نظرة أمل نحو الألم


عبدالله عبدالكريم الراشد



تتلاشى الكلمات وتضيع المفردات عند وصف الألم، فهو يؤلمك حتى في وصفه، وهو ذلك الشعور البغيض على النفس، الحاد في التأثير، يهرب الناس منه ولا يتمنون لقاءه أبدا، بل إن بعضهم جلّ أمانيه أن يعيش بلا ألم، فهل نرجوا أن تكون حياتك خالية من الألم؟؟ لا تجب الآن، بل أجب بعد قراءة القصة الآتية: أتى محمد إلى الدنيا وقد ابتلي بمرض نادر وغريب، فهو لا يشعر بالألم أبدا، وفي البداية ظن الوالدان أنه أمر جيد، فلا صراخ يداهمهما وسط الليل ولا بكاء مزعجا يخترق الآذان، لكن سرعان ما تبدل الحال، ففي يوم من الأيام ذهبت الأم إلى طفلها لتشاهده وهو قد التهم أصابعه دون أن يشعر، فأصبح مشوّه اليدين بلا أصابع. ولا تقتصر المعاناة عند هذا الحد، فالوالدان بمهمة يومية وعليهما أن يراقبا طفلهما على الدوام حرصا على ألا يؤذي نفسه من دون قصد، ولا أدري كيف سيعيش الطفل على هذه الحال، فقد يصيبه المرض وهو لايعلم، وحتى إذا ذهب إلى المعالج فماذا سيفعل له؟ إذا كان لا يعلم أين موطن الخلل ولا نبالغ إذا قلنا: إن الأستفادة من الألم تكمن في مجالات متعددة، فكما بينا يشير الألم إلى موطن المرض مما يتيح للإنسان فرصة معالجته، وهو أيضا وسيلة من وسائل تكفير الذنوب والخطايا كما أخبرنا المصطفى [: «مَا مِنْ مَرَضٍ أَوْ وَجَعٍ يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ، إلا كَانَ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ»، وهو مؤشر يتيح للإنسان فرصة إعادة حساباته وترتيب أوراقه، فإذا كانت علاقاتك مع من حولك مثخنة بالآلام يجب عليك أن تراقب سلوكك الاجتماعي وتصرفاتك مع غيرك، وإذا كنت تعاني الآلام القلبية: كضيق الصدر والهم والكدر الدائم، فعليك أن تراجع علاقتك مع خالقك وتصفي قلبك من الشوائب كالحقد والحسد والرياء والعجب.


وأود أن أوضح لعزيزي القارئ أنني لست هنا بصدد الدعوة إلى التصرف بطريقة مثالية أو العيش بمنظور خيالي تحت شعار: استمتع بالألم، ولكن هي مجرد كلمات وخواطر تسلي وتصبّر النفس وتحثها على مقارعة مصائب الحياة وآلامها؛ يقول تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} (البقرة: 216).