كتبت تعليقا سريعا في رابط يوسف زيدان في الميزان كلمة مختصرة رأيت ان ازيدها هنا مايمكن ان يفيد ومايمكن ان يبقى موسوما على النت لمن اراد الى ان ارسل مقالا في هذا الشأن للالوكة ان شاء الله
فقد قلت مختصرا
رد: يوسف زيدان في الميزان
هو رجل علماني متستر امام الجمهور تستره في بعض كتبه يدخل على القاريء العادي لكن وضوح فكرته العلمانية متخللة في كل صفحة من صفحات الكتاب ويمكنك ان ترى طبيعة مذهبه التفسيري للدين متخللا شغاف صفحاته
والآن ازيد فاقول
دعوني اضيف شيئا مهما يختلف عن الاختصار الذي قدمته وقد لايغني الاختصار كثيرا الا انه يحدد منطقة عمل يوسف زيدان فقط وموقفه من الوضوح او التستر ويمكن اضافة هذه الكلمة للفصل الاول من كتابي اقطاب العلمانية في العالم العربي والاسلامي الجزء الاول
مااود قوله سريعا هو ان يوسف زيدان هو من طائفة العلمانيين الذين يفسرون الدين تبعا لنظرية الجغرافيا الدينية بمعنى ان تصورات معينة تصنعها الجغرافيا ومافيها من انهار او صحاري مثلا وكأنها حتمية جغرافية! وهي حتمية من حتميات التخرص العلماني الكثير التناقضات والافرازات والحتميات الفارغة !
فعنده ان الاسلام هو نتاج عمليات وافرازات مجتمعية تمت في منطقة الهلال الخطيب والجزيرة العربية وان مقوماته نتجت عن نتائج جغرافيا هذه المنطقة وانسانها!
قبل عرض بعض النصوص اود ان اقول ان هذا التفسير شائع عند بعض العلمانيين وقد يضيف بعضهم عليه عوامل اخرى ولايخفي عليكم ان سيد القمني صنع بعض كتبه بناءا على بعض من هذا اي التفسير الجغرافي وغيره ويمكن مراقبة ذلك في كتابه الاسطورة والتراث مثلا مع عدم تقيده بهذا التفسير وحده
وعلى كل لاعرض بعض نصوص يوسف زيدان للدلالة على مااقول
قال وهو يتكلم عن جغرافية ظهور الهرطقات التنزيهية -بحسب لفظه عن هرطقات مسيحية!-وانها ظهرت في منطقة الهلال الخصيب (العراق والشام) قبل الاسلام وانتهت بوجوده! قال(وهي المنطقة التي ظهرت فيها الثقافة العربية من قبل ظهور الإٍسلام، بل من قبل انتشار المسيحية بقرون من الزمان)(اللاهوت العربي وأصول العنف الديني ليوسف زيدان ص46،47)وقال( ظهرت كلها في محيط جغرافي محدد)(اللاهوت العربي وأصول العنف الديني ص46) وقال( كانت الديانات السابقة على المسيحية في منطقة الجزيرة العربية والهلال الخصيب تعلي من مرتبة الآلهة وتتصورهم مفارقين تماما لعالم البشر)(اللاهوت العربي وأصول العنف الديني ص84)
قال ايضا (وكانت غايتي كذلك ادراك الروابط الخفية بين المراحل التاريخية المسماة بالتاريخ اليهودي التاريخ المسيحي التاريخ الإسلامي والنظر في هذه التواريخ باعتبارها تاريخيا واحدا ارتبط بالجغرافيا وتحكمت فيه آليات واحدة)(اللاهوت العربي وأصول العنف الدينيص48)
قال (بعدما اجتهدت الحضارات الانسانية القديمة في تقديم صورة مثلى للاله المتسامي المحتجب في عليائه (آمون في المصرية القديمة تعني: المختفي) المفيض بالخير على الكون واهب الحياة والرحمة المتجلي منذ القدم في صورة أنثوية(إيزيس عشتار،إنانا، ارتميس)العادل الكامل البهي الباهر..أتت اليهودية بصورة إشكالية للإله)(اللاهوت العربي ص54) وفي ص 84-85 يتكلم عن الوثنيات في منطقة الهلال الخصيب التي تصورت إلأه مفارق يمنح شرائع في ثقافة ماقبل السيادة العربية-يقول- وان ثقافة المجتمعات في منطقة الهلال الخصيب كانت تحتفي بالحكماء من البشر وبالكهنة الملهمين من الآلهة، وهؤلاء جميعا كانوا في وعي العرب بمنزلة أدلاء يعرفون الناس بالإله ويملئون المسافة الهائلة الفاصلة بين اللاهوت والناسوت، بعيدا عن النظريات الفلسفية المعقدة(مثل نظرية الفيض عند أفلوطين) وبعيدا عن اي ادعاء عن هؤلاء الوسطاء بأنهم والله شيء واحد. وقد اشتهر كثيرون من هؤلاء الوسطاء قبل الاسلام فمنهم مخبرون يسخرون الجن ومنهم عرافون يستطلعون أخبار السماء ومنهم أنبياء عرب خُلص من أمثال صالح وهود وقد اشتهر قديما من هؤلاء الحكماء والأنبياء أحيقار (وزير الملك سنحريب) التي تشابه سيرته وأقواله التي عثر علي نسخة آرمية منها يعود تاريخ كتابتها الى القرن الخامس قبل الميلاد مانراه في الكتاب المقدس من سفر النبي يشوع بن سيراخ ومانراه في القرآن الكريم من وصايا لقمان الحكيم الذي اقتحمت(!)سيرته و أقواله الحكيمة لابنه قلب السورة القرآنية المسماة باسمه قاطعة، بحدة بالغة، السياق المخبر عن (الله) في الآيات السابقة عليها مباشرة والتالية لها، فكأنها نص اقتحم النص فجأة"(اللاهوت العربي ص 85) وبعد ان يذكر هجرة العرب من اليمن وامتدادها في منطقة الهلال الخصيب والجزيرة ذكر ان الحضور العربي في تلك النواحي التي منها الشام والعراق ، كان مستقرا من قبل المسيحية بزمن طويل ناهيك عن فترة ماقبل الإٍسلام،قال:" المسماة اتفاقا بالجاهلية:واضاف: " ومعروف ان السمات الثقافية العامة المميزة لما يمكن أن يسمى " العقلية العربية"(!!)هي سمات مهما اختلفت حولها الاحكام والرؤى تمتاز في نهاية الأمر بأنها ثقافة عملية(برجماتية) لاتنزع الى التفلسف النظري العميق ولاتقبل فكرة الاندماج والتداخل بين الآلهة والبشر(يقصد الموجودة في منطقة مصر واليونان مثلا) وتعتقد بوجود كائنات وسيطة بين العالمين الإلهي والإنساني كالجن والعفاريت والمهان والأنبياء والملهمين وهي عقلية جمعية لقوم لطالما تحدوا عوامل الفناء المحدقة بهم ،كالصحراوات الشاسعة والأسفار الطويلة المهلكة والحروب الداخلية والدولية والخوف من المجهول الكامن في الغيب الآتي، وكان ذلك نقيضا لطبيعة العقلية الجمعية للمصريين واليونانيين القدماء حيث الأرض الخضراء والأرض المنتظمة والشعور العام بأن الآلهة قريبة من البشر)(اللاهوت العربي وأصول العنف الديني ص86)
وان شاء الله لما ينزل المقال في الالوكة اضعه هنا
اخوكم طارق منينة