وأماالقائم به، فكلما قلت أعوانه وأنصاره، صار أعظم لأجره، كما دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، كما قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [سورة الحج ]، وقال: { لَنَهْدِيَنَّهم ْ سُبُلَنَا} الآية [ٍ سورة العنكبوت آية: 69]، وقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ} الآية [سورة الحج آية: 39]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ} الآية [سورة المائدة آية: 54]، وقال: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} الآية [سورة التوبة آية: 5]، وقال: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ} الآية [سورة البقرة آية: 249]، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية [سورة الأنفال آية: 65]، وقال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} الآية [سورة البقرة آية: 216].
ولا ريب أن فرض الجهاد باق إلى يوم القيامة، والمخاطب به المؤمنون; فإذا كان هناك طائفة مجتمعة لها منعة، وجب عليها أن تجاهد في سبيل الله بما تقدر عليه، لا يسقط عنها فرضه بحال، ولا عن جميع الطوائف، لما ذكرت من الآيات. وقد تقدم الحديث: "لا تزال طائفة" الحديث.
فليس في الكتاب والسنة ما يدل على أن الجهاد يسقط في حال دون حال، ولا يجب على أحد دون أحد، إلا ما استثنى في سورة براءة. وتأمل قوله: {وَلَيَنْصُرَنّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إ} [سورة الحج آية: 40]، وقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} الآية [سورة المائدة آية: 56]؛ وكل يفيد العموم بلا تخصيص. فأين تذهب عقولكم عن هذا القرآن؟
وقد عرفت مما تقدم: أن خطاب الله تعالى يتعلق بكل مكلف، من الأولين والآخرين، وأن في القرآن خطاباً ببعض الشرائع، خرج مخرج الخصوص وأريد به العموم، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِي نَ} الآية [سورة التوبة آية: 73]، وقد تقدم ما يشير إلى هذا بحمد الله، وذلك معلوم عند العلماء، بل عند كل من له ممارسة في العلم والأحكام، فلهذا اقتصرنا على هذا القول، وبالله التوفيق. [الدرر السنية فى الاجوبة النجدية]---------------------------ولكن الجهاد موكول إلى الإمام إن كان موجوداً ، ويشترط فيه إذنه إن كان قائما بأمر الجهاد، إلا إذا تعين الجهاد ، فهو كسائر فروض العين ، يقوم بها المسلم من غير اشتراط إذن من أحد ، وكذلك إن خشي المسلمون فوات مصلحة من انتظار إذن الإمام ، ففي هذه الحالة يبادرون إلى الجهاد .
فإن عُدم الإمام ، أو تُرك الجهاد ، أو خُشي فوات مصلحة ، أو وقوع مفسدة ، أو تعين على طائفة لَم يشترط إذنه --- قال ابن حزم : " يغزى أهل الكفر مع كل فاسق من الأمراء وغير فاسق ومع المتغلب والمحارب كما يغزى مع الإمام ويغزوهم المرءُ وحده إنْ قدر أيضاً " . ( المحلى 10/99 ) - قال صديق خان : " الأدلة على وجوب الجهاد من الكتاب والسنة وردت غير مقيدة بكون السلطان أو أمير الجيش عادلاً , بل هذه فريضة من فرائض الدين أوجبها الله على عباده المسلمين من غير تقيد بزمان أو مكان أو شخص أو عدل أو جور " . ( الروضة/333 )