.............................. ...................

قرات في مقدمة كتاب الرد على الجهمية للامام احمد . كلاما لمحقق الكتاب يستدرك فيه على ابن ابي العز رحمه الله ما حكاه من تنازع السلف في الحكم على الجهمية . و العجيب في هذا ان شارح الطحاوية لم يزد على نقل عبارة لشيخ الاسلام رحمه الله كعادته من غير ان يذكر اسمه . و المحقق يستدرك عليه بفقرات و عبارات هي لشيخ الاسلام نفسه ؟

و مع تتبع كلام المحقق يدرك من يطلع على كلامه انه لم يجرد نظره عما هو مقرر في ذهنه فاراد ان يحمل عليه كلام ابن ابي العز . فاختلط عليه الامر فلم يوفق في فهم ما حكاه ابن ابي العز و غيره من نزاع . ففهم منه انه يحكيه في موطن قد تقرر فيه الاجماع .

فلننظر الى كلام ابن ابي العز و الى استدراك المحقق . فتحت ذلك فائدة عزيزة ينبغي الوقوف عليها ؟

قال ابن ابي العز رحمه الله ( تنازع العلماء في الجهمية هل هم من الثنتين و سبعين فرقة ام لا ؟ و لهم في ذلك قولان . و ممن قال انهم ليسوا من الثنتين و سبعين فرقة . عبد الله ابن المبارك و يوسف بن اسباط )

اورد المحقق بعد هذا كلام السلف فيهم . و ان تكفيرهم ليس فيه خلاف بين السلف ثم قال

( و نستفيد من هذا ان ما ذكره ابن ابي العز - رحمه الله - من وجود تنازع بين السلف في تكفير الجهمية ليس بصحيح . بل لا يعلم احد من علماء السلف قد انكر القول بتكفيرهم )

بالنظر الى كلام ابن ابي العز و الى ما استدرك عليه . ندرك منه ان ما حكاه من نزاع انما هو في امر اخص من التكفير الذي هو محل وفاق . يعني هل الجهمية من اهل الاسلام و من فرق الامة خرجوا من الاسلام بكفرهم فيحكم عليهم بالارتداد بعد ثبوت الاسلام . ام ليسوا مسلمين و ليسوا من فرق الامة اصلا فهم زنادقة لم يثبت لهم عقد الاسلام .

فالنزاع ليس في كفرهم و انما هو في شيء اخص . هل ذلك كان عن ارتداد بعد ثبوت عقد الاسلام . ام انهم زنادقة لم يدخلوا في فرق الامة و لا في ملة الاسلام اصلا .

و ينبغي مع هذا ان يفرق بين من دخل في الثنتين و سبعين فرقة و في اصل ديانته ما يكون كفرا عند اهل السنة و الحق . فهذا الذي يمكن ان ينظر في كفره فقد يكون خفيا يحتاج الى اقامة حجة و النظر عند الحكم عليه . اما من كان خارجا عن الثنتين و سبعين فرقة فليس هو بمسلم اصلا فهذا وجه الفرق بين من دخل في فرق الامة و بين من هو خارج عنها .

و مما يستفاد من هذا ايضا . ان ما يحكيه البعض من ان تكفير السلف للجهمية كان على سبيل العموم . ان هذا الاطلاق ليس بصحيح قطعا . لان من اعلام السلف من لا يدخلهم في فرق الامة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم ( تفترق هذه الامة )
فهم عنده ليسوا من امة الاسلام اصلا . و النقش في العرش يكون بعد اثباته

و الله اعلم