
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد ريان الجزائري
فالتوجه المخصوص في الباطن والامتثال المخصوص في الظاهر والمطلق منه كل ذلك العبادة والحب الخالص أساس العبودية وأعظم العبودية ومن لم يدرك حقيقة معنى "منتهى الحب" يضيف التعظيم ويضيف الخضوع وهي لوازم له يقتضيها المنتهى بالضرورة فلا حاجة لها في الحد فإن أردت تعريف العبادة فهي على قسمين باطنة وهي أساس العبادة وركنها كالإخلاص والمحبة والخشية والرهبة والرغبة والتوكل والاستعانة وظاهرة وهي التي يتعلق بها الحكم الشرعي في الظاهر -------------------------------- لو جاء أحد يسأل عن رجل يبر أمه بصورة العبادة المخصوصة بالله هنا يقال هذا مشرك كافر فالعبادة المخصوصة بالله تعالى في الظاهر ليست كالعادة من بر للوالدين وصلة للأرحام وإكرام للجيران ومن هنا نفهم ان تعاريف أهل العلم للعبادة تجنح للإحاطة بجميع انواعها سواء الباطنة كالحب فهو عبادة والظاهرة الخاصة والعادية كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: "العباد اسم جامع لكل ماا يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة" وأما العبادة التي إن صرفت لغير الله تكون شركا فهي الباطنة والخاصة واما العادية فمتى كانت النية هي التي أدرجتها في العبادة فلن تكون شركا إلا إن صاحبها اعتقاد فمن وصل الرحم تحببا وتقربا لأمه لا يكون مشركا عند احد في الحكم الظاهر فلا بد أن نفرق بين صرف العبادة الخاصة لغير الله والذي يكون شركا في كل حال وبين كل انواع العبادة والتي منها المعاملات والعادات وباختصار فمن اعترض على معنى العبودية في الحب والخضوع لم يفرق بين مطلق الحب والحب المطلق ومن اعترض على معنى العبودية ببر الوالدين فلم يفرق بين العبادات المخصوصة بالله وبين العادات والمعاملات التي تنبني على الاعتقاد والنية. و حكم اهل السنة المطلق بالشرك من صرف العبادات هو في مفهوم العبادة الخاص لا العام فلينتبه فعموم التعريف ليس بحجة علينا لاننا لا نحكم بالشرك إلا على من يسجد للأولياء ويدعوها من دون الله دعاء عبادة
كل هذا الكلام الذى قمت بتلوينه من كلامك فى الاقتباس- بعد التأمل وجدت أنه لايستقيم مع كلام اهل العلم ولا بد من مناقشته --فقولك اخى الكريم -ومن لم يدرك حقيقة معنى "منتهى الحب" يضيف التعظيم ويضيف الخضوع وهي لوازم له يقتضيها المنتهى بالضرورة فلا حاجة لها في الحد--
الاجابة- هى من اركان العبادة بل هى اصل معنى العبادةوتدخل فى الحد والمعنى دخولا اوليا وليست من لوازمها فان الازم يكون خارج الماهية فيبطل قولك فلا حاجة لها في الحد- يقول ابن القيم رحمه الله: "العبادة تجمع
أصلين
: غاية الحب بغاية الذل والخضوع. والعرب تقول: طريق مُعبَّد، أي مذلل، والتعبد: التذلل والخضوع؛ فمن أحببته ولم تكن خاضعًا له لم تكن عابدًا له، ومن خضعت له بلا محبة لم تكن عابدًا له حتى تكون محبًا خاضعًا". مدارج لسالكين- وقولك
وظاهرة وهي التي يتعلق بها الحكم الشرعي في الظاهر - الحكم الشرعى لا يتعلق بالظاهر فقط ولكن متعلق بالظاهر والباطن وهو ما يسمى بتلازم الظاهر والباطن وعلاقة كل منهما بالاخر ---------اما قولك-- تجنح للإحاطة بجميع انواعها سواء الباطنة كالحب فهو عبادة والظاهرة الخاصة والعادية-------------------------------------------الاجابة هذا التقسيم فيه نظر-قد اشرنا الى التقسيم الصحيح مسبقا ولا مانع من اعادته بالتفصيل--وبالمثال يتضح المقال---فى باب الحب يقسمه العلماء الى1- محبة العبادةهي المحبة التي فيها تعلُّقٌ بالمحبوب بما يكون معه امتثال للأمر رغبة واختيارا، ورغب إلى المحبوب، واجتناب النهي رغبة واختيارا، فمحبة العبادة هي المحبة التي تكون في القلب، يكون معها الرغب والرهب، يكون معها الطاعة, يكون معها السعي في مراضي المحبوب والبعد عما لا يحب المحبوب----لذلك قسم اهل العلم المحبة المتعلقة بالله ثلاثة انواع-1-
محبة الله على النحو الذي وصفنا، هذا نوع من العبادات الجليلة2- والنوع الثانيمحبة في الله وهو أن يحب الرسل في الله عليهم الصلاة والسلام، وأن يحب الصالحين في الله, يحب في الله وأن يبغض في الله.3-النوع الثالثمحبة مع اللهوهذه محبة المشركين لآلـهتهم؛ فإنهم يحبونها مع الله جل وعلا، فيتقربون إلى الله رغبا ورهبا نتيجة محبة الله، ويتقربون إلى الآلـهة رغبا ورهبا نتيجة لمحبتهم لتلك الآلـهة-----------فالمحبة؛ محبة الله وحده هذه من أعظم أنواع العبادات، وإفراد الله بها واجب.
والمحبة مع الله محبة العبادة هذه شركية، من أحب غير الله جل وعلا معه محبة العبادة فإنه مشرك الشرك الأكبر بالله جل وعلا..4- والنوع الرابع يدخل تبعا فى النوع الثالث وهو فى قوله تعالى-(يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) يعني يحبّ المشركون الأنداد كحب المشركين لله.
والوجه الثاني من التفسير أن قوله (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) معناه يحب المشركون الأنداد كحب المؤمنين لله--هذا نوع من انواع المحبة الشركية-----------------------------------------------------اما النوع الثانى من المحبة فهو المحبة الطبيعية وهذا النوع لايدخل فى محبة العبادةوهو النوع الثاني من أنواع المحبة وهي المحبة المتعلقة بغير الله من جهة المحبة الطبيعية، وهذا أذن فيه الشرع وجائز؛ لأن المحبة فيها ليست محبة العبادة والرغب والرهب الذي هو من العبادة، وإنما هي محبة للدنيا، وذلك كمحبة الوالد لولده والولد لوالده والرجل لزوجته والأقارب لأقربائهم والتلميذ لشيخه والمعلم لأبنائه ونحو ذلك من الأحوال، هذه محبة طبيعية لا بأس بها؛ بل الله جل وعلا جعلها غريزة.------------ومن هذا التقسيم يظهر نوع خامس وهو أنّ محبة الله يجب أن تكون فوق كل محبوب وأن يحب الله أعظم من محبته لأي شيء، قال جل وعلا (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ ) إلى أن قال (أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ), وهذا وعيد، فيدل على أن تقديم محبة غير الله على محبة الله كبيرة من الكبائر ومحرم من المحرمات؛ لأن الله توعد عليه وحكم على فاعله بالفسق والظلال.ويدخل فى هذا النوع محبة المحرمات ولكن هذا النوع ايضا من المحبة المحرمة او محبة المحرمات لا تدخل فى محبة العبادة وهذا التفصيل من كلام اهل العلم يزيل الاشكال -------------------------------------- اما قولك أخى الكريم -فهو يزيد الاشكال وهو تعريف العبادة بأنها قسمين باطنة وهي أساس العبادة وركنها كالإخلاص والمحبة والخشية والرهبة والرغبة والتوكل والاستعانة وهذا لا غبار عليه--- اما قولك ----وأما العبادة التي إن صرفت لغير الله تكون شركا فهي الباطنة والخاصة
-نقول هذا الكلام فيه نظر واليكم بعض الامثله توضح التقسيم الصحيح لعلماء التوحيد فى هذه المسألة--------------------------------------------------الخوف مثلاوهو عمل قلبى منه ما هو- خوف العبادةوهو- أن يخاف في داخله من هذا المخوف منه، وخوفه لأجل ما عند هذا المخوف منه مما يرجوه أو يخافه من أن يمسه سرا بشيء، أو أنه يملك له في آخرته ضرا أو نفعاهذا هو خوف العبادة--------------------2- النوع الثانى الخوف الطبيعى كخوف موسى عليه السلام فخرج منها خائفا يترقب- او كخوف الانسان من حيوان مفترس مثلا فهذا خوف طبيعى لا يدخل فى خوف العبادة وهو متعلق بالباطن--------3- ومنه الخوف الحرم كالذين يتركون بعض الواجبات او يفعلون بعض المحرمات لمجرد خوفهم من الناس -------------------------------------------------------------------------مثال اخر الدعاء- منه ما هو دعاء عباده وهو دعاء الاموات والغائبين ودعاءعباد الاوثان لاوثانهم---هذا دعاء عبادة --------------والنوع الثانى من الدعاء دعاء الحى الحاضر القادر فيما يقدر عليه فهذا لا يدخل فى دعاء العبادة و هذا من الدعاء الجائز---------------------------كذلك الذبح منه ما هو ذبح العبادة وهو الذبح اما بالتقرب بالذبح لغير الله او بالتسمية على الذبيحة بغير اسم الله فالاول ذبح العبادة والثانى استعانة وتدخل فى ذبح العبادة -والنوع الثانى مالا يدخل فى ذبح العبادة وهو الذبح للاكل او الضيوف فهذا النوع لا يدخل فى ذبح العبادة لانه ذبح للغير ولكن غير متقرب الى غير الله ولا ذاكرا اسما غير اسم الله على الذبح وحتى ذبح الكافر اذا ذبح غير متقرب ولا ذاكرا اسم غير الله يكون ذبحا عاديا ولكن تجتمع فى الذبيحة موانع اخرى تمنع الاكل--------------------وكذلك الاستغاثة منها ما هوشركى وهو الاستغاثةبالامو ات والغائبين فيما لا يقدر عليه الا الله وكذلك الاستعانة والتوكل وغيره من العبادات القلبية منها ما هو شرك اكبر اذا كانت فيما لا يقدر عليه الا الله ومنها-------------------------------------------------------------------- النوع الثانى -الاستغاثة فيما يقدر عليه المخلوق والاستعانة به فيما يقدر عليه فهذا ليس من باب الشرك كما بين علماء التوحيد- اما التوكل وهو من الاعمال القلبية فقد اختلف العلماء فيه ومنهم من اجازه فى الظاهر فيما يقدر عليه المخلوق وجعلوه بمعنى الوكالة ومنهم من منعه فيما يقدر علية المخلوق لانه عمل القلب وجعلوه من المحرم ولكن العلماء ايضا لم يدخلوه فى توكل العبادة-------------------------------------------------وكذلك الطاعة منها ماهو شرك وكفر وهو الطاعة فى التحليل والتحريم خلاف ما حلله الله وحرمه لقوله اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا - او الطاعة فى الكفر لقوله تعالى- وان جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما-----------اما النوع الثانى الذى لا يدخل فى طاعة العبادة-فهو الطاعة فالمعصيةفلا طاع لمخلوق فى معصية الخالق ولكن لا يصير بها عابدا لغير الله العبادة الكبرى وان كان فية نوع عبودية صغرى وهى ما تسمى نوع شرك ولكنه شرك اصغر--------------------------------وبهذا التفصيل بضرب الامثلة يزول الاشكال فى هذه المسأله فى تعريف العبادة لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله انها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة" فهو تعريف جامع ولكن بتفصيل اهل العلم وتقسيماتهم التى اوضحناها سابقا فيتبين خطأقولك أخى الكريم------ و حكم اهل السنة المطلق بالشرك من صرف العبادات هو في مفهوم العبادة الخاص لا العام فلينتبه فعموم التعريف ليس بحجة علينا------ الاجابة-فنقول كما قال علماء التوحيد ان هذا التعريف من شيخ الاسلام من اجمع التعريفات لمعنى العبادةولكن بفهم السلف من العلماء الراسخين فى العلم ولا يكاد يخلو منه كتاب من كتب التوحيد لانه من اعظم الحجج فى التعريفات الجامعة المانعة فقولك ليس بحجة علينا هذا راجع الى عدم الاطلاع على ما وضحه العلماء لتعريف شيخ الاسلام للعباده------فلا بد من تحرير المسائل كما حررها اهل العلم وبينوها ومعرفة حدود ما انزل الله فى باب الاسماء والاحكام حتى لا تختلط الاحكام ببعضعها