الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد ، فهذه كلمات وجيزة من إمامين عظيمين يجمعان فيها كثيرا من مسائل العقيدة و هما الإمامين الكبيرين : أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ القرشى المخزومى الرازي و محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلى الرازي
قال الإمام اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ج 1 ص 318/ 320:
أخبرنا محمد بن المظفر المقرئ ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن حبش المقرئ ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، قال : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين ، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار ، وما يعتقدان من ذلك ، فقالا : « أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته ، والقدر خيره وشره من الله عز وجل ، وخير هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام أبو بكر الصديق ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان ، ثم علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وهم الخلفاء الراشدون المهديون ، وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد لهم بالجنة على ما شهد به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله الحق ، والترحم على جميع أصحاب محمد والكف عما شجر بينهم . وأنالله عز وجلعلى عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف ، أحاط بكل شيء علما ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . وأنه تبارك وتعالى يرى في الآخرة ، يراه أهل الجنة بأبصارهم ويسمعون كلامه كيف شاء وكما شاء . والجنة حق والنار حق وهما مخلوقان لا يفنيان أبدا ، والجنة ثواب لأوليائه ، والنار عقاب لأهل معصيته إلا من رحم الله عز وجل . والصراط حق ، والميزان حق ، له كفتان ، توزن فيه أعمال العباد حسنها وسيئها حق . والحوض المكرم به نبينا حق . والشفاعة حق ، والبعث من بعد الموت حق . وأهل الكبائر في مشيئة الله عز وجل . ولا نكفر أهل القبلة بذنوبهم ، ونكل أسرارهم إلى الله عز وجل . ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان . ولا نرى الخروج على الأئمة ولا القتال في الفتنة ، ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا ولا ننزع يدا من طاعة ، ونتبع السنة والجماعة ، ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة . وأن الجهاد ماض منذ بعث الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة مع أولي الأمر من أئمة المسلمين لا يبطله شيء . والحج كذلك ، ودفع الصدقات من السوائم إلى أولي الأمر من أئمة المسلمين . والناس مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم ، ولا ندري ما هم عند الله عز وجل . فمن قال : إنه مؤمن حقا فهو مبتدع ، ومن قال : هو مؤمن عند الله فهو من الكاذبين ، ومن قال : هو مؤمن بالله حقا فهو مصيب . والمرجئة والمبتدعة ضلال ، والقدرية المبتدعة ضلال ، فمن أنكر منهم أن الله عز وجل لا يعلم ما لم يكن قبل أن يكون فهو كافر . وأن الجهمية كفار ، وأن الرافضة رفضوا الإسلام ، والخوارج مراق . ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة . ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر . ومن شك في كلام الله عز وجل فوقف شاكا فيه يقول : لا أدري مخلوق أو غير مخلوق فهو جهمي . ومن وقف في القرآن جاهلا علم وبدع ولم يكفر . ومن قال : لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي أو القرآن بلفظي مخلوق فهو جهمي . قال أبو محمد : وسمعت أبي يقول : (وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر ، وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار . وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة ، وعلامة القدرية تسميتهم أهل الأثر مجبرة . وعلامة المرجئة تسميتهم أهل السنة مخالفة ونقصانية . وعلامة الرافضة تسميتهم أهل السنة ناصبة . ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد ويستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء
قال أبو محمد : وسمعتأبي وأبا زرعة يأمران بهجران أهل الزيغ والبدع يغلظان في ذلك أشد التغليظ ، وينكران وضع الكتب برأي في غير آثار ، وينهيان عن مجالسة أهل الكلام والنظر في كتب المتكلمين ، ويقولان : لا يفلح صاحب كلام أبدا . قال أبو محمد : « وبه أقول أنا » . وقال أبو علي بن حبيش المقرئ : « وبه أقول » . قال شيخنا ابن المظفر : « وبه أقول » . وقال شيخنا يعني المصنف : « وبه أقول » . وقال الطريثيثي : « وبه أقول » . وقال شيخناالسلفي: « وبه نقول »
ووجدت في بعض كتب أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي رحمه الله مما سمع منه ، يقول : مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان ، وترك النظر في موضع بدعهم ، والتمسك بمذهب أهل الأثر مثل أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن إبراهيم ، وأبي عبيد القاسم بن سلام ، والشافعي . ولزوم الكتاب والسنة ، والذب عن الأئمة المتبعة لآثار السلف ، واختيار ما اختاره أهل السنة من الأئمة في الأمصار مثل : مالك بن أنس في المدينة ، والأوزاعي بالشام ، والليث بن سعد بمصر ، وسفيان الثوري ، وحماد بن زيد بالعراق من الحوادث مما لا يوجد فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين . وترك رأي الملبسين المموهين المزخرفين الممخرقين الكذابين ، وترك النظر في كتب الكرابيس ، ومجانبة من يناضل عنه من أصحابه وشاجر فيه مثل داود الأصبهاني وأشكاله ومتبعيه . والقرآن كلام الله وعلمه وأسماؤه وصفاته وأمره ونهيه ، ليس بمخلوق بجهة من الجهات . ومن زعم أنه مخلوق مجعول فهو كافر بالله كفرا ينقل عن الملة ، ومن شك في كفره ممن يفهم ولا يجهل فهو كافر . والواقفة واللفظية جهمية ، جهمهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل . والاتباع للأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين بعدهم بإحسان . وترك كلام المتكلمين ، وترك مجالستهم وهجرانهم ، وترك مجالسة من وضع الكتب بالرأي بلا آثار . واختيارنا أن الإيمان قول وعمل ، إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالأركان ، مثل الصلاة والزكاة لمن كان له مال ، والحج لمن استطاع إليه سبيلا ، وصوم شهر رمضان ، وجميع فرائض الله التي فرض على عباده ، العمل به من الإيمان . والإيمان يزيد وينقص ، ونؤمن بعذاب القبر ، وبالحوض المكرم به النبي صلى الله عليه وسلم ، ونؤمن بالمساءلة في القبر ، وبالكرام الكاتبين ، وبالشفاعة المخصوص بها النبي صلى الله عليه وسلم ، ونترحم على جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا نسب أحدا منهم لقوله عز وجل : والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم . والصواب نعتقد ونزعم أن الله على عرشه بائن من خلقه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . ولا نرى الخروج على الأئمة ولا نقاتل في الفتنة ، ونسمع ونطيع لمن ولى الله عز وجل أمرنا . ونرى الصلاة والحج والجهاد مع الأئمة ، ودفع صدقات المواشي إليهم . ونؤمن بما جاءت به الآثار الصحيحة بأنه يخرج قوم من النار من الموحدين بالشفاعة . ونقول : إنا مؤمنون بالله عز وجل ، وكره سفيان الثوري أن يقول : أنا مؤمن حقا عند الله ومستكمل الإيمان ، وكذلك قول الأوزاعي أيضا . وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر . وعلامة الجهمية أن يسموا أهل السنة مشبهة ونابتة . وعلامة القدرية أن يسموا أهل السنة مجبرة . وعلامة الزنادقة أن يسموا أهل الأثر حشوية . ويريدون إبطال الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفقنا الله وكل مؤمن لما يحب ويرضى من القول والعمل ، وصلى الله على محمد وآله وسلم
و الحمد لله رب العالمين
جمعه من المصدر السابق طويلب العلم بحليل محمد