في المذهب الحنبلي روايتان في ضم الذهب والفضة لتكميل النصاب:
الرواية الأولى: الضَّمُّ؛ فلو ملِك رَجُلٌ جزءًا مِنَ الفضة لم يبلغ نصابًا بمفرده، وجزءًا مِنَ الذهب لم يبلغ نصابًا بمفرده، فعليه أنْ يضمهما، فإذا بلغا نصابًا أخرج عنهما الزكاة.
واستدلوا على ذلك بالقياس؛ قالوا: إنَّ نفعهما واحدٌ، والمقصود منهما متَّحِدٌ؛ فإنهما قِيَمُ المتلَفات، وأروش الجنايات، وأثمان البِيَاعَاتِ، وحُلِيٌّ لمن يريدهما لذلك؛ فأشبها النوعين من الجنس الواحد؛ كالبقر مع الجاموس، والإبل مع البخاتي، والضأن مع الماعز؛ وكذلك يُقاس عليها الذهبُ والفضةُ.
الرواية الثانية: عدم الضم؛ فلو ملِكَ رَجُلٌ جزءًا مِنَ الذهب وجزءًا مِنَ الفضة، لا يبلغ كلٌّ منها نصابًا بمفرده، فلا يجب عليه الضم، وليس عليه زكاة.
واستدلوا على ذلك بالسُّنَّة والقياس.
فأما السُّنَّة: فقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ». وهذا يشمل ما إذا كان عنده مِنَ الذَّهب ما يُكْمِلُ به خمس أواق، أو لا.
وقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ - يَعْنِي - فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا». وهذا يشمل ما إذا كان عنده مِنَ الفضة ما يُكْمِلُ به عشرين دينارًا، أو لا.
وأما القياس: فقالوا: إنهما مالان يختلف نصابهما، فلا يُضَمُّ أحدُهما إلى الآخر؛ كأجناس الماشية؛ فإنَّ الإبل لا تُضمُّ مع البقر، والماعز لا تُضمُّ مع الجاموس؛ وكلُّ جنس مِنْ هذه الأجناس لا يُضم مع الآخر؛ مع أنَّ المقصود منهما واحد؛ وهو التنمية.
وكذلك فإنَّ البُرَّ لا يُضم إلى الشعير في تكميل النصاب، والتمر لا يُضم إلى الزبيب؛ مع أنَّ المقصود منهما واحدٌ؛ وهو القوت.
والراجح – والله أعلم – هو القول الثاني القائل بعدم الضم؛ لدلالة السُّنَّة، والقياس الصحيح عليه.
وقد رجح هذا القول كثير مِنْ أئمة المذهب([1])، وقال المجد ابن تيمية: يُروى عَنْ أحمد أنه رجع إليه أخيرًا([2])؛ وقدَّمه ابن قدامة في ((الكافي))، وهو ظاهر ما نصره في ((المغني))([3])، ورجحه العلامة ابن عثيمين([4]) رحمهم الله جميعًا.
[1])) انظر: ((الإنصاف)) (3/ 135).
[2])) السابق.
[3])) انظر: ((الكافي)) (1/ 405)، و((المغني)) (3/ 37)، و((الإنصاف)) (3/ 135).
[4])) ((الشرح الممتع)) (6/ 102).