تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 21

الموضوع: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2021
    المشاركات
    10

    Question ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    تحدث معى احدَ الاشاعرة فاتى بعدة مزاعم :
    1- ان دعاء غير الله ليس بشرك وكذلك الاستغاثة بالله، ما دام لم يعتقد فيه الاستقلالية
    2- ان القرآن ملئ بالمجاز : مثل قوله (وسئل القرية التى كُنا فيها والعير التى اقبلنا فيها وانا لصادقون) .. الخ
    3- ان تفسير اهل السنة لقوله (أامنتم من فى السماء) اى على السماء، او فى العلو
    من باب المجاز لان (فى) هنا ظرفية على الاصل، واما كونها تأتى بمعنى على فهذا مجاز
    فأهل السنة هنا اولوا لانهم صرفوا اللفظ عن ظاهرة الى ما يخالف ظاهرة كذا زعم
    4- الاستدلال على جواز التوسل بالاموات بحديث عمر (كنا نتوسل اليك بنبينا والان نتوسل اليك بعم نبينا)
    وعندما اجبته بانه عند وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -، عمر ترك التوسل بالنبى، وتوسلَ بالعباس، ولو كان التوسل بالميت جائز لما عدل عنه
    قال لى : لماذا عدل عُمر عن التوسل باسماء الله وصفاته الى التوسل بالعباس ؟
    5- انه لا يوجد احد من الامة يعبد القبور، وانما هذا افتراء من الوهابية
    6- الاستدلال بأنه على حقٍ، لانه عنده علم (مُغالطة التحاكم للسلطة)
    7- ان الاشاعرة لا يقولون بان معنى لا اله الا الله، لا خالق الا الله، وان هذا افتراء عليهم !!
    8- ان الدعاء والنذر والاستغاثة من مسائل الفقة والفروع ، وليس من مسائل الأُصول والاعتقاد
    10- لا يكفر احدًا وان جحد امرًا معلومًا من الدين بالضرورة، الا بعد ان تقام عليه الحُجة ..
    لو استحل الانسان الزنا لا يكفر !
    11- اننى عندما قلت له : بانه اقرب الى عباد القبور، من المسلمين
    زعم ان هذا سب وشتمُ له، وليس بأدب ولا توقير !!
    12- ان الاشاعرة لا يُقدمون العقل على النقل
    13- ان تقسيم التوحيد الى ثلاثة خطأ
    14- الاستدلال بحديث الاسراء والمعراج، ومساعدة موسى للنبى (صلى الله عليه وسلم)، على جواز دعاء الاموات
    15- ان سؤال اصحاب القبور ما يقدرون عليه ليس بشرك
    16- ان ابن عثيمين قال فى شرح كتاب التوحيد : بان كفار قريش كانوا اشد توحيد فى الربوبية من الاشاعرة
    17 - ان لا يوجد اشعرى يقول بان الله فى كل مكان، وان هذا افتراء من اهل السنة
    18- ان الايمان هو التصديق
    19- ان ابن تيمية لم ينصف عندما قال ان الفخر الرازي ملحد، وانه طعن فى ابو حامد الغزالي
    20- ان ابن تيمية غير متقن للعلوم الفلسفية
    21- ان الفلاسفة لم يختلفوا فى تفسير الجوهر، بل اجمعوا انه القائم بنفسة
    22- ان الاشاعرة : لم يثبتوا سبع صفاتٍ فقط كما يفترى عليهم اهل السنة، بل هم يثبتون الصفات
    23- ان السلف كانوا يفوضون المعنى وليس الكيف
    24- ان الانسان اذا اثبت ان الله خارج العالم منفصل عنه، فهذا انكارُ للرب، لان المكان شئ وجودي وماسواه فهو عدمي ..
    25- ان المدرسة السلفية انها هى امتداء لابن تيمية هو منشئها ومُبدعها، فهو يمثل الجانب المقابل للاشاعرة ..
    26- ان الاشاعرة يُثبتون صفة الوجة ولا يؤولونها بالثواب بل يقولون هى قائمة بذات الله، زائدةَ على مُجرد ذاته ..
    27- ان الايه (بل يداه مبسوطتان) الاصل فى اللغة ان اليد بمعنى الجارحة، فلابد من صرفها عن ظاهرة
    28- ان احاديث الاحاد لا يؤخذ بها فى العقائد
    29- اتعجب لماذا لم يجيبنى على هذا السؤال ؟
    قلت له : لماذا تُنكرون على الملاحدة الفلاسفة المنتسبين الى الاسلام، عندما يتأولون نصوص المعاد ويقولون انها مجازية ..
    مع ان نصوصها اقل من نصوص الصفات الكثيرة جدًا ؟
    فلم يُجبنى بل ابتعد عن الموضوع، وقال : الاشاعرة لا يتأولون الصفات !!
    -----
    اكره الاشاعرة القبورية .. لانهم يُحاربون التوحيد ..

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم الشريف مشاهدة المشاركة
    تحدث معى احدَ الاشاعرة فاتى بعدة مزاعم :
    1- ان دعاء غير الله ليس بشرك وكذلك الاستغاثة بالله، ما دام لم يعتقد فيه الاستقلالية

    اكره الاشاعرة القبورية .. لانهم يُحاربون التوحيد ..
    نعم بارك الله فيك اخى الفاضل ابراهيم الشريف
    هذا مبنى على اصولهم واعتقادهم بأن الإيمان هو التّصديق،
    وأن التوحيد هو إثبات الصانع ، وحصرهم التوحيد في ذلك،
    مع إغفالهم توحيد الألوهية، وهذا الغالب على كثير من المتأخرين من أهل الكلام والتصوف،
    وهم الذين تنتشر فيهم هذه البدع القبورية،
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
    “وهؤلاء الذين يريدون تقرير الربوبية من أهل الكلام والفلسفة يظنون أن هذا هو غاية التوحيد،
    كما يظنّ ذلك من يظنه من الصوفية الذين يظنون أن الغاية هو الفناء في توحيد الربوبية،
    وهذا من أعظم ما وقع فيه هؤلاء وهؤلاء من الجهل بالتوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب؛ فإن هذا التوحيد -الذي هو عندهم الغاية- قد كان مشركو العرب يقرون به كما أخبر الله عنهم
    الاستغاثة -لشيخ الاسلام”
    ولذا لا يتصوّرون الشرك في صرف العبادة لغير الله إلا إذا كان صاحبه متلبسًا باعتقاد الربوبية فيمن يدعوه ويستغيث به، وهذا ما يصرح به كبارهم إلى يومنا هذا، ففي مقطع مصور على موقع (اليوتيوب) بعنوان: (جواز التوسل بالأنبياء والصالحين) للدكتور علي جمعة، يقرر فيه جواز الاستغاثة بالأنبياء والصالحين في كل شيء طالما اعتقد الشخص أن الله هو القاهر فوق كل شيء، وأن المستغاث به ما هو إلا سبب من الأسباب! ومثل هذا كثير لرؤوس هذه البدعة في هذا الزمان.
    وكذلك مما اوقع هؤلاء القبورية من الاشاعرة اعتقادهم أن الفاعل في الحقيقة هو الله تعالى، وأن نسبة جميع الأفعال إلى المخلوق مجاز، باعتبار الكسب والسبب وعليه فالمستغيث بالأنبياء والصالحين لا يعتقد فيهم التأثير ؛ لأنه لا يعتقد فاعلًا على الحقيقة إلا الله تعالى، وإنما هو في الحقيقة طالب من الله تعالى مستغيث به. فالشرك عندهم محصور فى الشرك فى الربوبية
    وكذلك من لجأ إلى غير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله فأنه اعتقد فيه التأثير – وإلا فما الذي ألجأه إلى أن يستغيث به ويدعوه؟ فالذي دعا غير الله تعالى رائده في ذلك: اعتقاده في مدعوه التأثير
    أما منهج أهل الحق فتوحيدهم توحيد الانبياء والمرسلين فيعتقدون أن الإيمان قول وعمل، والكفر يكون بالقلب واللسان والجوارح، وأن من الأفعال ما يكون كفرًا بذاته؛ لمناقضته أصل الإيمان، ولا يُحْتَاج للسؤال واعتقاده الباطن؛ لدلالة الفعل الظاهر على ذلك دلالة لازمة
    ويعتقدون كذلك أن التوحيد نوعان، توحيد المعرفة والإثبات، وتوحيد القصد والطلب، وأن توحيد الألوهية هو حقيقة دعوة الأنبياء والمرسلين، وفيه كانت الخصومة بين الرسل وأقوامهم، فكما يكفر الرجل بجعله لله ندًّا في الربوبية وإن لم يصرف له شيئا من العبادة؛ يكون مشركًا باتخاذه ندًّا في الألوهية وإن لم يعتقد فيه اعتقاد الربوبية.
    يقول الشيخ صالح ال الشيخ فى شرح كشف الشبهات

    القول منهم - نحن لا نشرك بالله -يريدون به الإشراك بالله في الربوبية،ولهذا قالوا بعده:(بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق) إلى آخره.
    وقولهم: (نحن لا نشرك بالله) راجع إلى أن الشرك له حقيقة شرعية جاءت في النصوص؛ ولكن حُرِّفت هذه الحقيقة وصرفت عن وجهها.
    ففي النصوص: الإشراك والشرك هو اتخاذ الند مع الله -جل وعلا- في المحبة والعبادة.
    الإشراك أو الشرك: هو أن يجعل لله شريك إما في ربوبيته، أو في ألوهيته، أو في أسمائه وصفاته، يعني: أن يُعتقد أن له مماثلاً في اتصافه وفي أسمائه.


    هذا معنى الشرك، ولهذا فالشرك في النصوص تارة يتوجه إلى الشرك في الإلهية، وتارة يتوجه إلى الشرك في الربوبية.

    أما الشرك في الربوبية: فكقوله -جل وعلا- في سورة سبأ مثلاً: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} يعني: من شرك في التدبير والتصريف.

    وتارة يكون نفي الشرك أو النهي عنه لأجل الألوهية، كقوله -جل وعلا- في آخر سورة الكهف: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} هذا شرك في الألوهية - في العبادة - والآيات في هذا أيضاً كثيرة.
    والشرك الثالث: في الأسماء والصفات:
    -كقوله جل وعلا: {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}.
    -وكقوله: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ}.
    -وكقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
    -وكقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}.
    هذا هو الذي يعلمه أهل العلم بما دلت عليه - بالتنصيص - الآيات، فكان ذلك معلوماً عند العرب تفهمه بلغتها.
    لما أتى اليونان إلى بلاد المسلمين بكتبهم، يعني: استقدم بعض المسلمين كتب اليونان - في قصة معلومة، ولا بأس أن نذكرها:
    وهو أن أحد ولاة العباسيين أرسل وفداً إلى ملك الروم، وطلب منه أن يرسل إليه بكتب الأوائل التي عنده - كتب الأوائل المقصود بها كتب الروم واليونان، وكتب من يسمونهم الحكماء والفلاسفة - فعرضوا هذا على الملك، مُوفَدين من الوالي المسلم من ولاة العباسيين.
    فقال:(أمهلوني) فاستشار علماء النصرانية، وعلماء بلده.
    فقالوا له:هذه - وكانت موجودة في بيت للكتب - هي زينة مملكتنا، فكيف تعطيهم إياها؟* فأجبه بالنفي، فإن هذه لا يجوز أن تخرج من بلدنا.وسكت واحد منهم، فقال له: ما لك سكتَّ؟ وكان من حكمائهم وحذاق علماء نحلتهم وملتهم.
    فقال:يا عظيم قومنا، أرى أن ترسل بالكتب إليهم، ولا تمنعهم منها.فقال له:ولم؟ قال:لأن هذه الكتب ما دخلت إلى أمة إلا أفسدت عليها دينها، ووافقه عليه البقية، فحصل أنها أُرسلت الكتب - كتب اليونان - وترجمت إلى آخر ذلك.
    اليونان فلاسفة، الذين أُرسلت كتبهم، أرسطو، إلى آخره، وأفلاطون.
    هذه الفلسفة غايتها توحيد الربوبية، غايتها أن ينظر في الملكوت، وينظر في الوجود فيثبت أن هذا الكون له صانع؛ لأن هذا غاية الحكمة، يثبت أن هذا الكون معلول عن علة، وهذه العلة عاقلة، فيسمونها علة العلل أو العقل الأول، في كلام فلسفي، يعني له تفاصيل.
    فدخل هذا على المسلمين، فلما دخل رأى من قرأ تلك الكتب بعد ترجمتها أن هذه هي كتب الحكمة، وكتب الحكماء، وكتب الفلسفة - يعني: طلب الحكمة - قالوا: إن هذه هي الغاية، فكيف نوجد وسيلة للجمع مابين الشريعة، ما بين الإسلام -القرآن- وما بين هذه الكتب، وفلسفة اليونان؟
    فأخرجوا ما يسمى بعلم الكلام، وهو خليط من الشريعة - من النصوص - وما بين عقل الفلاسفة.
    وهذا الخليط جُعلت فيه الشريعة والعقل، هذا يقارن هذا، وهذه تقارن ذاك، يعني: ما قدموا الشريعة على العقل، ولا العقل على الشريعة، فنظروا في هذا ونظروا في هذا، لكن ينظرون في الشريعة بالعقل، وينظرون في العقلانيات بالشريعة.
    هنا نظروا إلى أن غاية الغايات: هو النظر في الملكوت، فلهذا أجمع المتكلمون على أن أول واجب على العبد أن ينظر في الملكوت، ويثبت وجود الله جل وعلا.
    هذا الأصل صار مستغرقاً عندهم لا محيد عنه، وخاصة بعد مرور عقيدة جهم وأن الغاية عنده: إثبات وجود الله أيضاً في مناظرته مع طائفة السُّمنِيَّة، كما ذكرت لكم فيما سبق.
    هذا الخليط الذي نتج صار هو الغاية عند كثير من الناس، فبالتالي نظروا في تفسير كلمة التوحيد.
    الشريعة فيها: (لا اله إلا الله) هذه أصل التوحيد، وكلام الحكماء - كما يقولون - فيه: (أن الغاية هو إثبات وجود الله، والنظر في علة العلل، والنظر في الملكوت حتى يطلب الحكمة فيما وراء الطبيعة).
    فقالوا: إذاً: معنى هذا - لأن ذاك عقل صحيح وهذه شريعة صحيحة - معناه أن يفسر (الإله) بالعلة، علة العلل.
    - لأن أول واجب في الشريعة:(لا إله إلا الله).
    - وأول واجب في الفلسفة:
    أن ينظرَ في الملكوت، فيثبت أن لهذا الملكوت، أو لهذا الكون علة نتج عنها، فخلطوا ما بين هذا وهذا.
    فقالوا: ولا يمكن للعقل أن يكون مخطئا؛ لأن عندهم نتاج الفلاسفة عقل قطعي، ولا يمكن أن تكون الشريعة فاسدة، فهذا صحيح وهذا صحيح، فقالوا: إذاً نفسر الإله بأنه الخالق، بأنه القادر على الاختراع.
    قالوا: لكن (إله) في اللغة ليس معناه الخالق، فتأملوا فيما جاء في كتب اللغة فوجدوا أن هناك من قال: (إله) هذا بمعنى: (آلِه) إذا جَعَل غيره متحيراً، فأَلَه الرجل: تحير وتردد.وهذه مادة ربما تكون موجودة في بعض استعمالات العرب، أَلَه الرجل، يعني: تحير وتردد.
    فقالوا: إذاً (لا اله إلا الله) إذا كان معنى (الإله) هو الخالق القادر على الاختراع، فهو الذي فيه تتحير الأفهام؛ لأن قصدهم هناك أن ينظر وهم إذا نظروا وتأملوا تحيرت الأفهام حتى يثبت الوجود، فقالوا: هنا التقت اللغة مع الشريعة مع العقل.


    وهذا قرروه في كتبهم، فحصل منه أن معنى (لا إله إلا الله) عندهم يعني: لا قادر على الاختراع إلا الله، لا خالق إلا الله، وإذا كان كذلك فيكون الشرك الذي يخرج من كلمة التوحيد هو أن يقول: ثمَّ قادر على الاختراع، ثمَّ رازق، ثمَّ من تحيرت الأفهام في حقيقته غير الله جل وعلا، فمتى يكون مشركاً عندهم؟.

    إذا لم يثبت (لا إله إلا الله) ومتى لا يثبت (لا إله إلا الله)؟

    إذا قال: إنه ثَم خالق غير الله جل وعلا، هذا الخليط من العقل واللغة الضعيفة التي نقلوها أو القليلة، والشرع فيما نظروا فيه - يعني في بعض النصوص - أنتج لهم أن الشرك هو الشرك في الربوبية- يعني: اعتقاد أن ثَم خالقاً مع الله جل جلاله، ودُوّن هذا في كتب المتكلمين الأوائل، ونقله عنهم الأشاعرة وأثبتوا ذلك في كتبهم، ولهذا الأشاعرة يقولون، والماتريدية: أول واجب على العبد: النظر، وبعضهم يقول: الشك، وبعضهم يقول: القصد إلى النظر، فهذا أول واجب.
    و(الإله) من هو؟
    (الإله)منهم من يقول: (الإله) هو القادر على الاختراع.





    ومنهم من يقول: (الإله) هو المستغني عما سواه، المفتقر إليه كل ما عداه.
    ومنهم من يقول:(الإله) بمعنى آله وهو المُحَيِّرُ، فلا يوصل إلى حقيقته، وهو الله جل وعلا.
    فنتج من هذا - وهو موجود في كتب المتكلمين وكتب الأشاعرة والماتريدية إلى يومنا هذا - نتج من هذا انحراف خطير في الأمة، وهو أن (الإله) ليس هو المعبود، وأن (لا إله إلا الله) معناها: لا قادر على الاختراع إلا الله، لا مستغنياً عما سواه ولا مفتقراً إليه كل ما عداه إلا الله، لا متحيراً في حقيقته إلا الله.
    -فنتج من ذلك إخراج العبودية عن أن تكون في كلمة التوحيد.
    - ونتج من ذلك الانحراف الخطير: أن (لا اله إلا الله) ليست نفياً لاستحقاق أحد العبادة مع الله جل جلاله، فنتج - وهي النتيجة التي قدم لها الشيخ هنا - أن طوائف كثيرة من المؤمنين - يعني من المسلمين - فشا فيهم كلام الأشاعرة هذا، وكلام المتكلمين، وكلام المبتدعة هذا، في معنى كلمة التوحيد.
    فيكون معنى الشرك عندهم، راجعاً إلى واحد مما دلت عليه النصوص، وهو الإشراك في الربوبية، الذي جاء -مثلاً- في سورة سبأ وفي غيرها.
    أما الإشراك في العبادة: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} فهذا عندهم لا ينقض كلمة التوحيد. نظروا بعد ذلك فيما فعلته العرب -وستأتي الشبهة التي تليها- بم أشركت العرب؟قالوا: أشركت بعبادتها الأصنام، وبأنها ما وحدت الله في ربوبيته، ولم تقل (لا اله إلا الله) بل قالت: إن الأصنام لها نصيب من الإلهية، يعني لها نصيب من الربوبية.


    ولهذا من أعظم ما راج على كثير من المفسرين، من المتقدمين والمتأخرين، وراج على كثير من علماء الأمصار؛ أن الألوهية تفسر بالربوبية، وأن (لا إله إلا الله) تفسر بالربوبية أو بمقتضيات الربوبية، هذا نتيجة لهذا الانحراف.
    لهذا: هذا المشرك الذي قال في شبهته - قد يكون عالماً وقد يكون غير عالم - يقول: (نحن لا نشرك بالله) هو قال هذه بحسب اعتقاده، هو لا يشرك بالله بحسب اعتقاده أن الشرك إنما هو الشرك في الربوبية وليس في الإلهية، وهذا نتيجة لما ذكرت لكم.
    فإذاً: هذه الكلمة (لا نشرك بالله) ردك عليها، كشف هذه الشبهة - كما ذكر الشيخ رحمه الله في آخر الكلام، وبما أوضحت لك - في أنه:
    أولاً:توضح موارد الشرك في القرآن، ما الذي نفي من الإشراك بالله؟ نفي الثلاثة التي ذكرت لك، وكل واحدة عليها أدلة، حبذا تجمع هذه الأدلة في كل نوع وتحفظ ذلك، هذا نوع.
    الثاني: معنى الإشراك في النصوص.
    الثالث: أن تبين أن الانحراف وقع، فصُرف الإشراك - معنى الإشراك - عن معناه في النصوص إلى المعنى الباطل، ونتج عنه أن كلمة التوحيد فهمت أيضاً غلطاً، ففهم منها أنها نفي لربوبية غير الله جل وعلا، وهذا باطل.
    فإذاً: قولهم (نحن لا نشرك بالله) هذه جملة يمكن أن تردها تفصيلاً، وهذه الشبهة التي أوردوها لها ردٌ بما أورده الشيخ رحمه الله.
    الشيخ ما أجاب عن كل جملةٍ جملة، لكن أجاب عن النتيجة التي وصلوا إليها بهذه المقدمات الباطلة.
    قالوا: (نحن لا نشرك بالله).لم لا تشركون بالله؟ قالوا: لأننا (نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له) يعني: لا يخلق ولا يرزق استقلالاً، ولاينفع ولا يضر استقلالاً، إلا الله وحده لا شريك له.(وأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً) كما جاء في النصوص، يقولون: نحن نقول ذلك، فهو -عليه الصلاة والسلام- لا يملك نفعاً ولا ضراً استقلالاً، ما يمكن أن يعطينا شيئاً، ولكن هو -عليه الصلاة والسلام- يمكن أن يعطينا عن طريق الوساطة، عن طريق التقريب، عن طريق التزلف، يعنى أن يقربنا زلفى.
    وهذه الشبهة أول من أوردها- فيما أعلم في كتابه - إخوان الصفا في كتابهم ورسائلهم المشهورة (رسائل إخوان الصفا) الرسائل الخمسين المعروفة، فإنهم قرروا: أن التوحيد هو الربوبية، وأن هؤلاء الأموات من الأنبياء والصالحين أنهم لا يملكون نفعاً ولا ضراً - كما قال هنا هذا الذي أورد الشبهة - ولكن نتوسط بهم، لم تتوسط بهم ؟ عللوا لأن أرواحهم عند الله؛ لأن الله قال عن أرواح الشهداء: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} والعندية: معناها أنهم لهم القربى عند الله، فلهم الجاه، ولهم الزلفى عند الله جل وعلا، فإذا سألتهم، إذا دعوتهم فإنما تتوسط بهم؛ لا تسألهم استقلالاً.
    فيقول هؤلاء: نحن لا نعتقد أن هذا ينفع ويضر بنفسه، ينفع ويضر استقلالاً، يخلق استقلالاً، يرزق استقلالاً، حاشا وكلا، ولكن يمكن أن يخلق الله بواسطته الولد في رحم الأم، إذا سألناه يمكن أن يرزق الله بواسطة شفاعته؛ لأنه مقرب عند الله جل جلاله.
    هذا التقريب عند الله -جل جلاله- وصفوه بقولهم: (ولكن أنا مذنب، والصالحون لهم جاه عند الله) فقدموا هاتين المقدمتين، يقول: أنا مذنب، والمذنب لا يمكن أن يكون ولياً لله أو مقرباً عند الله، فعلى اعتقاده لا يمكن أن يصل إلى الله مباشرة.
    وأولئك قالوا: والصالحون لهم جاه عند الله، هذا الجاه ماذا يفعل؟
    قالوا: هذا الجاه بمعنى أنه لو سأل لم يُرد ((وإن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره)).


    فأتى من هذه الشبهة، ورد التوحيد باعتبار أن هذا الصالح الذي هو عند الله -جل وعلا- مقرب، وهذا الصالح الذي هو عند الله له الزلفى والمقام الأعظم، بحيث إنه لو سأل لم يرد.

    قالوا: (وأطلب من الله بهم) أطلب من الله؛ لا منهم، يعني: أنا لا أسألهم، ولكن أطلب من الله بهم.

    كلمة (بهم)هنا ليس معناه التوسل بهم، يعني بجاههم، يقول: أسأل الله بالنبي، أسأل الله بالولي، أسأل الله بـأبي بكر وعمر؛ لأن سؤال الله بالصالحين هذا بدعة ووسيلة إلى الشرك، وليس شركاً أكبر، لكن القصد من قولهم: (وأطلب من الله بهم) يعني: أطلب من الله بوساطتهم وبشفاعتهم وبتقريبهم إياي عند الله زلفى.
    فإذاً كلمة (بهم) لا يقصد بها التوسل بالجاه؛ لأن هذا بدعة وليس شركاً، وإنما يقصدون بها الشفاعة والتقريب زلفى.
    قال: (فجاوبه بما تقدم) هذه الشبهة تلحظ: شكلها مركبة، لا شك أنها شبهة، وهي التي تروج عند الجميع، كيف واحد يؤمن بالله، ويقول: إن الله واحد في ربوبيته، لاينفع إلا هو، ولا يخلق إلا هو، ولا يرزق إلا هو، إلى آخر ذلك، ويقول: أنا مذنب، ولكن أتوسل، يعني: أتقرب إلى الله بالصالحين بشفاعتهم، أسألهم أن يدعوا الله لي، أتقرب إليهم بالدعاء ،حتى يشفعوا لي عند الله جل وعلا، هذا لا يجعلني مشركاً، فأنا - على حد قولهم- يقول: هو لا يشرك بالله، وهذا ليس شركاً بالله، فما الجواب؟
    قال: (فجاوبه بما تقدم، وهو أن الذين قاتلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-مقرون بما ذكرت) فهذا الآن الدرجة الأولى من الجواب.
    نقول الآن له: نحن معك فيما ذكرت، لكن ننظر إلى حال المشركين الذين قاتلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وحكم عليهم بالكفر والشرك ما حالهم؟ ننظر إلى القرآن ماذا فيه؟
    القرآن فيه أنهم مقرون بأن الله هو الخالق وحده، وهو الرازق وحده، وهو الذي ينفع وحده، وهو الذي يضر وحده.
    إذا قال:ما الدليل على هذا؟ هل المشرك كان يعتقد هذا؟


    نقول:نعم، مشركو العرب كانوا يعتقدون ذلك:
    -كما قال الله جل وعلا: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.
    -{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} وفي الآية الأخرى: {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}.
    - وقال جل وعلا: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ}.
    - وفي آية سورة يونس: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}.
    إذاً:في آيات كثيرة هذا الاعتقاد الذي وصفت أنك لست مشركاً باعتقاده، نقول: هذا وصف الله -جل وعلا- به مشركي العرب، ومشركي أهل الجاهلية، فهذا الدرجة الأولى من جواب هذه الشبهة
    الدرجة الثانية: (ومقرون بأن أوثانهم لا تدبر شيئاً) الأوثان: جمع وثن، وهو المتجَه إليه بالعبادة، وفي غالبه لا يكون على هيئة صورة، والأصنام ما كان على هيئة صورة، وقد يقال للأصنام: أوثاناً، باعتبار أنها معبودة من دون الله جل وعلا؛ كما قال -جل وعلا- في سورة العنكبوت، في قصة إبراهيم: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} وفي الآيات الأخر في قصة إبراهيم قال: {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} فإذاً: هي أصنام وأوثان، فالأوثان: ما لم يكن على هيئة صورة.
    فإذاً:نذهب إلى شرك المشركين ونقول له: المشركون مقرون بأن أوثانهم لا تدبر شيئا.
    إذاً:المشرك مقر بأن الوثن ليس له نصيب في التدبير.
    فإذاً:ما رفضه من كلمة (لا اله إلا الله) وصار به مشركاً، ليس من جهة اعتقاده أن ثم مدبراً غير الله جل جلاله؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}.
    هذا الآن المقدمة الثانية.
    المقدمة الأولى: اعتقاد المشركين في الربوبية في الله -جل وعلا- أنه هو المتفرد بالأمر، كما قال ذلك عن نفسه، يعني: كما قال المشرك عن نفسه أنه يشهد هذه الشهادة.
    الخطوة الثانية: اعتقاد أولئك في الأوثان، بم؟
    قالوا: اعتقدوا في الأوثان - العرب - أنها لا تدبر شيئاً، إذا استدللت بالآيات وبحال العرب يأتي النتيجة وهي: (وإنما أرادوا الجاه والشفاعة).لماذا أرادوا الجاه والشفاعة فقط؟
    لأن الله -جل وعلا- قال: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ومن المتقرر في اللغة أن كلمة (ما) النافية التي يأتي بعدها (إلا) هذه تفيد الحصر، فكأنه قال عن قولهم: لا نعبدهم لشيء ولا لعلة من العلل، لا لأنهم يملكون الرزق ولا يملكون الموت والحياة، ولا لأنهم يدبرون الأمر، ولا نعبدهم إلا لشيءٍ واحد، وهو أن يقربونا إلى الله زلفى.
    فإذاً: ينتج من ذلك، أن المشركين كان شركهم باعتقاد أن هذه الأوثان تقرب إلى الله زلفى، باعتقاد أن هذه الأوثان لأجل أن لها منـزلة عند الله، وأن لها جاهاً عند الله فهي تقرب.
    ما هذه الأوثان التي عبدت؟الملائكة، أليس كذلك؟ {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ}.
    وقال -جل وعلا- في الأولياء: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}.
    وقال -جل وعلا- في قصة عيسى عليه السلام: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.


    وقال للنبي عليه الصلاة والسلام: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً}.

    إذاً:نوعت المعبودات المنفية، ولما نزل قول الله جل وعلا: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا} فرح المشركون، قالوا إذاً سنكون مع الصالحين، سنكون مع اللاتَّ، وسنكون مع عيسى، وسنكون مع عزير، وسنكون مع كذا وكذا، مع من عبدنا، فأنزل الله -جل وعلا- قوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} الآيات.

    فإذاً:ترتب على ما ذكرنا أن ما قاله صاحب الشبهة هي دعوى.
    لا تجابهه بأن تقول: هذه دعوى بل أنت مشرك، لا، تقول له نأخذها واحدة واحدة، أنت الآن تقول: أنا لا أشرك بالله، وأنك تشهد كذا وكذا.
    فنقول: ننظر إلى حال المشركين في الآيات، فإذا تأملت حال المشركين، وقصصت عليه وتلوت عليه الآيات وأفهمته إياها، كيف كانت حالة المشركين، وأنهم مقرون بما أقر هذا به.

    فإذاً:تنقله إلى الخطوة الثانية، وهي أن المشركين كانوا لا يعتقدون في أوثانهم أنها تدبر شيئاً.
    تنقله بعد ذلك للخطوة الثالثةفيما قدمت لك سالفاً في معنى الشرك، ما معنى الشرك، ومعنى كلمة (لا إله إلا الله) ثم تنقله إلى أن أولئك لم يرضوا بـ (لا إله إلا الله) لأنهم إنما أرادوا الزلفى، بنص الآية، وأرادوا الشفاعة، بنص آية الزمر أيضاً: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً}.
    فهي له وحده دون ما سواه، يعني مِلكاً: هو الذي يخبرك عن حكمها جل وعلا، لا تبتدئ أنت بتصريف أمرك في الشفاعة كما تريد، لا، هي لله -جل وعلا- سبحانه استحقاقاً، وله -جل وعلا- مِلكاً، ومُلكاً، وأمراً ونهياً.
    قال: (واقرأ عليه ما ذكر الله في كتابه ووضحه).بهذا يتبين لك أن هذه الشبهة - وهي من الشبه التي قد تواجهها - كثيرٌ من الناس تروج عليه، يقول: (كيف؟ أنا مؤمن وأناكذا وكذا، يعني: لأجل أني ذهبت إلى رجل من الصالحين، من الأولياء عند قبره، وقلت له: اشفع لي فإن لك جاهاً عند الله، ولك مقاماً عند الله، فاسأل الله لي أن يرزقني ولداً، اسال الله لي أن يعطيني وظيفة، اسأل الله لي أن ييسر أمري، أكون مشركاً كـأبي جهل وكذا؟)
    هذه تروج على كثير من جهة العاطفة،ومن جهة التقرير، يقول: (أنا أصلي، وأنا أزكي، وأنا كذا، وأعتقد أن الله هو الخالق الرازق، وأنا لا أشرك بالله جل وعلا) فينفي شيئاً، هو في حقيقته واقع فيه.
    لهذا قال الصنعاني في رسالته: (تطهير الاعتقاد) وكذلك الشوكاني في رسالته (توحيد العبادة) المعروفة، قالوا فيما جابهوه في اليمن، قالوا: (إن الأسماء لا تغير الحقائق) يعني: إن غيَّر المشركون وعلماء المشركين الأسماء فإن الحقائق لا تتغير، إذا سموا طلب الشفاعة وطلب الزلفى توسلاً، فإن هذا لا يغير الحقيقة، إذا سموه سؤالاً بهم، كما قال الشيخ هنا عنهم.
    قالوا: (وأطلب من الله بهم) فهذا لا يغير حقيقة الأمر، وهو أنهم يطلبون من الله صحيح، ولكن متوسلين بشفاعة أولئك لا بذواتهم، والتوسل بشفاعتهم: اشفع لي واسأل الله لي، واطلب من الله لي، واسأل الله لي، وأشباه ذلك: هذا كله هو طلب الزلفى، أو يتقرب إليهم ليشفعوا من دون التنصيص على الشفاعة، يقول: أنا أتقرب إليه، أذبح - صحيح للولي- لكن أنا أقصد الذبح لله لكن للولي، حتى ينعطف قلب هذا العبد الصالح عليّ لأني ذبحت، فيسأل الله لي.

    فإذاً: مقصود من عبد غير الله،من عبد الأوثان، من عبد الأصنام، من عبد القبور، من عبد الأولياء، من عبد الموتى، مقصودهم أن يشفع أولئك لهم، ليس مقصود أولئك أن يتخذوا هذه أرباباً أو آلهة استقلالاً، ما هذا مقصود أحد ممن أشرك، ولكن هذا مقصود أولئك من أنهم يريدون القربى والزلفى.
    فإذاً: تحتاج في رد الشبه إلى: أن تتدرج في المقدمات،أولاً.
    الثاني: أن تفهم كيف ترد الشبهة بعمومها، وكيف تفصل جمل الشبهة فترد عليها بخصوصها.
    الثالث: أن تقدم الرد المجمل أو الرد الإجمالي على ما أورده من الشبهة، برد مفصل على تفصيل كل جملة جملة، مثل ما ذكر الشيخ -رحمه الله- هنا، هنا قال: حالتهم، اذكر لهم حالة المشركين، لا تجادله: أنت مشرك؛ لأنه كذا وكذا أولاً، لا.
    ولكن صف له حال المشركين، على تفصيل الكلام الذي ذكرنا، ثم انتقل بعد ذلك إلى معنى كونه مشركاً، إلى معنى كونه نافى كلمة التوحيد، إلى آخر ما ذكرنا.
    هذه من المهمات في أن تتصور كيف تتدرج في رد الشبهة، واحذر من أن تنساق في رد الشبهة مع العاطفة فتجبهه بكلام قد يقوي الشبهة عنده، فلا بد أن يكون الانتقال - كما عليه قواعد إقامة البرهان وإقامة الحجاج مع المخالف - أن تنتقل في شأنه من المتفق عليه إلى ما هو أقل اختلافاً، ثم إلى ما هو أكثر، وهكذا.
    المسألة التي يقوى الاختلاف فيها لا تبتدئ بها،ابتدئ بالواضح جداً، ثم انتقل بعده درجة إلى الأقل وضوحاً ثم إلى الأقل وضوحاً، وهكذا.
    أما إذا ابتدأت بما هو أكثر إشكالاً، فإنَّه لن يقتنع؛ لأن ما هو أكثر إشكالاً يحتاج إلى مقدمات كثيرة.
    فإذاً:تبتدئ معه بما هو أكثر وضوحاً، والأكثر وضوحاً: وصف حال المشركين - مشركي العرب - من جهة إقرارهم بالربوبية، واحد.
    الثاني: إقرارهم بأن أوثانهم لا تدبر شيئاً.
    الثالث:بأنهم إنما أرادوا الزلفى والشفاعة، بنصوص القرآن في ذلك.
    لكن لو ابتدأت معه بمعنى العبادة ربما يأتيك بمخالفات، يقول لك: لا، العبادة هي كذا، إذا أتيت معه في التكفير هنا يخالفك يقول لك: لا، هي كذا وكذا وكذا.
    فتبتدئ معه بتقرير شرك المشركين،وترد عليه شبهته هذه بأن أولئك ما أرادوا إلا الزلفى.
    فالتدرج إذاً مهم، وبعض الذين دعوا إلى التوحيد - مع الأسف - أوقعوا المدعو في شبهة أعظم مما كانت عنده؛ لأنه جاء للمستغلِق من المسائل فأراد أن يجيب عليها بما عنده واضح، لكن ذاك عنده ليست بواضحة، فأراد أن يجيبه فزاد الإشكال إشكالا
    https://majles.alukah.net/t180085/.



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    يقول صاحب كتاب شرح رسالة العبودية لشيخ الاسلام
    [الآثار المترتبة على الانحراف الكلامي في مفهوم العبادة]
    وقد ترتب على هذا الانحراف عند أهل الكلام أن تكون العبادة هي الأفعال والأقوال التي تصرف لمن يعتقد فيه أنه خالق ورازق، فالعبادة عندهم هي الأقوال والأعمال التي تصرف لمن يعتقد فيه الربوبية، فإذا رأى أحدهم رجلاً يطوف حول قبر أو يذبح له أو ينذر له أو يستغيث بغير الله، قال: هذا في حد ذاته ليس كفراً؛ إلا إذا كان يعتقد أن هذا الذي صرفت له العبادة خالق ورازق، وحينئذ افترق الناس إلى فرقتين في مفهوم العبادة وفي مفهوم الشرك أيضاًَ، فصار أهل الكلام يعرفون العبادة بتعريف غير تعريف أهل السنة، وصاروا يعرِّفون الشرك بتعريف غير تعريف أهل السنة، فهم يقولون: العبادة هي الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة التي تصرف لمن يعتقد فيه الخلق والرزق والإحياء والإماتة والربوبية.
    أما أهل السنة فإنهم يقولون: العبادة هي الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة التي تجمع بين الخضوع والذل وبين المحبة، حتى لو صرفت لمن يعتقد أنه حجر، أو أنه ولي، أو أنه نبي، أو ملك من الملائكة، فما دام أنها أقوال وأفعال ظاهرة وباطنة اجتمع فيها الذل والخضوع واجتمع معها المحبة كذلك فهي عبادة مصروفة، فإما أن تكون لله فتكون حينئذ توحيداً، وإما أن تكون لغير الله فتكون حينئذ شركاً.
    وترتب على هذا الخلاف بين السلف رضوان الله عليهم وبين أهل الكلام في مفهوم العبادة ترتب عليه خلاف كبير في الواقع، فأهل السنة يقولون: إن الذين يقفون حول القبور وينذرون لها ويذبحون لها كفار، وأهل الكلام يقولون: هم لم يعبدوا غير الله.
    ولهذا فإن كتاب: (مفاهيم يجب أن تصحح) لـ محمد علوي المالكي قال فيه صاحبه بالنص:
    ولا يكفر المستغيث بغير الله ما لم يعتقد الخلق والإيجاد لغير الله تعالى.

    فعنده لو أن إنساناً استغاث بولي وهو يعتقد أنه غير خالق بل هو مخلوق، فليس فعله من الشرك، وأنه إذا ذبح لولي أو نذر له فإن هذا ليس من الشرك، إلا إذا اعتقد أن هذا الولي هو الخالق الرازق، وهذا لا شك في أنه لا يقول به أحد في الدنيا، فإنه لا يوجد طائفة تقول: إن هذا الكون أوجده إلهان وصانعان متفقان في الصفات وفي الأفعال، وإنما أكثر الملل وأكثر الأمم على أن الله هو الخالق الرازق، فمن أين دخل عليهم الشرك حتى اقتضى هذا أن يرسل الله إليهم الرسل؟ لقد دخل عليهم الشرك عندما صرفوا العبادات لغير الله، وعندما صرفوا الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة لغير الله عز وجل، وعندما صلوا لغير الله، حتى لو كان من صلوا له يعتقدون فيه أنه مخلوق، وعندما ذبحوا لغير الله ونذروا لغير الله واستغاثوا بغير الله، وعندما أحبوا غير الله حب الذل، وعندما خافوا من غير الله خوف العبادة، وعندما توكلوا على غير الله واعتمدوا عليه حصل فيهم الشرك، وعندما تحاكموا إلى غير الشرع، فبذلك حصل عندهم الشرك والكفر.
    وهذا التعريف الباطل الذي يعرف به أهل الكلام العبادة يرده حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة)، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبداً للدينار، مع أنه لا يوجد أحد في الدنيا يتصور أن الدينار خلقه، أو أن الدراهم خلقته، أو أن الخميصة أو الخميلة تخلق وترزق.فالعبادة في مصطلح الشرع لا يلزم منها أن يكون هناك اعتقاد بأن الله عز وجل هو الخالق الرازق فيمن صرفت له، لكن لا شك في أن العبادة الشرعية المقبولة عند الله هي التي تصرف لله عز وجل باعتقاد الربوبية له، ولا يتصور أن يوجد إنسان يصرف العبادات لله عز وجل وهو لا يعتقد فيه أنه خالق ولا رازق ولا محيٍ ولا مميت

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    إن التصور الناقص المبتور لحقيقة التوحيد – عند الخصوم – هو أنهم يعتقدون أن التوحيد - الذي يجب على كل مكلَّف - هو توحيد الربوبية فقط، فمن أقر بأن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت.. ونحوها من صفات الربوبية، فهو الموحَّد، وتصوروا – جهلاً وتقليداً – أن معنى شهادة لا إله إلا الله هو إثبات أن الله هو الخالق والقادر على الاختراع، وجهلوا - أو تجاهلوا - أن معنى (الإله) بإجماع أهل اللغة وعلماء التفسير والفقهاء هو المعبود، فيكون المراد بكلمة الشهادة: لا معبود بحق إلا الله، أي صرف جميع أنواع العبادات لله وحده، وإثباتها له وحده – سبحانه، ونفيها عما سواه عز وجل. (2)
    وكأن هؤلاء الأدعياء لا يعلمون أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد قاتل مشركي العرب مع إقرارهم بتوحيد الربوبية؛ لأنهم قد أنكروا توحيد العبادة ولم يعترفوا، ولم يقروا بأن الله وحده هو المستحق للعبادة بجميع أنواعها فلا تصرف لمعبوداتهم من الأحجار والأوثان والطواغيت.
    ومما يدل على أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مقرَّين بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر.. ونحوها من أفعال الرب سبحانه، ولم يدخلهم ذلك في دين الإسلام قوله تعالى:
    (قل من يرزقكم من السماء والأرض، أم من يملك السمع والأبصار، ومن يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون). (1)
    وهذا التوحيد الذي أقر به مشركوا العرب ولم يدخلهم في الإسلام هو الغاية عند هؤلاء الخصوم.
    وسنورد نماذج من أقوالهم – من كتبهم – توضح ما ذكرناه آنفاً، وتبين أن توحيد الربوبية هو مقصودهم، وأن مخالفة ومناقضة هذا التوحيد هي الكفر – فقط -، ولو وقع أحدهم في بعض أنواع المكفرات – المخرجة عن دين الإسلام – كمن ذبح لغير الله أو نذر لغير الله أو استغاث ودعا المخلوقين – فيما لا يقدر عليه إلا الله -، فإنه لا يعتبر بفعلها مرتداً، ما دام أنه يعتقد أن المؤثر في هذا الكون هو الله وحده …
    ثم نورد نماذج أخرى من أقوالهم في تجويز تلك المكفرات – أو جعلها معاصي دون الكفر المخرج عن الملّة – مثل الذبح لغير الله والنذر لغير الله والدعاء والاستغاثة بغير الله، وإنكارهم على أئمة الدعوة خلاف ذلك، وعقب ذلك، نذكر الرد والبيان من كلام الأئمة الأعلام أتباع هذه الدعوة السلفية على تلك الدعاوى.
    يقرر ابن عفالق معنى التوحيد – عنهم – فيقول:
    (التوحيد إفراد القديم من المحدث، وإفراده بالربوبية والوحدانية، ومبيانته تعالى لجميع مخلوقاته …). (2)
    وينكر القباني إقرار المشركين الأولين بتوحيد الربوبية، لكي يدافع عن مشركي زمانه ممن يستغيث بغير الله – فيما لا يقدر عليه إلا الله – فيقول:
    (فهل سمعت عن أحد من المستغيثين أنه يعتقد في الرسول صلى الله عليه وسلم، أو في الولي المستغاث به أنه إله مع الله تعالى يضر وينفع، ويشفع بذاته كما يعتقد المشركون فيمن عبدوه..). (3)
    ويدعي محمد بن عبد المجيد نفس الدعوى السابقة، وأن مشركي العرب لم يقروا بربوبية الله، فيقول:
    (إنما كفر أهل الجاهلية بعبادة الأصنام لتضمنها اعتقادهم ثبوت شيء من صفات الربوبية لها … - ثم يقول – ومن هذه الحيثية شركهم وكفرهم؛ لأن صفاته تعالى تجب لها الوحدانية بمعنى عدم وجود نظير لها إلا قائم بذاته تعالى ولا بذات أخرى). (4)
    فإذا كان مشركو العرب منكرين لشيء من صفات الربوبية – على حد زعمه – (فأين هذا ممن يستغيث من المسلمين بنبي أو ولي معتقداً أنه لا يملك نفعاً ولا ضراً). (5)
    ويدافع (الحداد) عن أتباعه – من عبّاد القبور – فيقول:
    (.. هؤلاء مهما عظموا الأنبياء والأولياء فإنهم لا يعتقدون فيهم ما يعتقدون في جناب الحق تبارك وتعالى من الخلق الحقيقي التام العام، وإنما يعتقدون الوجاهة لهم عند الله في أمر جزئي، وينسبونه لهم مجازاً، ويعتقدون أن الأصل والفعل لله سبحانه). (1)
    ويقرر (دحلان) أن الشرك هو اعتقاد التأثير لغير الله، وليس هناك مسلم يعتقد التأثير لغير الله، يقول:
    (فالذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله سبحانه، أو اعتقاد التأثير لغير الله). (2)
    ثم يقول: (ولا يعتقد أحد من المسلمين ألوهية غير الله تعالى، ولا تأثير أحد سوى الله تعالى..). (3)
    ويؤكد (الزهاوي) أن المشركين الأولين كانوا يعتقدون لأصنامهم أنها تنفع وتضر بذواتها فيقول: (إن المشركين إنما كفروا بسبب اعتقادهم في الملائكة والأنبياء والأولياء أنهم آلهة مع الله يضرون وينفعون بذواتهم). (4)
    ويحاول (العاملي) أن يثبت – بلا دليل – أن مشركي العرب ينكرون ربوبية الله، وأن يرد على ما قرره الشيخ الإمام – بالأدلة والبراهين في رسالتيه: (كشف الشبهات)، و (أربع قواعد) – بأن مشركي العرب معترفون بربوبية الله، فيقول – في دفاع هزيل عن أتباعه المشاركين لهؤلاء المشركين في الإقرار بتوحيد الربوبية فقط -: (لا شيء يدلنا على أنهم – أي مشركي العرب – لا يعتقدون في الأصنام والأوثان ومعبوداتهم. أنه لا تأثير لها في الكون، وأن التأثير وحده لله تعالى وهي شافعة فقط، إذ يجوز أن يعتقدوا أن لها تأثير بنفسها بغير ما في الآيات المستشهد بها، فتشفي المرض وتكشف الضر..).(5)
    ويقرر الشطي أن الشرك الأكبر هو – فقط -: (عبادة الأوثان والأصنام) (6)، ويذكر حكاية لجده، فقال:
    (ومرة دخل جدي جامع بني أمية في الشام، فسمع عجوزاً تقول:
    يا سيدي يحيى عاف لي بنتي، فوجد هذا اللفظ بظاهره مشكلاً، وغير لائق بالأدب الإلهي، فأمرها بالمعروف، وقال لها: يا أختي قولي بجاه سيدي يحيى عاف لي بنتي، فقالت له: أعرف أعرف، ولكن هو أقرب مني إلى الله تعالى، فأفصحت عن صحة عقيدتها من أن الفعال هو الله تعالى، وإنما صدر هذا القول منها على وجه التوسل والتوسط إلى الله تعالى، بحصول مطلوبها منه..) (7).
    ويبرّأ الرافضي محمد حسين طائفته الرافضة، ومن سار على نهج ضلالهم من عبّاد القبور، ويعلن براءتهم من شرك الربوبية فيقول:
    فهل تحس أن أحداً من زوّار القبور يقصد أن القبر الذي يطوف حوله، أو صاحب الملحود فيه هو صانعه وخالقه، أو أنه يقول للغير أو لمن فيه، يا خالقي ويا رازقي ويا معبودي.. كلاَّ ثم كلاَّ.. ما أحسب أن أحداً يخطر على باله شيء من تلك المعاني..). (1)
    ويسد محمد الطاهر باب الردة، ويلغي نواقض الإسلام حين يهذي فيقول:
    (إذا وجد في كلام المسلمين إسناد شيء لغير الله يجب حمله على المجاز العقلي، ولا سبيل لتكفير أحد من المسلمين.. فإذا قال العامي من المسلمين: نفعني النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابي أو الولي، فإنما هو يريد الإسناد المجازي، والقرينة على ذلك أنه مسلم موحَّد لا يعتقد التأثير إلا لله وحده لا لغيره). (2)
    بناءً – على النقول السابقة لهؤلاء الخصوم – فليس الذبح لغير الله شركاً، وليس النذر لغير الله شركاً، وليست الاستغاثة بالأموات شركاً، كل ذلك ليس شركاً يخرج عن دائرة الإسلام، ما دام أن مرتكبها يعتقد أن الله هو الفاعل وأنه المؤثر وحده.. هكذا فهم هؤلاء البشر وإليك أقوالهم – من كتبهم – التي تثبت ذلك، وتستنكر – وبشدة – على من خالفهم في ضلالاتهم وانحرافاتهم.
    يقول ابن عفالق – نافياً أن يكون الذبح والنذر لغير الله شركاً -:
    (فاجتمعت الأمة على أن الذبح والنذر لغير الله حرام، ومن فعلها فهو عاص لله ورسوله.. والذي منع العلماء من تكفيرهم أنهم لم يفعلوا ذلك باعتقاد أنها أنداد لله..). (3)
    ويشنع ابن سحيم على الشيخ الإمام، لأنه كفّر من ذبح لغير الله، يقول ابن سحيم:
    (ومنها أنه يقطع بكفر الذي يذبح الذبيحة ويسمي عليها، ويجعلها لله، لكن يدخل مع ذلك دفع شر الجن ويقول ذلك كفر واللحم حرام..).(4)
    ويستنكر سليمان بن عبد الوهاب تكفير من ذبح أو نذر لغير الله، ويستغرب من تكفير من دعا غير الله فيقول:
    (من أين لكم أن المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إذا دعا غائباً أو ميتاً أو نذر له، أو ذبح لغير الله، أن هذا هو الشرك الأكبر الذي من فعله حبط عمله وحل ماله ودمه). (5)
    ويقول سليمان: (لم يقل أهل العلم من طلب من غير الله فهو مرتد ولم يقولوا من ذبح لغير الله فهو مرتد..)(6).
    ويجوّز محمد بن محمد القادري الاستغاثة بغير الله ما دام أن المستغيث بغير الله، لا يعتقد أن غير الله هو الموجد، وأنه لا تأثير إلا لله وحده يقول القادري:
    (وقول يا سيدي أحمد أو شيخ فلان ليس من الإشراك؛ لأن القصد التوسل والاستغاثة.. ولا يشك في مسلم أن يعتقد في سيدي أحمد أو غيره من الأولياء أن له إيجاد شيء من قضاء مصلحة أو غيرها إلا بإرادة الله وقدرته..) (1).
    ويعتبر الحداد أن منع النذر للأولياء من مفتريات الشيخ، فيقول الحداد:
    (وأما نص النجدي بمنع النذر مطلقاً للأكابر، فمن افترائه على كتب الشريعة وجهله المركب). (2)
    ويقول محسن بن عبد الكريم في (لفحات الوجد) أثناء مدحه لأحد خصوم الشيخ:
    (وألزمهم بعد ذلك أن الشرك في الدعاء ليس بشرك أكبر، فلا يخرج به فاعله من دائرة الإسلام بعد تحقيق دخوله فيه). (3)
    وألف عبد الله بن حسين بلفقيه العلوي رسالة في الرد على أئمة الدعوة … في هذه المسألة، لكي يثبت أن دعاء غير الله ليس شركاً أكبر. (4)
    كما أن داود بن جرجيس يزعم أن دعاء الأموات والغائبين والذبح والنذر لغير الله ليس بشرك. (5)
    ويحتج جعفر النجفي على جواز الذبح لغير الله بأن (أهل الإسلام من قديم الأيام يذبحون للأنبياء والأولياء..). (6)
    ويدعي الرافضي العاملي جواز الاستغاثة بغير الله، فيقول:
    (لو قال في دعائه واستغاثته بغير الله: اقض ديني، أو اشف مريضي أو انصرني على عدوي، فليس منه مانع ولا محذور، فضلاً عما يوجب الإشراك والتكفير، للعلم بحال المسلم الموحَّد المعتقد أن من عدا الله تعالى لا يملك لنفسه أو لغيره نفعاً ولا ضراً). (7)
    ويستنكر الشطي أن تكون الاستغاثة بغير الله شركاً – كما هو عليه أئمة الدعوة السلفية -، فيقول حاكياً معتقد الوهابيين في ذلك:
    (فإنهم يصرحون بأن من يستغيث بالرسول عليه السلام، أو غيره، في حاجة من حوائجه، أو يطلب منه أو يناديه في مطالبه ومقاصده، ولو بيا رسول الله، أو اعتقد على نبي أو ولي ميت وجعله واسطة بينه وبين الله في حوائجه فهو مشرك حلال الدم والمال …). (8)
    ويأتي محمد بن علوي المالكي – في ذيل تلك القافلة المتعثرة – فيدعي: (أنه لا يكفر المستغيث إلا إذا اعتقد الخلق والإيجاد لغير الله). (9)
    لكي نجيب على تلك الشبهة، ونزيل اعتراض الخصوم، فإننا نذكَّر ابتداءً – بما قررناه من قبل – أن الخصوم قصرت تصوراتهم عن إدراك حقيقة التوحيد فجعلوا توحيد الربوبية هو غاية التوحيد، وأنه الواجب على المكلَّف.. ومن ثم قصرت تصوراتهم لحقيقة الشرك – الذي يناقض التوحيد – فحصروا الشرك في الربوبية كمن يعتقد أن الخلق والإيجاد لغير الله، أو النفع والضر لغيره سبحانه …
    أما علماء هذه الدعوة وأتباعها فقد تصوروا تصورا ًتاماً وفهموا فهماً شاملاً لكل من حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك.
    ومن المناسب – إذن – أن نذكر حد الشرك الأكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده – كما قرره بعض علماء الدعوة.. – وهو:
    (أن يصرف العبد نوعاً أو فرداً من أفراد العبادة لغير الله.. فكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع، فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه لغيره شرك وكفر). (1)
    فمثلا أمر الله بالذبح له، وإخلاص ذلك لوجهه، كما هي صريحة بذلك النصوص القرآنية في الصلاة، فقد قرن الله الذبح بالصلاة في عدة مواضع من كتابه، وإذا ثبت أن الذبح لله من أجل العبادات وأكبر الطاعات، فالذبح لغير الله شرك أكبر مخرج عن دائرة الإسلام. (2)
    وكذلك النذر عبادة، مدح الله الموفين به، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بنذر الطاعة، وأمر سبحانه بالاستغاثة به في كل شدة ومشقة، فهذه إخلاصها لإيمان وتوحيد وصرفها لغير الله شرك وتنديد. (3)
    وأما دعوى الخصوم أن مشركي العرب يعتقدون النفع والضر لأصنامهم، فنصوص القرآن الكريم ترد تلك الدعوى الخاطئة – كما ذكرنا بعضها من قبل – ويكفي من ذلك قوله تعالى: (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله قل أفلا تذكرون. قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم. سيقولون لله قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون).(4)
    فهؤلاء الذين قاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم مقرون بأنه لا ينفع ولا يضر إلا الله وحده ومقرون أن معبوداتهم – سواء كان أصناماً أو أولياء – لا تدبر ولا تخلق شيئاً، وأن النفع والضر من عند الله..
    وبهذا يتضح بطلان اعتقاد هؤلاء الجهال – من عباد القبور – ممن يذبح للأولياء أو ينذر لهم القرابين أو يستغيث بالموتى، ويظن أنه مسلم بمجرد اعتقاده أن الله هو المؤثر المتصرف، فإن هذه طريقة مشركي العرب – سواء بسواء.(5)
    ولبيان أن دعاء غير الله والاستغاثة بالأولياء ونحوهم، وكذا الذبح لغير الله، والنذر لغيره عز وجل.. أن هذه – كلها – من أنواع الشرك الأكبر الذي يخرج عن دائرة الإسلام، فإننا نذكر بعض ما كتبه أئمة الدعوة في هذا الشأن رداً على شبهة أولئك الخصوم.
    يورد الشيخ محمد بن عبد الوهاب الجواب الشافي على شبهة ابن سحيم حين ظن أن النذر لغير الله حرام ليس بشرك، فقال الشيخ مجيباً على ذلك ومخاطباً ابن سحيم:
    (فدليلك قولهم أن النذر لغير الله حرام بالإجماع فاستدللت بقولهم حرام على أنه ليس بشرك، فإن كان هذا قدر عقلك فكيف تدعي المعرفة ؟ يا ويلك ما تصنع بقول الله تعالى: { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً } (1). فهذا يدل على أن الشرك حرام ليس بكفر يا هذا الجاهل الجهل المركب، ما تصنع بقول الله تعالى: { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } (2). إلى قوله: { وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً } (3). هل يدل هذا التحريم على أنه لا يكفر صاحبه ؟ يا ويلك في أي كتاب وجدته إذا قيل لك هذا حرام، أنه ليس بكفر، فقولك أن ظاهر كلامهم أنه ليس بكفر، كذب وافتراء على أهل العلم، بل يقال ذكر أنه حرام، وأما كونه كفر فيحتاج إلى دليل آخر، والدليل عليه أنه مصرح في (الإقناع) أن النذر عبادة، ومعلوم أن لا إله إلا الله معناها لا يعبد إلا الله، فإذا كان النذر عبادة وجعلتها لغيره كيف لا يكون شركاً) (4).
    ويورد الشيخ الإمام قاعدة مهمة أثناء جوابه على من ادعى أن الذبح للجن منهي عنه فهو معصية وليس ردة.. يقول الشيخ:
    (قوله: الذبح للجن منهي عنه، فاعرف قاعدة أهملها أهل زمانك، وهي أن لفظ (التحريم) و (الكراهة) وقوله (لا ينبغي) ألفاظ عامة تستعمل في المكفّرات، والمحرّمات التي هي دون الكفر، وفي كراهة التنزيه التي هي دون الحرام، مثل استعمالها في المفكرات: قولهم لا إله إلا الذي لا تنبغي العبادة إلا له. وقوله (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً)(5) ولفظ التحريم مثل قوله تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً)(6)، وكلام العلماء لا ينحصر في قولهم (يحرم كذا) لما صرحوا في مواضع أخر أنه كفر، وقولهم (يكره) كقوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) (6) إلى قوله (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها)(7) وأما كلام الإمام أحمد في قوله: (أكره كذا) فهو عند أصحابه على التحريم، إذا فهمت هذا، فهم صرحوا أن الذبح للجن ردة تخرج وقالوا: الذبيحة حرام ولو سمى عليها..). (8)
    ويقرر الشيخ حمد بن ناصر بن معمر حكم الاستغاثة بغير الله فيقول:
    (ونحن نعلم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحداً من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة، ولا بغيرها، بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله قال الله تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً) (9). (فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين(6)..) (6) .
    ثم يقول: (فكل من دعا ميتاً من الأنبياء والصالحين أو دعا الملائكة أو الجن، فقد دعا من لا يغيثه، ولا يملك كشف الضر عنه، ولا تحويله) (6).
    ويبين الشيخ حمد بن ناصر بن معمر – رحمه الله – نوعي دعاء غير الله، ثم يرد على بعض الاعتراضات التي أوردها بعض الخصوم، لكي يجيزوا دعاء غير الله ويحسبون أنه ليس بكفر، فكان مما قاله:
    (اعلم أن دعاء غير الله وسؤاله نوعان، أحدهما: سؤال الحي الحاضر ما يقدر عليه مثل سؤاله أن يدعو له، أو ينصره، أو يعينه، فهذا جائز كما كان الصحابة يستشفعون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، فيشفع لهم، ويسألونه الدعاء فيدعو لهم.
    النوع الثاني: سؤال الميت والغائب وغيرهما ما لا يقدر عليه إلا الله مثل سؤال قضاء الحاجات وتفريج الكربات، فهذا من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين.. وهذا مما يعلم بالاضطرار أنه ليس من دين الإسلام) (6).
    وقال أيضاً:
    (فقول القائل: أن إطلاق الكفر بدعاء غير الله غير مسلَّم لوجوه: الوجه الأول: عدم النص الصريح على ذلك بخصوصه. كلام باطل بل النصوص صريحة في كفر من دعا غير الله، وجعل لله نداً من خلقه يدعوه كما يدعو الله ويرجوه كما يرجو الله، ويتوكل عليه في أموره كلها.
    قال الله تعالى: { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون( )}( ).
    ويقول – في موضع آخر -:
    (وأيضاً فإن كثيراً من المسائل التي ذكرها العلماء في مسائل الردة والكفر وانعقد عليها الإجماع، لم يرد فيها نصوص صريحة بتسميتها كفراً، وإنما يستنبطها العلماء من عمومات النصوص..) ( ).
    ثم يقول الشيخ حمد بن ناصر بن معمر – في رد اعتراض آخر -:
    (وأما قوله الثاني إن نظر فيه من حيثية القول فهو كالحلف بغير الله وقد ورد أنه شرك وكفر ثم أوّلوه بالأصغر …
    فنقول: هذا كلام باطل، وليس يخفى ما بينهما من الفرق، فأي مشابهة بين من وحد الله وعبده، ولم يشرك معه أحداً من خلقه، وأنزل حاجاته كلها بالله واستغاث به في تفريج كربته، لكنه حلف بغير الله يميناً مجردة لم يقصد بها تعظيمه على ربه، ولم يسأله ولم يستغث به، وبين من استغاث بغير الله وسأله جلب الفوائد وكشف الشدائد، فإن هذا صرف مخ العبادة الذي هو لبها وخالصها لغير الله …) ( ).
    ويوضح صاحب (التوضيح) الإشكال عند الخصوم، ويزيل اللبس عندهم في مسألة النذر لغير الله … فيفصّل الفرق بين نذر فعل المعصية، والنذر لأجل غير الله..، ويبين تحقق الشرك وحصوله في النذر لغير الله.. يقول صاحب (التوضيح): (والنذر غير الجائز قسمان:
    أحدهما: نذر فعل معصية كشرب الخمر، وقتل معصوم، وصوم يوم عيد فيحرم الوفاء به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصه)( )، ولأن معصية الله تبارك وتعالى لا تباح في حال من الأحوال …
    الثاني: النذر لغير الله كالنذر لإبراهيم الخليل أو محمد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم، أو ابن عباس، أو عبد القادر، أو الخضر .. فلا خلاف بين من يعتد به من علماء المسلمين أنه من الشرك الاعتقادي؛ لأن الناذر لم ينذر هذا النذر الذي لغير الله إلا لاعتقاده في المنذور له أنه يضر وينفع ويعطي ويمنع إما بطبعه، وإما بقوة سببيه فيه، ويجلب الخير والبركة، ويدفع الشر والعسرة، والدليل على اعتقاد هؤلاء الناذرين وشركهم حكيهم وقولهم أنهم قد وقعوا في شدائد عظيمة، فنذروا نذرا لفلان وفلان أصحاب القبور من الأنبياء والمشايخ، وللغار الفلاني، والشجرة الفلانية فانكشفت شدائدهم، واستراحت خواطرهم، فقد قام في نفوسهم أن هذه النذور هي السبب في حصول مطلوبهم ودفع مرهوبهم، ومن تأمل القرآن وسنة المبعوث به صلى الله عليه وسلم، ونظر أحوال السلف الصالح علم أن هذا النذر نظير ما جعلته المشركون لآلهتهم في قوله تعالى: (هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا( )..) ( ).
    ويرد الشيخ عبد الله أبو بطين شبهة القبوريين حين ظنوا أن دعاءهم الأموات مجاز، وأن الله عز وجل هو المسئول حقيقة، فيقول :
    (وأما قول القائل أن دعاء الأموات وسؤالهم قضاء الحاجات مجاز، والله سبحانه هو المسئول حقيقة، فهذا حقيقة قول المشركين {هؤلاء شفعاؤنا عند الله }( )، { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى }( ). فهم يسألون الوسائط زاعمين أنهم يشفعون لهم عند الله في قضاء حوائجهم، قال شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله: فمن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم، ويسألهم كفر إجماعاً( ).
    ويؤكد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن أن صرف بعض أنواع العبادة لغير الله شرك.. كما قرره الأئمة الأعلام..، وعلى تقريرهم سار علماء هذه الدعوة فيقول الشيخ عبد اللطيف:
    (وأما تكفير من أجاز دعاء غير الله، والتوكل على سواه، واتخاذ الوسائط بين العباد وبين الله في قضاء حاجاتهم، وتفريج كرباتهم، وإغاثة لهفاتهم، وغير ذلك من أنواع عباداتهم، فكلامهم – أي العلماء – فيه، وفي تكفير من فعله أكثر من أن يحاط به ويحصر، وقد حكى الإجماع عليه غير واحد ممن يقتدى به، ويرجع إليه من مشايخ الإسلام، والأئمة الكرام. ونحن قد جرينا على سنتهم في ذلك وسلكنا منهاجهم فيما هنالك، لم نكفر أحداً إلا من كفره الله ورسوله، وتواترت نصوص أهل العلم على تكفيره ممن أشرك بالله، وعدل به سواه، أو عطل صفات كماله، ونعوت جلاله، أو زعم أن لأرواح المشايخ والصالحين تصرفاً وتدبيراً مع الله. تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً) ( ).
    ويتحدث محمود شكري الآلوسي عن حال الناذرين في نذورهم لمن يعتقدون فيه الصلاح، ويذكر أنهم يعتقدون فيمن نذروا له من الأولياء أنه ينفع ويضر، ويعطي ويمنع، ويذكر الآلوسي الدليل على ذلك، فيقول:
    (والدليل على اعتقادهم هذا، قولهم: وقعنا في شدة فنذرنا لفلان فانكشفت شدتنا، ويقول بعضهم: هاجت علينا الأمواج، فندبت الشيخ فلان، ونذرت له الشيء الفلاني فسلمت سفينتنا، وتراهم إذا هم لم يفوا، وحصلت لهم بعض الآلام، قيل للناذر أوفي بنذرك، وإلا يفعل بك الشيخ كذا وكذا، فيسارع بالوفاء، ولو أنه يستدين في ذمته، ولو كان مديوناً أو مضطراً، وربما يموت وهو مديون، كل ذلك خوفاً من المنذور له، وطلباً لرضاه. وهل هذا إلا من سوء اعتقاده، وقلة دينه وكساده، وغاية جوابه إذا عذلته أن يقول لك: مقصودي يشفعون لي. والله لا تخطر الشفاعة على قلبه، ولا يعرف إلا أن ذلك المنذور له هو القاضي لحاجته والمهيء لبغيته) ( ).
    وسرد الآلوسي أقوال العلماء التي تؤكد وتثبت أن الذبح لغير الله يعتبر شركاً أكبر يخرج من الملة، ثم قال:
    (فقد تبين لك من هذه النقول كلها أن من يقرب لغير الله تقرباً إلى ذلك الغير ليدفع عنه ضيراً، أو يجلب له خيراً تعظيماً له من الكفر الاعتقادي والشرك الذي كان عليه الأولون) ( ).
    ومما تضمنه (البيان المفيد) ما نصه:
    (ونعتقد أن عبادة غير الله شرك أكبر، وأن دعاء غير الله من الأموات والغائبين وحبه كحب الله، وخوفه ورجائه، ونحو ذلك شرك أكبر، وسواء دعاه عبادة، أو دعاه دعاء استعانة في شدة أو رخاء، فإن الدعاء مخ العبادة، وأن اعتقاد أن لشيء من الأشياء سلطاناً على ما خرج عن قدرة المخلوقين شرك أكبر، وأن من عظّم غير الله مستعيناً به فيما لا يقدر عليه إلا الله كالاستنصار في الحروب بغير قوة الجيوش.. والاستعانة على السعادة الأخروية أو الدنيوية بغير الطرق والسنن التي شرعها الله لنا، يكون مشركاً شركاً أكبر) ( ).
    ونذكّر – في خاتمة هذا المبحث – أن ما قرره أئمة الدعوة السلفية وأنصارها في مسألة نواقض الإسلام، وأنواع المكفرات التي توجب على مرتكبها الخروج والانسلاخ عن دين الإسلام، أن هذا التقرير ليس بدعاً من عند أنفسهم، وإنما كان ذلك اتباعاً لنصوص القرآن الكريم، ونصوص السنّة النبوية الصحيحة، والتزاماً بأقوال الصحابة والتابعين وعلماء الأمة المعتبرين من المذاهب الأربعة( ).

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم الشريف مشاهدة المشاركة
    2- ان القرآن ملئ بالمجاز : مثل قوله (وسئل القرية التى كُنا فيها والعير التى اقبلنا فيها وانا لصادقون) .. الخ
    الأصل هو حمل ألفاظ الكتاب والسنة على حقائقها، فإن قوماً ركبوا ظهر المجاز فتوصلوا به إلى تأويل نصوص الوحي بوجه لا يجوز، فنفوا الأسماء وعطلوا الصفات، وشأن أهل السنة في ذلك هو إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفي ما نفاه عن نفسه ونفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسكتون عما سكت عنه الكتاب والسنة، ويسعنا ما وسع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العلامة
    ابن القيم
    :
    "ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى يكون اتفاق من الأمة أنه أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم، ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات
    يقول
    ابن القيم
    ـ ـ في معرض حجاج مثبتي المجاز، كما في مختصر الصواعق المرسل:
    إنكم فرقتم أيضا بينهما (أي بين الحقيقة والمجاز) بأن المجاز ما يتبادر غيره إلى الذهن، فالمدلول إن تبادر إلى الذهن عند الإطلاق كان حقيقة، وكان غير المتبادر مجازا، فإن الأسد إذا أطلق تبادر منه الحيوان المفترس دون الرجل الشجاع. فهذا الفرق مبني على دعوى باطلة وهي تجريد اللفظ عن القرائن بالكلية والنطق به وحده وحينئذ يتبادر منه الحقيقة عند التجرد. وهذا الفرض هو الذي أوقعكم في الوهم فإن اللفظ بدون القيد والتركيب بمنزلة الأصوات التي ينعق بها لا تفيد فائدة، وإنما يفيد تركيبه مع غيره تركيبا إسناديا يصح السكوت عليه، وحينئذ فإنه يتبادر منه عند كل تركيب بحسب ما قيد به فيتبادر منه في هذا التركيب ما لا يتبادر منه في هذا التركيب الأخير.
    اهـ.

    مزيد بيان على هذا الرابط
    https://majles.alukah.net/t158230/

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم الشريف مشاهدة المشاركة
    3- ان تفسير اهل السنة لقوله (أامنتم من فى السماء) اى على السماء، او فى العلو
    من باب المجاز لان (فى) هنا ظرفية على الاصل، واما كونها تأتى بمعنى على فهذا مجاز
    فأهل السنة هنا اولوا لانهم صرفوا اللفظ عن ظاهرة الى ما يخالف ظاهرة كذا زعم
    ..
    https://islamqa.info/ar/answers/219403/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم الشريف مشاهدة المشاركة
    ت
    4- الاستدلال على جواز التوسل بالاموات بحديث عمر (كنا نتوسل اليك بنبينا والان نتوسل اليك بعم نبينا)
    وعندما اجبته بانه عند وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -، عمر ترك التوسل بالنبى، وتوسلَ بالعباس، ولو كان التوسل بالميت جائز لما عدل عنه
    قال لى : لماذا عدل عُمر عن التوسل باسماء الله وصفاته الى التوسل بالعباس ؟
    https://www.dorar.net/aqadia/1578/%3Cb

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم الشريف مشاهدة المشاركة
    11- اننى عندما قلت له : بانه اقرب الى عباد القبور، من المسلمين
    زعم ان هذا سب وشتمُ له، وليس بأدب ولا توقير !!
    قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حول آية الممتحنة السابقة: (فمن تدبر هذه الآيات عرف التوحيد الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وعرف حال المخالفين لما عليه الرسل وأتباعهم من الجهلة المغرورين الأخسرين قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: : أنه صلى الله عليه وسلم لما قام يُنذرهم عن الشرك، ويأمرهم بضده وهو التوحيد، لم يكرهوا، واستحسنوا، وحدثوا أنفسهم بالدخول فيه، إلى أن صرح بسبِّ دينهم، وتجهيل علمائهم، فحينئذ شمَّروا له ولأصحابه عن ساق العداوة، وقالوا: سفه أحلامنا، وعاب ديننا، وشتم آلهتنا. ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يشتم عيسى وأمه، ولا الملائكة ولا الصالحين. لكن لما ذكر أنهم لا يُدعون ولا ينفعون ولا يضرون، جعلوا ذلك شتماً
    قال ابن إسحاق : . فقالوا : يا أبا طالب ، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا ، وعاب ديننا ، وسفه أحلامنا ، وضلل آباءنا ؛ فإما أن تكفه عنا ، وإما أن تخلي بيننا وبينه ، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه ، فنكفيكه فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا ، وردهم ردا جميلا ، فانصرفوا عنه .
    ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه ، يظهر دين الله ، ويدعو إليه ، ثم شرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتضاغنوا ، وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها ، فتذامروا فيه ، وحض بعضهم بعضا عليه ، ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى ، فقالوا له : يا أبا طالب ، إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا ، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وعيب آلهتنا ، حتى تكفه عنا ، أو ننازله وإياك في ذلك ، حتى يهلك أحد الفريقين ، أو كما قالوا له . ( ثم ) انصرفوا عنه

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2021
    المشاركات
    10

    Arrow رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    جزاك الله خيرًا يا اخى عبد اللطيف ..
    والله انك قد شفيت صدرى بخُصوص مفهوم العبادة والتوحيد والشرك، وزعمه بان الدعاء او الذبح او غيره ليس بشرك فى نفسه، الا اذا انضم الى ذلك اعتقاده بالخالقية ..
    وقد علمت الان لماذا دراسة توحيد الالوهية مهمة جدًا، بسبب الذى حصل معى، وادركت ان علماء السنة حينما رتبوا دراسة كتب العقيدة بهذه الطريقة، كانوا مُصيبين ..
    لم اكن اعلم خطورة هذا النوع من التوحيد .. اخطأت حينما ظننت انه ينبغى تقديم دراسة التوحيد العلمى قبل العملى ..
    لقد كنت على جهلٍ عظيمٍ حقًا بسبب عدم اهتمامى الكبير بهذا الامر الجلل ..
    الحمد لله الذى هدانى لهذا وما كنت لاهتديه دونه ..

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم الشريف مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرًا يا اخى عبد اللطيف ..
    والله انك قد شفيت صدرى بخُصوص مفهوم العبادة والتوحيد والشرك، وزعمه بان الدعاء او الذبح او غيره ليس بشرك فى نفسه، الا اذا انضم الى ذلك اعتقاده بالخالقية ..
    وقد علمت الان لماذا دراسة توحيد الالوهية مهمة جدًا، بسبب الذى حصل معى، وان علماء السنة حينما رتبوا دراسة كتب العقيدة بهذه الطريقة، كانوا مُصيبين ..
    لم اكن اعلم خطورة هذا النوع من التوحيد .. اخطأت حينما ظننت انه ينبغى تقديم دراسة التوحيد العلمى على العملى ..
    لقد كنت على جهلٍ عظيمٍ حقًا بسبب عدم اهتمامى الكبير بهذا الامر الجلل ..
    نعم بارك الله فيك
    لم اكن اعلم خطورة هذا النوع من التوحيد .. اخطأت حينما ظننت انه ينبغى تقديم دراسة التوحيد العلمى على العملى ..
    المشكلة فى التصور الناقص المبتور لحقيقة التوحيد – عند هؤلاء – هو أنهم يعتقدون أن التوحيد - الذي يجب على كل مكلَّف - هو توحيد الربوبية فقط، فمن أقر بأن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت.. ونحوها من صفات الربوبية، فهو الموحَّد، وتصوروا – جهلاً وتقليداً – أن معنى شهادة لا إله إلا الله هو إثبات أن الله هو الخالق والقادر على الاختراع، وجهلوا - أو تجاهلوا - أن معنى (الإله) بإجماع أهل اللغة وعلماء التفسير والفقهاء هو المعبود، فيكون المراد بكلمة الشهادة: لا معبود بحق إلا الله، أي صرف جميع أنواع العبادات لله وحده، وإثباتها له وحده – سبحانه، ونفيها عما سواه عز وجل.
    وكأن هؤلاء الأدعياء لا يعلمون أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد قاتل مشركي العرب مع إقرارهم بتوحيد الربوبية؛ لأنهم قد أنكروا توحيد العبادة ولم يعترفوا، ولم يقروا بأن الله وحده هو المستحق للعبادة بجميع أنواعها فلا تصرف لمعبوداتهم من الأحجار والأوثان والطواغيت.
    ومما يدل على أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مقرَّين بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر.. ونحوها من أفعال الرب سبحانه، ولم يدخلهم ذلك في دين الإسلام قوله تعالى:
    (قل من يرزقكم من السماء والأرض، أم من يملك السمع والأبصار، ومن يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون).
    وهذا التوحيد الذي أقر به مشركوا العرب ولم يدخلهم في الإسلام هو الغاية عند هؤلاء الخصوم.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2021
    المشاركات
    10

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    انا ما كنت اتصور ان اجد انسانًا ينكر هذا الامر الواضح وانه من الشرك الاكبر، الى ان رأيت بام عينى، ولم اصدق ما سمعته اذنى ..
    وهو يقول : ان هذا ليس بشرك، وان عباد الاصنام لم يكفروا الا باعتقادهم ان اوثانهم، تخلق وترزق مع الله ..
    واذا اراد ان يجاملنى يقول : نعم انا اوافقك ان هذا محرم او شئ قبيح لا يجوز فعله، واما ان يُقال انه شرك مخرج من المله فضلالة وبدعة !!
    ثم جعل يورد الشبهات التى سمعت ..

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2021
    المشاركات
    10

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    ثم انه كذاب والله غير صريح فى عقيدته يُخفيها، فتجده يدعى انه يُثبت الصفات لله على ما يليق بجلالة ..
    وان الله استوى على العرش، وله وجه، ويد .. الخ ..
    ثم عند التحقيق لا اجده الا ويقول : ان اليد اصلها فى لغة العرب جارحة، فينبغى ان تحمل على المجاز ..
    وعندما اقول له : هل تُثبت لله علوًا ذاتيًا يليق بجلالة ؟! تجده يقول اثبت علو لله نعم ..
    فاعيد له : انا اقصد علو ذاتى وليس القهري فقط .. فيقول : نعم اثبت علو ذاتى ..
    ثم عندا اصرح ان الله فوق العرش بذاته .. وانه خارج عن العالم ..
    ينكر على وان هذا خطأ لانك جعلت الله فى مكان على زعمه !!
    فاذا قلت له اليس الله كان ولا شئ معه كما فى الحديث، كذلك عندما نقول ان الله فوق العالم، لا يعنى هذا اننا جعلناه فى مكان لانه شئ وجودي ..
    يقول ذا خارج العالم عدم، وقد جعلت الله فى العدم !!
    واما انا عندما صرحت له بعقيدتى وانه يميل الى عباد القبور، ولم ابهم واراوغ مثله اتهمنى بسوء الخلق !!
    من افضل : عدوُ ينافق ويبطن شئ، ولا يظهره .. اما عدوا صريح يتلفظ بما يعتقده ؟!
    ثم انى اجده منتفخًا انتفاخًا كبيرًا والله، كانه عالم زمانه وحصل ما لم يحصله احدًا على الاطلاق ..
    وكنت احاول ان انبهة بان لا يغتر بعلمه، وانه لا يعصمه، فينكر ويرد على بان علمه سيعصمه ؟!
    فذكرت له علماء اعلم منه بكثير والحدوا كابن سينا وغيره .. وان علماء اليهود والنصارى عندهم علم كبير ..
    ولم يعصمهم علمهم من الخطأ فلماذا كل هذا التكبر والغطرسة على ؟!
    واما انتم والله ما رأيت منكم الا تواضعًا كبيرًا ..

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم الشريف مشاهدة المشاركة
    واما انا عندما صرحت له بعقيدتى وانه يميل الى عباد القبور، ولم ابهم واراوغ مثله اتهمنى بسوء الخلق !!
    من افضل : عدوُ ينافق ويبطن شئ، ولا يظهره .. اما عدوا صريح يتلفظ بما يعتقده ؟!
    ..
    بارك الله فيك وجزاك الله خيرا أخى الفاضل ابراهيم الشريف
    بل ما صرحت به من محاسن الاخلاق وقد تبين فيما سبق كيف كان خلق النبى صلى الله عليه وسلم مع مشركى مكة وكيف جعلوا ذلك سبا ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يشتم عيسى وأمه، ولا الملائكة ولا الصالحين. لكن لما ذكر أنهم لا يُدعون ولا ينفعون ولا يضرون، جعلوا ذلك شتماً
    وقالوا لأبا طالب ، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا ، وعاب ديننا ، وسفه أحلامنا ، وضلل آباءنا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2021
    المشاركات
    10

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    والله لوددت ان اتعلم هذا التوحيد وادافع عنه حتى انتصر او اهلِكَ دونَه ..
    قبحهم الله جميعًا لماذا يحاربونه ؟! اتمنى ان اتعلمه واصير بارعًا مُبدعًا فيه، لاستطيع ان ارد واجادل وادافع عنه ..
    قد علمت والله اليوم أُمورًا كثيرة : وان الهداية بيد الله وحده، يضل من يشاء ويهدي من يشاء،
    وانه قد يكون عند الانسان علمُ واسع، ولكنه غير نافع، فيتسبب فى ضلاله بدلًا من هدايته ..
    (افرأيت من اتخذ الهة هواه واضله الله على علمٍ وختم على سمعه وبصره وجعل على قلبه غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تذكرون)

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم الشريف مشاهدة المشاركة
    والله لوددت ان اتعلم هذا التوحيد وادافع عنه حتى انتصر او اهلِكَ دونَه ..
    أحسنت بارك الله فيك
    قال جل وعلا -قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ۖ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ
    قال السعدى أي‏:‏ قل للمنافقين الذين يتربصون بكم الدوائر‏:‏ أي شيء تربصون بنا‏؟‏ فإنكم لا تربصون بنا إلا أمرا فيه غاية نفعنا، وهو إحدى الحسنيين، إما الظفر بالأعداء والنصر عليهم ونيل الثواب الأخروي والدنيوي‏.‏ وإما الشهادة التي هي من أعلى درجات الخلق، وأرفع المنازل عند اللّه‏.‏
    وأما تربصنا بكم ـ يا معشر المنافقين ـ فنحن نتربص بكم، أن يصيبكم اللّه بعذاب من عنده، لا سبب لنا فيه، أو بأيدينا، بأن يسلطنا عليكم فنقتلكم‏.‏ ‏{‏فَتَرَبَّصُوا ‏}‏ بنا الخير ‏[انا معكم متربصون] بكم الشر‏.‏

    وقول النبى صلى الله عليه وسلم -ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه-السيرة -ابن اسحاق

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    هكذا الأشاعرة وأهل البدع شبهاتهم لا تنتهي ولا يقبلون جوابا وكلما جئتهم بجواب مُسْكِتٍ عدلوا عنه إلى غيره
    وعلى كل فسأحاول الإجابة عن بعض هذه الشبهات بإيجاز لضيق الوقت لدي وإن كانت كل شبهة تحتاج إلى رسالة مستقلة والنقل من كتبهم لبيان ضلالهم من جهة ومنع تدليسهم من جهة أخرى بأنهم لا يقولون بهذا الأمر
    فالله المستعان
    1- ان دعاء غير الله ليس بشرك وكذلك الاستغاثة بالله، ما دام لم يعتقد فيه الاستقلالية
    قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب} فهل هناك أشد بيانا من ذلك فإنه قال أولا: {وأعتزلكم وما تدعون} ثم قال بعده: {فلما اعتزلهم وما يعبدون} فَدَلَّ على أن دعاء غير الله عبادة
    ومثله قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}
    ومثله قوله تعالى: {ومن أضل ممن يدعو من دون الله مَن لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانو لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين} فقال أولا {ممن يدعو} ثم قال: {وهم عن دعائهم غافلون} ثم أثبت أن الدعاء هو العبادة فقال: {وكانوا بعبادتهم كافرين}
    وقوله صلى الله عليه وسلم: {الدعاء هو العبادة}
    فأي شيء أصرح من هذا وأين اشتراط الاستقلالية

    2- ان القرآن ملئ بالمجاز : مثل قوله (وسئل القرية التى كُنا فيها والعير التى اقبلنا فيها وانا لصادقون) .. الخ
    لا حرج إن شاء الله على من يثبت المجاز فهي مسألة قابلة لنقاش كثير
    ولكن الحرج فيها أن مرادهم بذلك تأويل الصفات ونفيها، وأنى لهم ذلك؟! فسواء أثبت المجاز أو نفيته فلا يضر ذلك في إثبات صفات الله عز وجل إلا عند أصحاب الأهواء

    3- ان تفسير اهل السنة لقوله (أامنتم من فى السماء) اى على السماء، او فى العلو
    من باب المجاز لان (فى) هنا ظرفية على الاصل، واما كونها تأتى بمعنى على فهذا مجاز
    فأهل السنة هنا اولوا لانهم صرفوا اللفظ عن ظاهرة الى ما يخالف ظاهرة كذا زعم
    هذه نفس المسألة السابقة
    وعلى كل فالتعبير الشرعي وكذا التعبير العربي جرى على استعمال ذلك (في السماء)

    ومن الاستعمال الشرعي لذلك:
    1- حديث الجارية وفيه: "أين الله؟" قالت: "في السماء" رواه مسلم
    2- "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" رواه أبو داود والترمذي وصححه، وقال الألباني في تعليقه على كتاب العلو: صحيح لغيره
    3- "من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء" رواه الطبراني، وقال المنذري إسناده قوي
    4- "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟ يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء" متفق عليه
    وغير ذلك كثير
    وقد جرى الاستعمال العربي على ذلك أيضا فمن ذلك:
    1- عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأَبِي: "يا حصين، كم تعبد إلها؟" قال أبي: سبعة، ستًّا في الأرض وواحدا في السماء. قال: فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذي في السماء. رواه الترمذي وأحمد وغيرهما وإسناده جيد
    فإن حصينا والد عمران لم يكن أسلم بعد فهو يتكلم بسليقته العربية
    2- وقول عنترة:
    يا عَبْلُ أين من المنية مهربٌ ... إن كان ربي في السماء قضاها

    3- قولهم: "دَوَّمَ الطائرُ في السماء" إذا دار
    ومعلوم أن الطائر لا يُدَوِّمُ في السماء المبنية وإنما في جهة العلو
    وقد أنكر الأصمعي على ذي الرمة الشاعر المعروف قوله:
    حتى إذا دَوَّمَتْ في الأرض أَدْرَكَهُ ... كبرٌ، ولو شاء نجى نفسه الهرب
    يريد: إذا "دومت الكلاب في الأرض" وذلك إذا رأيت الشيء من بعيد كأنه يدور، فذلك "التدويم". قال الأصمعي: "لم يضع ذو الرمة هذا الحرف في موضعه". وقال: إنما التدويم في السماء. يقال للطائر إذا دار وارتفع: قد دوَّم.


    4- وقول امرئ القيس:
    كأن غلامي إذ علا حال متنه ... على ظهر بازٍ في السماء مُحَلِّقُ
    5- وقول الفرزدق:
    ولو رفع السحاب إليه قوما ... علونا في السماء إلى السحاب
    ثم إن اصطلاح البلاغيين ليس حاكما على الشرع أعني في تعريفهم للظرفية وتقسيمها إلى ظرفية حقيقية وظرفية مجازية ... الخ.

    فالظرفية الحقيقية: ما كان للمظروف تحيز وللظرف احتواء
    والمجازية ما اختل واحد من الشرطين أو كلاهما
    فهذا اصطلاح خاص بالبلاغيين فإن خالف الشرع قُدِّم الشرعُ دون تفكير
    والله أعلم

    4- الاستدلال على جواز التوسل بالاموات بحديث عمر (كنا نتوسل اليك بنبينا والان نتوسل اليك بعم نبينا)
    وعندما اجبته بانه عند وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -، عمر ترك التوسل بالنبى، وتوسلَ بالعباس، ولو كان التوسل بالميت جائز لما عدل عنه
    قال لى : لماذا عدل عُمر عن التوسل باسماء الله وصفاته الى التوسل بالعباس ؟
    هذا كلام عجيب، فهل توسل عمر بذات العباس أو بدعائه؟!
    والعباسُ هل أمر المطر أن ينزل فنزل؟! أو دعا الله وتوسل إليه بأسمائه وصفاته فاستجاب الله له؟

    إنما هو الهوى والمغالطات

    5- انه لا يوجد احد من الامة يعبد القبور، وانما هذا افتراء من الوهابية
    يقول هذا لأنه لا يعرف معنى العبادة، وإلا لو عرف معنى العبادة لَمَا قال ذلك
    وقد ذكرت في جواب السؤال الأول أن الدعاء عبادة مع الدليل
    وكذا الذبح والنذر والطواف وغيرها من أنواع العبادة التي يصرفونها لأصحاب القبور ويزعمون أنها ليست عبادات
    وليس زعمهم هذا بنافعهم شيئا
    وقد رأينا من كبرائهم من يسجد للقبر سجوده للصلاة جاعلا القبلة عن يساره والقبر أمامه ثم يزعم أن هذا ليس سجودا وإنما هو تقبيل أعتاب، فهل ينفعه هذا الزعم ؟! وهل هذا يعبد الله وحده أو يشرك به شيئا؟! وهل هذا افتراء من الوهابية أو هي أفعالهم وأفعال كبرائهم الأشاعرة والماتريدية الصوفية؟
    سبحانك! هذا بهتان عظيم

    6- الاستدلال بأنه على حقٍ، لانه عنده علم (مُغالطة التحاكم للسلطة)
    فهل نفعه علمه؟ بل علمُه حجةٌ عليه
    {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم} فهؤلاء أعدا الرسل كانوا أصحاب علوم، ولكن هل فادتهم هذه العلوم؟! بل {وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}
    وفي أمثالهم جاء قوله تعالى: {أفرأيت من اتخذا إلهه هواه وأضله الله على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون}
    فهؤلاء كما قال ابن تيمية رحمه الله: أوتو ذكاءً وما أوتو زكاءً، وأوتو علوما وما أوتو فهوما، وأوتو سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون

    7- ان الاشاعرة لا يقولون بان معنى لا اله الا الله، لا خالق الا الله، وان هذا افتراء عليهم !!
    هم يقولون: معناها: لا قادر على الاختراع إلا الله
    وهذا تفسير كبيرهم أعني أبا الحسن الأشعري - رحمه الله - وهو في كتبهم، ولو وجدت وقتا أتيتك بذلك من كتبهم، لكن لا وقت لدي الآن.
    وهو تفسير لـ "لا إله إلا الله" بتوحيد الربوبية، فلا فرق.

    8- ان الدعاء والنذر والاستغاثة من مسائل الفقة والفروع ، وليس من مسائل الأُصول والاعتقاد
    وهل تقسيم الدين إلى أصول وفروع متفق عليه؟
    وهب أن ذلك صحيح متفق عليه - وهو متفق عليه في الجملة - فهل الشرك بالله من مسائل الفروع؟!

    10- لا يكفر احدًا وان جحد امرًا معلومًا من الدين بالضرورة، الا بعد ان تقام عليه الحُجة ..
    لو استحل الانسان الزنا لا يكفر !
    سبحانك! هذا بهتان عظيم
    لا أدري هل يحتاج هذا إلى جواب؟
    الجواب الذي عندي على هذا هو قوله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}

    11- اننى عندما قلت له : بانه اقرب الى عباد القبور، من المسلمين
    زعم ان هذا سب وشتمُ له، وليس بأدب ولا توقير !!
    دعاء غير الله سب لله سبحانه وتعالى
    فأيهما أعظم؟

    12- ان الاشاعرة لا يُقدمون العقل على النقل
    قائل هذا إما جاهل أو كاذب مدلس

    13- ان تقسيم التوحيد الى ثلاثة خطأ
    فما الصواب عنده؟
    لا شك أنهم ينكرون التقسيم الثلاثي للتوحيد لأنهم يقعون في مناقضاتٍ كثيرة لتوحيد الألوهية وكثير من توحيد الأسماء والصفات
    ولهذا يفسرون التوحيد بتوحيد الربوبية
    فما أعظم جهلهم!
    {أفرأيت من اتخذا إلهه هواه وأضله الله على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون}

    14- الاستدلال بحديث الاسراء والمعراج، ومساعدة موسى للنبى (صلى الله عليه وسلم)، على جواز دعاء الاموات
    عجيب عجيب عجيب لا ينتهي منه العجب
    وتنزلا مع هذا التدليس وهذه الغفلة يقال: هل ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبر موسى عليه السلام ودعاه أن يكون واسطة بينه وبين الله في تقليل عدد الركعات لأن النبي صلى الله عليه وسلم على اعتقاد هؤلاء القوم وعلى هذا القول يكون غير قادر على دعاء الله عز وجل بنفسه وأنه صلى الله عليه وسلم من أصحاب الذنوب والمعاصي (وحاشاه صلى الله عليه وسلم) فلا يمكنه مع هذه الذنوب والمعاصي أن يصل إلى دعاء الله سبحانه مباشرة بدون واسطة فيبحث عن واسطة خالية من الذنوب والمعاصي فيجد موسى عليه السلام فيطلب منه التوسط بينه وبين الله سبحانه وتعالى!

    ثم ماذا؟
    ثم يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يكلم ربه عز وجل ويطلب منه بدون واسطة
    ثم ماذا؟
    ثم يكون الميت الذي هو موسى عليه السلام هو الذي يطلب من الحي وهو النبي صلى الله عليه وسلم
    ثم ماذا؟
    ثم ما شئت من جهل بعد

    15- ان سؤال اصحاب القبور ما يقدرون عليه ليس بشرك
    ليس بأقل عجبا من سابقه، فما الذي يقدر عليه الميت؟!
    {وهم عن دعائهم غافلون}
    وكيف إذا كان صاحب القبر من أصحاب الشمال ومن أصحاب الجحيم؟ وأنت تظنه من المقربين!

    16- ان ابن عثيمين قال فى شرح كتاب التوحيد : بان كفار قريش كانوا اشد توحيد فى الربوبية من الاشاعرة
    تحتاج إلى مراجعة
    لكني أظن أنه قال ذلك في توحيد الألوهية لا الربوبية، وقد قرأت شرح الشيخ رحمه الله قديما
    فالذي أعلمه في هذه المقولة هو قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - إن كفار قريش أعظم توحيدا من هؤلاء؛ لأن المشركين يخلصون في الشدة ويشركون في الرخاء وأما هؤلاء (يعني عباد القبور) فشركهم دائم في الشدة والرخاء
    وهذا مصداقا لقوله تعالى: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}
    وأما عباد القبور فإذا نزل بأحدهم شدة اشتد شركُه ودعا صاحب القبر مخلصا له الشرك
    ومن ذلك قول البرعي شاعرهم:
    إنْ ناب خطبٌ في البلاد نزيلُ ... قل يا ولي الله إسماعيلُ
    وقد ذكرت شيئا من شعره في شرح الأصول الثلاثة وفي ديوانه بلايا ورزايا
    نسأل الله العافية

    17 - ان لا يوجد اشعرى يقول بان الله فى كل مكان، وان هذا افتراء من اهل السنة
    تحتاج إلى مراجعة فعلا
    فليس المراد اتهامهم بالحق والباطل
    ولكنهم يقولون أعظم من هذا، وينفون الاستواء ويفسرونه بالاستيلاء
    قال ابن القيم - رحمه الله - :
    بل عطلوا منه السماوات العُلَى ... والعرشَ أخلَوْهُ عن الرحمن
    18- ان الايمان هو التصديق
    فماذا بقي للجهمية؟!
    فإبليس عندهم مؤمن كامل الإيمان لأنه مصدق بالله وملائكته وكتبه وسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره
    وحسبُك بهذا ضلالا

    19- ان ابن تيمية لم ينصف عندما قال ان الفخر الرازي ملحد، وانه طعن فى ابو حامد الغزالي
    إنما كفره ابن تيمية - رحمه الله - بسبب تأليفه كتابه (السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم) وفيه أمر بعبادة الشمس والقمر والنجوم والأوثان وغيرها من الشركيات
    ثم إنه تاب عن ذلك ورجع إلى الإسلام
    وغاية قولهم في هذا: أنه منسوب إلى الفخر الرازي وليس له
    ومعلوم أن المثبت مُقَدَّمٌ على النافي، لاسيما إن كان المثبت مثل ابن تيمية رحمه الله
    وأما النافون كالسبكي ومن تبعه فإنهم لما رأو في الكتاب أمرا عظيما قالوا: لا يمكن أن يقول إمامهم بهذا، وهو - أعني الرازي - إمام الأشاعرة كلهم من بعده وهو الذي صنف لهم دستورهم المسمى (أساس التقديس) ونقضه ابن تيمية رحمه الله في كتابه الكبير (نقض تأسيس الجهمية)
    فليس العجب من ابن تيمية إذ رأى كفرا بواحا عندنا من الله فيه برهان فكفَّر صاحبه، ثم ذكر أنه رجع عن ذلك وتاب ورجع إلى الإسلام
    فهو - رحمه الله - أمين في المقامين: حين ذكر أنه ارتد عن الإسلام بكتابه هذا وحين ذكر رجوعه عن ذلك
    وأما العجب كل العجب فممن رأى هذا الكفر البواح والأمر بعبادة الشمس والقمر والنجوم والكواكب فراح يكيل الاتهامات لا لصاحب هذا الكفر ولكن لمن قال إن هذا كفرا بواحا وأن صاحبه قد ارتد عن الإسلام
    فالحاصل: أن الرازي قد كفر فتركه الأشاعرة وسبوا ابن تيمية
    إني وقتلي سُلَيْكًا ثم أَعْقِلَهُ ... كالثورِ يُضرَبُ لمَّا عافتِ البقرُ

    سبحان الله! فما أعظم تأثير الهوى على أصحابه

    20- ان ابن تيمية غير متقن للعلوم الفلسفية
    مدحٌ له - رحمه الله - إذ كان متقنا للعلوم الشرعية
    ولكن حقيقة الحال والواقع يقول غير هذا
    وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ

    21- ان الفلاسفة لم يختلفوا فى تفسير الجوهر، بل اجمعوا انه القائم بنفسة
    إجماع غير معتبر من قوم غير معتبرين

    22- ان الاشاعرة : لم يثبتوا سبع صفاتٍ فقط كما يفترى عليهم اهل السنة، بل هم يثبتون الصفات
    أكثر الأشاعرة على إثبات الصفات السبع وبعضهم لا كلهم يثبت غيرها وبعضهم يثبت أقل من السبع
    لكنهم كلهم ينفون صفات الفعل مثل النزول والغضب والمجيء ...الخ
    فلاشك أن هذا القائل مدلس شديد التدليس

    23- ان السلف كانوا يفوضون المعنى وليس الكيف
    كذب على السلف أو عدم فهم لكلامهم
    وكِلَا طَرَفَيْ قَصْدِ الأمورِ ذميمُ

    24- ان الانسان اذا اثبت ان الله خارج العالم منفصل عنه، فهذا انكارُ للرب، لان المكان شئ وجودي وماسواه فهو عدمي ..
    هذه عقيدة الحلولية
    المكان شيء وجودي أوجده الله بعد أن لم يكن
    وهو سبحانه على ما كان قبل خلق المكان

    25- ان المدرسة السلفية انها هى امتداء لابن تيمية هو منشئها ومُبدعها، فهو يمثل الجانب المقابل للاشاعرة ..
    طورا وهابية، وتارة حنبلية، وثالثة تيمية
    وعلى كل فالسلفية ليست مقابلة للأشاعرة فقط بل لكل الفرق البدعية سواء كانوا أشاعرة أو ماتريدية أو كلابية أو معتزلة أوصوفية أو شيعية أو غير ذلك
    فالحق واحد واضح أبلج
    والباطل كثير مختلف لجلج

    26- ان الاشاعرة يُثبتون صفة الوجة ولا يؤولونها بالثواب بل يقولون هى قائمة بذات الله، زائدةَ على مُجرد ذاته ..
    ربما
    فأين باقي الصفات؟

    27- ان الايه (بل يداه مبسوطتان) الاصل فى اللغة ان اليد بمعنى الجارحة، فلابد من صرفها عن ظاهرة
    بل لابد من إثباتها لله عز وجل على مراد الله من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل

    وأذكر هنا أني عندما كنت في المرحلة الثانوية - وأنا أزهري - وكنا ندرس العقيدة الأشعرية (شرح جوهرة التوحيد للبيجوري) كنت أناقش أحد أساتذتي في هذا الوقت
    فقال لي: إن اليد هنا بمعنى القدرة
    فقلت: بل هي صفة لله نثبتها كباقي الصفات
    فقال: إن التثنية تدل على أنه يجب تأويلها، وهي تأتي في لغة العرب بمعنى القدرة، ومثلها قوله تعالى: {لِمَا خلقتُ بيديَّ}
    فقلت له: إن التثنية دلتنا على أنه لا يمكن تأويلها
    فقال: وكيف ذلك؟
    فقلت: لو أولناها بمعنى القدرة لكان المعنى: لِمَا خلقتُ بقدرتَـــــيَّ
    فقال: وما في هذا؟
    فقلت: فيه أنه لو كانت إحدى القدرتين قادرةٌ على الإيجاد وحدها فوجود القدرة الأخرى عبثٌ
    ولو كانت إحدى القدرتين عاجزة عن الإيجاد بمفردها وتحتاج لقدرة أخرى لكانت عاجزة ناقصة والنقص محال على الله عز وجل

    فسكت، ولم يُحِرْ جوابا
    ولا أدري هل نهرني أو سبني أو لا؟
    فكم من أستاذ كنت أجادله في باب الصفات فلم يكونوا يجيبون بشيء إلا أن بعضهم كان يسبني وبعضهم كان ينهرني بشدة قائلا: اجلس وبعضهم كان يسكت

    فالحمد لله على توفيقه
    ولعل الإخوة أن يضيفوا على ما ذكرت ما عندهم
    والله أعلم

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2021
    المشاركات
    10

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    جزاكم الله خيرًا جميعًا يا اخوتى
    محمد عبد اللطيف - د.ابراهيم الشناوي - أبو البراء محمد علاوة
    وكتبه فى ميزان حسناتكم ان شاء الله

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2021
    المشاركات
    10

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    29 - لماذا لم يجيبنى على هذا السؤال ؟
    قلت له : لماذا تُنكرون على الملاحدة الفلاسفة المنتسبين الى الاسلام، عندما يتأولون نصوص المعاد ويقولون انها مجازية ..
    مع ان نصوصها اقل من نصوص الصفات الضخمة الكثيرة جدًا التى تتأولونها وتزعمون المجاز فيها ؟
    فلم يُجبنى الا بقوله : الاشاعرة لا يتأولون الصفات !!
    ----
    اتسائل اذا كانوا هم يؤمنون بها لان العقل لا يُحيلها فقط، فلماذا لا يؤمنون بسائر الصفات لان العقل لا يُحيلها كذلك ؟! وكيف سيرُدون على الفلاسفة حينما يزعمون ان القواطع العقلية تخالف ظواهر نصوص المعاد، ويأتون ببعض الشبهات، وهذا هو نفس منهاج الاشاعرة بعينة فى التعامل مع الصفات ؟!
    فكيف ينكرون على غيرهم ما يصنعون مثله ؟! وكيف يتهمون ظواهر النصوص بانها مخالفة للعقل ؟!
    سبحان الله اى عقلٍ هذا الذى يخالف القران والسنة ؟! عقل ارسطو والمريسى وابن سينا والفارابى والرازي والجهمي والمعتزلي والاشعري ؟!
    اليس هذا طعن فى الدين ؟! بسبب عقولهم الفاسدة المختلفة المتضاربة المتحيرة ؟!
    وهل هؤلاء اعقل من ابو بكرٍ وعمر وعثمان وعلي والسابقون الاولون من المُهاجرين والانصار وتابعوهم باحسان كابن حنبل وبن المبارك ؟!

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: ما هو الجواب على شبهات ومزاعم هذا الاشعري القبوري ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم الشريف مشاهدة المشاركة
    29 - لماذا لم يجيبنى على هذا السؤال ؟
    قلت له : لماذا تُنكرون على الملاحدة الفلاسفة المنتسبين الى الاسلام، عندما يتأولون نصوص المعاد ويقولون انها مجازية ..
    مع ان نصوصها اقل من نصوص الصفات الضخمة الكثيرة جدًا التى تتأولونها وتزعمون المجاز فيها ؟
    فلم يُجبنى الا بقوله : الاشاعرة لا يتأولون الصفات !!
    ----
    اتسائل اذا كانوا هم يؤمنون بها لان العقل لا يُحيلها فقط، فلماذا لا يؤمنون بسائر الصفات لان العقل لا يُحيلها كذلك ؟! وكيف سيرُدون على الفلاسفة حينما يزعمون ان القواطع العقلية تخالف ظواهر نصوص المعاد، ويأتون ببعض الشبهات، وهذا هو نفس منهاج الاشاعرة بعينة فى التعامل مع الصفات ؟!
    فكيف ينكرون على غيرهم ما يصنعون مثله ؟! وكيف يتهمون ظواهر النصوص بانها مخالفة للعقل ؟!
    سبحان الله اى عقلٍ هذا الذى يخالف القران والسنة ؟! عقل ارسطو والمريسى وابن سينا والفارابى والرازي والجهمي والمعتزلي والاشعري ؟!
    اليس هذا طعن فى الدين ؟! بسبب عقولهم الفاسدة المختلفة المتضاربة المتحيرة ؟!
    وهل هؤلاء اعقل من ابو بكرٍ وعمر وعثمان وعلي والسابقون الاولون من المُهاجرين والانصار وتابعوهم باحسان كابن حنبل وبن المبارك ؟!
    منهج الأشاعرة في النفي في باب الصفات

    إن الحديث عن منهج الأشاعرة في باب الصفات يعدُّ حديثاً شائكاً ومتشعباً, نظراً لما مرَّ به هذا المذهب من مراحل عديدة أثناء تطوره..........
    والملاحظة الأولية التي يخرج بها الناظر في منهج الأشاعرة في باب الصفات, أن هذه المسألة لها خصوصية نظراً لتفاوت واضطراب أقوالهم فيها.
    وخلاصة هذه الأقوال:
    - أن هناك صفات اتفقوا على إثباتها, وهي الصفات السبع التي يسمونها بصفات المعاني.
    - وهناك صفات اتفقوا على نفيها, وهي الصفات الاختيارية المتعلقة بمشيئة الله عز وجل وقدرته.
    - وهناك صفات اختلفوا فيها مثل الصفات الخبرية.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " أهل الإثبات للصفات لهم فيما زاد على الثمانية ثلاثة أقوال معروفة: أحدها: إثبات صفات أخرى, كالرضى, والغضب, والوجه, واليدين, والاستواء, وهذا قول ابن كلاب, والحارث المحاسبي, وأبي العباس القلانسي, والأشعري, وقدماء أصحابه, كأبي عبد الله ابن مجاهد, وأبي الحسن بن مهدي الطبري, والقاضي أبي بكر بن الطيب وأمثالهم, وهو قول أبي بكر بن فورك, وقد حكى إجماع أصحابه على إثبات الصفات الخبرية, كالوجه واليد, وهو قول أبي القاسم القشيري, وأبي بكر البيهقي, كما هو قول القاضي أبي يعلى, وابن عقيل, والشريف أبي علي, وابن الزاغوني, وأبي الحسن التميمي وأهل بيته, كابنه أبي الفضل, ورزق الله وغيرهم, كما هو قول سائر المنتسبين إلى أهل السنة والحديث, وليس للأشعري نفسه في إثبات صفة الوجه واليد والاستواء وتأويل نصوصها قولان, بل لم يختلف قوله أنه يثبتها ولا يقف فيها بل يبطل تأويلات من ينفيها, ولكن أبو المعالي وأتباعه ينفونها, ثم لهم في التأويل والتفويض قولان: فأول قول أبي المعالي التأويل, كما ذكره في (الإرشاد) وآخرهما التفويض , كما ذكره في (الرسالة النظامية) وذكر إجماع السلف على المنع من التأويل وأنه محرم.
    وأما أبو الحسن وقدماء أصحابه فهم من المثبتين لها. وقد عدَّ القاضي أبوبكر في (التمهيد) و (الإبانة) له الصفات القديمة: خمس عشرة صفة, ويسمون هذه الصفات الزائدة على الثمانية الصفات الخبرية. وكذلك غيرهم من أهل العلم والسنة, مثل محمد بن جرير الطبري وأمثاله, وهو قول أئمة أهل السنة والحديث من السلف وأتباعهم, وهو قول الكرامية, والسَّالمية, وغيرهم.
    وهذا القول هو القول المعروف عند متكلمة الصفاتية, لم يكن يظهر بينهم غيره, حتى جاء من وافق المعتزلة على نفيها, وفارق طريقة هؤلاء" (1) .
    فهذا النصُّ من شيخ الإسلام ابن تيمية يبين لنا موقف المذهب الأشعري في الصفات الزائدة على الثمانية التي يثبتونها باتفاق, وأن قدماءهم كالأشعري المؤسس وتلاميذه وكبار أتباعه يثبتون صفات زائدة على الثمانية, وأن الاقتصار على الثمانية وتأويل أو تفويض ما سواها إنما هو منهج بدأ على يد أبي المعالي الجويني, ومن جاء بعده, وهو الذي استقر عليه المذهب إلى الآن.
    وقال أيضاً: "والذي كان أئمة السنة ينكرونه على ابن كلاب والأشعري بقايا من التجهم والاعتزال, مثل اعتقاد صحة طريقة الأعراض, وتركيب الأجسام, وإنكار اتصاف الله بالأفعال القائمة التي يشاؤها ويختارها, وأمثال ذلك من المسائل" (2)
    وأما المتأخرون من الأشعرية فقد "مالوا إلى نوع التجهم, بل الفلسفة, وفارقوا قول الأشعري وأئمة أصحابه الذين لم يكونوا يقرون بمخالفة النقل للعقل, بل انتصبوا لإقامة أدلة عقلية توافق السمع" (3)
    والأصل الآخر الذي اتفق عليه أيضاً قدماؤهم ومتأخروهم نفي الصفات الاختيارية عن الله عز وجل, ويعبرون عنها بنفي حلول الحوادث بذات الله عز وجل, وذلك مثل صفة الكلام, والرضى, والغضب, والفرح, والمجيء, والنزول, ونحوها.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فلمَّا كان من أصل ابن كلاب ومن وافقه, كالحارث المحاسبي, وأبي العباس القلانسي, وأبي الحسن الأشعري, والقضاة: أبي بكر بن الطيب, وأبي يعلى بن الفراء, وأبي جعفر السمناني, وأبي الوليد الباجي, وغيرهم من الأعيان, كأبي المعالي الجويني وأمثاله, وأبي الوفاء بن عقيل, وأبي الحسن ابن الزاغوني وأمثالهما: أن الربَّ لا يقوم به ما يكون بمشيئته وقدرته, ويعبرون عن هذا بأنه لا تحله الحوادث ووافقوا في ذلك للجهم بن صفوان, وأتباعه من الجهمية والمعتزلة, صاروا فيما ورد في الكتاب والسنة من صفات الرب على أحد قولين: إما أن يجعلوها كلها مخلوقات منفصلة عنه فيقولون: كلام الله مخلوق بائن عنه, لا يقوم به كلام وكذلك رضاه, وغضبه, وفرحه, ومجيئه, وإتيانه, ونزوله وغير ذلك, هو مخلوق منفصل عنه, لا يتصف الربُّ بشيء يقوم به عندهم.
    وإذا قالوا هذه الأمور من صفات الفعل: فمعناه أنها منفصلة عن الله بائنة, وهي مضافة إليه, لا أنها صفات قائمة به.
    ولهذا يقول كثير منهم: إن هذه آيات الإضافات, وأحاديث الإضافات وينكرون على من يقول: آيات الصفات, وأحاديث الصفات.
    وإما أن يجعلوا جميع هذه المعاني قديمة أزلية, ويقولون: نزوله ومجيئه, وإتيانه, وفرحه, وغضبه, ورضاه ونحو ذلك, قديم أزلي, كما يقولون: إن القرآن قديم أزلي.
    ثم منهم من يجعله معنى واحداً, ومنهم من يجعله حرفاً, أو حروفاً وأصواتاً قديمة أزلية, مع كونه مرتباً في نفسه, ويقولون: فرق بين ترتيب وجوده, وترتيب ماهيته" (4) .
    أما الصفات التي أجمع الأشاعرة على إثباتها فهي صفات المعاني السبع: الحياة, والعلم, والقدرة, والإرادة, والسمع, والبصر, والكلام.
    وأثبتوا هذه الصفات, لأن العقل دلَّ عليها دون غيرها.
    ولما كانت الشبهة الرئيسة للأشاعرة في نفي الصفات الاختيارية عن الله عزَّ وجلَّ هي شبهة حلول الحوادث بذات الله عزَّ وجلَّ, ورأوا أن العقل بزعمهم يدل على ثبوت سبع صفات فقط, وجدوا أن هذه الصفات- ما عدا صفة الحياة – يلزم من إثباتها حلول الحوادث بذات الله عزَّ وجلَّ, فادَّعوا بأنهم وجدوا الحلَّ لهذه المعضلة بأن قالوا بأزلية هذه الصفات, وأنها لا زمة لذات الله عز وجل أزلاً وأبداً, ولا يتجدد لله عند وجود هذه المخلوقات نعت ولا صفة, وإنما يتجدد مجرد التعلق بين العلم والمعلوم, وبين القدرة والمقدور, وهكذا في بقية الصفات (49)
    وقد ناقش شيخ الإسلام موضوع المحكم والمتشابه، وردَّ على الرازي وغيره ممن غلط في جعل الصفات من المتشابه، أو جعل ما خالف العقل فهو متشابه، أو غير ذلك من الأمور التي خاض فيها أهل الكلام. وما كتبه شيخ الإسلام في ذلك كثير، وأهمُّه ما ذكره في ثلاثة من كتبه:
    أحدها: ما ذكره في نقضه لأساس التقديس للرازي – وقد يسمى كتاب الرازي (تأسيس التقديس) – وقد أطال شيخ الإسلام في ذلك، وناقض الرازي في كل ما كتبه، على طريقته في استيعاب مناقشة فصول هذا الكتاب، ولكن – للأسف الشديد – انتهت المخطوطة الموجودة قبل إتمام مباحث هذا الموضوع (5) .
    الثاني: في تفسير سورة الإخلاص، وقد بلغت مباحث المحكم والمتشابه فيها أكثر من ستين صفحة (6) .
    الثالث: في الرسالة التي أفردها في هذا الموضوع بعنوان: الإكليل في المتشابه والتأويل (7) .
    وخلاصة منهج شيخ الإسلام وهدفه من هذه المناقشة الدفاع عن عقيدة السلف في الأسماء والصفات وغيرها، والردُّ على المتكلمين الذين جعلوا من مسائل المحكم والمتشابه مدخلاً لتأويل نصوص الصفات وتحريفها, لتوافق عقائدهم, وأصولهم الفاسدة، ويمكن تلخيص منهجه من خلال الأمور التالية:
    الأمر الأول: تحقيق مسألة: هل يجوز أن يشتمل القرآن على ما لا يعلم معناه؟:
    وهي مسألة مهمَّة تبنى عليها مسألة المتشابه، ولذلك أطال شيخ الإسلام الكلام حولها، خاصة في تعليقه أو مناقشته للرازي، الذي ذكر هذه المسألة في أساسه قبل حديثه عن المتشابه فقال ذاكراً الخلاف فيها: "اعلم أن كثيراً من الفقهاء, والمحدثين, والصوفية يجوزون ذلك. والمتكلمون ينكرونه" (8) . ثم ذكر حجج المتكلمين الكثيرة، أعقبها بذكر حجج مخالفيهم، ثم قال: "هذا ما عندي من كلام الفريقين في هذا الباب وبالله التوفيق" (9) .
    وقد رجَّح شيخ الإسلام أدلة من يقول إنه لا يجوز أن يكون في القرآن مالا سبيل لنا إلى العلم به، وزاد على الأدلة التي أوردها الرازي أدلة أخرى كثيرة (10) ، وإن كان قد تعقبه في بعض أدلته – مثل بعض الأدلة العقلية التي أوردها – لأنها لا تتفق مع أصوله الأشعرية (11) . وشيخ الإسلام هنا لا يعارض استدلاله, وإنما يبيِّن تناقضه.
    يقول شيخ الإسلام بعد ذكره لهذه الحجج – رادًّا على الرازي -: "هذه الحجج كما أنها دالة على فساد قول من قال: إن في القرآن ما لا سبيل لأحد إلى فهمه، بل معرفة معناه، فهي أيضا دالة على فساد قول هؤلاء المتكلمين، نفاة الصفات أو بعضها، فهي حجة على فساد قول الطائفتين، وذلك أن هؤلاء النفاة يقولون: إن التوحيد الحق الذي يستحقه الله تعالى ويجب أن يعرف به ويمتنع وصفه بنقيضه ليس هو في القرآن، ولم يدل عليه القرآن. ودلالة الخطاب المعروفة، وهو كون الرب ليس بداخل العالم ولا خارجه، ولا يشار إليه، ولا يقرب من شيء, ولا يقرب منه شيء، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء، ولا يحجب العباد عنه شيء، ولا عنده شيء دون شيء، بل جميع الأشياء سواء، ولا يحتجب عنهم بشيء، وأنواع ذلك، فمن المعلوم أن القرآن لم يدل على شيء من ذلك، ولا بينه، بل إنما دلَّ على نقيضه، وهو إثبات الصفات (التي) تدل على أنه يقرب من غيره, ويدنو إليه، ويقرب العبد منه, ويدنو إليه، وعلى أنه عالٍ على جميع الأشياء، فوقها، وأنه ينزل منه كلامه، وتنزل الملائكة من عنده وتعرج إليه، وأمثال ذلك، وهم متفقون على أنَّ ظاهر القرآن إنما يدلُّ على الإثبات الذي هو عندهم تجسيم باطل بل كفر. وغيرهم يقول: بل دلالة القرآن على ذلك نصوص صريحة، بل ذلك معلوم بالاضطرار من القرآن والرسول" (12) .
    وهؤلاء المتكلمون النفاة أرادوا أن يتوصلوا بقولهم الذي وافقهم عليه شيخ الإسلام – إلى تأويل النصوص إلى معان أخرى باطلة، وقد احتجوا بالآية: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران: 7] على قراءة العطف, وفسروا التأويل الذي يعلمه الراسخون في العلم بأنه صرف اللفظ من الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح. وهذا خطأ عظيم لأن التأويل الذي يعلمه الراسخون في العلم – على قراءة الوصل – هو التفسير، وهذا قد لا يعلمه بعض الناس لكن الراسخون في العلم يعلمونه، "فمن قال إن القرآن يجوز أن يشتمل على مالا سبيل لبعض الناس على العلم به فقد أصاب، وذلك لعجزه، لا عن نقص في دلالة القرآن، فكثير من الناس لا سبيل له على أن يعلم كثيراً من العلوم كالطبِّ, والنجوم, والتفسير, والحديث، وإن كان غيره يعلم ذلك، وإن أراد أنه لا سبيل لأحد إلى معرفة تفسيره فقد غلط. وإن قال: لا سبيل لأحد إلى معرفة حقيقته, وكيفيته, وهيئته, ونحو ذلك فقد أصاب، فينبغي أن يعرف الفصل في هذا الباب حتى يظهر الخطأ من الصواب" (13) .
    وقد أوضح شيخ الإسلام قبل ذلك ما في قول القائل: مالا سبيل لنا إلى العلم به من الإجمال (14) .
    بقي الكلام في أدلة الفريق الثاني المجوزين لوجود ما لا سبيل لنا إلى العلم به، وقد ساق الرازي أدلتهم، ثم سكت عن الترجيح بين القولين، ولذلك ردَّ عليه شيخ الإسلام قائلاً: "قلت: ذكر القولين ولم يرجح أحدهما، ولم يذكر جواب أحدهما عن حجة الآخرين, فبقيت المسألة على الوقف, والحيرة, والشك. وكذلك لما ذكر بعد هذا تقرير قول من جزم بالتأويل، فإنه هنا ذكر الخلاف في جواز ورود ما أمكن فهم معناه، وهناك ذكر قول من أوجب وقوع ذلك وجزم بالتأويل، وقد ذكر حجة كل قوم، ولم يذكر لهم جواباً عن حجة الآخرين (15) فبقيت المسألة مما تكافأت فيها الأدلة (عنده)، وأما في تفسيره فرجح المنع من التأويل، كما رجح أبو المعالي في آخر قوليه، وكما رجحه أبو حامد في آخر قوله" (16) ، ثم نقل كلام الرازي في تفسيره (17) وسبب هذه الحيرة والتوقف عند الرازي – كما يرى شيخ الإسلام – "أن كلا القولين اللذين حكاهما عن المتكلمين والذي حكاه عن السلف قول باطل. والذي حكاه عن السلف ليس قولهم ولا قول أحد منهم، ولا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين" (18) .
    وبهذا يتبين أن خلاصة رأي شيخ الإسلام أنه لابد لكل ما أنزل الله تعالى من معنى يمكن فهمه، وليس هناك فرق بين آيات الصفات وآيات الأحكام. وكثير من الصحابة والتابعين كانوا يعملون تفسير القرآن، ولا توجد آية ليس لهم فيها تفسير يوضح معناها. وتفسيرهم وفهمهم للنصوص هو الذي يرجع إليه عند الاختلاف. أما ما يدعيه أصحاب التأويلات المحرفة من أن تأويلاتهم هي المعاني الصحيحة للآيات التي أولوها، فهذا خطأ منهم (19) .
    وفي رسالة الإكليل بيَّن شيخ الإسلام "أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، ولا قال قط أحد من سلف الأمة, ولا من الأئمة المتبوعين: إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا أهل العلم والإيمان جميعهم، وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس، وهذا لا ريب فيه"، ثم بين سبب الكلام في هذه المسألة فقال: "وإنما وضع هذه المسألة المتأخرون من الطوائف بسبب الكلام في آيات الصفات, وآيات القدر, وغير ذلك، فقبلوها: "هل يجوز أن يشتمل القرآن على ما لا يعلم معناه، و(أنا) تعبدنا بتلاوة حروفه بلا فهم" فجوز ذلك طوائف متمسكين بظاهر الآية، وبأن الله يمتحن عباده بما شاء. ومنعها طوائف ليتوصلوا بذلك إلى تأويلاتهم الفاسدة التي هي تحريف الكلم عن مواضعه. والغالب على كلا الطائفتين الخطأ، أولئك يقصرون في فهم القرآن بمنزلة من قيل فيه: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ [البقرة: 78]، وهؤلاء معتدون بمنزلة الذين يحرفون الكلم عن مواضعه..." (20) .
    وهذه مشكلة المتكلمين دائماً يظنون أن قول هذه الطائفة – وقد يكون لها وجود – هو مذهب السلف، وهو ما يعبرون عنه بالتفويض, وهذا من الأخطاء الكبرى التي انتشرت وارتكبت في حقِّ السلف، وهم منها برآء.
    بقيت الإشارة إلى أنَّ الرازي لما لم يرجح بين القولين حول مسألة اشتمال القرآن على مالا سبيل لنا إلى العلم به – انتقده شيخ الإسلام على توقفه, وحيرته, وشكِّه, ثمَّ ردَّ على أدلة المجوزين التي أوردها الرازي وسكت عنها. وأهمُّ هذه الأدلة:
    أ- قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ [آل عمران: 7] والوقف لازم.
    ب- الحروف المقطعة المذكورة أوائل السور.
    ج- خبر: "أن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمها إلا العلماء بالله...." (21) .
    وخلاصة ردود شيخ الإسلام عليها كما يلي:
    أ- أما الآية فقد بيَّن أن فيها قراءتين مشهورتين، قال: "ونحن نسلم قراءة من قرأ: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ لكن من أين لهم أنَّ التأويل الذي لا يعلمه إلا الله هو المعنى الذي عني به المتكلمون، وهو مدلول اللفظ الذي قصد المخاطِب إفهام المخاطَب إياه. وهو سبحانه وتعالى لم يقل: وما يعلم معناه إلا الله، ولا قال: وما يعلم تفسيره إلا الله، ولا قال: وما يعلم مدلوله ومفهومه إلا الله، ولا ما دل عليه إلا الله. قال: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ, ولفظ التأويل له في القرآن معنى، وفي عرف كثير من السلف وأهل التفسير معنى، وفي اصطلاح كثير من المتأخرين له معنى، وبسبب تعدد الإصطلاحات والأوضاع فيه, حصل اشتراكٌ غلطَ بسببه كثير من الناس في فهم القرآن وغيره" (22) ، وبعد كلام طويل حول التأويل وأنواعه قال: "وإذا عرف معنى لفظ التأويل ظهر فساد احتجاج هؤلاء بقوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ فإن التأويل الذي لا يعلمه إلا الله ليس هو أن لا يفهم أحد من اللفظ، بل يفهمونه وإن كان تأويله لا يعلمه إلا الله" (23) ، ثم ذكر عدداً من أقوال السلف في الآية تبطل حجة هؤلاء ثم قال: "فابن إسحاق ذكر مثل ابن عباس, والضحاك, وغيرهم, الذين يقولون بالقراءتين. يقولون: له تأويل لا يعلمه إلا الله، وتأويل يعلمه الراسخون، وكذلك عامة أهل العربية الذين قالوا ما يعلم تأويله إلا الله، كالفراء وأبي عبيد وثعلب وابن الأنباري، هم يتكلمون في متشابه القرآن كله, وفي تفسيره (و) معناه. (و) ليس في القرآن آية قالوا لا يعلم أحد تفسيرها ومعناها، فيجب أن يكون التأويل الذي اختص الله به عندهم غير ما تكلموا فيه من تفسير الآيات المتشابهة. وقوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ قد يقال فيه إن المنفي هو عموم السلب لا سلب العموم، أي وما يعلم جميع التأويل إلا الله، وأما بعضه فيعلمه الراسخون كما قال ابن عباس: "وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله، من ادعى علمه فهو كاذب" (24) ، فقول الجمهور هو القراءة الصحيحة، وهو أنه لا يعلم غير الله جميع التأويل، كقوله: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر: 31] أي مجموعهم، وإلا فكثير من الناس يعلم بعض جنود ربنا. وبكل حال تفسيره (و) معناه ليس داخلاً في التأويل الذي اختص الله به سواء سُمِّيَ تأويلاً أو لم يُسَمَّ" (25) .
    والخلاصة أن قراءة الوقف على "إلا الله" لها وجهان:
    - أما أن يكون المقصود بالتأويل الحقيقة التي تؤول إليها الأمور.
    - أو يكون المقصود به جميع التأويل الذي هو التفسير، ويدل له قول ابن عباس حيث صرح بأن من التفسير ما لا يعلمه إلا الله، كما أوضح ذلك شيخ الإسلام، وبهذا – مع الكلام الذي سيأتي عن الحروف المقطعة أوائل السور – يظهر الجواب عما استشكله الشنقيطي في هذا المقام والله أعلم (26) .
    ب- أما الحروف المقطعة أوائل السور فقد أجاب شيخ الإسلام عن دعوى أنها من المتشابه بعدة أجوبة:
    أحدها: "أن هذه ليست كلاماً منظوماً فلا يدخل في مسمَّى الآيات، وعامَّة أهل مكة, والمدينة, والبصرة لا يعدُّون ذلك آية، ولكن الكوفيون يعدُّونها آية، وبكل حال فهي أسماء حروف ينطق بها غير معربة، مثل ما ينطق بألف، باء، تاء، وبأسماء العدد، واحد، اثنان، ثلاثة..." (27) .
    الثاني: أن السلف قد تكلموا في معانيها، وكلامهم في ذلك كثير مشهور، وقد ساق شيخ الإسلام بعض أقوالهم (28) .
    الثالث: "أن يقال: نحن نسلم أن كثيراً من النَّاس وأكثرهم لا يعرفون معنى حروف الهجاء التي في أوائل السور فهذا صحيح، لا نزاع فيه، وإن قيل: إن أحداً من النَّاس لا يعرف ذلك, وإن الرسول نفسه لم يكن يعرف ذلك، فمن أين لهم هذا؟ فهذا النفي لابد له من دليل" (29) .
    ج- أما حديث "إن من العلم كهيئة المكنون..." فليس له إسناد يقوم به، وعلى تقدير صحته فهو حجة عليهم, لأن فيه أن أهل العلم بالله يعلمونه (30) .
    وبهذا يتبين ضعف حجة هؤلاء الذين يجوزون أن يكون في كلام الله مالا سبيل لنا إلى العلم به، ولذلك قال شيخ الإسلام في تفسير سورة الإخلاص ما يعتبر تلخيصاً لما سبق: "والمقصود هنا أنه لا يجوز أن يكون الله أنزل كلاماً لا معنى له، ولا يجوز أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم وجميع الأمة لا يعلمون معناه كما يقول ذلك من يقوله من المتأخرين، وهذا القول يجب القطع بأنه خطأ، سواء كان مع هذا تأويل القرآن لا يعلمه الراسخون، أو كان للتأويل معنيان: يعلمون أحدهما، ولا يعلمون الآخر، وإذا دار الأمر بين القول بأن الرسول كان لا يعلم معنى المتشابه من القرآن، وبين أن يقال: الراسخون في العلم يعلمون، كان هذا الإثبات خيراً من ذلك النفي، فإن معنى الدلائل الكثيرة من الكتاب والسنة وأقوال السلف على أن جميع القرآن مما يمكن علمه, وفهمه, وتدبره، وهذا مما يجب القطع به..." (31) وقد قال كثير من السلف إنهم يعلمون تأويل القرآن، وهذا معروف مشهور (32) .
    الأمر الثاني: من أمور بيان شيخ الإسلام في مسألة المحكم والمتشابه – أنه إذا تبين رجحان قول من قال: إن كلام الله يمكن معرفة تفسيره والعلم به، وإنه ليس هناك في كلام الله ما لا سبيل لنا إلى العلم به – فما المقصود بالمتشابه المذكور في آية آل عمران؟
    يذكر شيخ الإسلام أن في ذلك قولين:
    أحدهما: أنها آيات بعينها تتشابه على كل الناس.
    والثاني:- وهو الصحيح – أن التشابه أمر نسبي، فقد يتشابه عند هذا ما لا يتشابه عند غيره، ولكن ثَمَّ آيات محكمات لا تشابه فيها على أحد. وتلك المتشابهات إذا عرف معناها صارت غير متشابهة، بل القول كله محكم كما قال: أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَت [هود: 1] (33) .
    وقد أطال شيخ الإسلام في تقرير هذا الذي رجحه وصححه، وذكر له أدلة كثيرة من الكتاب والسنة، مدللاً على وقوعه ووجوده عند بعض الناس (34) ، وهذا التشابه النسبي أو الإضافي ليس له ضابط, فهو من جنس الاعتقادات الفاسدة، ولذلك تعددت التأويلات, وتفاوتت, فالفلاسفة والباطنية لهم تأويلات لنصوص الكتاب، والجهمية والمعتزلة يبطلون تأويلات الفلاسفة والباطنية, ويجعلون الآيات التي أولوها تأويلات قرمطية وفلسفية – آيات محكمة، لكنهم يؤولون نصوصاً أخرى يقولون إنها متشابهة، والأشاعرة يقولون إن هذه الآيات التي أولها المعتزلة هي آيات محكمة لا يجوز تأويلها، ثم يتأولون آيات أخرى. وهكذا. فكل طائفة تدعي أن المحكم ما وافق قولها, والمتشابه ما خالفه (35) .
    والإمام أحمد – رحمه الله – ألف رسالته المشهورة في الردِّ على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله (36) ، ثُمَّ إنه لما ردَّ على هؤلاء في استدلالاتهم الباطلة، لم يقل هذه الآيات من المتشابه وسكت عنها، وإنما ردَّ عليهم, وبيَّن أحكامها، وفسرَّها، وذمهم على أنهم تأولوها على غير تأويلها الصحيح (37) .
    وهذا الترجيح الذي رجحه شيخ الإسلام في المتشابه مبني على الأمر السابق وهو أن القرآن مما يعلم معناه، وأن آياته ليس فيها ما لا سبيل إلى العلم به.
    الأمر الثالث: هل ما خالف الدليل العقلي هو المتشابه؟
    سبق في بداية هذه المسألة – مسألة المحكم والمتشابه – ذكر أنَّ من حجج الرازي الذي قصد بها دعم مذهب الأشاعرة، أنه لا يجوز ترك ظاهر النص إلا بدليل، ثم ذكر أن الدلائل اللفظية لا تكون قطعية لأنها موقوفة على عشرة أمور. ولذلك عوَّلَ على الدليل العقلي, وأنَّ ما خالفه فهو من المتشابه ويجب تأويله بما يوافقه.
    ومسألة العقل والنقل سبق الحديث عنها، وتبين أن القول بتعارضهما، أو تقديم العقل عند توهم التعارض بينه وبين الشرع، من أعظم الباطل. وقد رد شيخ الإسلام على كلام الرازي السابق – حول التعويل على الدليل العقلي لتمييز المحكم من المتشابه, وأن الأدلة اللفظية ليست قطعية – من وجوه عديدة (38) ، تعقب فيها عبارات الرازي التي أوردها في أساسه, وبيَّن فيها خطأه وتناقضه، مبيِّناً أنَّ كلامه هذا يؤدي إلى عدم الاستدلال بالسمع أصلاً – وهو ما صرح به في بعض كتبه – لأن الاحتجاج به موقوف عنده على نفي المعارض العقلي (39) ، ولذلك يقول شيخ الإسلام في أحد الأوجه: "إنك صرحت هنا وفي غير هذا الموضع أنَّ شيئاً من الدلائل اللفظية لا يفيد العلم، وحينئذ فالظاهر سواء عارضه دليل عقلي أو لم يعارضه لا يحصل به علم عندك، فإذا أقر الظاهر فإنما يفيد عندك الظن. (و) الظن لا يجوز التمثيل به في الأصول، فكل آية دلت على مسألة أصولية لا يجوز الاحتجاج بها عندك، بل يجب أن يكون من المتشابه، وعلى هذا فليس القرآن في الباب منقسماً عندك إلى محكم ومتشابه، ومع هذا أنه مناقض لما تقرره, فهو مخالف لصريح القرآن, والسنة, والإجماع، وهو باطل عقلاً وشرعاً" (40) .
    على أن قول الرازي مناقض لنصِّ آية المتشابه, لأنَّ الله سبحانه وتعالى أخبر أن من الكتاب آيات محكمات, هنَّ الأصل الذي يبنى ويردُّ إليه المتشابه، والرازي جعل الأصل الذي يردُّ إليه: العقل، بل إنه جعل القرآن كله محكمه ومتشابهه يردُّ إلى هذا الأصل, وما خالفه فهو متشابه (41) .
    وهذه الأدلة العقلية التي يعوِّلُ عليها الرازي وأصحابه، والتي أولوا من أجلها نصوص الصفات التي دلَّ عليها القرآن هي "أقوال باطلة لا تفيد عند التحقيق لا علماً ولا ظنًّا، بل جهلاً مركباً" (42) .
    والقول بأن الدلائل اللفظية لا تفيد القطع هو من أعظم السفسطة، ولذلك لا يعرف هذا القول عن طائفة معينة معروفة من طوائف بني آدم, لأنه يؤدي إلى القدح بلغة التخاطب بين الناس التي بها يكلم بعضهم بعضاً, ويفهم بعضهم عن بعض، وعامة أمور وأحوال بني آدم مبنية على هذا، من بداية تمييز الطفل وفهمه عن والديه، إلى آخر أمور البيع, والشراء, والنكاح, والطلاق, وقضاء مختلف الحوائج، ووصف بعضهم لما جرى لبعض... الخ "ثم إذا كان هذا البيان والدلالة موجوداً في كلام العامة الذين لا يعدون من أهل العلم، فأهل العلم أولى بأن يبينوا مرادهم، وبأن يفهم مرادهم من خطابهم، وإذا كان هذا في العلماء الذين ليسوا بأنبياء، والأنبياء أولى إذا كلموا الخلق وخاطبوهم أن يبينوا مرادهم، وأن يفهم الناس ما بينوه بكلامهم، ثمَّ ربُّ العالمين أولى أن يكون كلامه أحسن الكلام وأتمه بياناً، وقد قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم:4 ] (43) .
    ودعوى الرازي أن دلائل القرآن موقوفة على عشرة مقدمات ظنية باطل من وجوه (44) ، ولو كان كما زعم لما صار القرآن نوراً وهدى, وإذا كان بعض النَّاس قد يحتاج لبعض هذه المقدمات لفهم بعض الآيات – وهذا مما لا ينكر لأنه قد يوجد من هو حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة – إلا أن تعميم ذلك لجميع النَّاس ولعموم الآيات هو من أظهر البهتان (45) .
    وقول الرازي أن المعوَّلَ عليه في تحديد المتشابه مخالفة دليل العقل أدى به إلى مقالته الأخرى الباطلة حين ذكر من حكم إنزال المتشابه مخاطبة العوام بما يناسبهم مما ظاهره التجسيم والتشبيه، ليناسب ما توهموه أو تخيلوه، وإنه يجب أن يكشف لهم في النهاية عن أحكام هذه الآيات بتأويلها بما يوافق العقول، يقول شيخ الإسلام عن الرازي، إنه "جعل هو المتشابه ما خالف الدليل العقلي، والمحكم ما لم يخالف الدليل العقلي، فجعل الإحكام هو عدم المعارض العقلي، لا صفة في الخطاب، وكونه في نفسه قد أحكم, وبين, وفصل، مع أن المعارض العقلي لا يمكن الجزم بنفيه إذا جوز وقوعه في الجملة، ولهذا استقر أمره على أن جميع الأدلة السمعية القولية متشابهة لا يحتج بشيء منها في العمليات، فلم يبق على قوله لنا آيات محكمات وهنّ أم الكتاب بحيث يرد المتشابه إليها، ولكن المردود إليه هو العقلي، فما وافقه أو لم يخالفه فهو المحكم، وما خالفه فهو المتشابه، وهذا من أعظم الإلحاد في أسماء الله تعالى وآياته، ولهذا استقر قوله في هذا الكتاب (46) على رأي الملاحدة الذين يقولون إنه أخبر العوام بما يعلم أنه باطل لكون عقولهم لا تقبل الحق، فخاطبهم بالتجسيم (47) مع علمه أنه باطل، وهذا مما احتج به الملاحدة على هؤلاء في المعاد، وقالوا خاطبهم أيضاً بالمعاد كما خاطبهم بالتجسيم، وهؤلاء جعلوا الفرق أنَّ المعاد علم بالاضطرار من دين الرسول" (48) . (50)

    https://www.dorar.net/firq/289/%D8%A...9%81%D8%A7%D8%
    AA
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •