تركستان الغربية.. عين على موسكو وأخرى على أنقره


. أمير سعيد



عالَم إسلامي فسيح، ممتد من طنجة إلى جاكرتا، ومن ملقة إلى ملجا، ومن مالي إلى بالي، ومن غانا إلى فرغانة، اضطربت أحواله كثيرًا مع انهيار مقاومة الأمة الإسلامية بالتزامن مع الحرب العالمية الأولى وفي أعقابها؛ حيث شهدت تلك الفترة أكبر التداعيات وأفدح الخسائر التي ألمّت بهذا العالم. وقد نالت أطراف العالم الإسلامي تلك أكثر مما نال غيرها من مخططات؛ إذ نُفِّذت على حدود العالم الإسلامي سياسة «شد الأطراف»، ثم تمزيقها، وهي السياسة التي طُبِّقت ببراعة مِن قِبَل المحتلين بشتَّى تنوعاتهم؛ فجرَى إبعاد الأطراف عن القلب وتفتيت الوحدة الإسلامية العقدية والثقافية.

وفي أحد تلك الأطراف، وفي أقصى هذا العالم، وادي فرغانة، أحد تلك الحدود البعيدة التي تنتمي إلى منطقة آسيا الوسطى الفسيحة، أرض تركستان الكبرى، بلاد ما وراء النهر، وما قبله، التي أنجبت الإمام البخاري والترمذي والنسائي والسمرقندي والخوارزمي وغيرهم، حصل هذا الشد وذاك التمزيق، وبفعله، غُيِّبَت طويلًا عن عالمها الإسلامي قهرًا وإكراهًا على الانفصال مذ وقعت تحت الاحتلالين الروسي والصيني، أوائل وأواسط القرن الماضي؛ فوقعت تركستان الكبرى ضحية مؤامرة دولية خبيثة، أدَّت إلى تفتيتها واقتسامها بين الروس والصينيين؛ فاحتلت روسيا تركستان الغربية، وقسَّمتها إلى خمس جمهوريات؛ هي: كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان وقيرغيزستان، على مدى عقد كامل من إسقاط الدولة العثمانية؛ حيث قامت جمهورية أوزبكستان عام 1934م (تضم معها طاجيكستان)، ثم انفصلت عنها بعد ذلك بثلاث سنوات، ثم أعلنت كازاخستان وقيرغيزستان كجمهوريتين عام 1936م، وكلها كانت واقعة ضمن الاحتلال السوفييتي الذي لم يتركها بعد انهياره 1991م إلا بعد أن حوّلها إلى جمهوريات منفصلة وبعضها متناحر، وضمّها في العام 1993م داخل إطار آسيا الوسطى بدلًا من تركستان لتوسيع الفجوة بينها وبين تركيا.

وخلال سنوات الاحتلال المباشر، ثم غير المباشر تاليًا (منذ العام 1991م) عمدت روسيا إلى فصل لغاتها المحلية بعضها عن بعض، حتى صارت تُمثّل لغات متباعدة لا يكاد يفهم بعض شعوبها بعضًا إلا عبر إدخال كلمات وأبجديات محلية أخرى؛ على النحو الذي فعله الكماليون في تركيا، والفرنسيون والبريطانيون والبرتغاليون في البلاد التي وقعت تحت أَسْرهم خلال القرنين الماضيين ولم تزل. وتم فرض اللغة الروسية على هذه الشعوب لغةً رسميةً إبَّان حكم الاتحاد السوفييتي لهذه البلاد التركية الشاسعة. واحتلت الصين تركستان الشرقية، ففرضت الصينية عليها ثقافةً ولغةً.

وكلتا الدولتين المحتلتين لتركستان الكبرى فرضت عقيدتها الشيوعية، وحاربت الإسلام بشراسة، وعملت على تغيير التركيبة الديموغرافية لتلك الأراضي العريقة في إسلامها المحافظة على هويتها على مرّ العصور، فوَطَّنَت موسكو روسًا، وبكين صينيين، واستولتا على ثروات تركستان الكبرى، ودأبتا في إبعاد سكانها عن دينهم وهويتهم وروابطهم الدينية والقَبَلِيّة، وعن اللغة المشتركة/التركية التي كانت تُمثّل جامعًا ثقافيًّا لتلك الدول، وتقطيع أوصالها للابتعاد أكثر عن الأمة التركية المسلمة الكبرى.

ومنذ ذلك الحين، لم تتمكن تركستان الكبرى (بلاد الترك) من الخروج من المدارين الروسي والصيني اللذين لما يَبْرحَا يمسكان بأدوات السلطة في تركستان الغربية من خلف ستار، وبها من أمامه في شرقها، حتى حين استقلت دول تركستان الغربية (كازخستان، أوزبكستان، طاجيكستان، قيرغيزستان، تركمنستان) استقلالًا شكليًّا عن الاتحاد السوفييتي أوائل تسعينيات القرن الماضي مع تفككه على إثر الهزيمة السوفييتية العسكرية في أفغانستان، وانهياره الاقتصادي، وانهزامه في الحرب الباردة أمام الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من القوة الانشطارية الهائلة للاتحاد السوفييتي إلا أن موسكو لم تكن لتفرط في نفوذها في الدول الإسلامية التي احتلتها روسيا، واستمرت في التحكم في دولها الشيوعية العميقة بقبضة فولاذية بتوافق روسي أمريكي، وغضّ طرف أوروبي، بخلاف ما آلت إليه الأوضاع في أوروبا الشرقية الأرثوذكسية، والكاثوليكية؛ حيث تمكّن معظمها من التحرُّر من ربقة الاحتلال الروسي، باستثناء بعض دول البلطيق.

لم تزل هذه الدول حتى الآن دائرةً في الفلك الروسي، خاضعةً لنفوذ الكرملين إلى حد بعيد، تمارس سياسة قمعية تراجعت حتى في روسيا نفسها التي احتلت تركستان الغربية! لم تزل تمارس نوعًا من الترهيب السلطوي؛ حيث يحتكر حُكّامها ثروات البلاد، وتنفذ حكوماتها سياسة معادية للدين الإسلامي، شديدة الحذر من نهضة إسلامية ما برحت تتَّسم بها هذه الأراضي الشاسعة الموحدة دينًا ولغةً وعادات على مدى قرون طويلة كانت فيها مستقلة حتى عن الدولة العثمانية رغم اتساع رقعتها في أزمنة سليم الأول وسليمان القانوني.

الدول الناطقة بالتركية ذات الأحرف العربية مثلت حاضنة ضمَّت هذه الدول إلى جانب تركيا وأذربيجان وشعوبًا أخرى داخل الكيان الروسي الحالي، إلى جانب تركستان الشرقية التي جعلت منها بكين إقليمًا ضمن السياج الصيني الحديدي، ظلت لأكثر من ألف عام حوضًا إسلاميًّا متناغمًا، تهيأت لها هذه الأعوام ما يُنعش لدى شعوبها ذاكرة الماضي، ويمكنها من محاولة الخروج من حاضرها البائس.

غير خافٍ أن معظم شعوب تلك الدول لا تملك إرادتها الحرة التي تُمكّنها من التحرر من الاحتلال الروسي غير المباشر، وأن موسكو قد نجحت في نسج شبكاتها الحاكمة وأقامت دولها العميقة بدقة داخل هذه الدول المسلمة على مدى العقود التي احتلتها فيها، غير أن بعض الظروف قد تغيّرت؛ فسنحت فرصة ربما كانت فريدة لخروج تلك الشعوب من ربقة السلطة الروسية التأثيرية، وربما أمكن أن تغير مستقبل تلك المنطقة.

فالحرب الروسية الأوكرانية، التي لم تنجح فيها روسيا في تحقيق أهدافها، وكادت أن تُمْنَى فيها بخسارة فادحة ستجعل حُكّام دول تركستان الغربية يُعيدون حساباتهم بشأن السَّلَّة التي يتعين عليهم أن يضعوا فيها أكثر بَيْضهم، كما أن الشراكات الاقتصادية التي تبرمها بعض تلك الدول مع أنقرة لا تُضاهيها تلك التي تَعقدها مع موسكو، كما أن المساعدات العسكرية التي توفرها الصناعة التركية الناهضة دون فواتير باهظة تتعلق بـ«السيادة» لا سيما تلك المتعلقة بالطائرات المُسيّرة التي رجَّحت كفة أذربيجان في حرب تحريرها للإقليم ناجورنو قرة باغ الذي كانت تحتله أرمينيا، قد بعث رسالة ذات دلالة قوية لحكام المنطقة بأن لديهم الآن خيارًا آخر غير الدوران في الفلك الروسي الذي تضعف نواته شيئًا فشيئًا عن الاحتفاظ بمداراته البعيدة.

ولعب تركيا دورًا محوريًّا كوسيط بين روسيا والغرب أثناء الحرب، وفيما يتعلق بالأساس بنقل النفط والغاز الروسي إلى أوروبا، والقمح إلى بلدان العالم، وبدرجة أقل، كوسيط بين المتحاربين يتم من خلالها إبرام اتفاقات الهدنات، وتبادل الأسرى، والمفاوضات المتراوحة بين حين وآخر، علاوةً على تسارع وتيرة النجاحات فيما يتعلق بالصناعة العسكرية التركية على مختلف الأصعدة، ووقوفها إلى جانب أذربيجان في حربها، ومساعيها لحل مشكلة كازاخستان الداخلية (رغم إخفاقها في ذلك)؛ كلها عوامل قد ساهمت في تفكيك بعض الأغلال الروسية عن أيدي الترك في آسيا الوسطى، برغم العلاقات الوثيقة التي تربط حكام تلك الدول وجيوشها، وأجهزتها الأمنية العتيدة بموسكو، وتحكّمها في مفاصل الحكم والإدارة فيها إلى حدّ بعيد، إضافة إلى العلاقات الاقتصادية الوثيقة.

لا يمكن تجاهل اللاعب الأمريكي الذي شجّع على الدوام على الاستبداد في تركستان الكبرى، ودعم كل جهود لمنع توحيدها، وقيام نهضة إسلامية فيها، وسعى لإنشاء قواعد عسكرية في عدد من دولها، كذلك الصين التي تدرك أن «طريق الحرير» القديم/الجديد يمر من هذه المنطقة، والتي تشاطر الولايات المتحدة وروسيا هدفهما في منع اضطلاع تركستان الغربية بدورها التاريخي، لا سيما أنه حين يحصل؛ فإن فكرة استقلال تركستان الشرقية عن الصين ستتجدد وتجد ظهيرًا تركيًّا متاخمًا لحدودها، ما يُنْعِش فكرة تفكيك الصين وانفصال أقاليمها، والأمر عينه في روسيا التي تخشى قيامة تركية وقومية داخل حدودها في القوقاز وحتى قازان في قلب روسيا ذاتها. كذلك إيران التي تخشى تغوُّل القوة التركية، وتقلق من انفصال إقليمها الآذري (التركي الأصل) وانضمامه إلى أذربيجان بدعم من أنقرة.. بَيْد أن اللاعبين الأكثر تأثيرًا في تركستان الغربية يظلان هما روسيا وتركيا، وإذا كانا يتنافسان بقوة في تركستان؛ إلا أن ما يجمعهما من مصالح يَحُدّ من قدرة هذا التنافس على الفعالية الحاسمة.

والواقع أن تركيا لم تكن لاعبًا في وسط آسيا لعقود طويلة منذ انقلاب الكماليين في أنقرة أوائل القرن الماضي إلى أن سنحت لها الفرصة إثر انهيار الاتحاد السوفييتي، حينها دعا الرئيس التركي الأسبق تورغوت أوزال رؤساء دول أذربيجان وكازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وتركمانستان حينئذ إلى العاصمة التركية أنقرة، واتفقوا على عقد قِمَم دورية مشتركة، ثم كان اقتراح الرئيس الكازاخي السابق نور سلطان نزارباييف بإنشاء مجلس تعاون الدول الناطقة بالتركية، ليتطور في العام 2021م لمنظمة الدول التركية (CCTS) لتصبح مكونة من سبع دول هي تركيا وأذربيجان وتركمانستان وأوزبكستان وقرغيزستان وكازاخستان، إضافة إلى جمهورية شمال قبرص التركية (غير معترف بها دوليًّا).

أنقرة تتقدم رويدًا رويدًا باتجاه جذب الأتراك إليها، وتكوين كتلة تضم نحو 160 مليون تركي، يملكون تجارة بحجم 536 مليار دولار يساهمون بها في الاقتصاد العالمي، ويتداولون فيما بينهم تجارة بينية تُقدّر بنحو 21 مليار دولار، وتكتنز نحو 150 مليار برميل من النفط كاحتياطي، ونحو 75 ألف مليار متر مكعب من احتياطي الغاز الطبيعي، وهي تسعى إلى إدارة تعاون طموح بشأن التقنية والحواسيب ضمن سياق ثقافي موحّد، سيستدعي خطوات توحيدية مهمة من قبيل السعي نحو توحيد اللغة وأحرفها، سيرًا بالاتجاه المعاكس الذي اختطته موسكو وبكين من أجل اقتلاع الثقافة الإسلامية التي كانت تتداول عبر لغة تركية واحدة بحروف عثمانية قريبة من العربية، بلهجات متقاربة نسبيًّا.

اتخذت المنظمة لها لغةً موحدةً هي التركية بلهجاتها وأحرفها (الحالية) المختلفة، وهي بهذا تُعَدّ نقطة جذب لشعوب أخرى خلاف المنضوية تحت مظلة المنظمة، مثل جمهوريات فيدرالية داخل الاتحاد الروسي (توفا، باشقورستان، ياقوتيا، تتارستان، ألطاي)، وإقليم تركستان الشرقية في الصين. وكأقليات في القرم (التتار)، ودول البلقان (أتراك البلقان)، وسوريا والعراق (التركمان).

ويتوزع متحدثو اللغة التركية بين دول مختلفة، من أبرزها: الصين، آسيا الوسطى، روسيا، بلغاريا، رومانيا، ألبانيا، وجزء من اليونان، الأناضول، أفغانستان، شمال إيران، وأوزباكستان، وكازاخستان، وقرغيزستان، وتركمانستان، وأذربيجان، بينما تعد اللغة التركية لغة رسمية فقط للجمهورية التركية، والتي قامت على أنقاض الدولة العثمانية، وتتحدث هذه الأفرع التركية اللغات التالية: التركية، والأوزبكية، والكازاخية، والقيرغيزية، والأذرية، والتركمانية، والتترية، والباشكيرية، والشوباشية، والشركسية، والداغستانية، بمجموع قوميات يفوق تعداده 300 مليون نسمة.

هذا مقلق بالقطع للعديد من الدول، وفي قلبها روسيا، العدو التقليدي للأتراك، وهي لم توفر جهدًا فعملت على تنفيذ خطة إجهاضية معاكسة، تتمثل في:

1- تفكيك الشبكة التابعة للرئيس الكازاخي السابق نور سلطان، أكثر حكام تركستان الغربية حماسة لتعزيز سُبُل التعاون التركي (بعد حكومة أذربيجان)، ومساندة الرئيس الحالي قاسم جومارت توكاييف في الإطاحة برموز نظام نور سلطان في أحداث 2022م التي طلب فيها توكاييف مساعدة منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» التي ترأسها روسيا، وتضم قوات أرمينية لقمع الاحتجاجات والإطاحة برجال سلطان، ومِن ثَم فرض الهيمنة الروسية على البلاد، ما عُدَّ انتكاسًا في جهود توحيد الأمة التركية.

2- العمل على إبطاء الخطوات الاستراتيجية لمنظمة الدول التركية، وتحريك الأدوات الروسية داخل دول تركستان الشرقية؛ من أجل منع مزيد من التطور الاستراتيجي للمنظمة، لا سيما في الصعيد العسكري؛ حيث عكست احتجاجات كازاخستان هشاشة المنظمة وعجزها عن توفير الحماية الحقيقية لإحدى دولها (هو عجز غير حقيقي؛ لأن توكاييف لم يطلب المساندة من غير الروس حينها). وعرقلة مشروع إنشاء جيش تركي موحَّد طالَب به جنرالات أتراك؛ منهم الأدميرال التركي جيهات يايجي القائد السابق للبحرية التركية، الذي دعا إبَّان الاحتجاجات الكازاخية إلى تشكيل جيش للدول الناطقة بالتركية، معتبرًا حينها «أن هذه التطورات تُظهر أهمية إنشاء منظمة تعاون ودفاع عسكري للدول التركية التي تحاول الاندماج الذي سيفتح الطريق لنظام سيخدم العالم التركي بطريقة حيوية (...) يجب تأسيس جيش الدول الناطقة باللغة التركية».

3- التلويح برغبة موسكو في الانضمام إلى المنظمة باعتبار أن روسيا تضم أقلية تركية كبيرة، وهو ما ورد على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «يمكننا الانضمام إلى المجلس التركي»! وهو ما من شأنه أن يخلط كل الأوراق في حال عُرِضَ هذا الطلب على المنظمة.

4- تعزيز الشراكة الاقتصادية مع دول تركستان الغربية، لا سيما أنَّ ما فقدته روسيا في حربها في شرق أوروبا ستحاول تعويضه نفوذًا تقليديًّا في وسط آسيا، وهو أمرٌ متوقع أن تسعى إليه موسكو.

* * *

نستطيع أن نخلص إلى استنتاجٍ يفيد بأن مؤشر التأثير قد تحرك عدة درجات باتجاه الأتراك، وعاد ببعضها باتجاه الروس، أي أن محصلة ما تقود إليه أحداث أوكرانيا وأذربيجان، والتحركات التركية في الإقليم تُعزّز مكانتها كثيرًا الآن بين الأمة التركية، لا سيما أنَّ ما تُروّجه موسكو دومًا من أن أنقرة ربما أمكنها مساندة الترك خارج حدود دولتها اقتصاديًّا، لكنّهم يعجزون عن توفير الحماية لهذه المساحة الشاسعة التي تفوق مساحة أوروبا عددًا، ولا يزيد سكانها مجتمعين عن عدد سكان تركيا وحدها.. هذا التسويق لم يَبْدُ دقيقًا أبدًا، خصوصًا أن تركيا هزمت روسيا بالفعل في حرب الوكالة التي دارت في ناجورنو قرة باغ بين الأذريين والأرمن، فيما نَفَّذت موسكو ما يُشبه انقلابًا في كازاخستان حدَّت فيه كثيرًا من اندفاع كازاخستان نحو تركيا، بعد استيلائها على المطارات والمقرات السيادية في أعقاب الاحتجاجات قبل أن تزيح رجال الرئيس السابق وتسلمها لرجال خلفه الموالين لها.

كلما ضعفت روسيا سيقوى نفوذ الأتراك في تركستان، وسيزيد تطلُّع حُكّامها لإبرام حِلف عسكري، ما لم تأتِ الانتخابات التركية الرئاسية العام القادم بما لا تشتهيه تركستان بشقيها.

* * *

معلومات مهمة:

- تشكلت منظمة الدول التركية على أساس عِرْقي ولُغويّ؛ فلم تدخلها طاجيكستان رغم وقوعها ضمن حدود تركستان الغربية القديمة/آسيا الوسطى الحديثة؛ بسبب عِرقها ولُغتها الطاجيكية الفارسية.

- لم تقم المنظمة على أساس دِيني مذهبيّ، لذا انخرطت فيها أذربيجان الشيعية بخلاف سائر الدول الأخرى السُّنيَّة.

- تشارك المجر بصفة مراقب في المنظمة على نحوٍ غير مفهوم، رغم أنها دولة مسيحية، يحكمها نظام يميني معادٍ للإسلام بشكل صريح، ولا يربطه بالتركية سوى التاريخ البعيد!

- تعد تركستان الكبرى بشقيها الشرقي والغربي (المحتل من الصين شرقًا، والخاضع للنفوذ الروسي غربًا) منطقة فاصلة ما بين قوى كبرى دولية وإقليمية، روسيا والصين والهند وباكستان وتركيا وإيران، ومعبرًا ما بين الشرق والغرب.

- يحول الاستبداد الطاغي في معظم دول تركستان دون حصول نهضة حقيقية فيها، وحماس قادتها لتحويل منظمة الدول التركية لاتحاد كونفدرالي فضلًا عن تحقيق حلم الفيدرالية التركية.

- أفضى الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان على إثر هزيمة مُذِلة وخسائر فادحة لفقدان دول تركستان الغربية للحماسة لاستقبال قواعد أمريكية على أراضيها، وإلى إحياء تطلعات شعوب المنطقة للجامعة التركية، لا سيما مع تراجع القوة الروسية أيضًا بعد تراجعها العسكري في أوكرانيا.