صيف سعيد


الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, أما بعد, فكيف نقضى صيفاً سعيداً؟ بل ما السعادة المقصودة؟

- هل السعادة في قضاء وقت ممتع على شاطئ البحر وسط العري وغيره؟!

- هل السعادة في إطلاق البصر للنساء والعورات ومصاحبة الفتيات؟!

- هل السعادة في السهر أمام القنوات الإباحية وقتل الأوقات؟!


- هل السعادة في شرب المخدرات والمسكرات، والسجائر والشيشة على المقاهي ولعب النرد والورق وغيرها؟

- هل السعادة في قضاء الأوقات مع (الشلة) على النواصي وفي الطريق العام في معاكسة الناس وأذيتهم بأصوات منكره وعبارات ساقطة وسب وشتم وقذف؟!

- هل السعادة في قضاء الأوقات الطويلة أمام النت على ساحات الحوار «الشات»؛ حيث تكوين العلاقات الغرامية وخداع الناس؟! هل.. هل.. هل.. أشياء كثيرة جدا ولكن, ما السعادة الحقيقية إذا لم تكن هذه الأشياء سعادة؟

- إن السعادة الحقيقية تكمن في طاعة العبد لمولاه والفوز برضاه.

- إن السعادة الحقيقية في أن يبتعد العبد عن النار ويدخل جنة مولاه بفضله تعالى ورضاه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُوْرَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُوْرِ}(آل عمران: 185).

والناس أحد رجلين: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}(هود: 105)، بما قدر الله عليهم وبما كسبوا من خير أو شر {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى. وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى. إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى. فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى } (الليل: 6-10).

السعادة الحقيقية في أن يوفقك الله للإيمان والعمل الصالح، وترك الشرك والمعاصي, فالأعمال الصالحة سبب لجلب السعادة: {لَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ}(النح ل: 32)، أي بسبب أعمالكم, قال: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» رواه البخاري.

فالعبد إنما يؤخره عمله السيئ وتفريطه في العمل الصالح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه» رواه مسلم.

إذاً- أخي الحبيب- هلم إلى العمل الصالح، ففيه السعادة في الدارين، وإياك ومجاوزة حدك مع أوامر ربك فما يسع العبد إلا أن يقول: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}(الب قرة: 285).

أخي الحبيب: المعادلة.... المعادلة، {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)}(النازعات: 37- 41).

أخي الحبيب: استثمر أوقات الفراغ التي نحياها في طاعة الله في هذا الصيف وفي كل صيف.

أخي: ما نصيبك من حفظ كتاب الله؟!

س: ضعيف طبعاً.

أخي: ما رأيك في أن يكون لك ورد حفظ في أي مركز تحفيظ أو مسجد أو مع أخ لك أو شيخ تذهب إليه؟

س: أعتقد أنه لا مانع إن شاء الله.

أخي: هل تعلم أن عدد أوجه المصحف 600 وجه؟ وأنك بالتركيز يمكنك حفظ 8 أوجه يومياً، وهذا يعنى حفظ 50 وجه في الأسبوع، يعني -أيضاً- 200 وجه في الشهر ثم المفاجأة أنه يعني حفظ 600 وجه في خلال ثلاثة أشهر!

س: ما شاء الله لا قوة إلا بالله, شيء مذهل ولكن إلام يحتاج؟

يحتاج إلى همة عالية وإصرار واستمرار, وأن تسأل الله التوفيق والسداد -الدعاء-.

س: الله المستعان وعلى قدر استطاعتي سأبدأ.

أخي: القرآن أعظم ما يهتم العبد به، ولاسيما عندما تتحول آياته إلى سلوك ومنهج حياة فتستشعر لذته، ولذا لابد من دراسة العلوم الشرعية حتى نحصل من العلم ما لا يسع المسلم جهله. والحمد لله في دعوتك المباركة، مناهج لكل مستوى يتناسب مع المرحلة العمرية -السن- والمستوى العلمي....


وقد أعددت لك- أخي الحبيب- مجموعة من الكتب الميسرة المتدرجة والشاملة لأنواع العلوم الشرعية، اختر منها ما يناسب مستواك، وهي على الترتيب: كتاب الأساس، كتاب البنيان، كتاب البداية لمن سلك طريق الهداية.

وأخيرًا أخي الحبيب: روِّح عن نفسك بما أحله الله وأباحه، ولا تعرض نفسك للفتن، واتق الله حيثما كنت، واعلم أن الله يراك، وصلي اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبها: مصطفى دياب