كلمة ( إبراهيم ) تكتب بالياء في القرآن ، وبغيرها أيضًا ( إبراهم ) فما السبب ؟
كلمة ( إبراهيم ) تكتب بالياء في القرآن ، وبغيرها أيضًا ( إبراهم ) فما السبب ؟
السلام عليكم،
عندما وحّد عثمان - رضي الله عنه - نسخ القرآن، وحّد الكتابة بما يعرف ب(الرسم العثماني)،
وميزة هذا الرسم صلاحيته لجميع القراءات،
فكتابة (إبراهيم) بالياء تدل على قراءتها بالياء في جميع القراءات في ذلك الموضع،
أما كتابتها بدون ياء، فتدل على أنها تقرأ بياء في قراءات، وبدون ياء في قراءات أخرى،
والله تعالى أعلم.
بارك الله فيك
إبراهيم اسم أَعجمي وفيه لغات إبْراهامُ وإبْراهَم وإبْراهِمُ بحذف الياء
أخي الحبيب : الذي يظهر لي خلاف هذا في كتابة لفظ إبراهيم .
بيان ذلك :أن لفظ ( إبراهيم ) ورد في القرآن ( 69 ) مرة ، منها ( 33 ) موضعا وردت فيها قراءة عن ابن عامر ،
قال الإمام الشاطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في باب فرش حروف سورة البقرة ( ص 39 ) الأبيات من ( 480 ـ 484 ) : ـ
وَفيهاَ وَفي نَصِّ النِّساَءِ ثَلاَثَة ***** أَوَاخِرُ إَبْرَاهَامَ لاحَ وَجَمَّلاَ
وَمَعْ آخِرِ الأَنْعَامِ حَرْفَا بَرَاءَةٍ ***** أَخِيراً وَتَحْتَ الرَّعْدِ حَرْفٌ تَنَزَّلاَ
وَفي مَرْيَمٍ وَالنَّحْلِ خَمْسَةُ أَحْرُفٍ ***** وَآخِرُ مَا فِي الْعَنْكَبُوتِ مُنَزَّلاَ
وَفي النَّجْمَ وَالشُّورى وَفي الذَّارِيَاتِ وَالْ ***** حَدِيدِ وَيُرْوِي في امْتِحَانِهِ الأَوَّلاَ
وَوَجْهَانِ فِيهِ لاِبْنِ ذَكْوَانَ ههُنَا ****** .............................. ....
حيث قرأ هشام في جميع هذه المواضع المنصوص عليها بألف بعد الهاء ، هكذا ( إبراهام ) ، وورد عنه الوجهان في الموضع الأول من سورة التحريم ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم و الذين معه ... ) الآية .
وشاركه ابن ذكوان في جميع المواضع في سورة البقرة ، و عددها خمسة عشر موضعا ، حيث ورد عنه و جهان : أحدهما :كهشام ( إبراهام ) ، و الآخر : مثل بقية القراء : بياء بعد الهاء ، و يلزم منها كسر ما قبلها هكذا( إبراهيم ) .
هذا من جهة القراءة : أما من جهة رسم لفظ ( إبراهيم ) :
قال الإمام الشاطبي _ رحمه الله _ في عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد / البيت رقم ( 54 ) : ـ
( والحذفُ فى ياءِ إبراهيمَ قيل هُنا ***********شامٍ عراق ونِعْمَ العِرْقُ ما انْتَشَرَا )
قال الإمام الجعبري في شرح هذا البيت : ـ
أي : حذفت ياء ( إبراهيم ) من الرسم الشامي والكوفي والبصري في كل ما في البقرة وهو خمسة عشر موضعاً ، وثبتت في الرسم المدني والمكي والإمام.
والمحذوف من كلمة ( إبراهيم ) الياء دون الألف فإنها محذوفة من كل المصاحف بالاتفاق . وجملة المختلف في ( إبراهيم ) ثلاثة وثلاثون ) والمتفق ستة وثلاثون .
فوجه الإثبات والحذف احتمال القراءتين .
فقراءة الياء في المرسوم بها قياسية ، وفي محذوفها اصطلاحية وتُقدره ياء كـ ( إسرائيل ) و ( الداع ) حملاً على الثانية ( أي كما تقدر الياء الزائدة لمن قرأ بإثباتها كالمكي ) .
وقراءة الألف في المرسوم ياءً اصطلاحية كـ ( بأيَّـم الله ) و ( قضى ) ، وكذا في المحذوف، لكن تُقدر ألفاً حملاً على الأكثر ( لأن الألف يتوارد عليه الحذف أكثر من بقية حروف المد ) اهـ .
[ وهذا كما يظهر : توجيه لقراءة اللفظ و كتابته ، و ليس فيه بيان سبب التفرقة بين سورة البقرة و غيرها ) .
* وقال الإمام أبو داود بن نجاح ( ت: 496 هـ ) : رسم كذلك - والله أعلم - لقراءتهم ذلك بألف بين الهاء والميم ) . ( مختصر التبيين :2/206 ) .
* وقال الإمام السخاوي ( ت: 643 هـ ) :وجه رسمه : التنبيه على قراءة : إبرهام ) . ( فتح الوصيد :1/114 ) .[ و هذان توجيهان جيدان : إلا أنه ليس فيهما بيان سبب التفرقة]
وذهب بعضهم إلى : أن الرسم الذي كان في عصر الصحابة إنما كان على سبيل التنوع ، فكان موجوداً في عصرهم هذا الرسم ، وذاك الرسم ( و فيه نظر : لأن تخصيصهم هذا التنوع بسورة البقرة دون غيره غريب ) .
* وقال بعضهم : إنَّ مواضع سورة البقرة اتفقا فيه راويا ابن عامر – هشام وابن ذكوان – على القراءة بألفين وحذف الياءن هكذا ( إبراهام ) بخلف عن ابن ذكوان ، وأما المواضع الأخرى فقد انفرد بها هشام ، فكتبوا المتفق عليه بما يحتمله الرسم ، وهذا بخلاف المنفرد فيه عن هشام [ وفيه نظر أيضا : إذ الرسم سابق لاختيارات القراء ، و لم يكن في عهدهم إلا مصحف شامي واحد .
و كذلك : فإن الخلاف هنا بين المصحف الشامي والكوفي والبصري مع المصحف المدني والمكي والإمام ، فليس مقتصرا على المصحف الشامي ] .
* وقال بعضهم : أنَّ السبب في ذلك أنَّ معظم سورة البقرة حديثها لبني إسرائيل ، وبنو إسرائيل ينطقونها ( إبراهام ) [ وهو اجتهاد من قائله ] .
* وقيل : أنَّ كلمة ( إبراهيم ) فيها ست لغات ، فجاء في القرآن بلغتين ، والباقية شاذة لا يقرأ بها [ وهذا مسلم ، ولا علاقة له بتخصيص الرسم بالبقرة دون غيرها ]
* وقال محمد شملول في كتابه ( إعجاز رسم القرآن وإعجاز التلاوة ) صـ122 : ونخلص من ذلك أنَّ سيدنا إبراهيم – عليه السلام – له اسمان هما : ( إبراهام ) بدون ياء وسطية ، وذلك قبل أن يرزقه الله بالولد ، وعندما رزقه الله بالولد إسماعيل وإسحاق جعل الله اسمه ( إبراهيم ) بزيادة الياء ) اهـ [و هذا تكلف ظاهر ].
و ليعلم : أن أصل الخلاف في رسم لفظ ( إبراهيم ) إما بإثبات الياء أو بحذفها ، وأما الياء الصغيرة التي توضع بين الهاء و الميم فهي حادثة مثل النقط .
فالحاصل : أن المسألة فيها أقوال متعددة ، و كلها لا تعدو كونها أراء و اجتهادات من أصحابها ، و لكن لو سلم القارئ بمسألة توقيف المصاحف العثمانية لانتهى هذا الإشكال ، و لم يحتج إلى البحث عن الأسباب و الحكم في كل ذلك .
و المسألة تحتاج إلى مزيد بحث ونظر ، ومن كان عنده مزيد علم فليفدنا .