توحيد الأسماء والصفات أشرف العلوم وأهمها على الإطلاق:
إن شرف العلم تابع لشرف معلومه، لوثوق النفس بأدلة وجوده وبراهينه ولشدة الحاجة إلى معرفته وعظم النفع بها.
ولا ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكبره هو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، وقيوم السموات والأرضين، الملك الحق المبين، الموصوف بالكمال كله، المنزه عن كل عيب ونقص وعن كل تشبيه وتمثيل في كماله.
فلا ريب أن العلم به وبأسمائه وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأفضلها، ونسبته إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات.
، فإن العلم بالله وأسمائه
وصفاته هو أشرف العلوم على الإطلاق وهو مطلوب لنفسه مراد لذاته، قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} 1 فقد أخبر سبحانه أنه خلق السموات والأرض ونزل الأمر بينهن ليعلم عباده أنه بكل شي عليم، وعلى كل شي قدير فهذا العلم هو غاية الخلق المطلوبة، وقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} فالعلم بوحدانيته تعالى وأنه لا إله إلا هو مطلوب لذاته وإن كان لا يكتفى به وحده، بل لابد معه من عبادته وحده لا شريك له، فهما أمران مطلوبان لأنفسهما.
الأمر الأول: أن يعرف الرب تعالى بأسمائه، وصفاته وأفعاله وأحكامه.
والأمر الثاني: أن يعبد بموجبها ومقتضاها.
فكما أن عبادته مطلوبة مرادة لذاتها، فكذلك العلم به ومعرفته أيضا، فإن العلم من أفضل العبادات.
: توحيد الأسماء والصفات هو أصل، العلوم الدينية:
كما أن العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأشرفها وأعظمها فهو أصلها كلها، فكل علم هو تابع للعلم به، مفتقر في تحقق ذاته إليه، فالعلم به أصل كل علم ومنشؤه، فمن عرف الله عرف ما سواه، ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل، قال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} فتأمل هذه الآية تجد تحتها معنى شريفًا عظيمًا، وهو: أن من نسي ربه أنساه ذاته ونفسه فلم يعرف حقيقته ولا مصالحه، بل نسي ما به صلاحه وفلاحه في معاشه ومعاده، لأنه خرج عن فطرته التي خلق عليها فنسي ربه فأنساه نفسه وصفاتها وما تكمل به وتزكو به وتسعد به في معاشها ومعادها، قال تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} فغفل عن ذكر ربه فانفرط عليه أمره وقلبه، فلا التفات له إلى مصالحه، وكماله وما تزكو به نفسه وقلبه، بل هو مشتت القلب مضيعه، مفرط الأمر حيران لا يهتدي سبيلاً.
فالعلم بالله أصل كل علم، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته، والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد والجهل به أصل شقاوته.-------