.............................. .............................. .............................
الابانة الكبرى لابن بطة
حدثنا أبو القاسم حفص بن عمر، قال: حدثنا أبو حاتم الرازي، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن عيسى، قال: قال حفص بن حميد: قلت لعبد الله بن المبارك: على كم افترقت هذه الأمة ؟
فقال: " الأصل أربع فرق: هم الشيعة، والحرورية و القدرية والمرجئة فافترقت الشيعة على ثنتين وعشرين فرقةً، وافترقت الحرورية على إحدى وعشرين فرقةً، وافترقت القدرية على ست عشرة فرقةً، وافترقت المرجئة على ثلاث عشرة فرقةً "
قال: قلت: يا عبد الرحمن: لم أسمعك تذكر الجهمية قال: «إنما سألتني عن فرق المسلمين» .
..............................
يستفاد من هذا الاثر للامام عبد الله بن المبارك رحمه الله ان القدرية و المعتزلة الاوائل لم يكونوا جهمية في باب الصفات . و انما اشتهر الخلاف بينهم و بين اهل السنة في باب القدر و في باب الايمان في حكم صاحب الكبيرة .
اما باب الصفات فلم يكونوا يتكلمون في ذات الله بنفي صفاته خوض الجهمية عليهم من الله ما يستحقون . و ما ذكر عنهم من نفيهم لعلم الله السابق ليس نفيا للوصف كصفة تقوم بذات الله . و انما كلامهم في متعلقات العلم و هل يدخل في ذلك العلم بفعل العبد قبل وجوده .
و هم يعللون لمذهبهم بما يغالون في اثباته في باب القدر لمشيئة العبد فرارا من الجبر على حد زعمهم . و لا يحتجون لذلك بحجة الجهمية في نفي الصفات .
فالاوائل من القدرية و المعتزلة لم يكن الخلاف بينهم و بين السلف في صفات الله عز وجل و لم تكن حججهم مبنية على ما ذهب اليه نفاة الصفات .
و انما اردت الوقوف على هذا . لان الكثير ممن تصدى لشرح كتب السلف و الائمة . او التعليق عليها . يدخل في التعريف بالقدرية او المعتزلة نفي الصفات و القول بخلق القران و ان ذلك كان معتقدا لهم .
و ليس الامر كذلك عند من تقدم منهم . و انما دخلت بدعة الجهمية على من تاخر و انتصر و تبنى كلام الجهم فيما بعد .
و الاثر المذكور عن الامام في الموضوع من اكبر الشواهد على هذا . فلو كان الاوائل على عقيدة الجهمية لما فرق بينهم في الحكم عليهم .
و الله اعلم