أمرُّوهـا كمـا جـاءت!!
الجمعة 13/10/1430
كنت أستمع إلى خطيب الجمعة اليوم، وأنتظر كعادتي الجديد من الخطب، إلا أن بعض الخطباء حكموا على أنفسهم بالزوال، وتركوا النزال، رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، في عصرٍ كثُرتْ فيه آليات الوصول إلى الخطب، فما أن يستيقظ الإمام قبل الجمعة بساعتين، إلا ويشغل محرك البحث قوقل، للضغط على ما تصل إليه يداه من وجبات الخطب السريعة (إندومي)!، ثم بطريقة تحضيرية سريعة، وقراءة ضوئية عابرة = يكون قد أنهى المهمة. دخل الإمام المسجد، وصعد المنبر، ابتدأت الخطبة.
المصلُّون كانوا في شوق إلى ما يرقق قلوبَهم، ويحرك عواطفهم، بعد أسبوعين من اللهو والمرح، فتهنئات العيد وتبريكاته كانت ولاتزال تقرع الأسماع؛ فإذا بالخطيب يدوِّي مسامعهم بموعظة ليست بليغة، بكلمة يُكثر مِن تردادها وليته لم يكثر، هل علمتم ماهذه الكلمة؟ هي: (أمِرُّوها كما جاءت). طبعًا طلاب العلم يدركون تمامًا ما معنى هذه الكلمة؟، أما العوام... فلهم الله.
فإذا بالخطيب يقول: بلا تكييف!.
أمروها كما جاءت.. بلا تكييف!.
أثبتوها كما جاءت.. بلا تمثيـل!.
أثبتوها كما جاءت.. بلا تعطيل!.
إنها العقيدة.. عقيدة الأسماء والصفات، عقيدة أهل السنة والجماعة.
نقول: (يا فندم) على العين والرأس، سمعا وطاعة، لكن..
أترون أن العامي البسيط الذي يبيع الجرجير، وينشر الخشب، ويقلي الكبيبة - وهم جمهور الخطبة -، بحاجة إلى هذه المعرفة؟!
وهل يدرك ما معنى أمِرُّوها كما جاءت، سوى أننا أمة كسولة؟!، يعني مرروا أخطاءكم، واعفوا عن زلاتكم، يغفر الله لكم، وكل عام وأنتم بخير!.
وهل يفهم ما معنى بدون تكييف في هذا الحر، سوى تكييفات جنرال، أو يورك؟!
وهل يفهم ما معنى بدون تمثيل، في هذا العصر إلا تمثيليات عادل إمام وطاش ماطاش؟!
وهل يفهم ما معنى بدون تعطيل، في يوم الجمعة سوى عطلة الأسبوع؟!
إن تعليم عقيدة الأسماء والصفات بهذه المصطلحات إنما محِلُّها بيت التعليم، أي: المدارس، أما عامة الناس فهم بحاجة ماسة إلى آثار هذه الأسماء والصفات، وما ينتج عنها، مما يقوي إيمان العبد، ويزيده.
فلو أن خطبته نطقتْ لقالتْ - نيابةً عن المصلين وصدقتْ -: بل خطبتك هذه (أمرُّوها كما جاءت)!!