تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: رجائي أن تجيبوني على سؤالي؟ ياعلماء التفسير والعقيدة.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    1

    افتراضي رجائي أن تجيبوني على سؤالي؟ ياعلماء التفسير والعقيدة.

    أرجوا توضيح هذا الكلام ياعلماءالتفسير و العقيدة؟ وهل هوموافق لعقيدة أهل السنة؟
    قال تعالى: (كن فيكون) [البقرة:117]
    قال القرافي:" ليس المراد – هاهنا – التكوين؛ فإن الله – تعالى – لايكون الممكنات بكلامه بل بقدرته، والمعدوم لايؤمر بأن يكون نفسه ، بل الصحيح في هذه الآية أنها من باب مجاز التشبيه .
    تقديره : إنما شأننا في إيجاد الشيئ إذا أردناه أن نقول له : (كن فيكون) أي : لايتأخر عن إرادتنا طرفة عين ، بخلاف البشر قد يتأخر مراده عن إرادته، فمعنى الآية : أرأيتم إذا أمر أحدكم فلا يتأخر عن أمره ذرة، كذلك مقدوري مع قدرتي وإرادتي ، لقول الله تعالى ، فهو مجاز تشبيه .

    ([1]) في نفائس الأصول3/1230 .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: رجائي أن تجيبوني على سؤالي؟ ياعلماء التفسير والعقيدة.

    في أي حال يقول الرب تعالى للشيء (كن) فيكون ؟ في حال وجوده ، أم في حال عدمه ؟


    السؤال:
    في أي حال يقول الرب تعالى للشيء (كن) فيكون ؟ في حال وجوده ، أم في حال عدمه ؟
    تم النشر بتاريخ: 2014-12-08

    الجواب :
    الحمد لله
    قال تعالى : ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) النحل/40 .
    وقال عز وجل : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) يس/ 82 .
    والمعنى في هذه الآيات ونحوها : أن الله تعالى لا يتعاظم على قدرته شيء ، فإذا ما أراد فعل شيء ، فإنما يفعله ويخلقه بأمره الكوني له : كن ، فلا يتأخر ذلك الشيء الذي أراده ، بل يكون من فوره . وهذا دليل القدرة التامة لله عز وجل ، فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء .



    وينبغي التنبه إلى أمرين مهمين ، لفهم ذلك :
    الأول : أنه إنما صح تسمية هذا المعدوم قبل أن يخلق " شيئا " لأنه موجود في علم الله تعالى ، قد علمه الله سبحانه وتعالى قبل أن يخلقه ، بل وكتبه أيضا في كتابه السابق ؛ فهو شيء باعتبار العلم به ، لا لأن له وجودا متميزا خارج الأذهان ، فإن هذا إنما يكون له بعد أن يخلق ، لا قبل أن يوجد بالفعل .
    قال الشنقيطي رحمه الله في "أضواء البيان" (2/ 377):
    " عَبَّرَ تَعَالَى عَنِ الْمُرَادِ قَبْلَ وُقُوعِهِ بِاسْمِ الشَّيْءِ ; لِأَنَّ تَحَقُّقَ وُقُوعِهِ كَالْوُقُوعِ بِالْفِعْلِ، فَلَا تُنَافِي الْآيَةُ إِطْلَاقَ الشَّيْءِ عَلَى خُصُوصِ الْمَوْجُودِ دُونَ الْمَعْدُومِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يُوجَدُ ذَلِكَ الشَّيْءُ، وَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ كَانَ تَحَقُّقُ وُقُوعِهِ بِمَنْزِلَةِ وُقُوعِهِ ; أَوْ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ الشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ وَجُودِهِ الْمُتَوَقَّعِ، كَتَسْمِيَةِ الْعَصِيرِ خَمْرًا فِي قَوْلِهِ : ( إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا) ، نَظَرًا إِلَى مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ فِي ثَانِي حَالٍ " انتهى .


    الثاني :
    أن الخطاب الذي وجه إليه ( كن ) ليس خطابا تكليفيا ، ولا أمرا له بفعل شيء ، وإنما هو خطاب "كوني" ، "قدري" ، وهذا الخطاب : هو دليل قدرة الله تعالى التامة ، وإرادته ، ومظهر ذلك .
    قال ابن الجوزي رحمه الله :
    " فان قيل: هذا خطاب لمعدوم ؟
    فالجواب : أنه خطاب تكوين يظهر أثر القدرة ، ويستحيل أن يكون المخاطب به موجودا ، لأنه بالخطاب كان ، فامتنع وجوده قبله أو معه ، ويحقق هذا أن ما سيكون متصور العلم فضاهى بذلك الموجود ، فجاز خطابه لذلك " .
    انتهى من "زاد المسير" (1/ 105) .

    وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، فِي قَوْله تَعَالَى : (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ مَوْجُودًا فَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ ، وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ خِطَابُ الْمَعْدُومِ ؟
    فأجاب جوابا مطولا ، جمع فيه مقاصد ذلك ، وأطرافه ، جاء فيه :
    " وقَوْله تَعَالَى (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) . ذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ مَعْلُومٌ قَبْلَ إبْدَاعِهِ ، وَقَبْلَ تَوْجِيهِ هَذَا الْخِطَابِ إلَيْهِ ، وَبِذَلِكَ كَانَ مُقَدَّرًا مَقْضِيًّا، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ وَيَكْتُبُ ، مِمَّا يَعْلَمُهُ : مَا شَاءَ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ( إنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مَعَهُ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ) ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اُكْتُبْ ، فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: مَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) .
    إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ الْمَخْلُوقَ ، قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ : كَانَ مَعْلُومًا ، مُخْبَرًا عَنْهُ ، مَكْتُوبًا ؛ فَهُوَ شَيْءٌ بِاعْتِبَارِ وُجُودِهِ الْعِلْمِيِّ الْكَلَامِيِّ الْكِتَابِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ حَقِيقَتُهُ ، الَّتِي هِيَ وُجُودُهُ الْعَيْنِيُّ : لَيْسَ ثَابِتًا فِي الْخَارِجِ ، بَلْ هُوَ عَدَمٌ مَحْضٌ ، وَنَفْيٌ صِرْفٌ .
    وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْخِطَابُ مُوَجَّهًا إلَى مَنْ تَوَجَّهَتْ إلَيْهِ الْإِرَادَةُ ، وَتَعَلَّقَتْ بِهِ الْقُدْرَةُ ، وَخَلَقَ وَكَوَّنَ ، كَمَا قَالَ: (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ؛ فَاَلَّذِي يُقَالُ لَهُ: كُنْ ، هُوَ الَّذِي يُرَادُ، وَهُوَ حِينَ يُرَادُ - قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ - لَهُ ثُبُوتٌ وَتَمَيُّزٌ فِي الْعِلْمِ وَالتَّقْدِيرِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا تَمَيَّزَ الْمُرَادُ الْمَخْلُوقُ مِنْ غَيْرِهِ .
    فقول السَّائِلِ: إنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ مَوْجُودًا فَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ ؟
    يُقَالُ لَهُ : هَذَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الْخَارِجِ ، وُجُودَهُ الَّذِي هُوَ وُجُودُهُ . وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ مَوْجُودًا ، وَلَا هُوَ فِي نَفْسِهِ ثَابِتٌ .
    وَأَمَّا مَا عُلِمَ وَأُرِيدَ ، وَكَانَ شَيْئًا فِي الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالتَّقْدِيرِ ، فَلَيْسَ وُجُودُهُ فِي الْخَارِجِ مُحَالًا؛ بَلْ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ لَا تُوجَدُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا فِي الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ.
    وَقَوْلُ السَّائِلِ: إنْ كَانَ مَعْدُومًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ خِطَابُ الْمَعْدُومِ ؟
    يُقَالُ لَهُ: أَمَّا إذَا قُصِدَ أَنْ يُخَاطَبَ الْمَعْدُومُ .. بِخِطَابِ يَفْهَمُهُ وَيَمْتَثِلُهُ ، فَهَذَا مُحَالٌ؛ إذْ مِنْ شَرْطِ الْمُخَاطَبِ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْفَهْمِ وَالْفِعْلِ ؛ وَالْمَعْدُومُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَفْهَمَ وَيَفْعَلَ، فَيَمْتَنِعُ خِطَابُ التَّكْلِيفِ لَهُ حَالَ عَدَمِهِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ حِينَ عَدَمِهِ أَنْ يَفْهَمَ وَيَفْعَلَ .
    وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخَاطَبَ الْمَعْدُومُ فِي الْخَارِجِ خِطَابَ تَكْوِينٍ ، بِمَعْنَى أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ ، وَأَنَّهُ يُخَاطَبُ بِأَنْ يَكُونَ.
    وَأَمَّا الشَّيْءُ الْمَعْلُومُ الْمَذْكُورُ الْمَكْتُوبُ ، إذَا كَانَ تَوْجِيهُ خِطَابِ التَّكْوِينِ إلَيْهِ ، مِثْلَ تَوْجِيهِ الْإِرَادَةِ إلَيْهِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مُحَالًا، بَلْ هُوَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ ، بَلْ مِثْلُ ذَلِكَ يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ، فَيُقَدِّرُ أَمْرًا فِي نَفْسِهِ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَيُوَجِّهُ إرَادَتَهُ وَطَلَبَهُ إلَى ذَلِكَ الْمُرَادِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي قَدَّرَهُ فِي نَفْسِهِ، وَيَكُونُ حُصُولُ الْمُرَادِ الْمَطْلُوبِ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى حُصُولِهِ ، حَصَلَ مَعَ الْإِرَادَةِ وَالطَّلَبِ الْجَازِمِ، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا لَمْ يَحْصُلْ.
    وَقَدْ يَقُولُ الْإِنْسَانُ : لِيَكُنْ كَذَا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ الطَّلَبِ ، فَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ .
    وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ؛ فَإِنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " انتهى .
    ينظر : "مجموع الفتاوى" (8/ 181-186) .
    راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (
    112157) .
    والله تعالى أعلم .


    موقع الإسلام سؤال وجواب
    https://islamqa.info/ar/223959
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: رجائي أن تجيبوني على سؤالي؟ ياعلماء التفسير والعقيدة.

    في أي حال يقول الرب تعالى للشيء (كن) فيكون ؟ في حال وجوده ، أم في حال عدمه ؟


    السؤال:
    في أي حال يقول الرب تعالى للشيء (كن) فيكون ؟ في حال وجوده ، أم في حال عدمه ؟

    تم النشر بتاريخ: 2014-12-08

    الجواب :
    الحمد لله
    قال تعالى : ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) النحل/40 .
    وقال عز وجل : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) يس/ 82 .
    والمعنى في هذه الآيات ونحوها : أن الله تعالى لا يتعاظم على قدرته شيء ، فإذا ما أراد فعل شيء ، فإنما يفعله ويخلقه بأمره الكوني له : كن ، فلا يتأخر ذلك الشيء الذي أراده ، بل يكون من فوره . وهذا دليل القدرة التامة لله عز وجل ، فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء .



    وينبغي التنبه إلى أمرين مهمين ، لفهم ذلك :
    الأول : أنه إنما صح تسمية هذا المعدوم قبل أن يخلق " شيئا " لأنه موجود في علم الله تعالى ، قد علمه الله سبحانه وتعالى قبل أن يخلقه ، بل وكتبه أيضا في كتابه السابق ؛ فهو شيء باعتبار العلم به ، لا لأن له وجودا متميزا خارج الأذهان ، فإن هذا إنما يكون له بعد أن يخلق ، لا قبل أن يوجد بالفعل .
    قال الشنقيطي رحمه الله في "أضواء البيان" (2/ 377):
    " عَبَّرَ تَعَالَى عَنِ الْمُرَادِ قَبْلَ وُقُوعِهِ بِاسْمِ الشَّيْءِ ; لِأَنَّ تَحَقُّقَ وُقُوعِهِ كَالْوُقُوعِ بِالْفِعْلِ، فَلَا تُنَافِي الْآيَةُ إِطْلَاقَ الشَّيْءِ عَلَى خُصُوصِ الْمَوْجُودِ دُونَ الْمَعْدُومِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يُوجَدُ ذَلِكَ الشَّيْءُ، وَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ كَانَ تَحَقُّقُ وُقُوعِهِ بِمَنْزِلَةِ وُقُوعِهِ ; أَوْ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ الشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ وَجُودِهِ الْمُتَوَقَّعِ، كَتَسْمِيَةِ الْعَصِيرِ خَمْرًا فِي قَوْلِهِ : ( إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا) ، نَظَرًا إِلَى مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ فِي ثَانِي حَالٍ " انتهى .


    الثاني :
    أن الخطاب الذي وجه إليه ( كن ) ليس خطابا تكليفيا ، ولا أمرا له بفعل شيء ، وإنما هو خطاب "كوني" ، "قدري" ، وهذا الخطاب : هو دليل قدرة الله تعالى التامة ، وإرادته ، ومظهر ذلك .
    قال ابن الجوزي رحمه الله :
    " فان قيل: هذا خطاب لمعدوم ؟
    فالجواب : أنه خطاب تكوين يظهر أثر القدرة ، ويستحيل أن يكون المخاطب به موجودا ، لأنه بالخطاب كان ، فامتنع وجوده قبله أو معه ، ويحقق هذا أن ما سيكون متصور العلم فضاهى بذلك الموجود ، فجاز خطابه لذلك " .
    انتهى من "زاد المسير" (1/ 105) .

    وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، فِي قَوْله تَعَالَى : (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ مَوْجُودًا فَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ ، وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ خِطَابُ الْمَعْدُومِ ؟
    فأجاب جوابا مطولا ، جمع فيه مقاصد ذلك ، وأطرافه ، جاء فيه :
    " وقَوْله تَعَالَى (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) . ذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ مَعْلُومٌ قَبْلَ إبْدَاعِهِ ، وَقَبْلَ تَوْجِيهِ هَذَا الْخِطَابِ إلَيْهِ ، وَبِذَلِكَ كَانَ مُقَدَّرًا مَقْضِيًّا، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ وَيَكْتُبُ ، مِمَّا يَعْلَمُهُ : مَا شَاءَ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ( إنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مَعَهُ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ) ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اُكْتُبْ ، فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: مَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) .
    إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ الْمَخْلُوقَ ، قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ : كَانَ مَعْلُومًا ، مُخْبَرًا عَنْهُ ، مَكْتُوبًا ؛ فَهُوَ شَيْءٌ بِاعْتِبَارِ وُجُودِهِ الْعِلْمِيِّ الْكَلَامِيِّ الْكِتَابِيِّ، وَإِنْ كَانَتْ حَقِيقَتُهُ ، الَّتِي هِيَ وُجُودُهُ الْعَيْنِيُّ : لَيْسَ ثَابِتًا فِي الْخَارِجِ ، بَلْ هُوَ عَدَمٌ مَحْضٌ ، وَنَفْيٌ صِرْفٌ .
    وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْخِطَابُ مُوَجَّهًا إلَى مَنْ تَوَجَّهَتْ إلَيْهِ الْإِرَادَةُ ، وَتَعَلَّقَتْ بِهِ الْقُدْرَةُ ، وَخَلَقَ وَكَوَّنَ ، كَمَا قَالَ: (إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ؛ فَاَلَّذِي يُقَالُ لَهُ: كُنْ ، هُوَ الَّذِي يُرَادُ، وَهُوَ حِينَ يُرَادُ - قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ - لَهُ ثُبُوتٌ وَتَمَيُّزٌ فِي الْعِلْمِ وَالتَّقْدِيرِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا تَمَيَّزَ الْمُرَادُ الْمَخْلُوقُ مِنْ غَيْرِهِ .

    فقول السَّائِلِ: إنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ مَوْجُودًا فَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ ؟
    يُقَالُ لَهُ : هَذَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الْخَارِجِ ، وُجُودَهُ الَّذِي هُوَ وُجُودُهُ . وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ مَوْجُودًا ، وَلَا هُوَ فِي نَفْسِهِ ثَابِتٌ .
    وَأَمَّا مَا عُلِمَ وَأُرِيدَ ، وَكَانَ شَيْئًا فِي الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالتَّقْدِيرِ ، فَلَيْسَ وُجُودُهُ فِي الْخَارِجِ مُحَالًا؛ بَلْ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ لَا تُوجَدُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهَا فِي الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ.
    وَقَوْلُ السَّائِلِ: إنْ كَانَ مَعْدُومًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ خِطَابُ الْمَعْدُومِ ؟
    يُقَالُ لَهُ: أَمَّا إذَا قُصِدَ أَنْ يُخَاطَبَ الْمَعْدُومُ .. بِخِطَابِ يَفْهَمُهُ وَيَمْتَثِلُهُ ، فَهَذَا مُحَالٌ؛ إذْ مِنْ شَرْطِ الْمُخَاطَبِ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْفَهْمِ وَالْفِعْلِ ؛ وَالْمَعْدُومُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَفْهَمَ وَيَفْعَلَ، فَيَمْتَنِعُ خِطَابُ التَّكْلِيفِ لَهُ حَالَ عَدَمِهِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ حِينَ عَدَمِهِ أَنْ يَفْهَمَ وَيَفْعَلَ .
    وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَمْتَنِعُ أَنْ يُخَاطَبَ الْمَعْدُومُ فِي الْخَارِجِ خِطَابَ تَكْوِينٍ ، بِمَعْنَى أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ ، وَأَنَّهُ يُخَاطَبُ بِأَنْ يَكُونَ.
    وَأَمَّا الشَّيْءُ الْمَعْلُومُ الْمَذْكُورُ الْمَكْتُوبُ ، إذَا كَانَ تَوْجِيهُ خِطَابِ التَّكْوِينِ إلَيْهِ ، مِثْلَ تَوْجِيهِ الْإِرَادَةِ إلَيْهِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مُحَالًا، بَلْ هُوَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ ، بَلْ مِثْلُ ذَلِكَ يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ، فَيُقَدِّرُ أَمْرًا فِي نَفْسِهِ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَيُوَجِّهُ إرَادَتَهُ وَطَلَبَهُ إلَى ذَلِكَ الْمُرَادِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي قَدَّرَهُ فِي نَفْسِهِ، وَيَكُونُ حُصُولُ الْمُرَادِ الْمَطْلُوبِ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى حُصُولِهِ ، حَصَلَ مَعَ الْإِرَادَةِ وَالطَّلَبِ الْجَازِمِ، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا لَمْ يَحْصُلْ.
    وَقَدْ يَقُولُ الْإِنْسَانُ : لِيَكُنْ كَذَا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِ الطَّلَبِ ، فَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ .
    وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ؛ فَإِنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " انتهى .
    ينظر : "مجموع الفتاوى" (8/ 181-186) .
    راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (
    112157) .

    والله تعالى أعلم .


    موقع الإسلام سؤال وجواب
    https://islamqa.info/ar/223959
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •