تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: رفيقتي لم تعُد تطيقُ حرَّ كبدِها! [تسليةٌ أخويّة]!

  1. #1

    Lightbulb رفيقتي لم تعُد تطيقُ حرَّ كبدِها! [تسليةٌ أخويّة]!

    بسمِ اللهِ المنعِمِ المُتفضِّلِ على عبادِه ، أهل الجودِ والكرم , وأهل الإحسانِ النِّعم..
    من جعلَ الدُّنيا امتحاناً للمؤمنين ، وجعلَ فيها من البلاءِ ما يمحِّصُ القلوبَ ، ويجلِّي الغشاوةَ عنِ الأفئدة!
    والحمدُ للهِ حمداً كثيراً طيّباً مُباركاً فيه ملئَ السّماءِ وملئَ الأرض ، وملئَ كُلَّ شيءٍ بعد . ثمَّ أمّا بعد :
    فهذه كلماتٌ أبتْ إلّا أن تخرجَ من مكنونِ الفؤاد ، وعباراتٌ تأبى كلتا يداي إلاّ أنْ تبعثَ بها إليها ، بعدَ أن بلغَها من حالِ رفيقتِها الحبيبةِ ما بلَغ!

    ولا أفتئُ أذكرُ تيكَ المجالسَ النيِّرة ، التي عجّت بالنّفعِ والخيرِ والمؤانسةِ معها!
    فرفقتُنا ما كانتْ -ذاتَ حظوظٍ في الأنفُس- حتّى يَسهُلَ هدمُها وهزُّ كيانِها , ولا زالت!
    بل كانت رفقةً طيّبةً مُباركة , أخويّة ، دعويّةً علميّة!
    فيها من المواقف والخطَرات والمحاورِ واللفتات ما يسرُّ القلبَ ويطربُ الوِجدان!

    لا يذكرُها سوايَ وسواها ....... ؟

    ولولا خشيةَ الإطالة ، وخشيةَ تسلُّطِ الشّيطانِ ؛ لكنتُ كتبتُ شيئاً من تيكَ المواقفِ الجميلة والمشاهدِ النّبيلة! وأنّي أدَعُها ليومٍ تسألُ فيه كلُّ نفسٍ عمّا كسبت ، وتُجزى كلُّ نفسٍ بما كسبت.

    [ انقطعتُ عنها بعدَ زواجي أشهراً خلت إلى أن عُدتُ إليها , وإذ بها بحالٍ غيرَ الذي تركتُها عليه , ودِدْتُ تلكَ السّاعة أن أقفزَ من شاشة الحاسِب ؛ لأجلسَ إلى جانِبِها ؛ وأربِّت على كتفِها ، إلّا أنَّ بُعدَ البلاد ؛ حالَ دوني ودونَها ]!
    ولكن ............
    ما ذا حدثَ لرفيقتي!؟
    ما بها تُحادثُني بهذه الرّسميّة وتيكَ القسوة!؟
    ما بها !؟ أيُّ شيءٍ حوّلَ قلبَها ؟ وحالَ دوني وعهدِي القديمِ بها!؟

    جلستُ بُرهة! أتأمَّلُ عباراتِها الموجِعة! أتأمُّلُ وصفَها لما لاقت و عانت!
    ثمَّ أتأمَّلُ تعقيباتِها بعدَ كُلِّ عبارةٍ ، وإيماءاتِها المؤنّبةِ التي تقول فيها :
    أينَ أنتِ عنّي من زمن
    أدركُ أنِّي مخطئةٌ بانقطاعي المفاجئِ عنها وتغيُّبي الطّويلِ عن مرافقتِها، أدركُ أنَّ هذا الأمرَ عليها شديد ؛ وصنيعي هذا أقسى عليها من طرقِ الحديد!

    ولكنّي ما فتئتُ أقرأُ وأقرأُ ما تبوحُ به رفيقتي إليَّ ، وكذا ما توجِّههُ إليَّ من لومٍ وعتابٍ وتثريبٍ!
    تألّمتُ وتألّمت ، لكّني بدأتُ أشعرُ أنَّ كلامَها بدأ يأخُذُ منحىً أخرَ غيرَ الذي عهدتُه منها!
    قلتُ لها: أن يا أخيّة / تريّثي وتأنّي ... اهدئي ثمَّ تكلّمي!
    لكنّها أصرَّت ، وما لبثت إلّا أن أعادت عليَّ ما قالت ، وعادت للعتابِ واللوم!

    فكان جوابي: " أن يا أخيّة / ألا تعلمينَ أنّ مثلي كمثلِ عبادِ اللهِ أجمع! أخطئُ وأزِل ، وأحيدُ عن الحقِّ وأضِل!؟ ألا تعلمينَ أنّ لي أعذار لا يعرفُها إلّاي"!؟

    واصلت تثريبَها ولومَها!؟
    حينَها خرجت منّي كلمةُ تمّنيتُ حينَها أن لو لدغتني حيّةٌ ، أو لسعتني عقربٌ ولم أقلها! وأسألُ اللهَ أن يغفرَ لي وأن يتجاوزَ عن زللي .

    بعدَ هذه المُحادثة ، أخذتُ على نفسي أن أكتبَ لرفيقتي كلماتٍ أخويّةٍ سويّة ؛ تسليةً وتعزيةً لها في مُصابِها ، وتكفيراً عن خطئي الذي ارتكبتُه في حقِّها!

    قلتُ:
    أي أخيّة إنّه وربّي راعني الذي قرأت –على قلَّةِ ما قرأت- وأعلمُ أنَّ خلجاتِ قلبِك تُخفي أكثرَ مما أبدت بكثير!
    ولكنّني سأمضي بحديثي هذا آخذةً بما سمعتُ وما لم أسمع! ؛ فالبلايا كثيرة ، والشّدائدُ عسيرة .. وإن لم نعرفها . لكن حسبُنا الذي ذُقنا ؛ ومن عاينَ عرفَ!

    أي أخيّة / تعالَي معي ففي قلبي كلامٌ كثير أحبُّ أن أقدِّمهُ لك! كلامٌ علمّتني إيّاهُ دُنيايَ على قلِّةِ ما أمضيتُ من عُمري فيها!
    لكنّها وربّي علّمتني ، وما زالت تُعلِّمُني ، وهذا تفضُّلٌ من ربِّ البرايا عليَّ؛ ولولايَ لم أومِن بأنّها مدرسة ؛ ما أدركتُ أنِّي في مِراسٍ لما هوَ آت!
    أشهدُ اللهَ أنِّي أزدادُ معَ كُلِّ ثقلٍ يُلقى على كاهلي خفّةً وراحة! ومعَ كُلِّ رزيّةٍ وبليّة ؛ رِفعةً وعُلوا!

    ولستُ أقولُ ذاكَ حُباً ورغبة ، وإنّما اعترافاً ، وذِكراً للنِّعمة التي قد يظنُّها البعضُ نقمة!

    أتدرينَ لمَ وكيف يا حبيبة
    لأنّ الذي يسقطُ مرّةً تلوَ المرّة ؛ يستحيلُ أن يسقطَ بعدَها! والمؤمن لا يُلدغُ من جحرٍ مرّتين!
    والمؤمنُ كيِّسٌ فطِن! يعلمُ ما جرحَت يمينُه وما كسبت بالأمس. وينهاها عن غيِّها بعدَ علمِها ووعيها اليومَ وبعدَه ؛ لأنّهُ علِمَ وعرفَ الحقَّ؛ فوجبَ أن يعمل!

    إذن أخيّة :
    هذا أوُّلً ما يتوجَّبُ عليكِ معرفتَه : أنَّ الحياةَ مدرسة ، وأنَّ ما يصيبُكِ منها ؛ هو دليلُكِ ومُرشدُك لصنيعِتك فيما بعد!

    ثانيها: أنَّ الحياة فيها من البلاءِ والشّقاءِ ما فيها منَ الرّغَدِ والهناء ، وفيها من الضّنك ما فيها من طيِّبِ العيش ، وفيها من الرّخاء ما فيها من الشدّة .

    فالحياةُ مجبولةٌ على كدر .. واللهُ سُبحانَه وتعالى خلقنا بني الإنسان في كَبَد!

    يقولُ علماؤنا : "أول ما يكابد قطعَ سرته , ثم إذا قُمِّط قماطا , وشدَّ رباطا , يُكابد الضيقَ والتّعب , ثم يكابد الارتضاعَ , ولو فاته لضاع , ثم يكابد نبت أسنانه , وتحرك لسانه , ثم يكابد الفطام , الذي هو أشد من اللطام , ثم يكابد الختان , والأوجاع والأحزان , ثم يكابد المعلم وصولته , والمؤدب وسياسته , والأستاذ وهيبته , ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه , ثم يكابد شغل الأولاد , والخدم والأجناد , ثم يكابد شغل الدور , وبناء القصور , ثم الكبر والهرم , وضعف الركبة والقدم , في مصائب يكثر تعدادها , ونوائب يطول إيرادها , من صداع الرأس , ووجع الأضراس , ورمد العين , وغم الدين , ووجع السن , وألم الأذن . ويكابد محنا في المال والنفس , مثل الضرب والحبس , ولا يمضي عليه يوم إلا يقاسي فيه شدة , ولا يكابد إلا مشقة , ثم الموت بعد ذلك كله , ثم مساءلة الملك , وضغطة القبر وظلمته ثم البعث والعرض على الله , إلى أن يستقر به القرار , إما في الجنة وإما في النار" .
    إنّه –لعمري- حالُ هذه الدُّنيا .. وما بينَ غمضةِ عينٍ والتفاتتِها .... يبدِّلُ اللهُ من حالٍ إلى حالِ!
    اجتماعٌ ، يعقبُه فُراق! وغِنى يعقبُه فقر! ومحبّةٌ تعقبُها عداوة!
    يانائمَ الليلِ مسروراً بأوّله
    ... إنَّ الحوادثَ قد يطرقنَ أسحارا .
    فلا تظنّنَّ أخيّة أن تسلمَ من عداوةِ أهلها!؟ لا واللهِ لن تسلمي!
    ليسَ يخلو المرءُ من ضدٍّ ولو ... حاولَ العُزلةَ في رأسِ الجبَل .
    وإن كانوا أهلك ، ممّن يشركوكِ صُلبكِ ودمَك! وحسبُنا في هذا ما حلَّ برسولِ اللهِ صلّى اللهِ وسلّم سواءَ من بني قومِه أو غيرِهم!
    عانى من صغره ؛ ولد يتيما لم ير أباه ، وأمه لم تلبث أن ماتت ، ونشء فقيرا يرعى الغنم!
    ولما أوتي الرسالة ؛ كذبوه شتموه سبُّوه ، سخروا منه ، اتّهموه بالجّنون والكهانة والشِّعر والسِّحر ؛ حتّى بلغَ الأذى في بناته ؛ فطلُّقت بناتُه لما جهر بالدّعوة ، ووضع سلى الجزور على رأسه ، وحاولوا قتله حتّى ربّما ببلغت اثنا عشر محاولة! وخنقه عُقبة بن مُعيط! وأرادوا قتلّهُ عند الهجرة! وحاصروا بيتَه! ووضع له اليهود السُّمَّ في الطّعام! وسلَّ الأعرابي عليه السّيف فوقَ رأسِه وهو نائم! وأراد المنافقون أن يزحموا دابته -في العقبة- في الهاوية فوقَ الجبل! حاول بنو النضير قتله غدراً! في أحُد سقط في حُفرة!
    حوصر في الشِّعب ثلاث سنين عانى أهل بيته ، وأصحابه يُعذَّبون أمامه! صبراً آل ياسر صبرا!ومات كلُّ أولاده في حياته إلا فاطمة!

    فلا تعجبي أختاه ؛ فهذا حالُ النّاس ، ولا تعجبي ؛
    فالليالي منَ الزّمانِ حُبالى
    ... مُثقلاتٍ يلدنَ كُلَّ عجيبا! والنّاسُ يتراوحونَ ما بينَ منتقدٍ ومُجرِّحٍ أو حاقدٍ أو حاسدٍ أو ممّن ينالُ في عرضِ أخيه أقلَّ من ذلكَ أو أكثر!
    و ... إنًّ نصفَ النّاس أعداءٌ لمن ... ولي الأحكامَ هذا إن عدَل!

    فيا أختاه : لا يضيرُكِ حقدُهم وعداوتهم وكيدُهم!
    دعيهم يكيدونَ لك ، ويحثونَ في وجهكِ التُّراب ، في تيكَ الأثناء واستعيني بالله ، تسلَّحي بالعزيمةِ والصّلابةِ أمامهم ؛ تلقميهم حينها كومةً منَ الحجارةِ! بل وربَّما أثّرت فيهم تيكَ الحجارة! وأثّرت فيهم صلابتُك هاتِه ؛ ليتعلّموا حينَها درساً عظيماً من دروسِ الحياة! فحواهُ :
    "أنَّ الصَّبرَ سلاحُ المؤمن ، ورأسُ مالِه . وأنًّ اللهَ يُدافعُ عن الذينَ ءامنوا وليسِ بضارّهم شيئا"!

    فاجعلي يا أختاه: من الصِّعابِ سُلَّماً عظيماً أشمّاً ؛ يرقى بكِ إلى ذُرى السَّحاب!
    ذاكَ السُلَّم هو يقينُك بأنَّ دنياك هذه هي دارُ ممر لا دارُ مقر! تأمّلي في هذه! وقولي آمنتُ!
    وبعدَها أقولُ لكِ : أيْ أخيّة أنتِ أنتِ!

    لستُ أطيقُ التّنظير ، ولن أقولَ لك: اصبري ، ثابري ، اثبتي ، فقط!
    ولكنّي سأترجمُ لكِ عباراتِي تيكَ بواقعٍ عمليّ :

    تعرّضتِ لإساءة أوذيتِ وضيِّقَ عليكِ في عيشِك ، ضاقت عليكِ الأرضُ بما رحبت!؟
    ما سببُ كُلِّ هذا في ظنِّك!؟

    أظنّك توفقينني؟ ليبلوكم أيّكم أحسنُ عملا!

    إذن : متى ما ألمَّ بكِ بلاء أو اعترضتكِ خطوبُ الدَّنيا ومُنغِّصاتُها ، اعلمي أنَّ هذا حالُها :
    جُبِلَتْ على كدَرٍ و أنت تُريدُها ... صفواً من التّنغيصِ و الأكدارِ
    و مكلف الأيام فوق طباعها ... متطلبٌ في الماء جذوة نار!

    ثمَّ : أحسِني العملَ ، لتُحسني الإجابةَ في ذاكَ اليوم ، فتفلحي وتفوزي!

    ثمَّ : انظري إلى حالِ أهلِها ، بل وتذكَّري مُصابَ من حولِك ، ممّن قد يكونُون أقربَ الأقربينَ إليكِ!

    تيكَ عُدِمت الزّواجَ لإعاقةٍ في إحدى أعضائها!
    وتيكَ تزوّجت وذاقتْ الويلَ من أهلِ زوجِها ، بل وقد يكونُ من زوجِها!

    وتيكَ لم تُنجِب سنينَ خلت لعُقمٍ في رحمها!
    وتيكَ ابتلاها اللهُ بأبناءَ عاصينَ قلبوا عليها حياتَها!

    وذاكَ تمنّى الغنى ؛ فأماتهُ اللهُ لمّا اغتنى!
    فقد جاءَ عن أحدِ الولاة أنّهُ ولي قضاءَ مِصر ، وحسنُ حالُه بعدَ ضيقِ حالٍ ؛ لكنّه ماتَ في أكلةٍ اشتهاها! فحكي أنّه قالَ لمّا نزلَ به الموت: لا إله إلّا الله ، "لمّا عِشنا مِتنا"!

    سُبحانَ الله! ما حلَت هذه الدُّنيا إلّا أوحلت!

    مصائبُ ونوائبُ تحلُّ على المرءِ بعدَ أن كان يسعى لمُسببّاتِها سعياً ، ويرجو اللهَ أن يُنلهُ إيّاها!
    ولمّا أن وقعت به البليّة ، وأتتهُ الرزيّة ؛ أدرك حكمةَ الله جلَّ وعلا ، وعلِم أنَّه لا يَختارُ لعبيدِه سوى الخير!

    واعلمي : أنَّ الدُّنيا لولاها دارُ ابتلاء ؛ لم يُضيَّق العيشُ على الأنبياء والأخيار ، ولم يلصق بهم البلاء ، حتّى عدِموا الرّاحة!

    وأنصعُ برهانٍ :
    نبيُّ الله أيوب عليه السّلام! لم يبقى في جسده مغرِز إبرة سليمًا سوى قلبه!
    حتى قال أحدهم يوما : ما أصاب أيوب هذا إلا بذنبٍ اقترفه!!
    تأمَّلي .......... !!!
    فلما علم أيوب -عليه السّلام- بذلك ، جأر إلى الله ؛ فأزال الله بلاواه ، وإلّا فقد كان صابرا على البلاء ثمانية عشرَ عاما -كما جاء في الحديث الصّحيح- وماصدر منه لم يكن شكوى وإنما كان دعاءا والإنسان يشكو إلى ربه ولا يشكو إلى النّاس إذا عظُم الإيمانُ عندَه!

    وقد دام مرُضُ أيّوب؛ وأيوب إذ نادى ربّه أنّي مسّنيَ الضُرّ ، ولم يكُن متسخِّطا ولا جزعا ؛ لأنَّ الله سُبحانه يقول: إنّا وجدناهُ صابراً ؛ والصّبر ليسَ فيهِ جزع ..

    (قال أبو الفرج بن الجوزي:
    " أما بعد ، فإني رأيت عموم الناس ، ينزعجون لنزول البلاء ، انزعاجاً يزيد عن الحد ، كأنهم ما علموا أن الدنيا على ذا وضعت!
    وهل ينتظر الصحيح إلا السقم؟ والكبير إلا الهرم؟ والموجود سوى العدم؟! كما قيل:
    على ذا مضى الناس
    ، اجتماع وفرقة ...... وميت ومولود وبشر وأحزان!

    وما أحسن ما روي عن بعض السلف ، أن رجلاً جاءه وهو يأكل طعاماً ، فقال له: لقد مات أخوك ، أعظم الله أجرك فيه ، فقال: اقعد وكل ، فقد علمتُ ذلك ، فقال: من أعلمك ، وما سبقني إليك أحد!؟ قال: قولُه تعالى: {كل نفس ذائقة الموت}! ).
    تسلية أهل المصائب للمنبجي ص52 .

    فالدُّنيا مشوبة بالكدر .. مشوبةٌ بالمنغِّصات ..

    ولكنَّ.. الحاذقَ الفطٍن ، من يُحسِن في دقائق أيّامِه ؛ ويُدرك حقارةَ الدُّنيا وصغارها ؛ لينالَ راحةَ الآخرة ..

    وقد سئلِ الإمام أحمد -رحمه الله- : متى الرّاحة يا إمام؟ قال: إذا وضعتَ قدمك في الجنّة ؛ ارتحت!

    فيا حبيبة يا من هيَ بطيبِ قلبِها ، وسعيها لرضى ربِّها ؛ لقلبي قريبة :

    - إيّاكِ وأن تخرجي من هذه الدُّنيا ومن مدرسةِ الحياة خاويةَ اليدينِ صِفراً ، بل اجعلي المِراسَ سبيلَكِ لإدراكِ حقيقتِها ، ومعرفةِ قيمتِها .

    - حينَ يصيبُ أحدَهم مُصيبة! أو تسمعيهم يخبرون: مصيبةٌ حلَّت بفُلانٍ أو فلانة ؛ فاعلمي أنّها هيّنة ما لم تكُن في دينِه!

    ولستُ أدعوكِ لعدمِ التؤثُّرِ لمصائبِ الغيرِ ، والوقوفِ عندَ شدائدهم -لا-!
    ولكنّكِ ...
    مع تؤثُّرك اعلمي: أنَّ الأمرَ يسيرٌ ما دام لا يمسُّ دينَهم الذي هو سبيلُهم لملاقاةِ ربِّهم بوجوهٍ مُسفرة ضاحكةٍ مُستبشرة!

    وإلّا فما يفيدُ أن نبتهجَ ونسعدَ في دُنيانا هذه ، ثمَّ نفارق سعادةَ الآخرة -عافانا الله وإيّاك- !

    ما يفيدُنا إن رافقنا النّعيمَ والرّخاءَ والسّعادة في دُنيانا ، ثمُّ هُناك يومَ العرضِ الأكبر ؛ فارقنا النّعيم!

    وفي أيَّ بليّةٍ تحلُّ عليكِ في دُنياك ؛ تذكّري من هم دونَك!

    من أناسٍ ذاقوا الويلات من أهليهم أو أزواجهم أو أولادهم أو منهم جميعا!
    ربطوا على بطونهم الحجارةَ من الجوع ، وذاوقوا مرارةَ الحربِ والقتلِ والخوف!
    ومن مرضى قيّدَهُم المرضُ في أسرّتهم ، ولم يُبقِ على عضوٍ منهم! أو أصحّاءَ الأبدانِ أضنتهم الأمراضُ النّفسيّةُ والعقليّة!

    هم فارقوا الرّاحةَ في الدُّنيا ، لكنّ اللهَ وعدَهُم أن يرافقوها في الجنان!

    إذن:
    " من رافقَ الرّاحة ؛ فارقَ الرّاحة! و النّعيمُ لا يُدركُ بالنّعيم!
    لا تنسي القاعدةَ المُقرَّرة
    ! واجعلي الشُّكرَ ذِكرَك ، والصَّبرَ حليفَك ، وكتابَ اللهِ دليلَك! تجدي راحةَ الدِّينِ والدُّنيا!

    ولا تظنّي أنَّ الحياة لم تسلم لأحد أو أنّها جُعلت لأحدٍ دونَ أيِّ سوءٍ يُصيبُه!
    لم يكُن هذا ولن يكون!

    هذا وأجدُني أطلتُ كثيراً ؛ لكن قريحتي أبت إلّا أن تكتُبَ لرفيقتِها ، وسمعي أبى إلّا أن يستمعَ لمحاضرةِ طيّبةٍ عُنوانَها "التغلُّب على المُعاناة" كتبتُ منها ما وجدتُه يُناسبُ الحالَ ، علِّي آخذ بيد أخيّتي المُباركة للطّريقِ الذي اخترناهُ أنا وهيَ لأنفُسِنا ، وأبينَا إلّا أن نعبُرَه ، لنرقى بهِ سُلَّم الجنّة إن شاء الله .

    هذا وأسألُ اللهَ أن يوفّقَني وأخيّتي الحبيبة الغالية لكُلِّ خيرِ وأن يرزقَني وإيّاها راحةً في أخرانا لا تعدلُها أيّةُ راحة ... وأن يجمعني بها وبأخيّاتي على سُررٍ مُتقابلينَ ... متؤانسينَ متضاحكين ..
    اللهمّ آمين ..

    ولن أدعو لكِ بأنْ لا تريْ السُّوءَ أبدا !!! .............. ؛
    روي أنَّ أحدَهم دعى لأخيه ألّا يصيبَهُ سوءٌ أبداً ، فقالَ لهُ أحدُ الصّالحين: دعوتَ عليهِ بالهلاك!



    وُدمتِ لمُحبّتِك الطّويلبة أيّتُها الجزائريّةُ الأصيلة ..

    وقد وجدتُ أن أنقلَ رسالتي لأخيّاتي هُنا علّهنّ يستفدنَ منها إن كانت ذاتَ فائدة ..

    وكتبتها : مُحبّتُكُن من أرضِ الشّام / الطُّويلبة الحنبلية ..

    ليلةَ الحادي عشر من ربيع الثّاني من السّنة الهجريّة . الثالِث من شهرِ مارس من السنةِ الإفرنجِيّة .
    قال شميط بن عجلان رحمه الله :
    يا بن آدم إنك ما سكت فأنت سالم ، فإذا تكلمت فخذ حذرك إما لك وإما عليك
    جامع العلوم والحكم

  2. #2

    افتراضي رد: رفيقتي لم تعُد تطيقُ حرَّ كبدِها! [تسليةٌ أخويّة]!

    موضوع جميل جداااااااااا
    ويلامس واقعنا كثيرا
    فكم تتكرر هذه المعاناة بين الصديقات لفراق إحداهن خصوصا بعد الزواج
    والمشكلة الأساسية هي أن صديقتك كانت تستمد قوتها منك فلما رحلتِ عنها خارت قواها وتعرضت للفتن وسهل عليها التأثر بكل ما حولها وبالتالي لم تجد أي أحد لتلومه إلآ أنت لأنها اعتبرتك سبب لما هي فيه بما أنه حدث بسبب رحيلك
    والآن ليس أمامها سوى ثلاثة طرقك:
    - أن تترك نفسها لما هي فيه فتضيع
    - أن تبحث عن صحبة أخرى صالحة تستمد منها قوتها
    - أن تبدأ بتعلم كيف تستمد قوتها من نفسها حتى لا تتعرض للهلاك وتفقد دينها
    وأسأل الله عز وجل أن يوفقها للاختيار الثالث رغم صعوبته لأنه سيحتاج للكثير من الجهد والمجاهدة
    وبارك الله فيك أخيتي على مشاركتك لنا للموضوع

    ومازلت في انتظارك في الموضوع الآخر "حديثك لطالبات العلم المستجدات في الزواج"

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    45

    افتراضي رد: رفيقتي لم تعُد تطيقُ حرَّ كبدِها! [تسليةٌ أخويّة]!

    جزى الله خيرا مفضالتنا الحنبلية خير الجزاء وأجرى الله الحق على لسانها وثبت على المنهج الحق خطاها
    ونفع الله بهاته الكلمات الطاهرات كل مبتلى

    وهذا هو العهد بفاضلتنا فسمتها الأدب فسبحان الله هناك قلوب لا تعرف الكره مهما ظلمتَها وهناك قلوب لا تعرف الحب مهما اكرمتَها ،والحنبلية كنز وأنَّى لي أن أظفر به "ولولا أني لا اريد أن اقطع عنق فاضلتنا لكنت ذكرتُ كرم خصالها وطيب سجاياه التي لا عداد لها "- احسبها على خير ولا ازكي على الله أحدا - وأشهد الله أني أتقرب إليه بحب فاضلتنا الحنبلية وكم لها من أثرعظيم وفضل كبير عليَّ بعد الله جل في علاه ، وأسأله سبحانه أن يجمعنا بهذا الحب في ضل عرشه يوم لا ضل الا ضله.وأدام الله الود بينك وبين رفيقاتك وأصلح قلوبنا و قلوبهنّ ولا حرمنا الله رفقتك الطيبة الطاهرة ...
    "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" نسأل الله الثبات حتى الممات. .وقد انطبق على الحنبلية الفاضلة هذا الكلم :
    إنَّ الصديق الصدوق من صدقك....ومن يضر نفسه لينفعك
    ومن إذا ريب الزمان ضعضعك....فرَّق فيك شمله ليجمعك


    واليك هذه الأبيات ايتها الفاضلة الغالية -فلا أجيد نسج الكلمات كما تفعلين "وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"-
    قـــــال لي المحبوبُ لمَّــا زُرْتُهُ .. مَنْ بِبَـــابِي قُلْتُ بالبَابِ أنَا
    قالَ لي أخطأْتَ تعريفَ الــهوى .. حينَمَــــا فَرَّقْتَ فيهِ بينَـــنَا
    ومضى عـــــــــامٌ فلمَّا جِـئْتُـهُ .. أَطْرِقُ البابَ عليْهِ مُوهِــــنَا
    قالَ لي مَنْ أنتَ قلتُ انظُر فمَا .. ثَمَّ إلا أنْتَ بالــبَــــــاب ِ هُنَا
    قال لي أحسَنْتَ تعريفَ الهَوَى .. وعَرَفتَ الحُبَّ فادْخل يا أنَا

    ونستغفر الله ونتوب اليه وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

  4. #4

    افتراضي رد: رفيقتي لم تعُد تطيقُ حرَّ كبدِها! [تسليةٌ أخويّة]!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الرحمن بنت مصطفى مشاهدة المشاركة
    موضوع جميل جداااااااااا
    ويلامس واقعنا كثيرا
    فكم تتكرر هذه المعاناة بين الصديقات لفراق إحداهن خصوصا بعد الزواج
    والمشكلة الأساسية هي أن صديقتك كانت تستمد قوتها منك فلما رحلتِ عنها خارت قواها وتعرضت للفتن وسهل عليها التأثر بكل ما حولها وبالتالي لم تجد أي أحد لتلومه إلآ أنت لأنها اعتبرتك سبب لما هي فيه بما أنه حدث بسبب رحيلك
    والآن ليس أمامها سوى ثلاثة طرقك:
    - أن تترك نفسها لما هي فيه فتضيع
    - أن تبحث عن صحبة أخرى صالحة تستمد منها قوتها
    - أن تبدأ بتعلم كيف تستمد قوتها من نفسها حتى لا تتعرض للهلاك وتفقد دينها
    وأسأل الله عز وجل أن يوفقها للاختيار الثالث رغم صعوبته لأنه سيحتاج للكثير من الجهد والمجاهدة
    وبارك الله فيك أخيتي على مشاركتك لنا للموضوع

    ومازلت في انتظارك في الموضوع الآخر "حديثك لطالبات العلم المستجدات في الزواج"
    فكرت في كلامك كثيرا وتذكرت موقف لأخت مرت بظروف قاسية جدا ولم تجد أخواتها المقربات معها بل تخلو عنها جميعا بدافع انشغالهم بعمل دعوي جلي
    ولم يكلفن أنفسهن بالسؤال عنها ولو بمكالمة هاتفية واعتبروا أنها ليس من حقها الاحتياج لهم في ذلك الوقت
    مع أن الله يعلم كم كانت تعاني حتى كادت تفقد دينها وتكفر والعياذ بالله لولا رحمة الله ورأفته بها
    وقد تسبب هذا الموقف في شرخ كبير بينهم وفقدت أخوتهم في الله

    نعم موقفك مختلف عنها

    لكن ما أردت إيصاله أن تعذري أخيتك فلعلها فعلا كانت في حاجة إليك وصحيح أنك لم تتخلي عنها لأنك لم تعلمي أساسًا بحاجتها إليك لكنها لا تستطيع أن تمنع نفسها من وضع اللوم عليك قائلة لنفسها لو كانت مستمرة في التواصل معي لكانت أعانتني على ما أنا فيه ولم يصل بي الأمر لهذا الحد
    وربما عتاب أخيتك قاسي وشديد لكن قسوته هي على مقدار حبها لكِ ومقدار حاجتها إليك
    فأعذريها ولا تملي من عتابها حتى تخرج مما هي فيه، واستمري في مراسلتها برسائل تشعرها أنك فعلا لم تتخلي عنها وأنك موجودة لتساعديها وتقفي بجانبها
    والأمر مسألة وقت وبعون الله ستصبح علاقتكما أفضل من ذي قبل بكثير

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    المشاركات
    45

    افتراضي رد: رفيقتي لم تعُد تطيقُ حرَّ كبدِها! [تسليةٌ أخويّة]!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الرحمن بنت مصطفى مشاهدة المشاركة
    وربما عتاب أخيتك قاسي وشديد لكن قسوته هي على مقدار حبها لكِ ومقدار حاجتها إليك
    فأعذريها ولا تملي من عتابها حتى تخرج مما هي فيه، واستمري في مراسلتها برسائل تشعرها أنك فعلا لم تتخلي عنها وأنك موجودة لتساعديها وتقفي بجانبها
    والأمر مسألة وقت وبعون الله ستصبح علاقتكما أفضل من ذي قبل بكثير
    اوافقك الرأي أختي ام عبد الرحمن وأصلح الله حالنا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •