السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وبعد :
فهذه طائفة من الأخطاء الشائعة الناتجتة عن الترجمة الخاطئة , نقلاً عن بحث للأستاذ الدكتور جاسر أبو صفية " سيطرة أسلوب الترجمة على الكتابة باللغة العربية , فأسأل الله ان ينفعني إياكم بها :

- يقرأ (Read):
يقولون في الأخبار: كيف تقرأ هذا الخبر؟
وهي ترجمة بشعة للكلمة الإنجليِزيّةِ( Read)التي تأتي لمعانٍ عِدّة منها: يُفَسِّر، يَفْهَم، يَدْرُس، يَقْرَأ. فَلِمَ وقف المترجم عند المعنى القريب لكلمة( read)؟ ليس عندي من تفسير لذلك سوى جهله. والصّواب أن يُقال: كيف تفسر هذا الخبر أو كيف تفهمه؟
- لَعِبَ دَوْرًا: to play A role
يَقولون: لعبت الأُمّ دوراً مهمًّا جعل ابنها ذا ذكاءٍ عالٍ. والصّواب: عَمِلت الأمّ جاهدةً على جعل ابنها ذا ذكاءٍ عالٍ.



الكاف الإنجليزيّة -As-
استعمل المترجمون كاف التشبيه الإنجليزيّة؛ فجاءت ترجمتهم ركيكة. قالوا: وهو ككاتب وكمتكلم.
نحن كَعَرب، أو كمسلمين.
تحدّث الأستاذ إلى طلبته كرئيس للقسم.
فَعَل ذلك كمناوأة ٍ له.
قام بعمله كمديرٍ للشّركة.
والصّواب أن نقول:
نحن العرب، أو نحن المسلمين
وهو بوصفِه كاتبًا ومُتَكَلّمًا.
تحدّث الأستاذ إلى طلبته كرئيس للقسم.
فعل ذلك مُنَاوأةً له.
عمل مديرًا للشّركة. أو أدّى عمله بوصفه مديرًا للشركة.

- ومن الاستعمالات الرّكيكة بفعل التّرجمة الحرفيِّة قولهم إذا أرادوا الانتقال من فكرة إلى أخرى:
1. فيما يتّصل بكذا.
2. فيما يتعلق بكذا. أو بخصوص كذا.
وهي ترجمة سيّئة لقولهم في الإنجليِزيّة:
With regard to.
Concerning the
As for
والصواب أن نقول:
أما كذا فـ ... دون حاجة الى المتعلّقات نقرأ في سورة الكهف(77/78) {سأنبّئُك بتأويلِ مالم تسْتَطع عليْه صبْرا* أما السّفينةُ فكانت..." *وأما الغُلامُ...* *وأما الجدار فكان........* }.

والعبارة التّالية تبين شدّة الحرص على التّرجمة الحرفيّة:
يقولون: ظهر في هذا الموقف محبة الأب نحو ولده.
والصواب: اتضح من هذا حب الأب لولده.

- الآنسة Miss
يقولون للمرأة البكر, التي لم تتزوج, آنسة وهو استعمال خاطىء؛ لأنّ الآنسة في اللغة العربية هي التي تؤنسك بحديثها الطيّب ونفسها الطيّبة، وتحب قُرْبَك وحديثك وجمعها آنسات وأوانس.
قال أبو فراس الحمداني:
وفيتُ, وفي بعض الوفاء مذلّة لآنسـة في الحيّ شيمتها الغدر
أما المرأة غير المتزوّجة فهي العذراء أو البِكر. يقال امرأة عذراء وامرأة بِكْر.
قال تعالى في قصة سيدنا موسى، عليه السّلام، لمّا ورد ماء مَدْيَن:{ووجَدَ من دُونِهم امْرأتين*}]القصص 23 ] ولم تكونا متزوّجتين.

- منطقة Area
ترجموا Area وDistric و Regiom إلى منطقة وجمعوها على مناطق، وهم بهذه الترجمة قتلوا دلالة اللفظة العربيّة بجميع مشتقاتها؛ لأنّ دلالة منطقة في العربيّة لا تعني المكان أو الموضع. قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة": النون والطاء والقاف "نطق" أصلان صحيحان. أحدهما: كلام أو ما أشبهه، والآخر: جنس من اللباس.
فالمنطق: الكلام. ومنه: علم المنطق.
وفي القرآن الكريم, على لسان سليمان, عليه السلام, {عُلّمْنا مَنْطِق الطير} [النمل16], أي كلام الطّيور.
والمنْطيق: البليغ.
أنشد ثعلب:
والنّوْمُ ينزع العَصَا مِنْ رَبّها ويَلُوكُ ثنْيَ لسانِه المِنطيقُ
وجمعها: مناطقة, أي بلغاء.
والنّطاق: إزارٌ فيه تِكّة.
وتسمّى الخاصرة: النّاطقة؛ لأنّها بموضع النّطاق.
والمِنطق والمِنْطقَة: كل ما يُشَدّ به الوسَطَ كالحزام.
والمِنْطَقة: اسم لشيء بعينه.
وجمع المنطقة: مناطِق.
قالت السّيّدة عائشة, رضي الله عنها, في نساء الأنصار: " فعَمَدْن الى حُجَزِ مناطقهنّ قشقَقْنها، وسويّن منها خُمُرًا, واختمرن بها حين أنزل الله: {وليضْرِبْنَ بخُمُرِهِنّ على جُيوبِهِنّ}.
والمناطق: واحدها مِنْطق وهو النطاق. ومنه لقّبت أسماء بنت أبي بكر, رضي الله عنهما, بذات النطاقين؛ لأنها كانت تلبس نطاقًا, وتحمل في الآخر زادًا لرسول، الله صلى الله عليه وسلم، ولأبيها، وهما في الغار .
ويتّضح من هذا أنّ منطقة ومناطق لا تدلّ على المكان.
والصواب أن نقول بقعة، وجمعها بِِقاع وبُقَع.
أو : مَوْضِع، وجمعها مواضع.
نقول أرضٌ بَقِعة : فيها بُقَع من الجراد.
البُقْعَة (الضّمّ أفصح): قطعة من الأرض على غير هيأة التي إلى جنبها.
البقيع من الأرض: المكانُ المتّسع. ولا يُسمّى بقيعاً إلا وفيه شجر.
والبِِقاع: مواضع يُستَنْقَع فيها الماء .

قاَرنَ/ يُقَارِن/ مقُارنة: Compare/Comparison
قارن/ مقارنة: ترجمة خاطئة للفظة الإنجليزية التي تأتي لعدّة معانٍ منها:
المقابلة بين ترجمتين للتّأكد من صحّة الترجمة.
المقابلة بين شيئين لمعرفة طبيعة كلّ منهما كالموت والحياة.
وهذه المعاني يقابلها في العربيّة "المقابلة".
وعلى هذا فقارن العربيّة غير قارن الإنجليزية "Compare" نقول في العربيّة:
قَرَنَ الشّيءَ بالشّيءَ، وقَرنه إليه يقرِنُه قَرْنًا : شدّه إليه.
ومنه: قَرْنُ الأسرى بالحبال.
والقرين: الأسير لأنّه يُشُّد بالحبال.
قال تعالى:{ وترى المْجرمينَ يَوْمئذٍ مُقَرّنين في الأصفاد} [سورة إبراهيم(49) ]
والقِران: الجمع بين الحّج والعُمْرة.
أمّا قارن الرّباعيّ، فنقول: قارنَ الشّيءَ بالشّيءِ مقارنة وقراناً: اقترن به وصاحبه.
وقارَنته قرانًا: صاحَبْتُه.
والقرين: المصاحب. قال تعالى: { وَمَنْ يَعْشّ عَنْ ذِكِرِ الرحمن نُقَيّضْ لَهُ شيطانًا فهو لَه قَرِين} [الزخرف(36)].
وعلى هذا، فالأصل في قَرن يَدلّ على جمع شيءٍ إلى شيء، أو يدلّ على شيء ينتأ بقوّة وشِدّة، كَقَرن الجبل، وغيره من دلالات (قَرْن) التي تزيد على خمس عشرة دلالة.
والصّواب أن نقول: قابَل/ يقابل مقابلةً؛ لأنّ المقابلة مصطلح يستعمله أهل الحديث في مقابلة الأصل بالفرع للتّأكد من تطابقهما. يقول الشيخ لتلميذه:
خُذ هذا الأصل وانسخه وقابل به ثُمّ رُدّه إليّ.
ونجد في حواشي بعض المخطوطات ما نصّه: " مُقابَل بأصله والحمد لله " و " بلغ مقابلة على نسخة المؤلف" وشاع مقابلة على نسخة المؤلف".
وشاع في الكتب المحققة: قارن بـِ ، والصّواب: قابِل بـِ .
أما Compare With، التي تترجم خطأ إلى "بالمقارنة مع", فالصًّواب أن نقول: بالقياس إلى.
وتأتي اللفظة والإنجليزيّة بمعنى الموازنة بين شيئين لمعرفة أوجه التشابه والاختلاف.
فَلِمَ لا نَسْتَعْمِل لفظة "الموازنة" بدلاً من المقارنة ؟
ولا سيّما أنَّ تراثنا الأدبيّ والنقديّ حافل بمثل هذا المصطلح, وأوضح مثالٍِ على ذلك كتاب الآمديّ "الموازنة بين" الطائيّين". وكتاب الدّكتور زكي مبارك " الموازنة بين الشّعراء".
والحديث عن الموازنة يذكرّنا بمصطلح غربيّ لم نُحْسِِن ترجمته من عائلة قارن, هو "Comparative Literature" ؛ فقد تُرْجِمَ إلى "الأدب المقارَن". ووقع خلاف بين الدّارسِين العرب, أهو المقارَن بفتح الرّاء, أَم المقارِن, بكسرها, واستقرّ الأمر على كسر الرّاء, أي "الأدب المقارِن". وهي ترجمة حرفيّة ركيكة. ومَع ذلك ما يزال بعض المؤلّفين في هذا الصِّنف من الأدب يفتحون الرّاء.
والطّريف في الأمرّ أنّ علماءَ الغرب الذين استحدثوا ما أسمَوْه بالأدَب المقارِن, يرفضون استعمال هذا المصطلح؛ لأنّه لا يعطي المدلول الحقيقيّ الذي يريدونه, وهو الموازنة والمقايسة بين الآداب العالميًَّة والتّأريخ لها, فرأى "ماريوس فرانسو جويار" أن يُسمّى "تاريخ العلاقات الأدبيَّة الدَّوليَّة" , ولستُ أدري لِمَ نتمسّك بمصطلح يرفضه أصحابه ومخترعوه, وفي لغتنا ما يَسُدّ مَسَدّه, وهو الموازنة!
و قد سبقنا الثّعالبيّ في "فقه اللغّة" عندما نتحدّث عن الموازنة بين اللغة العربّيةَ والفارسّيّةِ. فَلِمَ لا نقول: الموازنة بين الآداب العالَِِميَّة؟
ومِن ألفاظ المقابلة والموازنة في العربيَّة:قابَل وقايَس وضاهى وضارع, وقارَرَ, ووازَن.