الجواب: اختلف العلماء رحمهم الله في هذا، والراجح من أقوالهم في ذلك أنها آية منها، لما جاء عند الدارقطني وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:" إذا قرأتم الحمد لله فاقرأوا:(بسم الله الرحمن الرحيم) إنها أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني، و(بسم الله الرحمن الرحيم) إحداها". وهذا حديث إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات، ولا يضر أنه جاء في بعض الروايات موقوفا، إذ الموقوف لا يعل المرفوع، لأن الراوي قد يوقف الحديث أحيانا لأمر ما، فإذا رواه مرفوعا ـ وهو ثقةـ فهو زيادة ثقة يجب قبولها منه.
وإذا ثبت هذا فإنه نص في محل النزاع فيجب المصير إليه، ولا عبرة بمن خالفه، وإنما ذهب إلى خلافه من لم يبلغه، أومن لم يصح عنده، والحديث صحيح بلا ريب، فثبت أن البسملة آية من سورة الفاتحة والله أعلم.
ولا يرد على هذا أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن يجهر بها فيما يجهر فيه من الصلوات الجهرية مع الفاتحة، فإن ذلك لا يعني أنه لا يقرأ بها، بل يقرأ بها ولكن سرا، كما هو ثابت في الأحاديث الصحيحة ومنها حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقطع قراءته "بسم الله الرحمن الرحيم". "الحمد لله رب العالمين". "الرحمن الرحيم". "مالك يوم الدين". وهو حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، وهذا هو القول الراجح الذي تدل عليه الأدلة ويقتضيه الجمع بين الأحاديث الصحيحة، ويتعين المصير إليه لمن نظر بإمعان في نصوص الأحاديث وخلع ربقة التقليد عن عنقه، ونحن متعبدون بما شرع لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، نجهر حيث جهر بما جهر، ونسر حيث أسر بما أسر، وللمسألة بسط في غير هذا الموضع، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.