تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 46

الموضوع: مبادئ علم التجويدِ - وغيره - العشرة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي مبادئ علم التجويدِ - وغيره - العشرة

    ( مبادئ علم التجويدِ - وغيره - العشرة )
    إن لكلِّ علمٍ ميدانَه ورجاله، وهذا الميدان - الذي نحن بصدد الحديث عنه - مِن أشرفِ الميادين وأعظمِها؛ لأنه ميدانٌ ساحتُه القرآن الكريم، وجنوده هم أهلُ الله وخاصَّتُه، الذين اصطفاهم لحفظ كلامه، وسخَّرهم لخدمة كتابه، وقد امتثلوا لأمرِه، فقاموا بوضعِ الأصول والقواعد، التي تضبط القراءةَ، وتحفَظُها من أن يتطرَّقَ إليها اللحنُ والتصحيف، ولقد أطلقوا على هذه القواعدِ وتلك الأحكام التي وضَعوها واستمدُّوها من قراءة الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- اسمَ التجويدِ، الذي أصبح - فيما بعدُ - علمًا له مسائله وقضاياه، التي تبحث في اللفظِ القرآني وكيفيةِ نُطقه، ولَمَّا كان كلُّ علم يستمد أهميتَه وشرَفَه ومنزلتَه من موضوعه، كان علمُ التجويد من أشرفِ العلوم، وأهمِّها على الإطلاق؛ وذلك لتعلُّقِه بكتاب الله، فهو يستمدُّ منزلتَه ومكانته من القرآن الكريم .

    وعلم التجويد له - كغيره من الفنون - مبادئُ عشَرة:
    إنَّ مباديْ كلِّ فنٍّ عشرة *** الحدُّ والموضوع ثمَّ الثَّمرة
    وفضلُه ونسَبُه والواضع *** والاسمُ الاستمدادُ حُكْم الشارع
    مسائل والبعض بالبعض اكتفى *** ومَن درى الجميعَ حاز الشَّرفا

    مبادئ علم التجويدِ العشرة:
    المبدأ الأولُ : حدُّه أو تعريفُه :
    التجويد في اللغة : مصدر جوّد ؛ أي: حسَّن؛ فالتجويد إذًا معناه : التَّحسين .
    التجويد اصطلاحًا : هو إخراجُ كلِّ حرف من مخرَجِه ، مع إعطائه حقَّه ومستحقَّه ؛ فحق الحرفِ هو: مخرَجه ، وصفاتُه التي لا تفارقُه ؛ كالهمسِ والجهر.
    ومستحقُّه هو: الصفاتُ التي يوصف الحرفُ بها أحيانًا، وتفارِقُه أحيانًا؛ كالتفخيمِ والترقيق بالنسبة للراءِ، فهي صفاتٌ عارضةٌ تأتي على الحرف وتزولُ عنه .

    المبدأ الثاني : اسمُه :
    اسمه : علم التَّجويد .

    المبدأ الثالث : موضوعُه :
    الموضوع الذي يبحَثُ فيه علمُ التَّجويد هو: الكلماتُ القرآنية، من حيث إعطاءُ الحروف حقَّها ومستحقَّها، دون تكلُّفٍ في النطقِ أو تعسُّفٍ .

    المبدأ الرابع : ثمرتُه :
    الثمرة المرجوَّةُ من علم التَّجويد هي : صونُ اللسانِ عن اللحن؛ وهو الميل عن الصواب عند قراءة كتاب الله - تعالى؛ فصون القارئِ لسانَه عن الخطأ واللحنِ في كتاب الله يضمَنُ له كمالَ الأجر والثوابِ، ونيل رضا ربه، وتحصُلُ له السعادةُ في الدارينِ .

    وصون اللسانِ عن اللحنِ في كتاب الله يأتي بأربعةِ أمورٍ، هي :
    1- رياضةُ اللسانِ، وكثرةُ التكرار.
    2- معرفة مخارج الحروف .
    3- معرفة صفاتِها .
    4- معرفة أحكامِ الكلماتِ القرآنية .

    المبدأ الخامس : نسبتُه :
    علمُ التَّجويد أحدُ العلوم الشرعيَّة المتعلقة بالقرآنِ الكريم؛ وذلك لأنَّ الشرعَ الحنيف هو الذي أتى بأحكامِه .

    المبدأ السادس : واضعُه :
    إن الذي وضَع هذا العلم - مِن الناحية العملية - هو سيدنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن طريق تلقِّيه عن جبريلَ - عليه السلام -، عن رب العزة - عزَّ وجلَّ - ثم أخذه الصحابةُ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتلقاه التابعون عن الصحابة، وهكذا إلى أن وصَل إلينا مجوَّدًا متواترًا في كل فترة نُقل فيها .
    أما الذي وضَعه من الناحية العِلمية أو النظرية ؛ أي : وضَع قواعدَه، وأصَّل أصوله، ووضَع أحكامه ومسائله، فهذا أمرٌ فيه خلاف :
    فقيل : إن واضعَه من هذه الجهة هو الخليلُ بن أحمد الفَراهيديُّ .
    وقيل : أبو الأسود الدُّؤَلي .
    وقيل : وضَعه حفصُ بن عمر الدُّوريُّ .
    وقيل : بل وضعه أئمَّةُ القراءة .

    المبدأ السابع : فضلُه :
    يُعَدُّ علم التَّجويد من أشرف العلوم وأعلاها منزلةً على الإطلاق، وذلك من جهةِ تعلُّقه بكتاب الله عز وجل .

    المبدأ الثامن : مسائلُه :
    يبحث علم التَّجويد في مجموعةٍ من القضايا والقواعد الكلية، التي يتعرَّف بها على جزئياتِ هذا العلم، التي وضعها أهلُ الأداء وعلماء القراءة، نحو: (أحكام المدِّ والقصر، والنون الساكنة، والتَّنوين) .

    المبدأ التاسع : استمداده :
    استمدَّ أهل الأداء وعلماءُ القراءة هذا العلم من الكيفية التي أقرأ بها جبريلُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وقرأ بها النبيُّ، وهذه الكيفية وصَلت إلينا عن طريقِ الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - ثم التابعين، ثم أهل التلاوة والأداء المتصلِ سندُهم بسيدنا رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم .

    المبدأ العاشر: حكمُ الشرعِ فيه :
    لقد أوجب الشرعُ الحنيف على كلِّ مَن يريد أن يقرأ القرآن أن يتلوه تلاوة مجودة، وجعَل ذلك مناط كمال الأجر والثواب على التلاوة؛ فقد فرَّق رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بين مَن يقرأُ القرآن وهو ماهر به؛ (أي: يتلوه تلاوة مجودة) ، ومن يتلوه وهو غير ماهر به ؛ (أي : على غير علْمٍ بأحكام القراءة) .
    فقال -صلى الله عليه وسلم- : ((الماهرُ بالقرآن مع السَّفَرة الكرام البَرَرة، والذي يقرأ القرآن، ويتتعتع فيه، وهو عليه شاقٌّ، له أجران)) ؛

    لذلك، كان تعلم تجويد القرآن وأحكام التلاوة فرض كفاية، إذا قام به البعض من خاصة الناس سقَط عن الآخرين، أمَّا العمل به في تلاوة كتابِ الله، فهو فرضُ عينٍ على كل مَن يريد أن يقرأ شيئًا من القرآن .

    الدليلُ على وجوبه :
    الدليل على وجوبِ العلم بأحكام التَّجويد قد جاء في الكتاب والسنَّةِ وإجماع الأمة .
    أما الدليلُ من الكتاب : فقوله تعالى : (( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا )) [المزمل: 4]، والأمرُ هنا للوجوب؛ حيث لم يرِدْ ما يصرف هذا الوجوبَ إلى الاستحباب، أو الندب، أو الإباحة.
    والدليل من السنة المطهرة : قوله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عنه سيدنا أبو هريرةَ - رضي الله عنه -: ((ما أذِن اللهُ لشيء ما أذِن لنبيٍّ حسنِ الصوتِ، يتغنَّى بالقرآن يجهَرُ به)) ؛ [رواه مسلم في صحيحه/1883] .
    كما ثبت عن يعلى بن مَمْلكٍ أنه سأل أمَّ سلمة - زوجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عن قراءةِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وصلاته؟ فقالت: ما لكم وصلاته، كان يصلِّي، ثمَّ ينام قَدْر ما صلَّى، ثمَّ يُصلِّي قَدْر ما نام، ثمَّ ينام قَدْر ما صلَّى، حتَّى يُصبح، ونَعَتَت له قراءته، فإذا هي تَنْعَت قراءة مُفسَّرةً حرفًا حرفًا؛ [رواه النسائي في سننه/1629].
    وهذا الحديث يدلُّ على أن تحسين القراءة وتجويدَها من سنن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم.
    ومنها: ما ثبت من حديث موسى بن يزيد الكنديِّ - رضي الله عنه - قال: كان ابن مسعود - رضي الله عنه - يُقرئ رجلاً، فقرأ الرجل: (( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ )) [التوبة: 60] مرسلةً، فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرَأنيها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال الرجل: وكيف أقرأكها يا أبا عبدالرحمن؟ قال: أقرأنيها هكذا: (( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ )) [التوبة: 60] ومدَّها.
    ويدلُّ هذا على أن ابنَ مسعود أنكَر على الرجل قراءته كلمة (الفقراء) بالقصر؛ [أورده الألباني في "السلسلة الصحيحة" 5 / 279]؛ وذلك لأن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أقرأه إياها بالمد، وفي ذلك دلالةٌ واضحة على وجوبِ تلاوة القرآن تلاوةً صحيحة مجودة، موافقة لأحكامِ علم التَّجويد.
    أما دليلُه من الإجماع : فقد انعقد إجماع الأمة من عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا على : وجوبِ قراءة القرآن وتلاوته بالكيفية التي قرأ بها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأقرأ بها الصحابة، وتلقَّاها عنهم التابعون، وأئمة القراءة، وأهل الأداء، إلى يومنا هذا، ولم يشذَّ عن هذا الإجماع أحدٌ ؛ ولذلك لا يجوز لأي قارئ أن يتلوَ القرآن بغير تجويد؛ حتى لا يشمله الوعيد الشديدُ لِمَن يخالف هديَ النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله تعالى: (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) [النساء: 115].
    قول الإمامُ ابن الجزريِّ في طيبة النشر
    ... والأخذُ بالتَّجويدِ حتمٌ لازمُ ...
    ... مَن لم يجوِّدِ القرآنَ آثمُ ...

    ... لأنَّه به الإلهُ أنزَلا ...
    ... وهكذا منه إلينا وَصَلا ...
    ... وهو أيضًا حليةُ التلاوة ...
    ... وزينةُ الأداءِ والقراءة ...

    فقد جعَله ابن الجزريِّ واجبًا شرعيًّا، يأثم الإنسان بتركِه، وبه قال بعض العلماء ؛ وذلك لأن القرآنَ نزَل مجوَّدًا، وقرأه الرسولُ على جبريل كذلك، وأقرأه الصحابة، لكن لعل الراجح أنه ليس واجبا ، وبه قال الشيخ ابن عثيمين ، فهو سنَّة نبويَّة ليس واجبا. والله أعلم .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    السلام عليكم أخواتي في الله
    سأحاول من خلال هذا الموضوع جمع كل الموضوعات التي تخص علم التجويد بترتيب الدروس حتى تكون مرجعا سهلا لكل طالبة علم أرادت التعلم .
    وأرجوا المشاركة لتعم الإستفادة .
    وجزاكم الله خيرا .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    مسائل في الاستعاذة

    قال المرصفي في كتابه " هداية القاري إلى تجويد كلام الباري " في باب الاستعاذة :
    وكلامنا في الاستعاذة عام لجميع القراء كما أنه خاص بالقراءة خارج الصلاة .
    ويتعلق به سبع مسائل :
    ( الأولى: في صيغتها )
    أما صيغتها فهي "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وهذه هي المشهورة والمختارة من حيث الرواية لجميع القراء العشرة دون غيرها من الصيغ الواردة فيها لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.
    قال الحافظ أبو عمرو الداني في التيسير: "اعلم أن المستعمل عند الحذاق من أهل الأداء في لفظ الاستعاذة "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" دون غيره وذلك لموافقة الكتاب والسنة.
    فأما الكتاب فقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.
    وأما السنة : فما رواه نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه استعاذ قبل القراءة بهذا اللفظ بعينه. "وبذلك قرأت وبه آخذ" أهـ بلفظه
    وكما أن هذا اللفظ هو المشهور والمختار لجميع القراء هو المأخوذ به عند عامة الفقهاء كالشافعي وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم. وقد ادعى بعضهم الإجماع على هذا اللفظ بعينه وهو مردود بما جاء من تغيير في هذا اللفظ تارة والزيادة عليه وتارة بالنقص عنه.
    أما الزيادة فمنها "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" أو "أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم" أو "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم" أو "أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان الجيم" إلى غير ذلك من الصيغ الواردة عن أئمة القراء وأهل الأداء.
    وأما النقص فقد قال الحافظ ابن الجزري في النشر لم يتعرض للتنبيه عليه أكثر أئمتنا وكلام الشاطبي رحمه الله يقتضي عدمه والصحيح جوازه لما ورد: فقد نص الحلواني في جامعه على جواز ذلك فقال وليس للاستعاذة حد ينتهى إليه من شاء زاد ومن شاء نقص أي بحسب الرواية. وفي سنن أبي داود من حديث جبير بن مطعم "أعوذ بالله من الشيطان" من غير ذكر الرجيم وكذا رواه غيره أهـ منه بلفظه.
    هذا: ولم أر فيما وقفت عليه من صيغ النقص غير ما ذكر الحافظ ابن الجزري في النشر.

    ( الثانية: في حكم الجهر والإخفاء بها )

    اعلم أن الجهر بالاستعاذة هو المأخوذ به لدى عامة القراء عند افتتاح القراءة إلا ما روي عن نافع وحمزة من أنهما كانا يخفيان -أي يسران- لفظ الاستعاذة في جميع القرآن. ولكن المشهور عند جماهير العلماء هو الجهر لعامة القراء لا فرق بين نافع وحمزة وغيرهما من باقي الأئمة.
    قال الحافظ أبو عمرو الداني في التيسير: "ولا أعلم خلافاً بين أهل الأداء في الجهر بها عند افتتاح القرآن وعند الابتداء برؤوس الأحزاب وغيرها في مذهب الجماعة اتباعاً للنص واقتداء بالسنة".
    وقال: "وروى إسحاق المسيبي عن نافع أنه كان يخفيها في جميع القرآن وروى سليم عن حمزة أنه كان يجهر بها في أول أم القرآن خاصة ويخفيها بعد ذلك كذا قال خلف عنه. وقال خلاد عنه أنه كان يجيز الجهر والإخفاء جميعاً" أهـ منه بلفظه.
    ولكن قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "أطلقوا اختيار الجهر في الاستعاذة مطلقاً ولابد من تقييده. وقد قيده الإمام أبو شامة رحمه الله تعالى بحضرة من يسمع قراءته ولابد من ذلك قال: لأن الجهر بالتعوذ إظهار لشعائر القراءة كالجهر بالتلبية وتكبيرات العيد، ومن فوائده أن السامع ينصت للقراءة من أولها ولا يفوته منها شيء. وإذا أخفى التعوذ لم يعلم السامع بالقراءة إلا بعد أن فاته من المقروء شيء. وهذا المعنى هو الفارق بين القراءة خارج الصلاة وفي الصلاة فإن المختار في الصلاة الإخفاء لأن المأموم منصت من أول الإحرام بالصلاة" أهـ منه بلفظه.
    وقال الحافظ ابن الجزري في النشر أيضاً: "ومن المواضع التي يستحب فيها الإخفاء إذا قرأ خالياً سواء قرأ جهراً أو سرًّا. ومنها إذا قرأ سرًّا فإنه يسر أيضاً. ومنها إذا قرأ في الدَّوْرِ ولم يكن في قراءته مبتدئاً بالتعوذ لتتصل القراءة ولا يتخللها أجنبي فإن المعنى الذي من أجله استحب الجهر وهو الإنصات فقد في هذه المواضع" أهـ منه بلفظه.
    قلت: ويؤخذ مما تقدم أن الجهر بلفظ التعوذ ليس على إطلاقه كما مر بل هناك حالات يستحب فيها الإخفاء وهي كالآتي:
    الأول: إذا كان القارئ يقرأ خالياً سواء قرأ سرًّا أو جهراً.
    الثانية: إذا كان يقرأ سرًّا.
    الثالثة: إذا كان يقرأ في الدَّوْرِ ولم يكن هو المبتدئ بالقراءة ويفهم من هذا أنه إذا كان هو المبتدئ بالقراءة في الدور فيجهر بلفظه التعوذ لأنه الآن صار في حضرة من يسمع قراءته كما تقدم وما سوى حالات الإخفاء هذه فيجهر القارئ بلفظ التعوذ وهو تفصيل حسن "وجه الجهر بلفظه التعوذ" إنصات السامع للقراءة من أولها فلا يفوته منها شيء .

    ( الثالثة: في حكمها وجوباً أو استحباباً )
    اختلف العلماء في ذلك بعد اتفاقهم على أن الاستعاذة مطلوبة من مريدي القراءة فقال جمهورهم بالاستحباب أي أن الاستعاذة مستحبة عند إرادة القراءة. وعليه فالأمر الوارد في قوله تبارك وتعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} محمول على الندب وعلى هذا المذهب لا يأثم القارئ بتركها.
    وقال غير الجمهور بالوجوب أي أن الاستعاذة واجبة عند إرادة القراءة. وعليه فالأمر الوارد في الآية المذكورة محمول على الوجوب وعلى هذا المذهب يأثم القارئ بتركها. والمأخوذ به هو مذهب الجمهور فاحفظه.

    ( الرابعة: في محلها )
    جمهور العلماء على أن محل الاستعاذة قبل القراءة أي مقدمة عليها وقيل إن محلها بعد القراءة لظاهر الآية وهو غير صحيح.
    قال الإمام أبو شامة في شرحه على الشاطبية: "ووقت الاستعاذة ابتداء القراءة جرى على ذلك العمل في نقل الخلف عن السلف إلا ما شذ عن بعضهم أن موضعهم بعد الفراغ من القراءة وقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} معناه إذا أردت القراءة كقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ}
    وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ أحدكم فليستنشر، ومن أتى الجمعة فليغتسل". كل ذلك مبني على حذف الإرادة أهـ
    وقد أبطل غير واحد من أهل العلم القول بأن الاستعاذة تكون بعد القراءة لظاهر الآية .

    ( الخامسة: في معناها )
    ومعناها الالتجاء إلى الله تعالى والتحصن به سبحانه من الشيطان فإذا قال القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فكأنه قال ألجأ وأعتصم وأتحصن بالله من الشيطان.
    قال العلامة الشيخ سليمان الجمزوري رحمه الله تعالى في كتابه: "الفتح الرحماني بشرح كنز المعاني" ومعناها طلب الإعاذة من الله وهي عصمته يقال عذت بفلان واستعذب به لجأت إليه" أهـ منه بلفظه.
    هذا: ولفظ الاستعاذة على أي صيغة كانت ليس من القرآن بالإجماع كما أنه جاء على لفظ الخبر ومعناه الدعاء أي اللهم أعذني من الشيطان.
    قال العلامة القسطلاني شارح البخاري في اللطائف: "والشيطان مشتق من شَطَنَ إذا بَعُدَ فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر وبعيد بفسقه عن كل خير. والظاهر أن المراد به إبليس وأعوانه" أهـ منه بلفظه كفانا الله تعالى شره ووقانا فتنته في الحياة وعند الممات إنه سبحانه القادر على ذلك.

    ( السادسة: في بيان أوجهها )
    أما أوجه الاستعاذة فبحسب ما تقترن به من القراءة لأنها إما أن تقترن بأول السورة. وإما أن تقترن بغير أولها ولكل من هاتين الحالتين كلام خاص نوضحه فيما يلي:
    الحالة الأولى: اقتران الاستعاذة بأول السورة:
    إذا اقترنت الاستعاذة بأول السورة باستثناء أول سورة براءة فيجوز لجميع القراء أربعة أوجه وإليك ترتيبها حسب الأداء:
    الأول: قطع الجميع أي الوقف على الاستعاذة وعلى البسملة والابتداء بأول السورة.
    الثاني: قطع الأول ووصل الثاني بالثالث أي الوقف على الاستعاذة ووصل البسملة بأول السورة.
    الثالث: وصل الأول بالثاني وقطع الثالث أي وصل الاستعاذة بالبسملة والوقف عليها والابتداء بأول السورة.
    الرابع: وصل الجميع أي وصل الاستعاذة بالبسملة بأول السورة جملة واحدة.
    أما الابتداء من أول سورة براءة فليس فيه إلا وجهان لجميع القراء وهما:
    الأول: القطع أي الوقف على الاستعاذة والابتداء بأول السورة من غير بسملة.
    الثاني: الوصل أي وصل الاستعاذة بأول السورة من غير بسملة كذلك وذلك لعدم كتابتها في أولها في جميع المصاحف العثمانية.

    وفي وجه عدم كتابة البسملة في أول براءة أقوال كثيرة نذكر منها هنا ما قاله العلامة ابن الناظم في شرح طيبة والده الحافظ ابن الجزري ونصه: "واختلف في العلة التي من أجلها لا يبسمل في سورة براءة بحالة فذهب الأكثرون إلى أنه لسبب نزولها بالسيف يعني ما اشتملت عليه من الأمر بالقتل والأخذ والحصر ونبذ العهد وأيضاً فيها الآية السيف وهي: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الآية وذهب بعضهم إلى احتمال كونها من الأنفال" أهـ منه بلفظه.
    هذا: والأشهر فيما قرأته لأئمتنا من الأقوال في هذه المسألة هو نزولها بالسيف وهو مروي عن سيدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعليه الجمهور من أهل العلم كما قال القاضي أبو بكر الباقلاني وإليه ذهب الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى وفيه يقول في الشاطبية:
    *ومهما تصلها أو بدأت براءة * لتنزيلها بالسيف لست مُبسملا اهـ*

    الحالة الثانية: اقتران الاستعاذة بغير أول السورة:
    وهذا إذا كان القارئ مبتدئاً من أثناء السورة سواء كان الابتداء من أول الجزء أو الحزب أو الربع أو الثمن أو غير ذلك والمراد بأثناء السورة ما كان بعيداً عن أولها ولو بكلمة. وللقارئ حينئذ التخيير في أن يأتي بالبسملة بعد الاستعاذة أو لا يأتي بها. والإتيان بها أفضل من عدمه لفضلها والثواب المترتب على الإتيان بها وقد اختاره بعضهم .
    قال الإمام ابن بري رحمه الله في الدرر:
    *واختارها بعض أولى الأداء * لفضلها في أول الأجزاءِ اهـ*

    وبناء على هذا الخلاف إذا أُتيَ بالبسملة بعد الاستعاذة فيجوز للقارئ حينئذ الأوجه الأربعة السالفة الذكر التي في الابتداء بأول السورة وإذا لم يؤت بالبسملة بعد الاستعاذة فللقارئ حينئذ وجهان ليس غير:
    أولهما: القطع أي الوقف على الاستعاذة والابتداء بأول الآية.
    ثانيهما: الوصل أي وصل الاستعاذة بأول الآية.
    ووجه القطع أولى من الوصل خصوصاً إذا كان أول الآية المبتدأ بها اسماً من أسماء الله تعالى أو ضميراً يعود إليه سبحانه وذلك نحو قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ}، وقوله سبحانه: {الرَّحْمَـنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، ونحو قوله تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ}، وقوله سبحانه: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} ففي هذا وشبهه قطع الاستعاذة أولى من وصلها لما فيه من البشاعة كما في النشر وغيث النفع وغيرهما .

    ( السابعة: فيما إذا قطع القارئ قراءته ثم عاد إليهم وبيان ما يترتب عليه عندئذ )

    إذا عرض للقارئ ما قطع قراءته فإن كان أمراً ضروريًّا كسعال أو عطاس أو كلام يتعلق بالقراءة فلا يعيد لفظ التعوذ، وإن كان أمراً أجنبيًّا ولو ردًّا للسلام فإنه يستأنف التعوذ وكذلك لو قطع القراءة إعراضاً ثم عاد إليها.
    "فائدة": قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "إذا قرأ جماعة جملة واحدة هل يلزم كل واحد الاستعاذة أو تكفي استعاذة بعضهم؟ لم أجد فيها نصًّا ويحتمل أن تكون كفاية وأن تكون عيناً على كل من القولين بالوجوب والاستحباب والظاهر الاستعاذة لكل واحد لأن المقصود اعتصام القارئ والتجاؤه بالله تعالى عن شر الشيطان كما تقدم فلا يكون تعوذ واحد كافياً عن آخره" أهـ منه بلفظه والله أعلم.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    مسائل في البسملة .
    قال المرصفي رحمه الله في كتابه هداية القاري إلى تجويد كلام الباري :
    وكلامنا على البسملة هنا خاص بالقراءة خارج الصلاة ويتعلق به ثلاث مسائل :
    ولكل مسألة من هذه المسائل كلام خاص نوضحه فيما يلي :
    المسألة الأولى في بيان حكم البسملة عند افتتاح القراءة بأول السورة :
    أما حكم البسملة عند افتتاح القراءة من أول السورة باستثناء أول سورة براءة فلا خلاف بين القراء قاطبة في الإتيان بها حتماً وأما الافتتاح بأول سورة براءة فلا خلاف بين القراء أيضاً في ترك البسملة لعدم وجودها في أولها كما تقدم ذلك قريباً في باب الاستعاذة.

    المسألة الثانية في بيان حكم البسملة عند افتتاح القراءة بغير أول السورة :
    قلنا فيما تقدم أن المراد بغير أول السورة ما كان بعيداً عن أولها ولو بكلمة وعليه : فإذا ابتدئ من هذا المكان من أي سورة من سور التنزيل فيجوز لجميع القراء التخيير في الإتيان بالبسملة وعدم الإتيان بها والإتيان بها أفضل من عدمه لما مر.
    وقد تقدم الكلام مستوفى على هاتين المسألتين في باب الاستعاذة عند الكلام على اقتران الاستعاذة بأول السورة وبغير أولها وفي هاتين المسألتين يقول الإمام الشاطبي رحمه الله في الشاطبية :
    ولابُدَّ منها في ابتدائك سورة... سواها وفي الأجزاء خُيِّرَ من تلا اهـ

    المسألة الثالثة في بيان حكم البسملة عند الجمع بين السورتين :
    المراد بالجمع بين السورتين انتهاء القارئ من قراءة السورة السابقة وشروعه في قراءة السورة اللاحقة كالانتهاء من قراءة سورة الفاتحة والشروع في قراءة أول سورة البقرة مثلاً ففي هذه الحالة وما شابهها يجوز ثلاثة أوجه لمن أثبت البسملة وفصل بها بين السورتين قولاً واحداً كحفص عن عاصم باستثناء آخر سورة الأنفال وأول سورة براءة وإليك ترتيب هذه الأوجه الثلاثة حسب الأداء :
    الأول : قطع الجميع أي الوقف على آخر السورة السابقة وعلى البسملة والابتداء بأول السورة اللاحقة.
    الثاني : قطع الأول ووصل الثاني بالثالث. أي الوقف على آخر السورة السابقة ووصل البسملة بأول السورة اللاحقة.
    الثالث : وصل الجميع -أي وصل آخر السورة السابقة بالبسملة بأول السورة اللاحقة جملة واحدة.

    وقد نظم هذه الأوجه الثلاثة العلامة الخليجي في قرة العين فقال رحمه الله تعالى :
    وبين كل سورة وأخرى... لمن يبسمل ثلاث تُقرا
    قطع الجميع ثم وصل الثاني... ووصْلُ كل فاتْلُ بالإتقان اهـ

    وهذه الأوجه الثلاثة تجوز بين كل سورتين سواء رتبتا في التلاوة كآخر آل عمران مع أول النساء أم لم ترتبا كآخر الفاتحة مع أول المائدة.
    وفي هذا يقول الإمام أحمد الطيبي في التنوير :
    وبين سورتين لم ترتَّبا... ما بين ما رُتِّبتا قد أوجبا اهـ
    التنبيه الأول : ولا يجوز وصل آخر السورة بالبسملة مع الوقف عليها لأن في ذلك إيهاماً بأن البسملة لآخر السورة السابقة والحال أنها لأول اللاحقة.
    وهذا هو الوجه الممنوع لجميع القراء بالإجماع وفيه يقول الإمام الشاطبي رحمه الله في الشاطبية :
    ومهما تصلها مع أواخر سورة... فلا تقفنَّ الدهر فيها فتثقُلا اهـ
    أما ما بين آخر الأنفال وأول براءة فثلاثة أوجه لعامة القراء وهي كالتالي :
    الأول : القطع : أي الوقف على "عليم" مع التنفس والابتداء ببراءة.
    الثاني : السكت أي الوقف على "عليم" بسكتة لطيفة بدون تنفس والابتداء ببراءة.
    الثالث : الوصل أي وصل "عليم" ببراءة مع تبيين الإعراب وهذه الأوجه الثلاثة بلا بسملة لما تقدم وقد
    نظمها العلامة الخليجي في "قرة العين" فقال رحمه الله :
    وبين الانفال وتوبةً بلا... بسملة أو اسكت أو صِلاَ اهـ
    أيضاً بخلاف ما إذا كان آخر السورة بعد أول سورة براءة في ترتيب المصحف الكريم كأن وصل آخر سورة الكهف بأول سورة براءة فلا يجوز حينئذ إلا القطع بدون بسملة ويمتنع الوصل والسكت.
    وكذلك إذا كرر القارئ سورة براءة كأن وصل آخرها بأولها فليس له في هذه الحالة إلا القطع بدون بسملة ويمتنع الوصل والسكت أيضاً.
    التنبيه الثاني : إذا وصلت الميم من {الم} [الآية : 1] فاتحة سورة آل عمران بلفظ الجلالة جاز فيها وجهان للأئمة العشرة باستثناء الإمام أبي جعفر المدني والوجهان هما :
    الأول : تحريك الميم بالفتح للتخلص من التقاء الساكنين مع المد الطويل نظراً للأصل قبل التحريك وهو السكون اللازم.
    الثاني : تحريك الميم بالفتح للتخلص أيضاً لكن مع القصر وهو حركتان اعتداداً بالعارض وهو تحريك الميم : والوجهان صحيحان مقروء بهما لمن ذكرنا من القراء والمد الطويل هو المقدم في الأداء وبه قرأت وبه آخذ قراءة وإقراء.

    التنبيه الثالث : علم مما تقدم في التنبيه الثاني أن الميم من {الم} [الآية : 1] فاتحة آل عمران فيها الوجهان المد والقصر في حالة وصلها بلفظ الجلالة فإن روعي هذان الوجهان مع أوجه الاستعاذة الأربعة فتصير الأوجه ثمانية باعتبار وجهي الميم على كل وجه من أوجهها الأربعة وهذا لعامة القراء باستثناء أبي جعفر كما مر.
    أما إذا لم توصل الميم بلفظ الجلالة بأن وقف عليها فالأوجه الأربعة المعروفة وهي للقراء العشرة قاطبة.
    وكذلك الحكم عند وصل آخر سورة البقرة بأول سورة آل عمران فعلى كل وجه من أوجه البسملة الثلاثة الوجهان الذان في الميم إذا كانت موصولة بلفظ الجلالة فتصير الأوجه التي بين السورتين في هذا المحل ستة أوجه وهذا لحفص عن عاصم ومن وافقه من المبسملين بين السورتين باستثناء أبي جعفر أيضاً.
    أما إذا لم توصل الميم بلفظ الجلالة بأن وقف عليها فالأوجه الثلاثة المعروفة لحفص عن عاصم وموافقيه فحسب ويلاحظ عند الوقف على الميم في كلتا الحالتين أي حالة الاستعاذة وحالة الجمع بين السورتين المد الطويل بالإجماع كما هو مقرر والله تعالى أعلى وأعلم وأعز وأكرم .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    مخارج الحروف
    قال المرصفي رحمه الله في كتابه هداية القاري إلى تجويد كلام الباري :
    واعلم أن مخارج الحروف نوعان :
    الأول : المخارج العامة .
    الثاني : المخارج الخاصة .
    أما المخارج العامة : فهي ما اشتمل الواحد منها على مخرج واحد فأكثر مثل "اللسان ".
    وأما المخارج الخاصة : فهي ما اشتمل الواحد منها على مخرج واحد فقط، وقد يخرج منه حرف واحد أو حرفان أو ثلاثة ولا أكثر من ذلك مثل " أقصى اللسان يحتوى على حرف القاف والكاف ".
    اختلف علماء القراءة واللغة في عدد المخارج على ثلاثة مذاهب :
    الأول : مذهب سيبويه ومن تبعه كالإمامين الجليلين الشاطبي وابن بريّ رضي الله عنهما. ومخارج الحروف عند هؤلاء ستة عشر مخرجاً فقد أسقطوا مخرج الجوف ووزعوا حروفه على مخارج الحلق واللسان والشفتين .
    الثاني : مذهب الفراء والجرمي وقطرب وابن كيسان ومن تبعهم وعدد المخارج عندهم أربعة عشرة مخرجاً فقد أسقطوا مخرج الجوف ووزعوا حروفه أيضا كما فعل أصحاب المذهب الأول وجعلوا مخرج اللام والنون والراء مخرجاً واحداً وهو طرف اللسان مع ما يحاذيه .
    الثالث : مذهب الخليل بن أحمد شيخ سيبويه ومن تبعه من المحققين كالحافظ ابن الجزري وغيره. وعدد المخارج عند أصحاب هذا المذهب سبعة عشر مخرجاً فقد أثبتوا مخرج الجوف في مكانه وجعلوا حروف المد فيه ثابتة
    وإليه أشار في المقدمة الجزرية والطيبة بقوله رحمه الله :
    مخارج الحروف سبعة عشر... على الذي يختاره من اختبر اهـ

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    وإليه أشار في المقدمة الجزرية والطيبة بقوله رحمه الله :
    مخارج الحروف سبعة عشر... على الذي يختاره من اختبر اهـ
    وتنحصر المخارج على هذا المذهب في خمسة مخارج عامة وهي :
    الجوف والحلق واللسان والشفتان والخيشوم فيخرج من الجوف مخرج واحد ومن الحلق ثلاثة، ومن اللسان عشرة، ومن الشفتين اثنان، ومن الخيشوم واحد .
    وفي هذا المعنى يقول العلامة ابن عبد الرزاق في تذكرة القراء رحمه الله :
    والحصرُ تقريبٌ وبالحقيقهْ... لكل حرفٍ بقعة دقيقهْ
    إذ قال جمهور الورى ما نصُّهْ... لكلِّ حرفٍ مخرجٌ يخصُّهْ
    وتفصيلنا لهذه المخارج سيكون إن شاء الله تعالى حسبما جاء في المذهب الثالث الذي هو سبعة عشرة مخرجاً وفقاً لما عليه الجمهور فنقول وبالله التوفيق ومنه نستمد العون والقول :
    المخرج الأول : الجوف " أي جوف الحلق والفم "
    وهو في اللغة : الخلاء.
    وفي الاصطلاح : الخلاء الداخل في الفم .
    ويخرج منه مخرج واحد هو مخرج حروف المد الثلاثة .
    وهي الألف ولا يكون ما قبلها مفتوحاً دائماً
    "كقال ".
    والواو الساكنة المضموم ما قبلها
    "كقولوا ".
    والياء الساكنة المكسور ما قبلها
    "كقيل " .
    وهذه الحروف ليس لها حيز محقق تنتهي إليه كما لسائر الحروف غيرها بل تنتهي بانتهاء الصوت ولذا قبلت الزيادة على المد الطبيعي .
    وقد أشار إلى هذا المخرج الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله :
    فألِفُ الجوْف وأُختاها وهي... حروفُ مدٍّ للهواءِ تَنْتَهي

    المخرج الثاني : الحلق :
    ويخرج منه ثلاثة مخارج لستة أحرف وهي :
    الأول :" أقصاه "
    أعني أبعَدهُ مما يلي الصدر ويخرج منه حرفان : الهمزة فالهاء.
    الثاني :"وسطه "
    ويخرج منه حرفان : العين فالحاء المهملتان.
    الثالث :" أدناه "
    أعني أقربه مما يلي الفم ويخرج منه : حرفان الغين فالخاء المعجمتان .
    وقد أشار إلى مخارج الحلق الثلاثة الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله :
    ثم لأقصى الحلقِ همزٌ هاءُ... ثمَّ لوسطهِ فعيْنٌ حَاءُ
    أدْنَاهُ غَيْنٌ خاؤُها... ... ... ... ... ... ...

    المخرج الثالث : اللسان :
    ويخرج منه عشرة مخارج لثمانية عشر حرفاً وتنحصر في أربعة مواضع منه وهي : أقصاه ووسطه وحافته وطرفه.
    وها هي على النحو التالي :
    الأول :" أقصى اللسان "
    أعني أبعده مما يلي الحلق وما فوقه من الحنك الأعلى ويخرج منه حرف واحد وهو: القاف.
    الثاني :" أقصى اللسان "
    من أسفل مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى تحت مخرج القاف قليلاً ويخرج منه حرف واحد وهو: الكاف.
    الثالث :" وسط اللسان "
    وما يليه من الحنك الأعلى ويخرج منه مخرج واحد لثلاثة أحرف وهي: الجيم فالشين فالياء.
    ونعني بالياء هنا غير المدية وهي المتحركة مطلقاً أو الساكنة بعد فتح كخير وشيء ويَوَدُّ.
    أما الياء المدية وهي الساكنة إثر كسر كقيل فتقدم أنها تخرج من جوف الحلق على مذهب الجمهور وعلى غيره من وسط اللسان مع المتحركة والساكنة إثر فتح.

    الرابع : "إحدى حافتي اللسان وما يليها من الأضراس العليا التي في الجانب الأيسر أو الأيمن ".
    ويخرج منها حرف واحد وهو: الضاد المعجمة
    وخروجها من الحافة اليسرى أكثر وأيسر، ومن اليمنى أصعب وأقل، ومن الحافتين معاً أقل وأعسر .
    وهذا ما أشار إليه الإمام الشاطبي بقوله :
    ... ... وهو لَدَيْهما... يعزُّ وباليمنى يكون مُقلَّلا اهـ
    قال في نهاية القول المفيد :
    وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرجها من الجانبين وقيل : كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخرجها من الجانبين أيضاً وبالجملة فهي أصعب الحروف مخرجاً وأشدها على اللسان ولا يمكن ضبط مخرجها إلا بالمشافهة.
    قال الحافظ ابن الجزري في التمهيد :
    واعلم أن هذا الحرف ليس من الحروف حرف يعسر على اللسان غيره والناس يتفاضلون في النطق به أهـ.
    الخامس : "أدنى حافتي اللسان أي أقربها إلى مقدم الفم بعد مخرج الضاد مع ما يليها من اللثة أي لحمة الأسنان العليا"
    ويخرج منه حرف واحد وهو:اللام
    وليس في الحروف أوسع مخرجاً منه، وخروج اللام من الحافة اليسرى أقل وأعسر ومن اليمنى أكثر وأسهل على العكس من الضاد، وخروجها من الحافتين معاً عزيز وصعب كما في الضاد.
    قال العلامة المارغني في النجوم الطوالع :
    "ويتأتى إخراج اللام من كلتا الحافتين إلا أن إخراجها من الحافة اليمنى أمكن بخلاف الضاد فإنها من اليسرى أمكن" أهـ.
    السادس :" طرف اللسان تحت مخرج اللام قليلاً وما يحاذيه من لثة الثنيتين العُلْيَيَيْن "
    ويخرج منه حرف واحد وهو :النون الساكنة المظهرة ولو تنويناً والمدغمة في مثلها وكذلك المتحركة مشددة كانت أو مخففة.
    السابع : " طرف اللسان مع ظهره بالقرب من مخرج النون وما يحاذيه من لثة الثَّنيتَين العُلْيَيَيْن أيضاً "
    ويخرج منه حرف واحد وهو: الراء
    ومن هنا يتضح أن النون والراء اشتركتا في المخرج من طرف اللسان وما يحاذيه من لثة الثَّنيتَين العُلْيَيَيْن إلا أن الراء أدخل إلى ظهر اللسان من مخرج النون. وهذا هو الفرق بينهما فاعرفه.
    وقد أشار الإمام ابن برِّي إلى مذهب الفراء والجمهور معاً بقوله رضي الله عنه :
    واللامُ من طرفه والرَّاء... والنون هكذا حكى الفرَّاءُ
    والحقُّ أنَّ قد تناهى... له من الحافة من أدناها
    والراءُ أدخَلُ إلى ظهر اللسانْ... من مخرج النُّون فدونك البيان اهـ

    الثامن : " طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا "
    ويخرج منه ثلاثة أحرف :الطاء فالدال المهملتان فالتاء المثناة فوق.
    التاسع : " طرف اللسان ومن فوق الثنايا السفلى مع إبقاء فرجة قليلة بين طرف اللسان والثنايا عند النطق
    "ويخرج منه ثلاثة أحرف : الصاد فالزاي فالسين.
    العاشر :" طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا أي رؤسها "
    ويخرج منه ثلاثة أحرف :الظاء فالذال المعجمتان فالثاء المثلثة
    وقد أشار إلى مخارج اللسان العشرة الحافظ ابن الجزري في الطيبة والمقدمة الجزرية بقوله :
    ... ... ... والقافُ... أقصى اللسانِ فوقُ ثمَّ الكافُ
    أسفلُ والوسْطُ فجيمُ الشين يا... والضَّاد من حافتهِ إذْ ولِيَا
    لاضراس من أيسرَ أو يُمناها... واللامُ أدناها لمُنتهاها
    والنُّون من طرفهِ تحتُ اجْعَلُوا... والرَّا يُدانيهِ لظَهْرِ أدْخَلُوا
    والطاءُ والدالُ وتَا مِنْهُ ومنْ... عُليا الثَّنايا والصفيرُ مُستكِنْ
    منهُ ومنْ فوق الثنايا السُّفلى... والظاءُ والذالُ وثا للعُليَا
    منْ طَرَفيْهِما... ...

    المخرج الرابع : الشفتان :
    ويخرج منهما مخرجان لأربعة أحرف فيخرج من الأول حرف واحد ومن الثاني ثلاثة وهما على النحو التالي :
    الأول : " باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا "
    ويخرج منه :الفاء.
    الثاني : " ما بين الشفتين معاً "
    ويخرج منه ثلاثة أحرف وهو : الواو والباء الموحدة والميم .
    لكن بانطباقهما في الميم والباء وانفتاحهما في الواو أو انضمامهما وانطباق الشفتين في الباء أقوى من انطباقهما في الميم .
    ونعنى بالواو هنا الواو غير المدية وهي المتحركة مطلقاً أو الساكنة بعد فتح كخوف.

    المخرج الخامس والأخير : الخيشوم :
    وهو خرق الأنف المنجذب إلى داخل الفم .
    وقيل هو أقصى الأنف
    ويخرج منه مخرج واحد هو: مخرج الغنة أي صوتها لا حروفها .
    وقد أشار إلى مخرج الشفتين الحافظ ابن الجزري في الطيبة والمقدمة والجزرية بقوله :
    ... ... ومنْ بطنِ الشِّفَهْ... فالفا معَ اطرافِ الثَّنايَا المُشْرِفهْ
    للشفتين الواوُ باءُ ميمُ... وغُنَّةٌ مخرَجُها الخيشومُ

    وإلى هنا انتهى كلامنا على مخارج الحروف على مذهب الجمهور والله ولي التوفيق .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    ألقاب الحروف
    وهي تسعة ألقاب لقبها بها الخليل بن أحمد في أول كتاب العين وهي مشتقة من أسماء المواضع التي تخرج منها وهي :
    الأول : الحروف الجوفية وهي :
    حروف المد الثلاثة - الألف - ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحاً - والواو - الساكنة المضموم ما قبلها - والياء - الساكنة المكسور ما قبلها ويجمع الكل لفظ (نوحيها)
    وتلقب أيضاً بالمدية لامتداد الصوت بها .
    وتلقب أيضاً بحروف العلة لما يعتريها من القلب والإبدال والإعلال .

    الثاني : الحروف الحلقية وهي :
    الهمزة والهاء والعين والحاء المهملتان والغين والخاء المعجمتان ولقبت بذلك لخروجها من الحلق .
    وفي ذلك يقول الإمام ابن بري في الدرر وهو ممن أخذ بمذهب سيبويه :
    فالهاءُ والهمزةُ ثمَّ الألفُ... من آخر الحلقِ جميعاً تُعرفُ
    والعين من وسطهِ والحاءُ... والغين من آخره والخاءُ أهـ

    الثالث : الحروف اللهوية وهما حرفان :
    القاف والكاف ويقال لهما : اللهويان نسبة إلى "اللهاة"
    الرابع : الحروف الشجرية وهي :
    الجيم والشين والياء ولقبت بذلك لخروجها من شجر الفم أي وسط الفم.
    الخامس : الحروف الذلقية بفتح اللام وسكونها وهي:
    اللام والنون والراء ولقبت بذلك لخروجها من ذلق اللسان وهو طرفه .
    السادس : الحروف النطعية بكسر النون وفتح الطاء وهي :
    الطاء والدال المهملتان والتاء المثناة فوق
    قال العلامة المارغني في النجوم الطوالع :
    وتسمى هذه الأحرف الثلاثة نطعية لمجاورة مخرجها نطع غار الحنك الأعلى وهو سقفه لا لخروجها منه .
    السابع : الحروف الأسلية وهي:
    الصاد والسين المهملتان والزاي ولقبت بذلك لخروجها من أسلة اللسان أي طرفه
    الثامن : الحروف اللثوية وهي :
    الظاء والذال المعجمتان والثاء المثلثة ولقبت بذلك لخروجها من قرب اللثة لا منها .
    التاسع : الحروف الشفوية أو الشفهية وهي :
    الفاء والواو غير المدية والباء الموحدة والميم ولقبت بذلك لخروجها من الموضع الذي تخرج منه وهو باطن الشفة السفلى بالنسبة للفاء وللشفتين معاً بالنسبة لغيرها .
    العاشر : الحروف الهوائية :
    وهي حروف المد الثلاثة ولقبت بذلك لانتشار هوائها في الفم حال النطق بها .

    قال صاحب لآلىء البيان :
    وأحرفُ المدَّ إلى الجوفِ انتمت... وهكذا إلى الهواء نُسبتْ
    وأحرف الحلقِ أتتْ حلقيَّهْ... والقاف والكاف معاً لهويَّهْ
    والجيم والشين وياء لقِّبتْ... مع ضادها شجرية كما ثبتْ
    واللام والنون ورا ذلقيَّهْ... والطاءُ والدالُ وتا نطعيَّهْ
    وأحرفُ الصَّفير قلْ أسْليَّهْ... والظاءُ والذالُ وثا لثويَّة
    والفا وميمُ با واوٌ سُمِّيتْ... شفوية فتلك عشرة أتتْ أهـ

    والله تعالى أعلى وأعلم .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    صفات الحروف
    الصفات : جمع صفة .
    وهي في اللغة : ما قام بالشيء من المعاني حسيًّا كان "كالبياض والصفرة والحمرة واللمس " أو معنويًّا "كالعلم والأدب ".
    وفي الاصطلاح : كيفية تعرض للحرف عند النطق به كجريان النفس في الحروف المهموسة وعدم جريانه في الحروف المجهورة وما إلى ذلك .
    فوائد معرفة صفات الحروف مهمة وجليلة منها :
    1- تمييز الحروف المشتركة في المخرج إذ لولاها لكانت تلك الحروف حرفاً واحداً فمن ذلك : الطاء المهلمة فلولا انفرادها بالاستعلاء والإطباق والجهر لكانت تاءاً لاتفاقهما في المخرج.
    والذال المعجمة لولا الاستفال والانفتاح اللذان فيها لكانت ظاءاً معجمة لاتفاقهما في المخرج أيضاً.
    2- تحسين لفظ الحروف المختلفة في المخرج .
    3- معرفة قوي الحروف وضعيفها ليعلم ما يجوز فيه الإدغام وما لا يجوز إلى غير ذلك من الفوائد.

    اختلف العلماء في عدد صفات الحروف ، والقول المشهور عند الجمهور هو سبع عشرة صفة وهو الذي اختاره الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية والطيبة .
    تنقسم الصفات إلى قسمين :
    الأول : الصفات الأصلية - اللازمة.
    الثاني : الصفات العرضية.
    أما الصفات الأصلية فهي : الملازمة للحرف لا تفارقه بحال من الأحوال كالجهر والاستعلاء والإطباق والقلقلة .
    وأما الصفات العرضيَّة فهي : التي تعرض للحرف في بعض الأحوال وتنفك عنه في البعض الآخر لسبب من الأسباب كالتفخيم والترقيق والإظهار والإدغام والمد والقصر .

    يتبع بإذن الله

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2016
    المشاركات
    578

    افتراضي

    ماشاءَ اللهُ،ننتظرُ الخيرَ.
    كتبَ اللهُ أجركِ أختي الفاضلةَ وجزاكِ خيرَ الجزاءِ.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم يعقوب مشاهدة المشاركة
    ماشاءَ اللهُ،ننتظرُ الخيرَ.
    كتبَ اللهُ أجركِ أختي الفاضلةَ وجزاكِ خيرَ الجزاءِ.
    ولك بالمثل أختي الغالية أم يعقوب ، مرورك الكريم لموضوعي زادني سرورا .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    أولا الصفات الأصلية
    تنقسم الصفات الأصلية إلى قسم له ضد وهو خمس وضده كذلك وتسمى هذه الصفات ذوات الأضداد. وقسم لا ضد له وهو سبع .
    الصفات ذوات الأضداد عشر وهي كالآتي :
    الجهر وضده الهمس. والرخو وضده الشدة والتوسط معاً. والاستفال وضده الاستعلاء. والانفتاح وضده الإطباق. والإصمات وضده الإذلاق.
    وأما الصفات التي لا ضد لها فسبع وهي : الصفير، والقلقلة، واللين، والانحراف، والتكرار، والتفشي، والاستطالة.
    وسنتكلم أولاً على كل صفة وضدها على حدة إلى أن تنتهي ذوات الأضداد ثم نعقب بالكلام على الصفات السبع التي لا ضد لها فنقول وبالله التوفيق.

    الصفة الأولى : الهمس
    وهو في اللغة :
    الخفاء.
    وفي الاصطلاح :
    ضعف التصويت بالحرف لضعف الاعتماد عليه في المخرج حتى جرى النفس معه فكان فيه همس أي خفاء ولذا سمي مهموساً .
    وحروفها عشرة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله :
    "فحثه شخص سكت"
    وهي الفاء والحاء والثاء المثلثة والهاء والشين والخاء والصاد والسين والكاف والتاء المثناة فوق.
    الصفة الثانية : الجهر وهو ضد الهمس
    ومعناه في اللغة :
    الإعلان والإظهار.
    وفي الاصطلاح :
    قوة التصويت بالحرف لقوة الاعتماد عليه في المخرج حتى منع جريان النفس معه فكان فيه جهر أي إعلان وإظهار ولذا سمي مجهوراً .
    وحروفه تسعة عشر حرفاً وهي الأحرف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الهمس العشرة السابقة
    ويؤخذ من التعريف الاصطلاحي لصفتي الجهر والهمس :
    أن الفرق بينهما قائم على عدم جريان النفس في الأول وجريانه في الثاني .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي

    جزاكِ الله خيرا أم أروى ونفع بك، واصلي وصلكِ الله بهداه
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي

    كيف التخلص من تفخيم الراء؟!
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    جزاكِ الله خيرا أم أروى ونفع بك، واصلي وصلكِ الله بهداه
    جُزيتِ الجنة أختي على اهتمامك ، ونفعنا الله جميعا بهذا العلم .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    كيف التخلص من تفخيم الراء؟!
    الراء هو الحرف الوحيد الذي له سبع صفات وهي :
    الجهر - التوسط - الإستفال - الإنفتاح - الإذلاق - الإنحراف - التكرير
    والراء من الحروف التي تتميز بالقوة ، وهي من الحروف المتوسطة المجهورة .
    ومن الأخطاء التي يقع فيها القارئ عند النطق بالراء :
    1- إلصاق طرف اللسان بسقف الحنك الأعلى لصقا شديدا مما يؤدي إلى حصر الصوت ويجعلها شديدة فهي من الحروف التي لا يجري معها نفس وإنما يجري معها صوت فقط .
    وهنا يجب إنزال اللسان أسفل الحنك قليلا إذا كانت الراء مرققة لتجنب التفخيم فيؤدي إلى عدم حصر الصوت .
    2- وضع طرف اللسان إلى قرب وسط الحنك الأعلى وزيادة تقعره فتظهر الراء كالألثغ .
    3- تكرير الراء وللتخلص من التكرير ترك فرجة بسيطة تنتج من تقعر اللسان .

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,610

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم أروى المكية مشاهدة المشاركة
    1- إلصاق طرف اللسان بسقف الحنك الأعلى لصقا شديدا مما يؤدي إلى حصر الصوت ويجعلها شديدة فهي من الحروف التي لا يجري معها نفس وإنما يجري معها صوت فقط .
    وهنا يجب إنزال اللسان أسفل الحنك قليلا إذا كانت الراء مرققة لتجنب التفخيم فيؤدي إلى عدم حصر الصوت .
    هذه المشكلة، جزاكِ الله خيرا،، اللهم بارك الموضوع واضح وشرح ميسر نفع الله بك .
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    تابع صفات الحروف التي لها ضد
    الصفة الثالثة : الشدة .
    معناها في اللغة :
    القوة
    وفي الاصطلاح :
    لزوم الحرف لموضعه لقوة الاعتماد عليه في المخرج حتى حبس الصوت عن الجريان معه فكان فيه شدة أي قوة ولذا سمي شديداً
    وحروفها ثمانية جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله :
    "أجد قط بكت"
    وهي الهمزة والجيم والدال والقاف والطاء والباء الموحدة والكاف والتاء المثناة فوق.
    والتوسط : أي بين الشدة والرخو
    معناه في اللغة :
    الاعتدال
    وفي الاصطلاح :
    كون الحرف بين الصفتين (أي بين صفة الشدة وصفة الرخو ) بحيث يكون عند النطق به ينحبس بعض الصوت معه ويجري بعضه ولذا سمي متوسطاً.
    وحروفه خمسة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله :
    "لن عمر"
    وهي اللام والنون والعين والميم والراء.
    الصفة الرابعة : الرخو وهو ضد الشدة والتوسط
    ومعناه في اللغة :
    اللين
    وفي الاصطلاح :
    ضعف لزوم الحرف لموضعه لضعف الاعتماد عليه في المخرج حتى جرى معه الصوت فكان فيه رخو أي لين ولذا سمي رخواً.
    وحروفه ستة عشر حرفاً وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الشدة الثمانية وحروف التوسط الخمسة .
    ويؤخذ مما سبق توضيحه أن الحروف الهجائية موزعة على صفة الشدة والتوسط والرخو فما كان من حروف "أجد قط بكت" فهو من صفة الشدة وما كان من حروف "لن عمر" فهو من صفة التوسط وما ليس منهما فهو من صفة الرخو
    تنبيه:
    يؤخذ من التعريف الاصطلاحي للصفات الثلاث ونعني بها الشدة والتوسط والرخو أن الفرق بينهن قائم على حبس جريان الصوت في الشدة وجريانه في الرخو وعدم كمال جريانه في التوسط .


  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    الصفة الخامسة : الاستعلاء
    وهو في اللغة : الارتفاع
    وفي الاصطلاح : ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف فيرتفع الصوت معه ولذا سمي مستعلياً
    وحروفه سبعة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله :
    "خص ضغط قظ" وهي الخاء والصاد والضاد والغين والطاء والقاف والظاء".

    الصفة السادسة : الاستفال وهو ضد الاستعلاء
    ومعناه في اللغة : الانخفاض وقيل الانحطاط.
    وفي الاصطلاح : انخفاض اللسان أو انحطاطه عن الحنك الأعلى عند النطق بالحرف فينخفض معه الصوت إلى قاع الفم ولذا سمي مستفلاً
    وحروفه اثنان وعشرون حرفاً وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الاستعلاء السبعة المتقدمة.
    ومن هنا يؤخذ أن حروف الهجاء موزعة على الصفتين فما كان من حروف "خص ضغط قظ" فهو مستعل وما كان من غيرها فهو مستفل.

    تنبيه :
    1- أن الفرق لهاتين الصفتين قائم على ارتفاع اللسان بالحرف إلى الحنك الأعلى عند النطق به أو انخفاضه عنه فما كان من الحروف مرتفع مع اللسان فهو مستعل وما كان منها منخفض معه فهو مستفل.
    2- ويترتب على صفة الاستفال الترقيق لحروفها كما يترتب على صفة الاستعلاء التفخيم لحروفها .

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    الصفة السابعة : الإطباق
    ومعناه في اللغة : الالتصاق.
    وفي الاصطلاح : انطباق طائفة - أي جملة - من اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف وانحصار الصوت بينهما ولذا سمي مطبقاً .
    وحروفه أربعة وهي : (الصاد والضاد والطاء والظاء) وأقوى حروف الإطباق الطاء المهملة لجهرها وشدتها وأضعفها الظاء المعجمة لرخاوتها، وأما الصاد والضاد فمتوسطتان.
    ومعنى انطباق اللسان أي قربه من الحنك الأعلى عند النطق بهذه الأحرف زيادة عن قربه منه عند غيرها من حروف الاستعلاء .
    واعلم أن الإطباق أبلغ وأخص من الاستعلاء فكونه أبلغ لأن اللسان عند النطق بحروفه يرتفع بها إلى الحنك الأعلى وينطبق بخلاف الاستعلاء فإن اللسان يرتفع بحروفه فقط ولا ينطبق بها ولذا خصت حروف الإطباق من بين حروف الاستعلاء بتفخيم أقوى .
    " فكل مطبق مستعل وليس كل مستعل مطبقاً ".

    الصفة الثامنة : الانتفاح وهو ضد الإطباق
    ومعناه في اللغة : الافتراق.
    وفي الاصطلاح : انفتاح ما بين اللسان والحنك الأعلى عند النطق بالحرف فلا ينحصر الصوت بينهما ولذا سمي منفتحاً .
    وحروفه خمسة وعشرون حرفاً وهي الحروف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الإطباق الأربعة .
    تنبيه :
    1- يؤخذ من هذا أن حروف الهجاء موزعة على الصفتين فما كان من حروف الإطباق الأربعة فمطبق وما كان من غيرها فمنفتح .
    2- أن الفرق لصفتي الإطباق والانفتاح قائم على انطباق اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف وانفتاحه عنه ، فما انطبق معه اللسان إلى الحنك الأعلى فمطبق ، وما انفتح اللسان عن الحنك الأعلى فمنفتح.

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,410

    افتراضي

    الصفة التاسعة : الذلاقة
    معناها في اللغة : الفصاحة والخفة
    وفي الاصطلاح : الاعتماد عند النطق بالحرف على ذلق اللسان والشفة
    وحروفها ستة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله :
    "فِرَّ مِنْ لُبِّ" وهي الفاء والراء والميم والنون اللام والباء الموحدة.
    وسميت بذلك لذلاقتها أي خفتها وسرعة النطق بحروفها لأن بعضها يخرج من ذلق اللسان أي طرفه وهو الراء واللام والنون وبعضها يخرج من ذلق الشفة وهو الفاء والباء والميم وكما تسمى بالذلاقة تسمى بالحروف المذلقة وبحروف الإذلاق وكلها ألفاظ مترادفة .

    الصفة العاشرة : الإصمات وهو ضد الذلاقة
    ومعناه في اللغة : المنع
    وفي الاصطلاح : منع حروفه من أن يبنى منها وحدها في كلام العرب كلمة رباعية الأصول أو خماسية لثقلها على اللسان فلا بد من أن تكون في الكلمات الرباعية الأصول أو الخماسية حرف من الحروف المذلقة لتعدل خفته ثقل حرف الإصمات ولهذا سميت بالحروف المصمتة.
    هذا : وحروف الإصمات ثلاثة وعشرون حرفاً هي الباقية من حروف الهجاء بعد الحروف الستة المتقدمة للذلاقة.
    ويؤخذ من هذا أن حروف الهجاء موزعة على صفتي الذلاقة والإصمات فماكان من حروف "فر من لب" فمذلق وما كان من غيرها فمصمت.
    تنبيه :
    اعلم أن صفة الإذلاق وضدها صفة الصمت لا دخل لهما في تجويد الحروف.
    وهنا قد انتهى كلامنا على الصفات العشر ذوات الأضداد وهي التي أشار إليها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة بقوله :
    صفاتُها جهرٌ ورخوٌ مستفل... منفتح مصمتةٌ والضدَّ قُلْ
    مهموسُها (فحثَّهُ شخصٌ سكت... شديدها لفظٌ (أجد قط بَكَتْ)
    وبين رخو والشديد (لن عُمَرْ)... وسبعُ عُلْوٍ (خُصَّ ضغطٍ قظْ) حصرْ
    وصادُ ضاد طاءُ ظاءٌ مُطبقهْ... وَ (فِرَّ مِنْ لبِّ) الحروف المذلَقَهْ


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •