قال في أخصر المختصرات: ((وَإِنْ بَاعَ مَشَاعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، أَوْ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، أَوْ عَبْدًا وَحُرًّا، أَوْ خَلًّا وَخَمْرًا، صَفْقَةً وَاحِدَةً صَحَّ فِي نَصِيبِهِ، وَعَبْدِهِ، وَالْخَلِّ، بِقِسْطِهِ، وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ)).
قلت في شرحي على أخصر المختصرات (2/ 9، 10):
هذه تسمى مسألة تفريق الصفقة؛ إذا باع ما يجوز بيعه وما لا يجوز بيعه، صفقة واحدة بثمن واحد، فتُفرَّق الصفقة؛ فيصح البيع فيما يجوز بيعه، ويبطل فيما لا يجوز؛ لأن كل واحد منهما له حكم منفرد.
وقد ذكر المصنف هنا أربع صور:
الصورة الأولى: إذا باع شيئًا مشتركًا مشاعًا بينه وبين شخص آخر؛ كعبد، أو بيت، أو سيارة، باع جميعه صفقة واحدة بثمن واحد دون إذن الشريك الآخر؛ فيصح البيع في نصيب البائع؛ لأن البيع وقع على شيء يملكه، ولا يصح في نصيب الشريك الآخر الذي لم يأذن؛ لأن البيع وقع على شيء لا يملكه البائع؛ وللمشتري حينها الخيار؛ إما أن يرضى بهذا التفريق فيمضي البيعة، أو لا يرضى فيفسخ العقد.
الصورة الثانية: إذا باع شيئًا يملكه وشيئًا لا يملكه، ولا شراكة بينهما؛ كأن يبيع عبدًا ملكه وعبدًا ملك شخص آخر، أو يبيع بيتًا ملكه وبيتًا ملك شخص آخر، أو سيارة ملكه وسيارة ملك شخص آخر، باعهما صفقة واحدة بثمن واحد دون إذن المالك الآخر؛ فيصح البيع في نصيب البائع؛ لأن البيع وقع على شيء يملكه، ولا يصح في نصيب المالك الآخر الذي لم يأذن؛ لأن البيع وقع على شيء لا يملكه البائع؛ وللمشتري حينها الخيار؛ إما أن يرضى بهذا التفريق فيمضي البيعة، أو لا يرضى فيفسخ العقد.
الصورة الثالثة: أن يبيع عبدًا وحرًّا صفقة واحدة بثمن واحد؛ فيصح في عبده ولا يصح في الحر؛ لأن الحر لا يصح عقد البيع عليه؛ وللمشتري حينها الخيار؛ إما أن يرضى بهذا التفريق فيمضي البيعة، أو لا يرضى فيفسخ العقد.
الصورة الرابعة: أن يبيع خمرًا وخلًّا، أو لحمًا حلالًا ولحمًا حرامًا، ونحو ذلك صفقة واحدة بثمن واحد، فيصح البيع في الخل وفي اللحم الحلال؛ ولا يصح في الخمر وفي اللحم الحرام.
وفي جميع هذه الصور يقسط الثمن على الجزء الذي صح بيعه والجزء الذي لم يصح بيعه؛ فيؤخذ ثمن ما صح بيعه، ويسقط ثمن ما لم يصح بيعه.