بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن القيم - رحمه الله - :( المعية نوعان :
1- عامة ؛ وهي معية العلم والإحاطة ؛ كقوله تعالى :
وهو معكم أينما كنتم
، وقوله :
مايكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولاخمسة إلا هو سادسهم ولاأدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا
.
2- خاصة ؛ وهي معية القرب ؛ كقوله تعالى :
إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون
وقوله
إن الله مع الصابرين
، وقوله :
وإن الله لمع المحسنين
؛ فهذه معية قرب تتضمن الموالاة والمناصرة والحفظ .
وكلا المعنيين مصاحبة منه للعبد لكنها في المعية العامة مصاحبة إطلاع وإحاطة وفي المعية الخاصة مصاحبة موالاة ونصرة !
ف(مع) في لغة العرب تفيد الصحبة اللائقة ولاتشعر بامتزاج ولا اختلاط ولا مجاورة ولا مجانبة ! أ.ه بتصرف يسير من مدارج السالكين 2/265
ففي هذا الكلام القيم فوائد كثيرة منها : -
1- أن المعية عند السلف على ظاهرها كغيرها من الصفات لم يتأولوها كما يشنع بذلك أنصار التأويل !
2- أن ظاهر نصوص المعية الدلالة على مطلق المصاحبة من غير إشعار بامتزاج أو إختلاط .
3- أن المعية على هذا المعنى لاتناقض العلو والمباينة ولهذا آمن السلف بعلو الله على العرش ومعيته دون تأويل وحكى ابن عبد البر وغيره إجماعهم على ذلك .
4- أن مجي المعية عامة وخاصة يبطل تفسيرها بالحلول ؛ إذ لوكانت كذلك لكانت عامة لاتقبل التخصيص .
5- - أن المعية بمعنى المصاحبة وتفسيرها بالعلم تفسير لها بمقتضاها استنادا لقوله تعالى ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينمـا كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامه إن الله بكل شئ عليم ففسر المعية بالعلم في أول الآية وآخرها . والعلم هو أعظم مقتضيات المعية ولهذا اقتصر عليه كثير من السلف وفسرها بعضهم بالعلم والسمع والبصر والقدرة والإحاطة ومعاني الربوبية . فقالوا هو معهم علما وسمعا وبصرا وقدرة وإحاطة ! وهذا في المعية العامة أما في الخاصة فإنها تقتضي زيادة على ذلك إما النصر والتأييد كقوله تعالى لا تحزن إن الله معنا أو الوعيد والتهديد كقوله تعالى وهو معهم إذيبيتون ما لايرضى من القول والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .