استدلال عجيب بأن الشروع في التطوع يوجب إتمامه
حديث (هل على غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع)
قال الحافظ في شرحه:
تطوع بتشديد الطاء والواو، وأصله تتطوع بتاءين فأدغمت إحداهما، ويجوز تخفيف الطاء على حذف إحداهما.
واستدل بهذا على أن الشروع في التطوع يوجب إتمامه تمسكا بأن الاستثناء فيه متصل، قال القرطبي: لأنه نفي وجوب شيء آخر إلا ما تطوع به، والاستثناء من النفي إثبات، ولا قائل بوجوب التطوع، فيتعين أن يكون المراد إلا أن تشرع في تطوع فيلزمك إتمامه.
وتعقبه الطيبي بأن ما تمسك به مغالطة، لأن الاستثناء هنا من غير الجنس، لأن التطوع لا يقال فيه: " عليك " فكأنه قال: لا يجب عليك شيء، إلا إن أردت أن تطوع فذلك لك.
وقد علم أن التطوع ليس بواجب. فلا يجب شيء آخر أصلا.كذا قال.
وحرف المسألة دائر على الاستثناء، فمن قال: إنه متصل تمسك بالأصل،
ومن قال: إنه منقطع احتاج إلى دليل،
والدليل عليه ما روى النسائي وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أحيانا ينوي صوم التطوع ثم يفطر،
وفي البخاري :
أنه أمر جويرية بنت الحارث أن تفطر يوم الجمعة بعد أن شرعت فيه،
فدل على أن الشروع في العبادة لا يستلزم الإتمام - إذا كانت نافلة -
بهذا النص في الصوم والقياس في الباقي.
فإن قيل: يرد الحج، قلنا: لا، لأنه امتاز عن غيره بلزوم المضي في فاسده فكيف في صحيحه.وكذلك امتاز بلزوم الكفارة في نفله كفرضه.