تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: مقدمة شرح الباعث الحثيث لشيخنا أبي همام عبد الرحيم العزاوي حفظه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    سياتل..ولاية واشنطن ..
    المشاركات
    948

    افتراضي مقدمة شرح الباعث الحثيث لشيخنا أبي همام عبد الرحيم العزاوي حفظه الله

    وفيها مقدمة مفيدة لطالب علم الحديث


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم أما بعد :
    نستفتح بحمد الله دراسة هذا المتن الذي تقرر أن يكون موضوعه في علم مصطلح الحديث وقد تم الاتفاق قبل على أن يقرر للحصة درس كتاب الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث , على الاختلاف الذي أشرت إليه سلفا في نسبة الكتاب , هل هو من تأليف الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير ؟أو أن هذا التأليف أو هذه التسمية شرح للإمام أبي الأشبال أحمد شاكر عليه رحمة الله؟
    .وقد جرت سنة أهل الحديث أن يعقدوا بابا ونوعا مستقلا من أنواع علوم الحديث في كل التواليف التي ألفوها في كتب المصطلح تتعلق بأدب الطلب ومنهجهم في أخذ العلم , إذ شرف العلوم يتفاوت بشرف معلومها , ويتفاضل بتفاضل متعلقها.
    ولا ريب أن دراسة هدي النبي صلى الله عليه وسلم والاشتغال بسيرته سنته وأيامه وأحواله من الأهمية بمكان, وقد أولى علماء السلف رضي الله تعالى عنهم أهمية بالغة لهذا الموضوع, ولا أدل على ذلك من تلكم الأقوال المتناثرة والآثار المروية عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين ,المبثوثة والمفرقة في كتب علم الحديث, خاصة في مقدمات كتبهم كمقدمة الإمام مسلم رحمه الله ومقدمة الإمام الدارمي لكتابه المسند المطبوع باسم السنن ومقدمة سنن ابن ماجة وغيرها من الكتب التي عنيت بذكر هذه الآثار ككتاب الحافظ أبي بكر علي بن أحمد الخطيب البغدادي رحمه الله بل إن علماء المسلمين وعلماء الحديث على وجه الخصوص قد ألفوا تواليف مستقلة بخصوص هذا الموضوع لما له من أهمية قصوى فيما يتعلق بسمت الطالب وأدبه ومن أقدم المؤلفات في ذلك كتاب العلم للحافظ أبي خيثمة زهير بن حرب النسائي المتوفى عام 234هـ وكتابه مطبوع بتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين رحمه الله مرورا بكتاب محمد بن سحنون الفقيه المالكي المعروف المتوفى عام 256هـ ثم توالت التآليف في الموضوع حتى جمع شتات متفرقها فرسا الرهان حافظ المشرق أبوبكر الخطيب البغدادي وحافظ المغرب الإمام أبو عمر يوسف بن عبد البر رحمهما الله وقد كانت وفاة الإمامين عام463هـ حافظ المشرق وحافظ المغرب .
    ألف الحافظ ابن عبد البر كتابه المسمى جامع بيان العلم وفضله والحافظ الخطيب البغدادي له كتاب الفقيه والمتفقه وله شرف أصحاب الحديث وكتاب أدب الطالب والسامع والكتاب مطبوع في مجلدين .
    قلت اعتنى الحافظان رحمهما الله بجمع شتات الأقوال المتناثرة للسلف رحمهم الله من الصحابة والتابعين في مايتعلق بالموضوع ثم توالت التآليف في الموضوع حتى جاء الإمام ابن جماعة و الإمام ابن جماعة المتوفى عام733هـ اعتنى كثيرا بتصنيف الخطيب وبتصنيف الحافظ ابن عبد البر فجمع شتات متفرقها وألف كتابه المسمى "تذكرة السامع والمتعلم في آداب العالم والمتعلم وقد قسم كتابه إلى ثلاثة أقسام رئيسية ولذلك امتاز كتابه من حيث عرض المادة العلمية على كتب غيره .
    -فصلا في ذكر أدب الطالب في نفسه.
    -فصلا في أدب الطالب مع شيخه.
    -فصلا في أدب الطالب في درسه.
    فامتاز كتابه بهذه المنهجية العلمية الرصينة .
    قلت : قد اعتنى في كتابه هذا بجمع الأقوال المسندة التي ذكرها الحافظان واعتنى كثيرا بالآثار التي ذكرها الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه والإمام ابن ماجة في مقدمة سننه .
    موضوع طلب العلم وفضله تحدث عنه الكثير ولايخالني في حاجة إلى التذكير بفضله في عرض الآيات وسرد الأحاديث الدالة على فضل نيل العلم وحسبنا الوقوف مع آية وحديث
    قال الله جل وعلا آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم :"وقل رب زدني علما" ولم يأمره بالاستزادة في شيء من أمور الدنيا إلا في طلب العلم وقوله صلى الله عليه وسلم فيما صح من حديث معاوية رضي الله عنه "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" والغرض من هذا اللقاء الأول الحديث إجمالا عن هذه الآداب التي تعظم الحاجة إليها والعناية بها وضبطها لأنها سبيل تحصيل العلم ولا ريب أن أهل العلم من السلف والخلف كانوا يعتمدون منهجية علمية عملية في التلقي والأخذ إذ كانوا يقدمون طلب الأدب على العلم كما قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله طلبت الأدب ثلاثين سنة وطلبت العلم عشرين سنة وكانوا يطلبون الأدب ثم العلم ولذلك اشتهر كثير من أهل العلم بلقب المؤدب حتى صار علما عليه ومن درر قالات الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله :
    أيها الطالب علما**ائت حماد بن زيد
    فالتمس علما وحلما**ثم قيده بقيد
    وقال بن المبارك أيضا رحمه الله تعالى "كاد الأدب أن يكون ثلثي العلم"
    أما فيما يتعلق بالقسم الأول من الأقسام التي أشرت إليها ونص عليها ابن جماعة فيما يتعلق بأدب الطالب في نفسه
    فأول هذه الآداب إخلاص النية لله جل وعلا على اعتبار أن العلم عبادة وقربة من أعظم القرب قال الله جل وعلا وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين
    خاصة إذا تعلق الأمر بطلب علم الحديث في الآونة الأخيرة فإن الناس كثرت نياتهم منهم من يطلبه ابتغاء الرزق تحقيق الكتب لنيل النوال وقد اشتهر على ألسنة العلماء "صناعة الحديث صناعة المفاليس"
    وقيل من طلب الحديث أفلس
    قلت: أول هذه الآداب :إخلاص النية لله جل وعلا بأن يكون القصد رفع الجهل عن النفس ثم التفقه في دين الله عزوجل لمعرفة الله ولنفع الخلق وقد صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث الثلاثة الذين تسعر بهم النار
    رجل قرأ القران وتعلم العلم فأتي به فعرفه الله نعمه فعرفها فيقال مافعلت فيها؟ فيقول يارب قرأت فيك القران وتعلمت العلم وعلمت فيقال كذبت إنما قرأت ليقال قارئ وتعلمت ليقال عالم فقد قيل فيؤمر به فيسحب على وجهه فيلقى في جهنم.
    وقال عليه الصلاة والسلام من طلب علما مما يبتغى به وجه الله لايطلبه إلا لعرض الدنيا لايجد عرف الجنة ومما تجدر الإشارة إليه أن مسألة النية ومعالجتها أمر خطير شديد ولذلك يقول الإمام الثوري رحمه الله ماعالجت شيئا أشد علي من نيتي ويأبى الله إلا أن يكون طالب العلم الموفق مخلصا لله جل في علاه في طلب هذا العلم كما حكى ذلك غير واحد من أهل العلم إذ إن مثل هذا النور نور العلم ونور الهدى لايقبل المشاركة ولا يقبل المقاسمة ثم عليه ثانيا بعد إخلاص النية لله أن يجهد في تنقية نفسه وتهذيبها من الرذائل والشوائب ومن الغل والحسد ومن كل المعايب والنقائص التي تضع من قيمة الإنسان فهي ظلمات تسود قلب العبد وعلم الله جل في علاه لايجتمع مع ظلمة هذه المعاصي والأبيات المنسوبة للإمام الشافعي أدل دليل على ذلك:
    شكوت إلى وكيع سوء حفظي**فأرشدني إلى ترك المعاصي
    وقال إن علم الله نور ** ونور الله لايؤتى لعاصي
    ثم عليه ثالثا أن يبادر إلى الاجتهاد في طلب العلم وتحصيله في شبابه وفراغه فإن نعمة الفراغ كما قال صلى الله عليه وسلم مغبون فيها كثير من الخلق فيما صح عن نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ وعليه أن لايخدع نفسه بخدع التسويف والتأميل فكثير من الناس هم ضحايا التسويف والتأميل وقد صح من حديث رسول الله صلى ا لله عليه وسلم اغتنم خمسا قبل خمس ذكر منها صلى الله عليه وسلم فراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وقد علق الإمام البخاري في صحيحه اثر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تفقهوا قبل أن تسودوا قال أبوعبد الله :وبعد أن تسودوا فإن الإنسان في هذه الدنيا خاصة إذا تحدثنا عن واقع شبيه بما نعيشه ماتنتظره أمته منه أمر كثير لا يسع وقته لأدائه ولذلك تجدر المبادرة إلى اغتنام الأوقات وصرفها في طلب العلم وقد صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منهومان لايشبعان طالب علم وطالب الدنيا
    من هذه الآداب التي تتعلق بالطالب في نفسه ترك الفضول في كل شيء في المأكل والمشرب والمنام والمنكح وغيرها فإن أعظم البلية في هذه الفضول وعليه أن يستعين بالصيام فإن أجسام العلماء نحال كما قال الإمام الشافعي رحمه الله : مارأيت سمينا قط أفلح إلا محمد بن الحسن ومما شاع عند أهل الحكمة البطنة تذهب الفطنة ثم عليه أن يستخير الله جل وعلا في اختيار الصاحب في اختيار الرفيق الذي يشد أزره ويقوي عزيمته في طلب العلم والصبر على لأوائه وتحمل مشاقه وعليه أن يهون عليه أمر العلم وأن يذاكره بالعلم وأن لاينفرد بنفسه دون خله بالفوائد الأوابد التي اقتنصها من العلم ولذلك كانت سنة العلماء السابقين رحمهم الله أن الواحد منهم متى تعرف فائدة بينها لصاحبه وقد كان مشايخ الحافظ ابن حجر رحمه الله يشتغلون بالتخريج الحافظ الهيثمي والحافظ العراقي فكان كل منهما إذا وقف على حديث يحتاجه الآخر ووقف على طريق يغلب على ظنه أن صاحبه لن يوفق إليها يقدمها له ويدله عليها ويرشده عليها عكس ماعليه كثير من الناس في هذه الأزمان تجد الواحد منهم يبخل بفائدة يقتنصها بل تجد الطالب يكتنز الكتب ولا يدل غيره على أماكن وجودها وكأن العلم شيء يكتنز فلا يحب أن يطلع غيره على تلك الكتب حتى يبقى متميزا دون غيره ومتى كانت هذه نية الطالب ومتى كان هذا فعل الطالب فاكتب على جبهته لن يفلح فإنه ماشم رائحة العلم ولاتأدب بأدب أهله وسنة الله جل وعلا أن لايوفق في نيله هذه باختصار جمل من الآداب التي يجمل بطالب العلم خاصة طالب علم الحديث أن يتأدب بها في نفسه وفي خاصته
    .....
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة**ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
    إمام الأندلس المصمودي الظاهري

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    سياتل..ولاية واشنطن ..
    المشاركات
    948

    Post رد: مقدمة شرح الباعث الحثيث لشيخنا أبي همام عبد الرحيم العزاوي حفظه الله

    .....
    .....
    .....

    أما فيما يتعلق بأدب الطالب مع شيخه فالواجب أن يستخير الله جل وعلا فيمن يأخذ عنه العلم وأن يلازمه ليستفيد من علمه ومن هديه ومن علمه ومن سمته بل من علامات الطالب الموفق اختيار العالم المبرز في العلم فإن تصور العلوم يقتضي أن يؤخذ كل علم عمن درسه وعمن عرف بالاشتغال به إذ ليس من العقل أن يطلب علم الحديث عمن لم يعرف بطلبه وليس من العقل أن يطلب علم الأداء والقراءة عمن لايحسنها وليس من العقل أن يطلب علم الأصول عمن لم يدرسه
    ولذلك قال بعضهم :من أعظم البلية تشيخ الصحفية والصحفية من عرفوا بأخذ العلم ونيله من الصحف أي إن مشايخهم مجرد كتب وسنة الله جل وعلا أن يطلب كل علم عمن هو أعلم به وفي قصة موسى والخضر التي قصها الله جل وعلا في كتابه أعظم دليل وأكبره لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
    في اختيار المعلم الواجب أن يتأنى الطالب فيمن يأخذ عنه فلا يأخذ إلا ممن عرف بالديانة والصيانة والستر وآثار السلف رحمهم الله في التأكيد على هذا الأمر أكثر من أن تعد فمن مشهور قالاتهم في ذلك أثر محمد بن سيرين رحمه الله لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتى ظهرت الفتنة فقالوا سموا لنا رجالكم ويقصد بالفتنة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه عام 36هـ
    لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة فقالوا سموا لنا رجالكم فينظر في أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر في أهل البدعة فلا يؤخذ حديثهم وقال إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم
    وقال بعضهم كنا نأتي الرجل فننظر في سمته و هديه وننظر إلى أحواله فإن رأيناها يقيمها أخذنا عنه الحديث
    ومن أدب الطالب مع شيخه حفظه والذب عنه ونصرته ونفي التهم عنه ومما اشتهر من قالات أهل العلم في ذلك قول الإمام شعبة بن الحجاج أبي بسطام
    كنت إذا سمعت من الرجل حديثا كنت له عبدا ماحييت
    وقال النخعي رحمه الله : كنا نأتي مسروقا (بن الأجدع) من تلاميذ بن عباس فنتعلم من هديه وعلمه
    ومما يلتحق بذلك الصبر على جفوة الشيخ وشدته وغلظته وآثار السلف في هذا الباب كثيرة أكثر من أن تسع لها هذه المقدمة
    بقي مايتعلق بالصنف الثالث
    أدب الطالب في درسه
    أول الآداب التي يجمل بطالب العلم فيما يتعلق بالدرس
    أن يأخذ من الدرس بقدر الطاقة والاستطاعة من غير اختصار مخل ولا تطويل ممل والعلم متى رامه الطالب جملة ذهب عنه جملة وإنما يبنى العلم بالتدرج بدءا من الأسهل إلى السهل
    ولذلك قال الله جل وعلا ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون قد بوب عليها الإمام البخاري رحمه الله في كتابه الجامع الصحيح في كتاب العلم باب القول والعمل وذكر الآية وقال الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره
    ومن درر قالات السلف في هذا الباب مقولة الإمام الأوزاعي إمام أهل الشام
    قال عرضنا الموطأ على الإمام مالك في أربعين يوما فقال كتاب ألفته في أربعين سنة تأخذونه في أربعين يوما ماأقل ماتفهمون منه أو قل ماتفقهون منه
    وقال الإمام سفيان بن سعيد الثوري :كنت أتي الأعمش ومنصورا وهما من مشايخه الإمام سليمان بن مهران الأعمش والإمام منصور بن المعتمر كنت آتي الأعمش ومنصورا فاستمع إلى أربعة أحاديث خمسة ثم أنصرف مخافة أن تنفلت
    وقال الإمام شعبة بن الحجاج كنت أستمع إلى حديثين فيقول الشيخ هل أزيدك؟ فأقول لا حتى أفهمها
    ومن الآداب التي يجمل بطالب العلم
    جودة الفهم والدراية ولذلك قال الخطيب البغدادي العلم هو الفهم والدراية وليس الإكثار والتوسع في الرواية
    وقد أخرج الإمام مالك في الموطأ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه مكث في حفظ البقرة ثمان سنين
    وفي الأثر المعروف كنا إذا حفظنا عشر آيات لم نتجاوزها حتى نعلم مافيها ونعمل بها إشارة إلى أن العلم ليس هو التوسع في الرواية كماهو هم الكثير من ا لمشتغلين خاصة بعلم الحديث من التكثر بالأسانيد و التكثر بشراء الكتب التكثر في حضور المجالس
    إنما العلم حسن الفهم أن تكون لدى الطالب قريحة حتى يكون أديبا حصيفا ألمعيا
    قليل العلم مع كثرة الفهم أنفع للطالب من كثير من العلم والراية بلافهم
    من هذه الآداب وقد أشرت إليه التدرج في طلب العلم وفق برنامج علمي ابتداءا بالتأدب ثم بالتعلم ثانيا فقد كان السلف رحمهم الله يبتدؤون بالتأدب ثم يكملون بالتعلم وقد ذكرنا آثارا فيما قبل عن الإمام عبد الله بن المبارك طلبت الأدب ثلاثين سنة ثم طلبت العلم عشرين سنة وكانوا يطلبون الأدب ثم العلم
    ولذلك اشتهر عن جماعة من السلف إخراج أبنائهم في سن مبكرة لمن عرف بتأديب الصبية وإقرائهم
    قال ابن المبارك رحمه الله كاد الأدب أن يكون ثلثي العلم
    ومن الآداب حفظ العلم والعمل به إذ الغاية من العلم والمقصد الذي من أجله يدرس العلم هو العلم به
    كما قال الثوري يهتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل وهو قول ينسب للإمام علي بن أبي طالب
    قال الثوري كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به وعلى تعلمه بالصوم
    ولذلك أثر عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا إذا أردت حفظ الحديث فاعمل به حتى قال الإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله لم يبلغني حديث قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عملت به حتى بلغني حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وأعطى أبا ظبية دينارا قال فاحتجمت فأعطيت الحجام دينارا
    وقال الإمام وكيع بن الجراح الرؤاسي إذا أردت حفظ الحديث فاعمل به
    ومن آداب الطالب في تحصيله الصبر والمثابرة والمصابرة في تحصيله ولا أدل على ذلك من تلك الرحلات التي كان يعقدها علماء الحديث حتى قال قائلهم
    ومن يطلب العلم يصبر لنيله**ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل
    قال سعيد بن المسيب رحمه الله إن كنت لأسير في طلب الحديث الواحد مسيرة الأيام والليالي
    وحديث أبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه الذي أخرجه الإمام أحمد بن حنبل دليل واضح على هذا المعنى وهو في الصحيح في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة
    وإذا أردت أن تستقرأ حال السلف وصبرهم ومثابرتهم في طلب الحديث فاقرأ ماألف في ذلك تجد أخبارا شبيهة بالخيال اقرأ ماأودعه الإمام الخطيب البغدادي في كتابه الرحلة وفي الشرف الرحلة في طلب الحديث و شرف أصحاب الحديث واقرأ تراجمهم وسيرهم في كتب الرجال والتراجم في التهذيب في تهذيب الكمال في سير أعلام النبلاء واقرأ مقدمة كتاب الجرح والتعديل للإمام عبد الرحمان بن أبي حاتم واقرأ في الميزان للحافظ الذهبي تجد أخبارا
    يقول القائل إذا عرضت على مسامعه اليوم إنها ضرب من الخيال ذكر الذهبي في ترجمة عبد الرحمان بن يوسف بن خراش أنه شرب بوله في طلب الحديث خمس مرات مع أنه كان شيعيا
    ويذكر عن الحافظ أبي طاهر المقدسي أنه بال الدم في طلب الحديث مرتين لأنه كان يمشي حافي الأرجل من شدة الرمضاء في سبيل طلب الحديث ولذلك أكرمهم الله جل وعلا وخلد في الصالحات ذكرهم لما تحملوه من الشدائد ولما تحملوه من المتاعب ومن اللأواء في سبيل صيانة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فكان لهم في ذلك أعظم الحظ وأوفر النصيب
    من أدب طالب العلم الورع
    قال عبد الرحمان بن أبي ليلى أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مافيهم أحد يسأل إلا ودد أن أخاه كفاه ولاحدث بحديث إلا ودد أن أخاه كفاه
    فقد صح أو حسن إسناده الشيخ الألباني خير دينكم الورع
    ومما تجدر الإشارة إليه الحديث عن منازل العلم
    فالعلم منازل أولها حسن النية وثانيها حسن الاستماع وثالثها حسن الحفظ ورابعها العمل به وخامسها بذله ونشره بين الناس
    والدليل على هذا الأمر حديث جبريل الطويل حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لايرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يامحمد أخبرني عن الإسلام فأجابه فقال صدقت فقال أخبرني عن الإيمان فسكت حتى أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم حتى قال الصحابة فعجبنا له يسأله ويصدقه
    ولذلك سئل حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قيل له بم نلت العلم؟ فقال بلسان سؤول وقلب عقول وبالبكور
    التبكير إلى حلق العلم والتهجير إليها
    ......
    .....
    .....
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة**ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
    إمام الأندلس المصمودي الظاهري

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    سياتل..ولاية واشنطن ..
    المشاركات
    948

    Post رد: مقدمة شرح الباعث الحثيث لشيخنا أبي همام عبد الرحيم العزاوي حفظه الله

    ....
    ....
    ....
    ومما يلتحق بهذا الأدب قول الباري جل وعلا إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فقد حددت الآية منازل العلم وبينت سبيل الانتفاع والتذكر بآي القران إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب إشارة إلى المحل القابل إشارة إلى النية الصادقة والرغبة الأكيدة لتلقي العلم لمن كان له قلب أوألقى السمع وهو شرط نيل العلم وهو شهيد إشارة إلى المانع الذي يمنع من تحصيله من السهو والغفلة وغيرها من الموانع التي تصد عن طلب العلم
    والتبكير
    إذ من المشين بطالب العلم أن يتأخر في حضور المجلس وليس من الأدب مع العلم ومع أهله مقاطعة المجلس بالدخول خاصة إذا علم وقت الحضور
    وقد صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله بورك لأمتي في بكورها
    هذه على وجه الاختصار والاقتضاب جمل من الآداب التي يتعين على طالب العلم أن يتأدب بها في سيره في طلب العلم نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن فاز فيها بالقصب المعلى وبالحظ الأوفر ونسأل الله جل في علاه أن يمن علينا بتمثل بعض هذه الآداب عسانا نكتب من المحبين للعلم
    فيما يتعلق بموضوع الدرس قلت وقع الاختيار على كتاب الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ولاشك أن كل علم علم إذا أراد الطالب أن يبرع فيه وتريا النبوغ فيه فأول نقطة مسار لنهجه أن يكون له التصور العام للعلم ولذلك اشتهر عند أهل العلم ذكر مبادئ العلم عند كل علم وعند كل فن يدرس
    إن مبادي كل علم عشرة**الحد والموضوع ثم الثمرة
    وفضله ونسبة والواضع**والاسم الاستمداد حكم الشارع
    فهذه حدود العلم وهذه معالم تعطي للعلم التصور الكامل حتى يعرف الطالب موضوع العلم ويعرف أهل العلم ويعرف كتب العلم ويعرف الفائدة والغرض من دراسة العلم
    فيما يتعلق بعلم الحديث اشتهر على ألسنة كثير من العلماء تسميته بكثير من المسميات وهذه المسميات الكثيرة دليل على فضله وشرفه إذ كثرة المسميات دليل على شرف المسمى
    فمن أسمائه علم الحديث وعلم السنة ومصطلح الحديث وغيرها من الأسماء
    علم الحديث كما قال الإمام السيوطي في ألفيته
    علم الحديث ذو قوانين تحد**يدرى بها أحوال متن وسند
    فقد حدد هذا البيت موضوع علم الحديث
    وأبلغ من هذا التعريف تعريف الحافظ ابن حجر في كتابه النكت علم يعرف به أحوال الراوي والمروي
    أقول من التصور لهذا العلم أن يعلم الطالب الكتب المؤلفة فيه وأن يعلم أهله الذين يسئلون عنه إذ ليس من العقل أن يسأل عن علم الحديث من لم يعرف به ولذلك كانت حاجة العلوم إلى هذا العلم بالخصوص أعظم من أي حاجة فعلم الحديث يحتاجه المفسر ويحتاجه الفقيه ويحتاجه المفتي ويحتاجه كل مشتغل بالعلوم الشرعية لأن موضوعه تمييز المقبول من المردود وهو أمر خطير يكفي للدلالة على خطره قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتواتر من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار
    قول صلى الله عليه وسلم من حدث عني بحديث يرى يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين الكاذبين
    فالأمر خطير لأنه يتعلق بنسبة الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس ككذب على غيره
    هذا العلم رسمه العلماء في كتبهم وبثوه فيها وهذه الكتب على كثرتها ووفرتها لاتدل على التنوع نعم قد ينفرد بعضها بزيادات وفوائد ولكن لو اقتصر الطالب على بعضه لكفته ولوسعته
    من أهم الكتب المؤلفة فيها على وجه الإطلاق كتاب الكفاية للإمام الخطيب البغدادي وكتاب الإمام ابن الصلاح معرفة علوم الحديث المشهورة بالمقدمة وكل الكتب التي جاءت بعدها إنما هي معمولة عليها مابين ناظم ومنكت ومختصر ومحش ومختصر كما أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر في بداية النزهة
    فممن نظمها الحافظ العراقي شرحها الحافظ السخاوي شرحها من قبله الحافظ العراقي نفسه وممن نظمها الحافظ السيوطي في ألفيته شرحها السيوطي نفسه في كتابه البحر الذي زخر في شرح ألفية علم الأثر ومن المنكتين الحافظ العراقي في كتابه التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من مقدمة بن الصلاح
    والإمام الزركشي بن بهادر في كتابه النكت والحافظ ابن حجر وله كتابان في النكت النكت الكبرى المسمى بالإفصاح والنكت الصغرى وهي المطبوعة باسم النكت
    ومن المختصرين ابن دقيق العيد في كتابه الاقتراح واختصار الاقتراح للحافظ الذهبي المسمى بالموقظة في علم الحديث وممن اختصره الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث
    الشاهد أن أغلب التصانيف بعد ابن الصلاح إنما هي منسوجة معمولة على كتابه وقد اعتصر الكل وانتخله الإمام ابن حجر في كتابه نخبة الفكر وقد أشرنا قبل في أول متن اجتمعنا لدراسته انه من الخطأ البين اعتقاد بأن النخبة متن يدرس للمبتدئين هي مختصر لكنها مختصر معتصر اشتملت النخبة على كثير من النكت وكثير من الفوائد التي تحتاج إلى نوع من الدراية المسبقة بهذا العلم وكتاب اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير من حيث التيسير والتسهيل أسهل بكثير من كتاب الحافظ ابن حجر وإن كان يظهر من حيث الحجم أنه كتاب كبير
    قلت من أنفع الكتب كتاب الحافظ ابن الصلاح وكتاب ابن الصلاح إذا جمع مع كتابين من الكتب التي نكتت عليه أولهما كتاب الحافظ العراقي التقييد والإيضاح ونكت الحافظ ابن حجر يكون الطالب إذا أتى على مافي هذين الكتابين قد أحاط بما في كتاب ابن الصلاح وإن أضاف كتاب الاقتراح لابن دقيق العيد فهو شيء جميل على اعتبار أنه لخص الكتاب وعقد فصلا في آخر كتابه الاقتراح ذكر فيه مئة حديث وهذا الشق إن شئتم تسميته بلغة العصر بالشق التطبيقي العملي
    فكأنه قسم كتابه إلى قسمين
    كتاب فيه قسم نظري ذكر فيه الحدود والتعاريف وهي ماتسمى بالاصطلاح والمصطلح
    فالاصطلاح أو المصطلح ليس لفظا خاصا بعلم الحديث إنما هو لفظ يمكن استعماله في كل علم فلكل علم مصطلحه ولكل علم رموزه والمقصود بهذا المصطلح الرمز والوصف الدال على وصف معين
    مثلا إذا روي الحديث بإسناد متصل من رواية العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه خاليا من الشذوذ والعلة القادحة إذا وجد هذا الوصف فقد اصطلح أهل العلم على تسميته بالحديث الصحيح وإذا افتقد شرطا من هذه الشروط فقد اصطلحوا على تسميته بالضعيف مثلا وهكذا
    وطريق معرفة الاصطلاح أمران
    بالتتبع والاستقراء تتبع صنيع أهل العلم فبالتتبع والاستقراء وجد أن أهل العلم يطلقون لفظ الثقة على الراوي إذا كان عدلا ضابطا
    أو أن يعرف بالنص أو التنصيص من الإمام كأن يذكر المصطلح أو اللفظ وينص على تعريفه كما هو صنيع الإمام الترمذي كما في كتابه العلل الصغير في آخر كتابه الجامع
    فقد نص على تعريف الحديث الحسن طبعا المقصود بالحسن عند الترمذي هو الحسن لغيره لا لذاته وشرطه حسب تعريف الترمذي أن يروى من غير وجه وأن لايكون في سنده متهم
    قلت هذا سبيل معرفة الاصطلاح
    وينضاف إلى هذه الكتب التي أشرت إليها كتاب لم يؤلف مثله في علوم الحديث وهو كتاب الإمام ابن رجب رحمه الله
    كتاب شرح علل الترمذي فإن هذا الكتاب نفيس لم يؤلف في علوم الحديث مثله وقد انفرد الكتاب بذكر الكثير من الفوائد التي يعز ذكرها لذلك إذا أراد الطالب حقيقة أن يبرع في علم الحديث فعليه مداومة القراءة في كتاب شرح العلل للإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله
    تنضاف إلى هذه القائمة كتب يجمل بطالب العلم مطالعتها وقرائتها عبارة عن مقدمات أهمها مقدمة الإمام مسلم
    يستحيل أن يقرأ الإنسان علوم الحديث أو يبرع في علوم الحديث دون قراءة لمقدمة صحيح مسلم أقول لايمكن
    ومقدمة كتاب التمهيد للحافظ أبي عمر بن عبد البر
    ومقدمة الجرح والتعديل للإمام عبد الرحمان بن أبي حاتم فهذه كتب مهمة يستحيل أن يكون الطالب حسن الفهم في علوم الحديث إذا لم يطالع في هذه الكتب وبعد فهو محتاج إلى إدمان النظر في كتب التراجم وكتب الطبقات وكتب العلل دون أن يستغني عن قراءة كتب علماء الفن من المتقدمين والمتأخرين كالحافظ ابن حجر ومن المتأخرين الإمام العلم عبد الرحمان المعلمي اليماني عليه رحمه الله خاصة في كتابه التنكيل لما في تأنيب الكوثري من الأباطيل فهو كتاب نفيس في بابه لم يؤلف مثله على اعتبار أن قواعد الجرح والتعديل أمر مهم جدا لكنها لم تفرد في تأليف مستقل ولذلك لايملك الطالب تلك القدرة في دراسة هذه التراجم وفي الجمع والترجيح بين أقوال علماء الجرح والتعديل المتناثرة بل إنه في كثير من الحالات يحار في كثرة الأقوال المروية عن إمام واحد من أئمة الجرح والتعديل كالإمام يحيى بن معين قد تروى عنه في الراوي الواحد ست روايات أو سبع روايات والمطلع في كتاب التنكيل يكتسب تلك الدراية ويكتسب تلك الخبرة في التعامل مع تراجم الرجال و الجمع بين أقوال علماء الجرح والتعديل وبيان منازلهم وطبقاتهم وهو شيء مهم لأن الغالب على من يتصدى في الأعصار المتأخرة للتحقيق أو التحكيك تقليد الحافظ بن حجر وهو أهل لذاك في كتابه التقريب حتى سمعنا أن بعض أهل اليمن قد جاز القنطرة في الرجال فقلت مبلغ علمهم أو مبلغ علم هذا الذي يقول أنه قد جاز القنطرة أن يكون مقلدا لابن حجر مع أن ماذكره ابن حجر في التقريب ليس مسلما بدليل أن ابن حجر رحمه الله يخالف كثيرا من أقواله في التقريب في كتابه الفتح وفي بعض كتبه التي أفردها للتخريج ككتاب موافقة الخبر والخبر في تخريج أحاديث المختصر , مختصر ابن الحاجب بل إنه يعسر تطبيق تلك القواعد التي ذكرها المحدثون على كل حديث حديث حتى قال عبد الرحمان بن مهدي صناعة الحديث إلهام ولكل حديث ذوق ولذلك ترى الحافظ ابن حجر يحسن أحاديث في كتابه الموافقة موافقة الخبر الخبر برواة قيل فيهم مقبولون والمقبول على حسب اصطلاح ابن حجر يحتاج إلى متابعة إن توبع وإلا فلين الحديث قلت لابد من المطالعة في كتب التراجم لم؟ لأن كثيرا من هذه القضايا قضايا الجرح والتعديل وقضايا الاصطلاح كثيرا مايبثها هؤلاء العلماء في تصانيفهم ومن أنفع الكتب في ذلك كتب الإمام الذهبي رحمه الله
    أقولها مرارا كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال وكتابه الرواة المتكلم فيهم بما لايوجب الرد وله كتاب مفقود القسطاس في الذب عن الرواة وشرط الإمام الذهبي كشرط الإمام ابن عدي في كتابه الكامل قد ذكرنا مرارا في دروس المصطلح أن كتاب الكامل لابن عدي لايمكن لطالب العلم أن يستغني عنه إذا أراد الاشتغال بعلم الحديث
    لأن الراوي قد يقال فيه في الترجمة مثلا إنه صدوق يهم أو صدوق يخطئ يبقى الإشكال حد الخطأ حد الوهم أين هو؟مكمنه ؟ محله؟
    تكفل الحافظ ابن عدي في كتابه الكامل بذكر ذلك
    وكتاب الكامل خصه في الرواة الضعفاء الكامل في ضعفاء الرجال وإن كان رحمه الله لم يلتزم بذاك حيث ذكر في شرطه كل من تكلم فيه حتى وإن لم يكن ذلك الكلام مؤثرا فيه وهو نفس المنهج الذي صار عليه الإمام الذهبي رحمه الله في الميزان ولذلك من الخطأ أن الطالب يعمد إلى نقل أقوال الرجال باعتماد عناوين هذه الكتب لأن بن عدي وإن ألف كتابه في الضعفاء إلا أنه ذكر رواة من الثقات لذلك من الخطأ البين بل من الجهل أن يقول الطالب إن فلانا الراوي ضعيف ذكره ابن عدي في الكامل أو ذكره الذهبي في الميزان
    قلت منهج ابن عدي أنه بعد ذكر أقوال الجرح والتعديل في الراوي يعرض لمروياته يذكر مروياته التي أنكرت عليه
    لابد في كل راو راو أن يذكر ثلاث أحاديث أربع أحاديث خمس أحاديث أو غيرها حسب كل ترجمة ترجمة حتى إذا أنكر عليه حديث واحد يسنده ويذكر ومما ينكر عليه حديث كذا وكذا فيكون هذا الكتاب تفسيرا لتلك الأحكام المجملة التي قد يذكرها الحافظ ابن حجر
    لأن محل الإشكال في تراجم الرواة ليس في الأحكام البينة في الراوي الذي قيل في ضعيف أو الراوي الذي قيل فيه ثقة لكن محل البحث هؤلاء الرواة الذين تجد فيهم هذه الأوصاف المتداخلة أو المتضاربة كقولهم صدوق يهم صدوق يخطئ أو غير ذلك من الأوصاف
    الشاهد من هذا أن مثل هذه الكتب التي ألفت يجدر بطالب العلم الذي يريد النبوغ في علم الحديث أن يتعاهدها بالدرس والقراءة وأن يحاول ضم وجمع هذه القواعد وإفرادها وقد حاول كثير ممن اشتغل بهذه العلوم تصنيف هذه الفوائد كأن يذكر ضوابط الجرح والتعديل التي ذكرها الحافظ الذهبي في الميزان ضوابط الجرح والتعديل من خلال كتاب التنكيل ضوابط الجرح والتعديل من خلال كتاب سير أعلام النبلاء
    وفائدة ذاك من ناحيتين
    الفائدة الأولى من حيث التعقيد بمعنى أن الطالب يقف على القاعدة
    والفائدة الثانية من حيث التمثيل بحيث يجد المثال الذي يذكره أهل العلم لتلك القاعدة وهو شيء مهم جدا لأن العلم خاصة علم الحديث بون شاسع بين مصطلحه وعلمه النظري وبين شقه التطبيقي العملي فما كل من حفظ الحدود وضبط التعاريف يستطيع دراسة الأحاديث والحكم عليها صحة وضعفا
    في الأسبوع المقبل إن شاء الله عزوجل سنشرع في قراءة هذا السفر كتاب الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله اختصار علوم الحديث
    نسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا لإتمامه وأن يبارك لنا في أوقاتنا لدراسته وأن ينفعنا بما قلنا وأن يجمعنا يوم لقياه كما جمعنا اليوم على مدارسة العلم إخوانا على سرر متقابلين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

    فرغه إمام الأندلس أبو البركات إبراهيم المهالي الظاهريJ
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة**ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
    إمام الأندلس المصمودي الظاهري

  4. #4

    افتراضي رد: مقدمة شرح الباعث الحثيث لشيخنا أبي همام عبد الرحيم العزاوي حفظه الله

    لو عرفتنا بهذل الشيخ لاستفدنا أكثر ...وأنا شاكر لك هذا المجهود

  5. #5

    افتراضي رد: مقدمة شرح الباعث الحثيث لشيخنا أبي همام عبد الرحيم العزاوي حفظه الله

    لو عرفتنا بهذا الشيخ لاستفدنا أكثر ...وأنا شاكر لك هذا المجهود

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    42

    افتراضي رد: مقدمة شرح الباعث الحثيث لشيخنا أبي همام عبد الرحيم العزاوي حفظه الله

    جزاكم الله خيرا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    سياتل..ولاية واشنطن ..
    المشاركات
    948

    Post رد: مقدمة شرح الباعث الحثيث لشيخنا أبي همام عبد الرحيم العزاوي حفظه الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمان المغربي مشاهدة المشاركة
    لو عرفتنا بهذل الشيخ لاستفدنا أكثر ...وأنا شاكر لك هذا المجهود
    بارك الله فيك حبيبي عبد الرحمان أما بالنسبة للترجمة فأبشر أخي الكريم إن شاء الله قريبا أوافيك بها
    أنا الشمس في جو العلوم منيرة**ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
    إمام الأندلس المصمودي الظاهري

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    106

    افتراضي رد: مقدمة شرح الباعث الحثيث لشيخنا أبي همام عبد الرحيم العزاوي حفظه الله

    حفظكم الله على هذا المجهود الطيب ونرجو كذلك أن نتعرف على الشيخ الشارح حفظه الله

  9. #9

    افتراضي رد: مقدمة شرح الباعث الحثيث لشيخنا أبي همام عبد الرحيم العزاوي حفظه الله

    السـلام عليكم و رحمـة اللـه

    جـزاكـم اللــه خـيــرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •