هل يكفي لطالب العلم فهم الأجرومية ؟
سمعت الشيخ العثيمين يقول الأجرومية والألفية كافية لطالب العلم
ثم يجتهد في دراسة زاد المستقنع وبلوغ المرام ..
فهل عندك رأي آخر؟
هل يكفي لطالب العلم فهم الأجرومية ؟
سمعت الشيخ العثيمين يقول الأجرومية والألفية كافية لطالب العلم
ثم يجتهد في دراسة زاد المستقنع وبلوغ المرام ..
فهل عندك رأي آخر؟
( الآجرومية ) مقدمة لعلم النحو، ولا تكفي طالب العلم بطبيعة الحال.
و( الألفية ) فيها أشياء كثيرة لا يحتاجها طالب العلم، وأيضا أغفلت أشياء كثيرة يحتاجها طالب العلم.
ولعل مراد الشيخ رحمه الله أن ذلك يكفي طالب العلم من المتون المحفوظة، لا أن ذلك يكفيه مطلقا.
وطالب العلم الذي يظن أنه اكتفى ينبغي له أن يبكي على نفسه.
إذا ماذا تقترح لطالب العلم الغير متخصص في اللغة ؟ حفظا للوقت
( غير المتخصص )
إن كنت تقصد بالاقتراح الاكتفاء فهذا ما لا سبيل إليه؛ لأن طالب العلم بحاجة إلى الازدياد دائما، كما قال الإمام أحمد: مع المحبرة إلى المقبرة.
وإن كنت تقصد بالاقتراح ما يبدأ به طالب العلم، فهذا يختلف باختلاف الأشخاص، ويختلف باختلاف البلدان أيضا؛ فمثلا في بعض البلدان يبدأ بـ( الآجرومية)، وفي بعضها بـ( الدرة اليتيمة )، وفي بعضها بـ( قطر الندى )، وفي بعضها بـ( المقدمة الأزهرية ) ... إلخ.
والصواب من وجهة نظري أن تختار ما يناسبك أنت إما نثرا وإما نظما، وتتحرى المتون التي تجد من يشرحها من أهل العلم، فلا ينبغي أن تختار متنا لا يعرفه علماء بلدك.
ومسألة حفظ الوقت هذه يخطئ في فهمها كثير من طلبة العلم !
فحفظ الوقت ليس معناه إغفال بعض العلوم من أجل بعض، أو ترك بعض أبواب العلوم من أجل بعض، فهذا مفسدة وآفة شديدة على طالب العلم، ومشكلتنا في هذا العصر هي في أصحاب النتف، فينبغي لطالب العلم أن يتمم الفن الذي يطلبه؛ فرب مسألة تركها ينبني عليها بعض المسائل التي درسها.
صحيح أن علوم المقاصد أهم من علوم الوسائل، ولكن علوم الوسائل هي كاسمها وسائل لا تتم المقاصد إلا بها، وأضرب لك مثالا:
أراد رجل أن يسافر سفرا طويلا، واحتاج إلى توفير ثمن السيارة، ونظر لضيق الوقت تعجل في شراء سيارة رخيصة، ثم سافر بها فأصابها خلل في الطريق، فلا هو وصل لبغيته ولا هو انتفع بالسيارة !
وهكذا من يدرس النحو مثلا؛ فيريد أن يكتفي ببعض المبادئ الأساسية فقط؛ لأنه يحسب أنه مجرد أداة مساعدة وليس شيئا أساسيا، فتراه بعد ذلك عنده خلل عظيم في كل العلوم التي يدرسها بعد ذلك؛ فإذا درس الفقه أو الأصول أو غيرها وتعرض لمسألة فقهية مبنية على النحو، جاءته الإشكالات؛ لأن العلوم محتاجة إلى بعضها، وبعضها مبني على بعض، ولا يصح أن ترتقي الطابق الثاني قبل الطابق الأول.
ولذلك ينصح أهل العلم بدراسة متون مختصرة في كل العلوم ابتداء، ثم العودة مرة أخرى لدراسة جميع العلوم بمتون أوسع من السابقة، ثم العودة مرة أخرى لدراسة جميع العلوم بمادة أوسع من السابقة، وهكذا.
وهذا التدرج له أسبابه:
- منها أن العلوم محتاج بعضها إلى بعض كما سبق تقريره.
- ومنها أن طالب العلم إذا غلب عليه فن دون فن صار قلبه مائلا إلى الفن الأول كارها للفن الثاني، فيصعب عليه بعد ذلك أن يدرسه أو أن يطلب شيئا من مسائله في مظانها.
- ومنها أن عقلية طالب العلم تنضج بدراسة فنون متعددة؛ لأن فهم المسائل يصير أرسخ؛ إذ إن كثيرا من المسائل تتكرر في الفنون من وجهات مختلفة، فيتناولها النحويون من جهة، والبلاغيون من جهة، والأصوليون من جهة، والمفسرون من جهة، فتصبح المسألة عند طالب العلم راسخة مهضومة تماما.
ما عندنا علماء في بلدنا لذلك أردت منك منهج علمي لغير المتخصص في اللغة
وفقك الله، هذا المنهج لا بد أن يكون متدرجا، بمعنى أنك تدرس قسطا من النحو ثم تعرج على بقية الفنون، ثم تعود مرة أخرى إلى النحو وهكذا، ولا يصلح أن تفعل كما يريد كثير من طلبة العلم المعاصرين، يريدون أن ينتهوا من جميع علم النحو ابتداء ثم يدخلوا في باقي الفنون، وهذا خطأ كبير، لماذا؟
لأن الدخول في دقائق علم النحو قبل معرفة مبادئ باقي العلوم آفة عظيمة، تستهلك الوقت والذهن وتضيع الفائدة على طالب العلم.
فالنصيحة التي أراها صالحة لك إن شاء الله أن تبدأ بمختصر في الفن، منثورا إن كنت تحب النثر كالآجرومية أو قطر الندى، ومنظوما إن كنت تحب النظم، كنظم الآجرومية لعبيد ربه الشنقيطي، أو الدرة اليتيمة للحضرمي، أو اللؤلؤة في النحو للسرمري، وأفضلها الأول في رأيي.
وتكتفي بذلك مؤقتا حتى تدرس مختصرا في باقي الفنون، مختصرا في العقيدة كالواسطية نثرا والسفارينية نظما، ومختصرا في الحديث كالأربعين النووية أو جوامع الأخبار للسعدي، ومختصرا في أصول الفقه، كالورقات نثرا أو نظمها للعمريطي، ومختصرا في البلاغة كمائة المعاني والبيان لابن الشحنة، أو الجوهر المكنون للأخضري، ومختصرا في علم التفسير كنظم الزمزمي، ومختصرا في اللغة كفصيح ثعلب، وهكذا في باقي الفنون حتى يكون عندك أنس بكلام أهل العلم في هذه العلوم المختلفة، وهذا الأنس يجعلك تقبل على المرحلة الثانية بشغف شديد وشوق للتوسع، وكذلك يجعل الفهم والاستيعاب سهلا عليك.
وفي المرحلة الثانية ترجع مرة أخرى إلى النحو؛ فإما أن تدخل على الألفية إن شعرت بالقوة على ذلك، أو تكتفي بشذور الذهب منثورا، أو نظمه لليعقوبي إن أردت النظم، وتضم إلى ذلك متنا في علم الصرف؛ لأن علم الصرف من أهم العلوم لطالب العلم، ولعله أهم من النحو، ومن أفضل المتون فيه (شافية ابن الحاجب) ولكن فيها صعوبة على المبتدئ، وكذلك لامية الأفعال فيها صعوبة وهي أيضا لم تستوعب أبواب الصرف، و(نظم المقصود) مناسب جدا للمبتدئ في الصرف.
والله أعلى وأعلم.
جزاك الله كل خير، ونفعنا جميعا ونفع بنا.
أخي في الله "أبومالك العوضي" ...
والله وجدت هنا من أفضل ماقرأت على الشبكة في المنهج العلمي التطبيقي، ودائما ما أقرأ جواهرك والفوائد القيمة التي تتحفنا بها، بارك الله فيك وزادك علما ومعرفة ونفع بك الأمة الإسلامية واصطفاك مع الأخيار لخدمة دينه العظيم،، وإني أحبك في الله ..... لقدحفظت هذه الصفحة عندي.. ربما أحتاج إليها لاحقا إن شاء الله... أطال الله بقاءك بعافيةٍ وعلى الخير والطاعة وأسعدك السعادة التامة في الدنيا والآخرة آمين
وطالب العلم الذي يظن أنه اكتفى ينبغي له أن يبكي على نفسه.