صاحب الذكرى لا ينسى أهل الفضل عليه
الشيخ : أحمد النعسان
بسم الله الرحمن الرحيم
خلاصة الخطبة الماضية:
الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد فيا عباد الله:
لقد ذكرت لكم في الأسبوع الماضي بأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رفعه الله درجات على الناس كلهم؟, بل على خاصة الخاصة من الأنبياء والمرسلين, وبيَّن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا فَخْرَ, وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلا فَخْرَ, وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ ـ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ ـ إِلا تَحْتَ لِوَائِي, وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلا فَخْرَ) رواه الترمذي.
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استغلَّ هذا الرفع في كَمِّ الأفواه, وهو درس عملي لحكامنا وعلمائنا ومسؤولينا الذين رفعهم الله ـ لا أقول على الناس كلهم بل ـ على شريحة من شرائح المجتمع في أن لا يستغلوا هذا الرفع والقوة في كَمِّ الأفواه ومحو الغير.
لا تنسَ فضل أهل الفضل عليك:
أيها الإخوة الكرام: بعد فتح مكة وغزوة حنين دانت الجزيرة العربية لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وبلغ أعلى درجة في القوة, بلغ إلى ذروتها, في هذه الحالة اعترض بعض الأنصار على تقسيم الفيء بعد غزوة حنين, ووجدوا في أنفسهم وقالوا ما قالوا, ورسول الله صلى الله عليه وسلم المرفوع على أولي العزم من الرسل, ورسول الله بلغ أعلى درجة من القوة فما كان موقفه صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الأنصار؟
هل ألغى وجودهم بهذا الاعتراض؟ هل سحقهم بسبب هذا الاعتراض؟ هل عاتبهم عتاباً شديداً وقاسياً لصالحه؟ هل أهملهم وازدراهم؟ هل تناساهم وكأنه لا وجود لهم؟ هل تركهم يتمزَّقون من دواخلهم؟ هل وبَّخهم على فعلهم وقولهم واعتراضهم؟
معاذ الله تعالى, إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسى الفضل لأهل الفضل, ولا ينسى الإحسان لأهل الإحسان حتى في ساعة الشدة.
قد لا ينسى الإنسان فضل الآخرين عليه وإحسانهم في ساعة الرخاء, في ساعة الوُدَّ, ولكن هل يستطيع الإنسان أن لا ينسى فضل أهل الفضل وإحسان أهل الإحسان في ساعة الشدة وفي ساعة الغضب, وخاصة إذا كان هو في ذروة القوة؟
أيها الإخوة: إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمنا درساً عملياً في غزوة حنين أن لا ننسى فضل أهل الفضل وإحسان أهل الإحسان في ساعات الشدة, ومهما بلغنا الدرجات العالية من القوة.
لأن الإنسان إذا بلغ الذروة من القوة قد ينسى فضل الآخرين عليه وخاصة إذا صدرت من أحدهم إساءة, انظروا إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كيف كان موقفه من الأنصار بعد غزوة حنين عندما قالوا الذي قالوا, لقد تذكر النبي صلى الله عليه وسلم فضل الأنصار وتذكر بيعة الأنصار رضي الله عنهم عندما قال له الأنصار رضي الله عنهم: عَلامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: (تُبَايِعُونِي عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ, وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ, وَعَلَى الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ, وَعَلَى أَنْ تَقُولُوا فِي اللَّهِ لا تَأْخُذُكُمْ فِيهِ لَوْمَةُ لائِمٍ, وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي إِذَا قَدِمْتُ يَثْرِبَ فَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ , وَلَكُمْ الْجَنَّةُ).
فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا, فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحْنُ أَهْلُ الْحُرُوبِ وَأَهْلُ الْحَلْقَةِ وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ.
فَاعْتَرَضَ الْقَوْلَ وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالاً وَإِنَّا قَاطِعُوهَا ـ يَعْنِي الْعُهُودَ ـ فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ وَتَدَعَنَا؟
فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: (بَلْ الدَّمَ الدَّمَ, وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ, أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّي, أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ) رواه الإمام أحمد وغيره.
لقد تذكَّر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البيعة, تذكَّر فضل الأنصار وهو في ذروة القوة فقال لهم في تلك الساعة ـ ساعة الاعتراض عليه ـ كلمات يجب على قادة الأمة ومسؤوليها أن يحفظوها لتكون درساً عملياً لهم.
لقد ذكَّرهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضلهم عليه, فقال لهم بل صراحة ووضوح, لا بالإشارة ولا بالتلويح, وهذا شأن الرجال الذين يحفظون الود لأهل الود والإحسان لأهل الإحسان, فقال لهم صلى الله عليه وسلم: (أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ: أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ, وَمَخْذُولاً فَنَصَرْنَاكَ, وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ, وَعَائِلاً فَأَغْنَيْنَاكَ ).
من عنده الجرأة عندما يكون قوياً أن يذكر من كان سبباً في قوته ـ إن أساء إليه ـ أن يذكِّره بفضله عليه؟ هذا لا يكون إلا عند أهل الفضل, لأنه لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه.
كن جريئاً إذا أصبحت قوياً واعترضَ عليك معترض من أهل الفضل عليك أن تذكِّره بفضله عليك, واحذر من أن تسحقه وتنسى فضله, أو أن تهمله.
إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين:
أيها الإخوة الأحبة: إن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم كان يحفظ الود لأهل الود, ويقابل الإحسان بإحسان أعظم, والإكرام بإكرام أفضل.
روى البيهقي عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: (قدم وفد النجاشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يخدمهم, فقال أصحابه: نحن نكفيك يا رسول الله. قال: «إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، وإني أحب أن أكافئهم»).
لقد حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم إكرام النجاشي لأصحابه الكرام عندما هاجروا إليه إلى الحبشة وأكرمهم النجاشي رضي الله عنه, فقابل هذا الإكرام بإكرام أعظم, حيث قام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخدمتهم بذاته الشريفة, وما رضي صلى الله عليه وسلم أن يقوم بذلك أصحابه الكرام رضي الله عنهم, وهذا من وُدَّه ووفائه لأهل الفضل, جزاه الله تعالى عنا خير ما جزى نبياً عن أمته.
(اللهم جمِّله):
أحبابَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضيِّع الإحسان, وما كنا ينكر الجميل والمعروف لإنسان مهما كان الإحسان والجميل دقيقاً.
روى الطبراني وأحمد في مسنده عن عمرو بن أخطب الأنصاري رضي الله عنه قال: (اسْتَسْقَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءً فَأَتَيْتُهُ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ, فَكَانَتْ فِيهِ شَعَرَةٌ فَأَخَذْتُهَا, فَقَالَ: اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ). قال الراوي: فرأيت عمراً وهو ابن تسعين سنة, وليس في لحيته شعرة بيضاء.
معروف بسيط, أتاه عمرو بكوب من الماء, كانت فيه شعرة فأزالها من الكوب, فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء.
من يفعل هذا مع أهل بيته من زوجة أو بنت أو ولد, من يفعل هذا مع من هو أصغر منه سناً ومكانةً؟
(نزع الله عنك ما تكره):
أيها الإخوة الكرام: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضيِّع إحسان محسن أبداً, روى الطبراني عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَسَقَطَتْ عَلَى لِحْيَتِهِ رِيشَةٌ, فَابْتَدَرَ إِلَيْهِ أَبُو أَيُّوبَ فَأَخَذَهَا مِنْ لِحْيَتِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَزَعَ اللَّهُ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ).
هكذا كان المتبوع مع التابع, هكذا كان المحبوب مع المحبِّ, يحفظ فضل أهل الفضل, وما كان يستغل التابعَ المحبَّ, أين نحن من هذا الخلق العظيم السامي مع التابعين المحبين؟
(أسألك مرافقتك في الجنة):
أيها الإخوة المؤمنون: خادم لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه, يقول كما يروي الإمام مسلم: (كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ, فَقَالَ لِي: سَلْ, فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ, قَالَ: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ, قَالَ: فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ).
وفي رواية الطبراني, قال ربيعة بن كعب: (كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَارِي، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ أَوَيْتُ إِلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِتُّ عِنْدَهُ، فَلا أَزَالُ أَسْمَعُهُ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ, سُبْحَانَ رَبِّي, حَتَّى أَمَلُّ أَوْ تَغْلِبَنِي عَيْنِي فَأَنَامُ، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا رَبِيعَةُ سَلْنِي فَأُعْطِيَكَ، قُلْتُ: أَنْظِرْنِي حَتَّى أَنْظُرَ، وتَذَكَرْتُ أَنَّ الدُّنْيَا فَانِيَةٌ مُنْقَطِعَةٌ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْأَلُكَ أنْ تَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يُجَنِّبَنِي مِنَ النَّارِ وَيُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قُلْتُ: مَا أَمَرَنِي بِهِ أَحَدٌ، وَلَكِنِّي عَلِمْتُ أَنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ فَانِيَةٌ, وَأَنْتَ مِنَ اللَّهِ بِالْمَكَانِ الَّذِي أَنْتَ بِهِ, أَحْبَبْتُ أنْ تَدْعُوَ اللَّهَ، قَالَ: إِنِّي فَاعِلٌ، فَأَعِنِّي بِكَثْرَةِ السُّجُودِ).
(لا تنكر المعروف):
أيها الإخوة الكرام: من خلال هذا أتوجَّه إلى كل زوج وإلى كل زوجة, وإلى كل عامل وإلى كل رب عمل, وإلى كل حاكم وإلى كل محكوم, لأقول لهم ولنفسي: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان, لا تنكروا معروف بعضكم لبعض.
أولاً: لا تنكر فضل أبوي زوجتك:
أيها الإخوة الكرام: قولوا لكلِّ زوج: لا تنكر فضل أبوي زوجتك عليك, لماذا تمسكنت بداية أمام والدي الزوجة حتى إذا تمكَّنت وحقَّقت ما تريد قابلت الإحسان بالإساءة؟
أيها الزوج: لا تَتَفَرْعَنْ على أبوي زوجتك بعد الزواج, لأن هذا من شأن اللئام وليس من شأن الكرام, أتتفرعن عليهما لأنَّ عِرضهما صار عندك؟ أتتفرعن عليهما لأنك أصبحت أقوى منهما بحيث تهدِّدهما بطلاق ابنتهما؟ الكرام يقابلون الإساءة بالإحسان, واللئام يقابلون الإحسان بالإساءة, فلنكن كرماء.
لا تنس فضل زوجتك وتتعجَّل بطلاقها:
أيها الزوج الكريم: لا تنس فضل زوجتك في ساعة الشدة وتتعجَّل في طلاقها, كن حليماً عليها, كن ذَكوراً لفضلها, هذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما غضب من نسائه ونزلت آية التخيير بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنّ َ سَرَاحًا جَمِيلاً * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}.
انظروا إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ساعة الغضب, وينزل الأمر من الله تعالى في أن يخيِّر نساءه, ماذا فعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ بدأ بالسيدة عائشة رضي الله عنها فقال لها: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكِ أَمْرًا أُحِبُّ أَنْ لا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ) متفق عليه. لماذا في ساعة الغضب من زوجتك تتعجَّل وتنسى فضل زوجتك وتتلفَّظ بكلمة الطلاق, وربما أن يكون الطلاق بالثلاث فتبين منك زوجتك بينونة كبرى فلا تحل لك حتى تتزوج غيرك, هل هذا من الوفاء للزوجة؟ هل هذا من حفظ الوُدِّ لها؟
لا تنس فضل رب العمل:
وأما أنت أيها العامل: لماذا تنسى فضل ربِّ العمل عليك؟ لقد تعاقدت معه على أجر معلوم, وبقيت معه سنوات طويلة والأمور على أحسن حال, فإذا رأى إنهاء عملك في يوم من الأيام لظرف من الظروف لماذا تنقضُّ عليه انقضاض الإنسان اللئيم على عدوٍّ له؟ لماذا ترفع عليه دعوى طلب تعويض؟ أيُّ تعويض تطالب به ما دمت اتفقت معه على أجر معلوم, ولم يسجل اسمك في التأمينات؟
اعلم بأنك إذا احتكمت لغير كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذت مالاً غير الذي اتفقت عليه مع صاحب العمل فإنك تأخذ قطعة من النار.
هل رفع الدعوى على ربِّ العمل من الوفاء له بعد إحسانه لك سنوات؟
خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:
أيها الإخوة الأحبة: قابلوا الإحسان بالإحسان, ولا تنسوا الفضل بينكم, قابلوا الإكرام بإكرام ولا تنكروا المعروف بينكم, بل تعالوا لنرتفع إلى مستوىً أعلى من ذلك فلنقابل الإساءة بإحسان, ونكران المعروف بمعروف أكبر, ولنجسِّد قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَأَعْرِضْ عَمَّنْ ظَلَمَكَ) رواه أحمد. تجسيداً عملياً.
اللهم وفِّقنا لذلك يا أرحم الراحمين, أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم, فيا فوز المستغفرين