السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجدت هذه الفائدة القيمة لشيخ الاسلام ابن تيمية فآثرت نقلها لاهميتها ..
قال شيخ الاسلام ابن تيمية : -
وهكذا الأقوال التي يكفر قائلها : -
- قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق
- وقد تكون عنده ولم تثبت عنده أو لم يتمكن من فهمها
- وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها
فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان سواء كان في المسائل النظرية أو العملية هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وجماهير أئمة الإسلام / وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها.
فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان ولا أئمة الإسلام وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء في كتبهم وهو تفريق متناقض ...
فإنه يقال لمن فرق بين النوعين : ما حد مسائل الأصول التي يكفر المخطئ فيها؟ وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع ؟
- فإن قال: مسائل الأصول هي مسائل الاعتقاد ومسائل الفروع هي مسائل العمل
قيل له: فتنازع الناس في محمد صلى الله عليه وسلم هل رأى ربه أم لا ؟ وفي أن عثمان أفضل من علي أم علي أفضل ؟ وفي كثير من معاني القرآن وتصحيح بعض الأحاديث هي من المسائل الاعتقادية العلمية ولا كفر فيها بالاتفاق ووجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج وتحريم الفواحش والخمر هي مسائل عملية والمنكر لها يكفر بالاتفاق.
- وإن قال الأصول: هي المسائل القطعية
قيل لا: كثير من مسائل العمل قطعية وكثير من مسائل العلم ليست قطعية
وكون المسألة قطعية أو ظنية هو من الأمور الإضافية ..
وقد تكون المسألة عند رجل قطعية لظهور الدليل القاطع له كمن سمع النص من الرسول صلى الله عليه وسلم وتيقن مراده منه. وعند رجل لا تكون ظنية فضلا عن أن تكون قطعية لعدم بلوغ النص إياه أو لعدم ثبوته عنده أو لعدم تمكنه من العلم بدلالته.
وقد ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث الذي قال لأهله: {إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في اليم فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني الله عذابا ما عذبه أحدا من العالمين فأمر الله البر برد ما أخذ منه والبحر برد ما أخذ منه وقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال خشيتك يا رب فغفر الله له}
فهذا شك في قدرة الله وفي المعاد بل ظن أنه لا يعود وأنه لا يقدر الله عليه إذا فعل ذلك وغفر الله له. وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع.
ولكن المقصود هنا أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين
ولهذا حكى طائفة عنهم الخلاف في ذلك ولم يفهموا غور قولهم فطائفة تحكي عن أحمد في تكفير أهل البدع روايتين مطلقا حتى تجعل الخلاف في تكفير المرجئة والشيعة المفضلة لعلي وربما رجحت التكفير والتخليد في النار وليس هذا مذهب أحمد ولا غيره من أئمة الإسلام
بل لا يختلف قوله أنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل ولا يكفر من يفضل عليا على عثمان ..
بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم وإنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته؛ لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بينة: ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم وأنه يدور على التعطيل وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة لكن ما كان يكفر أعيانهم فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به
والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط والذي يكفر مخالفه أعظم من الذي يعاقبه ..
ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية : إن القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة وغير ذلك.
ويدعون الناس إلى ذلك ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم ويكفرون من لم يجبهم حتى أنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية: إن القرآن مخلوق وغير ذلك. ولا يولون متوليا ولا يعطون رزقا من بيت المال إلا لمن يقول ذلك !!
ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحم عليهم واستغفر لهم لعلمه بأنهم لمن يبين لهم أنهم مكذبون للرسول ولا جاحدون لما جاء به ولكن تأولوا فأخطئوا وقلدوا من قال لهم ذلك " أهـ
انتهى الى هنا والنقل بتمامه موجود في [ مجموع الفتاوى ] لشيخ الاسلام (23/ 346) ، ورسالة [ احكام عصاة المؤمنين ] لشيخ الاسلام ( ص49 )
والخلاصة هنا ان : -
1 – العذر بالجهل وفروعه هو اصل عام يدخل فيه كل "معين" ولا فرق بين الاصول والفروع ، كما يزعم البعض
2 – تقسيم الدين الى اصول يكفر منكرها وفروع لا يكفر منكرها ، هذا لا اصل له عند السلف انما متلقى من اهل البدع
3 – من اثبت هذا التقسيم من الائمة الكبار انما قصد به في حالة النوع وليس على التعيين ( اي ليس في احكام المعين )
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته