دور الشباب في بناء أمّتهم

مصطفى دياب

تحت العشرين

إشراف الشيخ: مصطفى دياب

إن الشباب هم قوة الأمة وعماد نهضتها، ومبعث عزتها وكرامتها، وهم رأس مالها وعدة مستقبلها، هم ذخرها الثمين وأساسها المتين، عزهم عزنا، وضعفهم ضعفنا، وخسارتهم خسارتنا؛ فدورهم في الحياة دور عظيم جدًّا، فعلى أكتافهم قامت الحضارات، وبجهودهم نهضت الأمة الإسلامية على مر العصور واختلاف المجالات، من هنا كانت هذه الصفحة.

دور الشباب في بناء أمّتهم

لشباب الأمّة دور كبيرٌ تجاه أوطانهم وأُمَّتِهم، ومن بين تلك الأدوار ما يلي:

(1) معرفة الغاية التي خلق من أجلها

أن يتعرّف الغاية التي من أجلها خلقه الله وأوجده في الحياة، فيعمل على تحقيقها بطريقة سليمة وصحيحة، يعبد ربّه في كل زمان، وتحت أيّ ظرف، ويستخدم وسائل العبودية وفقًا لما يرضيه -عزّ وجلّ-، ومعرفة الغاية أول طريق الالتزام بالدين التزامًا وسطيًّا يجلب الخير للناس.

(2) أن يعيش بالإسلام قولا وسلوكًا

والأمر الثاني على الشاب أن يعيش بالإسلام قولا وسلوكًا؛ فيَسْلَم الناس من لسانه ويده، وإذا رآه الناس بهديه وسمته الإسلامي رأوْا الإسلام في شخصيته، فيكون بذلك سببًا في إقامة الإسلام في الأرض.

(3) أن يطور مهاراته

كما نريد من شبابنا أن يُطوّروا مهاراتهم، ويعملوا على تنمية طاقاتهم عبر العلم التخصصـي، والمهارات المكتسبة من دورات تدريبية متخصصة، تحقيقًا لقول الله -تعالى-: {اقـرأ باسم ربك الذي خلق}. فمن برع في مجال تخصصه العلمي (الطب، الصيدلة، الهندسة، الفيزياء، الكيمياء، الجيولوجيا......) فقد خدم أمة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ونريد مع هذا العلم معرفة بالله -تعالى- ومخافة من الله.

(4) نشر الخير من القول والفعل

وعلى الشباب نشر الخير من القول والفعل: عن طريق استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في مرضاة الله -تعالى-، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»، فساهم أيها الشاب في نشـر ما يرضي مولاك لا ما يغضبه.

(5) السعي لإصلاح الآخر

ومن الواجبات المهمة على الشباب السعي لإصلاح غيره بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق واللين، فمن تلذّذ بالصلاح لا يترك صديقه أو زميله يهوي إلى هاوية الفساد والضلال، بل يتحرك بما أوتي من علم وحكمة وفهم في دعوته والأخذ بيده إلى الله -تعالى-، من منطلق قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خيرٌ لك من الدنيا وما فيها».

الرسول - صلى الله عليه وسلم - كأنك تراه

كان - صلى الله عليه وسلم - شديد سواد الشعر يضرب شعره منكبيه، أزج أقرن (المتقوس الحاجبين المتصل أحد الجانبين بالأخر)، أدعج العينين (شدة سواد العين)، أشكل (في بياض عينيه حمرة)، أكحل (أسود جفونهما خِلْقَةً)، أهدب الأشفار (طويل الأشفار «منبت شعر الجفن»)، ضليع الفم (واسع الفم)، كَث اللحية (كثير شعر اللحية)، ضَخْم الرأس، أزهر اللون ليس بالأبيض الأمْهَق ولا بالآدم، عريض الصدر، لم تُعِبْهُ ثَجْلة (عِظَم البطن)، شَثْن الكفين والقدمين (غليظ الكفين والقدمين)، ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير.

من روائع حضارتنا


وصلت رسالة إلى خليفة المسلمين في (الأندلس) أيام التقدم العظيم التي كانت عليه حضارتنا، جاء في هذه الرسالة: «من جورج الثاني ملك (إنجلترا) و(السويد) و(النرويج) إلى الخليفة ملك المسلمين في «الأندلس» صاحب العظمة «هشام الثالث» الجليل المقام، بعد التعظيم والتوقير، فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج من هذه الفضائل؛ لتكون بدايةً حسنة في اقتفاء أثركم؛ لنشر العلم في بلادنا التي يسودها الجهل من أركانها الأربعة، ولقد وضعنا ابنة شقيقنا الأمير (دوبابت) على رأس بعثة من بنات أشراف «إنجلترا» للتشرف بلثم أهداب العرش «بتقبيل أياديكم» تعظيمًا لتكون مع زميلاتها موضوع عناية عظمتكم، وحماية الحاشية الكريمة، وعطف من اللواتي سيتوفرن على تعليمهن، ولقد أرفقت مع الأميرة الصغيرة هدية متواضعة لمقامكم الجليل، أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب الخالص».



علو الهمة


- مشى أحمد بن حنبل ثلاثين ألف ميل في طلب الحديث، وحفظ ألف ألف أثر، وترك المسند أربعين ألفاً.

- سافر جابر بن عبد الله في طلب حديثٍ واحد إلى مصر شهراً، وسافر ابن المسيب ثلاثة أيامٍ في مسألة.

- كرر المزني رسالة الشافعي خمسمائة مرة، وكرر عالم أندلسي صحيح البخاري سبع مائة مرة.

- صنف ابن عقيل الفنون ثمانمائة مجلد، وكان يأكل الكعك على الخبز ليوفر قراءة خمسين آية.

- كتب ابن تيمية في اليوم أربعة كراريس، تفرغ الواحدة منها في أسبوع، ويؤلف كتاباً كاملاً في جلسةٍ واحدة، وكتب عنه أكثر من ألف مؤلف.

- بقي عطاء بن أبي رباح ينام في المسجد ثلاثين سنة في طلب العلم، وما فاتت تكبيرة الإحرام الأعمش ستين سنة.

- أجرى (أديسون) مكتشف الكهرباء عشرة آلاف تجربة على بطارية كلها أخطأت فواصل حتى نجح، وأقام (آينشتاين) عمره كله في النظرية النسبية، وجمع من براية أقلام ابن الجوزي ما أدفأ به ماء غسله عند الموت.



صلاتك حياتك


كيف تبحث عن السعادة وهي تناديك خمس مرات في اليوم: حي على الصلاة، حي على الفلاح؟! وإذا هجرت الصلاة فاعلم أن الراحة والبركة قد هجرت حياتك.

كل المهالك في سجودك تنقضي

والبؤس ينسى والمواجع تنتهي

الصحبة

قال الفاروق عمر بن الخطاب -رضى الله عنه-: «ما أُعطِيَ العبد بعد الإسلام نعمة خيرا من أخ صالح، فإذا وجد أحدكم ودًّا من أخيه فليتمسك به»، قال -تعالى-: {وَسِيقَ الذِينَ اتَّقَوا رَبَّهُم إِلى الجَنَّةِ زُمَرًا} يقول ابن القيم مفسرا هذه الآية: يَأبى الله أن يُدخل الناس الجنة فُرادى، فكل صُحبة يدخلون الجنة سَويًا.



أحب إليّ من نفسي

لَمَّا صلب المشركون خُبيب بن عدي - رضي الله عنه - في مكة تجمَّعوا حوله في شماتة، وشحذ الرماة رماحهم لتمزيق هذا الجسد الطاهر في جنون ووحشية؛ فالتفت إليهم خُبيبٌ قائلاً: «دعوني أركع ركعتين»، فتركوه؛ فصلاهما، فلمَّا سلَّم قال: «والله لولا أن تقولوا أن ما بي جَزَعٌ لزدت»؛ فاقترب منه أبو سفيان قائلاً: أيسرك أن محمدًا عندنا تُضرب عنقه وأنك في أهلك؟ فقال: «لا والله، ما يسرني أني في أهلي وأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - في مكانه الذي هو فيه تُصيبه شوكة تؤذية».



المراقبة


لا شكَ أن أحدنا إذا عَلِمَ أنه مُرَاقَب فإنه يُبالغ في الانضباط، يُبالغ في مراجعةِ نفسهِ، في كلماتهِ، وفي حركاتهِ، وفي سكناتهِ، هذا إذا راقبه إنسان، والإنسان مراقبتهُ محدودة، يستطيع أن يكتب ما قلت، وأن يُصوّر ما تحركت، ولكنهُ لا يستطيع أن يكشف ما في نفسك، ولا ما في ذهنك، المراقبة المحدودة من قِبِلِ إنسان ضعيف مثلك، تدعوك إلى الانضباط التام، فكيف لو علمت أن الواحد الديّان يُراقبك؟ وأن الله -عز وجل- الذي يعلم السر وأخفى مطلع عليك؟ ناظر إليك، يعلم سِرك وجهرك، وما أخفيت وما أعلنت، {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا}.