تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 41 إلى 60 من 60

الموضوع: للمناقشة : (الصحابة الذين لا يأخذ حديثهم حكم الرفع)

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,711

    افتراضي

    قال ابن كثيرفي تفسيره:(1/ 421): (وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَوَّلِ مَنْ بَنَى الْكَعْبَةَ، فَقِيلَ: الْمَلَائِكَةُ قَبْلَ آدَمَ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَحَكَى لَفْظَهُ، وَفِيهِ غَرَابَةٌ، وَقِيلَ: آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ آدَمَ بَنَاهُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ: مِنْ حِرَاءٍ وَطُورِ سَيْنَاءَ وَطَوْرِ زَيْتَا وَجَبَلِ لِبْنَانَ وَالْجُودِيِّ، وَهَذَا غَرِيبٌ أَيْضًا. وَرُوِيَ نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ وَقَتَادَةَ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ بَنَاهُ شِيثُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَغَالِبُ مَنْ يَذْكُرُ هَذَا إِنَّمَا يَأْخُذُهُ مَنْ كُتِبِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهِيَ مِمَّا لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُكَذَّبُ وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِهَا، وَأَمَّا إِذَا صَحَّ حديث في ذلك فعلى الرأس والعين).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,711

    افتراضي

    قال ابن كثير في تفسير (3/ 528): (وَقَدْ تَلْقَى هَذَا الْأَثَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، كَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ. وَمِنَ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ: قَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْخَلَفِ، وَمِنَ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِي نَ جَمَاعَاتٌ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، وَكَأَنَّهُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -أَصْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَوَاهُ عَنْ أُبي بْنِ كَعْبٍ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:
    حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْجَمَاهِرِ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ -يَعْنِي ابْنَ بَشِيرٍ -عَنْ عُقْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ، عَنْ أُبي بْنِ كَعْبٍ قَالَ: لَمَّا حَمَلَتْ حَوَّاءُ أَتَاهَا الشَّيْطَانُ، فَقَالَ لَهَا: أَتُطِيعِينِي ويَسْلَم لَكِ وَلَدُكِ؟ سَمِّيهِ "عَبْدَ الْحَارِثِ"، فَلَمْ تفعلْ، فَوَلَدَتْ فَمَاتَ، ثُمَّ حَمَلَتْ فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ تَفْعَلْ. ثُمَّ حَمَلَتِ الثَّالِثَ فَجَاءَهَا فَقَالَ: إِنْ تُطِيعِينِي يَسْلَمْ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ يَكُونُ بَهِيمة، فهيَّبهما فَأَطَاعَا.
    وَهَذِهِ الْآثَارُ يَظْهَرُ عَلَيْهَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -أَنَّهَا مِنْ آثَارِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا حَدَّثكم أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ" ...).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,711

    افتراضي

    قال ابن كثير في تفسيره: (7/ 69): (إِسْنَادُهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَوِيٌّ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَلَقَّاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ -إِنْ صَحَّ عَنْهُ-مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَفِيهِمْ طَائِفَةٌ لَا يَعْتَقِدُونَ نُبُوَّةَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا كَانَ فِي السِّيَاقِ مُنْكَرَاتٌ مِنْ أَشَدِّهَا ذِكْرُ النِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ ذَلِكَ الْجِنِّيَّ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَى نِسَاءِ سُلَيْمَانَ بَلْ عَصَمَهُنَّ اللَّهُ مِنْهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مُطَوَّلَةً عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ، كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَجَمَاعَةٍ آخَرِينَ وَكُلُّهَا متُلقًّاة مِنْ قَصَصِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,629

    افتراضي

    هل ٣٥٠ رواية لابن عباس رضي الله عنه عن أهل الكتاب بدون المكرر ؟


    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,629

    افتراضي

    قال ابن تيمية رحمه الله في بيان تلبيس الجهمية:
    "... وأيضا فعلم ذلك لا يؤخذ بالرأي وإنما يقال توقيفاً ولا يجوز أن يكون مستند ابن عباس أخبار أهل الكتاب الذي هو أحد الناهين لنا عن سؤالهم ومع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تصديقهم أو تكذيبهم ، فعلم أن ابن عباس إنما قاله توقيفاً من النبي صلى الله عليه وسلم ..."

    وقال أيضا: "... فمعلوم مع هذا أن ابن عباس لا يكون مستنداً فيما يذكره من صفات الرب أنه يأخذ ذلك عن أهل الكتاب فلم يبق إلا أن يكون أخذ من الصحابة الذين أخذوه من النبي صلى الله عليه وسلم ".
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,733

    افتراضي

    وقال شيخ الإسلام في الرد على البكري :
    والمقصود هنا أن ما دخل في هؤلاء من دين الحنفاء الذي بعث الله به رسله فهو أقل مما دخل في الإسلام من دين اليهود و النصارى و لهذا لم يكن على عهد الصحابة والتابعين من أدخل شيئا من دين هؤلاء بل كان يوجد من ينقل عن أهل الكتاب وعلمائهم مثل كعب ووهب ومالك بن دينار ومحمد بن إسحاق ومثل ما ينقله عبد الله بن عمرو عن الكتب التي أصابها يوم اليرموك وإنما استجاز لهذا لما رواه البخاري في الصحيح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار .
    فلما رخص في الحديث عن بني إسرائيل استجاز ذلك عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وغيرهما لكن لا يأخذون من ذلك دينا لما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة ثم يفسرونها بالعربية فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فإما أن يحدثوكم بالحق فتكذبوه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون .... اهــ

  7. #47

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    وقال شيخ الإسلام في الرد على البكري :
    والمقصود هنا أن ما دخل في هؤلاء من دين الحنفاء الذي بعث الله به رسله فهو أقل مما دخل في الإسلام من دين اليهود و النصارى و لهذا لم يكن على عهد الصحابة والتابعين من أدخل شيئا من دين هؤلاء بل كان يوجد من ينقل عن أهل الكتاب وعلمائهم مثل كعب ووهب ومالك بن دينار ومحمد بن إسحاق ومثل ما ينقله عبد الله بن عمرو عن الكتب التي أصابها يوم اليرموك وإنما استجاز لهذا لما رواه البخاري في الصحيح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار .
    فلما رخص في الحديث عن بني إسرائيل استجاز ذلك عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وغيرهما لكن لا يأخذون من ذلك دينا لما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة ثم يفسرونها بالعربية فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فإما أن يحدثوكم بالحق فتكذبوه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون .... اهــ
    بسم الله الرحمن الرحيم
    كنت قد قلت آنفاً : إنّ مذهبي في الحبر رضوان الله تعالى عليه ، قريب جداً ممّا ذهب إليه الأخ المديني ، لكن بعد مشاركته التامّة هذه جزاه الله خيراً أقول بكلّ إلمام دون استرواح :
    هذا هو عين مذهبي في الحبر ، وهو ما ينبغي الركون إليه ، بل يجب .

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,711

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو هجر البغدادي مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    كنت قد قلت آنفاً : إنّ مذهبي في الحبر رضوان الله تعالى عليه ، قريب جداً ممّا ذهب إليه الأخ المديني ، لكن بعد مشاركته التامّة هذه جزاه الله خيراً أقول بكلّ إلمام دون استرواح :
    هذا هو عين مذهبي في الحبر ، وهو ما ينبغي الركون إليه ، بل يجب .
    إذن ما هو مذهبك الأخير؟
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  9. #49

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    إذن ما هو مذهبك الأخير؟
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ليس لي مذهبان ، أول وأخير ، وإنما هو واحد لا غير ، وهو استحالة -الاستحالة العاديّة- أخذ حبر الأمة رضوان الله عليه ديناً عن غير كتاب الله القرآن أو سنة رسول الإنس والجان ، لنص الإمام البخاري الآنف وغيره ..
    غاية الأمر أني قلت في المشاركة الأولى : مذهبي قريب جداً ، وفي الثانية : هذا هو عين مذهبي في الحبر ، وبين معنيهما ما لا يخفى على الخبير .
    وعلة ذلك أنّ الأخ المديني -دون قصور منه أو تقصير- أجمل بعض المعنى في مقالته الأولى ؛ إذ لم يك سلمه الله بصدد البيان ، لكنه لما تصدّى أماط اللثام عنه فبينّه تماماً آخر المطاف ببراعة ظاهرة ..
    هذا أولاً ..
    وثانياً : فهل حبر الأمّة -بوصف كونه حبر الأمّة- ناهيك عن بقية علماء الصحابة ، بحاجة لأن يروي ويرووا عن أهل الكتاب؟!!
    كلا ثمّ كلا ورب محمد ؛ يشهد لذلك أنّ إباحة الحديث عن بني إسرائيل قد كان بعد أن استقر أمر الشريعة وبلغت كلّ أحكام الدين ، وإلاّ فقد سبق نهي النبي في ذلك والزجر عنه ..

    قال الحافظ ابن حجر (في الفتح 6 :498 ) :
    (وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم ؛ لأنه كان تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم ، ثم حصل التوسع في ذلك ، وكأنّ النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية والقواعد الدينية ؛ خشية الفتنة ، ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك ؛ لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار .

    وقال الإمام ابن عبر البر (في التمهيد 1 : 42) :
    ليس في الحديث عنهم ما يقدح في الشريعة ، ولا يوجب فيها حكماً ، وقد كانت فيهم الأعاجيب ، فهي التي يحدث بها عنهم ، لا شيء من أمور الديانة ، وهذا الوجه المباح عن بني إسرائيل .

    وقال الإمام المصري ابن الملقن (في التوضيح 15: 333) :
    وقد قال: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) ومعناه: فيما صح عندكم، ولا تتحرجوا من سماع عجائبهم. وقد كانت فيهم عجائب .
    وقال ابن كثير :
    وَهِيَ مِمَّا لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُكَذَّبُ وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِهَا، وَأَمَّا إِذَا صَحَّ حديث في ذلك فعلى الرأس والعين .

    قلت أنا البغدادي : في أقوال الأئمة أعلاه شقان لا يتناقضان ؛ فليحفظا بعناية كالآتي :
    الشق الأول: حرمة تناقل حديث بني إسرائيل إذا كان في أمر الدين ، باستثناء ما يشهد له ممّا صح عندنا في شريعتنا ، فيجوز تناقله عنهم في هذا الفرض فقط ، كما في قضية الاختتان وحرمة الخنزير والنهي عن مباشرة الحائض وأمثال ذلك ؛ فهذا الدين لا حرج أن نرويه عنهم بل عنهم عن موسى عن التوراة عن جبرائيل عن الله تعالى ؛ كونه مما تشهد له شريعتنا وسنة نبينا .
    الشق الثاني : إباحة تناقل حديثهم إذا لم يكن في أمر الدين والديانة ، من قبيل تفاصيل عجائبهم في التيه وانفلاق البحر وانبجاس الماء من الصخر والمن والسلوى وغير ذلك ؛ بقصد العبرة والاعتبار ، وهذا هو مقصود النبي عليه السلام بنفي الحرج في قوله : لا حرج .

    تنبيه !!
    في النفس ممّا ذكره الحافظ ابن كثير وغيره من العلماء رحمهم الله من أخذ ابن عباس عن أهل الكتاب ، شيء ؛ فهم غير جازمين إطلاقاً ؛ هاك على سبيل المثال قوله -كما في المثال أعلاه ، المشاركة رقم: 42- : وَكَأَنَّهُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -أَصْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ .
    قلت : ولا تشاد الحقائق على : كأنّه . ضرورة أن الظن لا يغني من الحق شيئاً .

    حاصل الكلام :
    لم يأخذ الحبر عن أهل الكتاب في أمر الديانة والشريعة إطلاقاً ، ولم يحدث عنهم حديثاً واحداً في ذلك ، باستثناء ما صح عندنا عن نبينا وقرآننا ، وأما ما كان عن غير أمر الديانة ، فيباح ما كان بقصد العبرة والاعتبار ، ومن الاعتبار تناقل حديثهم الباطل للرد عليه ودحضه .
    والله تعالى أعلم وهو خير الحاكمين .

  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,711

    افتراضي

    الذي يظهر أن ابن عباس أخذ عن كتب أهل الكتاب وهذا ظاهر في التفسير بدلالة أقوال ابن كثير ومن قبله شيخه المزي، ومن نفى كابن تيمية فيعني في العقائد والعبادات، والله أعلم.
    ويشهد لذلك ما قاله ابن تيمية في الرد على البكري: (... ومثل ما ينقله عبد الله بن عمرو عن الكتب التي أصابها يوم اليرموك وإنما استجاز لهذا لما رواه البخاري في الصحيح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار .
    فلما رخص في الحديث عن بني إسرائيل
    استجاز ذلك عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وغيرهما؛ لكن لا يأخذون من ذلك دينًا ...).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,733

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    قال ابن تيمية رحمه الله في بيان تلبيس الجهمية:
    "... وأيضا فعلم ذلك لا يؤخذ بالرأي وإنما يقال توقيفاً ولا يجوز أن يكون مستند ابن عباس أخبار أهل الكتاب الذي هو أحد الناهين لنا عن سؤالهم ومع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تصديقهم أو تكذيبهم ، فعلم أن ابن عباس إنما قاله توقيفاً من النبي صلى الله عليه وسلم ..."

    وقال أيضا: "... فمعلوم مع هذا أن ابن عباس لا يكون مستنداً فيما يذكره من صفات الرب أنه يأخذ ذلك عن أهل الكتاب فلم يبق إلا أن يكون أخذ من الصحابة الذين أخذوه من النبي صلى الله عليه وسلم".
    وهذا يدل على أن شيخ الإسلام يرى أن ابن عباس قد نهى عن ذلك كما في البخاري ، وليس نهيه رضي الله عنه مقتصرا على الشهادة كما ذكرنا سابقا .
    ويدل في ظاهر كلامه رحمه الله على أنه يرى أن ابن عباس لا يأخذ من أهل الكتاب مطلقا سواء في العقائد أو غيرها .

  12. #52
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,733

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة

    وقال ابن كثير أيضًا في تفسيره (5/293) في تفسير سورة القصص عند الآيات : (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)
    : وهو موقوف من كلام ابن عباس، وليس فيه مرفوع إلا قليل منه، وكأنه تلقاه ابن عباس، رضي الله عنه مما أبيح نقله من الإسرائيليات عن كعب الأحبار أو غيره، والله أعلم ، وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول ذلك أيضًا.
    وهذا ما يعرف بحديث الفتون .
    قال ابن كثير قبل إيراد الحديث :
    حديث الفتون
    حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا أصبغ بن زيد، حدثنا القاسم بن أبي أيوب، أخبرني سعيد بن جبير، قال: سألت عبد الله بن عباس عن قول الله، عز وجل، لموسى، عليه السلام: { وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا } فسألته عن الفتون ما هو؟ فقال: استأنف النهار يا بن جبير، فإن لها حديثًا طويلا. فلما أصبحت غدوت إلى ابن عباس لأنتجز منه ما وعدني من حديث الفتون، فقال: .... فذكره بطوله .
    ثم قال :
    هكذا رواه الإمام النسائي في السنن الكبرى، وأخرجه أبو جعفر بن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما كلهم من حديث يزيد بن هارون به وهو موقوف من كلام ابن عباس، .... إلخ .

  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,733

    افتراضي

    وذكره الحافظ ابن كثير أيضا في البداية والنهاية 2 / 196 فقال عقبه :
    هَكَذَا سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ الْإِمَامُ النَّسَائِيُّ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، فِي تَفْسِيرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَالْأَشْبَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَكَوْنُهُ مَرْفُوعًا فِيهِ نَظَرٌ، وَغَالِبُهُ مُتَلَقًّى مِنَ الْإِسْرَائِيلِ يَّاتِ، وَفِيهِ شَيْءٌ يَسِيرٌ مُصَرَّحٌ بِرَفْعِهِ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ، وَفِي بَعْضِ مَا فِيهِ نَظَرٌ وَنَكَارَةٌ، وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَقَدْ سَمِعْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ يَقُولُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.اهـ

  14. #54
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,711

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    وذكره الحافظ ابن كثير أيضا في البداية والنهاية 2 / 196 فقال عقبه :
    هَكَذَا سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ الْإِمَامُ النَّسَائِيُّ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، فِي تَفْسِيرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَالْأَشْبَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَكَوْنُهُ مَرْفُوعًا فِيهِ نَظَرٌ، وَغَالِبُهُ مُتَلَقًّى مِنَ الْإِسْرَائِيلِ يَّاتِ، وَفِيهِ شَيْءٌ يَسِيرٌ مُصَرَّحٌ بِرَفْعِهِ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ، وَفِي بَعْضِ مَا فِيهِ نَظَرٌ وَنَكَارَةٌ، وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَقَدْ سَمِعْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ يَقُولُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.اهـ
    نعم حديث الفتون من الأحاديث التي اشتهرت بين المفسرين، أخرجه أبو يعلى في مسنده، والنسائي في التفسير، وغيرهما، وهو يحكي قصة سيدنا موسى عليه السلام من أولها إلى آخرها في نحو خمس عشرة صفحة، وقد أنكر يحيى بن معين والمزي وابن كثير كونه وخطؤوا فيه أصبغ بن زيد، واستظهر الأخيران أن الصواب فيه الوقف على ابن عباس وأنه مما تلقاه عن أهل الكتاب.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  15. #55
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,733

    افتراضي

    وفي "معرفة الرجال" ليحي بن معين ، رواية ابن محرز ( رقم ـ 336) :
    قَالَ: وَسَمِعْتُ يَحْيَى، وَسُئِلَ عن أَصْبُع بن زَيْد، يَعْنِي الوَرَّاق؟ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنِّي لا أَحْسَبُ حَدِيْث الفُتُونِ حَقّا".

  16. #56
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,733

  17. #57
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    82

    افتراضي

    السؤال :* هل قول علماء الصحابة ، العارفين بتأويل القرآن ، كابن عباس ، رضي الله عنهما ، حجة ، لا يجوز مخالفتها ؟ تم النشر بتاريخ: 2015-05-12


    الجواب :*



    الحمد لله* قول الصحابي عند أهل العلم - إذا صحّ السند إليه - له عدة حالات– على وجه الاجمال - : القسم الأول :* قول الصحابي الذي لا يقال مثله بالاجتهاد والرأي وإنما سبيله الرواية فقط ، كأن يكون عن أمر غيبي مثلا .* فهذا القول يعتمد عليه ويكون له حكم الرفع ، فهنا احتمال قوي أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، والصحابة أحيانا يروون السنة بلفظها ومسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحيانا بمعناها وغير مسندة خاصة إذا خرجت على سبيل الفتوى أو الجواب على سؤال . مثال ذلك : قال الله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة ( 197 ) . عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " لَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ؛ فَإِنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ تُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ " رواه ابن خزيمة في صحيحه ( 4 / 162 ) . فنسبة شيء إلى السنة عمدته الرواية لا الرأي والاجتهاد . قال ابن كثير رحمه الله تعالى : " وهذا إسناد صحيح ، وقول الصحابي : " من السنة كذا " في حكم المرفوع عند الأكثرين ، ولا سيما قول ابن عباس تفسيرا للقرآن ، وهو ترجمانه " .* انتهى من" تفسير ابن كثير " ( 1 / 541 ). لكن يستثنى من هذا إذا كان هناك احتمال قوي أنه من الروايات الاسرائيلية المنقولة عن أهل الكتاب . قال محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى : " فإن كان مما لا مجال للرأي فيه فهو في حكم المرفوع ، كما تقرر في علم الحديث ، فيقدَّمُ على القياس ، ويُخَصُّ به النص , إن لم يُعْرَف الصحابي بالأخذ من الإسرائيليات " . انتهى من " مذكرة أصول الفقه " ( ص 256 ) . فإذا كان الاحتمال القوي أنه من الأخبار المنقولة عن أهل الكتاب ؛ ففي هذه الحالة يكون له حكم الأخبار الإسرائيلية ؛ وحكمها كما بينه الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى : " من المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات : في واحدة منها يجب تصديقه ، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه . وفي واحدة يجب تكذيبه ، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضا على كذبه . وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق ، وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه " . انتهى من " أضواء البيان " ( 4 / 238 ) . ومثال ذلك : " حديث الفتون " الذي رواه النسائي في " السنن الكبرى " ( 10 / 172 – 183 ) عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى : ( وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ) طه / 40 ، وهو حديث طويل جدا . قال ابن كثير رحمه الله تعالى بعد أن ذكره : " هكذا رواه الإمام النسائي في السنن الكبرى ، وأخرجه أبو جعفر بن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما كلهم من حديث يزيد بن هارون به ، وهو موقوف من كلام ابن عباس ، وليس فيه مرفوع إلا قليل منه ، وكأنه تلقاه ابن عباس رضي الله عنه مما أبيح نقله من الإسرائيليات عن كعب الأحبار أو غيره ، والله أعلم . وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول ذلك أيضا " انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 5 / 293 ) .


    القسم الثاني :* قول الصحابي الذي يقال مثله بالاجتهاد والرأي . وهذا له عدة حالات : الحالة الأولى :* إذا خالف نصا شرعيا : فيقدم النص ولا يعمل بقول الصحابي . مثال ذلك : قال الله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) النساء ( 11 ) . فالله نص على نصيب ميراث البنات مع الأولاد ، ونصيب البنات لوحدهن إذا كن فوق اثنتين وعلى نصيب البنت وحدها ، ولم ينص على نصيب البنتين . فابن عباس رضي الله عنهما أفتى بأن للبنتين نصف التركة . وقد أجمع أهل العلم بعده على خلاف قوله وقالوا بأن لهن الثلثين . قال ابن المنذر رحمه الله تعالى : " وفرض الله تعالى للبنت الواحدة النصف ، وفرض لما فوق الثنتين من البنات الثلثين ، ولم يفرض للبينتين فرضاً منصوصا في كتابه . وأجمع أهل العلم على أن للثنتين من البنات الثلثين ، فثبت ذلك بإجماعهم وتوارث في كل زمان على ذلك إلى هذا الوقت ..." انتهى من " الإشراف " ( 4 / 316 ) .* ومما استدل به أهل العلم . حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " جَاءَتْ امْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ بِابْنَتَيْهَا مِنْ سَعْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ ، قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا ، وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا ، فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالًا وَلَا تُنْكَحَانِ إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ ، قَالَ: يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ ، فَنَزَلَتْ : آيَةُ المِيرَاثِ ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَمِّهِمَا ، فَقَالَ : أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ ، وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ ) رواه الترمذي ( 2092 ) وقال : " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ " ، وصححه الحاكم والذهبي " المستدرك " ( 4 / 334 ) ، وحسنه الألباني " إرواء الغليل " ( 6 / 121 – 122 ) . قال ابن حجر رحمه الله تعالى : " وقد انفرد بن عباس بأن حكمهما حكم الواحدة وأبى ذلك الجمهور ، واختلف في مأخذهم فقيل حكمهما حكم الثلاث فما زاد ، ودليله بيان السنة فإن الآية لما كانت محتملة بينت السنة أن حكمهما حكم ما زاد عليهما ، وذلك واضح في سبب النزول فإن العم لما منع البنتين من الإرث وشكت ذلك أمهما قال صلى الله عليه وسلم لها ( يقضي الله في ذلك ) فنزلت آية الميراث ، فأرسل إلى العم فقال : ( اعط بنتي سعد الثلثين ) ... ويعتذر عن ابن عباس بأنه لم يبلغه فوقف مع ظاهر الآية " انتهى من " فتح الباري " ( 12 / 15 – 16 ) .


    الحالة الثانية : قول الصحابي إذا خالفه غيره من الصحابة .* ففي هذه الحالة لا يكون قول أحدهم حجة دون الآخر ، بل يرجح بين أقوالهم ولا يخرج عنها. قال ابن تيمية رحمه الله تعالى :* "وإن تنازعوا رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول ، ولم يكن قول بعضهم حجة مع مخالفة بعضهم له باتفاق العلماء " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 20 / 14 ) . ومثال لذلك : الحاج إذا جامع زوجته بعد التحلل الأول وقبل طواف الإفاضة ، فأفتى ابن عباس رضي الله عنه ؛ بأنه يكفيه أن يخرج إلى التنعيم فيعتمر وعليه فدية . وأفتى ابن عمر رضي الله عنه ؛ بأن حجه قد فسد ، وعليه الحج مرة أخرى .* ففي هذه الحالة يرجح بين أقوالهم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " روى قتادة عن علي بن عبد الله البارقي : ( أن رجلا وامرأة أتيا ابن عمر قضيا المناسك كلها ما خلا الطواف فغشيها – أي جامعها - ، فقال ابن عمر : عليهما الحج عاما قابلا ، فقال: أنا إنسان من أهل عمان ، وإن دارنا نائية ، فقال: وإن كنتما من أهل عمان ، وكانت داركما نائية ، حجا عاما قابلا ، فأتيا ابن عباس ، فأمرهما أن يأتيا التنعيم ، فيهلا منه بعمرة ، فيكون أربعة أميال مكان أربعة أميال ، وإحرام مكان إحرام ، وطواف مكان طواف ) رواه سعيد بن أبي عروبة في المناسك عنه ، وروى مالك عن ثور بن زيد الديلي ، عن عكرمة – قال : لا أظنه إلا عن ابن عباس - قال: " الذي يصيب أهله قبل أن يفيض : يتعمر ويهدي " ... فإذا اختلف الصحابة على قولين : أحدهما: إيجاب حج كامل ، والثاني : إيجاب عمرة . لم يجز الخروج عنهما ، والاجتزاء بدون ذلك " انتهى من " شرح العمدة - المناسك " ( 3 / 239 – 240 ) .


    الحالة الثالثة : قول الصحابي إذا اشتهر ولم نعلم أحدا من الصحابة أنكره . فمثل هذا القول جعله جمهور أهل العلم حجة . قال ابن تيمية رحمه الله تعالى :* " وأما أقوال الصحابة ؛ فإن انتشرت ولم تنكر في زمانهم فهي حجة عند جماهير العلماء". انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 20 / 14 ) . وقال محمد الامين الشنقيطي رحمه الله تعالى : " وإن كان – أي قول الصحابي – مما للرأي فيه مجال ، فإن انتشر في الصحابة ولم يظهر له مخالف فهو الإجماع السكوتي ، وهو حجة عند الأكثر " . انتهى من " مذكرة أصول الفقه " ( ص 256 ) . ومثال ذلك : قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ : ( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ ) ؟ قَالُوا : اللَّهُ أَعْلَمُ ، فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَالَ : قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لاَ نَعْلَمُ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، قَالَ عُمَرُ : يَا ابْنَ أَخِي قُلْ وَلاَ تَحْقِرْ نَفْسَكَ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ضُرِبَتْ مَثَلًا لِعَمَلٍ . قَالَ عُمَرُ : أَيُّ عَمَلٍ ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لِعَمَلٍ ، قَالَ عُمَرُ: لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ " رواه البخاري ( 4538 ) . وهذا تفسير من ابن عباس ، أقره عليه عمر رضي الله عنه ، ولم ينكر عليهما أحد ممن حضر ، فيكون قولا معتمدا في تفسير هذه الآية . ولهذا قال ابن كثير رحمه الله تعالى بعد أن أورده : " وفي هذا الحديث كفاية في تفسير هذه الآية " انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 1 / 696 ) .


    الحالة الرابعة : قول الصحابي إذا لم نعلم باشتهاره ، ولا نعلم أن أحدا من الصحابة أنكره . فجمهور أهل العلم على قبول قوله والاعتماد عليه . قال ابن تيمية: "وإن قال بعضهم قولاً ولم يقل بعضهم بخلافه ولم ينتشر ؛ فهذا فيه نزاع ، وجمهور العلماء يحتجون به ؛ كأبي حنيفة ، ومالك ، وأحمد في المشهور عنه ، والشافعي في أحد قوليه ، وفي كتبه الجديدة الاحتجاج بمثل ذلك في غير موضع ... " . انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 20 / 14 ) . ويدخل في هذه الحالة ما استنبطه ابن عباس رضي الله عنه من التفسير ، ولم يعرف له مخالف ولا موافق من الصحابة .

    والله أعلم .


    موقع الإسلام سؤال وجواب

    https://islamqa.info/ar/229770

  18. #58
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,733

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو هجر البغدادي مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    ليس لي مذهبان ، أول وأخير ، وإنما هو واحد لا غير ، وهو استحالة -الاستحالة العاديّة- أخذ حبر الأمة رضوان الله عليه ديناً عن غير كتاب الله القرآن أو سنة رسول الإنس والجان ، لنص الإمام البخاري الآنف وغيره ..
    غاية الأمر أني قلت في المشاركة الأولى : مذهبي قريب جداً ، وفي الثانية : هذا هو عين مذهبي في الحبر ، وبين معنيهما ما لا يخفى على الخبير .
    وعلة ذلك أنّ الأخ المديني -دون قصور منه أو تقصير- أجمل بعض المعنى في مقالته الأولى ؛ إذ لم يك سلمه الله بصدد البيان ، لكنه لما تصدّى أماط اللثام عنه فبينّه تماماً آخر المطاف ببراعة ظاهرة ..
    هذا أولاً ..
    وثانياً : فهل حبر الأمّة -بوصف كونه حبر الأمّة- ناهيك عن بقية علماء الصحابة ، بحاجة لأن يروي ويرووا عن أهل الكتاب؟!!
    كلا ثمّ كلا ورب محمد ؛ يشهد لذلك أنّ إباحة الحديث عن بني إسرائيل قد كان بعد أن استقر أمر الشريعة وبلغت كلّ أحكام الدين ، وإلاّ فقد سبق نهي النبي في ذلك والزجر عنه ..

    قال الحافظ ابن حجر (في الفتح 6 :498 ) :
    (وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم ؛ لأنه كان تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم ، ثم حصل التوسع في ذلك ، وكأنّ النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية والقواعد الدينية ؛ خشية الفتنة ، ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك ؛ لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار .

    وقال الإمام ابن عبر البر (في التمهيد 1 : 42) :
    ليس في الحديث عنهم ما يقدح في الشريعة ، ولا يوجب فيها حكماً ، وقد كانت فيهم الأعاجيب ، فهي التي يحدث بها عنهم ، لا شيء من أمور الديانة ، وهذا الوجه المباح عن بني إسرائيل .

    وقال الإمام المصري ابن الملقن (في التوضيح 15: 333) :
    وقد قال: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) ومعناه: فيما صح عندكم، ولا تتحرجوا من سماع عجائبهم. وقد كانت فيهم عجائب .
    وقال ابن كثير :
    وَهِيَ مِمَّا لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُكَذَّبُ وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِهَا، وَأَمَّا إِذَا صَحَّ حديث في ذلك فعلى الرأس والعين .

    قلت أنا البغدادي : في أقوال الأئمة أعلاه شقان لا يتناقضان ؛ فليحفظا بعناية كالآتي :
    الشق الأول: حرمة تناقل حديث بني إسرائيل إذا كان في أمر الدين ، باستثناء ما يشهد له ممّا صح عندنا في شريعتنا ، فيجوز تناقله عنهم في هذا الفرض فقط ، كما في قضية الاختتان وحرمة الخنزير والنهي عن مباشرة الحائض وأمثال ذلك ؛ فهذا الدين لا حرج أن نرويه عنهم بل عنهم عن موسى عن التوراة عن جبرائيل عن الله تعالى ؛ كونه مما تشهد له شريعتنا وسنة نبينا .
    الشق الثاني : إباحة تناقل حديثهم إذا لم يكن في أمر الدين والديانة ، من قبيل تفاصيل عجائبهم في التيه وانفلاق البحر وانبجاس الماء من الصخر والمن والسلوى وغير ذلك ؛ بقصد العبرة والاعتبار ، وهذا هو مقصود النبي عليه السلام بنفي الحرج في قوله : لا حرج .

    تنبيه !!
    في النفس ممّا ذكره الحافظ ابن كثير وغيره من العلماء رحمهم الله من أخذ ابن عباس عن أهل الكتاب ، شيء ؛ فهم غير جازمين إطلاقاً ؛ هاك على سبيل المثال قوله -كما في المثال أعلاه ، المشاركة رقم: 42- : وَكَأَنَّهُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -أَصْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ .
    قلت : ولا تشاد الحقائق على : كأنّه . ضرورة أن الظن لا يغني من الحق شيئاً .

    حاصل الكلام :
    لم يأخذ الحبر عن أهل الكتاب في أمر الديانة والشريعة إطلاقاً ، ولم يحدث عنهم حديثاً واحداً في ذلك ، باستثناء ما صح عندنا عن نبينا وقرآننا ، وأما ما كان عن غير أمر الديانة ، فيباح ما كان بقصد العبرة والاعتبار ، ومن الاعتبار تناقل حديثهم الباطل للرد عليه ودحضه .
    والله تعالى أعلم وهو خير الحاكمين .
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    جزاكم الله خيرا أخانا الفاضل أبا هجر.

  19. #59
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,733

    افتراضي

    وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 5/ 291:
    وَهُوَ فِي حكم الْمَرْفُوع؛ لِأَن بن عَبَّاسٍ كَانَ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ.

    وتابعه على ذلك العيني في عمدة القاري 13/ 260 فقال:
    كَذَا رَوَاهُ سعيد بن جُبَير مَوْقُوفا وَهُوَ فِي حكم الْمَرْفُوع؛ لِأَن ابْن عَبَّاس كَانَ لَا يعْتَمد على أهل الْكتاب...

  20. #60
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,711

    افتراضي رد: للمناقشة : (الصحابة الذين لا يأخذ حديثهم حكم الرفع)

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •