بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الرابعة عشر
(بعض أذكار الصباح والمساء والثابت منها)
حديث: "من قال حين يُصبح وحين يُمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة؛ لم يأْتِ أحد يوم القيامة بأفضلَ مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال، أو زاد عليه".
وفي رواية: "من قال حين يصبح: سبحان الله العظيم وبحمده مائة مرة، وإذا أمسى كذلك؛ لم يوافِ أحد من الخلائق بمثل ما وافى".
(حسن باللفظ الأول).
وقد جاء هذا من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- بذكر الصباح والمساء، فقد جاء باللفظ الأول من طريق سهيل بن أبي صالح عن سُمَيّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: .... فذكره.
أخرجه مسلم في "صحيحه" برقم (2692) ك/الذِّكْر والدعاء، ب/فضل التهليل والتسبيح والدعاء، من طريق عبد العزيز بن المختار، وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6/146/10403) من طريق عبد العزيز بن المختار، وكذا في "عمل اليوم والليلة" (ص380/برقم 568) وابن حبان في "صحيحه" (3/141/برقم 859) والحاكم في "المستدرك" (1/518) من طريق حماد بن سلمة، دون ذكر "سُمَيّ"، وأخرجه أحمد في "مسنده" (14/429/برقم 8835) من طريق إسماعيل بن زكريا، دون ذكر "سُمَيّ"، وأخرجه البزار في "البحر الزخار" (15/367/برقم 8955) من طريق عبد العزيز بن المختار، وأخرجه ابن الأعرابي في "معجم شيوخه" (2/255/برقم 1776) من طريق روح بن القاسم، بإسقاط "سُميّ، وأبي صالح"، وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص38/برقم 74) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير" (ص26/برقم 38) من طريق عبد العزيز بن المختار، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (12/170) من طريق حماد بن سلمة، والشجري في "الأمالي" (1/239) من طريق عبد العزيز بن المختار ترجمة عبد الملك بن عبد العزيز أبي نصر التمار، وأخرجه الحافظ في "نتائج الأفكار" (2/343) من طريق عبد العزيز بن المختار، كلهم، أعني: عبد العزيز بن المختار، وعبد العزيز بن أبي حازم، وحماد بن سلمة، وإسماعيل بن زكريا، وروح بن القاسم عن سهيل به.

وهذا سند حسن؛ رجاله كلهم ثقات إلا سهيل بن أبي صالح، فقد ترجمة الحافظ بقوله: "صدوق، تغيّر بأخرة"اهـ ومقتضى هذا أن يُنظر فيمن روى عنه في زمن الاستقامة؛ فيُقبل حديثه، ومن روى عنه في زمن التغير؛ فيُتوقَّف في حديثه، ولم أجد التصريح بشيء من ذلك إلا قول بعضهم في رواية مالك عنه، وهناك من ذكره بأنه تغير فنسي بعض حديثه، والنسيان للحديث أصلاً ليس علة في ثبوت الحديث؛ لأن من نسي الحديث، فلم يحدِّث به زمن تغيره؛ فلا يضره ذلك، إنما يضره أن يحدِّث به على التوهُّم، فيغير الحديث عن وجه المحفوظ عنه زمن الاستقامة، ولعله لذلك لم يذكره عدد من المصنِّفين فيمن رُمي بالتغير والاختلاط.
بل إن العلائي لما ذكره في "كتاب المختلطين" (ص50) ترجمة رقم (21) – وإن تصحَّف إلى "سهل بن صالح"-قال: قال ربيعة: كان أصاب سهلاً علة، أصيب ببعض حفظه، ونسي بعض حديثه، ومع ذلك فقد احتج به مسلم، فيمكن أن يكون – أي سهيل- من القسم الأول اهـ والعلائي قسمالمذكورين في كتابه إلى ثلاثة أقسام، فقال في مقدمة كتابه (ص3): أما الرواة الذين حصل لهم اختلاط في آخر عمرهم؛ فهم على ثلاثة أقسام:
أحدها: من لم يوجبْ ذلك له ضعفًا أصلاً، ولم يَحُطَّ من مرتبته، إما لقصر مدة الاختلاط، وقلّته: كسفيان بن عيينة، وإسحاق بن إبراهيم بن راهوية، وهما من أئمة الإسلام المتفق عليهما، وإما لأنه لم يرو شيئًا حال اختلاطه، فسَلِمَ حديثه من الوهم: كجرير بن حازم، وعفان بن مسلم، ونحوهما...اهـ.
وقد ذكر الذهبي – رحمه الله- في "النبلاء" (5/461) قصة تدل على أن سهيلاً نسي بعض حديثه، وأنه رجل أمين ورع، فذكر عن عبد العزيز بن محمد -وهو الدراوردي- أنه روى حديثًا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قضى باليمين مع الشاهد.
قال عبد العزيز: فذكرتُ ذلك لسهيل، فقال: أخبرني ربيعة، وهو عندي ثقة، أنني حدثْتُه إياه، ولا أحفظه،، قال: ثم قال عبد العزيز: وقد كان قد أصاب سهيلاً علةٌ أضرّت ببعض حفظه، ونسي بعض حديثه، فكان سهيل يُحدث به عن ربيعة عنه عن أبيه اهـ فهذا يدل على أنه نسي الحديث بالكلية، ولأمانته – حيث حدَّث ونسي- كان إذا رواه يقول: حدثني ربيعة عني عن أبي، فرحمه الله.
فالذي يظهر لي أن علة الاختلاط ما لم تظهر نكارة، أو ينص إمام على وهم سهيل؛ أنها لا تضر حديثه.
هذا، وقد مدح ابن عدي سهيلا بأنه صاحب إتقان وتمييز، فقال: ولسهيل أحاديث كثيرة غير ما ذكرتُ، وله نُسَخٌ، وروى عنه الأئمة مثل الثوري، وشعبة، ومالك، وغيرهم من الأئمة.
وحَدَّث سهيل عن جماعة عن أبيه، وهذا يدل على ثقة الرجل، حدَّث سهيل عن سُمي عن أبي صالح، وحدَّث سهيل عن الأعمش عن أبي صالح، وحدَّث سهيل عن عبد الله بن مقسم عن أبي صالح، وهذا يَدُلُّكَ على تمييز الرجل، (وتمييزه) بين ما سمع من أبيه، ليس بينه وبين أبيه أحد، وبين ما سمع من سُمي، والأعمش، وغيرهما من الأئمة، وسهيل عندي مقبول الأخبار، ثبْتٌ، لا بأس به اهـ.
وسيأتي الموقف الأخير – عندي- في سهيل إن شاء الله تعالى.
وأيضًا فالحديث قد رواه مسلم في "صحيحه" بالرواية الأولى، ولم أقف على أحد من الأئمة أنه تعقب مسلمًا في إخراجه الحديث من طريق سهيل، أو إشار إلى أن علة الحديث تغيُّر سهيل.
ومعلوم أن الأئمة قد تلقَّوْا صحيحي البخاري ومسلم بالقبول، إلا أحرفًا يسيرة، وهذا ليس مذكورًا من جملتها – فيما أعلم- والأصل: أن ما في "الصحيحين" حديث ثابت مقبول ما لم ينتقده أحد الأئمة، فتجري عليه القواعد كما تجري على أحاديث غيرهما، والله أعلم.
فالسند ظاهره أنه حسن، لكن يبقى إشكال آخر، وهو مخالفة مالك الإمام لسهيل في روايته عن سُمي، كما سيأتي تخريجه وتتمة الكلام عليه إن شاء الله تعالى.
والظاهر أن ما في بعض المواضع من التخريج السابق من سقط لبعض رجال السند: أنه سهو من أحد الرواة، أو النسّاخ، أو الطباعة، أو سهو ونسيان من سهيل نفسه، أو غير ذلك، وإلا فذِكْر سُمي وأبي صالح في هذا الحديث ثابت مشهور.
وهؤلاء الجماعة الذين رووا عن سهيل اللفظ الأول هذا ، كالآتي:
1- عبد العزيز بن المختار: ثقة. 2- عبد العزيز بن أبي حازم: صدوق فقيه.
3- حماد بن سلمة: ثقة عابد تغيّر بأخرة. 4- إسماعيل بن زكريا: صدوق يخطئ قليلا.
5- روح بن القاسم: ثقة ثبت.
وقد روى روح بن القاسم أيضًا الحديث باللفظ الثاني، فرواه عنه محمد بن منهال الضرير ثنا يزيد بن زريع ثنا روح بن القاسم عن سهيل بن أبي صالح عن سُميّ عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا به.
أخرجه أبو داود برقم (5091) وابن حبان (3/142/برقم 860) والبيهقي في "الدعوات الكبير" (ص29-27/برقم 39) والحافظ في "نتائج الأفكار" (2/342-343) كلهم من طريق محمد بن منهال به.
وهذا إسناد مسلسل بالثقات الحفاظ إلى روح، وقد روى روح اللفظ الأول بالسند نفسه – على ما في روايته من سقْط رجلين- وهذا مما يدل على أنه حفظ الحديث على الوجهين، والراوي الثقة الحافظ إذا وافق الجماعة في رواية، وانفرد عنهم برواية أخرى؛ دلّ ذلك على سعة حفظه، وإتقانه، وكأنه يقول للجماعة: أحفظ ما تحفظون، وما لا تحفظون أيضًا، لكن يبقى النظر في شيخ روح، ألا وهو سهيل بن أبي صالح الذي خالف مالكًا في هذه الزيادة، وهي زيادة: "العظيم" – كما سيأتي إن شاء الله تعالى- وهي زيادة خارج "صحيح مسلم" فليس لها حُكمُ أصل الحديث، والله أعلم.
هذا، وقد خالف سهيلاً الإمام مالكٌ – رحمه الله- فرواه عن سُمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة؛ حُطَّتْ عنه خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر"([1]).
أخرجه مالك في "الموطأ" (2/58/برقم 534) في ك/القرآن، ومن طريقه أخرجه كل من:
البخاري في ك/الدعوات، ب/فضل التسبيح برقم (6405) ومسلم ك/الذكر والدعاء، ب/فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم (2691) مع زيادة في فضل التهليل، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص478-479/برقم 826) دون قوله: "في يوم مائة مرة"، وأخرجه الترمذي (5/457 ، 458) برقمي (3466 ، 3468م) وابن ماجه (2/1253/برقم 3812) وابن حبان (3/111/برقم 829) وابن أبي شيبة في "المصنف" (6/55/برقم 29408)، وأخرجه أحمد (13/385/برقم 8009)، (14/460-461/برقم 8873) بزيادة في فضل التهليل، (16/402/برقم 10683)، وأخرجه البزار في "البحر الزخار" (15/373/8964)، والطبراني في "الدعاء" (3/1561-1562/برقم 1683) وابن جُميْع الصيداوي في "معجم شيوخه" (ص170) ترجمه أحمد بن محمد بن عيسى الرازي، وابن بشران في "الأمالي" (ص294/برقم 677) والبيهقي في "الدعوات" (ص90-91/برقم 119) مع زيادة في فضل التهليل، وكذا في "الشُّعَب" (1/422/برقم 597)، (1/422-423/برقم 598) ولم يذكر لفظه، وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (5/40/1262) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (43/73) وشهدة بنت أحمد الإبَري في "العمدة من الفوائد والآثار الصحاح والغرائب في مشيخة شهدة" (ص127-128/برقم 67) والضياء المقدسي في "مسند أبي العباس محمد بن إسحاق السراج، الشيخ الخامس عشر (ص225/برقم 872)، كلهم رووه عن مالك به.
فمما سبق يظهر أن الحديث قد جاء بعدة ألفاظ, وهي:
الأول: "من قال سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة؛ حُطَّت عنه خطاياه, وإن كانت مثل زبد البحر"؛ هكذا دون ذكر الصباح والمساء, إنما هو ذكر مُطْلق في أي ساعة في اليوم، ولا يخفى أن هذا ليس فيه الشاهد الذي نحن بصدده.
الثاني: "من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة؛ لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به, إلا أحد قال مثل ما قال, أو زاد عليه", هكذا بالشاهد في ذكر الصباح والمساء.
الثالث: "من قال حين يصبح: سبحان الله العظيم وبحمده مائة مرة، وإذا أمسى مثل ذلك؛ لم يُوافِ أحد من الخلائق بمثل ما وافَى" هكذا بالشاهد في ذكر الصباح والمساء, وزيادة كلمة: "العظيم".
وهذا شكل يبين لك اختلاف الرواة في ذلك:

........................مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا باللفظ الأول.
عبد العزيز بن المختار
عبد العزيز بن أبي حازم....عن سهيل عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا باللفظ الثاني.
حماد بن سلمة
إسماعيل بن زكريا
روح بن القاسم
روح بن القاسم..........عن سهيل عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا باللفظ الثالث.
ومن نظر في ذلك وما تقدم من الكلام على مراتب الرواة؛ علم ما يلي:
1- أن الجماعة الذين رووا عن سهيل قد حفظوا عنه روايتهم باللفظ الثاني.
2- أن روح بن القاسم تابع الجماعة عن سهيل في روايتهم اللفظ الأول, وانفرد عن سهيل باللفظ الثاني، وهذا مقبول منه لثقته وعُلُوِّ مكانته.
3- أن سهيلاً خالف مالكًا, فأتى بالشاهد في ذكر الصباح والمساء, ولم يأت به مالك, ومالك أجَل من كثير من مرتبة سهيل, لكن حديث سهيل باللفظ الثاني أخرجه مسلم, ولم أقف على أحد تعقبه في ذلك, فيثبت الحديث لذلك, وإلا كانت رواية سهيل شاذة, وقد تكون منكرة.
4- رواية الحديث باللفظ الثالث أي بزيادة "العظيم" من طريق سهيل لا تثبت, لأن سهيلاً خالف فيها, وهي خارج "صحيح مسلم" فتنالها سهام النقد كغيرها من الروايات, وقواعد النقد العلمي تقضي بشذوذها, أو نكارتها, وتأبَى القول بصحتها، والله أعلم.
- أما حديث ابن عباس:
فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4/203/برقم 3982): ثنا على بن سعيد الرازي, نا محمد بن يحيى بن فياض الحنفي, نا الحارث بن أبي الزبير المدني, ثني أبو يزيد الثمالي عن طاوس بن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن جده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: "من قال إذا أصبح: سبحان الله وبحمده ألف مرة؛ فقد اشترى نفسه من الله, وكان آخر يومه عتيق الله".
وهذا سند ضعيف لا يُحتج به:
1- أما شيخ الطبراني فثقة ربما وهم, وابن فياض ثقة أيضًا.
2- إلا أن الحارث بن أبي الزبير إن يكن هو المترجَم في "لسان الميزان" (2/513)، فقد ذهب علمه, قاله الأزدي, وإن لم يكنه؛ فلا أعرف من ترجم له.
3- وأبو يزيد الثمالي: يُنظر مَنْ ترجَمه؟
4- وطاوس الحفيد: ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (4/365) ولم يذكره بجرح أو تعديل, وذكره ابن حبان في "الثقات" (8/329) وقال: روى عنه أهل اليمن, إلا أنه قال: طاوس بن عتبة بن طاوس.
5- أما عبد الله بن طاوس وأبوه فثقتان.
والحديث قال فيه الطبراني بعد إخراجه: لا يُروى هذا الحديث عن طاوس بن عبد الله بن طاوس إلا بهذا الإسناد, تفرد به محمد بن يحيى بن فياض اهـ وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد": وفيه من لم أعرفه اهـ.
-وأما حديث أبي الدرداء –رضي الله عنه-:
فقد أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (2/347/برقم 1471): ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة ثنا أبو المغيرة – وهو عبد القدوس بن الحجاج- ثنا أبو بكر بن أبي مريم, ثنى أبو الأحوص حكيم بن عمير وحبيب بن عبيد عن أبي الدرداء أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: "لا يَدَعْ رجلٌ منكم أن يعمل لله عز وجل كل يوم ألْفيْ حسنة حين يُصبح, يقول: سبحان الله وبحمده مئة مرة, فإنها ألْفا حسنة, فإنه إن شاء الله لم يعمل في يومه مثل ذلك,ويكون ما عمل من خير سوى ذلك وافرا".
وهذا سند ضعيف, بسبب أبي بكر بن أبي مريم؛ فإنه ضعيف, وبقية رجاله ثقات, وأبو الأحوص وإن كان عنده أوهام؛ إلا أنه قد توبع, والله أعلم.
(تنبيه): قال محقق نُسَخ "الموطأ" الشيخ سليم الهلالي –حفظه الله- في قوله – صلى الله عليه وسلم-: "سبحان الله وبحمده": الواو للحال, أي سبحان الله مُتلبِّسا بحمده له من أجل توفيقه له بالتسبيح, و"سبحان الله": أي تنـزيه الله عما لا يليق به من كل نقص, "سُبحان" اسم منصوب على أنه واقع لمصدر لفعل محذوف, تقديره: سبَّحْتُ الله سبحانًا، كسبَّحْتُ تسبيحًا, ولا يُستعمل غالبًا إلا مضافًا، وهو مضاف إلى المفعول, أي سبحت الله اهـ.
(فائدة) لقد تعمدتُ الإحالة إلى أخينا الفاضل الشيخ سليم الهلالي – حفظه الله- وإن كان العلو ممكنًا، لأَدُلّه عمليًّا على باب من أبواب الخير في عزو الفضل لأهله، لأن بعض ما نقله موجود بالنص في "فتح الباري" (14/317) ك/الدعوات، ب/فضل التسبيح، تحت الحديث رقم (6405)، وكذا بعض ما نقله موجود في "عون المعبود" (13/282) ك/الأدب، ب/ما يقول إذا أصبح، ولاشك أن عـزو العلم إلى أهله أبرأ للذمة، وأقهر للنفْس من التشبع، لاسيما إذا كان العزو للكبار والقدامى؛ فإنه مفخرة لا تورث خجلاً، وإذا فعلنا هذا مع الكبار، فكيف بمن دونهم؟!
هذا، وقد قال ابن الجوزي في "كشف المشْكِل من حديث الصحيحين" (3/477) في الواو في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "سبحان الله وبحمده"، قال: الواو عاطفة لكلام مُقدَّر، تقديرة: وبحمده سبحتُه اهـ، والله أعلم.
كتبه/ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
دار الحـديث بمأرب
26/محرم/1432هـ




([1]) هو ما يعلو البحر من رغوة عند هيجانه، ولا يُحصي ذلك إلا الله عز وجل.