قال العلامة أبو العباس الغِبْرِيْنِي (تـ: 714 أو 704) في "عنوان الدراية فيمن عُرِفَ من العلماء في المائة السابعة بِبِجَاية" في ترجمة أبي القاسم محمد بن أحمد بن محمد الأُمَوي، المعروف بابن اندراس (ص76):
(كان رحمه الله إذا سئل عن المسألة الطبيّة كثيرًا ما يتوقّف عن الجواب إلا بعد نظر، ورأيت غيره من الأطبّاء ممّن يقصر عن معرفته إذا سُئل ساعةَ ما يسأل: يجيب، وربما اعتقد هذا المسرع في الجواب أو غيره من الأغبياء أنّ سرعة المسرع هي لمعرفته، وأنّ إبطاء المبطىء هو لتقصيره، وهذا هو اعتقاد الأغبياء في أمثال هذا؛ وإنّما الإبطاء في الجواب دليل العلم؛ لأنه بيّن السّائل للطبيب الغرض العارض للعليل، ولابد أن يقع له النظر في الأسباب وتمييزها والحدس على السبب الفاعل إنْ تعارضت وينظر أنسب الأدوية، وحينئذ يقع الجواب، وهكذا هو حال حذّاق الأطبّاء، وأمّا عوامّهم ومن يُعدّ منهم في أعداد القوابل، فعندما يُسأل يجيب بغير علم، ولقد رأيت بعض من كان مبخوتًا في الطب يعالج المرضى فتخفَى عليه الشكاية فيعالجها بالحار تارة وبالبارد تارة أخرى، بحيث ينظر فإنْ أنجح فيها أحدهما استمر عليه، ويَحرم على الإنسان أن يمكّن نفسه ممّن حاله مثل هذه الحال، ويَحرم على من هذه صفته أن يطبّ، وهذه الصناعة هي أشدّ الصناعات ضياعًا في بلادنا لأنّه يتعرّضها الغثّ والسّمين، ولا يقع بينهما التمييز إلا عند القليل من الناس).