يمسُّونَ قبرَ النبي صلى الله عليه وسلم ، يقومون من ناحيةٍ فيُسَلِّمُون . قال أبو عبد الله -الإمام أحمد- : وهكذا كان ابن عمر يفعل"

    وقال ابن قدامة: "ولأنَّ تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها ، والتقرُّب إليها ، وقد روينا أنَّ ابتداء عبادة الأصنام تعظيم الأموات باتخاذ صورهم ومسحها والصلاة عندها". [المغني 193/2].
    وقال البهوتي: "ولا يمسح قبر النبي - ولا حائطه ولا يلصق به صدره ولا يقبله". [بغية الناسك ص146].
    وقال مرعي الكرمي: "إعلم أن كل مكان لا فضل له في الشريعة أصلاً ، ولا فيه ما يوجب تفضيله ، بل هو كسائر الأمكنة أو دونها ، وقصد ذلك المكان أو قصد الاجتماع فيه لصلاة أو دعاء أو ذكر أو غير ذلك من معتقد قاصده ؛ من الضلال الواضح ، والخطأ الفاضح ، إذ هو تشريع في الدين ، وتفضيل بقعة لم تفضلها الشريعة ، بل مجرد الهوى الذي جعله الله تعالى بمنـزلة إلـه يعبد ، فقال سبحانه (أفرأيت من أتخذ إلـ?هه هواه) ، وفي ذلك مشابهة للمشركين في تفضيلهم أماكن بمجرد هوى أنفسهم ، فإنهم كانوا يقصدون بقعة بعينها لتمثال هناك ، أو غير تمثال ، يعتقدون أن ذلك يقربهم إلى الله تعالى". [شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور ص59]. وقال ايضا: "وأما تقبيل القبور والتمسح_بها فهو بدعة باتفاق السلف". [شفاء الصدور ص80].

    وقال ابن تيمية: "وكان ظهور المشاهد وانتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس وتفرقت الأمة ، وكثر فيهم الزنادقة المُلبسون على المسلمين ، وفشت فيهم كلمة أهل البدع ، وذلك من دولة المقتدر في أواخر المائة الثالثة ، فإنه إذ ذاك ظهرت القرامطة العبيدية القداحية بأرض المغرب ، ثم جاءوا إلى أرض مصر ، وقريباً من ذلك ظهر بنو بُويه ، وكان في كثير منهم زندقة وبدع قوية". [الاستغاثة في الرد على البكري ص334].
    وقال أيضاً: "واتفق العلماء على أن من زار قبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين والصحابة وأهل البيت وغيرهم أنه لا يتمسح به ولا يقبله ، بل ليس فى الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها إلا الحجر الأسود ...
    ولهذا لا يسن بإتفاق الأئمة أن يقبل الرجل أو يستلم ركنى البيت اللذين يليان الحجر ولا جدران البيت ولا مقام إبراهيم ولا صخرة بيت المقدس ولا قبر أحد من الأنبياء والصالحين ، حتى تنازع الفقهاء فى وضع اليد على منبر سيدنا رسول الله صل الله عليه وآله وسلم لما كان موجودا ؛ فكرهه مالك وغيره لأنه بدعة ، وذكر أن مالكا لما رأى عطاء فعل ذلك لم يأخذ عنه العلم ، ورخص فيه أحمد وغيره ؛ لأن إبن عمر رضى الله عنهما فعله ، وأما التمسح بقبر النبى صلى الله عليه وآله وسلم وتقبيله فكلهم كره ذلك ونهى عنه ، وذلك لأنهم علموا ما قصده النبى صلى الله عليه وآله وسلم من حسم مادة الشرك وتحقيق التوحيد وإخلاص الدين لله رب العالمين". [مجموع الفتاوى 48/27].

    وقال ابن القيم: "وعلى هذا فيهدم المسجد إذا بُني على قبـر ، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد ، نص على ذلك الإمام أحمد وغيره ، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبـر ، بل أيهما طرأ على آخر مُنع منه ، وكان الحكم للسابق ، فلو وضِعا معاً لم يجز ، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز ، ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لِنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعنه من اتخذ القبـر مسجدا ، أو أوقد عليه سراجاً ، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبـيه ، وغربته بـين الناس كما ترى". [زاد المعاد 572/3].
    وقال الشوكاني: "إعلم أنه قد اتفق الناس سابقهم ولاحقهم وأولهم وآخرهم من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى هذا الوقت أن رفع القبور والبناء عليها بدعة من البدع التي ثبت النهي عنها ، واشتد وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاعلها كما يأتي بيانه ، ولم يخالف في ذلك أحد من المسلمين أجمعين". [شرح الصدور ص20].

    ومن الأدلة على تحريم الصلاة في المقـابر أن موضع مسجده صلى الله عليه وسلم كان مقبـرة للمشركين قبل بناءه، فنَبش النبي قبورهم، ونقل رفات الموتى، ثم سوّى الأرض، ثم بنى المسجد، ولم يتخذ المكان مسجدا إلا بعد إزالة القبور منه . وهذا رواه البخاري (ح428) ومسلم (ح524).
    وأن الصلاة عند القبور من عادة اليهود والنصارى الذين لعنهم رسول الله لصنيعهم هذا وحذر من فعله وتوعد، "ومن تشبه بقوم فهو منهم". [رواه أبو داود ح4031]؛ "لتــتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه . قلنا : يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟ قال : فمن". [رواه البخاري ح3456 ومسلم ح2669].
    والصلاة المحرمة عند القبور هي ذات الركوع والسجود، بخلاف صلاة الجنازة لمن فاتته فجائز أداؤها في المقبرة ، فقد ثبت أن هناك من كان يقم المسجدد فمات فسأل النبـي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا : مات ، قال : أفلا كنتم آذنتموني به ؟ دلوني على قبـره أو قال : على قبـرها ، فأتى قبـره فصلى عليه".. [رواه البخاري ح458 ومسلم 956].

    فالأدلة صريحة على حرمة تعظيم القبور واتخاذها مشاهد وأضرحة، وقد ظهرت هذه الأمور وتدرجت وتفشت في عهد القرامطة في القرن الرابع والفاطميين والسامانيين والحمدانيين وجميعهم شيعة وإن تفاوتوا في درجة الغلو والمعتقد، قاموا بتبديل دين الإسلام فبنوا المشاهد المكذوبة وصنفوا الأحاديث في فضل زيارة القبور وتعظيمها والصلاة عندها والدعاء وغيره .

    وحتى كتب الشيعة قد أجمعت من قبل على كراهية وحرمة البناء على القبور فقد روي أن النبي بعث عليا فقال: "أن لا تدع صورة إلا طمسها ولا قبرا مشرفا إلا سويته". [الكافي 528/6 ، وسائل الشيعة 869/2، جامع أحاديث الشيعة 445/3]. "ونهى رسول الله أن يصلى على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه". [وسائل الشيعة 869/2].
    "ونهى أن يجصص القبر أو يبنى عليه أو أن يقعد عليه". [مستدرك الوسائل 127/1].
    وعن أبا عبد الله قال: "أمّا زيارة القبور فلا بأس بها ، ولا يُبني عندها مساجد". [ فروع الكافي: 228/3، من لا يحضره الفقيه: ص821، وسائل الشيعة:887/2].
    وعن الصادق قال: "من أكل السحت سبعة: وذكر منها- والذين يبنون البناء على القبور". [مستدرك الوسائل 127/1]. وعنه قال: "لا تبنوا على القبور فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كره ذلك". [تهذيب الأحكام130/1، والمحاسن للبرقي ص612، وسائل الشّيعة: 870/2]. وعن الكاظم قوله: "لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه". [وسائل الشيعة 869/2 ، جامع أحاديث الشيعة 444/3 ، الاستبصار 217/1].
    وقال الشهيد العاملي: "المشهور كراهية البناء على القبر واتخاذه مسجدًا… ونقل الإجماع على الكراهية على البناء عليه". [الذكرى ص68].
    فشهد الشهيد العاملي ومعه البحراني والمجلسي على إجماع الشيعة الإمامية على مخالفة النبي وأهل بيته فقالوا: "هذه الأخبار رواها الشيخان والصدوقان وجماعة المتأخرين في كتبهم ولم يستثنوا قبرًا، ولا ريب أن الإمامية مُطبِقة على مُخالفة قضيتين من هذه، إحداهما البناء والأخرى الصلاة في المشاهد المقدسة". [الذكرى ص69، مفتاح الكرامة4/280، الحدائق الناضرة 4/139، بحار الأنوار97/19].
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    ويستدل المخالفون لشرع الله بأقوال :-

    1- قولهم أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم داخل مسجد.؟
    ومعلوم أن مسجد النبي بني قبل موته ولم يبنى على قبره ولم يدفن فيه، بل دفن في حجرة عائشة، وذلك للأحاديث المتواترة أنه عند موته لعن وحذر وتوعد من إتخاذ قبره مسجدا، فخشي الصحابة فأخفوا قبره في حجرة عائشة, وقد جاء ذلك معللاً بقول عائشة: "خشي أن يتخذ مسجداً"، وقولها: "لولا خشية الصحابة أن يتخذ الناس قبـر النبـي مسجدا يُصلى عنده لأبرزوا قبـره"، أي لدفن في المقبـرة وصار قبـره ظاهرا للناس كالقبور الأخرى .
    أما قول أنه "ما من نبي يقبض إلا دفن تحت مضجعه الذي مات فيه" فهذا لم يثبت في حديث صحيح .

    وحين أرادوا توسعة المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك أدخلوا الحجرة في مسجده وبنوا عليها حائطاً. فالأصل أن المسجد النبوي بني قبل القبر ومن ثم لم يدفن فيه، بل دفن في حجرة عائشة صلوات ربي وسلامه عليه .
    وإدخال القبر في مسجد النبي مخالفة لا أصل لها، ومثلها مثل القبة الخضراء على قبره، فقد بنيت بعد الهجرة بسبعة قرون، في عهد السلطان قلاوون؛ والحكم الشرعي واضح صريح أن هذه الأفعال بدعة، وقد قال العلماء على مر العصور بظرورة فصل القبر عن المسجد وهدم القبة، ولم يبق إلا تنفيذ ذلك من ولاة الأمر .
    والولاة غالباً يخشون الفرقة والفوضى بين عامة الناس وجهالهم، وتهييج علماء البدعة على الوالي بمجرد ذكر إخراج القبر عن المسجد أو هدم القبة، فلم يجروء أحدا على فعل ذلك .
    ولا يعني هذا السكوت على ذلك، بل يجب على الولاة إزالة المحضور وإعادة الوضع إلى ما كان عليه في عهد الصحابة ما لم يترتب على ذلك فتنة أكبر .

    2- قولهم أن عائشة كانت تصلي في غرفتها وفيها القبر.؟
    ومعلوم أن بيتها لم يكن غرفة واحدة, بل أكثر من غرفة, ومن أدلة ذلك ماجاء عند [أبن ماجة ح2151 وأبي داود ح509]: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير ووكيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: "ركب رسول الله- فرساً بالمدينة فصرعه على جذم نخلة فانفكت قدماه فأتيناه نعوده فوجدناه في مشربةٍ لعائشة", والمشربةٍ هي الغرفة .
    وفي [المستدرك للحاكم ح4495] عن أبو بكر بن إسحاق ، أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد ، أخبرني هشام بن سعد ، عن عمرو بن عثمان بن هانئ ، عن القاسم بن محمد قال: "أطلعت في القبر-قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر- من حجرة عائشة فرأيت عليها حصباء حمراء".

    3- قولهم المقصود من اتخاذ القبور مساجد أي استقبالها عند الصلاة والسجود إليها، وينفون معنى بناء المساجد على القبور وقصد الصلاة فيها، مع أن الاحاديث واضحة في بيان هذا المعنى، وهذا ما فهمه أهل العلم منهم البخاري في صحيحة: باب ما يكرَه من اتخاذِ المساجد على القبور ثم ترجم بقوله:: باب بناء المسجد على القبر. [صحيح البخاري 449/1].

    4- قولهم أبي جندل دفن ابي بصير وبنى على قبره مسجدًا .؟
    وهذه القصة ذكرها ابن عبد البر في الاستيعاب عند ترجمة أبي بصير بلفظ: "فدفنه أبو جندل مكانه وصلى عليه وبنى على قبره مسجدًا". وأصلها عند الواقدي في مغازيه بدون إسناد [2/629], والواقدي: كذاب متروك. [أنظر كتب الجرح والتعديل].

    وقد ذكرت القصة في [دلائل النبوة للبيهقي 172/4]، وأبن عساكر في [تاريخ دمشق 299/25]، و[فتح الباري لابن حجر 351/5]، و[تاريخ الإسلام للذهبي 400/2]، جميعهم عن موسى بن عقبة في مغازيه بلفظ: "وجعل عند قبره مسجدًا". وليس على قبره .
    وقد ذكرت قصة أبي بصير وأبي جندل عند البخاري في صحيحه [ح2731 و2732]، وأحمد في المسند [328/4]، وأبو داود في سننه [ح 2765]، وابن حبان في صحيحه [ح4872]، ولم يذكروا فيها دفن أبي بصير ولا بناء المسجد أصلًا .

    5- قولهم أسماعيل دفن داخل الحجر.؟
    وهذا من الأقوال الواهية، فمسمى الحجر لم يكن موجوداً أصلاً، فقد بنيت الكعبة كاملة مع هذا الحجر ثم تصدعت جدران الكعبة بسبب سيل جارف قبل بعثة النبي، فهدمت قريش ما بقي من جدرانها وأعادت بناءها فقصرت بهم النفقة الطيبة عن إتمام البناء على قواعد إبراهيم وإسماعيل، فأخرجوا منها الحجر وبنوا عليه جداراً قصيرا دلالة على أنه من الكعبة .
    ولم يثبت حديث عن رسول الله أن هذا الحجر دفن فيه إسماعيل أو هاجر، وكل ما جاء في ذلك آثار موقوفة بأسانيد واهية، ومثل هذا الأمر يحتاج إلى نقل النبي المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، فإن بيننا وبين إسماعيل الآف السنين, فكيف نجزم بمكان قبره، ونحن نجزم أساساً أن دفن الأمواتِ في المساجد لم يكن من سنة الأنبياء لا إسماعيل ولا من قبله ولا من جاء بعده .
    ودفن إسماعيل في الحجر حجة عليهم إن صح: إذ لم يتبرك به أحد من الصحابة, ولا رفعوا قبره بل تساوى بالأرض .

    وأشهر ما ورد من هذه الآثار الموقوفة ما جاء في سيرة ابن هشام :" قال ابن اسحاق: "وكان عمر اسماعيل فيما يذكرون مائة سنة وثلاثين سنة ثم مات رحمة الله وبركاته عليه ودفن في الحجر مع أمه هاجر ".
    وذكر نحوه ابن سعد في طبقاته، والذهبي في تاريخ الإسلام، وابن خلدون في تاريخه، والأزرقي في أخبار مكة :"وكان من حديث جرهم وبني إسماعيل أن إسماعيل لما توفي دفن مع أمه في الحجر وزعموا أن فيه دفنت حين ماتت".
    وهذه أرساليات موقوفة لا دليل عليها، فقد نقلوا الخبر بقولهم (فيما يذكرون) و (زعموا)، وهذه ألفاظ لا يثبت بها شي، بل هي من صيغ التمريض .
    ومن الموقفات مارواه ابن سعد في الطبقات ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم :عن أبي الجهم بن حذيفة الصحابي قال :" أوحى الله إلى إبراهيم عليه السلام أن يبني البيت وهو يومئذ بن مائة سنة وإسماعيل يومئذ بن ثلاثين سنة فبناه معه وتوفي إسماعيل بعد أبيه فدفن داخل الحجر مما يلي الكعبة مع أمه هاجر ". وفي إسناده: موسى بن محمد بن إبراهيم: منكر الحديث. وفيه الواقدي: متروك بالأجماع.
    وروى ابن سعد أيضاً ومن طريقه ابن الجوزي: عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال:" ما يعلم موضع قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة : قبر إسماعيل فإنه تحت الميزاب بين الركن والبيت ، وقبر هود فإنه في حقف من الرمل تحت جبل من جبال اليمن عليه شجرة تندى وموضعه أشد الأرض حرا ، وقبر رسول الله ". والقائل : إسحاق بن أبي فروة متروك منكر الحديث بالأجماع .

    6- قولهم في مسجد الخيف قبر سبعين نبيًّا.؟
    وهذا رواه الطبراني في معجمه الكبير وغيره من المتأخرين عن ابن عمر: أن النبيَ صلى الله عليه وسلم، قال: في مسجد الخيف قبر سبعين نبيًّا ".
    ولم يستدل بما رواه أحد من المتقدمين والمتأخرين لضعف الرواية ونكارتها ومخالفتها لأحاديث صحيحة متواترة في تحريم البناء على القبور وتحريم وطئها والجلوس عليها، والصلاة فيها وإليها وإيقاد السرج فيها، ومَن قاموا ببناء مسجد الخيف حفروا عميقاً في الأرض ولم يثبت أنهم وجدوا أثرًا لقبر, وعلى ذلك فالقبور قد خفيت واندرست في الأرض ولم يعد لها أثر يذكر، وَالشرك يحصل إذا ظهرت وقصد الناس الذهاب إليها .
    واللفظ المشهور في ذلك: أن مسجد الخيف صلى فيه سبعون نبيًّا، وليس قُبِرَ فيه سبعون نبيًّا . فقد روى الطبراني نفسه في [معجمه الكبير ح12283]، وغيره من المتأخرين, عن محمد بن فضيلٍ، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلى في مسجد الخيف سبعون نبيًّا، منهم موسى، كأني أنظر إليه وعليه عباءتان قطوانيتان، وهو محرمٌ على بعير من إبل شنوءة، مخطوم بخطام ليف له ضفران".

    فرواية ابن عمر تفرد بها: إبراهيم بن طهمان, عن منصور, قال الدارقطني: لا يحتجُّ به، وقال أيضًا: قال النيسابوري: قلت لمحمد بن يحيى (الذُّهْلي): إبراهيم بن طهمان، يُحتَجُّ بحديثه؟ قال: لا ". [من تكلم فيه الدارقطني في كتاب السنن من الضعفاء والمتروكين والمجهولين لابن زريق ص19 و27]. وقالَ الذهبي في السير: "لهُ ما يَنفرد به ، وَلا يَنحط حديثه عَنْ درجة الحسَن", وَقال ابن حجر: " ثقة يُغرب". [التقريب 36/1].
    وقد رواها عن ابن عمر مجاهد بن جبر, وقد ثبت عن مجاهد ما يخالفها ويوافق اللفظ المشهور, فقد روي عن عثمان بن ساجٍ، عن خصيف، عن مجاهد: أنه قال: "حج خمسة وسبعون نبيّا، كلهم قد طاف بالبيت وصلى في مسجد منى، فإن استطعتَ ألا تفوتَك الصلاة في مسجد منى، فافعَل". [أخبار مكة للأزرقي 96/1]، و[أخبار مكة للفاكهي 240/4].
    وما ورد أيضاً في دفن آدمَ في مَسجد الخيف مارواه الدارقطني في سننه عن ابن عباس موقوفاً ثم قال بعد روايته له: "عبد الرحمن بن مالك بن مغول, متروك", وفيه كذلك عبدالله بن مسلم بن هرمز, ضعيف . وَقدْ جاء هذا الحديث من طريق الفاكهي في أخبار مكة موقوفاً, وفيه عنعنة ابن جريج المدلس الشهير, وفيه سعيد بن سالم, له أوهام, وفي لفظه إضطراب بين مكة ومسجد الخيف .

    فمثل هذا الأمور تحتاج إلى نقل النبي المعصوم, ولو نقل لنا شيء من ذلك لتواتر الينا وعلمناه بالظرورة, ولكن عامة الروايات موقوفة, وفيها ضعفاء ومتروكين, وقد أجمع العلماء على جهالة قبور الأنبياء ما عدى قبر نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم .

    7- قولهم انتم تحرمون زيارة قبر النبي وقبور الصالحين.؟ وهذا القول غير صحيح، فزيارة القبور سنة مستحبة طالما أنها لغرض العظة والعبرة وتذكر الآخرة والإحسان إلى الأموات بالدعاء لهم، أما زيارة القبور لأجل الصلاة عندها، والتبرك بها, ودعاء أصحابها، فهو المحظور في شريعة الإسلام .
    والمرأة كذلك تحتاج إلى التذكير فيجوز لها أن تزور القبور إن أمنت الجزع والفتنة وألا تتحرى أياماً محددة وألا تكثر الزيارة .

    وقبر النبي أولى من غيرة بالزيارة، ولكن بدون نية السفر إليه فلا تشد الرحال إلا للمساجد الثلاث, وإنما توجة النية كاملة لقصد زيارة مسجده الشريف ثم تكون زيارة قبرة تبعا وقبور أهل البقيع, فإذا كان قبر الميت في البلد يستحب زيارته, أما إذا كان بعيداً بحيث يسمى سفراً حرمت زيارته .
    لأن شد الرحال الى القبر ذريعة إلى التعلق بصاحب القبر والتبرك به، وأن الصلاة والدعاء عند القبر ذريعة الى التوسل ودعاء صاحب القبر ، وهذا هو سبب النهي والتحريم .

    8- قولهم وأستدلالهم بالحديث الضعيف والموضوع في زيارة قبر النبي وشد الرحال إلى القبور، والتي لم يخرجها أحدُ من أصحاب كتب الحديث الستة, ولا صححها إمام يعتمد عليه, منها: حديث "من جاءني زائرا لم تنـزعه حاجة إلا زيارتي كان حقاً عليَّ أن أكون له شفيعا يوم القيامة". وهذا الحديث موضوع, تفرد به مسلمة بن سالم الجهني الذي لم يعرف إلا برواية هذا الحديث المنكر. [أنظر كتب الجرح والتعديل], وحديث "من زار قبري وجبت له شفاعتي". وهذا الحديث موضوع رواه ضعيفان: عبد الله بن عمر العمري، وموسى بن هلال البصري. [راجع كتب الجرح والتعديل].
    ومثلها حديث "من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شهيداً، أو شفيعاً يوم القيامة", وحديث "من زارني متعمداً كان في جواري يوم القيامة".

    قال ابن تيمية: "ما ذكروه من الأحاديث في زيارة قبر النَّبيّ صلى الله عليه وسلَّم فكلّها ضعيفةٌ باتّفاق أهل العلم بالأحاديث؛ بل هي موضوعةٌ لم يروِ أحدٌ من أهل السّنَن المعتمدة شيئًا منها، ولم يحتجَّ أحدٌ من الأئمَّة بشيءٍ منها، بل مالك -إمام أهل المدينة النبوية، الَّذين هم أعلمُ النَّاس بِحُكم هذه المسألة- كرِه أن يقول الرَّجُل: زُرْتُ قبرَه صلى الله عليه وسلَّم، ولو كان هذا اللَّفظ معروفًا عندهم أو مشروعًا أو مأثورًا عنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلَّم لم يكرهه عالمُ أهل المدينة".
    وقال :"فإن أحاديث زيارة قبره كلها ضعيفة، لا يعتمد على شيء فيها في الدين؛ ولهذا لم يرو أهل الصحاح والسنن شيئاً منها، وإنما يرويها من يروي الضعاف؛ كالدارقطني والبزار وغيرهما". [التوسل والوسيلة ص 72].

    9- قولهم لنتخذن عليهم مسجدا, من قول الله تعالى: (إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا أبنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا).

    والقول هنا أن الذين اتخذوهم مسجدًا كانوا من النصارى الذين لعنهم رسول الله - ففعلهم لا يدل على أنهم كانوا مؤمنين صالحين متمسكين بشريعة نبي مرسل بل الظاهر أنهم ملوك أو ولاة وغالبا هم أهل شرك أو فجور، فقولهم «لنتخذن» تلائم أهل النفوذ والقهر والغلبة، ولا يقال إن الله تعالى أقرهم وهو قد لعنهم على لسان رسوله وبين إنكاره لهذا الفعل في أكثر من عشر أحاديث صحيحة .
    فاتخاذ المساجد على القبور محرم في كل شرع وفعله جهلة أتباعهم كما فعله جهلة أتباع رسولنا بالرغم من نهيه الصريح عنه .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    من لديه إضافات مثمرة, أو تعقيب على أمر ما, فلا يتردد, فالموضوع للفائدة وللتعمق فيه والمباحثة .
    بارك الله في مجلسنا وجمعتنا, والسلام عليكم ورحمة الله .
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أحمد القبي مشاهدة المشاركة
    وقال ابن القيم: "وعلى هذا فيهدم المسجد إذا بُني على قبـر ، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد ، نص على ذلك الإمام أحمد وغيره ، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجدوقبـر ، بل أيهما طرأ على آخر مُنع منه ، وكان الحكم للسابق ، فلو وضِعا معاً لم يجز ، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز ، ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لِنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعنه من اتخذ القبـر مسجدا ، أو أوقد عليه سراجاً ، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبـيه ، وغربته بـين الناس كما ترى". [زاد المعاد 572/3].
    جزاك الله خيرا اخى الكريم أبو أحمد القبي- مزيد بيان-يقول الشيخ بن عثيميين- سؤال- يقول ما حكم الصلاة في مسجد يوجد في اتجاه قبلته ضريح لإنسان قد يكون هو مؤسس المسجد وبانيه هل تعتبر الصلاة صحيحة أم باطلة؟

    الجواب
    الشيخ: لا يجوز أن يوضع في المسجد قبر لا في قبلته ولا خلف المصلين ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم وإذا دفن أحد في المسجد ولو كان هو المؤسس له أو الباني له فإنه يجب أن ينبش هذا القبر وأن يدفن مع الناس إما إذا كان القبر سابقا على المسجد فإنه يجب أن يهدم المسجد وأن يبعد عن القبر لأن فتنة القبور في المساجد عظيمة جداً ربما يدعو إلى عبادة هذا المقبور ولو بعد زمن بعيد ربما يدعو إلى الغلو فيه وإلى التبرك به وهذا خطر عظيم على المسلمين فيجب عليهم البعد عن كل المساجد التي فيها القبور سواء كان القبر سابقاً عن المسجد أم لا لكن إن كان سابقاً وجب أن يهدم المسجد ويغير مكانه وإن كان المسجد هو الأول فإنه يجب أن يخرج هذا الميت من قبره ويدفن مع المسلمين.

    المقدم : ربما كان يقصد السائل أنه خارج جدار المسجد ولكن في اتجاه القبلة؟

    الجواب
    الشيخ: حتى إذا كان خارج جدار المسجد فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تصلوا إلى القبور فالصلاة إلى القبر محرمة ولا تصح الصلاة إلى القبر إما إذا كان القبر بعيداً وبينه وبينه شارع وهو يعلم أنه لا يصلي إليه فلا بأس به[فتاوى نور على الدرب ]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,194

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أحمد القبي مشاهدة المشاركة
    فالموضوع للفائدة وللتعمق فيه والمباحثة .
    عندي اشكال في هذا الباب في ماهية و حقيقة التبرك
    و هل الشرك فيه متعلق بالربوبية او بالالوهية ؟
    فالتبرك بالشيء له شقين
    اعتقاد البركة فيه
    و طلب تلك البركة و تحصيلها من ذلك الشيء ( فهنا الفعل ( التبرك ) يختلف باختلاف المتبرك به ) فليس فعلا واحدا فقد يكون بقرائته و تلاوته ككتاب الله و قد يكون بشربه كماء زمزم . و قد يكون بلمسه و التمسح به و ما الى ذلك . فلا يكون الفعل واحدا كما انه لا يلزم من التبرك بالشيء عبادته .
    المهم
    معلوم ان شرك العرب قديما في الجاهلية في هذه الجزئية بالذات
    يعني تبركهم بالهتم كان بعبادتها . فطلبهم للمنفعة من اصنامهم كان بعبادتها
    فمن هذه الحيثية شركهم في الالوهية .
    فبهذا نقول ان كل من عبد شيئا تبركا به فهو مشرك شرك العبادة
    اما من جهة الربوبية ( اعتقاد النفع و البركة فيها )
    فان كان الاعتقاد فيها اعتقاد ذاتي لا انها سبب من الاسباب فلا شك في ان هذا شرك اكبر في الربوبية
    اما ان كان المتبرك يعتقد فيها البركة و ان تلك البركة جعلها الله فيها كغيرها من الاسباب ( اتكلم عموما )
    و وقع له الغلط في هذا فهل يلزم من هذا انه قد اشرك

    فمسالة الاسباب و اعتقاد كون الشيء سببا و هو ليس بسبب
    يعرف بالشرع و العادة
    فقد يعتقد المسلم البركة في الشيء ( او يجعل ما ليس بسبب سبب ) بدليل شرعي يكون استدلاله به فاسد اما من جهة الثبوت او الدلالة
    او يعتقد ذلك من جهة العادة فيعتقد ان الله جعل هذا الشيء مباركا و هو ليس كذلك . و العادة امر لا ينضبط عند الناس

    فان كان ملتزم ان النفع و الضر من عند الله معتقدا لذلك . و ان بركة الاشياء هي من عند الله شرعا و قدرا
    فهل يكون قد اشرك لغلطه في السبب و ظنه ان الله قد جعله سببا مباركا و هو ليس كذلك ؟

    و من جهة اخرى ليست خاصة بهذا الباب فقط
    في كون الشرك الاصغر له تاثير على ايمان المرء
    فهل يلزم من اعتقد ذلك ان يتاثر ايمانه و هو مقر بربوبية الله عز وجل
    و ان اعتقاده لذلك مبني على ما لا يظن هو انه معصية لله او مخالفة لشرعه و قدره
    و قاعدة ( جعل ما ليس بسبب سبب شرك اصغر )
    لا اظن و الله اعلم انها على اطلاقها بلا قيود
    فمن حيث العادة قد يظن المرء في شيء ما انه سبب لامر اخر و لا يكون كذلك
    و من حيث الشرع تدخل البدع بجملتها في القاعدة فتكون شركا ان كانت القاعدة على العموم
    لان المبتدع يجعل البدعة سببا يتقرب به الى الله عز وجل و لا يكون ذلك سببا للقربة

    و الله اعلم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,948

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    عندي اشكال في هذا الباب في ماهية و حقيقة التبرك
    و هل الشرك فيه متعلق بالربوبية او بالالوهية ؟
    جزاك الله خيرا اخى الكريم الطيبوني لا اشكال عندك فانت اوضحت المسألة توضيحا جيدا وفرقت بين تعلق التبرك بالربوبية والالوهية بما لا مزيد عليه اما قولك
    او يعتقد ذلك من جهة العادة فيعتقد ان الله جعل هذا الشيء مباركا و هو ليس كذلك . و العادة امر لا ينضبط عند الناس
    اقول لا دخل للعادة هنا فى مسألة الشرك بل العادات الموروثة عن الاباء هى من اسباب الشرك - والصحيح ان تقول ما لا يثبت شرعا ولا قدرا وكلمة قدرا ليس لها صله بالعادة وانما معنى كلمة قدرا الامور التى تكون سبب فى مسبباتها ونتائجها الامور التى ثبتت بالتجربة الحسية الصحيحة وليست التجربة المتوهمه -إثبات الأسباب لابد أن يكون أتى من جهة الشرع وإمّا من جهة التجربة الظاهرة، مثل دواء الطبيب، ومثل الانتفاع ببعض الأسباب التي فيها الانتفاع ظاهرا؛ تتدفى بالنار أو تتبرد بالماء، أو نحو ذلك، هذه أسباب ظاهرة بيّن أثرها؛----- وانت اخى الكريم الطيبوني وضحت هذا فى الفقرة التى تليها -فلما اقحمت كلمة العادة وهى ليست داخله فى ضابط تعريف شرك الاسباب التى لم يجعلها الله سببا --وقولك
    فان كان ملتزم ان النفع و الضر من عند الله معتقدا لذلك . و ان بركة الاشياء هي من عند الله شرعا و قدرا
    فهل يكون قد
    اشرك لغلطه في السبب و ظنه ان الله قد جعله سببا مباركا و هو ليس كذلك ؟
    نقول ان الظن لا يغنى من الحق شيئا- نعم قد وقع فى الشرك ولكن الشرك الاصغر لانه جعل الاسباب التى لم يجعلها الله سببا لا شرعا ولا قدرا جعلها سببا فصار هنا الشرك شركا اصغر -وتحقيق المقام فى مسألة الشرك الاكبر والاصغر بالنسبة الى التبرك - يكون شركا أكبر : إذا طلب بركتها معتقدا أن هذا الشجر أو الحجر أو القبر إذا تمسح به أو تمرَّغ عليه أو التصق به يتوسط له عند الله، فإذا اعتقد فيه أنه وسيلة إلى الله، فهذا اتخاذ إلـه مع الله جل وعلا وشرك أكبر، وهذا هو الذي كان يزعمه أهل الجاهلية للأحجار والأشجار التي يعبدونها، وبالقبور التي يتبركون بها، يعتقدون أنهم إذا عكفوا عندها وتمسحوا بها وبالقبور أو تثروا التراب عليها فإن هذه البقعة أو صاحب هذه البقعة أو الرَّوحانية؛ الروح التي تخدم هذه البقعة أنه يتوسط له عند الله جل وعلا، فهذا راجع إلى اتخاذ أنداد مع الله جل وعلا، قد قال سبحانه ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر:3].
    ويكون التبرك شركا أصغر: إذا كان هذا التبرك بنثر التراب عليه، أو إلصاق الجسم بذلك، أو التبرك بعين ونحوها، إذا كان من جهة أنه جعله سببا لحصول البركة، بدون اعتقاد أنه يوصل إلى الله؛ يعني جعله سببا مثل ما يجعل لابس التميمة أو لابس الحلقة أو لابس الخيط، جعل تلك الأشياء سببا، فإذا أخذ تراب القبر ونثره عليه لاعتقاده أن هذا التراب مبارك وإذا لامس جسمه فإن جسمه يتبارك من جهة السببية فهذا شرك أصغر؛
    لأنه ما صرف عبادة لغير الله جل وعلا، وإنما اعتقد ما ليس سببا مأذونا به شرعا سببا.
    وأما إذا تمسح بها -كما هي الحال الأولى- تمسح بها وتمرغ بها والتصق بها لتوصله إلى الله جل وعلا، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة، ولا تكون عندهم مجرد أسباب، وإنما تكون عندهم فيها خاصية من الخصائص التي تكون بنفسها يأتي بالشيء أو تدفع الشيء [ مهم جدا]- القبوريين يعتقدون في القبر؛ بل يعتقدون في الحديد الذي يُسيَّج به القبر، فالمشاهد المختلفة في البلاد التي يفشو فيها الشرك أو يظهر فيها الشرك، تجد أنّ الناس يعتقدون في الحائط الذي على القبر، أو في الشُّباك الحديدي الذي يحيط بالقبر، فإذا مسحوا به كأنهم تمسحوا بالمقبور، واتصلت روحهم بأنه سيتوسط لهم لأنهم عظموه, هذا شرك أكبر بالله جل وعلا لأنه رجع إلى تعلق القلب في جلب النفع وفي دفع الضَّر بغير الله جل وعلا وجعله وسيلة إلى الله جل وعلا كفعل الأولين الذين قال الله فيهم ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر:3].
    وأمّا في الحال الأخرى --من أنه يجعل بعض التمسحات أسبابا، مثل ما ترى بعض الناس الجهلة يأتي في الحرم ويتمسح بأبواب الحرم الخارجية، أو ببعض الجدران، أو ببعض الأعمدة.
    فهذا إن ظن أن ثَمّ روحاً في هذا العمود، أو هناك أحد مدفون بالقرب منه، أو ثم من يخدم هذا العمود من الأرواح الطيبة -كما يقولون-، فتمسح لأجل أن يصل إلى الله جل وعلا فهذا شرك أكبر.
    وأما إذا تمسح باعتقاد أن هذا المقام مبارك وأن هذا سبب قد يشفيه، إذن قلنا إذا كان يتمسح لجعله سببا فهذا يكون شركا أصغر.
    وإذا كان تعلق قلبه بهذا الذي المتمسح به والمتبرك به وعظمه ولازمه واعتقد أن ثمّة روحا هنا، أو أنه يتوسل به إلى الله فإن هذا شركا أكبر. وقولك
    لا اظن و الله اعلم انها على اطلاقها بلا قيود
    نعم - بعض الأمثلة قد يشكل هل تدخل أو لا تدخل، لكن المقصود من هذا الباب؛ أن إثبات الأسباب لابد أن يكون أتى من جهة الشرع وإمّا من جهة التجربة الظاهرة وأما الأسباب التي تكون سببا لمسبباتها فهذه لابد أن يكون مأذونا بها في الشرع ، ولهذا بعض العلماء يعبر عما ذكرت بقوله: من أثبت سببا –يعني يُحدث المسبَّب يُحدث النتيجة- لم يجعله الله سببا لا شرعا ولا قدرا, فقد أشرك؛ يعني الشرك الأصغر، هذه القاعدة في الجملة صحيحة, قد بعض الأمثلة قد يشكل هل تدخل أو لا تدخل، لكن هو المقصود من هذا الباب؛ أن إثبات الأسباب لابد أن يكون أتى من جهة الشرع وإمّا من جهة التجربة الظاهرة، مثل دواء الطبيب، ومثل الانتفاع ببعض الأسباب التي فيها الانتفاع ظاهرا؛ تتدفى بالنار أو تتبرد بالماء، أو نحو ذلك، هذه أسباب ظاهرة بيّن أثرها؛ لكن إذا كان السبب من جهة التعلق الذي لم يأذن به الشرع فإن التعلق القلبي بشيء لم يأذن به الشرع يكون نوع شرك إذا كان لدفع البلاء أو لرفعه.
    وهذا مراد الشيخ بهذا الباب؛ فإن لبس الخيط والحلقة من الشرك الأصغر. كل أصناف الشرك الأصغر قد تكون شركا أكبر بحسب حال من فعلها؛ اللبس، تعليق التمائم, الحلف بغير الله, قول ما شاء الله وشئت، ونحو ذلك من الأعمال والاعتقادات والأقوال، الأصل فيها أن نقول أنها شرك أصغر, قد تكون تلك شركا أكبر بحسب الحال؛ يعني أن أعتقد في الحلقة و الخيط أنها تؤثر بنفسها فهذا شرك أكبر, إذا اعتقد أنها ليست سبب؛ ولكن هي تؤثر بنفسها؛ لأن هذه تدفع بنفسها، تدفع المرض بنفسها، تدفع العين بنفسها أو ترفع المرض بنفسها، أو ترفع العين بنفسها، وليست أسبابا؛ ولكن هي بنفسها مؤثرة، فهذا شرك بالله شرك أكبر؛ لأنه جعل التصرف في هذا الكون لأشياء مع الله جل وعلا، ومعلوم أن هذا من أفراد الربوبية فيكون ذلك شركا في الربوبية.[بتصرف من كفاية المستزيد]

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا جميعا .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    فقد يعتقد المسلم البركة في الشيء ( او يجعل ما ليس بسبب سبب ) بدليل شرعي يكون استدلاله به فاسد اما من جهة الثبوت او الدلالة
    .............................. .............................. .............................. ..............
    فان كان ملتزم ان النفع و الضر من عند الله معتقدا لذلك . و ان بركة الاشياء هي من عند الله شرعا و قدرا
    فهل يكون قد اشرك لغلطه في السبب و ظنه ان الله قد جعله سببا مباركا و هو ليس كذلك ؟
    التبرك بالمحسوسات معتقدا ان الله تعالى جعل فيها من البركة ما يرجى الخير بسببها: هو دون الشرك الأكبر, وأكبر من الشرك الأصغر في إعتقادي .
    لأنه لا يقارن بدعاء الشرك الأكبر في كتاب الله الذي لا خصخصة فيه ولا قياس, ولا يقارن بالعجب والرياء الذان من الشرك الأصغر، فهو وسطي بينهما,
    ولأنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، وصاحبه قاس ذلك على غيره, ولأنه لم يأخذ بالأسباب الشرعية الظاهرة, ولأنه من تلبس بأهون صور التبرك فالخلط واقع منه لا محالة .

    ولو قاس أحدهم بالأسباب التي تكون سببا لمسبباتها, لتأول وشرع وخرج عن شريعة الإسلام, فالعبادة مبنية على الشرع والإتباع, لا على القياس والابتداع .
    وقد شرع لنا ربنا مثلاٌ: أن نتمسح بالحجر الاسود, متابعة لسنة النبي, لا للتبرك, فهل شرع لنا ربنا أن نتمسح بالكعبة والمقام والجدران.؟ وهل شرع لنا التمسح بالأحياء والأموات وآثارهم وماذرأ من حاجياتهم.؟
    ومن كان ملتزم ان النفع والضر من عند الله, وغلط في التأويل والإستدلال, فلا ينفعه عذره في أصل لا تهاون فيه ولا قياس ولا عقليات .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    في كون الشرك الاصغر له تاثير على ايمان المرء
    فهل يلزم من اعتقد ذلك ان يتاثر ايمانه و هو مقر بربوبية الله عز وجل
    كل من آمن بالله تعالى وأقر بربوبيته, وعطل أو تأول فخالف شريعة الإسلام, هل نقول بثبات إيمانه.؟!
    فإيمان العبد يتأثر بقدر حجم مخالفته للكتاب والسنة, ومخالفة دون أخرى تنقضه بالكلية, وحديثنا عن أنصاب وأزلام يتقرب اليها ويعتقد فيها وتشد الرحال اليها .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    و من حيث الشرع تدخل البدع بجملتها في القاعدة فتكون شركا ان كانت القاعدة على العموم
    لان المبتدع يجعل البدعة سببا يتقرب به الى الله عز وجل و لا يكون ذلك سببا للقربة و الله اعلم
    البدعة في العبادات من إحداث صلاة أو ذكر أو نحوهما, لا تدخل في القاعدة التي ذكرتها, فهي افعال ذاتية مستقلة, وليست أفعال إعتقادية في الجمادات والمحسوسات الغيبية .

    إشكال في موضوع مازال معلق بيننا, http://majles.alukah.net/t159066/#post847991 , ما هو دعاء الشرك في إعتقادك.؟
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    298

    افتراضي

    الهدف من المواضيع الإختصار بالحجج البينة, فمن لديه إضافات مثمرة, أو تعقيب, أو أي شبهات, فلا يتردد في وضعها بإختصار.
    بارك الله في مجلسنا وجمعتنا, والسلام عليكم ورحمة الله .

    http://majles.alukah.net/t161612/#post859161
    http://majles.alukah.net/t161612/#post859161
    http://majles.alukah.net/t161611/#post859154
    http://majles.alukah.net/t159608/#post850084
    http://majles.alukah.net/t159324/#post848832
    سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله و الله اكبر

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •