تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 26

الموضوع: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
    فإن مما اشتهر من الأحاديث وانتشر: حديث: « اللهم أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين»، وقد عَدَّه غير واحدٍ من أهل العلم في الأحاديث المشهورة المنتشرة على الألسنة، وهو من أحاديث الرقاق التي تلين لها النفوس، فيتسارع تناقلها بين الناس.
    وقد تكلم بعض أهل العلم في هذا الحديث، وصححه بعضٌ، ثم رأيت لـ(علي بن حسن الحلبي) رسالةً خصَّ فيها الحديثَ بالدراسة، وبدا لي فيها غير وجهٍ في النقد، فأحببتُ تحرير ذلك وبيانه.
    والله المسؤول أن يوفق ويسدد ويعين.


    أولاً: تخريج الحديث ودراسة أسانيده

    جاء الحديث من حديث خمسة من الصحابة، فيما يلي تخريج رواياتهم ودراسة أسانيدها:
    1- حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-:
    # التخريج:
    أخرجه الترمذي (2352) -ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/141، 142)- عن عبدالأعلى بن واصل، وأبو نعيم في الخامس مما انتقاه الوخشي من حديثه (66/مخطوط) من طريق جعفر بن محمد بن شاكر، وابن الحمامي في التاسع من الفوائد المنتقاة من حديثه (13/مجموع مصنفاته)، والبيهقي في الكبرى (7/12)، وشعب الإيمان (1380)، والخطيب في المتفق والمفترق (452)؛ من طريق أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري، والبيهقي في الشعب (10025) من طريق أحمد بن مهران، والذهبي في سير أعلام النبلاء (15/434)، وتذكرة الحفاظ (3/851)؛ من طريق أبي حاتم الرازي؛ خمستهم (عبدالأعلى بن واصل، وجعفر بن شاكر، وابن أبي غرزة، وأحمد بن مهران، وأبو حاتم) عن ثابت بن محمد الزاهد الكوفي، عن الحارث بن النعمان الليثي، عن أنس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم أحيِني مسكينًا، وأمِتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة». فقالت عائشة: لِمَ يا رسول الله؟ قال: «إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفًا، يا عائشة؛ لا تُرَدِّي المسكين ولو بشِقِّ تمرة، يا عائشة؛ أحبِّي المساكين وقَرِّبيهم؛ فإن الله يُقرِّبك يوم القيامة»، لفظ عبدالأعلى بن واصل، وللباقين مثله.
    # دراسة الإسناد:
    قال الترمذي عقبه: «هذا حديثٌ غريب»([1]).
    وقال الدارقطني: «تفرد به الحارث عنه»([2])، يعني: أنسًا -رضي الله عنه-.
    وقال الحافظ أبو الفتح ابن أبي الفوارس: «هذا حديثٌ غريبٌ من حديث الحارث بن النعمان عن أنس»([3]).
    وقال الذهبي: «تفرد به ثابت بن محمد الزاهد؛ شيخ البخاري»([4]).
    فحَكَمَ الحفاظ بغرابة الحديث عن أنس؛ إذ يتفرد به: ثابت بن محمد، والحارث بن النعمان.
    فأما ثابت بن محمد؛ فهو الكوفي الزاهد العابد الورع، قال فيه أبو حاتم: «صدوق»، وقال الحافظ مطيِّن: «ثقة»([5])، وقال الدارقطني: «ليس بالقوي، لا يضبط، وهو يخطئ في أحاديث كثيرة»([6])، وقال ابن عدي: «وثابت الزاهد هذا هو عندي ممن لا يتعمَّد الكذب، ولعله يخطئ...، وفي أحاديثه يشتبه عليه، فيرويه حسب ما يستحسنه والزهاد والصالحون؛ كثيرًا ما يشتبه عليهم، فيروونها على حُسن نِيَّاتهم»([7])، وقال الخليلي: «ثقة متفق عليه»([8]).
    وقد روى عنه البخاري في صحيحه شيئًا يسيرًا.
    والجرح الذي جُرِح به ثابتٌ جرحٌ مفسَّر، وقد صرَّح الدارقطني بأنه يخطئ كثيرًا، وابن عدي بأنه يشتبه عليه، ويروي على ما يظهر له وإن لم يكن له ضابطًا.
    والظاهر أن توثيق من وثقه منصرفٌ إلى دينه وزهده؛ فقد أُثني عليه في ذلك كثيرًا، حتى عدَّه أبو حاتم الرازي في أورع من لقي من الشيوخ.
    وكلامُ مَنْ لقي الشيخ وتحمَّل عنه ليس في مرتبة كلام من سَبَر حديثَه، وقارن بين رواياته وروايات غيره؛ فإنه قد يظهر للثاني ما لا يظهر للأول، ومن ذلك: كلام أبي حاتم في ثابتٍ هذا، ولهذا نظائر.
    وأما تخريج البخاري له؛ فقال ابن حجر: «روى عنه البخاري في الصحيح حديثَين في الهبة والتوحيد لم ينفرد بهما»([9]).
    فالراجح في ثابت: أنه ضعيفٌ غير ضابط.
    وأما شيخه: الحارث بن النعمان الليثي؛ فقال فيه البخاري والأزدي: «منكر الحديث»، وقال أبو حاتم الرازي: «ليس بقويِّ الحديث»([10])، وقال النسائي: «ليس بثقة»([11])، وعدَّ له العقيلي أحاديث مناكير يرويها عن أنس -رضي الله عنه-.
    وكلمة البخاري: «منكر الحديث» جرحٌ شديدٌ عنده -كما هو معلوم-، وتؤيده كلمات الأئمة، فالرجل شديد الضعف.
    وتفرُّده بالحديث عن أنس -مع أن له مناكير عنه- منكر، وتفرُّد ثابت بن محمد عنه منكرٌ -أيضًا-؛ لضعفه، فالحديث عن أنس منكرٌ شديد الضعف.
    وقد ضعَّف هذا الحديثَ أحمد بن نصر الداودي، والبيهقي -ويأتي نقل كلامهما-، وقال ابن كثير: «وفي إسناده ضعف، وفي متنه نكارة»([12]).

    2- حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-:
    ويرويه عنه عطاء بن أبي رباح، وجاء عنه من طريقَين:
    أ- رواية يزيد بن سنان الرهاوي:
    # التخريج:
    أخرجه عبد بن حميد (1002)، وابن ماجه (4126)؛ عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعبدالله بن سعيد الأشج في حديثه (75) -ومن طريقه ابن ماجه (4126)، والسلمي في الأربعين في التصوف (15)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/111)، وابن عساكر في معجمه (1190)، وابن الجوزي في الموضوعات (3/141)، وابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (3/34)، وابن البخاري في مشيخته (671)، والذهبي في معجم الشيوخ (2/302)، وتذكرة الحفاظ (1/89)-؛ كلاهما (ابن أبي شيبة، والأشج) عن أبي خالد الأحمر،
    والطبراني في الدعاء (1425) من طريق أبي فروة الأصغر: يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي، والمؤمل بن أحمد الشيباني في السادس من فوائده (13/مجموع عشرة أجزاء حديثية) من طريق إبراهيم، والقضاعي في مسند الشهاب (1126) من طريق أحمد بن محمد بن يعقوب الدارمي؛ ثلاثتهم (أبو فروة الأصغر، وإبراهيم، والدارمي) عن محمد بن أبي فروة: يزيد بن سنان،
    كلاهما (أبو خالد الأحمر، ومحمد بن أبي فروة) عن أبي فروة يزيد بن سنان، عن أبي المبارك، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سعيد الخدري، قال: أحِبُّوا المساكين؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه: «اللهم أحيِني مسكينًا، وأمِتني مسكينًا، واحشُرني في زُمرة المساكين»، لفظ أبي خالد الأحمر. وقال إبراهيم عن محمد بن يزيد بن سنان: عن عطاء، قال: سمعت أبا سعيد يقول: يا أيها الناس؛ لا تحملنَّكم الفاقة والعسرة أن تَطلبوا الرزق من غير حِلِّه؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم توفَّني فقيرًا، ولا توفني غَنيًّا، واحشُرني في زُمرة المساكين يوم القيامة؛ فإن أشقى الأشقياء من اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة». واختُصر لفظ أبي فروة الأصغر عن أبيه، ورُوي بالمعنى؛ فجاء فيه: «اللهم أحيِني مسكينًا، وتوفني مسكينًا، واحشُرني في زُمرة المساكين». واختُصر لفظ أحمد بن محمد الدارمي، فلم يجئ فيه إلا قوله: «إن أشقى الأشقياء: من اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة»، قال القضاعي عَقِبَه: «مختصر».
    إلا أن ابن أبي فروة: محمد بن يزيد بن سنان= أسقط أبا المبارك من الإسناد، وجعله عن أبي فروة، عن عطاء مباشرة.
    # دراسة الأسانيد:
    قال خلف الواسطي الحافظ -عقب رواية محمد بن أبي فروة عن أبيه-: «هذا حديثٌ غريبٌ من حديث عطاء عن أبي سعيد، لا أعلم له وجهًا غير هذا»([13]).
    و قال ابن عساكر -عقب إخراج رواية أبي خالد الأحمر-: «هذا حديثٌ غريب»([14]).
    ويُستدرك على خلف الواسطي الطريقُ الثانية عن عطاء، وتأتي.
    ويظهر أن ابن عساكر لم يكن يريد بغرابته: تفرد راويه به عن أبي فروة، وإنما أراد: غرابته عن عطاء بن أبي رباح، وعدم شُهرته عنه، ويأتي ما يوضح ذلك.
    وقد اختُلف عن أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي في روايته هذه:
    - فرواه أبو خالد الأحمر عنه، عن أبي المبارك، عن عطاء، عن أبي سعيد،
    - ورواه ابنه محمد عنه، عن عطاء، عن أبي سعيد؛ بإسقاط أبي المبارك.
    وحال أبي خالد الأحمر أحسن من حال محمد بن أبي فروة، إلا أن أبا زرعة الرازي راعى قرينة كون محمد ابنًا لشيخهما، فرجَّح في حديثٍ آخرَ روايتَه على رواية أبي خالد، بل وعلى رواية أوثقَ من أبي خالد، وهو الحافظ الثبت: وكيع بن الجراح، وقال: «حديث محمد بن يزيد أشبهُ عن أبيه؛ لأنه أفهمُ بحديث أبيه؛ أنْ كان كُتُب أبيه عندَه، ويزيد بن سنان ليس بقويِّ الحديث»([15]).
    وكلام أبي زرعة صالحٌ للتطبيق في حديثنا هذا، فلعل أبا فروة حدَّث أبا خالد الأحمر من حفظه، فذكر أبا المبارك، وأما الحديث في كتبه؛ فبإسقاط أبي المبارك، وهي رواية ابنه محمد عنه.
    ولا شكَّ أن الحديث في الكتاب هو الأصل، وأن التحديث من الحفظ مظنة الغلط.
    وأشار أبو زرعة في خاتمة كلامه إلى ضعف أبي فروة، ولعله أراد احتمالَ كون هذا التلَوُّن والاختلاف من قِبَله، وهذا ما أشار إليه ابن عدي؛ حيث أخرج الحديثَ الذي تكلَّم عليه أبو زرعة من رواية أبي خالد الأحمر، ثم قال: «هذا الحديث يرويه يزيد بن سنان لونَين...»، ثم أسند روايةَ ابن أبي فروة: محمد بن يزيد بن سنان، وقال: «وهاتان الروايتان رواهما يزيدُ بن سنان؛ غير محفوظتَين»([16]).
    والاختلاف على أبي فروة في حديثنا هذا يدلُّ على اضطرابه وتلوُّنه فيه -أيضًا-.
    وأبو فروة -في أصله- متكلَّمٌ فيه: فقد ضعفه أحمد، وقال -في رواية-: «ليس حديثه بشيء»، وقال ابن معين: «ليس حديثه بشيء»، وقال -في رواية-: «ليس بشيء»، وقال -في رواية-: «ليس بثقة»، وضعفه ابن المديني، وقال محمد بن عبدالله بن عمار: «منكر الحديث»، وقال أبو داود: «ليس بشيء»، وقال النسائي: «متروك الحديث»، وفي موضع: «ليس بثقة»، وقال أبو زرعة: «ليس بقويِّ الحديث»، وقال أبو حاتم: «محله الصدق، والغالب عليه الغفلة، يكتب حديثه، ولا يحتج به»، وقال ابن حبان: «كان ممن يخطئ كثيرًا حتى يروي عن الثقات ما لا يُشبه حديث الأثبات، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا وافق الثقات، فكيف إذا انفرد بالمعضلات؟»، وقال ابن عدي: «ولأبي فروة الرهاوي هذا حديثٌ صالح، ويروي عن زيد بن أبي أنيسة نسخةً ينفرد فيها عن زيد بأحاديث، وله عن غير زيدٍ أحاديثُ متفرقةٌ عن الشيوخ، وعامة حديثه غير محفوظ»، ولغير هؤلاء من الأئمة كلماتٌ أخرى في تضعيفه([17]).
    ومجموعُ كلمات الأئمة تدل على ضعفه الشديد، وأنه صاحب مناكير وأخطاء كثيرةٍ دخلت عليه من غَلَبةِ غفلته عليه، وقلَّة ضبطه وعنايته، حتى صار عامَّة حديث مُنكرًا غيرَ محفوظ، فصار متروكًا.
    وإن صحَّ في روايته أنه ذكر أبا المبارك في الإسناد؛ فأبو المبارك مجهول العين، قال الترمذي: «رجلٌ مجهول»، وقال أبو حاتم: «مجهول»، وقال -في موضع آخر-: «شبه مجهول»([18])، وقال ابن عبدالبر: «ليس بالمشهور»([19])، وقال ابن عساكر: «لا يُعرف له اسم»([20])، وقال الذهبي: «لا يُدرَى من هو»، وقال: «فأبو المبارك لا تقوم به حجة؛ لجهالته»([21]).
    وقد صدق في هذا الحديث قول البخاري؛ حيثُ قال في أبي فروة: «ليس بحديثه بأس؛ إلا رواية ابنه محمد عنه؛ فإنه يروي عنه مناكير»([22])، وهذا الحديث من مرويات ابنه عنه([23])، ونكارته ظاهرة.
    فهذا الإسناد معلَّلٌ بالضعف الشديد في أبي فروة، واضطرابه، وجهالة شيخه، وكونه من مرويات ابنه عنه، ولعل بعض هذه العلل كافية في إسقاط الإسناد وطَرحه، وهي هنا مجتمعة.
    قال ابن كثير: «فأما الحديث الذي رواه ابن ماجه من حديث يزيد بن سنان، عن أبي المبارك، عن عطاء، عن أبي سعيد، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللهم أحيِني مسكينًا...»؛ فإنه حديثٌ ضعيفٌ لا يثبُت من جهة إسناده؛ لأن فيه يزيد بن سنان أبا فروة الرهاوي، وهو ضعيفٌ جدًّا»([24]).

    ___________________________
    الحواشي:
    ([1]) كذا جاءت في طبعات كتاب الترمذي المعتمدة على عدَّة نسخ خطيَّة، وفي نسخة الكروخي -أصحِّ نُسَخ الكتاب- (ق153ب)، وفي تحفة الأشراف (1/163)، وفي نقل ابن كثير في البداية والنهاية (8/499). لكن نَقَل ابن حجر في أجوبته عن أحاديث المصابيح أن الترمذي قال: «حسن غريب»، وهذا مخالفٌ لكل ما سبق، وفيه نظر، والمعتمد ما في النُّسَخ والتحفة.
    ([2]) أطراف الغرائب والأفراد (1/184).
    ([3]) تخريج الفوائد المنتقاة من حديث ابن الحمامي (ص113/مجموع مصنفاته).
    ([4]) سير أعلام النبلاء (15/434).
    ([5]) تهذيب الكمال (4/376).
    ([6]) سؤالات الحاكم (ص192).
    ([7]) الكامل (2/97).
    ([8]) الإرشاد (2/573-منتخبه).
    ([9]) هدي الساري (ص394)، وله في التوحيد حديثٌ آخر أورده البخاري متابعة، وله في المناقب حديثٌ -أيضًا-.
    ([10]) تهذيب التهذيب (1/338).
    ([11]) الضعفاء والمتروكين (115).
    ([12]) البداية والنهاية (8/499).
    ([13]) السادس من فوائد المؤمل بن أحمد (ص325/مجموع فيه عشرة أجزاء حديثية).
    ([14]) معجمه (2/935).
    ([15]) العلل (1647).
    ([16]) الكامل (7/270).
    ([17]) انظر: تهذيب التهذيب (4/416)، التذييل على تهذيب التهذيب (ص472).
    ([18]) سنن الترمذي (5/180)، الجرح والتعديل (9/446)، علل ابن أبي حاتم (2009).
    ([19]) الاستغنا في الكنى (1901) -عن (التعليقة الأمينة)، للحلبي (ص21)-.
    ([20]) معجمه (2/935).
    ([21]) ميزان الاعتدال (4/569).
    ([22]) سنن الترمذي (5/180).
    ([23]) ولم يقف الشيخ الألباني -رحمه الله- على ذلك، فقال -عقب نقل كلمة البخاري في إرواء الغليل (3/361)-: «وهذا ليس من رواية ابنه عنه».
    ([24]) البداية والنهاية (8/499).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    ب- رواية يزيد بن عبدالرحمن بن أبي مالك:
    # التخريج:
    أخرجه الطبراني في الأوسط (9269)، والدعاء (1426)، والشاميين (1615) -ومن طريقه فيه ابن عساكر في تاريخ دمشق (63/122)-، وابن عدي في الكامل (3/11، 12) -ومن طريقه البيهقي في الشعب (5111)-، وأبو الشيخ -كما في زهر الفردوس (646/مخطوط)-، والحاكم (4/322)، وابن بشران في أماليه (412)، والبيهقي في الكبرى (7/13)، وشعب الإيمان (10024)، والشجري في أماليه (2/211)، وابن عساكر في معجمه (1555)، والذهبي في السير (11/139، 140)؛ من طريق سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي؛ ابن بنت شرحبيل، قال: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم توفَّني إليك فقيرًا، ولا تتوفَّني غنيًّا، واحشُرني في زُمرة المساكين يوم القيامة؛ فإن أشقى الأشقياء مَن اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة»، لفظ الطبراني في الشاميين، وللباقين نحوه، وزاد أكثرُهم في أوَّله قولَ أبي سعيد: «يا أيها الناس، لا يحملنَّكم العسر على أن تطلبوا الرزق من غير حِلِّه، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:...»، ورواه الحاكم بلفظ: «اللهم أحيِني مسكينًا، وتوفَّني مسكينًا...»، واختصره الطبراني في الأوسط، فلم يذكر منه إلا قوله: «أشقى الأشقياء: مَن اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة».
    # دراسة الإسناد:
    قال الطبراني في الأوسط: «لا يُروى هذا الحديث عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد؛ تفرد به خالد بن يزيد بن أبي مالك»([1]).
    وقال ابن عساكر: «غريب»([2]).
    وقال الذهبي: «غريبٌ جدًّا»([3]).
    ويُستدرك على الطبراني -وإن كان تكلم على الحديث مختصرًا بلفظ: «أشقى الأشقياء...»-: روايةُ أبي فروة يزيد بن سنان السالفة.
    ولعل الغرابة التي أرادها ابن عساكر -كما مَرَّ-: غرابته عن عطاء، وعدم شهرته عنه، ويدلُّ لذلك: أن ابن عساكر قال في رواية أبي فروة -أيضًا-: «غريب»، فثابتٌ أنه اطَّلع على الطريقين، وإنما استغرب ألاّ يجيء عن عطاء إلا بهاتين الروايتين.
    وأما انفراد خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه -في حكم الطبراني-؛ فلا يظهر إشكالٌ فيه.
    ومن أوجه الغرابة في هذا الحديث -أيضًا-: انفراد سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي به -فيما وقفت عليه-؛ إذ لم أجد له متابعًا.
    فأما خالد بن يزيد؛ فروي عن أحمد قوله فيه: «ليس بشيء»، وقالها ابن معين، وقال -في رواية عنه-: «ضعيف»، وقال -في رواية-: «بالشام كتابٌ ينبغي أن يدفن... كتاب الديات لخالد بن يزيد بن أبي مالك؛ لم يرضَ أن يكذب على أبيه حتى كذب على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-»، وضعفه أبو داود ويعقوب بن سفيان والدارقطني وغيرهم، وقال أبو داود -مرة-: «متروك الحديث»، وقال النسائي: «ليس بثقة»، وقال أبو حاتم الرازي: «يروي أحاديثَ مناكير». ورُوي توثيقه عن أحمد بن صالح، وذكره أبو زرعة الدمشقي في نفرٍ ثقات، ووثقه العجلي، وقال ابن حبان: «كان صدوقًا في الرواية، ولكنه كان يخطئ كثيرًا، وفي حديثه مناكير، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد عن أبيه، وما أقربه في نفسه إلى التعديل، وهو ممن أستخير الله -عز وجَلّ- فيه»، وقال ابن عدي -بعد أن ذكر من أحاديثه-: «ولخالد بن يزيد غير ما ذكرت من الحديث، وعند سليمان بن عبد الرحمن عنه كتابُ مسائلٍ عن أبيه، وعند هشام بن خالد الأزرق عنه كتابٌ...، ولم أرَ في أحاديث خالد هذا إلا كل ما يُحتَمَل في الرواية، أو يرويه عن ضعيفٌ عنه، فيكون البلاء من الضعيف لا منه»([4]).
    وكان خالد من فقهاء الشاميين وعلمائهم، وكان -كما سبق- يصنِّف الكتب، ويحفظ المسائل، وهو في أصله -كما ذكر ابن حبان- صدوقٌ في الرواية؛ لا يدَّعي ما لم يسمع، ولا يكذب متعمدًا، إلا أن مجموع كلمات الأئمة تدل على أنه كثير المناكير، صاحب أخطاء كثيرة، وجرحهم له مفسَّر، فابن معين اطلع على كتابه، وأبو حاتم الرازي وابن حبان ذكرا وجود المناكير في حديثه.
    والظاهر أن توثيق مَن وثَّقه منصرفٌ إلى ديانته وفقهه وعلمه، وإلى ما سبق شرحه من صدقه في الرواية، وهذا لا يستلزم ثقتَه وضبطَه وحفظَه.
    وأما ابن عدي، فإنه جعل لحاله قسمين:
    ما كان من أخطائه محتملاً في الرواية، بحيث لا يُسقط الراوي، وهذا لعل المراد به: صدقه في الرواية -وسبق بيانه-،
    وما كان من المناكير في حديثه بريئًا من عهدته.
    لكن الأئمة ينسبونه إلى الضعف في نفسه، وتكلموا في المناكير والأخطاء الواقعة في حديثه، وقد كذَّب ابن معين أحاديثَه في مصنفه الذي ألَّفه لا برواية أحدٍ غيره، وهذا أولى من تحميل غيره عهدةَ ذلك.
    ثم قد نصَّ ابن حبان على وقوع الإشكال ومظنَّة النكارة في انفراده عن أبيه خاصَّةً، وهذا الحديث من ذلك.
    ثم إن الراوي عنه هنا (سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي) فيه نظرٌ -أيضًا-؛ حيث اشتُهر برواية المناكير التي لا عُهدةَ فيها عليه، حتى ظن بعضهم أنها منه، وإنما أُتي من روايته عن الضعفاء والمجاهيل، قال ابن معين: «ثقةٌ إذا روى عن المعروفين»، وقال أبو حاتم الرازي: «مستقيم الحديث، ولكنه أروى الناس عن الضعفاء والمجهولين، وكان عندي في حَدِّ لو أن رجلاً وضع له حديثًا لم يفهم، وكان لا يميِّز»، وقال صالح بن محمد (جزرة): «لا بأس به، ولكنه يحدث عن الضَّعفى»، ونقل الحاكم عن الدارقطني قوله: «ثقة»، قال الحاكم: أليس عنده مناكير؟ قال: «حدَّث بها عن قومٍ ضعفى، فأما هو فثقة»([5]).
    وهذا يفيد أن الأئمة سبروا حديث سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي، فوجدوا أن ما يرويه عن شيوخه الضعفاء مناكير؛ كُلُّها أو جُلُّها، وروايته في هذا الحديث من هذا القبيل؛ لأن شيخه فيها ضعيف -كما سبق-.
    ولذا فقد عدَّ ابن عدي هذا الحديث منكرًا، وأخرجه في ترجمة خالد بن يزيد، وهو المعروف بأنه يخرج في ترجمة الراوي ما يستحق به الإدخال في كتاب الضعفاء مما أخطأ فيه ورواه من مناكير وبواطيل.
    فالحديث من هذا الوجه منكر؛ لضعف خالد بن يزيد، ولانفراده عن أبيه -وانفراده عنه مظنَّة النكارة-، ولكونه مما رواه سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي عن شيخٍ له ضعيف.
    وبهذا يظهر ما في قول الحاكم عقب هذا الإسناد: «هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد»= من نظرٍ شديد.
    # خلاصة الكلام على حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-:
    تبيَّن مما سبق أن الحديث جاء عن عطاء من وجهين:
    - رواية أبي فروة الرهاوي، عن أبي المبارك -على الخلاف في إثباته وإسقاطه-، عن عطاء،
    - ورواية خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء.
    وتبين في الرواية الأولى سقوطها ووهاؤها، وفي الثانية كونها منكرة.
    وإذا كان عطاء بن أبي رباح إمامًا عَلَمًا مشهورًا، والرواة عنه والمختصُّون به جملة من الثقات الحفاظ الأثبات؛ فلا يمكن بحالٍ أن يصح عنه الحديث ولم يجئ إلا من هذين الطريقين الغريبين الواهيين، وهذا مفاد حكم الأئمة على الحديث بالغرابة -كما سبق-.
    فالحديث عن عطاء منكرٌ غير صحيح.
    ثم إن عطاءً لم يسمع من أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال ابن المديني: «رأى أبا سعيد الخدري؛ رآه يطوف بالبيت، ولم يسمع منه»([6])، وهذه العلة تزيد الحديث من هذه الطريق وهاءً، بل هي مزيدُ بيانٍ لنكارة كلا الطريقين عن عطاء؛ لأنه قد جاء في كليهما تصريح عطاء بالسماع من أبي سعيد.

    3- حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-:
    # التخريج:
    أخرجه الطبراني في الدعاء (1427)، والكبير -ومن طريقه فيه الضياء في المختارة (8/270، 271)-؛ من طريق عبدالوهاب بن نجدة، وابن عساكر في تاريخ دمشق (38/194) من طريق محمد بن مصفى؛ كلاهما (عبدالوهاب، وابن مصفى) عن بقية بن الوليد، والبيهقي في الكبرى (7/12) من طريق موسى بن محمد -مولى عثمان بن عفان-؛ كلاهما (بقية، وموسى) عن هقل بن زياد، حدثنا عبيد بن زياد الأوزاعي، حدثنا جنادة بن أبي أمية، حدثنا عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم أحيِني مسكينًا، وتوفَّني مسكينًا، واحشُرني في زُمرة المساكين»، لفظ الطبراني، ومثله للبيهقي وابن عساكر.
    إلا أن موسى بن محمد قال عن هقل: أبنا عبيدالله([7]) بن زياد، ثنا جنادة.
    # دراسة الأسانيد:
    مدار هذا الحديث على الهقل بن زياد، عن عبيد بن زياد، عن جنادة، عن عبادة، ولم أجد لطبقات الإسناد هذه أي متابعة.
    وعبيد بن زياد سماه كذلك بقية بن الوليد، وسماه موسى بن محمد: عبيدالله بن زياد، ولم أعرف موسى هذا، وتسميةُ بقيةَ هي ما اعتمده ابن عساكر في ترجمة الرجل.
    وقد ترجم ابن عساكر لعبيدٍ هذا؛ قال: «روى عن سالم بن عبدالله بن عمر، وجنادة بن أبي أمية، روى عنه الهقل بن زياد، وإسرائيل بن يونس...»، ثم أسند هذا الحديث من طريق بقية، عن عبيد، ثم أسند حديثًا آخر من طريق إسرائيل، عن الأوزاعي -كذا-، عن سالم، ثم أسند عن الحافظ أبي سعد علي بن موسى السكري([8]) قوله: «الأوزاعي هذا اسمه (عبيد بن يحيى)؛ شاميٌّ عزيز الحديث، وقيل: إنه ثقة، وسالم هو ابن عبدالله بن عمر...»([9]).
    ويُلاحظ في هذا أن تسمية الراوي لم تكن من الراوي عنه، وأنه سُمِّي (عبيد بن يحيى)، وهذا مغايرٌ لرواية اثنين من الرواة عنه مباشرةً بأنه (ابن زياد)، وقد تنبَّه ابن عساكر لذلك؛ فترجم ترجمةً أخرى لعبيد بن يحيى، وأحال إلى ترجمة عبيد بن زياد([10]).
    ثم التوثيق المحكيُّ في هذا الراوي منسوبٌ إلى غير معلوم، وليس بخافٍ أن الجرح والتعديل لا يُقبل إلا من نقَّاده وعلمائه المشهود لهم بالفهم والتقدُّم فيه، وليس من هذا شيءٌ هنا.
    وأما صاحب هذه الرواية؛ فقد أسند ابن عساكر -عقب ما سبق- وجادةً فيها أن محمد بن يوسف بن بشر الهروي قال: أخبرني محمد بن عوف بن سفيان الطائي([11])، قال: «عبيد بن زياد الأوزاعي الذي روى عنه الهقل؛ سألت عنه بدمشق، فلم يعرفوه». قال الهروي: قلت له: فالحديث الذي روى؛ هو منكر؟ قال لي: «لا، ما هو منكر؛ ما يُنكَر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أن يكون قال: «اللهم أمِتني مسكينًا...»»([12]).
    وإن صحَّ هذا عن محمد بن عوف؛ ففيه ثلاثة أمور:
    أحدها: إثبات جهالة عبيد بن زياد، حتى إن أهل بلده من النقاد -الذي يُظَنُّ بمحمد بن عوف أن يسألهم عنه- لم يعرفوه، وهذا يدلُّ على أنه مجهولُ عين، وجهالة العين أشدُّ من جهالة الحال.
    ثانيها: أن عبيد بن زياد يُعرف بهذا الحديث، وإذا ذُكر ما حدَّث به انصرف الذهن إليه، وهذا قد يُشكل على من سوَّى بينه وبين الذي روى عنه إسرائيل بن يونس، وروى عن سالم بن عبدالله بن عمر.
    ثالثها: نفي محمد بن عوف النكارة عن الحديث، وهذا محلُّ بحث؛ فإنه إن أراد النكارة صناعةً حديثيةً إسنادية -وفي هذا بُعد-؛ ففي ذلك نظر؛ إذ انفراد هذا المجهول عن جنادة بهذا الحديث منكر، وحديث جنادة معروفٌ في أهل الشام، مخرَّجٌ في الصحيح، ولا يُقبل من المجاهيل الانفرادُ عنه، بل ربما أفاد تفرُّد هذا الراوي بالحديث -مع أنه حديثه الواحد- ضعفَه؛ لأن من علامة الثقة أن يُشارك الثقات، وألاّ ينفرد أو يشذّ أو يخالف.
    لكن الظاهر أن محمد بن عوف أراد نفي النكارة المعنوية، وهذا بيِّنٌ من سياق كلامه؛ حيث قال: «ما يُنكَر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أن يكون قال: «اللهم أمِتني مسكينًا...»»، وهذا واضحٌ في أن المراد: أن المعنى ليس فيه ما يُنكَر، وأنه لو صحَّ الإسناد؛ فلا نكارة في المتن.
    والإسناد لم يصح، بل هو منكرٌ -كما سبق بيانه-.
    قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: «وهذا سندٌ رجاله ثقات معروفون غير عبيد بن زياد الأوزاعي, فلم أجد له ترجمةً في شيء من كتب الرجال التي وقفت عليها...»، ثم نقل كلام ابن عساكر السابق، ثم قال: «وجملة القول أن عبيد بن زياد الأوزاعي ينبغي أن يُعدَّ فى جملة المجهولين؛ إذ إنه -مع إغفالهم الترجمة في كتب الرجال-؛ فليس فيما سبق عن ابن عساكر ما يُعتَدُّ به من التوثيق...، ومن ذلك تعلم ما في قول ابن الملقن...: «ولا أعلم له علة»!»([13]).

    ___________________________
    الحواشي:
    ([1]) (9/109).
    ([2]) معجمه (2/1192).
    ([3]) سير أعلام النبلاء (11/140).
    ([4]) انظر: تهذيب التهذيب (1/536)، الجرح والتعديل (3/359).
    ([5]) تهذيب الكمال (12/29-31).
    ([6]) العلل (ص328).
    ([7]) وفي بعض نسخ البيهقي: «عبدالله»، والمثبت أولى؛ لكونه أقرب إلى تسميته في المصادر الأخرى.
    ([8]) قال الذهبي: «كان يفهم هذا الشأن»، انظر: سير أعلام النبلاء (18/423).
    ([9]) تاريخ دمشق (38/193، 194).
    ([10]) (38/224).
    ([11]) وهو من الحفاظ المعروفين.
    ([12]) تاريخ دمشق (38/194).
    ([13]) إرواء الغليل (3/361، 362).

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    4- حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-:
    # التخريج:
    أخرجه الروياني في مسنده (1412) من طريق صدقة بن عبدالله، عن طلحة بن زيد، عن موسى بن عبيدة، عن عبدالله بن دينار، عن عبدالله بن عمر، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه كان يقول: «اللهم توفَّني إليك فقيرًا، ولا توفَّني غنيًّا، واحشُرني في زُمرة المساكين يوم القيامة؛ فإن أشقى الأشقياء من اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة».
    # دراسة الإسناد:
    هذا الإسناد واهٍ شديد الضعف -إن لم يكن موضوعًا-، ولا يُشتغل به.
    ففيه صدقة؛ أحاديثه مناكير، وضعَّفه الجمهور، وطلحة؛ متروكٌ متَّهمٌ بوضع الحديث، وموسى؛ ضعيف الحديث عامةً، ومنكر الحديث عن عبدالله بن دينار خاصةً.

    5- حديث عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-:
    # التخريج:
    أخرجه الشيرازي في الألقاب -كما في اللآلئ المصنوعة للسيوطي (2/275)- من طريق منهال بن رضوى -كذا-، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم أحيِني مسكينًا، وتوفَّني مسكينًا، واحشُرني في زُمرة المساكين».
    # دراسة الإسناد:
    هذا الإسناد واهٍ؛ لم أعرف بعض رجاله، وطلحة بن عمرو متروك الحديث.


    # الخـلاصة:
    ورد الحديث عن خمسةٍ من الصحابة:
    - عن أنس بن مالك؛ من طريقٍ تفرد بها ضعيفان أحدهما منكر الحديث، وله مناكير عن أنس خاصة.
    - وعن أبي سعيد الخدري من رواية عطاء بن أبي رباح عنه، وعطاء لم يسمع من أبي سعيد، وجاء عن عطاء من طريقين واهيتَين؛ إحداهما: راويها ضعيفٌ جدًّا، واضطرب فيها -على ذلك-، والأخرى من رواية ضعيفٍ اتَّهمه ابن معين بالكذب، وكان تلميذه يروي المناكير عن الضعفاء، وهذا منها. وحديثُ عطاءٍ من الشهرة والمعرفة بما لا يمكن أن يصحَّ عنه من هاتَين الطريقَين المنكرتَين.
    - وعن عبادة بن الصامت؛ تفرد به راوٍ مجهول العين، وتفرُّدُ مثلِه عن شيخِه منكر.
    - وعن عبدالله بن عمر، وإسناده أضعف ما للحديث؛ لاجتماع عدَّة ضعفاء فيه، وأحدهم متَّهمٌ بالوضع.
    - وعن عبدالله بن عباس بإسنادٍ واهٍ، فيه راوٍ متروك الحديث.
    وهذه الطرق شديدة الضعف؛ لا يعطي بعضُها بعضًا تقويةً ولا عضدًا، بل لعل بعضَها يزيد بعضًا وهاءً، قال ابن القيم -في حديثٍ-: «... فإن قيل: لم ينفرد عكرمة بن عمار بهذا الحديث، بل قد توبع عليه...، قيل: هذه المتابعة لا تفيده قوة؛ فإن هؤلاء مجاهيل لا يُعرفون بنقل العلم، ولا هم ممن يُحتَجُّ بهم...، فهذه المتابعة أن لم تَزِده وهنًا؛ لم تَزِده قوة»([1]).
    والضعفاء إذا تواردوا على الحديث الذي رواه بعض الهلكى؛ دلَّ على أنه مما كان مشهورًا عند الرواة، ويُدخَل على الضعفاء، ويوضَع لهم، وتُرَكَّب لهم أسانيده، فيروونه على أنه من حديثهم، وليس هو كذلك.
    قال الشيخ المعلمي -في حديثٍ-: «الآفة فيه محمد بن يحيى بن ضرار، راجع ترجمته في (اللسان)، وقد سرقه منه جماعة، فأدخلوه على بعض من لا يتعمَّد الكذب»، ثم قال: «... والذي تولى كِبْره محمد بن يحيى بن ضرار كما مَرَّ، والباقون بين سارقٍ ومُدخَلٍ عليه»([2]).
    وهذه النتيجة هي ما حكم به بعض الأئمة:
    فقد نقل ابن حجر عن أحمد بن نصر الداودي قوله -ملخَّصًا-: «وأما الحديث الذي أخرجه الترمذي: «اللهم أحيِني مسكينًا، وأمِتني مسكينًا...» الحديث؛ فهو ضعيف...»([3])،
    وأخرج البيهقي حديث عبادة، ثم حديث أنس، ثم قال: «وأما قوله -إن كان قالَه-: «أحيِني مسكينًا، وأمِتني مسكينًا»؛ فهو -إن صَحَّ طريقه، وفيه نظر-...»([4]).
    وقال ابن تيميَّة: «وفي هذا المعنى الحديث المأثور -إن كان محفوظًا-: «اللهم أحيِني مسكينًا...»»([5])، وقال -وسُئل عن الحديث-: «هذا يُروى، لكنه ضعيفٌ لا يثبُت، ومعناه: أحيني خاشعًا متواضعًا، لكن اللفظ لم يثبُت»([6]).
    وسبق تضعيف ابن كثير لحديثَي أنس وأبي سعيد الخدري.
    وقد سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (برئاسة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-) عن الحديث، فحكمت بضعفه([7]).
    هذا، وقد ذكر ابن الجوزي هذين الحديثَين في الموضوعات، فتكاثر مَنْ بعده على انتقاده في ذلك، وأن الحديث لا يصل إلى درجة الوضع.
    ويجاب عن هذا بجوابٍ محرَّرٍ للشيخ المعلمي -رحمه الله-، قال -في حديثٍ-: «دافع ابن حجر عن ثلاث روايات، وحاصل دفاعه: أن المطعون فيهم من رواتها لم يَبلُغوا من الضعف أن يُحكَم على حديثهم بالوضع. فإن كان مراده: أنه لا يحكم بأنهم افتعلوا الحديثَ افتعالاً؛ فهذا قريب، ولكنه لا يمنع من الحكم على الحديث بأنه موضوع؛ بمعنى: أن الغالب على الظن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يَقُله، وأن مَنْ رواه من الضعفاء الذين لم يُعرَفوا بتعمُّد الكذب: إما أن يكون أُدخِل عليهم، وإما أن يكونوا غلطوا في إسناده...»([8]).
    ومما ضُعِّف به الحديث -سوى الإشكالات الإسنادية-: ثلاثة أمور؛ أشار إليها ابن كثير بقوله: «وفي متنه نكارة»([9]):
    الأول: ثبوت استعاذة النبي -صلى الله عليه وسلم- من الفقر، ولا يجوز أن يستعيذ مما سأل الله إياه([10]).
    وأجيب عن هذا: بأن المراد: الاستعاذة من فتنة الفقر، لا من مطلقه، قال البيهقي: «ووجه هذه الأحاديث عندي -والله أعلم-: أنه استعاذ من فتنة الفقر والمسكنة اللذَين يرجع معناهما إلى القلة؛ كما استعاذ من فتنة الغنى»، ثم أسند الحديث المتفق عليه، وفيه: «اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، وفتنة القبر، وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر»([11]).
    وربما قيل: إن في غيره من الأحاديث استعاذته من مطلق الفقر، وأن الفقر الذي هو القلة وعدم الكفاية تصاحبه الفتنة غالبًا.
    الأمر الثاني: مخالفة الحديث للحال التي عاش ومات النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها، قال البيهقي: «ولا يجوز أن تكون مسألتُه مخالفةً لما مات -صلى الله عليه وسلم- عليه؛ فقد مات مكفيًّا بما أفاء الله -تعالى- عليه»([12])، وقال ابن حجر -في وجه ذكر ابن الجوزي للحديث في الموضوعات-: «وكأنه أقدم عليه لما رآه مباينًا للحال التي مات عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه كان مكفيًّا»([13])، وقال الشيخ المعلمي: «لم يكن -صلى الله عليه وسلم- مسكينًا قطُّ بالمعنى الحقيقي؛ أما في صغره فقد وَرِث من أبويه أشياء، ثم كفله جدُّه وعمُّه، ثم لما كَبر أخذ يتَّجِر، ويكسب المعدوم، ويعين على نوائب الحق -كما وصفته خديجة رضي الله عنها-، وقد امتنَّ الله عليه بقوله: ﴿ووجدك عائلاً فأغنى﴾ والعائل: المقل، لم يكن ليسأل الله -تعالى- أن يزيل عنه هذه النعمة التي امتنَّ بها عليه. أما ما كان يتَّفق من جوعه وجوع أهل بيته بالمدينة؛ فلم يكن ذلك مَسكَنةً، بل كان يجيؤه المال الكثير، فيُنفقه في وجوه الخير منتظرًا مجيء غيره، فقد يتأخر مجيء الآخر، وليس هذا من المسكنة»([14]).
    الأمر الثالث: مخالفة حال المسكنة والفقر لمقام النبوة وشرفها([15]).
    وهذان الأمران أجيب عنهما بصرف ظاهر المسكنة في الحديث إلى استكانة القلب، والتواضع، والإخبات، وعدم الجبروت والكبر والبطر([16]).
    وهذا التأويل يخالفه ظاهر الحديث، وألفاظه الأخرى:
    قال ابن رجب: «وقد يطلق اسم المسكين، ويراد به من استكان قلبه لله -عز وجل-، وانكسر له، وتواضع لجلاله وكبريائه وعظمته وخشيته ومحبته ومهابته، وعلى هذا المعنى حمل بعضهم الحديث المروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «اللهم أحيِني مسكينًا، وأمِتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين»...، وفي حمله على ذلك نظر؛ لأن في تمام حديثيهما ما يدلُّ على أن المراد به: المساكين من المال، لأنه ذكر سَبْقَهم الأغنياء إلى الجنة...»([17]).
    فهذا ظاهرُ الحديث، وأما ألفاظه الأخرى؛ فقد مَرَّ في التخريج أن حديث أبي سعيد الخدري ورد بلفظ: «اللهم توفَّني فقيرًا، ولا توفني غَنيًّا...، فإن أشقى الأشقياء من اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة»، وهذا لا يحتمل -والله أعلم- إلا مسكنة القلة في المال.
    وكان الأَولى -مع تهلهل أسانيد الحديث، ووجود هذا الإشكالات- ألاّ يُتَكلَّف الجوابُ عنه، وتأويلُ معناه، وصرفُه عن ظاهره بما يعارض تمامَه وألفاظَه الأخرى.
    والله -تعالى- أعلم.

    ___________________________
    الحواشي:

    ([1]) جلاء الأفهام (ص281، 282).
    ([2]) حاشية الفوائد المجموعة (ص164).
    ([3]) فتح الباري (11/274).
    ([4]) الكبرى (7/12).
    ([5]) مجموع الفتاوى (11/130).
    ([6]) أحاديث القصاص (ص81)، وهو في الفتاوى (18/382).
    ([7]) فتاوى اللجنة الدائمة (4/320).
    ([8]) حاشية الفوائد المجموعة (ص161، 162).
    ([9]) البداية والنهاية (8/499).
    ([10]) انظر: سنن البيهقي (7/12)، كشف الخفاء، للعجلوني (1/181).
    ([11]) سنن البيهقي (7/12).
    ([12]) سنن البيهقي (7/12).
    ([13]) التلخيص الحبير (3/109)، ويشكل عليه أن ابن الجوزي أوَّل المسكنة بالتواضع -في غريب الحديث (1/489)-.
    ([14]) حاشية الفوائد المجموعة (ص219).
    ([15]) يمكن أن يُفهم هذا من سياق كلام السبكي -في طبقات الشافعية (3/134)-، حيث قال: «وسماعي -مراتٍ كثيرات- من الشيخ الإمام الوالد -رحمه الله-، وهو معتقدي: أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن فقيرًا قط، ولا كانت حالته حالة الفقراء، بل كان أغنى الناس بالله، وكان الله -تعالى- قد كفاه أمر دنياه فى نفسه وعياله ومعاشه، وأحفظ أن الشيخ الإمام -رحمه الله- أقام من مجلسه من قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- فقيرًا؛ قيامًا صعبًا، وكاد يَسطو به، وما نجَّاه منه إلا أنه استتابه واستسلمه»، ثم ذكر الجواب الآتي ذكره.
    ([16]) انظر: تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة (ص167)، سنن البيهقي (7/12)، الاستذكار (8/171)، غريب الحديث، لابن الجوزي (1/489)، تفسير القرطبي (8/170)، مجموع فتاوى ابن تيمية (11/130، 18/326، 382)، طبقات الشافعية، للسبكي (3/134)، فتح الباري (11/274)، كشف الخفاء، للعجلوني (1/181).
    ([17]) اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى (ص112، 113).

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي


    ثانيًا: مناقشة مواضع من كتاب (التعليقة الأمينة)

    كتب (علي بن حسن الحلبي) جزءًا سماه: ( التعليقة الأمينة في طرق حديث «اللهم أحييني -كذا!- مسكينا»، والكلام عليه روايةً ودراية )، نشرته مكتبة ابن القيم بالمدينة النبوية، وكَتب مقدمتَه غرة ذي القعدة 1408.
    ووقع في جزئه هذا -على صِغَره- في جملة أخطاء علمية أدَّت به إلى تقوية الحديث وتحسينه بتعدُّد طُرُقه.
    وهنا التنبيه على تلك الأخطاء، وإليه أشير بقولي: (المؤلف)، وإلى نهاية النقل عنه بقولي: «انتهى».
    والله المسدد والموفِّق للصواب.

    1- نقل في فصل «مقالات الأئمة والعلماء» تضعيفَ ابن تيمية للحديث من «مجموع الفتاوى» و«أحاديث القصاص»، ثم قال (ص12): «وما هنا في الموضعين عن شيخ الإسلام مخالفٌ لما نقله الحافظ ابن حجر عنه في «التلخيص الحبير» (3/109)، حيث قال: «وهذا الحديث سئل عنه الحافظ ابن تيمية، فقال: إنه كذب، لا يُعرف في شيءٍ من كُتب المسلمين المرويَّة...».
    قلت: عجبًا! كيف ذلك وهو معروف، خرَّجه شيخ الإسلام نفسه من «الترمذي»، وقال: «يُروى...»؟!
    فالذي يبدو لي أن كلام ابن تيمية الذي نقله عنه الحافظ في «التلخيص» ليس عن هذا الحديث، إنما هو عن حديثٍ آخر، فوهم في النقل، أو دخل عليه حديثٌ في حديثٍ! والله أعلم» انتهى.
    هذا ما ذكره المؤلف في مُفتَتَح كتابه!
    وإنما الذي وهم في النقل، ودخل عليه حديثٌ في حديث هو المؤلف نفسُه!
    وقد انتقل ابن حجر عن حديثنا، وأخذ في الكلام عن حديثٍ آخر، فذكر ما ذكر، وهذا سياق كلامه، قال: «قوله: «يُستدل على أن الفقير أحسن حالاً من المسكين بما نُقِل: «الفقر فخري وبه أفتخر»، وهذا الحديث سئل عنه الحافظ ابن تيمية، فقال: «إنه كذب؛ لا يُعرف في شيءٍ من كُتب المسلمين المرويَّة...».
    فلا حاجة لعجب المؤلف، ولا لما يبدو له، ولا لغير ذلك، والأمر في قدرٍ من الوضوح كبير.

    2- قال (ص14): «إنما أوردت ما سبق لإعطاء فكرة سريعة عن اختلاف العلماء حولَه، فابن الجوزي...، وحسَّنه الترمذي» انتهى.
    وقد كان نَقَلَ -قبلُ- كلام ابن حجر في أجوبته عن أحاديث المصابيح، وفيه نقله عن الترمذي أنه قال: «حسن غريب».
    ثم قال (ص18): «وقال الترمذي: «غريب». أي: ضعيف؛ كما شرحناه في الجزء الثالث من كتابنا «الرد العلمي...»، يسَّر الله نشره» انتهى، ووضع حاشية ذكر فيها أن ابن حجر نقل عن الترمذي: «حسن غريب».
    فأيهما كلمة الترمذي المعتمدة عند المؤلف؟ أنه حسَّنه، أم قال: «غريب»؛ بمعنى: ضعيف؟!
    هذا فضلاً عن أن «حسن غريب» شيءٌ آخر غير التحسين المطلق عند الترمذي.

    3- خرَّج المؤلف حديثَ أنس من عدة مصادر، ثم قال (ص18): «من طرق عن الحارث بن النعمان الليثي، عن أنس...» انتهى.
    وليس ثَمَّ عن الحارث إلا طريق واحدة، وإنما الطرق المتعددة عن الراوي عنه: ثابت بن محمد الزاهد.
    و(تحديد مدار الحديث) من أهم خطوات دراسة الحديث، ومن الأساسات التي قد تَسْقُط قيمة البحث بضعف تحريرها؛ لأنه إذا داخلها الخلل؛ انبَنَت عليه إشكالاتٌ في بقية مباحث الدراسة، ثم في الحكم على الحديث.

    4- بعد أن ذكر المؤلف أن البخاري قال في الحارث بن النعمان: «منكر الحديث»، وأن «ترجمة أئمة العلم للحارث هذا مظلمة»، وأن النسائي قال فيه: «ليس بثقة»، والعقيلي قال: «أحاديثه مناكير»، وأنه «ضعفه جمهور العلماء»؛ بعد هذا كله قال (ص20): «فالحديث بهذا السند ضعيف»!
    وكلمة البخاري كافية في إسقاط هذا الإسناد وتوهينه جدًّا؛ لأن اصطلاحه في «منكر الحديث» شديد.
    وقد نقل الشيخُ الألباني -رحمه الله- تعقُّبَ السيوطي لابن الجوزي في حكمه بالوضع على الحديث لأن الراوي منكر الحديث، وقولَه: «هذا لا يقتضي الوضع»، ثم قال الألباني: «الظاهر أن ابن الجوزى حين قال فيه: «منكر الحديث»؛ نَقَلَه عن البخاري؛ فإن هذا قوله -كما علمت-, وذلك منه تضعيفٌ شديد؛ فقد ذكروا عنه أنه قال: «كلُّ من قلت فيه: «منكر الحديث»؛ فلا تحلُّ الروايةُ عنه»، وهذه صفة المتهمين والكذابين, ولذلك فإني أرى أن التعقُّب المذكور ليس بالقوي» انتهى كلام الشيخ -رحمه الله-.

    5- هنا يتبيَّن الإشكال السابقةُ الإشارةُ إليه بسبب دخول الخلل في تحديد مدار الحديث؛ حيث أغفل المؤلف الراويَ عن الحارث بن النعمان: ثابت بن محمد، وقد مرَّ في الدراسة أن ثابتًا هذا ضعيفٌ غير ضابط، وله أخطاء كثيرة؛ فهذا يزيد الحديث ضعفًا على ضعفه، ولا يُكتفى -والحال كذلك- بالحكم عليه بمجرد الضعف.

    6- وقع في الكتاب (ص20): «الثاني: أبو سعيد الخدري: وله عن عطاء بن رباح عنه طريقان»؛ خطأ مطبعي صوابه: عطاء بن أبي رباح.

    7- نقل (ص21) أقوال ابن عبدالبر والذهبي وابن حبان في «أبي المبارك» الراوي عن عطاء بن أبي رباح، بينما الرجل مترجمٌ في التهذيبين، وفيهما كلام الترمذي وأبي حاتم الرازي، وكلامهما أولى بالتقديم.
    ثم إنه نقل كلام أبي حاتم فيما بعد (ص23) في غير موضعه، وأغفله هنا في موضعه!

    8- نقل المؤلف (ص22) قول البخاري في يزيد بن سنان: «إلا أن ابنه محمدًا يروي عنه مناكير».
    وقد وقف المؤلف على الحديث من رواية محمد هذا عن أبيه، ولكنه أبعده عن هذا الموضع، فذكره (ص26) في متابعات رواية خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء!

    9- قال المؤلف (ص22): «وقال ابن عدي: «ولأبي فروة حديثٌ صالح»» انتهى؛ هكذا مجتزءًا من كلام ابن عدي!
    وقد تبيَّن في الدراسة أن لابن عدي كلامًا طويلاً في الراوي، وأن النتيجة التي خلص إليها: ما حكاه في قوله: «وعامة حديثه غير محفوظ»، وظاهر عبارته أن الحديثَ الصالحَ قليلٌ في حديث هذا الراوي.
    ولا يظهر سببٌ في إبراز المؤلف الكلمة الأولى، وإغفال الكلمة الثانية، وكامل ابن عدي عنده وينقل منه، بل ومن أصله الخطِّي -كما في حاشية (ص25)-!

    10- أغفل المؤلف (ص22) عدة أقوال في أبي فروة الرهاوي، منها: قول ابن معين: «ليس بشيء»، وقوله: «ليس حديثه بشيء»، وقول محمد بن عبدالله بن عمار: «منكر الحديث»، وقول أبي داود: «ليس بشيء»، وغير ذلك، وهذا كُلُّه قريبٌ في التهذيبين!
    ثم خلص إلى نتيجةِ أن الراوي: «ضعيف، لكنه ليس شديد الضعف؛ كما هو ظاهر» انتهى!
    وأين خفّة الضعف المزعوم ظهورها من هذا الجرح الشديد من عددٍ من الأئمة؟!

    11- بعد أن ساق نتيجته المذكورة، قال: «وإن قال فيه النسائي: «متروك»؛ فهو يخالف في شيئين:
    الأول: أن جرح أبي فروة جرحٌ مفسَّر، وهو الغفلة، لا لتهمة فيه» انتهى.
    وحَصرُه التركَ بالتُّهمة، ثم ردُّه على النسائي بذلك= عجيب!
    وما أكثر من حُكِمَ بتركه مع فضله وعدم تُهمته ولا تعمُّده الكذب.
    ونكارة الحديث، وكثرة الأخطاء، والغفلة الشديدة= تستلزم تركَ الراوي وطرحَ حديثه، ولا حاجة لاتهامه من أجل ذلك.

    12- ذكر المؤلف الشيءَ الثاني الذي خالف فيه النسائيُّ!، قال: «الثاني: أن كلمات مضعِّفيه ليس فيها ما يُشعر برميه بالترك أو نحوه، وهذا يخالف ما نُقل عن الإمام النسائي نفسِه حيث قال: «لا يُترَك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه»» انتهى.
    وإنما أوقعه في هذا: إغفالُه المذكورُ لكلمات الجرح الشديدةِ التي قالها عددٌ من الأئمة في هذا الراوي، وهي وإن لم تُصرِّح بالترك، إلا أنها «نحوه».
    ولم يَكُن النسائي -إن صحَّ هذا عنه- ليترُكَ الرجلَ ما دام مؤدَّى كلام الجميع صائرًا إلى تقويته، بل وإلى تضعيفه فحسب، ولو تطلَّب مُتطلِّبٌ نقدَ قول النسائي: «متروك الحديث» بعدم إجماع النقَّاد على قول: «متروك الحديث» أو نحوه= لأسقط النسائيَّ ونقدَه!
    ومن ثم يظهر أن تصويب المؤلف أن أبا فروة: «ضعيف، لا متروك» ليس بصائب.
    وأبو فروة شديد الضعف، وهذا ظاهرٌ من ترجمته، وسبق بيانه في الدراسة، ونقل تصريح الحافظ ابن كثير به، وقوله في أبي فروة: «ضعيفٌ جدًّا».
    ويُلاحَظ أن المؤلف لم ينتبه إلى علَّة اضطراب أبي فروة، وسيأتي الحديث عن ذلك.

    13- سقط المؤلف (ص24) ثانيةً في خلل تحديد مدار الحديث، فقال -بعد أن عزا لعدَّة مصادر في تخريج رواية خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء-: «كلهم من طريق خالد بن يزيد بن عبدالرحمن بن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء، به» انتهى.
    فأغفل المدارَ الحقيقي، وهو مَنْ دون خالد: سليمان بن عبدالرحمن الدمشقي، وفاتته علَّةٌ مهمةٌ في الحديث سبق شرحها في الدراسة، وهي أن الأئمة عرفوا عن سليمان بن عبدالرحمن رواية المناكير عن شيوخه الضعفاء، وخالد أحد شيوخه الضعفاء، وهذا مما رواه عنه من المناكير.

    14- نقل (ص24) أن الذهبي وافق الحاكم في تصحيح الإسناد، مع أنه ذَكَرَ خالدًا في كُتبه في الضعفاء.
    وموافقة الذهبي للحاكم في تلخيص المستدرك من المسائل الشائعة التي لا تثبت عنه عند المحاققة.

    15- نقل (ص26) اتهامَ ابن معين لخالد بن يزيد بالكذب، ثم قال: «وابن معين متشدد في الجرح» انتهى.
    فتخلَّص من كلام ابن معين بجرة القلم هذه!
    وهذا ليس محلاًّ لردِّ كلام المتشدِّد في الجرح لتشدُّده؛ إذ محلُّه: ما لو خالف الناقدُ المتشدِّدُ غيرَه من المعتدلين، فشدَّد فيمن وثَّقوه أو قوَّوه، والأمر هاهنا بخلاف ذلك؛ فأحمد بن حنبل -إمام المعتدلين- يقول: «ليس بشيء»، والنسائي يقول: «غير ثقة»، وابن حبان يقول: «كان يخطئ كثيرًا، وفي حديثه مناكير، لا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد عن أبيه...»، والدارقطني يقول: «ضعيف».
    بل حتى لو أُعمِلَت تلك القاعدة هنا؛ فلن تنزل بالراوي إلا عن وصف الكذب الذي أطلقه ابن معين، ولا حجةَ فيها لرفعه إلى المرتبة العليا في الضعف.
    ومما يدلُّ على أن ضعف الرجل عند ابن معين شديد: أنه قال فيه -في رواية-: «ضعيف»، وقال -في رواية-: «ليس بشيء»، وهذا مما أغفله المؤلف وتَرَكَه، وهو في «تهذيب الكمال»!

    16- نقل (ص26) قول أبي داود في خالد: «متروك الحديث، ضعيف»، ثم قال: «ويُحمَل قول أبي داود على الضعف، لا على الترك لتهمة؛ بدليل ما بعدَه من قولِه».
    ولست أدري من أين نقل عبارة أبي داود بهذا السياق، إن لم يكن قد صاغها من كيسه، ثم أخذ يبني على سياقها ولحاقها أحكامًا وتفسيرات!
    ولو كلَّف نفسه الرجوع إلى تهذيب التهذيب لوجد أن أبا داود قال في الرجل مرة: «ضعيف»، ومرة: «متروك الحديث»، ولم يسقهما مساقًا واحدًا.
    وتفسير قوله: «متروك الحديث» بقوله: «ضعيف» ليس بأولى من عكسه، والحكم بأحدهما تحكُّم.
    وقد أعاد المؤلف هنا -مرةً أخرى- فهمَه المغلوط لكلمة: «متروك الحديث»؛ أنها تستلزم التهمة! وسبق ردُّ هذا.
    والصواب في كلمة أبي داود: حملها على ظاهرها: الضعف الشديد، وهو محصَّل عبارات الأئمة في خالد بن يزيد -كما سبق بيانه في الدراسة-؛ خاصَّةً إذا روى عن أبيه، وهذا الحديث من ذلك.

    17- قال المؤلف (ص26) بعد فراغه من رواية خالد بن يزيد، عن أبيه، عن عطاء: «ثم إن لخالد هذا متابعًا: فقد أخرجه الطبراني في «الدعاء» (1425)؛ قال: حدثنا عبدالله بن سعد بن يحيى الرقي: حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن سنان الرهاوي: حدثني أبي عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد: (فذكره)» انتهى.
    وهذه الرواية اعتبرها المؤلف متابعة لخالد، وهي إلى رواية أبي المبارك السابقة أقرب؛ لاتِّحاد مدارهما (أبو فروة الرهاوي)، ولا أدري ما محلُّها هنا؟

    18- ذكر المؤلف (ص26) في علل هذه الرواية: أنه لم يجد ترجمةً لعبدالله بن سعد -شيخ الطبراني-، ويُنظر في هذا: إرشاد القاصي والداني، للمنصوري (ص375).
    والكلام في هذا الراوي ليس بذي ثمرةٍ مهمة؛ فقد توبع متابعتين قاصرتَين فاتتا المؤلف، وسبق تخريجهما في الدراسة، وهما عند المؤمل بن أحمد في فوائده، والقضاعي في الشهاب.
    وهذا ينسَحِب على تجهيله ليزيد بن محمد بن سنان؛ إذ إنه متابَع.

    19- اضطر المؤلف (ص27) إلى الإحالة على ما سبق من كلام في يزيد بن سنان الرهاوي، وهذا يدلُّ على أن محلَّ هذه الرواية هناك، لا هنا.

    20- حقَّق المؤلف (ص27) تحقيقًا علميًّا -على حدِّ وصفه- في قضية إسقاط «أبي المبارك» من الإسناد، فحكى أن لُقِيَّ يزيد بن سنان لعطاء وسماعَه منه مُمكن، و«محتمل أن يكون قد سمع الحديث من أبي المبارك عن عطاء، ثم علا فرواه عن عطاء مباشرة»، ثم استدرك، فقال: «وإن كان ضَعفُ يزيد يمنع من الجزم بهذا» انتهى.
    وهو هنا يشير إلى احتمال أن الراوي على ضعفه مضطربٌ في روايته، فمرةً يُسقط الواسطة، ومرةً يُثبتها، وهذا مما يزيد وَهنَ الرواية وهنًا، لكنه لم يصرِّح به، وإنما أخذ يطرح هذه التجويزات الباردة!
    ثم قال: «أقول هذا كلَّه تحقيقًا علميًّا...»، وحشَّى هاهنا قائلاً: «ولكي لا يُرْجِع أحدٌ هذا الطريق إلى الطريق السابق نفسه، فيجعلهما واحدًا!» انتهى.
    وهذا يُفهم منه: أنه يرى أن هذه الطريق مستقلَّةٌ عن الرواية التي ذُكر فيها أبو المبارك، ولا علاقةَ لها بها، فإن كان هذا الفهم صحيحًا؛ فإن هذا مِن ضعف التأصيل في قضية مدارات الروايات، والاختلافات، والعلل.
    بل مدار الطريقين واحد، ومخرجهما واحد، والأمر لا يعدو أن يكون اختلافًا على أبي فروة.

    21- نبَّه المؤلف (ص28) إلى انقطاع ما بين عطاء وأبي سعيد الخدري، وهو تنبيهٌ حَسَنٌ جيِّد.

    22- قال (ص31) في الكلام على حديث عبادة: «عبيدٌ؛ لعِزَّة حديثه لم يعرفه أهل دمشق، ولكنه وُثِّق؛ كما نقله الحافظ أبو سعيد السكري» انتهى.
    والنقد من العلوم التي لا يجوز أخذها إلا عن المعروفين بضبطها وإتقانها والاختصاص فيها، ولا تؤخذ عمَّن لم يختصَّ بها أو يتقنها، فضلاً عن المجاهيل وغير المعروفين.
    فكيف إذا كان هذا معارَضًا بأهل بلد الراوي الذين لم يعرفوه، ولم يوثقوه؟

    23- قال (ص31) في الكلام على عبيد بن زياد: «فمثله يطمئنُّ القلب له، وبخاصة أنه لم ينفرد به، وليس بمنكر!» انتهى.
    فأما عدم انفراده؛ فلا أراه إلا من كيس المؤلف!
    وإن لم يكن؛ فأين متابِعُهُ إذن عن جنادة، أو عن عبادة؟!
    ومجيء الشواهد لا ينفي التفرُّد في بعض أفرادها.
    وأما أنه ليس بمنكر؛ فإن كان استقاه من كلام محمد بن عوف؛ فقد سبق بيان أنه أراد النكارة المعنوية، لا الإسنادية.
    وإن كان قالها من نفسه؛ فانفراد المجهول عن الثقة الكبير منكرٌ -بلا شك-.

    24- قال (ص31): «ووَصْفُ موسى هذا بأنه «مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه» وصفٌ عجيب، فلعل في السند سقطًا أو تحريفًا، فقد توفي الهقل الذي هو شيخ موسى سنة تسع وسبعين ومئة! فكيف يدركه؟!» انتهى، ثم طوَّل في احتمال أنه غير عثمان الخليفة الراشد -رضي الله عنه-.
    وليس لكُلِّ هذا حاجة؛ إذ إن إطلاق الولاء على المولى لمن لم يُدركه= أشهر من علمٍ على نارٍ في تراجم الرواة، وليس بعجيبٍ إلا عند المؤلف، وليُبحث -للتوضيح فقط- فيمن جاء في ترجمتهم: «مولى عثمان بن عفان» في تهذيب الكمال.
    والظاهر أن المراد به: أنه مولى أبناء عثمان، أو أن أصله -في آبائه وأجداده- يرجع إلى الولاء لعثمان بن عفان، ويُبحث هذا.

    25- أجاب (ص39) عن اعتراض ابن رجب على تأويل المسكنة في الحديث بالتواضع والإخبات حين قال: «لأن في تمام حديثيهما ما يدل على أن المراد به المساكين من المال...»؛ قال: «ولا أرى في هذا «النظر» نظرًا!! إذ لا تعارُضَ بين المعنيَين؛ كما هو ظاهر، فالمسكنة التي هي التواضع والذلَّة توافق المسكنة التي هي عدم الغنى ولا تخالفها، أو تعارضها، وهذا أولى، والله أعلم» انتهى.
    وهذا الجواب ليس بجوابٍ -على التحقيق-؛ إذ أراد ابن رجب تحقيقَ أن المسكنة التي في الحديث هي مسكنة المال؛ بدلالة سياقه (وهذا الذي نفاه مؤوِّلو الحديث، وشدَّد بعضهم في نفيه)، وليست مسكنة التواضع والإخبات (التي أُوِّل الحديث بها).
    فجعل المؤلف المسكنةَ الثانية موافقةً للأولى، وهذا مصيرٌ منه إلى تفسير ما في الحديثِ بهما جميعًا، وهذا ما نفاه المؤوِّلون، وكان ظاهرُ صنيع المؤلف متابعَتَهم على ذلك، إلا أنه وقع -وحدَه- فيما هربوا منه!
    وأما إن أراد المؤلف: أن المسكنة التي في الحديث هي مسكنة التواضع والإخبات -على تأويل المؤوِّلين-، وهذه المسكنة تتضمَّن مسكنة المال؛ حيثما وقعت الأولى وقعت الثانية؛ فهذا ليس بلازمٍ مُطَّرد، فكم من غنيٍّ متواضعٍ مُخبِت.
    هذا على أن عبارة المؤلف مضطربةٌ لا تتضمَّن معنى واضحًا، وإنما فرح بأن ابن رجب ساق الحديثَ في سياق مسكنة التواضع والإخبات في مقدمةِ إحدى رسائله، وراح ينقل ذلك في حاشيته، لكن التحرير المعتمدَ عن ابن رجب: ما حرَّره حال نَظَره وتدقيقه في الحديث، وأما تلك المقدمة؛ فالتسامحُ فيها والجري على ما جرى عليه مؤوِّلو الحديث= وارِد.

    26- خلص في النهاية (ص33) إلى أن طرق الحديث الأخرى -سوى حديث ابن عباس([1])- «كلُّها ضعيفةٌ الضعفَ اليسير الذي ينجبر بتعدُّدها وتنوُّع مخارجها» انتهى!
    وهذه النتيجة واقعةٌ ولا بُدَّ بسبب الأخطاء العلمية والمنهجية في البحث، التي منها:
    1- ضعف تحرير مدار الحديث.
    2- ضعف تحرير حال الراوي، والتعلُّق بأدنى ما يجيء في تقويته.
    3- اجتزاء بعض كلمات الأئمة، ونقل ما ينصُّ على التقوية منها فحسب.
    4- نقل بعض كلمات الأئمة، وإغفال بعضها أو أكثر منها، مع الوقوف عليها جميعًا في المصدر الواحد.
    5- تأويل عبارات الأئمة وصرفها عن ظاهرها بلا مبرر، والخلل في فهمها على وجهها.
    إلى غير ذلك.
    والله المستعان، وعليه التكلان.
    وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    والحمد لله رب العالمين.

    ___________________________
    ([1]) مع ملاحظة أنه قد فاته حديثُ ابن عمر -رضي الله عنهما-.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    268

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    ما شاء الله جزاك الله خيرا
    رد علمي متين
    واذا كان لديك انتقادات أخرى للحلبي وغيره فأتحفنا بها

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    845

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي ، لشيخنا وأخينا الفاضل محمد بن عبدالله دراسة وافية ودقيقة مبنية على قواعد ومناهج أهل الحديث أجاد فيها وأفاد - كما هي عادته ، حفظه الله ونفع به - فتوصل فيها إلى الحكم الصحيح على هذا الحديث وأقوال أهل العلم فيه ، ونقد جزء " التعليقة الأمينة " فأبان بنقده أنها ليست بأمينة في النقل والحكم .
    لنا طلب عندكم يا شيخ عبد الله ، وهو إعلامنا عند طبع ونشر كتابكم " الرد العلمي " .
    واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ
    لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ


  7. #7

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    بارك الله فيكم.
    وحديث أبي سعيد الخدري قد أخرجه أيضًا: شهاب الدين الأبرقوهي في ( معجم شيوخه /تخريج الحافظ سعد الدين الحارثي ) [ق26/أ-ب/رقم/94/بترقيمي/مخطوط المكتبة الأزهرية]، من طريق إِبْرَاهِيم بْن عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مُوسَى الْهَاشِمِيّ أَبي إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ ، قَالَ : ثنا أَبُو خَالِدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي مُبَارَكٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : أَحِبُّوا الْمَسَاكِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : ( اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ).

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,491

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    لا زلت مسددا أخانا محمد

  9. #9

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    بارك الله فيك ياشيخ محمد وأحسن الله إليك

    وفي نفسي شيئ من كون الطريقين إلى عطاء طريق واحدة
    فجُعل إسناد
    أبو خالد عن يزيد عن أبي المبارك عن عطاء
    خالد بن يزيد عن أبي مالك عن ابيه عن عطاء

    فإن يكن من سليمان
    فقد قال عنه ابن أبي حاتم
    وكان عندى فى حدٍّ لو أن رجلا وضع له حديثا لم يفهم ، وكان لا يميز
    وقال يعقوب بن سفيان
    كان صحيح الكتاب إلا أنه كان يحوِّل ، فإن وقع فيه شىء فمن النقل ، وسليمان ثقة

    فلعلك تبحث في الأمر


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    جزاكم اللَّـهُ خيرًا، وبارك فيكم يا شَيخ مُحمَّد بن عبد اللَّـه.
    2636 ـ وَالعِلْمُ يَدْخُلُ قَلْبَ كُلِ مُـوَفَّـقٍ * * * مِنْ غَـيْـرِ بَـوَّابٍ وَلَا اسْـتئْذَانِ
    2637 ـ وَيَرُدُّهُ الـمَـحْرُوْمُ مِنْ خِذْلَانِـهِ * * * لَا تُـشْـقِـنَا الـلَّهُـمَّ بِالـحِـرْمَـان ِ
    قاله الإمامُ ابنُ قيِّم الجوزيّة .« الكافية الشافية » [ ج 3، ص 614 ]. ط بإشراف شيخِنا العلّامة بكر أبو زيد.

  11. #11

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة
    وقال إبراهيم عن محمد بن يزيد بن سنان: عن عطاء، قال: سمعت أبا سعيد يقول: يا أيها الناس؛ لا تحملنَّكم الفاقة والعسرة أن تَطلبوا الرزق من غير حِلِّه؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم توفَّني فقيرًا، ولا توفني غَنيًّا،....
    ........
    وأما ألفاظه الأخرى؛ فقد مَرَّ في التخريج أن حديث أبي سعيد الخدري ورد بلفظ: «اللهم توفَّني فقيرًا، ولا توفني غَنيًّا...،
    لعله فاتك أن تخرج أسانيد الحديث بلفظ "مت فقيرا ولا تمت غنيا ....." أو "الق الله فقيرا ولاتلقه غنيا ....."

    وقد ورد بنفس الطرق السابقه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
    وورد أيضا عن أبي سعيد الخدري عن بلال بن رباح رضي الله عنهما

    وأول الحديث متعلق بنفس معنى حديثنا غير الزياة التي في آخره

    .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,491

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة

    2- حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-:
    ويرويه عنه عطاء بن أبي رباح، وجاء عنه من طريقَين:
    محمد بن أبي فروة: يزيد بن سنان،
    كلاهما (أبو خالد الأحمر، ومحمد بن أبي فروة) عن أبي فروة يزيد بن سنان، عن أبي المبارك، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سعيد الخدري، قال: أحِبُّوا المساكين؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه: «اللهم أحيِني مسكينًا، وأمِتني مسكينًا، واحشُرني في زُمرة المساكين»، لفظ أبي خالد الأحمر. وقال إبراهيم عن محمد بن يزيد بن سنان: عن عطاء، قال: سمعت أبا سعيد يقول: يا أيها الناس؛ لا تحملنَّكم الفاقة والعسرة أن تَطلبوا الرزق من غير حِلِّه؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم توفَّني فقيرًا، ولا توفني غَنيًّا، واحشُرني في زُمرة المساكين يوم القيامة؛ فإن أشقى الأشقياء من اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة».
    تتمة :
    هذا الحرف جاء عن أبي سعيد من طريق آخر :
    أخرجه ابن أبي حاتم في علل الحديث سمعت أبي
    وأخرجه ابن الأعرابي في المعجم والطبراني في الأوسط قالا ثنا أحمد بن طاهر بن حرملة
    واخرجه ابن عدي في الكامل ثنا علان ثنا موسى بن سابق ثلاثتهم قالوا ثنا حرملة بن يحيى ثنا عبد الله بن وهب ني أبو مسعود الماضي بن محمد الغافقي عن هشام بن حسان عن
    الحسن عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال : ألا أخبركم بأشقى الأشقياء قالوا بلى يا رسول الله قال من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة

    قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا الماضي بن محمد تفرد به ابن وهب

    قال ابن أبي حاتم : قال أبي هذا حديث باطل وماضي لا أعرفه.

    ماضي هذا ذكره ابن عدي في الكامل وقال منكر الحديث وقال في خاتمة ترجمته وهذه الأحاديث التي ذكرتها غير محفوظة وللماضي غير ما ذكرت قليل وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ولا أعلم روى عنه غير ابن وهب وقال الدارقطني في تعليقه على كتاب المجروحين والماضي هذا يحدث بالأباطيل وقال ابن بشكوال في شيوخ ابن وهب شيخ له أحاديث مناكير عن مالك وكان وراقا قال ابن يونس ماضي بن محمد بن مسعود الغافقي ثم التيمي والتيم بطن من غافق يكنى أبا مسعود كان وراقا يكتب المصاحف وكان يضعف وقال ابن بشكول أيضا ماضي بن محمد هذا أحد من يروي الموطأ عن مالك بن أنس وكان فاضلا ورعا سكن القيروان فدعي إلى القضاء بها فهرب إلى مصر ومات بها رحمة الله عليه نقلته من أخبار القيروان والحمد لله على نعمه.وذكره ابن حبان في الثقات وقال يعتبر حديثه إذا روى عن غير ليث

    فائدة : ذكر هذا الحديث الهيثمي في المجمع وقد أعله بغير علته فقال : رواه الطبراني في الأوسط بإسنادين ... وفي الأخرى أحمد بن طاهر بن حرملة وهو كذاب

    أقول : قد تابع أحمد بن طاهر بن حرملة رجلان كما تقدم

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    الإخوة المشايخ الكرام: أحسن الله إليكم، ونفع بكم، وجزاكم أحسن الجزاء.

    الشيخ (ضيدان اليامي):
    ذِكْر كتاب (الرد العلمي) هو من كلام المؤلف، لا من كلامي.

    الأخ (أبا المظفر السناري):
    وأخرجه من طريق الأشج: ابن فهد في (لحظ الألحاظ)، وإنما اقتصرت على بعض من أسنده من طريق الأشج لتكاثر المتأخرين على ذلك؛ لعُلوِّ إسناده.

    الأخ (عدلان الجزائري):
    بالنسبة لرواية أبي سعيد بلفظ: «إن أشقى الأشقياء...»؛ فهي مدوَّنةٌ عندي، وقد روي هذا اللفظ من حديث أنس -أيضًا-، وإنما لم أُشِر إلى الاثنتَين لتبايُن أسانيدهما وأسانيدِ الحديث الذي أخرِّجه؛ مع عدم احتوائهما على الشاهد (فليستا مختصرتَيْن من أصل الحديث)، ولظهور عللهما.

    الأخ (عبدالرحمن بن شيخنا):
    * كون الإسناد الثاني ناشئًا عن تحريفٍ في الإسناد الأول= بعيد، وفي النفس منه؛ لأسباب، منها: أني لم أقِف لسليمان بن عبدالرحمن على روايةٍ عن أبي خالد الأحمر؛ يُمكن أن تتحرَّف عليه حال النقل والتحويل، وأنه من الصعب وقوع إسقاطٍ وإقحامٍ وثلاثةِ تحريفات جملةً واحدةً في إسنادٍ واحد، وكلمة يعقوب بن سفيان لا تشير إلى فُحش خطئه، وإنما إلى أنه "في حالة" وقوع خطأ؛ فمرجع ذلك إلى التحويل.
    ثم إن الطبراني نسب التفرد في الحديث إلى خالد بن يزيد، وكأنه يشير إلى أنه يتحمل العهدة، لا سليمان.

    * قولي: (وأما ألفاظه الأخرى...) له سياقُهُ، ولست أقصد به: عموم ألفاظ الحديث، وإنما أردت: ما جاء في ألفاظ الحديث من ذكر الفقر والغنى.

    * وأما استدراكك لفظ: «القَ الله فقيرًا...»، فاستدراكٌ حسن، لكنَّ في اللفظ وفي تمام الحديث مباينةً ظاهرة:
    فلفظ هذا الحديث: «اللهم توفَّني فقيرًا، ولا توفني غَنيًّا، واحشُرني في زُمرة المساكين يوم القيامة؛ فإن أشقى الأشقياء من اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة»، وفيه كلامٌ موقوفٌ على أبي سعيد الخدري في أوَّله: «يا أيها الناس؛ لا تحملنَّكم الفاقة والعسرة أن تَطلبوا الرزق من غير حِلِّه».
    ولفظ الآخر: «الق الله فقيرًا ولا تلقه غنيًّا»، قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال: «إذا رُزقت فلا تخبأ، وإذا سئلت فلا تمنع»، قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال: «هو ذاك وإلا فالنار».
    فالأقوى أنهما حديثان، وإن كان بعض أحدهما "متعلقًا" ببعض الآخر.
    والمتفرد بهما (أبو فروة الرهاوي) ضعيف جدًّا -كانا حديثًا أو حديثَين-.
    هذا ما يظهر لي، والله أعلم.

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله مشاهدة المشاركة
    * وأما استدراكك لفظ: «القَ الله فقيرًا...»، فاستدراكٌ حسن، لكنَّ في اللفظ وفي تمام الحديث مباينةً ظاهرة:
    فلفظ هذا الحديث: «اللهم توفَّني فقيرًا، ولا توفني غَنيًّا، واحشُرني في زُمرة المساكين يوم القيامة؛ فإن أشقى الأشقياء من اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة»، وفيه كلامٌ موقوفٌ على أبي سعيد الخدري في أوَّله: «يا أيها الناس؛ لا تحملنَّكم الفاقة والعسرة أن تَطلبوا الرزق من غير حِلِّه».
    ولفظ الآخر: «الق الله فقيرًا ولا تلقه غنيًّا»، قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال: «إذا رُزقت فلا تخبأ، وإذا سئلت فلا تمنع»، قال: قلت: وكيف لي بذلك يا رسول الله؟ قال: «هو ذاك وإلا فالنار».
    فالأقوى أنهما حديثان، وإن كان بعض أحدهما "متعلقًا" ببعض الآخر.
    ويؤيد ذلك:
    أن الحديث الثاني مرويٌّ من طريق محمد بن يزيد بن سنان، عن أبيه: أبي فروة الرهاوي، عن عطاء، بالإسناد.
    وقد جاء الحديث الأول في فوائد المؤمل بن أحمد ضمن نسخةٍ بهذا الإسناد؛ قال المؤمل:
    * حدثنا القاضي أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب ببغداد: حدثنا إبراهيم: حدثنا محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي: حدثنا يزيد بن سنان، عن عطاء، حدثني أبو سعيد الخدري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بشر أمتي أنه من أكل من طيب وعمل في سنة وآمن المؤمنين من بوائقه فله الجنة»، فقلت: يا رسول الله، إن هؤلاء لكثير اليوم في أمتك، قال: «نعم، وهو في قوم سيكونون بعدي».
    * وسمعت أبا سعيد يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: الحمد لله والله أكبر، كانت له عشرين حسنة مضاعفة وعشرين سيئة مكفرة».
    * وسمعت أبا سعيد يقول: يا أيها الناس لا تحملنكم الفاقة والعسرة أن تطلبوا الرزق من غير حله، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم توفني فقيرًا...» الحديث.
    انتهى.
    فتبيَّن أن هذا الحديثَ مرويٌّ هكذا في نسخة محمد بن يزيد، عن أبيه، وليس انفرادًا من بعض الرواة عنه، أو اختلافًا عليه.
    وإبراهيم هذا -الراوي عن محمد بن يزيد بن سنان- هو ابن هانئ النيسابوري، من الثقات الصدوقين الفضلاء، وثقه الإمام أحمد وأثنى عليه، ووثقه غيرُه، وهو والد (إسحاق) صاحب مسائل الإمام أحمد.
    والله أعلم.

  15. #15

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    #
    التخريج:
    أخرجه الطبراني في الدعاء (1427)، والكبير -ومن طريقه فيه الضياء في المختارة (8/270، 271)-؛ من طريق عبدالوهاب بن نجدة، وابن عساكر في تاريخ دمشق (38/194) من طريق محمد بن مصفى؛ كلاهما (عبدالوهاب، وابن مصفى) عن بقية بن الوليد، والبيهقي في الكبرى (7/12) من طريق موسى بن محمد -مولى عثمان بن عفان-؛ كلاهما (بقية، وموسى) عن هقل بن زياد، حدثنا عبيد بن زياد الأوزاعي، حدثنا جنادة بن أبي أمية، حدثنا عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم أحيِني مسكينًا، وتوفَّني مسكينًا، واحشُرني في زُمرة المساكين»، لفظ الطبراني، ومثله للبيهقي وابن عساكر.
    إلا أن موسى بن محمد قال عن هقل: أبنا عبيدالله([7]) بن زياد، ثنا جنادة.

    وأخرجه أيضًا: الحسين بن إسماعيل الجرجاني في ( الاعتبار وسلوة العارفين ) [رقم/45/طبعة مؤسسة الإمام زيد بن علي] أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد، أخبرنا ابن أبي داوُد، أخبرنا محمد بن المصفى، أخبرنا بقية، أخبرنا الهقل، عن عبيد بن زياد، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( اللهم، احيني مسكيناً ، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين )).

  16. #16

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    أعتقد أنه مهم وجيد تخريجه هنا لتداخل أسانيده وبعض معنى متنه مع أسانيد ومتن حديثنا
    حتى ولو على سيبل أنه شاهد فقط
    ولا أعلم في السنة أقرب في المعنى لحديثنا منه
    والله أعلم .

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    32

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    جزاك الله خيرا أخي عبدالله ؛ ونفع الله بكم ؛ كثيرا من الناس يردون على ذات الشخص وليس لأخطائه حتى لا يغتر بها الغير ؛ وإنما لتشفي وإرواء الغيظ ؛ وأنت لست منهم إن شاء الله .
    وعندي إضافة لم ترد في بحثك القيم ؛ وهي :

    308 - " اللهم أحيني مسكينا ، و أمتني مسكينا ، و احشرني في زمرة المساكين " .

    قال الإمام المحدث الألباني - رجمه الله - في "السلسلة الصحيحة" :
    أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( 110 / 2 ) فقال :
    حدثني ابن أبي شيبة : حدثنا وكيع عن همام عن قتادة عن أبي عيسى الأسواري عن
    أبي سعيد : أحبوا المساكين فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
    في دعائه . فذكره .
    قلت : و هذا إسناد حسن عندي ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي عيسى
    الأسواري فقد وثقه الطبراني و ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 1 / 271 ) و روى
    عنه ثلاثة منهم ، أحدهم قتادة و لذلك قال البزار : " إنه مشهور " .
    و قول من قال فيه " مجهول " أو " لم يرو عنه غير قتادة " فبحسب علمه و فوق كل
    ذي علم عليم ، فقد جزم في " التهذيب " أنه روى عنه ثابت البناني و قتادة و عاصم
    الأحول .
    قلت : و هؤلاء جميعا ثقات فبهم ترتفع الجهالة العينية ، و بتوثيق من ذكرنا تزول
    الجهالة الحالية إن شاء الله تعالى ، لاسيما و هو تابعي ، و من مذهب بعض
    المحدثين كابن رجب و ابن كثير تحسين حديث المستور من التابعين ، و هذا خير من
    المستور كما لا يخفى .
    و للحديث طريق أخرى عن أبي سعيد ، و شواهد عن أنس بن مالك و عبادة ابن الصامت
    و ابن عباس خرجتها كلها في " إرواء الغليل " ( رقم 853 ) و إنما آثرت إيراد هذه
    الطريق هنا لأنها مع صلاح سندها عزيزة لم يتعرض لها بذكر كل من تكلم على طرق
    الحديث كابن الجوزي و ابن الملقن في " الخلاصة " و ابن حجر في " التلخيص "
    و السيوطي في " اللآلي " و غيرهم ، و لا شك أن الحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى
    درجة الصحة ، و لذلك أنكر العلماء على ابن الجوزي إيراده إياه في " الموضوعات "
    و قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 275 ) :
    " أسرف ابن الجوزي فذكر هذا الحديث في " الموضوعات " ، و كأنه أقدم عليه لما
    رآه مباينا للحال التي مات عليها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان مكفيا ،
    قال البيهقي :
    و وجهه عندي أنه لم يسأل حال المسكنة التي يرجع معناها إلى القلة ، و إنما سأل
    المسكنة التي يرجع معناها إلى الإخبات و التواضع " .

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    2,092

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    وإياك، وفقك الله.
    هذا سهوٌ من الشيخ، ودخولُ حديثٍ في حديث، وقد نُبِّه عليه في حياته، فانتبه، وأثبت ذلك في الإرواء (3/363).

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    1,491

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محب الألباني مشاهدة المشاركة
    كثيرا من الناس يردون على ذات الشخص وليس لأخطائه حتى لا يغتر بها الغير ؛ وإنما لتشفي وإرواء الغيظ ؛.
    ليس إليك ذلك أخي الكريم وقد يكون ذلك من الافتئات على عباد الله وسوء الظن بهم

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    32

    افتراضي رد: دراسة حديث: (اللهم أحيني مسكينًا...)، ونقد جزء (التعليقة الأمينة)، للحلبي

    بارك الله فيك أخي ؛ ولكن ما في الجنان يظهره البنان .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •