مفهوم المخارج وترتيبها وعددها من كتاب دراسة المخار ج والصفات للدكتور جمال القرش
2
- مفهوم المخارج

* المخرج لغة : موضع الخروج.
اصطلاحًا : محل خروج الحرف الذي ينقطع عنده الصوت تحقيقًا أو تقديرًا (1)
فحيث انقطع الصوت عند خروجه فهو المحقق ، وإذا لم ينقطع الصوت عند خروجه فهو المقدر .
قال المرعشي--إن سبب انقطاع الصوت في المخرج المحقق انضغاط الصوت فيه، فلجميع الحروف مخرج محقق إلا حروف المد، إذ لا تنضغط أصواتها في موضع انضغاطًا ينقطع به الصوت ، بل تمتد بلا تكلف إلى أن تقطعه بإرادتك، فإن المخرج إذا اتسع انتشر فيه الصوت وامتد ولان، وإذا ضاق انضغط فيه الصوت وصلب اهـ (2) .
* معرفة مخرج الحرف :
يكون من خلال النطق به ساكنًا أو مشددًا ، بعد همزة تحرك بأي حركة والأبين أن تكون همزة وصل مكسورة (3)، واصغ إليه ، فحيث ينتهي الصوت فذلك مخرج الحرف المحقق، مثال: (اذ اس، اث).
وإذا انقطع الصوت فذلك المخرج المقدر ، ولا يكون ذلك إلا مع حروف المد واللين المسبوقة بحركة مجانسة ، نحو: ( بَا - بُو - بِي ).
* أنواع المخارج :
1 - مخارج عامة : وهي التي تشتمل على مخرج فأكثر ، وهي خمسة مخارج :
الأول: الجوف .
الثاني: الحلق .
الثالث: اللسان .
الرابع: الشفتان .
الخامس: الخيشوم .
2 - مخارج خاصة : وهي التي تشتمل على مخرج واحد ، ويخرج منه حرف واحد أو أكثر .
مثال ذلك : الحلق مخرج عام يشتمل على عدة مخارج خاصة وهي ثلاثة :
( أقصى الحلق - وسط الحلق - أدنى الحلق) وكل مخرج منه يشتمل على حرفين .
* * *
* ترتيب المخارج : فيه مذهبان مشهوران :
المذهب الأول : مذهب الجمهور ، وهو الترتيب التصاعدي ، باعتبار الصوت الذي هو الهواء المتصاعد من الرئة إلى الفم ، فقدموا ما هو أقرب إلى ما يلي الصدر ، ثم الذي يليه ، فجعلوا أولها أول الحلق ، وآخرها الشفتين ، وهو الراجح ، والمعمول به لدينا في هذا الكتاب .
المذهب الثاني : مذهب بعض العلماء ، وهو عكس الأول فيكون أول المخارج الشفتين ، وآخرها الحلق .
قال الشيخ زكريا الأنصاري : واعلم أن كل مقدار له نهايتان ، أيتها فرضْتَ أوله كان مقابلها آخره ، ولما كان وضع الإنسان على الانتصاب ، كان رأسه أوله ، ورجله آخره ، ومن ثم كان أول المخارج (الشفتين ، وأول الشفتين مما يلي البشرة ، وآخرهما مما يلي الأسنان ) ، و( ثانيها اللسان ، وأوله مما يلي الأسنان وآخره مما يلي الحلق ) ، و (الحلق ثالثهما وأوله مما يلي اللسان ، وآخره مما يلي الصدر ) ، ولو كان وضع الإنسان على التنكيس لانعكس .
ولما كانت مادة الصوت الهواء الخارج من داخل كان ( أوله آخر الحلق) ، و( آخره أول الشفتين) ، فرتب الناظم كالجمهور الحروف باعتبار الصوت ، حيث قال ( فألف الجوف .. إلخ ) (1) .
3-مذاهب العلماء في عدد المخارج
اختلف علماء التجويد في عدد المخارج وأشهرها ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول : جمهور علماء التجويد والنحويين:
ذهب الجمهور ومنهم (والخليل بن أحمد (1)، وابن الجزري ، وأكثر المحققين) وهو المختار إلى أن المخارج الخاصة (سبعة عشر مخرجًا) تنحصر في (خمسة مخارج عامة):
1 -الجوف : ويشتمل على مخرج واحد .
2 - الحلق : ويشتمل على ثلاثة مخارج .
3 - اللسان : ويشتمل على عشرة مخارج .
4 - الشفتان: ويشتمل على مخرجين .
5 -الخيشوم : ويشتمل على مخرج واحد .
قال الإمام ابن الجزري :
مَخَارِجُ الْحُرُوفِ سَبْعَةَ عَشَـرْ عَلَى الَّذِي يَخْتَارُهُ مَنِ اخْتَـبَرْ
قال الملا علي : (عَلَى الَّذِي يَخْتَارُهُ مَنِ اخْتَـبَرْ) ، أي : بناء على قول من اختار ذلك باختيار الأقوال وتمييزه بين الأحوال (2).
المذهب الثاني : مذهب ( الإمام الشاطبي ، وسيبويه ، ومن وافقهم ):
ومنهم الإمام مكي و الداني إلى أن المخارج (ستة عشر) تنحصر في (أربعة مخارج عامة) هي :
1 - الحلق : بمخارجه الثلاثة . 2 - اللسان : بمخارجه العشرة .
3 - الشفتان: بمخرجيهما . 4 - الخيشوم : بمخرجه .
* فألحقوا الألف المدية بأقصى الحلق مع الهمز .
* وألحقوا الياء المدية مع غير المدية من وسط اللسان .
* وألحقوا الواو المدية مع غير المدية من الشفتين .
وبذلك أسقطوا مخرج الجوف بحروفه الثلاثة ( الألف والواو والياء) .
المذهب الثالث : مذهب ( الفراء ، وقُطْرب ، والجَرْمِي ، وابن دُريد ، ومن وافقهم ):
ذهبوا إلى أن المخارج ( أربعة عشر ) تنحصر في (أربعة مخارج عامة) .
1 - الحلق : بمخارجه الثلاثة . 2- اللسان : ومخارجه ثمانية .
3 - الشفتان: بمخرجيهما. 4-الخيشوم : بمخرجه .
* فألحقوا حروف المد كالمذهب السابق .
* وجعلوا مخرج اللام والنون والراء مخرجًا واحدًا ، وهو طرف اللسان ، فصار في اللسان ثمانية مخارج بدلاً من عشرة .
جدول يوضح مذاهب العلماء في المخارج
المذهب 1 2 3 4 5 العدد تنبيهات
الجوف الحلق اللسان الشفتين الخيشوم
الجمهور ( ابن الجزري ، والخليل بن أحمد) 1 3 10 2 1 17 جعلوا حروف الجوف ثابتة
وأثبتوا لـ(اللام) مخرجًا
و(النون) مخرجًا و(الراء) مخرجًا
سيبويه ، والشاطبي - 3 10 2 1 16 ألحقوا الألف المدية
بأقصى الحلق
والياء المدية بوسط اللسان
والواو المدية بالشفتين .
الفراء ، وقُطْرب ، والجَرْمِي - 3 8 2 1 14 الحقوا الحروف المدية كالمذهب السابق وجعلوا لـ (اللام والنون والراء) مخرجا واحدا
قال العلامة عثمان مراد :
اختلفَ القُراءُ في المخارجِ على مذاهب ثلاثة تجي
فهي عند قطرب أربع عشر وعند سيبويه ستة عشر
ومذهب الخليل وابن الجزري قدرها بسبعةٍ وعشر
وهو الذي جرى عليه الآنا معظم من يجود القرءانا









أ
قول: وحصر المخارج فيما تقدم ذكره إنما هو على سبيل التقريب لا على التحديد ، وخروج أكثر من حرف من مخرج واحد مبني على سبيل التجوز لا الحقيقة ، وأن لكل حرف مخرجًا خاصًا به يخالف مخرج الآخر ، وإلا لكان إياه ، لكن تركه العلماء لصعوبة تحقيق ذلك عمليًا ، وعسر التميز بين كل حرف ، والذي قد يؤدي إلى تكلف نظرًا لدقة الفرق بينهما .

والتحقيق أن لكل حرف بقعة دقيقة يخرج منها (1).
قال العلامة أبو القسط (2):
والحصرُ تقريبٌ وفي الحقيقةِ لكلِّ حرفٍ بُقعة دقيقة
إذْ جمهور الورى ما نصه لكل حرفٍ بُقعةٌ تخصُّه





قال العلامة الملا علي: إن الجمهور من أرباب التدقيق جعلوا الحروف متعددة مخرجًا واحدًا ، بناء على أن التميز حاصل باعتبار اختلاف الصفات ، وإن كان الاتحاد باعتبار الذوات ، ولذا قيل إن معرفة المخارج بمنزلة الوزن والمقدار ، ومعرفة الصفات بمنزلة المحك والمعيار، ا هـ (3) .
سؤال :هل يمكن الاستفادة من علم الأصوات ؟
الإجابة : يمكن الاستفادة مما جاء به العلم الحديث لتقريب الفهم ، وزيادة التوضيح ، على أن يكون المحك والفيصل في الأداء التلقي على يد المشايخ المسندين ، المهرة ، الضابطين ، الثقات ، فما وافق التلقي أخذ وما خالفه يرد (4).
(1) قال الدكتور سالم قدوري : وقول المرعشي : ( الموضع الذي ينقطع فيه الصوت ) أكثر دقة وتحديدًا من قولهم: الموضع الذي يخرج منه الحرف أو يتولد فيه ، أو المكان الذي ينشأ منه الحرف ، وهو ما يتفق ما مع رأي المحدثين ، انظر : جهد المقل : (60) .
انظر: فتح المجيد شرح كتاب العميد في علم التجويد: (46) .
(2) انظر : جهد المقل : (124).
(3) قال بعضهم: وهمز وصل جيء به مكسورًا وسكن الحرف تكن خبيرًا
(1) انظر: الدقائق المحكمة في شرح المقدمة : 54.
(1) انظر : سير أعلام القراء المذكورين في الرسالة آخر الكتاب .
(2) انظر : المنح الفكرية : 34 .
(1) قال صاحب العميد ..الأقوال المبنية على خروج حرفين أو أكثر من مخرج واحد مبنية على سبيل التجوز لا الحقيقة ، انظر: شرح العميد : 48.
(2) هو نظم للشيخ: إبراهيم ابن عبد الرازق ، المسمى تذكرة القراء في علم التجويد.
(3) انظر : المنح الفكرية: (36) .و كتاب العميد : (48) .
(4) مثال ما يخالف التلقي ما ذهب إليه بعضهم إلى همس الطاء والقاف ، وحجتهم نطق عامة الناس بذلك ، وهو مخالف عند القراء رواية ودراية .
أصل المبحث من كتاب دراسة المخارج والصفات د / جمال القرش ​