بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾.
﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾.
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما﴾.
أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الامور محدثاتها، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
قال الله عزّ وجل: ﴿وَالسَّابِقُو الأولون مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾
فقد أخبر الله تعالى أنه قد رضي عن الصحابة جميعًا وعمن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال رشيد رضا في "تفسير المنار":
" هذه طبقات ثلاث هي خير هذه الأمة التي هي في جملتها خير أمة أخرجت للناس.
(فالأولى) السابقون الأولون من المهاجرين قيل: هم الذين صلوا إلى القبلتين وروي عن أبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيب وابن سيرين والحسن وقتادة وغيرهم.
وقيل: هم أهل بدر، وروي عن محمد بن كعب وعطاء بن يسار.
وقيل : هم الذين شهدوا بيعة الرضوان في الحديبية وعليه الشعبي ولكن هذا القول وما قبله في السابقين من المهاجرين والأنصار جميعا وأما السابقون من المهاجرين وحدهم فهم الذين هاجروا قبل صلح الحديبية، لأن المشركين كانوا إلى ذلك الوقت يضطهدون المؤمنين في بلادهم ويقاتلونهم في دار الهجرة وما حولها ، ولا يمكنون أحدا من الهجرة ما وجدوا إلى صده سبيلا، ولا منجاة للمؤمن من شرهم إلا بالفرار أو الجوار، فالذين هاجروا قبل صلح الحديبية وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم كانوا كلهم من المؤمنين الصادقين، ليس فيهم منافق كما قلنا، إذ لم يكن للنفاق في ذلك الوقت مقتضى ولا سبب، ولا للهجرة والجهاد داع غير الإخلاص في الإيمان وإقامة بناء الإسلام، وإن كان هؤلاء يتفاضلون في السبق وفي غيره من الأعمال، فأفضلهم الخلفاء الأربعة فسائر الذين بشرهم النبي ﷺ بالجنة بأشخاصهم ، وما كل سابق أفضل من كل مسبوق، ومن السابقين بالإيمان من سبقه غيره بالهجرة، وأول من آمن على الإطلاق خديجة رضي الله عنها - لأنه - ﷺ - بلغها خبر بعثته قبل كل أحد فصدقت وآمنت، ويليها من كان معه ﷺ في بيتها، وهم علي وكان ابن عشر سنين، وزيد بن حارثة، ومن خارجه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، والمشهور أنه أول من آمن من الرجال، ولا خلاف في أنه آمن عندما دعاه النبي ﷺ بغير أدنى تريث أو تردد، ولا في أنه أول المهاجرين مع الرسول كما تقدم في تفسير آية الغار، وأول الدعاة إلى الإسلام مع النبي ﷺ.
(الطبقة الثانية) السابقون الأولون من الأنصار وهم الذين بايعوا النبي ﷺ عند العقبة في منى في المرة الأولى سنة إحدى عشرة من البعثة وكانوا سبعة، وفي المرة الثانية وكانوا سبعين رجلا وامرأتين، ويليهم الذين آمنوا حين قدم عليهم أبو زرارة مصعب بن عمير بن هاشم من قبل النبي ﷺ يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين، وأرسله مع أهل العقبة الثانية سنة اثنتي عشرة من البعثة وكذا من آمن عند قدوم النبي ﷺ، وقبل أن تكون للمسلمين قوة غالبة تتقى وترتجى، وهذه القوة رسخت عقب هجرته ﷺ وصار بعض أهل المدينة يظهرون الإسلام نفاقا، بدليل قوله تعالى في الآيات التي نزلت في شأن غزوة بدر وكانت في السنة الثانية ﴿إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم﴾ ولم يكن فيهم أحد من المهاجرين ولا من الأنصار السابقين وإن كانوا كلهم من الأوس والخزرج.
(الطبقة الثالثة) الذين اتبعوا هؤلاء السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار في الهجرة والنصرة اتباعا بإحسان، أو محسنين في الأفعال والأقوال، فتضمن هذا القيد الشهادة للسابقين بكمال الإحسان، لأنهم صاروا فيه أئمة متبوعين، وخرج به من اتبعوهم في ظاهر الإسلام مسيئين غير محسنين في هذا الاتباع وهم المنافقون، ومن اتبعوهم محسنين في بعض الأعمال ومسيئين في بعض وهم المذنبون والآيات مبينة حال الفريقين.
هؤلاء الطبقات الثلاث رضي الله عنهم في إيمانهم وإسلامهم وإحسانهم وأعلاه ما كان من هجرتهم وجهادهم ، فقبل طاعاتهم ، وغفر سيئاتهم، وتجاوز عن زلاتهم، إذ بهم أعز الإسلام، ونكل بأعدائه من المشركين وأهل الكتاب﴿ ورضوا عنه﴾ بما وفقهم له، وأسبغه عليهم من نعمه الدينية والدنيوية فأنقذهم من شرك وهداهم من ضلال، وأغناهم من فقر وأعزهم من ذل ﴿وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم﴾ وقد ورد ذكر الطبقات الثلاث من الصحابة في آخر سورة الأنفال، وعبر فيه عن الطبقة الثالثة بقوله :﴿ والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم﴾ ... وقد عبر فيها عن الطبقة الثالثة بقوله:
﴿ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان﴾ إلخ ...ولا شك في مشاركة سائر المؤمنين لأولئك الصحابة الكرام في رضاء الله وثوابه بقدر اتباعهم لهم في الهجرة إن وجدت أسبابها والجهاد بالأموال والأنفس لنصرة الإسلام ، ومنها نصرته بالحجة والبرهان، وفي سائر أعمال البر والإحسان، وإن الآيات تدل على ذلك في كل موضع، لأن الجزاء في حكم الله الحق وشرعه العدل على الأعمال، وللسابقين في كل عمل فضيلة السبق والإمامة في كل عصر، ويمتاز عصر الرسول الذي وجد فيه الإسلام وأقيم بنيانه، ورفعت أركانه، ونشرت في الخافقين أعلامه، على كل عصر بعده، وهم الأقلون المقربون كما قال تعالى ﴿ والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين﴾ هذه الشهادة من رب العالمين للطبقات الثلاث من أصحاب رسول الله ﷺ يدمغ حقها باطل الروافض الذين يطعنون فيهم، ويحثون التراب في أفواههم، والذي سن لهم هذا الطعن في جمهورهم الأعظم عبد الله ابن سبأ اليهودي الذي أظهر الإسلام لأجل إيقاع الشقاق بين المسلمين وإفساد أمرهم، ثم نظم الدعوة لذلك زنادقة المجوس بعد فتح المسلمين لبلادهم، كما بيناه مرارا.
ثم جعل الرفض مذهبا له فرق ذات عقائد، منها ما هو كفر صريح، ومنها ما هو ابتداع قبيح، ومنها ما هو دون ذلك.
وروي عن أبي صخر حميد بن زياد قال: أتيت محمد بن كعب القرظي فقلت له: ما قولك في أصحاب رسول الله ﷺ؟ فقال: جميع أصحاب رسول الله ﷺ في الجنة محسنهم، ومسيئهم.
فقلت: من أين تقول هذا؟ قال اقرأ قول الله تعالى:﴿ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار.. إلى أن قال ﴿ رضي الله عنهم ورضوا عنه﴾
وقال: (والذين اتبعوهم بإحسان ) شرط في التابعين شريطة وهي أن يتبعوهم في أفعالهم الحسنة دون السيئة.
قال أبو صخر: فكأني لم أقرأ هذه الآية قط.
والتحقيق ما قلناه.
فإن هذه الآيات وما بعدها في بيان حال المسلمين في عهد نزولها مؤمنيهم ومنافقيهم، ومحسنيهم، ومسيئيهم والذين خلطوا منهم عملا صالحا وآخر سيئا والذين تاب الله عليهم والذين أرجأ توبتهم.
وهذه الآية نص في أن الطبقات الثلاث من السابقين الأولين والذين اتبعوهم في الإيمان والهجرة والجهاد - عندما أبيحت الهجرة وتيسرت أسبابها بصلح الحديبية قد فازوا كلهم برضاء الله ووعده لهم بالجنة ...
وجملة القول أن جميع أفراد هذه الطبقات الثلاث، قد جازوا القنطرة واستبقوا الصراط، وما عاد يؤثر في كمال إيمانهم شيء، لأن نورهم يمحو كل ظلمة تطرأ على أحد منهم بإلمامه بذنب، وإذا كان بعض المحدثين يقول: إن من اتفق الشيخان على تعديله في الرواية - أي اعتمدا عليه في أصولهما المسندة - قد جاز قنطرة الجرح، فماذا يقال فيمن عدلهم الله عز وجل وشهد لهم بأنه رضي عنهم ورضوا عنه ". انتهى كلامه رحمه الله تعالى بتصرف.
قصتان حدثتا في حياة النبي ﷺ قد يُفهم منهما خطًأ أن الصحابة رضي الله عنهم وقع منهم شرك أو تحزّب أو عصبية جاهلية وحاشاهم من كل ذلك وقد طهّرهم الله تعالى من كل رجس الجاهلية.
القصة الأولى : عن أبي واقد الليثي: " أنهم خرجوا عن مكة مع رسول الله ﷺ إلى حنين، قال: وكان للكفار سدرة يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرة خضراء عظيمة، قال: فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط فقال رسول الله ﷺ: قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى: ﴿اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون﴾ إنها السنن، لتركبن سنن من كان قبلكم سنة سنة ".
أخرجه أحمد 5/ 218، والترمذي (2180)، وابن أبي شيبة 15/ 101 ، وعبد الرزاق في "المصنف" (20763)، وابن أبي عاصم في "السنة" (76)، وأبو يعلى في "مسنده" (1441).
وقال الترمذي:
" حسن صحيح ".
القصة الثانية: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال:
"كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمعها الله رسوله ﷺ قال: "ما هذا؟"، فقالوا كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فقال النبي ﷺ: «دعوها فإنها منتنة» قال جابر: وكانت الأنصار حين قدم النبي ﷺ أكثر، ثم كثر المهاجرون بعد، فقال عبد الله بن أبي: أوقد فعلوا، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فقال عمر بن الخطاب t: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، قال النبي ﷺ:
"دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه".
أخرجه البخاري (4905) و(4907)، ومسلم (2485).
قال شيخ الإسلام في "الاقتضاء" 2/ 157 - طبعة عالم الكتب الطبعة السابعة:
" ولما كان للمشركين شجرة يعلقون عليها أسلحتهم ويسمونها ذات أنواط فقال بعض الناس: (يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال : الله أكبر قلتم كما قال قوم موسى لموسى : ﴿اجعل لنا إلها كما لهم آلهة﴾ (إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم )، فأنكر النبي ﷺ مجرد مشابهتهم للكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها معلقين عليها سلاحهم، فكيف بما هو أعظم من ذلك من مشابهتهم المشركين أو هو الشرك بعينه ؟".
وتنبّه - يارعاك الله - لكلمة شيخ الإسلام ( فأنكر النبي ﷺ مجرد مشابهتهم للكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها معلقين عليها سلاحهم فكيف بما هو أعظم من ذلك من مشابهتهم المشركين أو هو الشرك بعينه ).
لقد أنكر النبي ﷺ على الصحابة رضي الله تعالى عنهم طلبهم الذي طلبوه وشبّهه بطلب قوم موسى ( اجعل لنا إلهاً )، أي: أنهم شابهوهم في المقولة، في طلبهم أن يجعل لهم ذات أنواط: و"ذات أنواط": هي اسم شجرة بعينها كانت للمشركين، وسميت بذلك لأنهم كانوا ينوطون بها سلاحهم، أي: يعلقونه بها، وأنواط: جمع نوط، وهو مصدر سمي به المنوط. انظر "النهاية" 5 /128 ، وإن النبي ﷺ أخبر وخبره الصدق أنهم سيتبعون سنن من قبلهم، فهل يا ترى أن الصحابة اتبعوا سنن الأمم الماضية - حاشا وكلا - أم إنهم كانوا على هدى من ربهم فلاشك أنهم كانوا على هدى من ربهم ولم يقعوا في الشرك، والنبي ﷺ يستخدم ألفاظًا عامة يقصد بها تعليم الأمة ويحذّرها فقد كان يقول " ما بال أقوام يقولون كذا وكذا " ينكر عليهم قولهم على منبره حتى يتعلم مَنْ لا يعلم ...
ومن فوائد هذا الحديث التحذير من الشرك، وأن الإنسان قد يستحسن شيئا يظن أنه يقربه إلى الله، وهو أبعد ما يبعده من رحمة ربه، ويقربه من سخطه، فالمقصود أن النبي ﷺ اشتد عليهم بالنكير خشية الوقوع فيما وقع فيه المشركون، ولا يُقال إن الصحابة وقعوا في الشرك، إنما القصد المشابهة وهذا يُؤخذ من قوله ﷺ ( كما ) التي تفيد التشبيه لا الوقوع في الشيء وهذا واضح بيّن لا يخفى بأدنى تأمل !
نعم العبرة بالمعاني، وليس بالألفاظ، فالنبي ﷺ شبّه قولهم بقول بني إسرائيل، مع أنهم لم يطلبوا إلها من دون الله صراحة ولكن من خشية النبي على الأمة وحرصه عن الابتعاد عن هذه المواطن التي تُفضي إلى الشرك يستخدم هذه الألفاظ يحذّر ما صنع المشركون، وهذا كله خرج منه مخرج الخبر عن وقوع ذلك، والذم لمن يفعله، كما كان يخبر عما يفعله الناس بين يدي الساعة من الأشراط والأمور المحرمات ومن الأصل الأصيل قاعدة: ( سد الذرائع )
وجملة القول أن الصحابة لم يقعوا في شرك أبدًا ولم يتلبسوا به لحظة من يوم ما علموا خطورته، ولم يتحزبوا ولم تكن عندهم أي عصبية جاهلية كما سيأتي بيانه...
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في " تيسير العزيز الحميد" (ص 147):
" قال أبو السعادات سألوه أن يجعل لهم مثلها فنهاهم عن ذلك، وأنواط جمع نوط، وهو مصدر سمي به المنوط.
قوله: (فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط) أي: شجرة مثلها نعلق عليها، ونعكف حواليها، ظنوا أن هذا أمر محبوب عند الله فقصدوا التقرب إلى الله بذلك، وإلا فهم أجل قدرًا، وإن كانوا حديثي عهد بكفر عن قصد مخالفة النبي ﷺ ..
وقال: قوله: "قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها. إلخ" أخبر ﷺ أن هذا الأمر الذي طلبوه منه، وهو اتخاذ شجرة للعكوف عندها، وتعليق الأسلحة بها تبركاً كالأمر الذي طلبه بنو إسرائيل من موسى عليه السلام حيث قالوا: (اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة)، فإذا كان اتخاذ شجرة لتعليق الأسلحة، والعكوف عندها، اتخاذ إله مع الله مع أنهم لا يعبدونها، ولا يسألونها، فما الظن بما حدث من عباد القبور من دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، والذبح، والنذر لهم، والطواف بقبورهم، وتقبيلها، وتقبيل أعتابها وجدرانها، والتمسح بها، والعكوف عندها، وجعل السدنة والحجاب لها؟! وأي نسبة بين هذا، وبين تعليق الأسلحة على شجرة تبركًا؟!".
وهذا الحديث ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب تحت ( باب من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما )، وقال:
"فوائد هذا الباب بقوله :
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية النجم.
الثانية: معرفة صورة الأمر الذي طلبوا.
الثالثة: كونهم لم يفعلوا.
الرابعة: كونهم قصدوا التقرب إلى الله بذلك، لظنهم أنه يحبه.
الخامسة: أنهم إذا جهلوا هذا فغيرهم أولى بالجهل.
السادسة: أن لهم من الحسنات والوعد بالمغفرة ما ليس لغيرهم.
السابعة: أن النبي ﷺ لم يعذرهم، بل رد عليهم بقوله: "الله أكبر إنها السنن، لتتبعن سنن من كان قبلكم" فغلظ الأمر بهذه الثلاث.
الثامنة: الأمر الكبير، وهو المقصود: أنه أخبر أن طلبتهم كطلبة بني إسرائيل لما قالوا لموسى: ﴿اجعل لنا إلها﴾ .
التاسعة: أن نفي هذا معنى "لا إله إلا الله" ، مع دقته وخفائه على أولئك.
العاشرة: أنه حلف على الفتيا، وهو لا يحلف إلا لمصلحة.
الحادية عشرة: أن الشرك فيه أكبر وأصغر، لأنهم لم يرتدوا بهذا.
الثانية عشرة: قولهم: "ونحن حدثاء عهد بكفر" فيه أن غيرهم لا يجهل ذلك.
الثالثة عشرة: التكبير عند التعجب، خلافا لمن كرهه.
الرابعة عشرة: سد الذرائع.
الخامسة عشرة: النهي عن التشبه بأهل الجاهلية.
السادسة عشرة: الغضب عند التعليم.
السابعة عشرة: القاعدة الكلية، لقوله "إنها السنن".
الثامنة عشرة: أن هذا علم من أعلام النبوة، لكونه وقع كما أخبر .
التاسعة عشرة: أن كل ما ذم الله به اليهود والنصارى في القرآن أنه لنا.
العشرون: أنه متقرر عندهم أن العبادات مبناها على الأمر، فصار فيه التنبيه على مسائل القبر.
أما "من ربك؟ فواضح، وأما "من نبيك؟ فمن إخباره بأنباء الغيب، وأما "ما دينك؟ فمن قولهم: ﴿اجعل لنا إلها﴾ إلخ.
الحادية والعشرون: أن سنة أهل الكتاب مذمومة كسنة المشركين.
الثانية والعشرون: أن المنتقل من الباطل الذي اعتاده قلبه لا يؤمن أن يكون في قلبه بقية من تلك العادة لقولهم: ونحن حدثاء عهد بكفر.
فتدبر - يارعاك الله - أن العلماء يحملوا كلام النبي ﷺ على تحذير الأمة من هذه الوسائل ...
قال الشيخ الالباني:
" هذا يذكِّرُنا بما هو أقل من ذلك، وقد أنكره الرسول عليه الصلاة والسلام، حينما كان في طريق في سفر فمرُّوا بشجرةٍ ضخمة للمشركين، كانوا يعلِّقون عليها أسلحتهم، فقالوا كلمة بريئة جدًّا، ولكنها في مشابهة لفظيَّة قالوا:
"يَا رَسُولَ اللَّهِ! اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، قال عليه السلام: ( اللَّهُ أَكْبَرُ! هَذِهِ السُّنَنُ، لَقَدْ قُلْتُمْ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً ).
قد يستغرب الإنسان كيف الرسول عليه السلام يقتبس من هذه الآية حجة على هؤلاء الذين ما قالوا: أجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، وإنما قالوا: اجعل لنا شجرة نعلِّق عليها أسلحتنا، كما لهم شجرة، فقال: ( اللَّهُ أَكْبَرُ! هَذِهِ السُّنَنُ )، يعني بدأتم تسلكون سنن من قبلكم كما في الأحاديث الصحيحة، ( قلتم كما قال قوم موسى لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ).
فكيف بمن يقول اليوم صراحة؟ النَّصارى يحتفلوا بعيساهم نحن ما نحتفل بنبينا عليه السلام؟! الله أكبر! هذه السَنَن، وصدق الرسول ﷺ، حين قال: "لَتَتَّبِعُن ّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ! اليَهُودُ وَالنَّصَارَى هُمْ؟ قَالَ: فَمَنْ" انتهى.
ثم لي أن أسأل، هل اعتقد الصحابة حلول البركة من هذه الشجرة أم اعتقدوا أنها نافعة بذاتها ؟!
فإذا كان الاعتقاد بأن البركة ليس في ذات الشجرة، ولكن بأن الله ينزل من عنده هذه البركة وهذا الفضل من عند الله وحده فهذا ليس شركا، ولكن هو ذريعة ووسيلة إليه.
قال علماء اللجنة:
" الاستعانة بقبور الأولياء، أو النذر لهم، أو اتخاذهم وسطاء عند الله بطلب ذلك منهم: شرك أكبر مخرج من الملة الإسلامية، موجب للخلود في النار لمن مات عليه.
أما الطواف بالقبور وتظليلها: فبدعة يحرم فعلها، ووسيلة عظمى لعبادة أهلها من دون الله، وقد تكون شركا إذا قصد أن الميت بذلك يجلب له نفعا، أو يدفع عنه ضرا أو قصد بالطواف التقرب إلى الميت".
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" 1/ 186.
وإن خشية النبي ﷺ على أمته وحرصه عليهم عن الابتعاد عن هذه المواطن التي تُفضي إلى الشرك يستخدم هذه الألفاظ يحذّر ما صنع المشركون، وهذا كله خرج منه مخرج الخبر عن وقوع ذلك، والذم لمن يفعله، والصحابة لم يفعلوا أي شيء من ذلك مطلقًا، فهذا يشبه تلك القصة التي قال فيها رسول الله ﷺ " أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم " يحذّر من هذه الدعوى الخبيثة التي تفرّق المسلمين، فقالوا: يا رسول الله! أي دعوى جاهلية ونحن قد أسلمنا؟! ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( دعوها )، أي: دعوى الجاهلية، ( فإنها منتنة )، ثم تركهم وانصرف، وسار كل قوم إلى خيامهم، وهم يعلمون علم اليقين أن ما كانوا عليه في الجاهلية هو خلق ذميم، أي: أن تنصر العشيرة ولدها في حالة ظلمه أو في حالة ظلامته، في حالة أن يكون له الحق أو عليه، ولذلك أرسى النبي ﷺ القاعدة الأم في النصرة فقال: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوما".
قالوا: يا رسول الله! ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟! فقال ﷺ: "أن تكفه عن الظلم، فذاك نصرك إياه".
وإذا ذكرنا القصة التي تطابق قصة رد النبي ﷺ على المهاجري والأنصاري فقال فيها الرسول ﷺ نحوًا من هذا الحديث سيزول كثير من الغبش وستتضح الرؤيا ويتبيّن أنهم لم يتعصبوا ولم يقعوا في هذه الدعوى وحاشاهم من ذلك، فأقول: "روي أن شاس بن قيس اليهودي وكان عظيم الكفر شديد العداوة للمسلمين مر يوما على نفر من الأنصار من الأوس والخزرج في مجلس يتحدثون فغاظه ذلك حيث تآلفوا واجتمعوا بعد العداوة فأمر شابا من اليهود أن يجلس إليهم ويذكرهم يوم بعاث وينشدهم ما قيل فيه من الأشعار وكان يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس ففعل فتشاجر القوم وتنازعوا وقالوا السلاح السلاح، فبلغ النبي ﷺ فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين والأنصار فقال: "أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بينكم فعرف" القوم أنه نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله ﷺ قال: فما كان يوم أقبح أولا وأحسن آخرا من ذلك اليوم".
قلت : رواه الطبري في "تفسيره" عن زيد بن أسلم من طريقين :
أحدهما: حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصفدي، أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرنا عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم، عن أبيه، قال:
" مر شاس بن قيس اليهودي ... فذكره.
والثاني: حدثنا ابن حميد، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني الثقة، عن زيد بن أسلم، قال:
"مر شاس بن قيس اليهودي - وكان شيخا عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين كثير الحسد لهم - على نفر من أصحاب رسول الله ﷺ من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فأمر شابا من يهود أن يجلس إليهم، ويذكرهم يوم بعاث وينشدهم ما كانوا يقولون فيه من الأشعار، وكان يوم بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج ففعل، فتنازع القوم عند ذلك وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا، وغضب الفريقان جميعا وقالوا: السلاح السلاح موعدكم الظاهرة - والظاهرة الحرة - فخرجوا إليها وبلغ ذلك رسول الله ﷺ فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم، فقال: "يا معشر الأنصار الله الله أبدعوى الجاهلية؟ وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم الله للإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا"، فعرف القوم أنها نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله ﷺ سامعين مطيعين وأنزل الله في شاس ابن قيس وما صنع ﴿يأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا ﴾... الآية".
وذكره ابن هشام في "السيرة" من قول ابن إسحاق لم يجاوزه وزاد في آخره و"كان يومئذ على الأوس حضير بن سماك الأشهلي وهو أبو أسيد بن الحضير، وكان على الخزرج عمرو بن النعمان البياضي فقتلا جميعا"، قال: وأنزل الله في شاس بن قيس﴿ يأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب ﴾ إلى قوله ﴿أولئك لهم عذاب عظيم ﴾.
وذكره الثعلبي في "تفسيره" عن زيد بن أسلم من غير سند، وكذلك الواحدي في "أسباب النزول" له وزاد في آخره قال: "فما رأيت قط يوما أقبح أولا وأحسن آخرا من ذلك اليوم".
وكلهم قالوا فيه "أبدعوى الجاهلية؟" ليس عند أحد منهم "أتدعون؟ ".
وانظر "تخريج الكشاف" للحافظ الزيلعي.
وإن المهاجريّ والأنصاري كانا غلامين، كما في "صحيح مسلم" (2584): "اقتتل غلامان غلام من المهاجرين، وغلام من الأنصار، فنادى المهاجر أو المهاجرون، يا للمهاجرين ونادى الأنصاري يا للأنصار، فخرج رسول الله ﷺ، فقال: "ما هذا دعوى أهل الجاهلية" قالوا: لا يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر، قال: "فلا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه، فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاقتضاء" 1/ 241:
" لما دعا كل منهما طائفة منتصرا بها أنكر النبي ﷺ ذلك وسماها دعوى الجاهلية حتى قيل له: إن الداعي بها إنما هما غلامان لم يصدر ذلك من الجماعة فأمر بمنع الظالم، وإعانة المظلوم ليبين النبي ﷺ أن المحذور إنما هو تعصب الرجل لطائفته مطلقا فعل أهل الجاهلية، فأما نصرها بالحق من غير عدوان فحسن واجب أو مستحب ".
فهذان الغلامان، هما اللذان استخدما هذين اللفظين الشرعيين في غير موضعهما، لأن التمييز بين الوصف الشرعي الصحيح والراية الباطلة مهم جدًا، فإن وصف (المهاجرين والأنصار) وصفان شرعيان صحيحان، لكن لما استعملا في سياق عصبية لغير الحق، سماها النبي ﷺ دعوى الجاهلية!
وهذان الداعيان إلى التفريق بين جماعة المسلمين وُصفا بأنهما غلامان، فكان الرد الحازم من النبي ﷺ بنص عام " أبدعوى الجاهلية؟! "، فلما تنادوا فيما يزيد التفرقة، غضب النبي ﷺ وقال: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ دعوها فإنها منتنة".
والمهاجري والأنصاري اسمان إسلاميان، لكن لما كان هناك تحزب، وتعصب غضب النبي ﷺ وقال: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ دعوها فإنها منتنة".
وهو شبيه بقول النبي ﷺ لأبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه:
"إنك امرئ فيك جاهلية " لم يقل أنت جاهلي، ومعناه أن فيك جزئية منهم وشابهتهم بهذه المقولة إذ عيّرتَ بلالا بأمه، وبوّب البخاري على هذا الحديث بقوله:
( المعاصي من أمر الجاهلية )
ولذلك كل من فيه معصية واحدة ففيه خلق من أخلاق الجاهلية، وإذا كان اثنتان فاثنتان، وعشر فعشر، ومن شاء أن يستزيد زاد، ومن شاء أن يستقل استقل، ففي كل خُلق من أخلاق الجاهلية على قدر ما فيه من المعاصي التي حرمها الله تعالى ورسوله ﷺ، فالنبي ﷺ يعلّم أمته ويحذّرهم من الوقوع في هذه الدعاوي، "دعوها فإنها منتنة" لأنها تشق العصا نصفين فتكون الفرقة والاختلاف، لأن المهاجري قال: يا للمهاجرين، وقال الأنصاري: يا للأنصار، كلٌ منهما يستنصر بمن معه من المهاجرين، والأنصار.
فقال النبي ﷺ: "دعوها فإنها منتنة".
فالإنسان المؤمن لا ينتصر لصاحبه لكونه من أهله أو من قبيلته أو من بلده، فإن هذه من دعوى الجاهلية.
وإنما ينصر أخاه ظالما أو مظلوما، فإذا كان له الحق أخذ له، وإذا كان عليه الحق أخذه منه، فيكون مع الحق دائما، ولا يكون مع فلان لأنه من بلده، أو قبيلته أو حيه، أو شارعه، فإن هذه من دعوى الجاهلية، لأنه ينصر صاحبه ولو كان على الباطل، فنستطيع أن نخصص ولا نعمم هذا القول على كل الصحابة، فحاشاهم أن يكونوا في صف الباطل، فجاء اللفظ عاما فيه تحذير لكل الأمة، وإن كان الداعيان معروفين، فإلصاق التهمة بهما أولى من تعميم الأمر على الصحابة لأن النداء بالقومية العصبية مذموم، وقد قال النبي ﷺ:
"إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية، فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا ".
رواه أحمد 5/ 136 وغيره، وهو حديث حسن لغيره.
لكن قد تقول: فكيف تجاوب الصحابة مع هذين الغلامين في دعوتهم العصبية المذمومة ؟!
فأقول: إن الإنسان مجبول على نصرة أخيه وقبيلته فلهذا قال النبي ﷺ "انصر أخاك ظالما أو مظلوما " قالوا: يا رسول الله! ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالماً؟! فقال ﷺ: "أن تكفه عن الظلم، فذاك نصرك إياه".
فنستخلص مما تقدم أن التخصيص أولى من التعميم، فإن العمومات يستخدمها أصحاب النفوس الضعيفة للطعن في ساداتنا، وإن واجبنا تجاه خير القرون أن نذب عنهم بكل ما أوتينا من قوة ونمنع من أي شبهة تُستخدم ضدهم ونغلق الباب في وجوههم مطلقًا، ولا ندع لهم أي منفذ ينفذون منه للطعن في خير القرون ولو بأدنى إشارة ولو بكلمة فيها أي إساءة ظن بهم، وهذا أقل حق من حقوقهم علينا فإن الله حفظ بهم الدين وأمرنا باتباع سبيلهم فهم القوم لا يشقى مَنْ تابعهم، وتبقى سيرتهم منار هدي وإصلاح لمن سلك ذلك السبيل، ورضي بذلك النهج القويم والحمد لله رب العالمين.
تنبيه:
لا أستطيع الجزم بأن اللذين تناديا ( ياللأنصار ، وياللمهاجرين) غلامان غير بالغيين إذ هما كانا في غزاة مع النبي ﷺ فالظاهر أنهما بالغان وهما في جهاد، لكن بعض الصحابة قد يرتكب معصية من سرقة أو زنى فتكون التهمة ملصقة به ولا تتعداه إلى غيره، وهذا هو الإنصاف ولم يعتقد الرسول ﷺ ولا أحدٌ من أصحابه أو من علماء المسلمين أن هذين الصحابيان من أهل الجاهلية أو من الدعاة إلى التحزّب وحاشاهما من ذلك ...
قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى في "كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي":
" إن النبي ﷺ لما سمع قائلاً يقول: (يا للمهاجرين)، وآخر يقول:
(يا للأنصار)، قال رسول الله ﷺ :(أبدعوى الجاهلية، وأنا بين أظهركم)، وقال ﷺ: (دعوها، فإنها منتنة)، فلم يعتقد الرسول ﷺ، ولا غيره من الصحابة، ولا غيرهم من علماء الإسلام في هذين الصحابيين أنهما قد صارا من أهل الجاهلية، ولم يعتقد رسول الله ﷺ، ولا أصحابه، ولا العلماء بعدهم أنّ من تشبّه بالكفار في بعض أعمالهم وأخلاقهم أنه قد صار كافرًا".
كتبه أحوج الناس لعفو ربه
أبو ســــــــــــام ي العبـــــــــــ ــــدان
حســـــــــــــ ـن التمـــــــــــ ـــــــــــام
21 من شهر الله المحرم 1437 من هجرة النبي ﷺ