تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 24

الموضوع: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    مصر الحبيبة - مدينة دمياط
    المشاركات
    51

    افتراضي هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    قال أبو محمد علي ابن حزم رحمه الله في كتابه الفصل :
    " ذهب محمد بن جرير الطبري والأشعرية كلها حاشا السمناني إلى أنه لا يكون مسلماً إلا من استدل ، وإلا فليس مسلماً ، و قال الطبري : من بلغ الاحتلام أو الاشعار من الرجال والنساء أو بلغ المحيض من النساء ولم يعرف الله عز وجل بجميع أسمائه وصفاته من طريق الاستدلال فهو كافر حلال الدم والمال ، وقال أنه إذا بلغ الغلام أو الجارية سبع سنين وجب تعليمهما وتدريبهما على الاستدلال على ذلك و قالت الأشعرية لا يلزمها الاستدلال على ذلك إلا بعد البلوغ."
    فهل حقاً هذا مذهب الطبري الإمام رحمه الله ؟؟؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    51

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    الغالب على ابن حزم - رحمه الله - أنه ينقل من حفظه مذاهب العلماء وإن كان محققا فيما يعزوه بل ربما ذكر نقله بأسانيده
    ولا يخلو غالبا من يعتمد على حفظه في النقل من شيء من الهنات والأخطاء , وعلى العموم ينظر في صحة النقل فإن ثبت هذا
    النقل عن الطبري - رحمه الله - نظر في مقصده وحل إشكاله .
    شكر الله لك أخي الكريم أبو خالد الدمياطي .

  3. #3

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    " المجموعة العلمية السعودية - من رد علماء السلف الصالح :
    حققها وراجع أصولها عبدالله بن محمد بن حميد - مكة المكرمة : مطابع دار الثقافة 1394هـ 177 صفحة
    المحتويات :
    أ. عقيدة الإمام ابن جرير الطبري



    نقلاً عن : تتمة الأعلام لمحمد رمضان خير يوسف -مج2 صــ19ــ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    مصر الحبيبة - مدينة دمياط
    المشاركات
    51

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    " المجموعة العلمية السعودية - من رد علماء السلف الصالح :
    حققها وراجع أصولها عبدالله بن محمد بن حميد - مكة المكرمة : مطابع دار الثقافة 1394هـ 177 صفحة
    المحتويات :
    أ. عقيدة الإمام ابن جرير الطبري
    لا أفهم أخي المراد من المشاركة .... برجاء التنبيه
    رحم الله رجلاً عرف زمانه ........... فاستقامت طريقته

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    مصر الحبيبة - مدينة دمياط
    المشاركات
    51

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    أرجو الاستفادة ممن عنده إفادة
    رحم الله رجلاً عرف زمانه ........... فاستقامت طريقته

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    602

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    قال ابن جرير الطبري رحمه الله في كتابه التبصير في معالم الدين ص 123 تحقيق علي الشبل ما نصه :
    وإذا كان صحيحا ما قلنا بالذي استشهدنا , فواجب أن يكون كل من بلغ حد التكليف من الذكور والاناث وذلك قبل ان يحتلم او يبلغ حد الاحتلام وأن تحيض الجارية أو تبلغ حد المحيض فلم يعرف صانعه باسمائه وصفاته التي تدرك بالادلة بعد بلوغه الحد الذي حددت فهو كافر حلال الدم والمال .......
    ثم بدا يرد على الايرادات ..
    ومقصوده والعلم عند الله ان هؤلاء هم المعرضون لا الجاهلون , لانه قال بعده بقليل ص 128 :
    ... ولكنهم تجاهلوا مع ظهور الادلة الواضحة والحجج البالغة لحواسهم فأدخلوا اللبس على انفسهم والشبه على عقولهم حتى اوجب ذلك لهم الحيرة واكسبهم الجهل والملالة . ولو انهم لزموا محجة الهدى واعرضوا عما دعاهم اليه داعي الهوى لوجدوا للحق سبيللا نهجا وطريقا وسهلا .....
    اللهم اسلل سخيمة قلبي

  7. #7

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو خالد الدمياطي مشاهدة المشاركة
    قال أبو محمد علي ابن حزم رحمه الله في كتابه الفصل :
    " ذهب محمد بن جرير الطبري والأشعرية كلها حاشا السمناني
    للفائدة :
    قال أبو جعفر السماني " الأشعري " : ( القول يإيجاب النظر بقية بقيت في المذهب
    - الأشعري - من أقوال المعتزلة ) الدرء 7 / 407
    ------------
    نقل الشيخ السلمي في كتابه حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين " وقد حكى أبو الحسن الطبري والآمدي إجماع الأشاعرة على ذلك ... صـ 164

    أقول : لعله حصل تصحيف في بعض النسخ مما أدى إلى نسبة هذا القول يالخطأ إلى الإمام ابن جرير الطبري , فما رأيكم ؟

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    602

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    الاخ زين العابدين لعلك تنظر الى التعليق رقم 6
    ففيه النقل من كلام ابن جرير من كتابه التبصير
    اللهم اسلل سخيمة قلبي

  9. #9

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    الأخ جذيل : بارك الله فيك ...

    لعلكم تراجع تفسير الطبري على الآيات التي إعنمد عليها المتكلمون في وجوب النظر , لنعرف رايه .

  10. #10

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    أبو محمد الظاهري أخطأ على أبي جعفر الطبري وألزمه أنه كان كافراً حلال الدم والمال مع أنه (الطبري) قد تجاوز في العمر خمسة وثمانين سنة!
    وبيان خطئه على الإمام في مقامين:
    الأول مقام التوثيق لعزو الظاهري للطبري
    الثاني: بيان الخلل الذي في نسبة الظاهري للطبري.


  11. #11

    Post رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    المقام الأول:
    نسب الظاهري للطبري هذه المقالة في كتابين له، أحدهما: التقريب لحد المنطق (ص546) قال: (وكثيرا ما نُلزم نحن في الشرائع أهل القياس المتحكمين أشياء من مقدماتهم تقودهم إلى التناقض أو إلى ما لا يلتزمونه فيلوح بذلك فسادُ مقالتهم، كالذي قدّمه عظيم من أسلافنا نحبه بفضله ولكن الحق أحب إلينا منه وأفضل فإنه قال: "من بلغ الحلم من رجل أو امرأة ولم يعلم الله في أول أوقات بلوغه بجميع صفاته علم استدلال ونظر وبحث فهو كافر حلال دمه وماله".
    ونحن نُقسم بالله خالقنا قسما لا نستثني فيه: أن هذا الريئس قد أنتج حكمه هذا عليه أن يكون كافراً حلال الدم والمال
    ونعيد القسم بالله ثانية أنه ما دخل قبره إلا جاهلا بتمام صحة ما ضيّق في علمه هذا التضييق، على أنه قد تجاوز في عمره خمسة وثمانين عاما، يرحمنا الله وإياه ويغفر لنا وله.
    ولولا أن مقدمته هذه فاسدة لوجب عليه ما أوجب على من هو محدود بحدّه ومرسوم برسمه، ولكنها - ولله الحمد- فضية باطل فلا يجب ما أنتجت لا عليه ولا غلى عيره).
    أقول: معلوم أن الطبري رحمه الله عاش هذا العمر المنصوص في كلام الظاهري.
    والكتاب الثاني هو الفصل في الملل والنحل (3/ 279) على ما تفضل به الإخوة، وقد صرح ابن حزم بالاسم (محمد بن جرير الطبري) فلا تصحيف أصلا.
    وإنما البحث في المطالبة بتصحيح النسبة وهذا في المقام الثاني إن شاء الله.

  12. #12

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    المقام الثاني: بيان الخلل الذي في نسبة الظاهري للطبري.
    1- هذا النقل تفرّد به ابن حزم الظاهري ولم يتابع عليه إلا من جهة ناقل عنه كابن تيمية في درء التعارض (8/ 3-).
    2- لم ينقل الظاهري عن كتاب للإمام الطبري وإنما من حفظه والنقل عن كتاب غير النقل عن صدر وذهن لأنه جاء في بعض نسخ الفصل لما ذكر مقالة الطبري: "حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور قال لي ابو بكر بن الفضل بن بهران الدينوري قال لنا الطبري فذكر ما قلناه"
    تنبيه: هذه النسبة أيضا في كتاب ثالث لابن حزم وهو الأصول والفروع (ص260) قال: " وحدثنا أحمد بن محمد الجسوري عن أحمد بن الفضل الدينوري عن محمد بن جرير الطبري أنه قال:" من بلغ الحلم أو المحيض من الرجال والنساء ولم يعلم الله بجميع صفاته وأسمائه فهو كافر حلال الدم والمال".
    ثم قام بالتشنيع كما فعل في الفصل والتقريب أيضا.
    فالظاهري ناقل عن غيره لا عن مصنفات الإمام الطبري، والخطأ في المنقول يحتمل أن يكون منه كما يحتمل أن يكون من شيخه (ابن الجسور) أو من شيخ شيخه (أبو بكر البهراني) وقد ذكروا في ترجمة الأخير أنه مشرقي انتقل إلى الاندلس وأدخل إليها جملة من مؤلفات الطبري كرسالة الطبري إلى أهل طبرستان (التبصير في معالم الدين).
    3- الظاهر أن الناقل أخطأ في نقل حقيقة مقالة الطبري في كتابه (التبصير)؛ ولهذا قال محقق الفصل (ينظر التبصير في معالم الدين للطبري ص123، وإن كان الموجود في التبصير يختلف عن ما ذكره ابن حزم هنا، ولعل ما ذكره هنا لازم للقول لا أنه نفس قول الطبري كما هي طريقة ابن حزم).
    4- مقالة الطبري عند الظاهري تتضمن المسائل الآتية:
    المسألة الأولى: اشتراط الاستدلال والنظر لصحة الإيمان.
    وهذا باطل لا يوجد في كتاب الطبري فانظره إن شئت وهو في متناول يديك إن شاء الله؛ لأن الطبري لم يشترط إلا معرفة الله ببعض أسمائه وصفاته ولم يشترط الاستدلال والنظر لمعرفة الله تعالى كما هي طريقة أهل الكلام. وفرق ظاهر بين الأمرين لأن معرفة الله قد توجد بغير هذا الطريق.
    المسألة الثانية: اشتراط معرفة الله بجميع صفاته وأسمائه.
    وهذا باطل أيضا لأن الطبري فرّق بين الصفات التي لا تعلم إلا بالخبر والسماع (الصفات الخبرية)، وبين الصفات تعلم بالعقل والفكر والروية كما فعل الشافعي رحمه الله، فالجهل في النوع الأول من الصفات ليس كفراً عند الطبري، والجهل في النوع الثاني من الصفات كفر عند الطبري وعند غيره من علماء الأمة.
    المسألة الثالثة:
    وجوب التدريب والتعليم على ذلك عند بلوغ الصبي سبع سنين أو نحوها.
    وهذا أيضا باطل لأن الطبري لم يوجب التعليم والتدريب على النظر والاستدلال قبل البلوغ، وإنما ذكر أن المدة التي بين التمييز وبين البلوغ كافية للتذكر والاعتبار وأنه لن يهلك على الله إلا هالك.
    وهناك قرائن أخرى تدل على أن المخطئ على الطبري هو ابن حزم نفسه منها أن اشتراط الاستدلال والنظر لم يأت في الأصول والفروع وهي رواية مسندة، وذكره ابن حزم في الفصل والتقريب بألفاظ مختلفة (علم استدلال ونظر وبحث)، (من طريق الاستدلال)!
    وهذا يدل أنه من تصرف الظاهري لا من كلام الطبري.
    على أي حال: قد أحسن محقق (الأصول والفروع) عبد الحق التركماني في الرد على ابن حزم وبيان أخطائه على الطبري في دراسة مطولة فليراجعه من شاء من (ص30- 38).


  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو خالد الدمياطي مشاهدة المشاركة
    أرجو الاستفادة ممن عنده إفادة
    افيدك بنقل أدلة الفريقين واختمه بكلام الامام ابن جرير الطبرى للفائدة
    سئل الإمام ابن باز رحمة الله تعالى السؤال التالي
    ما رأي فضيلتكم فيما يفعله أكثر الناس من تقليد الآخرين فإذا نصح قال: يفعله الناس؟
    الجواب:
    أما التقليد للناس هذا غلط، الله ذم المشركين وعابهم بقوله أنهم كانوا يقولون للأنبياء: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ[الزخرف:23] ذمهم الله على هذا، هذا من عمل المشركين والجهلة، فالواجب على المسلم أن يسأل أهل الذكر الله .. فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل:43] ما يقلد الدهماء والعامة .. بل يسأل أهل العلم إذا كان ما عنده علم، وإن كان يستطيع العلم يقرأ القرآن ويتدبر كلام ربه ويقرأ السنة ويحفظ ما تيسر منها حتى يعلم الحق، وإذا كان لا يستطيع نظر أهل العلم وسأل عن أهل العلم في أي بلد واستفتاهم عما قاله الله ورسوله، دلوني على شرع الله، دلوني بما قاله الله ورسوله في هذا الأمر حتى أعمل بشرع الله وبدين الله، لا يقلد الناس، ويمشي مع الناس في الحق والباطل، لا، بل لا يمشي مع الناس إلا بالحق بس، لا في الباطل.


    قال الشيخ صالح آل الشيخ
    في شرحه على "ثلاثة الأصول":(.. معرفة العبد ربه، ومعرفة العبد دينه، ومعرفة العبد نبيه، هذا واجب فمثل هذا العلم لا ينفع فيه التقليد، واجب فيه أن يحصله العبدُ بدليله، والعبارة المشهورة عند أهل العلم: أن التقليد لا ينفع في العقائد, بل لابد من معرفة المسائل التي يجب اعتقادها بدليلها, هذا الدليل أعم من أن يكون نصا من القرآن, أو من سنة, أو من قول صاحب, أو من إجماع, أو قياس, وسيأتي تفصيل الدليل إن شاء الله تعالى في موضعه. التقليد هذا لا يجوز في العقائد عند أهل السنة والجماعة, وكذلك لا يجوز عند المبتدعة من الأشاعرة والماتريدية والمتكلمة، لكن ننتبه إلى أن الوجوب عند أهل السنة يختلف عن الوجوب عند أولئك في هذه المسألة، والتقليد عند أهل السنة يختلف عن التقليد عند أولئك, فأولئك يرون أن أول واجب هو النظر, فلا يصح الإيمان إلا إذا نظر، ويقصدون بالنظر؛ النظر في الآيات المرئية؛ في الآيات الكونية، ينظر إلى السماء، يستدل على وجود الله جل وعلا بنظره، أما أهل السنة فيقولون يجب أن يأخذ الحق بالدليل, وهذا الدليل يكون بالآيات المتلوّة, أولئك يحيلون على الآيات الكونية المرئية بنظرهم, بنظر البالغ، وأما أهل السنة فيقولون لابد من النظر في الدليل، لا لأجل الاستنباط، ولكن لأجل معرفة أن هذا قد جاء عليه دليل، في أي المسائل؟ في المسائل التي لا يصح إسلام المرء إلا به؛ مثل معرفة المسلم أن الله جل وعلا هو المستحق للعبادة دون ما سواه، هذا لابد أن يكون عنده برهان عليه، يعلمه في حياته, ولو مرة، يكون قد دخل في هذا الدين بعد معرفةٍ الدليل, ولهذا كان علماؤنا يعلمون العامة في المساجد)
    وقال ( هذه الرسالة صنفت لبيان الأصول الثلاثة؛ ألا وهي مسائل القبر؛ من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ والجواب عليها في هذه الرسالة، بل إن هذه الرسالة من هذا الموضع إلى آخرها جواب على هذه الأسئلة الثلاث، فمن كان عالما بما في هذه الرسالة من بيان تلك الأصول العظام، كان حَرِيًّا أن يُثبت عند السؤال، ذلك لأنها قُرنت بأدلتها، وقد جاء في الحديث الذي في الصحيح أن من المسؤولين في القبر من يقول: ها, ها لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. استدل العلماء بقول هذا المفتون في قبره (سمعت الناس يقولون شيئا فقلته) على أن التقليد لا يصلح في جواب هذه المسائل الثلاث؛ جواب (من ربك؟) يعني من معبودك؟ جواب (ما دينك؟), جواب (من نبيك؟) ولهذا يذكر الشيخ الإمام رحمه الله تعالى بعد كل مسألة مما سيأتي، يذكر الدليل من القرآن، وقد بينا في أول هذا الشرح؛ أن المؤمن يخرج من التقليد، ويكون مستدلا بما يعلمه، ويعتقده من هذه المسائل بالحق، إذا علم الدليل عليها مرة في عمره، ثم اعتقد ما دل عليه الدليل، فإن استقام على ذلك حتى موته، فإنه يكون مؤمنا؛ يعني مات على الإيمان؛ لأن استمرار استحضار الدليل والاستدلال لا يُشترط، لكن الذي هو واجب أن يكون العبد في معرفته للحق في جواب هذه المسائل الثلاث، أن يكون عن دليل واستدلال ولو لِمرّة في عمره)

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    حكم إيمان المقلدين

    عقد السفاريني فصلاً في ذكر الخلاف في صحة إيمان المقلد في العقائد وعدمها وفي جوازه وعدمه شارحا قوله في منظومته:
    وكل ما يطلب فيه الجزم فمنع تقليد بذاك حتم
    لأنه لا يكتفى بالظن لذي الحجى في قول أهل الفن
    وقيل يكفي الجزم إجماعا بما يطلب فيه عند بعض العلما
    فالجازمون من عوام البشر فمسلمون عند أهل الأثر

    فقال: (وكل ما) أي حكم ومطلوب مما عنه الذكر الحكمي، وهو المعنى الذي يعبر عنه بالكلام الخبري، وهو ما أنبأ عن أمر في نفسك من إثبات أو نفي، والمراد هنا كل اعتقاد (يطلب فيه) أي ذلك الاعتقاد من معرفة الله تعالى، وما يجب له ويستحيل عليه، ويجوز (الجزم) بأن يجزم به جزما لا يحتمل متعلقه النقيض عنده لو قدره في نفسه، فإن طابق الواقع فهو اعتقاد صحيح وإلا ففاسد، فما كان من هذا الباب (فمنع تقليد) وهو لغة وضع الشيء في العنق حال كونه محيطا به، وذلك الشيء يسمى قلادة وجمعها قلائد، وعرفا أخذ مذهب الغير يعني اعتقاد صحته واتباعه عليه بلا دليل، فإن أخذه بالدليل فليس بمقلد له فيه، ولو وافقه فالرجوع إلى قوله صلى الله عليه وسلم ليس بتقليد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في المسودة: التقليد قبول القول بغير دليل، فليس المصير إلى الإجماع بتقليد، لأن الإجماع دليل، ولذلك يقبل قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقال تقليد، وقد قال الإمام أحمد - رضي الله عنه - في رواية أبي الحارث من قلد الخبر رجوت أن يسلم إن شاء الله تعالى فأطلق اسم التقليد على من صار إلى الخبر، وإن كان حجة بنفسه. انتهى ملخصا. (بذاك) أي بما يطلب فيه الجزم ولا يُكْتَفَى فيه بالظن (حتم) بفتح الحاء المهملة وسكون التاء المثناة فوق أي لازم واجب، قال علماؤنا وغيرهم يحرم التقليد في معرفة الله تعالى، وفي التوحيد والرسالة، وكذا في أركان الإسلام الخمس، ونحوها مما تواتر واشتهر، عند الإمام أحمد - رضي الله عنه - والأكثر وذكره أبو الخطاب عن عامة العلماء، وذكر غيره أنه قول الجمهور قاله في شرح التحرير، قال: وأطلق الحلواني من أصحابنا وغيره منع التقليد في أصول الدين، واستدلوا لتحريم التقليد بأمره سبحانه وتعالى بالتدبر والتفكر والنظر.
    وفي صحيح ابن حبان لما نزل في آل عمران: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِالآيا ت [آل عمران: 190] قال صلى الله عليه وسلم: ((ويل لمن قرأهن ولم يتدبرهن، ويل له، ويل له)) (1)
    والإجماع على وجوب معرفة الله تعالى، ولا تحصل بتقليد لجواز كذب المخبر، واستحالة حصولها، كمن قلد في حدوث العالم، وكمن قلد في قدمه، ولأن التقليد لو أفاد علما، فإما بالضرورة، وهو باطل، وإما بالنظر، فيستلزم الدليل والأصل عدمه، والعلم يحصل بالنظر، واحتمال الخطأ لعدم مراعاة القانون الصحيح، ولأن الله تعالى ذم التقليد بقوله تعالى إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ [الزخرف: 22] ولقوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ [محمد: 19] فألزم الشارع بالعلم، ويلزمنا نحن أيضا؛ لقوله: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف: 158].
    فتعين طلب اليقين في الوحدانية، ويقاس عليها غيرها، والتقليد لا يفيد إلا الظن، ولهذا قال معللا للمنع عنه بقوله (لأنه) أي الشأن والأمر والقصة (لا يكتفى) في أصول الدين، ومعرفة الله رب العالمين (بالظن) الذي هو ترجيح أحد الطرفين على الآخر، فالراجح هو الظن، والمرجوح الوهم، فلا يكتفى به في أصول الدين (لذي) أي لصاحب (الحجى) كإلى أي العقل والفطنة (في قول أهل الفن) من الأئمة وعلماء المنقول والمعقول من الأصوليين والمتكلمة وغيرهم.
    قال العلامة ابن حمدان في نهاية المبتدئين: كل ما يطلب فيه الجزم يمتنع التقليد فيه، والأخذ فيه بالظن لأنه لا يفيده، وإنما يفيده دليل قطعي، قال: في شرح مختصر التحرير: وأجازه - يعني في التقليد في أصول الدين - جمع، قال بعضهم: ولو بطريق فاسد.
    قال العلامة ابن مفلح: وأجازه بعض الشافعية لإجماع السلف على قبول الشهادتين من غير أن يقال لقائلها هل نظرت؟ وسمعه الإمام ابن عقيل، عن أبي القاسم ابن التبان المعتزلي قال: وإنه يكتفى بطريق فاسد، وقال هذا المعتزلي: إذا عرف الله، وصدق رسوله، وسكن قلبه إلى ذلك، واطمأن به، فلا علينا من طريق تقليد كان أو نظرا أو استدلالا، وإلى هذا الإشارة بقوله (وقيل يكفي) في أصول الدين (الجزم) ولو تقليدا (إجماعا) (ب) كل (ما) أي حكم (يطلب) بضم أوله مبنيا لما لم يسم فاعله، ونائب الفاعل مضمر يعود على الجزم (فيه) أي فيه ذلك المطلوب من أصول الدين (عند بعض العلماء) من علماء مذهبنا والشافعية والمعتزلة وغيرهم.
    قال العنبري وغيره يجوز التقليد في أصول الدين، ولا يجب النظر اكتفاء بالعقد الجازم، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكتفي في الإيمان من الأعراب وليسوا أهلا للنظر بالتلفظ بكلمتي الشهادة المنبئ عن العقد الجازم، ويقاس غير الإيمان من أصول الدين عليه.
    وقال العلامة ابن حمدان في نهاية المبتدئين: وقيل يكفي الجزم يعني بالظن إجماعا بما يطلب فيه الجزم، (فالجازمون) حينئذ بعقدهم، ولو تقليدا (من عوام البشر) الذين ليسوا بأهل للنظر والاستدلال، بما لا يتم الإسلام بدونه (ف) على الصواب هم (مسلمون عند أهل الأثر) وأكثر النظار والمحققين وإن عجزوا عن بيان ما لم يتم الإسلام إلا به.
    وقال ابن حامد من علمائنا: لا يشترط أن يجزم عن دليل - يعني بل يكفي الجزم ولو عن تقليد، وقيل الناس كلهم مؤمنون حكما في النكاح والإرث وغيرهما، ولا يدرى ما هم عند الله، انتهى.
    وقال العلامة المحقق ابن قاضي الجبل من علمائنا في أصوله: قال ابن عقيل: القياس النقلي حجة يجب العمل به، ويجب النظر والاستدلال به بعد ورود الشرع، قال: ولا يجوز التقليد، والحق الذي لا محيد عنه، ولا انفكاك لأحد منه صحة إيمان المقلد تقليدا جازما صحيحا، وأن النظر والاستدلال ليسا بواجبين، وأن التقليد الصحيح محصل للعلم والمعرفة، نعم يجب النظر على من لا يحصل له التصديق الجازم أول ما تبلغه الدعوة.
    قال بعض علماء الشافعية: اعلم أن وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر لا يشترط فيه أن يكون عن نظر واستدلال، بل يكفي اعتقاد جازم بذلك، إذ المختار الذي عليه السلف وأئمة الفتوى من الخلف وعامة الفقهاء، صحة إيمان المقلد، قال: وأما ما نقل عن الإمام الشيخ أبي الحسن الأشعري من عدم صحة إيمان المقلد، فكذب عليه كما قاله الأستاذ أبو القاسم القشيري.
    ثم قال: ومما يرد على زاعمي بطلان إيمان المقلد أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فتحوا أكثر العجم، وقبلوا إيمان عوامهم، كأجلاف العرب، وإن كان تحت السيف، أو تبعا لكبير منهم أسلم، ولم يأمروا أحدا منهم بترديد نظر، ولا سألوه عن دليل تصديقه، ولا أرجئوا أمره حتى ينظر والعقل يجزم في نحو هذا بعدم وقوع الاستدلال منهم لاستحالته حينئذ، فكان ما أطبقوا عليه دليلا أي دليل على إيمان المقلد، وقال: إن التقليد أن يسمع من نشأ بقمة جبل الناس يقولون للخلق رب خلقهم، وخلق كل شيء من غير شريك له، ويستحق العبادة عليهم، فيجزم بذلك إجلالا لهم عن الخطأ، وتحسينا للظن بهم، فإذا تم جزمه بأن لم يجز نقيض ما أخبروا به، فقد حصل واجب الإيمان، وإن فاته الاستدلال لأنه غير مقصود لذاته بل للتوصل به للجزم وقد حصل.
    وقال الإمام النووي: الآتي بالشهادتين مؤمن حقا، وإن كان مقلدا على مذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف، لأنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بالتصديق بما جاء به ولم يشترط المعرفة بالدليل، وقد تظاهرت بهذا الأحاديث الصحاح التي يحصل بمجموعها التواتر والعلم القطعي، انتهى.
    وبما تقرر تعلم أن النظر ليس بشرط في حصول المعرفة مطلقا، وإلا لما وجدت بدونه لوجوب انتفاء المشروط بانتفاء الشرط، لكنها قد توجد فظهر أن النظر لا يتعين على كل أحد، وإنما يتعين على من لا طريق له سواه، بأن بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أول ما بلغته دعوته، وصدق به تصديقا جازما بلا تردد، فمع صحة إيمانه بالاتفاق لا يأثم بترك النظر، وإن كان ظاهر ما تقدم الإثم مع حصول الإيمان، لأن المقصود الذي لأجله طلب النظر من المكلف وهو التصديق الجازم قد حصل بدون النظر فلا حاجة إليه، نعم في رتبته انحطاط، وربما كان متزلزل الإيمان فالحق أنه يأثم بترك النظر وإن حصل له الإيمان، ومن ثم نقل بعضهم الإجماع على تأثيمه لأن جزمه حينئذ لا ثقة به، إذ لو عرضت له شبهة عكرت عليه، وصار مترددا بخلاف الجزم الناشئ عن الاستدلال، فإنه لا يفوت بذلك، والله تعالى ولي التوفيق.
    (تنبيهات):
    الأول: في مسألة التقليد ثلاثة أقوال، (أولها) النظر واجب، ... رجحه الإمام الرازي، وأبو الحسن الآمدي.
    (الثاني) ليس بواجب والتقليد جائز، ...
    (الثالث) التقليد حرام ويأثم بترك النظر والاستدلال، ومع إثمه بترك النظر، فإيمانه صحيح، ...
    وثَم قول (رابع) وهو أن النظر حرام؛ لأنه مظنة الوقوع في الشبه والضلال لاختلاف الأذهان بخلاف التقليد، فيجب بأن يجزم المكلف عقده بما يأتي به الشرع من العقائد الدينية، ولكن قد علم مما مر أن الرجوع إلى الكتاب والسنة ليس بتقليد، وإن سمي تقليدا فمجاز، ومنه قول الإمام أحمد - رضي الله عنه -: ومن قلد الخبر رجوت أن يسلم إن شاء الله تعالى.
    وقد قال أبو حامد الغزالي في كتابه (فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة): من ظن أن مدرك الإيمان الكلام والأدلة المحررة والتقسيمات المرتبة فقد أبعد، لا بل الإيمان نور يقذفه الله في قلوب عباده عطية وهدية من عنده، تارة بتنبيه في الباطن لا يمكن التعبير عنه، وتارة بسبب رؤيا في المنام، وتارة بقرينة حال رجل متدين وسراية نوره إليه عند صحبته ومجالسته، وتارة بقرينة حال... وأمثالهم أكثر من أن تحصى، ولم يشتغل واحد منهم قط بكلام وتعلم الأدلة، بل كان يبدو نور الإيمان أولا بمثل هذه القرائن في قلوبهم لمعة بيضاء ثم لا يزال يزداد وضوحا وإشراقا بمشاهدة تلك الأحوال العظيمة، وبتلاوة القرآن، وتصفية القلوب - إلى أن قال: والحق الصريح أن كل من اعتقد أن كل ما جاء به الرسول واشتمل عليه القرآن حق، اعتقادا جازما، فهو مؤمن، وإن لم يعرف أدلته.
    قال: فالإيمان المستفاد من الأدلة الكلامية ضعيف جدا، مشرف على التزلزل بكل شبهة، انتهى فإن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم كانوا يعلمون أن العوام وأجلاف العرب يعلمون الأدلة إجمالا، كما أجاب به الأعرابي الأصمعي عن دليل سؤاله: بم عرفت ربك؟ فقال البعرة تدل على البعير، وأثر الأقدام يدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، ألا تدل على اللطيف الخبير.
    فلذلك لم يلزموهم بالنظر، ولا سألوهم عنه، ولا أرجئوا أمرهم فلما كان كذلك، لم يكن اكتفاؤهم بمجرد الإقرار دليلا على عدم وجوب النظر على الأعيان، ولا على أن تاركه غير آثم. فالجواب: ما ذكروه دعوى بلا دليل، وحكاية الأعرابي لا تدل على أن جميع الأجلاف والعوام كانوا عالمين بالأدلة إجمالا، فإن المثال الجزئي لا يصحح القواعد الكلية، والعقول مختلفة الأمزجة متفاوتة أشد تفاوت، فوجود فرد من الأعراب قوي العقل نافذ البصيرة لا يدل على أن كل الأعراب والأجلاف كذلك بلا خفاء.
    ويوضحه أن من الذين أسلموا في عهدهم كانوا يكونون عجما ونساء، وقبلوا منهم الإسلام ولم يأمروهم بالنظر ولم يرجئوهم، أيضا كان أهل الشرك من قريش يجادلون ويناضلون عن آلهتهم، و:إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ [الصافات: 36]، وقالوا أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص: 5]، ...
    (الثاني) ...أن التقليد الصحيح محصل للعلم، بمعنى أن المقلد تقليدا صحيحا لا يصدق بما ألقي إليه من العقائد إلا بعد انكشاف صدقها عنده من غير أن يكون له دليل عليها، وقد جاء في محكم الذكر فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ [الأنعام: 125]...
    (الثالث) قد نقل عن أبي الحسن الأشعري أنه لا بد من انبناء الاعتقاد في كل مسألة من الأصول على دليل عقلي، لكن لا يشترط الاقتدار على التعبير عنه، وعلى مجادلة الخصوم، ودفع الشبه، قال السعد التفتازاني في (شرح المقاصد): هذا هو المشهور عن الأشعري حتى حكي عنه أن من لم يكن كذلك لم يكن مؤمنا. انتهى.
    قال في جمع الجوامع: وعن الأشعري لا يصح إيمان المقلد. قال شارحه: وشنَّع عليه أقوام بأنه يلزمه تكفير العوام، وهم غالب المؤمنين، وقال القشيري: مكذوب عليه.
    قال التاج السبكي: والتحقيق أنه إن كان التقليد أخذا لقول الغير بغير حجة مع احتمال شك أو وهم بأن لا يجزم به، فلا يكفي إيمان المقلد قطعا؛ لأنه لا إيمان مع أدنى تردد فيه، وإن كان التقليد أخذا لقول الغير بغير حجة لكن جزما فيكفي إيمان المقلد عند الأشعري وغيره خلافا لأبي هاشم المعتزلي في قوله: لا يكفي بل لا بد لصحة الإيمان من النظر.
    وقد وافق النقل عن الأشعري جماعة منهم القاضي، وإمام الحرمين وغيرهما، قالوا: قال الجمهور بعدم صحة الاكتفاء بالتقليد في العقائد الدينية حتى زعم بعضهم أنه مجمع عليه، وعزاه ابن القصار للإمام مالك - رضي الله عنه -.
    والمشهور نقل بعضهم عن الجمهور عدم جواز التقليد في العقائد الدينية وأنهم اختلفوا في المقلد، منهم من قال: إنه مؤمن إلا أنه عاص بترك المعرفة التي ينتجها النظر الصحيح، ومنهم من فصَّل فقال: هو مؤمن عاص، إن كان فيه أهلية لفهم النظر الصحيح، وغير عاص إن لم يكن فيه أهلية ذلك، ومنهم من نقل عن طائفة أن من قلد القرآن والسنة القطعية صح إيمانه لاتباعه القطعي، ومن قلد غير ذلك لم يصح إيمانه لعدم أمن الخطأ على غير المعصوم، ومنهم من جعل النظر والاستدلال شرطا للكمال، ومنهم من حرم النظر كما مر ذلك.
    قال الجلال المحلي في شرح (جمع الجوامع): وقد اتفقت الطرق الثلاث - يعنى الموجبة للنظر، والمجوزة له، والمحرمة - على صحة إيمان المقلد، انتهى.
    وعبارة الآمدي في (الأبكار) اتفق الأصحاب على انتفاء كفر المقلد، وأنه ليس للجمهور إلا القول بعصيانه بترك النظر إن قدر عليه مع اتفاقهم على صحة إيمانه وأنه لا يعرف القول بعدم صحة إيمان المقلد إلا لأبي هاشم بن أبي علي الجبائي من المعتزلة محتجا بأن من لم يعرف الله سبحانه وتعالى بالدليل فهو كافر. قال الآمدي: وأصحابنا مجمعون على خلافه...
    هذا حاصل ما أجيب به عن الأشعري حتى قال بعض الأشاعرة عن الأشعري لا يكاد يكون في العوام مقلد. وعبارة (شرح المقاصد) ذهب كثير من العلماء، وجميع الفقهاء إلى صحة إيمان المقلد، وترتيب الأحكام عليه في الدنيا والآخرة، ومنعه الشيخ أبو الحسن، والمعتزلة، وكثير من المتكلمين، احتج القائلون بالصحة بأن حقيقة الإيمان التصديق، وقد وجدت من غير اقترانه بموجب من موجبات الكفر، فإن قيل: لا يتصور التصديق بدون العلم لأنه إما ذاتي للتصديق أو شرط له، ولا علم للمقلد لأنه اعتقاد جازم مطابق مستند إلى سبب من ضرورة أو استدلال، فأجاب بأن المعتبر في التصديق هو اليقين، أعني الاعتقاد الجازم المطابق بل ربما يكتفي بالمطابقة، ويجعل الظن الغالب الذي لا يخطر معه النقيض بالبال في حكم اليقين. انتهى.
    (الرابع) قال السعد: اعلم بأن القائلين بعدم صحة إيمان المقلد أو ليس بنافع اختلفوا، فمنهم من قال: لا يشترط ابتناء الاعتقاد (على استدلال عقلي) في كل مسألة بل يكفي ابتناؤه على قول من عرفت رسالته بالمعجزة مشاهدة أو تواترا، أو على الإجماع، ومنهم من قال: لا بد من ابتناء الاعتقاد في كل مسألة من الأصول على دليل عقلي، لكن لا يشترط الاقتدار على التعبير عنه ولا على مجادلة الخصوم ...
    ومنهم من قال: لا بد مع ابتناء الاعتقاد على الدليل العقلي من الاقتدار على مجادلة الخصوم، وحل ما يورد عليه من الإشكالات - قال: وإليه ذهب المعتزلة فلم يحكموا بإيمان من عجز عن شيء من ذلك بل يحكم أبو هاشم بكفره.
    وذكر عن العنبري وغيره من شيوخ المعتزلة جواز التقليد في أصول الدين، وأنه لا يجب النظر اكتفاء بالعقد الجازم. فعليه المعول. واتضح أن المرجح صحة إيمان المقلد عند محققي كل طائفة بشرط الجزم وعدم التزلزل والشك، على أنا نقول: المختار أن الراجع إلى أخبار الرسول، والكتاب المنزل، والإجماع ليس بمقلد، فمن شهد لله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ونهج سبيل المسلمين من فعل المأمور، وترك المحظور، ولم يأت بمكفر، فهو المؤمن، وبالله التوفيق.
    ويؤيد هذا ما أخرجه الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر في كتابه (تبيين كذب المفتري، فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري) بسنده المتصل إلى أبي حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ أنه قال: سمعت أبا علي طاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري - رحمه الله تعالى - في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال: اشهد علي أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف عبارات (2) (3)
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والذين أوجبوا النظر من الطوائف العامة نوعان: أحدهما: من يقول: إن أكثر العامة تاركوه وهؤلاء على قولين فغلاتهم يقولون: إن إيمانهم لا يصح وأكثرهم يقولون يصح إيمانهم تقليدا مع كونهم عصاة بترك النظر وهذا قول جمهورهم قد ذكر هذا طوائف من الحنفية وغيرهم كما ذكر من ذكر من الحنفية في شرح الفقه الأكبر فقالوا: قال أبو حنيفة وسفيان ومالك والأوزاعي وعامة الفقهاء وأهل الحديث بصحة إيمان المقلد ولكنه عاص بترك الاستدلال... والنوع الثاني من موجبي النظر - وهم جمهورهم - يقولون: إنه متيسر على العامة كما يقوله القاضي أبو بكر والقاضي أبو يعلى وغيرهما ممن يقول ذلك [الموسوعة العقدية]

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    السؤال
    أمرنا الله أن نتفكر ، ونعمل عقلنا ؛ لكي يزيد إيماننا ، أو ليطمئن قلبنا به ، ولكن أغلب المسلمين لا يفعلون ذلك ، ولا يشغلون بالهم أصلا بذلك ، فأغلبهم وجد نفسه ولد مسلما ، لذلك فهو يؤدي الشعائر الإسلامية ، ولا يشغل نفسه هل ما يؤمن به هو الصواب أم لا . ، ثم بعد موته يحاسبه الله علي أعماله ، ولكن سيدخل الجنة بعد حسابه ؛ لأنه مسلم ، كذلك من ارتكبوا كبائر الذنوب ، فهم بالنهاية مسلمين ـ، وسمعت كثير من الشيوخ يقول : إنه سيحاسب على ما فعله ، ثم يدخل الجنة فأتعجب من ذلك ، فالسبب الذي أدخله الجنة بالنهاية هو لم يشغل باله به . ومن الناحية الأخري نجد أن غير المسلمين برغم ما يفعلونه من أعمال حسنة ، فمصيرهم النار ، وأنا لست معترضة علي ذلك ، فهم ارتكبوا أكبر الكبائر وهو الشرك .
    ولكن سؤالي :
    عمن هم مسلمين فقط ، لأنهم وُلدوا من أبوين مسلمين ، وهم الأغلبية ، فهم يسيرون بمبدأ ما ذكره القرآن في تبرير الكفار لموقفهم بقولهم هذا ما وجدنا عليه أبائنا ، وأنا أعتقد ولست أعلم ذلك صحيح أم لا أنه يجب علي كل منا أن يبحث بنفسه ، ويكون الإيمان والاقتناع نابع من هذا البحث .
    نص الجواب
    الحمد لله
    أولا:
    من ولد مسلما فليحمد الله على هذه النعمة ، وليجتهد في شكرها، ومن ذلك فعل الطاعات واجتناب المعاصي والموبقات، وأداء الشعائر .
    ثم : لا يلزمه بعد أن من الله عليه بالإيمان : أن يشك في دينه ، أو أن ينظر هل هو على صواب أم لا، بل هذا الشك حرام وكفر، وإنما ينبغي أن يزيد إيمانه بالتفكر والتدبر في آيات الله الكونية والشرعية.
    وهذا المسلم الموحد إن مات، كان من أهل الجنة، وقد يدخل النار لذنوب اقترفها ولم يتب منها، ثم مآله إلى الجنة ، كما هو معتقد أهل السنة والجماعة في أصحاب الذنوب والمعاصي.
    ولا يقال: إن السبب الذي أدخله الجنة لم يكن مباليا به ، فإن هذا كلام غير دقيق ؛ فالسبب هو الإيمان والتوحيد ، فما دام مؤمنا موحدا لم يقترف شركا ولا ناقضا من نواقض الإيمان ، فقد أتى بالسبب العظيم الموجب للجنة .
    ولا يضره كونه لم ينظر في أدلة هذا الإيمان، فإن إيمان المقلد صحيح نافع له ، والحمد لله.
    على أنه لا يخلو إنسان من نظر وتفكر واعتبار، وإن لم يكن كنظر أهل العلم والتدبر ، أو أهل الفسلفة والكلام والتعمق.
    ولا يقال لمن كان ثابتا على الإيمان مقيما عليه: إنه غير مبال به، بل هو مبال به، محافظ عليه، جازم به، وغايته أنه مقلد في اعتقاد صحته، وهذا لا يضره.
    قال السفاريني رحمه الله: " قال بعض علماء الشافعية : اعلم أن وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر لا يشترط فيه أن يكون عن نظر واستدلال ، بل يكفي اعتقاد جازم بذلك ، إذ المختار الذي عليه السلف ، وأئمة الفتوى من الخلف ، وعامة الفقهاء ، صحة إيمان المقلد ، قال : وأما ما نقل عن الإمام الشيخ أبي الحسن الأشعري من عدم صحة إيمان المقلد ، فكذب عليه كما قاله الأستاذ أبو القاسم القشيري .
    ثم قال : ومما يرد على زاعمي بطلان إيمان المقلد أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فتحوا أكثر العجم ، وقبلوا إيمان عوامهم ، كأجلاف العرب ، وإن كان تحت السيف ، أو تبعا لكبير منهم أسلم ، ولم يأمروا أحدا منهم بترديد نظر ، ولا سألوه عن دليل تصديقه ، ولا أرجئوا أمره حتى ينظر.
    والعقل يجزم في نحو هذا بعدم وقوع الاستدلال منهم لاستحالته حينئذ ، فكان ما أطبقوا عليه دليلا أي دليل على إيمان المقلد .
    وقال : إن التقليد أن يسمع من نشأ بقمة جبلٍ ، الناسَ يقولون : للخلق رب خلقهم ، وخلق كل شيء من غير شريك له ، ويستحق العبادة عليهم ، فيجزم بذلك إجلالا لهم عن الخطأ ، وتحسينا للظن بهم ، فإذا تم جزمه ، بأن لم يُجِز نقيض ما أخبروا به ، فقد حصل واجب الإيمان ، وإن فاته الاستدلال ، لأنه غير مقصود لذاته بل للتوصل به للجزم ، وقد حصل .
    وقال الإمام النووي : الآتي بالشهادتين مؤمن حقا ، وإن كان مقلدا ، على مذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - اكتفى بالتصديق بما جاء به ، ولم يشترط المعرفة بالدليل ، وقد تظاهرت بهذا الأحاديث الصحاح يحصل بمجموعها التواتر والعلم القطعي ، انتهى .
    وبما تقرر تعلم أن النظر ليس بشرط في حصول المعرفة مطلقا ، وإلا لما وجدت بدونه ، لوجوب انتفاء المشروط ، بانتفاء الشرط ، لكنها قد توجد ؛ فظهر أن النظر لا يتعين على كل أحد ، وإنما يتعين على من لا طريق له سواه ، بأن بلغته دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما بلغته دعوته ، وصدق به تصديقا جازما بلا تردد ، فمع صحة إيمانه بالاتفاق ، لا يأثم بترك النظر .." انتهى من " لوامع الأنوار" (1/269).
    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
    "
    وقيل يكفي الجزم إجماعاً بما ... يطلب فيه عند بعض العلما
    وهذا قول ثان في هذه المسألة ؛ وهو أنه يكفي الجزم بما يطلب فيه الجزم ، ولو عن طريق التقليد؛ فالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر : هذا مما يجب فيه الجزم، ولكن العامي لا يدرك ذلك بدليله ، ومع ذلك نصحح إيمانه ، ونقول إنه مؤمن وإن كان لا يدرك ذلك بدليله.
    ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (وقيل يكفي الجزم إجماعا) : يعني انه إذا وجد الجزم ، حصل المقصود ، بالإجماع.
    وقوله: (بما يطلب فيه) ، نائب فاعل (يطلب) يعود على الجزم، يعني يكفي الجزم بما يطلب فيه الجزم بالإجماع، وقائل هذا بعض العلماء ، ولهذا قال: (عند بعض العلما)
    وهذا القول هو الصحيح، والدليل على ذلك أن الله أحال على سؤال أهل العلم في مسألة من مسائل الدين التي يجب فيها الجزم، فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (الأنبياء: 7) ؛ وواضح أننا نسألهم لنأخذ بقولهم، ومعلوم أن الإيمان بأن الرسل رجال هو من العقيدة، ومع ذلك أحالنا الله فيه إلى أهل العلم...
    ثم إننا لو ألزمنا العامي بترك التقليد والتزام الأخذ بالاجتهاد ، لألزمناه بما لا يطيق، وقد قال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: الآية 286) وقال: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ* وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (المؤمنون/61،62)
    فالصواب المجزوم به : هو القول الثاني؛ وهو أن ما يطلب فيه الجزم ، يكتفى فيه بالجزم، سواء عن طريق الدليل ، أو عن طريق التقليد.
    قال المؤلف رحمه الله: (فالجازمون من عوام البشر) يعني الذين يجزمون بما يعتقدون من العوام الذين ليس عندهم علم لأنهم عوام، قال: (فمسلمون) يعني فهم مسلمون ، وإن كانوا لم يأخذوا ما يطلب فيه الجزم عن طريق الاجتهاد.
    ثم قال: (عند أهل الأثر) وكفى بأهل الأثر قدوة، فأهل الأثر يرون أنه يجوز التقليد فيما يطلب فيه الجزم، والمقصود أن يحصل الجزم ، سواء عن طريق التقليد أو عن طريق الاجتهاد، وإذا كان هذا هو ما يراه أهل الأثر ، فهو الذي نراه نحن ، وهو الصحيح" انتهى من "شرح العقيدة السفارينية" (ص310) .
    فعلم مما سبق أنه لا يجب البحث والاستدلال على من ثبت إسلامه، بل يطلب منه العمل والسعي في زيادة اليقين............
    الاسلام سؤال وجواب

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    رجح العلاّمة ابن عثيمين-- صحة التقليد في المسائل التي يُطلَب فيها الجزم، وأشار إلى أنّ القول بمنع التقليد في ذلك ضعيف، واستدّل على ذلك، بما يلي:
    1- أن الله أحال على سؤال أهل العلم في مسألة من مسائل الدين التي يجب فيها الجزم، فقال{ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فإسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }، وسؤالهم للأخذ بقولهم، ومعلوم أن الإيمان بأن الرسل عليهم السلام رجال من العقيدة ومع ذلك أحالنا الله فيه إلى أهل العلم.
    2- وقال تعالى{ فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين }، ويسألهم ليرجع إليهم، وإذا كان الخطاب هذا للرسول ق ولم يشك، فعامة الناس إذا شكوا في شيء من أمور الدين فإنهم يرجعون إلى الذين يقرؤون الكتاب (أهل العلم) ليأخذوا بما يقولون، وهذا عام يشمل مسائل العقيدة.
    3- أننا لو ألزمنا العامي بمنع التقليد والتزام الأخذ بالاجتهاد لألزمناه بما لا يطيق، وقد قال تعالى:{ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها{، فالصواب والله أعلم: أن ما يُطلب فيه الجزم يُكتفي فيه بالجزم، سواءٌ عن طريق الدليل أو عن طريق التقليد ( شرح العقيدة السفارينية لابن عثيمين (ص308-309، 312).

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    قول ابن حزم الظاهري
    قال أبو محمد بن حزم ( ت 456ه) في الفصل (4/29-31):"
    ( هل يكون مؤمنا من اعتقد الإسلام دون استدلال، أم لا يكون مؤمنا مسلما الإمن استدل )
    قال أبو محمد: ذهب محمد بن جرير الطبري والأشعرية كلها حاشا السمناني إلى أنه لا يكون مسلما إلا من استدل وإلا فليس مسلما، وقال الطبري: من بلغ الاحتلام أو الاشعار من الرجال والنساء أو بلغ المحيض من النساء ولم يعرف الله عز وجل بجميع أسمائه وصفاته من طريق الاستدلال فهو كافر حلال الدم والمال، وقال: إذا بلغ الغلام أو الجارية سبع سنين وجب تعليمها وتدريبهما على الاستدلال على ذلك، وقالت الأشعرية: لا يلزمها الاستدلال على ذلك إلا بعد البلوغ.
    قال أبو محمد: وقال سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه إعتقادا لا يشك فيه وقال بلسانه لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإن كل ما جاء به حق وبرئ من كل دين سوى دين محمد صلى الله عليه وسلم فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك.
    قال أبو محمد: فاحتجت الطائفة الأولى بأن قالت: قد اتفق الجميع على أن التقليد مذموم، وما لم يكن يعرف باستدلال فإنما هو تقليد لا واسطة بينهما، وذكروا قول الله عز وجل {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} وقال تعالى { قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم }
    { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه} وقال تعالى {أو لو كان أباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون} وقال تعالى {وقالوا ربنا انا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا}. وقالوا: فذم الله تعالى اتباع الآباء والرؤساء، قالوا: وبيقين ندري أنه لا يعلم أحد أي الأمرين أهدى، ولا هل يعلم الآباء شيئا أو لايعلمون الإ بالدليل.
    وقالوا: كل ما لم يكن يصح بدليل فهو دعوى، ولا فرق بين الصادق والكاذب بنفس قولهما لكن بالدليل، قال الله عز وجل {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} قالوا: فمن لا برهان له فليس صادقا في قوله.
    وقالوا: ما لم يكن علما فهو شك وظن، والعلم هو إعتقاد الشئ على ما هو به عن ضرورة أو إستدلال.
    قالوا: والديانات لا يعرف صحة الصحيح منها من بطلان الباطل منها بالحواس أصلا، فصح أنه لا يعلم ذلك إلا من طريق الاستدلال، فإذا لم يكن الاستدلال فليس المرء عالما بما لم يستدل عليه، وإذا لم يكن عالما فهو شاك ضال. وذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة الملك في القبر:" ما تقول في هذا الرجل ؟ فأما المؤمن أو الموقن فإنه يقول هو محمد رسول الله، قال: وأما المنافق أو المرتاب فإنه يقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته" ( ) قالوا: وقد ذكر الله عز وجل الاستدلال على الربوبية والنبوة في غير موضع من كتابه، وأمر به وأوجب العلم به، والعلم لا يكون إلا عن دليل كما قلنا.
    قال أبو محمد: هذا كلما موهوا به قد تقصيناه لهم غاية التقصي، وكل هذا لا حجة لهم في شئ منه على ما نبين بحول الله وقوته إن شاء الله تعالى لا إله إلا هو بعد أن نقول قولا تصححه المشاهدة: إن جمهور هذه الفرقة أبعد من كل من يتمنى إلى البحث والاستدلال عن المعرفة بصحة الدلائل فأعجبوا لهذا { وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين }.
    قال أبو محمد: أما قولهم قد أجمع الجميع على أن التقليد مذموم وأن ما لا يعرف باستدلال فإنما هو أخذ تقليد إذ لا واسطة بينهما فإنهم شغبوا في هذا الإمكان وولبوا فتركوا التقسيم الصحيح ونعم أن التقليد لا يحل البتة وإنما التقليد أخذ المرء قول من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لم يأمرنا الله عز وجل باتباعه قط ولا يأخذ قوله بل حرم علينا ذلك ونهانا عنه وأما أخذ المرء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي افترض علينا طاعته وألزمنا اتباعه وتصديقه وحذرنا عن مخالفة أمره وتوعدنا على ذلك أشد الوعيد فليس تقليدا بل هو إيمان وتصديق واتباع للحق وطاعة لله عز وجل وأداء للمفترض، فموه هؤلاء القوم بأن أطلقوا على الحق الذي هو اتباع الحق اسم التقليد الذي هو باطل.
    وبرهان ما ذكرنا: أن أمرءا لو اتبع أحدا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول قاله لأن فلانا قاله فقط، واعتقد أنه لو لم يقل ذلك الفلان ذلك القول لم يقل به هو أيضا، فإن فاعل هذا القول مقلد مخطى عاص لله تعالى ولرسوله ظالم آثم، سواء كان قد وافق قوله ذلك الحق الذى قاله الله ورسوله أو خالفه، وإنما فسق لأنه اتبع من لم يؤمر باتباعه، وفعل غير ما أمره الله عز وجل أن يفعله، ولو أن امرءا اتبع قول الله عزوجل وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان مطيعا محسنا مأجورا غير مقلد، وسواء وافق الحق أو وهم فأخطأ، وإنما ذكرنا هذا لنبين أن الذي أمرنا به وافترض علينا هو اتباع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، وأن الذي حرم علينا هو اتباع من دونه أو اختراع قول لم يأذن به الله تعالى فقط، وقد صح أن التقليد باطل لا يحل، فمن الباطل الممتنع أن يكون الحق باطلا معا، والمحسن مسيئا من وجه واحد معا، فإذ ذلك كذلك فمتبع من أمر الله تعالى باتباعه ليس مقلدا ولا فعله تقليدا، وإنما المقلد من اتبع من لم يأمره الله تعالى، فسقط تمويههم بذم التقليد، وصح أنهم وضعوه في غير موضعه، وأوقعوا اسم التقليد على ما ليس تقليدا وبالله تعالى التوفيق.
    وأما احتجاجهم بذم الله اتباع الأباء والكبراء فهو مما قلنا آنفا سواء بسوء، لأن اتباع الأباء والكبراء وكل من دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من التقليد المحرم المذموم فاعله فقط، قال الله عز وجل {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء} فهذا نص ما قلنا ولله الحمد.
    قال أبو محمد: وأما احتجاجهم أنه لا يعرف أي الأمرين أهدى، ولا هل يعلم الآباء شيئا أم لا إلا بالدلائل، وأن كل ما لم يصح به دليل فهو دعوى، ولا فرق بين الصادق والكاذب بنفس قولهما وذكرهم قول الله تعالى {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} فإن هذا ينقسم قسمين: فمن كان من الناس تنازعه نفسه إلى البرهان ولا تستقر نفسه إلى تصديق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسمع الدلائل فهذا فرض عليه طلب الدلائل لأنه إن مات شاكا أو جاحدا قبل أن يسمع من البرهان ما يثلج صدره فقد مات كافرا، وهو مخلد في النار وهو بمنزلة من لم يؤمن ممن شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأى المعجزات فهذا أيضا لو مات مات كافرا بلا خلاف من أحد من أهل الإسلام.
    وإنما أوجبنا على من هذه صفته طلب البرهان لأن فرضا عليه طلب ما فيه نجاته من الكفر قال الله عز وجل { قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة } فقد افترض الله عز وجل على كل أحد أن يقي نفسه النار فهؤلاء قسم، وهم الأقل من الناس.
    والقسم الثاني: من استقرت نفسه إلى تصديق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكن قلبه إلى الإيمان ولم تنازعه نفسه إلى طلب دليل توفيقا من الله عز وجل له وتيسيرا لما خلق له من الخير والحسنى، فهؤلاء لا يحتاجون إلى برهان ولا تكليف استدلال، وهؤلاء هم جمهور الناس من العامة والنساء والتجار والصناع والاكرة والعباد وأصحاب الحديث الأيمة الذين يذمون الكلام والجدل والمرآء في الدين " اهـ.

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    قول ابن جرير الطبري

    من كلام الامام الطبري في التبصير (ص 180-181):" ... وأن تعلم أن كل ما يجب معرفته في أصول الاعتقاد يجب على كل بالغ عاقل أن يعرفه في حق نفسه معرفة صحيحة صادرة عن دلالة عقلية، لا يجوز له أن يقلد فيه، ولا أن يتكل فيه الأب على الإبن، ولا الإبن على الأب، ولا الزوجة على الزوج، بل يستوي فيه جميع العقلاء من الرجال والنساء.
    وأما ما يتعلق بفروع الشريعة من المسائل فيجوز له أن يقلد فيه من كان من أهل الاجتهاد، فإن في تكليف التعليم وتحصيل أوصاف المجتهدين على العموم قطع الخلق عن المعاش ثم المعاد، وما كان في أثباته سقوطه وسقوط غيره كان ساقطا في نفسه، وقد ذكر الله تعالى الأصول والفروع فذم التقليد في الأصول، وحث على السؤال في الفروع.
    فأما مذمة التقليد في الأصول ففي قوله تعالى {بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون} وفي آية أخرى { مقتدون }.
    وأما الحث على السؤال في الفروع ففي قوله تعالى { فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }" اهـ

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    قال العلامة عبد الرحمن أبا بُطين رحمه الله:
    «فرض على كل أحد معرفة التوحيد وأركان الإسلام بالدليل، ولا يجوز التقليد في ذلك؛ لكن العامي الذي لا يعرف الأدلة، إذا كان يعتقد وحدانية الرب سبحانه، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، ويؤمن بالبعث بعد الموت، والجنة والنار، ويعتقد أن هذه الأمور الشركية التي تفعل عند هذه المشاهد باطلة وضلال، فإذا كان يعتقد ذلك اعتقادًا جازمًا لا شك فيه، فهو مسلم، وإن لم يترجم بالدليل؛ لأن عامة المسلمين - ولو لُقِّنُوا الدليل - فإنهم لا يفهمون المعنى غالبًا»اهـ

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل هذه حقاً ...... عقيدة الإمام الطبري رحمه الله ؟؟

    السؤال: ما حكم التقليد في العقيدة؟ وهل يجب على الإنسان أن يستدل على مسائل العقيدة الضرورية حتى يصح إسلامه؟ وما مراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في قوله: (معرفة دين الإسلام بالأدلة)؟

    الإجابة:

    الحمد لله، الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والعلم به إجمالا فرض عين على كل مكلف، ومعرفة ذلك تفصيلا هو فرض كفاية على عموم الملة إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، ومن علم من ذلك شيئاً وجب عليه الإيمان به تفصيلا، وقد يصير فرض الكفاية فرض عين على بعض الناس بأسباب تقتضي ذلك فالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر واجب كفائي لكن إذا لم يعلم بهذا المنكر، ويقدر على تغييره مثلا إلا واحد أو جماعة معينة تعين عليهم لاختصاصهم بالعلم به، والقدرة على تغييره، وكل واجب في الدين فإنه مشروط بالاستطاعة لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وقوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286]، فمعرفة مسائل الدين العلمية الاعتقادية، والعملية وأدلتها واجب الاستطاعة، ولا فرق في ذلك بين المسائل الاعتقادية، والمسائل العملية فعلى المسلم أن يعرف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ويجتهد في ذلك، ولا يتخذ له إماما يتبعه في كل شيء إلا الرسول صلى الله عليه، ومن المعلوم أنه ليس كل أحد يقدر على معرفة كل ما دل عليه القرآن، والسنة من مسائل دين الإسلام، بل يمكن أن يقال: ليس في الأمة واحد معين يكون محيطا بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وبما دل عليه القرآن فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فلا أحد من العلماء يدعي ذلك لنفسه، ولا يجوز أن يُدعّى ذلك لأحد منهم، فهم في العلم بما جاء به الرسول في منازلهم حسب ما آتاهم الله من فضله، لكن العلماء يختصون بالاجتهاد في معرفة الأدلة، وفي الاستنباط؛ فمنهم المصيب، والمخطئ، والكل مأجور كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". وإذا كان هذا شأن العلماء فكيف بغيرهم ممن قل علمه، أو كان من عوام المسلمين الذين لا يعرفون الأدلة، ولا يفهمونها، فهم عاجزون عن الاجتهاد، فلا يسعهم إلا التقليد، ولا فلاق في ذلك بين المسائل الاعتقادية، والمسائل العملية فهذا مقدورهم لكن عليهم أن يقلدوا من العلماء من يثقون بعلمه، ودينه متجردين عن إتباع الهوى، والتعصب هذا هو الصواب في هذه المسألة، وأما القول بتحريم التقليد في مسائل الاعتقاد فهو قول طوائف من المتكلمين من المعتزلة وغيرهم، وهو يقتضي أن عوام المسلمين آثمون أو غير مسلمين، وهذا ظاهر الفساد. وأما قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب: ومعرفة دين الإسلام بالأدلة فهو كما قال، فإن الواجب أن يعرف المسلم أمور دينه بأدلتها من الكتاب، والسنة إذا كان مستطيعا لذلك، وهذا هو الواجب، إما أن يكون فرض عين في مسائل، وإما أن يكون فرض كفاية في مسائل أخرى. وأصل دين الإسلام هو معرفة الله والإيمان به، وهو يحصل بالنظر، والاستدلال ويحصل بمقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها إذا سلمت من التغيير، واختلف الناس في اشتراط النظر والاستدلال في معرفة الله، وهل يصح إسلام العبد بدونه أو لا؟ على مذاهب ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: تنازع النظار في مسألة وجوب النظر المفضي إلى معرفة الله تعالى على ثلاثة أقوال: فقالت طائفة من الناس: إنه يجب على كل أحد. وقالت طائفة: لا يجب على أحد. وقال الجمهور: إنه يجب على بعض الناس دون بعض فمن حصلت له المعرفة لم يجب عليه، ومن لم تحصل له المعرفة ولا الإيمان إلا به وجب عليه، وذكر غير واحد أن هذا قول جمهور المسلمين، كما ذكر ذلك أبو محمد بن حزم في كتابه المعروف "بالفصل في الملل والنحل" فقال: في مسألة: هل يكون مؤمنا من اعتقد الإسلام دون استدلال أم لا يكون مؤمنا مسلما إلا من استدل؟ وفيه، قال: سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه اعتقادا لا يشك فيه، وقال بلسانه: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن كل ما جاء به حق، وبريء من كل دين سوى دين محمد، فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك. انتهى مختصرا من درء تعارض العقل والنقل (7-405-407). تاريخ الفتوى: 12-11-1427هـ.
    عبد الرحمن بن ناصر البراك

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •