تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 27

الموضوع: هل تكفير المشركين من صفة الكفر بالطاغوت

  1. #1

    افتراضي هل تكفير المشركين من صفة الكفر بالطاغوت

    ما صفة الكفر بالطاغوت التي من أخل بشيء منها كان كافرا، وهل تكفير الكافرين داخل في ذلك؟ وإذا لم يكن تكفير الكافرين من صفة الكفر بالطاغوت، فكيف نوجِّه كلام الأئمة النجديين رحمهم الله حين عدّوا تكفير أهل الشرك من صفة الكفر بالطاغوت؟

    ملاحظة: يفرق بعض الناس بين "تكفير المشركين" و "تكفير الكافرين"، لكني لا أرى فرقا في هذه المسألة بين كلمة "مشرك" وكلمة "كافر"، فقد يطلق اسم الشرك على كل كافر، من جانب أنّ كل كافرٍ يتخذ نفسه وهواه إلها من دون الله وينصبها طاغوتا، فهو في هذا كمن عبد الصنم.

    أرجوا أن يدلي الإخوة في هذا الموضوع بالدليل.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو خبيب الصومالي مشاهدة المشاركة
    لكني لا أرى فرقا في هذه المسألة بين كلمة "مشرك" وكلمة "كافر"، فقد يطلق اسم الشرك على كل كافر، من جانب أنّ كل كافرٍ يتخذ نفسه وهواه إلها من دون الله وينصبها طاغوتا، فهو في هذا كمن عبد الصنم.
    من هذه الجهة نعم، كما قد قاله بعض أهل العلم.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    وأما تكفير الكافرين فلا بد منه، وهو من الكفر بالطاغوت؛ ودليل ذلك أن الله تعالى كفرهم، فمن لم يكفرهم فقد كذب القرآن والسُّنة.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #4

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    وأما تكفير الكافرين فلا بد منه، وهو من الكفر بالطاغوت؛ ودليل ذلك أن الله تعالى كفرهم، فمن لم يكفرهم فقد كذب القرآن والسُّنة.
    لا شك أنه لا بد من تكفير الكافرين، وأن الذي يتوقف في تكفير الكافرين يكفر. لكن هل يأتي كفره من جهة تكذيبه للنصوص، أم من جهة عدم كفره بالطاغوت؟ وفرقٌ بين الأمرين، لأنّه يتأتي في الأول تقسيم، فيكفُر إذا كان في مظِنّة العلم، وإذا لم يكن في مظنة العلم (كأن كان حديث عهد بكفر)، فإنه لا يكفر إلا بعد أن يبيَّن له الدليل. أما الثاني، فإنه لا يكون فيه تقسيم، ويكفر صاحبه مباشرة، لأنّ الذي لا يتحقق الكفر بالطاغوت في حقه، فإنه لا يكون مسلما، لانعدام أحد ركني الإسلام في حقه.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو خبيب الصومالي مشاهدة المشاركة
    لا شك أنه لا بد من تكفير الكافرين، وأن الذي يتوقف في تكفير الكافرين يكفر. لكن هل يأتي كفره من جهة تكذيبه للنصوص، أم من جهة عدم كفره بالطاغوت؟ وفرقٌ بين الأمرين، لأنّه يتأتي في الأول تقسيم، فيكفُر إذا كان في مظِنّة العلم، وإذا لم يكن في مظنة العلم (كأن كان حديث عهد بكفر)، فإنه لا يكفر إلا بعد أن يبيَّن له الدليل. أما الثاني، فإنه لا يكون فيه تقسيم، ويكفر صاحبه مباشرة، لأنّ الذي لا يتحقق الكفر بالطاغوت في حقه، فإنه لا يكون مسلما، لانعدام أحد ركني الإسلام في حقه.

    أما الكافر الأصلي فلا خلاف ولا إشكال في تكفيره.
    أما المسلم الذي طرأ عليه الكفر بفعلٍ أو بقولٍ أو باعتقادٍ فهذا من حيث الفعل يكفر؛ لعدم كفره بالطاغوت، أما من حيث العين فقد يعذر وقد لا يعذر على حسب حاله وحسب فعله، وظني هذا يحل إشكال قولك:
    (لأنّه يتأتي في الأول تقسيم، فيكفُر إذا كان في مظِنّة العلم، وإذا لم يكن في مظنة العلم (كأن كان حديث عهد بكفر)، فإنه لا يكفر إلا بعد أن يبيَّن له الدليل. أما الثاني، فإنه لا يكون فيه تقسيم، ويكفر صاحبه مباشرة، لأنّ الذي لا يتحقق الكفر بالطاغوت في حقه، فإنه لا يكون مسلما، لانعدام أحد ركني الإسلام في حقه).
    وهذه المسألة قد تم النقاش حولها في مجلسنا المبارك:
    مسألة للبحث : ضبط مسألة أصل الدين ، وهل تكفير المشركين ركن فيه ، أم من لوازمه ؟

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    ماذا تعني بهذه العبارة ؟!

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو خبيب الصومالي مشاهدة المشاركة
    ملاحظة: يفرق بعض الناس بين "تكفير المشركين" و "تكفير الكافرين"، لكني لا أرى فرقا في هذه المسألة بين كلمة "مشرك" وكلمة "كافر"، فقد يطلق اسم الشرك على كل كافر، من جانب أنّ كل كافرٍ يتخذ نفسه وهواه إلها من دون الله وينصبها طاغوتا، فهو في هذا كمن عبد الصنم.
    يقول الدكتور ناصر العقل - حفظه الله – في " شرح الطحاوية (67/ 15، بترقيم الشاملة آليا) ، وقد سئل هل هناك فرق بين قول : " من لم يكفر الكافر فهو كافر "، وقول : " من لم يكفر المشركين فهو كافر " ؟

    فأجاب :
    " لا شك أن هناك فرقاً ؛ لأن أغلب الذين يقولون : من لم يكفر الكافر يقصدون الكافر بحكمهم هم ، والناس قد يخالفونهم في حكمهم .
    أما من لم يكفر المشرك فهذه مسألة لا شك أنها واضحة ، فالمشركون لا شك في كفرهم ، وكذلك المنافقون الذين علم الله نفاقهم ، وإلا فلا نستطيع أن نعرف المنافق بعينه ، وكذلك اليهود والنصارى ، وكل من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو كافر ، ومن لم يكفره فالأصل فيه الكفر ، لكن تحتاج المسألة إلى إجراء المعروف في التثبت في ماذا يقول وماذا يعرف ، وهل يجهل أو لا يجهل ، إلى آخره ".اهــ

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    يقول الدكتور ناصر العقل - حفظه الله – في " شرح الطحاوية (67/ 15، بترقيم الشاملة آليا) ، وقد سئل هل هناك فرق بين قول : " من لم يكفر الكافر فهو كافر "، وقول : " من لم يكفر المشركين فهو كافر " ؟

    فأجاب :
    " لا شك أن هناك فرقاً ؛ لأن أغلب الذين يقولون : من لم يكفر الكافر يقصدون الكافر بحكمهم هم ، والناس قد يخالفونهم في حكمهم .
    أما من لم يكفر المشرك فهذه مسألة لا شك أنها واضحة ، فالمشركون لا شك في كفرهم ، وكذلك المنافقون الذين علم الله نفاقهم ، وإلا فلا نستطيع أن نعرف المنافق بعينه ، وكذلك اليهود والنصارى ، وكل من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو كافر ، ومن لم يكفره فالأصل فيه الكفر ، لكن تحتاج المسألة إلى إجراء المعروف في التثبت في ماذا يقول وماذا يعرف ، وهل يجهل أو لا يجهل ، إلى آخره ".اهــ
    هل مقولة (من لم يكفر الكافر فهو كافر) صحيحة؟





    السؤال:

    نسمع كثيرًا أنَّ من نواقض الإسلام عدم تكفير الكفار أو الشك في كفرهم، وأن من لم يكفر المرتدين فهو كافر. فما صحة هذه العبارة؟ وهل قال بها أحد من أهل العلم؟ أفتونا مأجورين.

    الجواب:

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسولِ الله، وعلى آله وصحبه، وبعد:

    فإنَّ التكفير باب خطير، ومزَلَّة أقدام، ومضَلَّة أفهام، ولذلك اهتمّ العلماء بتوضيحه غاية التوضيح، وقاموا بضبطِه أتمَّ ضبط، ومن ذلك قاعدة: "من لم يكفِّر الكافر فهو كافر"، فهي قاعدة صحيحة في أصلها تتعلق بردِّ النصوص الشرعية وتكذيبها، لا في وقوع بعض أفراد المسلمين في الكفر، وبيانها كما يلي:

    أولاً: قاعدة: "من لم يكفِّر الكفار أو شكَّ في كفرهم أو صحَّحَ مذهبهم فهو كافر"، قاعدةٌ صحيحة، أجمع عليها علماء المسلمين قديمًا وحديثًا؛ لأن من لم يكفر الكفار المقطوع بكفرهم بنصِّ القرآن والإجماعِ: فهو مكذب للقرآن والسنة.

    قال القاضي عياض في كتابه" الشفا": "وَلِهَذَا نُكفِّر من لم يُكَفِّر مَنْ دَانَ بِغَيْرِ مِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمِلَلِ.. أَوْ وَقَفَ فِيهِمْ، أَوْ شَكَّ، أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ.. وَإِنْ أَظْهَرَ مَعَ ذَلِكَ الْإِسْلَامَ وَاعْتَقَدَهُ وَاعْتَقَدَ إِبْطَالَ كُلِّ مَذْهَبٍ سِوَاهُ.. فَهُوَ كَافِرٌ بِإِظْهَارِهِ مَا أَظْهَرَ مِنْ خِلَافِ ذَلِكَ".

    ثم بين السبب بقوله: "لِقِيَامِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى كُفْرِهِمْ، فَمَنْ وَقَفَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ كَذَّبَ النَّصَّ".

    قال النووي في "روضة الطالبين": "مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ دَانَ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ كَالنَّصَارَى، أَوْ شَكَّ فِي تَكْفِيرِهِمْ، أَوْ صَحَّحَ مَذْهَبَهُمْ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ أَظْهَرَ مَعَ ذَلِكَ الْإِسْلَامَ وَاعْتَقَدَهُ".

    وقال البهوتي في "كشاف القناع": "فهُوَ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}".

    فهي من قواعد التكفير المتعلقة بردِّ النصوص الشرعية وتكذيبها، لا في وقوع بعض أفراد المسلمين في الكفر أو ارتكابهم ناقضًا من نواقض الإسلام؛ لذا لا تطبق هذه القاعدة إلا إن كان الخبر الوارد في التكفير صحيحًا متفقًا عليه، وبالتالي يكون من ترك تكفير مرتكبها رادًا لهذه الأخبار مكذبًا لها.

    ثانياً: هذه القاعدة تشمل ثلاثة أمور:

    الأول: وجوب القطع بكفر كل مَن دان بغير دين الإسلام من اليهود والنصارى والوثنيين وغيرهم على اختلاف مللهم وشرائعهم؛ إذ إن كفر هؤلاء ثابتٌ بنصوص عامة وخاصة من الكتاب والسنة.

    فمن النصوص العامة: قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].

    وقوله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسُ محمد بيده، لا يسمعُ بي أحد من هذه الأمَّةِ -يهودِيّ ولا نصرانيّ- ثم يموت ولم يُؤمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به ، إلا كان من أصحابِ النَّار) رواه مسلم.

    ومن النصوص الخاصة: قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30].

    وقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [المائدة: 73].

    فمن لم يكفر هؤلاء أو شكَّ في كفرهم أو صححَ دينهم وعقائدهم : فقد كذَّب الله -تعالى- ورسولَه صلى الله عليه وسلم، وردَّ حكمهما.

    وقد نقل القاضي عياض في كتابه " الشفا" الإجماع على: " كُفْرِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ أَحَدًا مِنَ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ، وَكُلَّ مَنْ فَارَقَ دِينَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ وَقَفَ فِي تَكْفِيرِهِمْ، أَوْ شَكّ".

    الأمر الثاني الذي تشمله القاعدة: وجوب القطع بكفر طوائف ومذاهب الردة المجمع على كفرهم وردتهم، كالباطنية من القرامطة والإسماعيلية والنصيرية والدروز، والبابية والبهائية والقاديانية.

    فقد حكم أهل العلم على هذه الطوائف بالكفر والردة؛ لاعتقاداتهم المنافية لأصول الإسلام من كل وجه، فمن لم يكفر هؤلاء أو شك في كفرهم بعد العلم بحقيقة حالهم ، فقد صحح مذهبهم وعقائدهم الكفرية، وطعن في دين الإسلام، فيكون كافراً مثلهم .

    قال ابن تيمية في "الفتاوى"عن الدروز: "كُفْرُ هَؤُلَاءِ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ؛ بَلْ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ مِثْلُهُمْ".

    الأمر الثالث الذي تشمله القاعدة: من ارتكب ناقضًا من نواقض الإسلام المجمع عليها بين العلماء، كالاستهزاءِ بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو سبِّهِ، أو جحدِ ما هو معلوم بالضرورة من دين الإسلام.

    فمن لم يكفر من ارتكب هذا النوع من النواقض؛ لإنكاره أن يكون ما قاله أو فعله كفرًا ، فهو كافر مثله.

    قال ابن تيمية فيمن اعتقد جواز سب الصحابة أو اعتقد اعتقادًا كفريًا: "أما من اقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو أنه كان هو النبي وإنما غلط جبريل في الرسالة ، فهذا لا شك في كفره ، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره".

    ثالثًا: قاعدة (من لم يكفر الكافر فهو كافر) لا تشمل:

    1- ما اختلف العلماء في عدِّه من المكفِّرات، كاختلافهم في تارك الصلاة تكاسلاً، فمنهم من عدَّه كفراً مخرجاً من الملة، ومنهم من لم يوصله إلى ذلك، فلا يقال فيمن لم يكفر تارك الصلاة كسلاً: إنه كافر.

    2- من امتنع من تكفير مسلم معيَّن ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام، فمثل هذا لا يُحكم بكفره؛ لأن تنزيل حكم الكفر على شخصٍ بعينه ليس مقطوعًا به، فقد يكون تكفيره والحكم عليه بالردة صوابًا أو خطأً، وقد يكون التوقُّف في تكفيره لوجود مانع، أو عدم توفر شرط، أو عدم قيام حجَّة، ونحو ذلك.

    فلا يدخل في هذه القاعدة: من لم ينزل أحكام الكفر المتفق عليها على بعض المُعيَّنين، كمن لم يُنزِّل أحكام الطواغيت أو الحكم بغير من أنزل الله على أعيان الطوائف والأفراد؛ فإن الكفر بالطاغوت أصلٌ في الإسلام كما قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا}، لكن تنزيل الطاغوت على فردٍ معينٍ محلُّ اجتهادٍ ونظر.

    وحينها لا يقال: إن من لم يكفر مرتكب هذا الناقض فهو كافر؛ لأجل الخلاف أو الاجتهادِ فيه.

    رابعًا: لا يجوز تنزيل هذه القاعدة على الأعيان إلا بعد تحقق شروط التكفير، وانتفاء موانعه.

    فالتكفير المُطلق كقول (من لم يكفر الكافر فهو كافر) يختلف عن تكفير معينٍ من الناس بقول (فلان لم يكفر الكافر فهو كافر).

    فالأفراد المُعيَّنون متفاوتون بحسب قيام الحجة عليهم، واجتهادهم وتأويلهم، وكثير من الغُلاة لا يُفرِّقون بين هذه المراتب بسبب الجهل بها.

    قال ابن أبي العز الحنفي في "شرح الطحاوية": "الشخص المعيَّن يمكن أن يكونَ مجتهدًا مخطئًا مغفورًا له، ويمكن أن يكون ممن لم يبلغه ما وراء ذلك من النصوص، ويمكن أن يكون له إيمان عظيم وحسنات أوجبت له رحمة الله".

    فقد يكون توقف الشخص عن تكفير الكفار الأصليين، أو المرتدين المتفق على ردتهم ناتجًا عن قصور في العلم أو لشبهة رآها، أو غير ذلك من موانع التكفير، ( كالجهل، والخطأ، والإكراه، والتأويل)، فلا بد من التأكد من خلوها جميعها في هذا المعين.

    نقل ابن حجر عن الشافعي في "فتح الباري" قوله: "من خالفَ بعد ثبوتِ الحُجة عليه فقد كفر، وأما قبل قيام الحُجة فإنه يُعذر بالجهل".

    وقال ابنُ تيميةَ في "الفتاوى" في بيانِ حقيقةِ عقيدةِ وحدةِ الوجودِ، وأنها أشرُ من قولِ النصارى: "فَهَذَا كُلُّهُ كُفْرٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِإِجْمَاعِ كُلِّ مُسْلِمٍ ، وَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِ هَؤُلَاءِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ قَوْلِهِمْ ، وَمَعْرِفَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ ، فَهُوَ كَافِرٌ كَمَنْ يَشُكُّ فِي كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِين َ".

    فقد اشترط لهذا التكفير شرطين: معرفة قولهم أي معرفة حالهم ، ومعرفة دين الإسلام أي الأدلة على كفرهم.

    فلا بد من إقامة الحجة على من لم يكفر الكافر، بتعليمه، وتوضيح الأمر له.

    خامسًا: ضَلَّ في هذه القاعدة فريقان: فريقٌ فرَّط وضيع، وفريقٌ أَفْرَطَ وغلا.

    1- فأمَّا المضيعون: فلم يأخذوا بهذه القاعدة، وجحدوها، ولم يروا تكفير من لم يكفر الكفار بعد توافر القيود والضوابط.

    وبعضهم زعم أنَّ تكفير الكافر مخالف لحرية الاعتقاد، ومنهم من نادى بوحدة الأديان، أو مساواتها ، وهذا القول تكذيب لله ورسوله وجحد لما أجمعت عليه الأمة.

    2- وأما الغلاة: فقد توسعوا في هذه القاعدة، حتى أدخلوا فيها المسلم الذي رموه بالردة والكفر، ثم ألزموا الآخرين بتكفيره، فإن لم يفعل كفروه عملاً بهذه القاعدة، زعموا!!.

    وأخيرًا:

    فإنَّ التكفير والحكم بالردَّة أمر خطير، وله آثار تمتد لتشمل التفريق بين الزوجين، وانقطاع التوارث بين المرتد وورثته، والحكم بقتل المرتد، وعدم الصلاة عليه، وغيرها ، فلا ينبغي أن يُقدم عليها المسلم، بل لا يكون ذلك إلا للراسخين في العلم ممن بيدهم الفصل والقضاء.

    قال أبو حامد الغزالي في "الاقتصاد في الاعتقاد": " ينبغي الاحترازُ من التكفيرِ ما وجدَ إليه سبيلاً، فإن استباحةَ الدماءِ والأموالِ من المصلين إلى القبلة المصرِّحين بقولِ لا إله إلا الله محمد رسول الله خطأ، والخطأُ في تركِ ألفِ كافرٍ في الحياةِ أهونُ من الخطأِ في سفكِ مِحْجَمَةٍ من دم مسلم".

    و(المِحْجِمة): آلة الحجامة، أي المقدارُ اليسير من الدم الذي يكون في آلةِ الحجامة .

    وقال الشوكاني في "السيل الجرار" : "اعلم أنَّ الحكمَ على الرجل المسلمِ بخروجه من دين الإسلام ودخولِه في الكفر لا ينبغي لمسلمٍ يؤمن بالله واليومِ الآخر أن يَقْدُمَ عليه إلاَّ ببرهانٍ أوضحَ من شمس النهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية عن جماعةٍ من الصحابة أنَّ: مَنْ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا".

    نسأله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا ويجعلنا من الأمة الوسط لا غلو ولا جفاء، وأن ينصرنا على أعدائنا المجرمين، والحمد لله رب العالمين.

    ( لتحميل الفتوى مطوية pdf من هنا)
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    من لم يعتقد كفر الكفار فهو كافر
    هل صحيح أن الشخص إذا لم يقتنع بأن الكافر كافر فإنه يكفر هو ؟ حتى لو أنه يصلي ويؤمن بالقرآن والسنة .
    إذا كان الجواب نعم فما هو الدليل على هذا ؟
    هل يمكن للشخص أن يؤمن بأن اليهود والنصارى مؤمنون وسيدخلون الجنة بعد أن تم تبيين الحقيقة لهم ، ولا يزال يعتبر مسلماً ؟ .

    تم النشر بتاريخ: 2000-01-20


    الجواب :
    1. نعم صحيح ، ومن لم يقتنع بكفر الكافر في دين الله فما صدَّق ما أخبر الله تعالى به من كفرهم ، وما اعتقد أن دين الإسلام ناسخ لما قبله من الأديان ، وأن على كل أحد من الناس أن يتبع هذا الدين كائناً ما كان دينه قبل ذلك .

    قال الله عز وجل { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } [ آل عمران 85 ] ، وقال { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً } [ الأعراف 158 ] .

    2. قال القاضي عياض :" ولهذا نكفِّر كل من دان بغير ملة المسلمين من الملل ، أو وقف فيهم، أو شك ، أو صحَّح مذهبهم ، وإن أظهر مع ذلك الإسلام ، واعتقده ، واعتقد إبطال كل مذهب سواه ، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك" . انتهى من" الشفا بتعريف حقوق المصطفى " ( 2 / 1071 ) .

    3. قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى :

    " اعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة :

    الأول : الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له والدليل قوله تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو القباب .


    الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة : كفرَ إجماعاً .

    الثالث : من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم : كفَرَ إجْماعاً .

    - وبعد أن عددها قال رحمه الله : -

    "ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره وكلها من أعظم ما يكون خطرا ومن أكثر ما يكون وقوعا فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه وصلى الله على محمد" .انتهى من" مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب" ( 212 ، 213 ) .


    4. والشرك والكفر سواء في الحكم .


    قال ابن حزم :

    "الكفر والشرك سواء ، وكل كافر فهو مشرك وكل مشرك فهو كافر وهو قول الشافعي وغيره".

    "الفِصَل" (3/124) .

    5. واليهود والنصارى كفار مشركون قال تعالى { وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون ….. سبحانه عما يشركون } [ التوبة 30 ، 31 ] .

    عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" . رواه مسلم ( 153 ) .

    فمن قال إن اليهود ليسوا كفارا فهو مكذب بقوله تعالى عن اليهود : ( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ .. (93) البقرة

    ومكذّب بقوله تعالى : (مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِم ْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ .. (46) النساء

    ومكذّب بقوله تعالى : ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا(155)وَبِك فْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا(156)وَقَ ْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ .. (157) النساء

    ومكذّب بقوله تعالى :

    إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا(150)أُوْل ئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا(151) النساء

    ومن قال إن النّصارى ليسوا كفارا فهو مكذّب بقول الله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ .. (17) المائدة

    ومكذّب بقوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(73) المائدة

    ومكذّب بقوله تعالى عن اليهود والنصارى الذين لا يؤمنون بنبينا ولا يتبعونه :

    إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا(150)أُوْل ئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا(151) النساء
    فماذا بقي بعد هذا البيان من الله عزّ وجلّ ؟! ، نسأل الله الهداية ، وصلى الله على نبينا محمد .
    https://islamqa.info/ar/6688
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    زوجها يكفرها لأنها لا تكفر الناس



    السؤال:
    أنا متزوجة ، ولدي خمسة أولاد ، بعد عشرين سنة من الزواج اتهمني زوجي في ديني ، قال : لا بد أن تكفِّري الكافر بعد كفره ، فقلت : لا أكفر إلا بعد البينة وانتفاء الموانع ، لا بد أن أعرف القصد ، فيقول : أنت مرجئة ، تقولين : العمل كفر وصاحبه ليس بكافر . وهو لا يعذر الجاهل ، وكل الناس في هذا العصر كفار ؛ لأنهم لم يكفروا بالطاغوت ، وأنا أقول : كل من أظهر شعيرة من الدين فهو مسلم ، وأمره إلى الله . ولا بد أن أكفر والدي ، وكل خطيب يأتي لتزويج ابنتي يعرض عليه هذه العقيدة ، فإن لم يقبل رده . فما الحل وقد تبرأ من كل حقوقي ، فقلت له : أنت عندي مسلم ، أعاملك معاملة الزوج المسلم ؛ لأني أخاف الله ، وإذا حكمت علي بالكفر فأنت الذي تقرر ، فكيف أتصرف معه ؟ أفيدوني بعلمكم . مع العلم أني أعيش في أوروبا ، وليس لدي أهل أو بلد آخر أذهب إليه .
    تم النشر بتاريخ: 1970-01-01


    الجواب :
    الحمد لله

    لنا ولجميع القراء في سؤالك عظة وعبرة ، وذلك لنرى كيف تودي الشبهة بالإنسان إلى فساد الدنيا والدين ، فتحرفه عن سويته ، ويتنكر للحقوق الواجبة عليه ، ويخسر أقرب الناس إليه من زوجة وأبناء ، كل ذلك سببه الجهل الذي هو أعتى أعداء الإنسان .
    ونبدأ بالشق الذي يتعلق بك من السؤال ، وهو أن اعتقاد زوجك كفرك لا تأثير له على عقد الزواج في واقع الأمر ، ما لم ينطق بكلمة الطلاق ؛ ذلك لأن شبهة التكفير التي عرضت له وتشربها قلبه شبهة ساقطة لا عبرة بها ، ولم يقل بها أحد من أهل العلم ، فلا يبنى عليها حكم شرعي .
    وسبب الإشكال الذي وقع فيه زوجك ، هو خطؤه في فهم قاعدة "
    من لم يكفر الكافر فهو كافر " التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في " نواقض الإسلام " فقال : " الثالث : من لم يكفر المشركين ، أو يشك في كفرهم ، أو صحح مذهبهم : كفر ".
    فهذه القاعدة تتحدث عن صنفين :
    الصنف الأول : الكفار والمشركون الأصليون ، كالوثنيين واليهود والنصارى ، ومن سماه الله كافرا في القرآن الكريم ، كفرعون وأبي لهب ، فهؤلاء : من لم يكفرهم فهو كافر .
    الصنف الثاني : الذين وقعوا في ردة قطعية أجمع عليها العلماء ، تتعلق بالمعلوم من الدين بالضرورة ، كمن أنكر البعث والقيامة ، أو أنكر آية من كتاب الله ، ونحو ذلك من أسباب الردة الصريحة التي لا شبهة فيها ، ولا تختلف فيها الأنظار ، فهؤلاء أيضا أيضا يجب تكفيرهم ، ومن تبين له حالهم ، وأقيمت عليه الحجة في شأنهم من قبل العلماء والفقهاء ، فأصر على عدم كفرهم : فهو كافر .
    وهذا ما نقل القاضي عياض رحمه الله إجماع العلماء عليه فقال :
    " الإجماع على كفر من لم يكفر أحداً من النصارى واليهود ، وكل من فارق دين المسلمين ، أو وقف في تكفيرهم ، أو شك " انتهى من " الشفا " (2/281) .
    وذكر شيخ الإسلام بعض الفرق الباطنية التي ثبت كفرها يقينا فقال :
    " وأقوال هؤلاء شر من أقوال النصارى ، وفيها من التناقض من جنس ما في أقوال النصارى ، ولهذا يقولون بالحلول تارة ، وبالاتحاد أخرى ، وبالوحدة تارة ، فإنه مذهب متناقض في نفسه ، ولهذا يلبسون على من لم يفهمه ، فهذا كله كفر ، باطناً وظاهراً ، بإجماع كل مسلم ، ومن شك في كفر هؤلاء بعد معرفة قولهم ، ومعرفة دين الإسلام : فهو كافر ، كمن يشك في كفر اليهود والنصارى والمشركين " انتهى من " مجموع الفتاوى " (2/368) .
    أما مسائل الكفر الخلافية ، أو التي تخفى على العامة ، أو التي تتوجه فيها الشبهة ، أو التي نقل فيها الإجماع الظني وليس القطعي ، أو التي يقع فيها الخلاف في تنزيل حكم الردة على الشخص المعين ، فكل هذه القضايا لا يجوز تكفير المتوقف فيها ، أو المخالف ، إذ إن نفس الحكم بالتكفير في أصل هذه المسائل : محل اجتهاد وتفاوت أنظار ؛ فمن باب أولى أن يكون المخالف في التكفير في مثل ذلك معذورا؛ فأنى يقال بتكفير مثل ذلك ، أو حتى تبديعه وتضليله ؟! وليست هذه المسائل من مسألة : من لم يكفر الكافر ، فهو كافر ، في شيء ، على ما سبق بيانه ؛ بل الأصل المحكم : أن " اليقين لا يزول بالشك "، واعتمادا على الأصل الأول الثابت ، وهو ظاهر الإسلام من جميع من تسمى بالإسلام ، وأظهره ، ورضي به ؛ فلا يحكم بالردة إلا بعد ثبوتها ثبوتا محققا ، لا بمجرد الشبهة والتأويل .
    وقد وقع في زمان الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن – من أئمة الدعوة النجدية وأحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب – أن بعض الغلاة توسعوا في التكفير لفهمهم الخاطئ لهذه القاعدة ، فكتب إليهم ينكر عليهم
    ويقول :
    " وقد رأيت سنة أربع وستين ، رجلين من أشباهكم المارقين بالأحساء ، قد اعتزلا الجمعة والجماعة ، وكفرا مَن في تلك البلاد مِن المسلمين ، وحجتهم من جنس حجتكم ، يقولون : أهل الأحساء يجالسون ابن فيروز ، ويخالطونه هو وأمثاله ممن لم يكفر بالطاغوت ، ولم يصرح بتكفير جده ، الذي رد دعوة الشيخ محمد ، ولم يقبلها ، وعاداها .
    قالا : ومن لم يصرح بكفره فهو كافر بالله ، لم يكفر بالطاغوت ; ومن جالسه فهو مثله ; ورتبوا على هاتين المقدمتين الكاذبتين الضالتين : ما يترتب على الردة الصريحة من الأحكام ، حتى تركوا رد السلام ، فرفع إليَّ أمرهم ، فأحضرتهم ، وتهددتهم ، وأغلظت لهم القول ; فزعموا أولا أنهم على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وأن رسائله عندهم ، فكشفت شبهتهم ، وأدحضت ضلالتهم ، بما حضرني في المجلس .
    وأخبرتهم ببراءة الشيخ من هذا المعتقد والمذهب ، وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك الأكبر ، والكفر بآيات الله ورسله ، أو بشيء منها بعد قيام الحجة ، وبلوغها المعتبر ، كتكفير مَن عَبَد الصالحين ، ودعاهم مع الله ، وجعلهم أندادا له فيما يستحقه على خلقه من العبادات والإلهية .
    وهذا مجمع عليه أهل العلم والإيمان ، وكل طائفة من أهل المذاهب المقلدة ، يفردون هذه المسألة بباب عظيم ، يذكرون فيه حكمها ، وما يوجب الردة ويقتضيها ، وينصون على الشرك ; وقد أفرد ابن حجر هذه المسألة ، بكتاب سماه : الإعلام بقواطع الإسلام .
    وقد أظهر الفارسيان المذكوران التوبة والندم ، وزعما أن الحق ظهر لهما ، ثم لحقا بالساحل ، وعادا إلى تلك المقالة ، وبلغنا عنهم تكفير أئمة المسلمين بمكاتبة الملوك المصريين ، بل كفروا من خالط من كاتبهم من مشايخ المسلمين ، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى ، والحور بعد الكور.
    وقد بلغنا عنكم نحو من هذا ، وخضتم في مسائل من هذا الباب ، لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي الألباب ، ومن رزق الفهم عن الله ، وأوتي الحكمة وفصل الخطاب .
    وأما التكفير بهذه الأمور التي ظننتموها من مكفرات أهل الإسلام : فهذا مذهب الحرورية المارقين ، الخارجين على علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ، ومن معه من الصحابة ".
    انتهى من كتاب " الدرر السنية في الأجوبة النجدية " (1/ 466) .
    هذا وقد سئلت اللجنة الدائمة سؤالا جاء فيه :
    " عندنا تفشي ظاهرة عبادة القبور ، وفي نفس الوقت وجود من يدافع عن هؤلاء ويقول: إنهم مسلمون معذورون بجهلهم ، فلا مانع من أن يتزوجوا من فتياتنا ، وأن نصلي خلفهم ، وأن لهم كافة حقوق المسلم على المسلم
    فجاء في جوابهم :
    " .. لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عباد القبور أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقام عليهم الحجة ؛ لأن توقفهم عن تكفيرهم له شبهة ، وهي اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم ، بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم ، فهؤلاء لا شبهة في كفرهم ، ولا في كفر من لم يكفرهم ، والله ولي التوفيق ، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين ، وأن يمنحهم الفقه في الدين ، وأن يعيذنا وإياهم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، ومن القول على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
    وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم .
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
    نائب الرئيس : عبد الرزاق عفيفي " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (2/150-151) .
    ويقول الدكتور ناصر العقل حفظه الله – وقد سئل هل هناك فرق بين قول : " من لم يكفر الكافر فهو كافر "، وقول : " من لم يكفر المشركين فهو كافر "- فأجاب :
    " لا شك أن هناك فرقاً ؛ لأن أغلب الذين يقولون : من لم يكفر الكافر يقصدون الكافر بحكمهم هم ، والناس قد يخالفونهم في حكمهم .
    أما من لم يكفر المشرك فهذه مسألة لا شك أنها واضحة ، فالمشركون لا شك في كفرهم ، وكذلك المنافقون الذين علم الله نفاقهم ، وإلا فلا نستطيع أن نعرف المنافق بعينه ، وكذلك اليهود والنصارى ، وكل من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو كافر ، ومن لم يكفره فالأصل فيه الكفر ، لكن تحتاج المسألة إلى إجراء المعروف في التثبت في ماذا يقول وماذا يعرف ، وهل يجهل أو لا يجهل ، إلى آخره " .
    انتهى من " شرح الطحاوية لناصر العقل (67/ 15، بترقيم الشاملة آليا) .
    والخلاصة أننا نوصيك بالصبر على زوجك ، واستمرار نصيحته والإحسان إليه ، ودلالته على أهل العلم والفقه ، لعله يرتدع عما هو فيه من توسع في التكفير ، فيمنحك حقوقك التي كتبها الله لك ، ويدرأ عن نفسه خطر الغلو والإسراف .
    وللمزيد يرجى النظر في : (85102) ، (153830) .
    والله أعلم .



    موقع الإسلام سؤال وجواب
    https://islamqa.info/ar/210595

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  11. #11

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة

    أما الكافر الأصلي فلا خلاف ولا إشكال في تكفيره.
    أما المسلم الذي طرأ عليه الكفر بفعلٍ أو بقولٍ أو باعتقادٍ فهذا من حيث الفعل يكفر؛ لعدم كفره بالطاغوت، أما من حيث العين فقد يعذر وقد لا يعذر على حسب حاله وحسب فعله
    كيف يكون مسلما من لم يكفر بالطاغوت؟ يقول الله سبحانه وتعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ تَعَالَى، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ). هذا هو حدّ الإسلام الذي لا يخالف فيه أحد من المسلمين.

    لكن ليس هذا محل بحثي الآن. أنا أعرف بالدليل القاطع أن الذي لم يكفر بالطاغوت، فإنه ليس بمسلم. البحث عندي يكون فيما إذا كان الشخص لم يكفر بالطاغوت حقا. أما وبعد أن يثبت أنه لم يكفر بالطاغوت، فإنه لا يكون مسلما البتة. ويأتي الكلام بعدها فيما إذا كان العذاب (في الدنيا والآخرة) يثبت له أم لا، وهذا محل بحث العلماء، لا أنه مسلم أو غير مسلم، بل هل يعذّب أم لا يُعذّب. أما الإسم، فإنه يزول عمن زال عنه حد الإسلام، سواء قامت الحجة عليه أم لم تقم. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فَاسْمُ الْمُشْرِكِ ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ، فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ، وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى، وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا، قَبْلَ الرَّسُولِ، وَيُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ، يُقَالُ: جَاهِلِيَّةً وَجَاهِلًا، قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ. وَأَمَّا التَّعْذِيبُ فَلَا). إنتهى كلامه. فإذا كانت الحجة لم تقم على الشخص الذي لم يكفر بالطاغوت، حقيقة (وقيامها يكون بتمكّن الشخص من معرفة الحق، وهذا يحصل بمجرّد سماع الشهادتين بلغته أو بأي شيء من القرآن، فيما يخص التوحيد والشرك)، فإنه يكون من جنس أهل الفترة، والراجح أنهم يمتحنون يوم القيامة، فيُسلِمُون عندها، أو يجحدون فيثبت العذاب. وهذا ليس محل بحثي. وسأناقش الإخوة في هذا فيما بعد إن أرادوا، لكن أولا، أريد أجوبة لأسئلتي، لأني أريد معرفة أقوالكم لبحثٍ أكتبه.

    سؤالي كان: ما صفة الكفر بالطاغوت؟ هل تكفير المشركين داخل في تلك الصفة؟ إن كان تكفير داخلٌ في تلك الصفة، فما الدليل؟ وإن لم يكن، فكيف نوجّه كلام علماء الدعوة النجدية (كشيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله)، حين عدوا تكفير المشركين من الكفر بالطاغوت؟


    هل الكفر بالطاغوت: اجتناب عبادة غير الله واعتقاد بطلانها وبغضها فقط، أم يدخل فيه تكفير أهل الشرك ومعاداتهم؟

    أرجوا من الإخوة أن يجيبوا على أسئلتي أولا، لكيلا تتشعب علينا الردود، ثم بعدها نناقش إن شاء الله.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو خبيب الصومالي مشاهدة المشاركة
    . أما الإسم، فإنه يزول عمن زال عنه حد الإسلام، سواء قامت الحجة عليه أم لم تقم. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فَاسْمُ الْمُشْرِكِ ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ، فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ، وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى، وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا، قَبْلَ الرَّسُولِ، وَيُثْبِتُ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّ ةِ، يُقَالُ: جَاهِلِيَّةً وَجَاهِلًا، قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ. وَأَمَّا التَّعْذِيبُ فَلَا). إنتهى كلامه.--------------------------------------------


    هل الكفر بالطاغوت: اجتناب عبادة غير الله واعتقاد بطلانها وبغضها فقط، أم يدخل فيه تكفير أهل الشرك ومعاداتهم؟

    أرجوا من الإخوة أن يجيبوا على أسئلتي أولا، لكيلا تتشعب علينا الردود، ثم بعدها نناقش إن شاء الله.
    ---------------
    قال الشيخ سليمان بن سحمان[ (وأما مسألة عبادة القبور ودعائهم مع الله فهي مسألة وفاقية التحريم وإجماعية المنع والتأثيم فلم تدخل في كلام الشيخ (ابن تيميه) لظهور برهانها ووضوح أدلتها وعدم اعتبار الشبهة فيها وقال قد تقدم أن عامة الكفار والمشركين من عهد نوح إلى وقتنا هذا جهلوا وتأولوا وأهل الحلول والاتحاد كابن عربي وابن الفارض والتلمساني وغيرهم من الصوفية تأولوا وعباد القبور والمشركون الذين هم محل النزاع تأولوا إلى أن قال والنصارى تأولت وقال من المعلوم بالضرورة من الدين أن الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان وعلية يستحيل تحت أي شبهة من الشبة أن يكون المشرك مسلما لأن ذلك يؤدي إلى اجتماع النقيضين ووقوع المحال اهـ
    .من كتاب فتاوى الائمة النجديةج3 ص195------------------------------------قال الشيخ عبد اللطيف في منهاج التأسيس ص 315: إن كلام الشيخين (ابن تيمية وابن القيم) في كل موضع فيه البيان الشافي أن نفي التكفير بالمكفرات قوليها وفعليها فيما يخفى دليله ولم تقم الحجة على فاعله وأن النفي يراد به نفي تكفير الفاعل وعقابه قبل قيام الحجة وأن نفي التكفير مخصوص بمسائل النزاع بين الأمة وأما دعاء الصالحين والاستغاثة بهم وقصدهم في الملمات والشدائد فهذا لا ينازع مسلم في تحريمه أو الحكم بأنه من الشرك الأكبر وتقدم عن الشيخ (بن تيمية) أن فاعله يستتاب فإن تاب وإلا قتل.-----------------------------------ويقول الشيخ اسحاق ابن عبد الرحمنوتفطن أيضاً فيما قال الشيخ عبداللطيف فيما نقله عن ابن القيم أن أقل أحوالهم أن يكونوا مثل أهل الفترة الذين هلكوا قبل البعثة ومن لا تيلغه دعوة نبي من الأنبياء – إلى أن قال – وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند من لم يكفر بعضهم وأما الشرك فهو يصدق عليهم واسمه يتناولهم وأي إسلام يبقى مع مناقضه أصله وقاعدته الكبرى شهادة أن لا إله إلاّ الله------------------------------------------------------هل الكفر بالطاغوت: اجتناب عبادة غير الله واعتقاد بطلانها وبغضها فقط، أم يدخل فيه تكفير أهل الشرك ومعاداتهم؟ -الاجابة-قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب-
    فأما صفة الكفر بالطاغوت :فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها، وتبغضها،
    وتكفر أهلها، وتعاديهم
    ، وأما معنى الإيمان بالله : فأن تعتقد، أن الله هو الإلَه المعبود وحده، دون من سواه، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص، وتواليهم، وتبغض أهل الشرك، وتعاديهم ؛ وهذه :
    ملة إبراهيم
    التي سفه نفسه من رغب عنها ؛ وهذه : هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم
    إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده
    [ الممتحنة: 4]

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    متابع..
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    الكفر بالطاغوت يكون بالبراءة من الطاغوت واهله
    و البراءة تتضمن ثلاثة أشياء- التكفير- و البغض- و العداوة
    وتوجه لثلاثة أشياء- عبادة الطاغوت- وعبدة الطاغوت وأولياؤه- وما يعبدونه من دون الله وهو راضى بالعبادة -يعنى[
    العبادةوالعابد والمعبود]
    فالبراءة من الطاغوت تكون بتكفيره و بغضه و عداوته
    و البراءة من المؤمنين به تكون بتكفيرهم و بغضهم و عداوتهم
    و البراءة من عبادة الطاغوت تكون باعتقاد بطلانها و تركها و بغضها
    والدليل على ذلك قوله تعالى }:قد كانت لكُم أُسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والذين معهُ إذ قالوا لقومِهم إِنا بُرءاؤُامنكُم ومِّما تَعبُدون مِن دون الله كفرنَا بِكُم وبدا بيننا وبينَكُم العداوةوالبغضاء أبَداً حتى تؤمنوا بالله وحده}
    يقول ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية: (يقول تعالى للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان لكم أيها المؤمنون أسوة حسنة يقول قدوة حسنة في إبراهيم خليل الرحمن تقتدون به والذين معه من أنبياء الله، قال ابن زيد في قول الله عز وجل (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ)، قال الذين معه الأنبياء، وقوله (إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ) يقول حين قالوا لقومهم الذين كفروا بالله وعبدوا الطاغوت أيها القوم إنا برءاؤا منكم ومن الذين تعبدون من دون الله من الآلهة والأنداد، وقوله (كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)، يقول جل ثناؤه مخبراً عن قيل أنبيائه لقومهم الكفرة كفرنا بكم أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بالله وجحدنا عبادتكم وما تعبدون من دون الله أن تكون حقاً وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً على كفركم بالله وعبادتكم ما سواه، ولا صلح بيننا ولا هوادة حتى تؤمنوا بالله وحده، يقول تصدقوا بالله وحده فتوحدوه وتفردوه بالعبادة ) ]ج10-ص40[
    قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: (ومعنى الكفر بالطاغوت أن تبرأ من كل ما يعتقد فيه غير الله، من جني أو انسي أو شجر أو حجر أو غير ذلك، وتشهد عليه بالكفر والضلال وتبغضه ولو كان أباك وأخاك.فأما من قال؛ أنا لا أعبد إلا الله، وأنا لا أتعرض السادة والقباب على القبور وأمثال ذلك، فهذا كاذب في قول لا إله إلا الله ولم يؤمن بالله ولم يكفر بالطاغوت) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية 4 / 33.
    وقال أيضاً رحمه الله: (فأما صفة الكفر بالطاغوت: فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها وتُكفر أهلها وتُعاديهم،
    وقال الشيخ سليمان بن سحمان: (والمراد من اجتنابه أي الطاغوت هو بغضه وعداوته بالقلب وسبه وتقبيحه باللسان وإزالته باليد عند القدرة ومُفارقته، فمن ادعى اجتناب الطاغوت ولم يفعل ذلك فما صدق) الدرر السنية 10 / 502
    - الله عز و جل جعل الكفر بالطاغوت الركن الأول من أركان التوحيد فمن لم يكفر به فهو كافر - قال تعالى ((فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ))
    كذلك كذب الله من يزعم الإيمان مع إرادة التحاكم إليه قال سبحانه ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً)) النساء: 60.
    و مثله من قاتل في سبيله حكم الله عليه بالكفر و جعله من جملة (الذين كفروا) قال تعالى ((الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً)) النساء: 76.والطاغوت يخرج الناس من النور الى الظلمات قال تعالى (( وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ))
    يقول شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله-
    قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " وكفر بما يعبد من دون الله " فهذا: شرط عظيم , لا يصح قول: لا إله إلا الله إلا بوجوده , وأن لم يوجد , لم يكن من قال لا إله إلا الله, معصوم الدم , والمال؛ لأن هذا هو معنى لا إله إلا الله؛ فلم ينفعه القول , بدون الإتيان بالمعنى؛ الذي دلت عليه , من ترك الشرك , والبراءة منه وممن فعله ,فإذا أنكر عبادة كل ما يعبد من دون الله، وتبرأ منه وعادى من فعل ذلك: صار مسلما , معصوم الدم , والمال؛ وهذا معنى , قول الله تعالى: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) [البقرة: 256].[الدرر السنية]http://majles.alukah.net/t155978/
    ------------------------------------------------------------قال الشيخ حمد بن عتيق:" وها هنا نكته بديعة في قوله { إِنّا بُرَءآؤاْ مّنْكُمْ وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ }.
    وهي أن الله تعالى قدم البراءة من المشركين العابدين غير الله، على البراءة من الأوثان المعبودة من دون الله، لأن الأول أهم من الثاني، فإنه قد يتبرأ من الأوثان ولا يتبرأ ممن عبدها، فلا يكون آتياً بالواجب عليه.
    وأما إذا تبرأ من المشركين فإن هذا يستلزم البراءة من معبوداتهم، وهذا كقوله تعالى:
    { وَأَعْتَزِلُكُم ْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ وَأَدْعُو رَبّي عَسَىَ أَلاّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبّي شَقِيّاً } [مريم:48]، فقدم اعتزالهم أي المشركين على اعتزال معبوداتهم "أ.هـ---------------------------------------------------------------------------وقال الشيخ حمد بن عتيق: " وبالجملة فلا يكون مظهراً لدينه إلا من صرح لمن ساكنه من كل كافر، ببراءته منه، وأظهر له عداوته لهذا الشيء الذي صار به كافراً وبراءته منه، ولهذا قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: عاب ديننا وسفَّه أحلامنا وشتم آلهتنا.

    وقال تعالى: { قُلْ يَأَيّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مّا عَبَدتّمْ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } ".--------------------------------------------------------------------------------------------وقال تعالى { يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ عَدُوّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مّنَ الْحَقّ } [الممتحنة:1].
    قال ابن كثير في هذه الآية المباركة: " يعني المشركين والكفار الذين هم محاربون لله ولرسوله وللمؤمنين الذين شرع الله عدواتهم ومصارمتهم، ونهى أن يتخذوا أولياء وأصدقاء وأخلاء " أ.هـ--------------------------------------------------------------------------------قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله:
    (فالحنفاء أهل التوحيد؛ اعتزلوا هؤلاء المشركين لأن الله أوجب على أهل التوحيد اعتزالهم، وتكفيرهم، والبراءة منهم، كما قال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام: {وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقياً}، إلى قوله: {فلما أعتزلهم وما يعبدون من دون الله} [مريم: 48 - 49]، وقال: {إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} [الممتحنة: 4]، وقال عن أهل الكهف: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف... الآية} [الكهف: 16]، فلا يتم لأهل التوحيد توحيدهم، إلا باعتزال أهل الشرك، وعداوتهم وتكفيرهم، فهم معتزلة بهذا الاعتبار؛لأنهم اعتزلوا أهل الشرك، كما اعتزلهم الخليل إبراهيم عليه السلام) أهـ.---------------------------------------------------------------------------

  15. #15

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الكفر بالطاغوت يكون بالبراءة من الطاغوت واهله
    و البراءة تتضمن ثلاثة أشياء- التكفير- و البغض- و العداوة
    وتوجه لثلاثة أشياء- عبادة الطاغوت- وعبدة الطاغوت وأولياؤه- وما يعبدونه من دون الله وهو راضى بالعبادة -يعنى[
    العبادةوالعابد والمعبود]
    فالبراءة من الطاغوت تكون بتكفيره و بغضه و عداوته
    و البراءة من المؤمنين به تكون بتكفيرهم و بغضهم و عداوتهم
    و البراءة من عبادة الطاغوت تكون باعتقاد بطلانها و تركها و بغضها
    والدليل على ذلك قوله تعالى }:قد كانت لكُم أُسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والذين معهُ إذ قالوا لقومِهم إِنا بُرءاؤُامنكُم ومِّما تَعبُدون مِن دون الله كفرنَا بِكُم وبدا بيننا وبينَكُم العداوةوالبغضاء أبَداً حتى تؤمنوا بالله وحده}
    اعذرني أخي محمد عبد اللطيف على تأخري في الرد، لكن أرجوا منك أن تجيب لي عن سؤال. لقد أوردتَ آية الممتحنة الكريمة دليلا على تعريف الكفر بالطاغوت. فأسألك أخي أن تجيبني على سؤال حيّرني.

    لقد ورد في الآية الكريمة قولُه تعالى "وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا"، فإن كان ما ورد في الآية الكريمة قبل قوله تعالى "حتى تؤمنوا بالله وحده" يُعدّ تعريفا للكفر بالطاغوت، فهل التصريح بالعداوة الوارد في قوله "وبدا" أيضا يُعدُّ من الكفر بالطاغوت؟ إن كان كذلك، فكيف نوفّق بين ذلك وبين قوله تعالى {إلا أن تتقوا منهم تقاة}؟ وإن كان الجواب ب لا، فهل يعني ذلك أن هذه الآية لا تكون دليلا على تعريف الكفر بالطاغوت؟ ما وجه التفريق بين المطالب الواردة في الآية الكريمة وقد جاءت كلها في نفس السياق (1- إنا برؤاء منكم ومما تعبدون من دون الله 2- كفرنا بكم 3- وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا)؟ أرجوا أن تسرع أخي في الرد، وليدلي كل الإخوة بدلوهم بارك الله فيكم.

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو خبيب الصومالي مشاهدة المشاركة
    فهل التصريح بالعداوة الوارد في قوله "وبدا" أيضا يُعدُّ من الكفر بالطاغوت؟ إن كان كذلك، فكيف نوفّق بين ذلك وبين قوله تعالى {إلا أن تتقوا منهم تقاة}؟ .
    قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن: "أصل البراءة المقاطعة بالقلب واللسان والبدن،وقلب المؤمن لا يخلو من عداوة الكافر،وإنما النزاع في إظهار العداوة، فإنها قد تخفى لسبب شرعي، وهو الإكراه مع الاطمئنان، وقد تخفى العداوة من مستضعَف معذور، عذَرَه القرآن، وقد تخفى لغرض دنيويّ،وهو الغالب على أكثر الخالق، هذا إن لم يظهر منه موافقة".

    وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن:"مسألة إظهار العداوة غير مسألة وجود العداوة.

    فالأول: يعذَر به مع العجز والخوف، لقوله تعالى: {إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً}.

    والثاني:لا بدّ منه، لأنّه يدخل في الكفر بالطاغوت، وبينه وبين حبّ الله ورسوله تلازم كلي، لا ينفكّ عنه المؤمن، فمن عصى الله بترك إظهار العداوة فهو عاص الله".

    وقال الشيخ حمد بن عتيق: "لا بدّ مِن أن تكون العداوة والبغضاءباديتين، أي: ظاهرتين بيّنتين.

    واعلم أنّه وإن كانت البغضاء متعلّقة بالقلب فإنها لا تنفع حتى تظهر آثارها وتبين علامتها، ولا تكون كذلك حتى تقترن بالعداوة والمقاطعة، فحينئذٍ تكون العداوة والبغضاء ظاهرتين --------------------------- ولكن هنا امر مهم اخى الكريم أبو خبيب الصومالي ما العداوة المطلوبة التى تدخل فى الكفر بالطاغوت والتى قال عنها شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب[ أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحَّد الله تعالى وترك الشرك، إلاَّ بعداوة المشركين؛ والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء، كما قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة/22].] ---يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمهما الله فى كتابه مصباح الظلام فى بعض اجوبته على المعترض عثمان بن منصور----

    فصل
    قال المعترض : { فظاهر كلامه أن النجاشي ملك الحبشة الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم حين أخبره جبريل عليه السلام بموته أنه بكلامه هذا كافر ليس بمسلم ، حيث لم يصرح بعداوة قومه الذين يجعلون الله ثالث ثلاثة ، وكذلك إمـرأة فرعون التي قالت : { رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين } ومؤمن آل فرعون الذي يكتم إيمانه فهو والنجاشي والصحابة جعفر وأصحابه الذي هاجروا إلى الحبشة رضي الله عنهم كفار بهذه العبارة ، كما ترى عند هذا الرجل ، إذ لم يصح إسلامهم على قوله ، حيث لم يصرح بعداوة الحبشة . }انتهى كلام المعترض----

    الحواب من الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن-- فيقال : الله أكبر ، ما أكثر ما في هذه الكلمات اليسيرة من الكذب والظلم والتحريف والجهل .

    وجوابها من وجوه :

    الأول أن يقال : ليس ظاهر كلامه أن النجاشي ومن ذكر بعده لم يصح إسلامهم . هذا كذب بحت ، وافتراء ظاهر ؛ لأنه قد ثبت أن النجاشي قد صرح بعداوتهم والبراءة من مذهبهم وراغمهم ، زيادة على التصريح بالعداوة . وقد قال : ( وإن نخرتم ) لما صرح بعبودية عيسى عليه السلام حين قرأ جعفر صدر سورة مريم وما فيها من ذكر عيسى ، فقال النجاشي : ( والله ما زاد عيسى على هذا ) . فنخـرت بطارقته ، فقال : ( وإن نخرتم ) فأي جهاد وتصريح وعداوة أبلغ من هذا ؟! ومع ذلك نصر المهاجرين ومكنهم مـن بلاده ؛ وقال : ( أنتم سيوم بأرضي ) ـ أي آمنون ـ ( من سبكم ندم ، ومن ظلمكم غرم ) فقد صرح بأنه يعاقب من سب دينهم وسفه رأيهم فيه ، وهذا قدر زائد على التصريح بعداوتهم .

    ولا يقول إن جعفراً وأصحابه يكتمون دينهم ببلاد الحبشة ولا يصرحون بعداوة الكفار والمشركين إلا أجهل الورى ، وأعظم كذبا وافتراء ، وهل ترك جعفر وأصحابه بلادهم وأرض قومهم واختاروا بلاد الحبشة ومجاورة الأباعد والأجانب وغير الشكل في المذهب والنسب واللسان ، إلا لأجل التصريح بعداوة المشركين والبراءة منهم جهارا في المذهب والدين ؟ ولولا ذلك لما احتاجوا إلى هجرة ، ولا اختاروا الغربة ، ولكن ذلك في ذات الإله ، والمعاداة لأجله ، وهذا ظاهر لا يحتاج لتقرير لولا غلبة الجهل .

    وامرأة فرعون قصتها وما جرى عليها من المحنة مشهورة في كتب التفسير لا يجهله من له أدنى ممارسة . وقد حكى الله في سورة التحريم قولها المشتمل على التصريح والبراءة من فرعون وعمله ومن القوم الظالمين . والظلم هنا هو الكفر الجلي .

    ومؤمن آل فرعون قام خطيبا في قومه ، عائبا لدينهم ، مفنّداً لقيلهم ماقتاً لهم ؛ داعياً إلى الحق وإلى صراط مستقيم . كما ذكر الله قصته وقررها في سورة ( حم المؤمن ) .

    ومن طبع الله على قلبه وحقت عليه كلمة العذاب لم تفد فيه الواضحات ، ولم ينتفع بالآيات البينات .

    الوجه الثاني : أنه قد تقدم عن الشيخ أنه قرر في أول كلامه وآخره أن هذه العداوة التي لا يستقيم الإسلام بدونها : هي التصريح بأن آلهتهم لا تضر ولا تنفع ، وأن عبادتها من أبطل الباطل وأضل الضلال . وهذا هو سب آلهتهم الذي أنكروه وعابوا الرسول به .

    فالكلام في نوع خاص ، قد حصل من النجاشي وامرأة فرعون ومؤمن آل فرعون ما هو أبلغ منه وأصرح .

    الوجه الثالث : أنه لو فرض العموم في كـلام الشيخ فأصل العداوة : البغضاء والكراهة . وأصل الموالاة : المحبة والمودة . ومعلوم أن الذين ذكرهم هذا الرجل قد صرحوا بمحبة الحق وكراهة الباطل ، كيف وقد امتحن عليه من امتحن ، وهاجر فيه من هاجر ؟! .

    الوجه الرابع : أن الشيخ قال : إذا عرفت هذا عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحّد الله إلا بعداوة المشركين .

    فإن أريد أصلُ العداوة فقد تقدم جوابه ، وإن أريد عموم العداوة من كل وجه فالكلام في استقامته ، لا في حصول أصله . فالذي يفهم تكفير من لم يصرح بالعداوة من كلام الشيخ فهمه باطل ، ورأيه ضال ، لأنه محتمل . وقد دلت الآيات والأحاديث على أنه لا استقامة للدين ، بل ولا يطلق الإيمان إلا على من عـادى المشركين في الله وتبرأ منهم ، ومقتهم لأجله قال تعالى : { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون } وقال تعالى : { ومن يتولهم منكم فإنه منهم }وقال تعالى : { . ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون } .

    قرر شيخ الإسلام في هذه الآيات أنها دالة على انتفاء الإيمان بموادة من حاد الله وأن معاداتهم من واجبات الدين ، والإيمان والإسلام لا يستقيم إلا بها . ذكره في كتاب الإيمان وقرره في مواضع منه .

    وليس مراد الشيخ بقوله : ( لا يستقيم له إسلام ) أنه يكفر كما فهمه هذا الضال وكما فهمته الخوارج من نفي الإيمان عمن ترك واجبا . وهذا بين بحمد الله .

    الوجه الخامس : أن عموم الآية مخصوص بما أبيح للمفتون في نفسه أن يتوقى بإظهار الموافقة وقلبه مطمئن بالإيمان فلا يلزم عمومها لمثل امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون لو سلمنا عدم التصريح . [ باختصار من مصباح الظلام]

  17. #17

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الوجه الخامس : أن عموم الآية مخصوص بما أبيح للمفتون في نفسه أن يتوقى بإظهار الموافقة وقلبه مطمئن بالإيمان فلا يلزم عمومها لمثل امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون لو سلمنا عدم التصريح
    صحّحني إن كنت مخطئا. هل يصحّ أن نقول أن إظهار العداوة والبغضاء هي حقا من الكفر بالطاغوت، لكن الله رخّص للذي يتقي من الكفار تقاةً، فيجوز له أن يكتم إيمانه وعداوته للكفار، كما فعل مؤمن آل فرعون (قبل أن يظهر إيمانه)؟ فهذه الرخصة إذن تكون كرخصة الإكراه، فقد أجاز الله سبحانه للعبد المكرَه أن ينطق بكلمة الكفر في حالة الإكراه الملجيء. فعموم الآية إذًا يكون مخصوصا بآية {إلا أن تتقوا منهم تقاة} وآية {إلا من أُكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان}. أما إذا كان الشخص قادرا على إظهار العداوة والبغضاء للكفار، ثم بعد ذلك أظهر أنه لا يعاديهم، فهذا ينبئ عن رضاه بالكفر، إذ أنه لا يوجد أمامه عائقٌ الآن يمنعه من إظهار العداوة والبغضاء للكفار، فإذا أظهر أنه لا يعادي الكفار وهو قادرٌ على الإظهار، فإنه لا يكون كافرا بالطاغوت.

    واعلم أنه لا يجب أن يُظهِر المسلمُ العداوة والبغضاء لكل كافر على وجه الأرض، بل يُظهِر العداوة والبغضاء للكفار على العموم، وإذا سُأِل عن معاداته لكافرٍ معيّن على وجه الخصوص، عندها إذا أظهر أنه لا يعاديه وهو قادرٌ على الإظهار، فإنه لا يكون كافرًا بالطاغوت. وأما إن كان غير قادرٍ على الإظهار، فإن الرخصة تُجِيزُ له أن يصانعهم بالكلام. هذا ما تيسّر لي الوصول إليه بحمد الله.

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    ------------------------------------

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو خبيب الصومالي مشاهدة المشاركة
    ثم بعد ذلك أظهر أنه لا يعاديهم، .
    كلمة أظهر أنه لا يعاديهم اخى الكريم أبو خبيب الصومالي تحتاج الى تفصيل فان كان معناها موافقتهم فى الظاهر على كفرهم فهذا هو ما يشترط له الاكراه ولا يعذر صاحبه الا اذا اكره وقلبه مطمئن بالايمان -اما اذا كان المقصود بهذه الكلمة انه لم يظهر العداوة بمعنى انه كتمها ولم يظهرها بدون موافقة بمعنى انه يكتم دينه فهذا له حكم امثاله ممن يكتم دينه بين الكفار--- يقول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله----
    وأما قوله تعالى[ إلا أن تتقوا منهم تقاة]- سورة آل عمران 28 -قال مجاهد إلا مصانعة

    والتقاة ليست بأن أكذب وأقول بلساني ما ليس في قلبي فإن هذا نفاق ولكن أفعل ما أقدر عليه كما في الصحيح عن النبي أنه قال من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان

    فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه ولكن إن أمكنه بلسانه وإلا فبقلبه مع أنه لا يكذب ويقول بلسانه ما ليس في قلبه إما أن يظهر دينه وإما أن يكتمه وهو مع هذا لا يوافقهم على دينهم كله بل غايته أن يكون كمؤمن آل فرعون وأمرأة فرعون وهو لم يكن موافقا لهم على جميع دينهم ولا كان يكذب ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبه بل كان يكتم إيمانه

    وكتمان الدين شيء وإظهار الدين الباطل شيء آخر فهذا لم يبحه الله قط إلا لمن أكره بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر والله تعالى قد فرق بين المنافق والمكره

    والرافضة حالهم من جنس حال المنافقين لا من جنس حال المكره الذي أكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان فإن هذا الإكراه لا يكون عاما من جمهور بني آدم بل المسلم يكون أسيرا أو منفردا في بلاد الكفر ولا أحد يكرهه على كلمه الكفر ولا يقولها ولا يقول بلسانه ما ليس في قلبه وقد يحتاج إلى أن يلين لناس ! من الكفار ليظنوه منهم وهو مع هذا لا يقول بلسانه ما ليس في قلبه بل يكتم ما في قلبه

    وفرق بين الكذب وبين الكتمان فكتمان ما في النفس يستعمله المؤمن حيث يعذره الله في الإظهار كمؤمن آل فرعون وأما الذي يتكلم بالكفر فلا يعذره إلا إذا أكره والمنافق الكذاب لا يعذر بحال ولكن في المعاريض مندوحة عن الكذب ثم ذلك المؤمن الذي يكتم إيمانه يكون بين الكفار الذين لا يعلمون دينه وهو مع هذا مؤمن عندهم يحبونه ويكرمونه لأن الإيمان الذي في قلبه يوجب أن يعاملهم بالصدق والأمانة والنصح وإرادة الخير بهم وإن لم يكن موافقا لهم على دينهم كما كان يوسف الصديق يسير في أهل مصر وكانوا كفارا وكما كان مؤمن آل فرعون يكتم إيمانه ومع هذا كان يعظم موسى ويقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله سورة غافر2-وأما الرافضي فلا يعاشر أحدا إلا استعمل معه النفاق فإن دينه الذي في قلبه دين فاسد يحمله على الكذب والخيانة وغش الناس وإرادة السوء بهم فهو لا يألوهم خبالا ولا يترك شرا يقدر عليه إلا فعله بهم وهو ممقوت عند من يعرفه وإن لم يعرف أنه رافضي تظهر على وجهه سيما النفاق وفي لحن القول ولهذا تجده ينافق ضعفاء الناس ومن لا حاجة به إليه لما في قلبه من النفاق الذي يضعف قلبه

    والمؤمن معه عزة الإيمان فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين [منهاج السنة النبوية]------------------------

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    ويقول الشيخ عبد اللطيف ابن عبد الرحمن بن حسن فى [مصباح الظلام] فى رده على عثمان ابن منصور--واعلم أن هذا المعترض لم يتصور حقيقة الإسلام والتوحيد؛ بل ظن أنه مجرَّد قول بلا معرفة ولا اعتقاد ، وإلاَّ فالتصريح بالشهادتين والإتيان بهما ظاهراً هو نفس التصريح بالعداوة والبغضاء،lمصباح الطلام]-----------قال المعترض نقلاً عن الشيخ:(قال في المواضع التي تكلّم بها على السيرة - بعد كلام له سبق -: "فإذا عرفت هذا عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحَّد الله تعالى وترك الشرك، إلاَّ بعداوة المشركين؛ والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء، كما قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة/22].

    قال: فإذا فهمت ذلك فهماً جيداً عرفت أن كثيراً ممن يدَّعون الدين لا يعرفونها، وإلاَّ فما الذي حمل المسلمين على الصبر على ذلك العذاب والأسر والضرب والهجرة إلى الحبشة" إلى آخر كلامه.

    قال المعترض: فنقول أولاً: ينظر في هذا الكلام وتأصيله، فيقال: من هم هؤلاء الكفار أهل الشرك الذين هم ككفار قريش والحبشة، الذين يجعلون الله ثالث ثلاثة وأشباههم كأهل الكتاب وعبدة الأوثان، الذين نهيت عن موادتهم وكفرت بها، وأُنزلت عليهم الآية الكريمة لديك: أَتُراهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم المتقدِّم ذكرهم، الذين قد عمروا المدارس في أقطارهم ... وأمصارهم، ونصبوا القضاة، وشيدوا المنار على مساجدهم لداعي الفلاح آناء الليل وأطراف النهار، ظاهرين مظهرين لذلك، قد بذلوا عليه الأموال والأنفس، يجاهدون عليه من أنكره من أهل الكتاب وغيرهم، حتى بنجد قد شيَّدوا منارها بعلمائها، ولا والله نعلم إلاَّ ما شاء الله على مساجدها وأئمتها ومدارس قرائها ومساقيها وسرجها أوقافاً إلاَّ من هؤلاء الذين كفَّرهم هذا الرجل، ويسميهم بالكفار أهل الجاهلية).انتهى كلام المعترض-------

    والجواب من الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن ابن حسن أن يقال: لا بدَّ من ذكر كلام الشيخ ليتبين مراده، ويعرف ما في كلام هذا المعترض من التحريف والحذف لما يبين مراد الشيخ وموضوع كلامه.

    قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب : (الموضع الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم لما قام ينذرهم عن الشرك ويأمرهم بضده وهو التوحيد؛ لم يكرهوا ذلك واستحسنوه وحدَّثوا أنفسهم بالدخول فيه؛ إلى أن صرَّح بسبِّ دينهم، وتجهيل علمائهم، فحينئذٍ شمَّروا له ولأصحابه عن ساق العداوة، وقالوا: سفَّه أحلامنا، وعاب ديننا، وشتم آلهتنا؛ ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يشتم عيسى وأمه ولا الملائكة ولا الصالحين؛ لكن لما ذكر أنهم لا يُدعون ولا ينفعون ولا يضرون؛ جعلوا ذلك شتماً، فإذا عرفت هذا عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحَّد الله وترك الشرك إلاَّ بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة
    والبغضاء، كما قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}1 [المجادلة/22]. فإذا فهمت هذا فهماً جيداً عرفت أن كثيراً من الذين يدَّعون الدين لا يعرفونها ولا يفهمونها، وإلاَّ فما الذي حمل المسلمين على الصبر على ذلك العذاب والأسر والضرب والهجرة إلى الحبشة مع أنه صلى الله عليه وسلم أرحم الناس، ولو يجد لهم رخصة لأرخص لهم، كيف وقد أنزل الله عليه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}2 [العنكبوت/10].

    فإذا كانت هذه الآية فيمن وافقهم بلسانه إذا أوذي فكيف بغير ذلك؟). انتهى كلام الشيخ رحمه الله.

    وقد حذف منه المعترض أوله؛ لأن فيه التصريح بأن
    العداوة المطلوبةذكر آلهتهم بأنهم لا يُدعون ، ولا ينفعون ولا يضرون، وأن من لم يصرِّح بذلك (ويعاديهم، ويتبرَّأ منهم ويبغضهم) ، ويعتقده ويدين به، لا يستقيم له إسلام، وهذا هو الحق؛ بل هو مدلول كلمة الإخلاص، وهو حقيقة التوحيد، فلو وحَّد الله بعبادته ولم يشرك به، لكنه لم يأتِ بهذا ولم يعتقده، لم ينتفع بتوحيده وعدم شركه، وهذا حق لا شك فيه،والآيات تدل عليه، وتشهد له، وهذا المعنى دلَّت عليه كلمة الإخلاص تضمناً؛ وهو ظاهر بحمد الله. والمعترض حذفه عمداً،وأخذ وسط العبارة،وقصده الترويج والتمويه، (وقد ورد حديث مرفوع: "لا يستقيم إيمان عبد حتى تستقيم جوارحه ")وكذلك قول الشيخ في آخر كلامه: (فإذا كانت هذه الآية فيمن وافقهم بلسانه إذا أوذي فكيف بغير ذلك)؟وأن هذا يدل على أن الكلام فيمن لم يصرح بعيب آلهتهم، وتسفيه أحلامهم، والتصريح لهم بذلك، وهو غاية العداوة والبغضاء، فحذف هذا المعترض أول الكلام وآخره ليروج ويلبِّس، وهذا من نوع التحريف والإلحاد وليّ الألسن، وهو حرفة يهودية ورثها من ورثها.

    وقد قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} [النحل/106].

    والإكراه له صور خاصة قولية لا فعلية ،وما عداها فلا رخصة فيه،والآية عامة يدخل فيها دخولاً أوليًّا من لم يعب دين المشركين،

    وأن آلهتهم لا تنفع ولا تضر، لأنه إذا لم يصرِّح بذلك فهو كاتم لما تضمنته كلمة الإخلاص من النفي، ولا رخصة في الكتمان إلاَّ بشرطه المتقدِّم؛ وهذا لا خلاف فيه بين الأمة، ---والمعترض من الغافلين عن هذه المباحث الدينية، أو ممن أضلَّه الله على علم، وقد غدر بميثاقه الذي جعله على نفسه بحذف أول العبارة وآخرها، لأنه تبديل وتغيير لكلام الشيخ، وسيأتيك من أخواتها ما هو من أعجب العجاب،-------- فالحمد لله على معرفة الحق والصواب. -----واعلم أن هذا المعترض لم يتصور حقيقة الإسلام والتوحيد؛ بل ظن أنه مجرَّد قول بلا معرفة ولا اعتقاد ، وإلاَّ
    فالتصريح بالشهادتين والإتيان بهما ظاهراً هو نفس التصريح بالعداوة والبغضاء، وما أحسن ما قيل:

    وكم من عائب قولاً صحيحاً ... وآفته من الفهم السقيم

    (ولأجل عدم تصوره أنكر هذا، وردّ إلحاق المشركين في هذه الأزمان بالمشركين الأولين،ومنع إعطاء النظير حكم نظيره،وإجراء الحكم مع علته،واعتقد أن من عبد الصالحين ودعاهم وتوكل عليهم وقرَّب لهم القرابين مسلم من هذه الأمة، لأنه يشهد أن لا إله إلاَّ الله ويبني المساجد ويصلي،وأن ذلك يكفي في الحكم بالإسلام ولو فعل ما فعل من الشركيات، وحينئذ فالكلام مع هذا وأمثاله في بيان الشرك الذي حرَّمه
    الله ورسوله، وحكم بأنه لا يغفر، وأن الجنة حرام على أهله، وفي بيان الإيمان والتوحيد الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، وحرَّم أهله على النار،فإذا عرف هذا وتصوره تبيَّن له: أن الحكم يدور مع علَّته،وبطل اعتراضه من أصله، وانهدم بناؤه . قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ}1 [المائدة/72].


    وقال تعالى حاكياً على أهل النار أنهم يقولون لآلهتهم التي عبدت مع الله: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء/97-98].

    ومعلوم أنهم ما سووهم بالله 3 في الخلق والرزق والتدبير، وإنما هو في المحبة والخضوع والتعظيم والخوف والرجاء، ونحو ذلك من العبادات.

    وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ

    اللَّهِ} [البقرة/165]. وهذا حب العبادة وتأله وتعظيم؛ ولهذا ونحوه كفَّرهم الله تعالى ، وأباح دماءهم وأموالهم ونساءهم لعباده المؤمنين حتى يسْلموا، ويكون الدين كله لله، فالنزاع في هذا.

    فمن عرف هذا الشرك وحقيقته، وعرف مسمى الدعاء لغةً وشرعاً، وعرف أن تعليق الحكم في هذه الآيات على الشرك والدعاء
    يؤذن بالعلة ، تبين له الأمر، وزال عنه الإشكال، ومن يهد الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له.

    فمن عبد غير الله، وعدل بربه، وسوّى بينه وبين غيره في خالص حقه: صدق عليه أنه مشرك ضال غير مسلم، وإن عمَّر المدارس،ونصَّب القضاة،وشيَّد المنار، ودعا بداعي الفلاح،لأنه لا يلتزمه، وبَذْل الأموال، والمنافسة على صورة العمل،مع ترك حقيقته لا تقتضي الإسلام؛ولأهل الكتاب في عمارة البيع والكنائس والصوامع اجتهاد عظيم، ومحبة شديدة.

    وقد قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ}7 [المائدة/68].
    قال الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}1 [التوبة/19].

    وقد أجمع العلماء: أن الإيمان الذي دلَّت عليه شهادة أن لا إله إلا الله شرط في كل عمل، فالاحتجاج بهذه الأفعال - أعني بناء المساجد والمدارس ونصب القضاة - لا يصدر إلاَّ عن جاهل أو ملبِّس.
    قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [الشورى/16].

    وأما يمينه الفاخرة على أنه لا يعلم على المساجد والمدارس والمساقي والسرج وأوقافاً بنجد إلاَّ من هؤلاء الذين كفَّرهم هذا الرجل يعني الشيخ.

    فيقال له:أنت جعلت على نفسك عهداً وميثاقاً أنك لا تحكي إلاَّ ما ثبت عن هذا الرجل، وتحقَّق كتحقق الشمس عن الفيء، فأين تكفيره واحداً من أهل الأوقاف، فضلاً عن سائرهم؟ وإذا انتزع الحياء والدين فلا تعجب مما صدر عن عادمهما من الكذب، ونقض العهود وموت القلوب.

    ثم كيف يُتصوَّر أن عاقلاً يكفِّر جميع أهل الأوقاف بنجد، وأعصارهم وأزمانهم متطاولة متعاقبة؟ فمنهم من وقفه متقدم على الشيخ

    بخمسة قرون أو ستة ، كالوقف الذي ببلدة أُشيقر. وهكذا في كل عصر تحدث الأوقاف وتتجدد، فهل يقول: إن الشيخ كفَّر أولئك وجزم بكفرهم من في قلبه أدنى خشية، أو له أدنى عقل ومعرفة؟.

    وقد صان الله الشيخ عن مثل هذه الجهالات والخرافات،ومن عرف الرجال بالعلم عرف حال الشيخ ورسوخه ومتانة علمه ودينه، وأنه يلحق بأكابر السلف وعلمائهم،وإن تأخَّر عصره، ومثل هذا الاعتراض حكايته تكفي عن رده.[ باختصار من مصباح الظلام]










الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •