بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

سابعاً: وسائل الدعوة الإسلامية في عصر الحروب الصليبية: تنوّعت وسائل الدعوة الإسلامية في عصر الحروب الصليبية إلى وسائل متنوعة منها:

1- الكتب: في فترة الحروب الصليبية كان الكتاب من أهم وسائل الدعوة الموجهة إلى النصارى، وكان له أثره في إبطال شبههم، وفضح ضلالاتهم، وكشف تلبيس مبطليهم، وبيان الحق الذي عُمّي على عامتهم.

ومن الأمثلة على ذلك كتاب "الأجوبة الفاخرة على الأسئلة الفاخرة" للقرافي، والذي كان السبب الأول الذي دفعه لتأليف هذا الكتاب رسالة بعث بها أحد النصارى يقيم الحجج فيها على صحة دينه(489)، ومثله كتاب القرطبي – "الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوّة محمد عليه الصلاة والسلام" – وقد كان الدافع الأول لتأليف القرطبي هذا الكتـاب كتـاب بعث به أحـد قساوسة النصارى في طليطلة بالأندلس أسماه – "تثليث الوحدانية" (490)فحرك ذلك القرطبي لتأليف كتابه رداً على كتاب القسيس، متتبعاً له ومناقشاً ما أورده فيه من شبه، ومبطلاً ما اعتمدوا عليه في ديانتهم وعقائدهم.

ومن الكتب التي كان السبب المباشر في تأليفها كتابات لبعض النصارى بعثوا بها إلى المسلمين، كتاب "الرد على النصارى" لصالح بن الحسين الجعفري (491)، وكذلك من الكتب رد أبي عبيدة الخزرجي على شبهات قسيس طليطلة وتفنيدها، وردود بعض علماء الأندلس على رسالة ابن غرسيه النصراني في ذم العرب والمسلمين، والتي كثر تداولها في الأندلس في هذه الفترة؛ إذ ألف بعض العلماء في الرد عليه منهم: محمد بن مسعود بن طيب بن أبي الخصـال وكان رده بعنوان : "خطف البارق وقذف المارق في الرد على ابن غرسيه المارق"(492).

وهناك نوع آخر من الكتب التي ألفها علماء هذه الفترة بمبادرة منهم، وذلك دعماً للسلطة في مواجهة النصارى ودعوتهم، ومن هذه الكتب "كتاب أدلة التوحيد في الرد على النصرانية" لأحمد بن إدريس القرافي، ومن الكتب في هذه الفترة من ألفها بعض العلماء ابتداء رجاء هداية النصارى من خلال مناقشة عقائدهم وبيان بطلانها وإيضاح الحق الذي اشتبه على كثير من عامتهم بسبب تلبيس قساوستهم.

ومن الأمثلة على هذا النوع من الكتب كتاب "تخجيل من حرف التوراة والإنجيل" لصالح بن الحسين الجعفري (493)وغيرها من الكتب الكثيرة التي ناقشت قادة الرأي ورجال الدين النصارى، كرسالة أبي عبيدة الخزرجي إلى قسيس طليطلة، وكتاب الواضح المشهود، ولها أثرها أيضاً من جهة أن بعضها كان رداً مباشراً على قضايا معينة أثارها النصارى في هذه الفترة، وكان لها رواج، فكان الرد على مثل هذه القضايا له انتشاره وأثره على العامة من النصارى الذين راجت عندهم، فوصل إليهم الرد والشبه عالقة في أذهانهم، فكان أدعى إلى تفنيدها وإزالتها، وذلك مثل رد أبي الخصال وغيره على رسالة ابن غورسية، ورد القرافي في كتابه الأجوبة الفاخرة على أسئلة تعّود النصارى إثارتها وترويجها في هذه الفترة.

ولهذه الكتب أيضاً أثرها في عمق التأثير في القارئ، بل وفي طبقات المجتمع النصراني بشكل عام في هذه الفترة، وذلك لكونها أطول بقاءً، وأوسع انتشاراً، وأسهل تداولاً، فالمحاضرة والخطبة والمناظرة وغيرها في ذلك الوقت يبقى تأثيرها محدوداً من حيث وصول أثرها للحاضرين في وقتها، أما الكتاب وإن كان تأثيره بطيئاً فإن أثره عميق، لكونه يُتداول في المجتمع النصراني بمختلف طبقاته، فيتسرب لذلك أثره إلى هذه الطبقات، إما بإسلام البعض، أو بإزالة شبهة قائمة حول الإسلام، أو بتشويش ما لديهم من قناعات حول معتقدهم (494).

2 ـ وسيلة الجهاد: ..



يتبع إن شاء الله مع ذكر المصادر ..


المصدر: موقع الإسلام اليوم