دعاء عشية عرفة


عشية عرفة ( هي من بعد الظهر إلى غروب الشمس ) وهي أنفس ساعات العام وأشرفها.

استحضر عظمة الدعاء ، وأنّه أكرم شيء على الله.

استحضر تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لدعاء عرفة وعنايته به.

تمتدّ ساعات فاجعل دعاءك فيها شامل لأنواع الدعاء كلها :

أوّله : دعاء ثناء على الله ( بحيث تُكثر من الثناء عليه وأطل في ذلك فإنّنا مقصرون في هذا النوع من الدعاء ، اجلس ولو ساعة تُثني فيها على ربك واستحضر عظمته وجلالة صفاته وكثرة نعمه )

انظر الآيات التي أثنى الله فيها على نفسه كسورة الفاتحة وآية الكرسي وكالآيات من ٢٦-٢٧ من سورة آل عمران والآيات من ٩٥-١٠٣ من سورة الأنعام وخواتيم سورة الحشر ونحوها كثير ، فتُثني على الله بها فتقول :
اللهم لك الحمد وأنت ربّ العالمين ، ولك الملك وأنت الرحمن الرحيم ، سبحانك يا مالك يوم الدين ، يافالق الحبّ والنوى ، ويا مخرج الحي من الميت... وهكذا.
وكذلك الأدعية الصحيحة التي فيها الثناء على الله ( وهي كثيرة ومتوفرة في كتب الأدعية )
تقولها بقلب حاضر ، واستحضار لعظمة الله تعالى ، حتى إذا ما رق القلب ، وخشعت النفس ، وذرفت العين انتقلت لدعاء المسألة.

أكثر من شهادة التوحيد ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) فهي خير ما يُقال هذا اليوم.

تجديد التوبة والإنابة وكثرة الاستغفار والعزيمة على طاعة الله فيما تستقبل من العمر له الأثر الكبير في إجابة الدعاء ، ومن تأمّل القرآن وجد هذا جلياً ، قال تعالى حاكياً دعاء الأبوين آدم وحواء :
" قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ "
وقال تعالى حاكياً دعاء موسى عليه السلام :
" قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ "
ونحوها كثير

قسّم دعائك بين حاجات دنياك وآخرتك ، واجعل مطالبك متنوّعة شاملة وجامعة ، ولا تستكثر دعاء ولا تترك شيء إلا دعوت به ، فالله كريم يُحبّ الملحين في الدعاء ، واحرص على دعوات الكتاب والسُنّة فهي جوامع ، ومعالي مطالب.

كرّر دعاءك ولا تملّ ؛ كرره كثيراً فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعى ، دعى ثلاثاً يعني يكرره ثلاث مرات.
وبقي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة رافعاً يديه من بعد صلاة الظهر إلى الغروب بمقدار أكثر من خمس أو ست ساعات.

اُدع بنفائس الدعوات ممّا يتعلق بأمور دينك وهدايتك واستقامتك وحيازة العلم النافع ، وأن يوفقك لنفع المسلمين ، وما يتعلق بأمور الآخرة من تهوين سكرات الموت ، وسعة القبر ، والسلامة من أهوال يوم القيامة ، واجعل همّك نيل رضا الله وجنّته ( وارتق بهمّتك للإلحاح في طلب الفرودس الأعلى ومرافقة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فيها )

ادع بصلاح أمور دنياك ولا تستكثر طلباً.
ادع بالرزق ، بالحياة الزوجية السعيدة ، بالولد الصالح ، بالصحة والعافية ، بالسلامة من كل بلاء وفتنة ، بسلامة وطنك ، بالدعاء لولي أمرك ، بالدعاء بكل شيء.
أكثر من دعاء :
" ربنا آتنا في الدنيا وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "
فهو من أجمع الأدعية.

أحسن الظنّ بالله ، وأعظم الثقة به ، وكن عظيم الرجاء به.

احضر قلبك ، فإن شرد فرده ، وكلما شرد رده حتى تجد لذة الدعاء ولذة المناجاة ، وليكن قلبك حاضراً في الدعاء ليكون أحرى بالقبول والإجابة.

صلاتك على النبي صلى الله عليه وسلم لها الأثر الكبير في إجابة الدعاء فاجعلها في أوّل دعائك ووسطه وآخره ، وأكثر منها فبها تُقضى الهموم وتتحقق المطالب.

وفقني الله وإيّاك وجعلنا من المقبولين المرحومين في هذا اليوم العظيم.


_________________
عادل بن عبدالعزيز المحلاوي