قال تعالى"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قوله تعالى" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" وفي هذه الآية الكريمة ما يلي:
1-تقديم " لهم " يفيد التخصيص ،أي:أعدوا للعدو خاصة ،ولهذا ارتبط شبه الجملة بالفعل أولا.
2-جاءت كلمة "قوة" نكرة لإفادة العموم ،ولتذهب معها النفس كل مذهب فلا تظفر منها بطائل ،ويدخل تحتها كل نوع من أنواع السلاح ، ولهذا قال تعالى "ترهبون به عدو الله وعدوكم " ولهذا كذلك فسرها الرسول –صلى الله عليه وسلم –قائلا:ألا إن القوة الرمي"قالها ثلاثا ،والرمي في الزمن القديم يعادل الطائرات والمدافع والصواريخ في زماننا ،وإلا لن يتحقق الهدف من القوة وهو إرهاب العدو.
3-دعت الحاجة المعنوية إلى قوله تعالى "ترهبون به عدو الله وعدوكم " بعد قوله "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة "ليقول لنا: يجب على المسلم أن يتسلح بأقصى قوة من أجل أن يتحقق الهدف وهو إرهاب العدو ، فالله تعالى يأمرنا أن نأخذ بالأسباب بل يجب أن نكون أقوى من العدو أو مساوين له على أقل تقدير ،فجاءت "ترهبون به عدو الله وعدوكم " أمنا للبس ،لأن التنكير قد يفيد التقليل أحيانا " وإذا تسلل اللبس إلى آية من آيات القرآن الكريم سارع القرآن الكريم إلى نفيه بشتى الوسائل "(1)حتى لا يظن ظان أن المسلم يتسلح بأي شيء يقدر عليه ،مهما كان قليلا، وبعد ذلك سينصره الله ،نعم الله قادر على هزيمة العدو ولكنه كذلك يريد أن يبتلي المؤمنين ، ويريد منا أن نأخذ بالأسباب .
4-في قوله تعالى"عدو الله وعدوكم"تقديم للفظ الجلالة على المؤمنين بالأهمية المعنوية والفضل والشرف.
5-جاء قوله تعالى"ومن رباط الخيل"ليعطف الخاص على العام ،وليخص الخيل بالذكر من أجل تشريف الخيل وتكريمها ،لأن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة .
============================== ======
(1)د.تمام حسان –البيان في روائع القرآن