الإسلام: هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.
وهذه الجملة تنطبق على ديانة كل رسول؛ لأنها مشتملة:
* أولا على التوحيد, الاستسلام لله بالتوحيد، لأن الشرك باطل في كل ملة.
* ثم الانقياد لله جل وعلا بالطاعة وترك اتباع الهوى في الأوامر والنواهي، والطاعة هنا تندرج في طاعة كل رسول خُوطب العبد بأن يتبعه بحسب الزمان والمكان.
* والبراءة من الشرك وأهله، هذه فيها الكفر بالطاغوت، وبُغض الشرك، وبُغض أهل الشرك لما هم عليه من عبادة غير الله جل وعلا، كما قال جل وعلا ?وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ?[النحل:36].
هذا يعم جميع المرسلين في الإتيان بالتوحيد والاستسلام لله جل وعلا بالتوحيد، فكل رسول أمر أن يعبد الله وحده لا شريك له.
والجملة الثانية وهي الانقياد له بالطاعة فيدل عليها الله جل وعلا ?وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ?[النساء:64].
والجملة الثالثة وهي قوله والبراءة من الشرك وأهله هذه يدل عليها قوله تعالى ?قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ?[الممتحنة:4]الآية, قوله (فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) يعني من المرسلين من كانوا على دينه الحنيفية دين الإسلام، (إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ) يعني لأقوامهم، وهذا دليل على الجملة الثالثة من تعريف الإسلام العام.
وأعظم من خُصَّ بكمال هذه الجمل الثلاث هو محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وما مَنَّ الله عليه من الرسالة، فالإسلام الخاص له من هذه الثلاث أكمل ما أُمر به نبي.
فمن جهة الاستسلام لله بالتوحيد فهذا أكمل ما جاء في دين محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ والانقياد للرسول بالطاعة أكمل ما جاء في دين محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ.
والبراءة من الشرك وأهله أكمل ما جاء في دين محمد عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ فصار له عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ من الأمر بهذا الإسلام أعظم مما لغيره من الأنبياء عليهم سلام الله أجمعين.
لهذا يدخل في قوله هنا (باب وجوب الدخول في الإسلام) يعني هذا الإسلام وهو الاستسلام لله بالتوحيد فهذا واجب الدخول فيه، وأن يستسلم المرء لله جل وعلا بالتوحيد، وأن يترك البدع الشركية والمحدثات الوثنية وكل عقيدة فيها شرك وفيها كفر وفيها ضلال من جهة التشريك سواء أكان أكبر أم أصغر، هذا كله واجب الدخول في التوحيد وللاستسلام لله جل وعلا به؛ يعني بالتوحيد بجميع أنواعه -توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات-، والحذر من ضده والبعد عنه وهو الشرك بأنواعه.
كذلك الانقياد للرسول ( بالطاعة، كذلك البراءة من الشرك وأهله كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
إذن مراد المؤلف هنا في قوله (باب وجوب الدخول في الإسلام) أنه يجب على الناس أن يدخلوا في الإسلام.
والإسلام هذا الذي يجب الدخول فيه كما ذكرنا لك صنفان: عقيدة وشريعة، وإذا كان كذلك فمسائل الإسلام متنوعة متعددة، كما قال جل وعلا ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً?[البقرة:208]، يعني أدخلوا في الإسلام كله، وهذا يدل على وجوب الدخول في كل الإسلام وعدم التفريق بين أمر وأمر فيه من جهة قبوله واعتقاده.
إذا تبين هذا، فهذا الوجوب في قوله (وجوب الدخول في الإسلام) نوعان:
وجوبٌ تركه كفر: لأن الإسلام منه ما إذا تُرِك فهو كفر، كترك التوحيد أو فعل الشرك الأكبر، أو نحو ذلك من المكفرات.
والثاني وجوبٌ تركه محرم على العبد: وهذا المحرم يكون: تارة يكون كبيرة وتارة يكون صغيرة. لهذا فكل عقيدة أو شريعة وكل أمر سواء أكان أمرا علميا أو أمرا عمليا، ويقابله النهي، واجب على العباد الدخول فيه، فمن تركه ترك الواجب، وهذا الترك قد يكون كفرا، وقد يكون محرما، وليس بكفر، بحسب نوع ما تُرِك من العقائد والشرائع.
من محاضرة الشيخ صالح ال الشيخ بعنوان فضل الاسلام