تركة الرئيس المهزوم .. للرئيس المأزوم
د. عبد العزيز كامل
2 - 2 - 2009



ستكون محرقة غزة بآثارها وتداعياتها آخر دفعة من تركة الهلاك التي ورَّثها (جورج بوش) لخلفه الجديد (باراك)! «الأمريكي» مختومًا على صندوقها اسم (باراك) «الإسرائيلي»، ليعلم العالم حقيقة الحكمة القائلة: (من أعان ظالمًا سُلِّطَ عليه)، فها هي أمريكا تستمر في التعاون على الكفر والعدوان مع كيان الطغيان الذي فرض الأمريكان على العالم أن يصمت على جرائمه، ويسكت عن همجيته حتى وإن خالفت كل المفاهيم الإنسانية والأعراف الدولية.


وستكون نتائج (حرب غزة) إضافة جديدة إلى رصيد الإفلاس الأمريكي في البقاء بوصفه قوة عظمى، بل قوة محترمة في العالم، فبمغادرة (الرجل الأول) في العالم لمنصب «رئيس العالم» في يوم الثلاثاء 23/1/1430هـ الموافق 20/1/2009م سيكون (جورج بوش) أول رئيس أمريكي يترك أمريكا والعالم في أزمات متجددة عالميًا، ومتجذرة داخليًا ليس على المستوى الأمريكي فحسب، ولكن على مستوى العالم الغربي بأسره.


جورج بوش (الابــن) العــاق لأمــريكا سيتــرك لبلاده - إضافة إلى مأساة غزة - حلقات من الأزمات وباقات من الأشواك السامة، لتوضع في عنق صنم الحرية، لعلَّه يكتب بعود شائك، منها صفحات سوداء في سجل تاريخ المستقبل الأمريكي.


لم يهنأ المجتمع الأمريكي بزعامة (بوش) في قيادة العالم النصراني إلى (إمبراطورية القرن الحادي والعشرين) التي أراد أن يقيمها على جماجم المسلمين، وبحروب ضدهم، بأموالهم وأرواحهم، وكذلك لم تنعم أمريكا ومعها أحلافها في الطغيان وأسلافها في الجبروت؛ بنجاح برنامج المحافظين اليهود الجدد في (مشروع القرن الأمريكي) وكذلك لم يكن النجاح حليف بوش في إنجاز مشروع (الشرق الأوسط الكبير) لكنه نجح فقط بحماقاته في تكسير قرن الثور الأمريكي الهائج، والذي حاولت الروم (ذات القرون) أن تنطح به أمتنا على أرضها وفي عقر دارها.


مسكين ذلك الرئيس الجديد (الفائز) بالخسائر الأمريكية في كل المجالات، ومع ذلك يبشِّر شعبه بالقدرة على تجاوز كل هذه الأزمات! ومغلوب على عقله هذا الزعيم المهزوم (جورج بوش) وهو لا يزال يكابر ويعاند حتى آخر يوم في ولايته، مؤكدًا أن عهده كان عهد إنجازات وانتصارات! هل كان (جورج بوش) يظن أن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - هانت على ربها؛ حتى يجعل للكافرين عليها سبيلًا، أو حتى يذلها للضالين والمغضوب عليهم دون أن ينتقم لها منهم؟


أم هل كان يرجو أن يتصرف في ناموس الملكوت بقانون الجبروت دون أن تؤدبه مطارق السنن، وتزيل هيبته – على ملأ العالمين، في موقعة الحذاء - كما أذهبت مهابة قارون وفرعون وهامان وكل جبار عنيد؟!


ومن قال لذلك الـ (بوش) إن غابة الوحوش التي كان يرجو أن يكون أسدَها الهصور؛ لن تثور ضد مظالم ديمقراطيته الدكتاتورية ذات الأنياب الإرهابية والأساليب الانقلابية، تلك التي أظهرت لنا تجاربها في العراق وأفغانستان والصومال وفلسطين كم كانت دموية قهرية انتهازية؟


إننا عندما نتأمل في تركة بوش الذاهب إلى النسيان، لخلفه المرتبك الذاهل عما تخبئه الأيام؛ نسبح الله قائلين: سبحان من قال: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140]، ثم نسأله - عز وجل - أن يجعل الدولة والعودة لخير أمة أخرجت للناس بعد انكفاء أمريكا وانتهاء علوها، وليس ذلك على الله بعزيز، فمن كان يتوقع وقوع أمريكا في كل تلك الأزمات في أقل من عشر سنوات، وبأقل الأعداد والإمكانات؟


سيناريو الرحيل المر:


لنتابع مشهد رحيل (بوش)، وهو يسلِّم مفاتيح البيت الأبيض، داخل «الصندوق الأسود» الذي تم العثور عليه بين أنقاض إدارة «المحافظين الجدد» الذاهبين مع بوش إلى مقبرة التاريخ. على النحو التالي:


أولًا: الهزائم العسكرية:


وهي متنوعة الصور متدرجة المراحل، وقد دشَّن (بوش) بداياتها ولا يدري (أوباما) ما نهاياتها؟ فمن فشلٍ وإخفاقٍ في العراق، إلى خسارة للرهان في أفغانستان، ثم تقهقر في الصومال، وتراجع وتهيُّب وحذر في شأن إيران والسودان، وانفلات للأوضاع في فلسطين! وقد أصبح لزامًا على (أوباما) أن يدير ملفات تلك الساحات الساخنة على صورتها الراهنة التي لا يُتَوَقَّعُ أن تبرد مهما كانت أعصابه معها باردة، ولا أن تخمد مهما حاول إبعاد لهيبها عن أمريكا وشعبها؛ لأن ركب الثائرين للكرامة والدين لم يعد يحتمل التوقف في منتصف الطريق تكريمًا للقادم الجديد إلى البيت الأبيض؛ خاصة إذا حدثه شيطانه بتقليد سلفه المأفون في التهور والرعونة!


ماذا يمكن لأوباما أن يفعل بجيوش بوش المتورطة في العراق وأفغانستان، والمحبوسة في قواعدها في كثير من البلدان، بعد أن أصبحت تلك الجيوش في حاجة إلى دعم مالي متواصل، يصل إلى عشرات المليارات شهريًا، في ظل أزمة مالية طاحنة، ستجعل الشعب الأمريكي يتطلع بحسرة إلى كل دولار متسرب إلى خارج الحدود؟!


إن هناك مزيدًا من الورطات تنتظر أمريكا في الساحات العسكرية، والمتوقع أن يتورط (أوباما) بلا حدود على حدود باكستان وأفغانستان، حيث القبائل الأبية التي لم تقبل الدنية ولم تركع لطغيان الطائفة الإسماعيلية التي اختطفت الحكم في باكستان.


وكذلك ينتظر (أوباما) بقية ملحمة العراق التي لم تكتمل فصولها في ذلك البلد المغدور، الذي لا بد أن يثور على من غدروا به من الأمريكان ومن عملاء إيران، فليس بمقدور (أوباما) – كما وعد - أن يهدئ الأمور في الأماكن التي يريد؛ فحماقات بوش في مدة رئاسته ستظل تطارد أمريكا بعد ذهابه ربما بسنوات طويلة، بل أكثر من ذلك ربما تكون الولايات المتحدة الأمريكية على موعد مع التحلل والانقسام بسبب مكرها بأهل الإسلام، كما حدث لكيان الطغيان (السابق) الاتحاد السوفييتي على أيدي المسلمين.


ثانيًا: التراجعات السياسية:


وقد ورثها (أوباما) ثقيلة الوقع، طويلة الأثر، في صورة تقهقر سريع وحاد، في (حالة الاتحاد) الذي كان حتى وقت قريب القطب الوحيد في العالم، الذي خُطِّطَ لبقائه منفردًا على قمة القطبية الدولية لألف عام من خلال مشروع (القرن الأمريكي)!


لكن (أوباما) وجد نفسه أمام أوضاع جديدة، تفرض على أمريكا أن تواجه مرحلة الأقطاب المتعددة الصاعدة بقوى مختلفة، وتوجهات مختلفة وإستراتيجيات مختلفة، يمكن أن تختلف في كل شيء، إلا السماح بعودة أمريكا إلى التفرد بزعامة العالم، ويتفرع عن ذلك الانهيار السياسي الكبير لأمريكا؛ انهيارات أخرى سياسية فرعية أخرى في بقاع العالم، فهناك أزمة ثقة مع روسيا يمكن أن تهدد بعودة الحرب الباردة معها، وهناك تناقض مع أوروبا أو بعض بلدانها الكبيرة في كثير من وجهات النظر في الأزمات الدولية، إضافة إلى الأزمات الكبرى الأخرى المتوقعة في كثير من البلدان التي لأمريكا مصالح إستراتيجية فيها؛ بسبب اكتشاف تلك البلدان - أخيرًا - أن حصان الأمريكيين من الآن فصاعدًا يسير نحو الخسران!


ثالثًا: الفواجع الاقتصادية:


وهذه لا يمكن فصلها عن الهزائم العسكرية والتراجعات السياسية، فلا يمكن لأحد أن يقدِّم ما يقنع بأن هزائم (بوش) العسكرية - وبخاصة في العراق وأفغانستان - لم تؤثر في قوة أمريكا الاقتصادية، حيث كلفت تلك الحرب الولايات المتحدة حتى نهاية عهد بوش (7972) مليار دولار، وقد طلبت إدارة (أوباما) نحو 70 مليار دولار إضافية؛ لإنقاذ الموقف في هاتين الجبهتين المشتعلتين اللتين تجاوزت تكاليف الحرب فيهما أكثر من تريليون دولار.


ومعروف أنه عندما وقعت الأزمة المالية الأمريكية التي غدت عالمية كان على أمريكا أن تستنزف من خزينتها الفيدرالية مئات المليارات لإنقاذ البنوك والشركات الكبرى المتهاوية، فقد طلب (بوش) مبلغ (700) مليار دولار، ثم طلب (أوباما) (800) مليار دولار! فمن أين لأمريكا المأزومة ماليًا والمهزومة عسكريًا أن تلاحق هذه المعدلات الضخمة من الإنفاق؟ وكيف تحلم بأنها ستظل القوة الاقتصادية الأولى في العالم؟! الخبراء يقولون:


إن ميزانية (بوش) للقضاء على ما سماه (الإرهاب) قد كلفت أمريكا حتى الآن أربعة أضعاف ما أنفقته في الحرب العالمية الأولى، وعشرة أضعاف ما أنفقته في حرب الخليج الثانية عام 1991م، كل هذا من أجل إطفاء نور الإسلام، ولكن هيهات.. فرب الأرض والسماوات يقول: {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَه َا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال: ٦٣]، فأنى لأوباما أن يصرف أسراب البوم التي عششت على نوافذ المصارف الأمريكية، والتي تطير منها تباعًا إلى البنوك الأوروبية؟ بعضهم يقول: إن أزمات أمريكا الاقتصادية لا علاقة بها بخسائر أمريكا في الحرب على المسلمين فلا تهوِّلوا..


نقول: حتى لو كان ذلك كذلك فإن أمريكا لم تعلن الحرب فقط على المسلمين، فخسرت الحرب ضدهم؛ ولكنها أعلنت الحرب من قبلهم على ربهم، فاستحقت حربًا لا قِبَل لها بها، فالاقتصاد الأمريكي الرأسمالي - القائم على الربا - كغيره من اقتصاديات الغرب كان ولا يزال: (خطة حرب) على الله، فمَنْ هؤلاء الحقراء الذين يصمدون أمام حرب من الله؟! كأن (بوش) (المتدين): لم يكتشف هو وفريقه من الإنجيليين المهووسين وحلفائه التوراتيين الخرافيين أن الربا «محرم» حتى في نسخ الأناجيل المحرفة، وتفاسير التوراة المخرفة!


لقد كان حقًا على المسلمين أن ينتظروا جريان السنن عليهم، وسريان العقوبة الإلهية ضدهم: {فَإن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٩٧٢]، {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٦٧٢].


لكن القوم أصروا - وسيصر (أوباما) على ما يبدو - على المضيِّ في طريق الغي لدى من قالوا: قلوبنا غلف، والذي لأجله لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، والذي بسببه طُردوا من الرحمة لأخذهم الربا وقد نُهوا عنه، وأكلهم أموال الناس بالباطل.


ماذا ينتظر (أوباما) أو غيره من آثار تلك الحرب المفتوحة من الله على من عصاه، هذه الحرب التي جاءت آياتها ونذرها إنذارًا للأمريكيين والأوروبيين وسائر السائرين على درب المحادَّة لله ولشرعه في صورة (أزمة مالية)؛ هكذا يسمونها، متجاهلين أنها الحرب التــي لا يمكــن لأمريكــا أو (أوباما) أن ينتصر فيها، مهما تسلَّحت بالترسانات النووية وسائر القوى العسكرية.


إن الفرصة الوحيدة أمام الأمريكيين والأوروبيين، ومن سار على دربهم من المقلِّدين؛ هي النظر بعين الاعتبار إلى الآيات والنــذر، ولكن ما تغني الآيــات والنــذر عــن قــوم لا يؤمنون!


رابعًا: السقطات الفكرية والحضارية:


بدون قِيَم لا يمكن أن تستمر قيادة الأمم، وبدون فكر مفيد للإنسان في الآجل والعاجل؛ ينتصر الشيطان على الإنسان، وقد برع (جورج بوش) في هدم بنيان «القيم الأمريكية» الـمُدَّعاة حجرًا حجرًا، حتى لم يبق من ذلك البناء ما يصلح حتى للدعاية أو الادعاء، وكذلك قرر أن تشن إدارته (حرب أفكار) لا دينية، ضد كل ما يختلف عن الأطروحات الليبرالية، وهو ما انتهــى إلـى هــزة عنيــفة زلــزلت أسس ما يسمى «القيم» الأمريكية، وفككت أصول المنظومة الليبراية الرأسمالية، فعندما تسلم ذلك الزعيم المزعوم منصبه في أمريكا كان لا يزال لتلك البلاد بقية من رصيد احترام فكري وقيمي عند المخدوعين الغافلين، لكن نتائج حرب الأفكار قضت على الأسطورة التي انطلت على الناس لعشرات السنين، وأسفرت عن حقيقة الحضارة المنحطة المستمدة من أحقاد أحفاد رعاة البقر.


لقد عرَّى (بوش) ما لا يمكن لـ (أوباما) أن يستره من عوار حضارة (الكاوبوي) الأنانية الدموية الرأسمالية قاتلة الملايين في ظل سيطرة المعسكر الرأسمالي على العالم، وأظهرت تصرفات (بوش) الشخصية حقيقة «قِيَمِ القوم» الليبرالية (المقدِّسة) للحرية، في معسكرات الاعتقال السرية والعلنية، والتي لم يظهر من حقيقة بشاعتها إلى الآن إلا أقل القليل، حيث لا زالت الحقيقة الكاملة حبيسة جدران الكتمان في معتقلات الحرية الأمريكية بقيمها الغربية في سجون (جوانتنامو) قرب كوبا، و (أبي غريب) في العــراق، و (جانجي) في بلاد الأفغان، التي قررت الولايات المتحدة أن تجعلها مقرًا لمعتقل كبير بديل لمعتقل (جوانتنامو) ستساهم في تكاليف بنائه الحكومة العراقية (الشيعية)!


وقد انتهت (حرب الأفكار) البوشية إلى ما انتهت إليه حروبه العسكرية، حتى اعترف مدبر سياستها - المهزوم المستقيل (دونالد رامسفيلد) - بذلك الفشل السريع الذريع عندما ذكر في تصريح له في 16 فبراير 2006م بأن أمريكا تخسر حربها الدعائية والفكرية، ضد من أسماهم:المتشددي الإسلاميين، وأضاف: «ينبغي إيجاد وسائل أخرى بديلة لكسب قلوب الناس وعقولهم في العالم الإسلامي، حيث نجح المتشددون في تسميم الأفكار عن أمريكا»!


لقد نجح (جورج بوش) أيضًا في كشف الأغطية عن همجية «الحضارة» الغربية، من خلال عمليات الحصار، التي كان يتلوها دائمًا فتح بوابات الجحيم والنار على عدد من الشعوب التي كانت آمنة، فقد حاصــر المتحضــرون الأمريكيون العراق لأكثر من اثني عشر عــامًا، تسببــت فـي قــتل ما لا يقل عن مليون من الأطفال فقط، عدا ضحايا الحصار من الكبار!


ونفذ المتحجرون ما تعهدوا به نحو (بلاد بابل) بإعادتها إلى عهد العصور الحجرية! ونفذ هؤلاء الحسدة الحقدة تربصهم ببلاد الأفغان للعودة إلى عصابات قطع الطرقات والتجارة في المخدرات، فطوال عهد حكم طالبان لم يطق أصحاب الحضارة والعدالة والحرية أن تقوم حكومة الإمارة الإسلامية بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية؛ لترسي بها قواعد العدل، وتقيم أسس الأمن وتفتح أبواب الأمل في حياة حرة شريفة مستقرة، بعد الحروب المستعــرة، فكــان ما كان من حصار ضار استمر مدة خمس سنين هي مدة حكم طالبان، ثم أعلنت أمريكا حربها التي كان مقررًا شنها من قبل أحداث سبتمبر 2001م بشهور عديدة!


ثم جاءت أحداث غزة لتبين لعقلاء العالم - لو كانت تلك الأحداث أبقت لهم عقلًا - كيف أن حضارة «الديمقراطية» الأمريكية التي أرادت أن تسع العالم بقيمها؛ قد ضاق عَطَنُها بقبول خيار (الحرية) في فلسطين المحتلة، حتى لعنته وحاربته، عندما رأته يطل برأسه على الإقليم الذي كان مبتلى بعملائها في غزة! ولقد عرف العالم كيف رسمت أمريكا مع الخونة مخططات إشاعة الفتنة وإحكام الحصار على أصحاب هذا الخيار، وكيف سلطت كلاب اليهود المسعورة عليهم، وأمدتهم وسط لهيب المعركة ضد المستضعفين بشحنات أسلحة حديثة و (متقدمة) و (متطورة) تعبر عن آخر ما وصل إليه (التطور والتقدم والحداثة) التي تريدها أمريكا لشعوب الشرق الأوسط الجديد!


نظن أنه ما دامت أفكار و «قيم» تلك الحضارة الغاشمة هي الحاكمة برضى وإقرار من الشعب الأمــريكي؛ فإن (عهد حكم القادة السمر) لن يختلف كثيرًا عن عهود إبادة الهنود الحمر، وهو ما يبشر بمزيد من التراجع الأمريكي عن مقدمة المشهد الحضاري العالمي.


أما الرئيس الوريث (أوباما) فإن مورثه البئيس قد وضعه أمام خيارين وحيدين؛ يمكن أن يواجه بأحدهما مضاعفات ميراث الأزمات والنكبات.


الأول: أن يلعب مع شعبه - كما فعل بوش - لعبة المخادعة والاحتيال، مصورًا الهزائم في صورة انتصارات، والتراجعات في صورة إنجازات!


والثاني: أن يواجه من شعبه مصير القتل والاغتيال، إذا بدا للأمريكيين أن الديمقراطيين في عهد الملوَّنين سيخربون بيوتهم، وأولها البيت الأبيض، أكثر مما فعل (بوش) في عهده الأسود الغابر!


وكلا السبيلين: الاحتيال أو الاغتيال؛ سيفتحان على الأمريكيين بوابات الفتن والمعارك والمحارق، كما فتحوها على بلاد المسلمين، {وَقُل لِّلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إنَّا عَامِلُونَ * وَانتَظِرُوا إنَّا مُنتَظِرُونَ} [هود: ١٢١ - ٢٢١].


http://www.shareah.com/index.php?/records/view/id/3088/