أخوتاه بعد أن عرفنا الميراث و أركانه و أسبابه ، نأتي لمعرفة موانعه و بداية هيا نعرف المانع ، فنقول المانع هو ما يلزم من وجوده عدم الحكم كالحيض بالنسبة للصلاة فمن جاءها الحيض وجد عندها مانع للصلاة والصوم ، والرضاع مانع لجواز النكاح و مبطل لعقد الزواج ، والأبوة مانعة من القصاص ؛ فالأب الذي يقتل ابنه لا يقتص منه ، وذلك أن الأبوة مانعة من تطبيق القصاص.
من تعريفنا للمانع يمكن أن نعرف أن موانع الإرث هي الأوصاف التي وجوها يستلزم عدم الإرث مع قيام سبب الإرث ، و موانع الإرث ثلاثة : الرق والقتل واختلاف الدِّين .
و الرق فهو وصف يكون به الإنسان مملوكاً يباع و يوهب ، و يورث و يتصرف فيه ، و لا يتصرف تصرفاً مستقلاً ، و إنما كان الرق مانعاً من الإرث ؛ لأن الرقيق لا يرث أحدا من أقاربه ؛ لأنه إذا ورث شيئا أخذه سيد ،و السيد أجنبي عن أقارب العبد فيكون توريثا للأجنبي بغير سبب من أسباب الإرث ، و قد اشتهر بين الفقهاء مقولة العبد و ما ملكت يده لسيده . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من باع عبداً له مال فماله للبائع إلى أن يشترطه المبتاع »[1] فالعبد لا يملك شيئا ، و مادام لا يملك لم يستحق الإرث ؛ لأنه لو ورث لكان لسيده ،و هو أجنبي من الميت .
و القتل مانع من موانع الإرث فإذا قتل الوارث مورثه فإنه لا يرث منه لقوله صلى الله عليه وسلم : «لا يرث القاتل شيئاً »[2] فمن قتل من يرث منه شرعاً لا يجوز أن يورث ؛ لأن قتله سبب في حرمانه ، و ذلك أن سبب التوارث هو التراحم و الصلة فلما قتل القاتل من له معه سبب للميراث فإنه بذلك يكون قد قطع الصلة التي يتوصل بها إلى الميراث فيعاقب بنقيض قصده ، و القاعدة من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه .
و اختلاف الدين مانع من موانع الإرث و اختلاف الدين بأن يكون أحدهما على ملة والثاني على ملة أخرى ؛ بأن يكون أحدهما مسلماً والثاني كافراً ،لأن الإرث أساسه التناصر والتعاون ، و هذا منتف بين المسلم و غير المسلم فلا يرث الكافر المسلم و لا المسلم الكافر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا يرث المسلم الكافر ،و لا الكافر المسلم » [3] و الكفر ملة واحدة ، وينبني على هذا أن الكفار يرث بعضهم من بعض فالنصراني يرث من اليهودي إذا كان قريبه و العكس ، ومن أنواع الكفر الردة ، و الحكمة في أن المرتد لا يرث ولا يورث أنه لا موالاة بين المرتد و بين غيره لتركه دين الإسلام و لعدم الإقرار على ما انتقل إليه .
[1]- رواه البخاري في صحيحه كتاب المساقاة رقم الحديث 2379 ، ورواه مسلم في صحيحه كتاب البيوع رقم الحديث 1543[2]- رواه أبو داوود في سننه رقم 4564
[3]- متفق عليه
__________________
__________________