بسم الله الرحمن الرحيم
أفئدة الطير
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((يَدْخُلُ الجنّةَ أقوامٌ أفئدتُهم مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ))
رواه مسلم (كتاب الجنّة ونعيمها/ باب يدخل الجنّة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير/ 2840)
هذا الجملة من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر العلماء في بيانها ثلاثةَ معانٍ، سنبينها – مع الترقيم- من كلام العلاّمة المناويُّ رحمه الله تعالى؛ حيث قال:
"((مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ)):
1. في رقتها ولينها؛ كما في خبر أهل اليمن ((أرق أفئدة))[1] أي: أنها لا تحمل أشغال الدنيا؛ فلا يسعها الشيءُ وضدُّه، كالدنيا والآخرة.
2. أو في التوكل كقلوب الطير؛ تغدو خِمَاصًا وتروح بِطانًا.
3. وفي الهيبة والرهبة؛ لأنّ الطيرَ أفزعُ شيءٍ، وأشدُّ الحيوان خوفًا، لا يطيق حبسًا، ولا يحتمل إشارة، هكذا أفئدة هؤلاء مما حلّ بها من هيبة الحق وخوف جلال الله وسلطانه، لا يطيق حبسَ شيءٍ يبدو من آثار القدرة، ألا ترى أنّ المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى شيئًا من آثارها، كغمام؛ فزع، فإذا أمطرت سُرّي عنه. وسمع إبراهيمُ بنُ أدهمَ قائلاً يقول: "كلُّ ذنبٍ مغفورٌ سوى الإعراضِ عنّا" فسقط مغمى عليه، وسُمّي عليُّ بنُ الفضيل (قتيل القرآن) وعليه فمعنى ((يدخل الجنة)) إلخ أي: الذين هم لله خائفون وله مجلون ولهيبته خاضعون ومن عذابه مشفقون" اهـ
نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم
آمين
المرجع:
محمد عبد الرؤوف المناوي. "فيض القدير شرح الجامع الصغير" ط4- دار الكتب العلمية: بيروت، 2009 (6/595).
[1] المقصود بذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((جاء أهل اليمن هم أرق أفئدة، الإيمان يَمَان، والفقه يَمَان، والحكمة يمانية)) رواه مسلم.