المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو مريم الجزائري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أخي العاصمي
واصل جزاك الله خيرا نقلك المفيد
أحسن الله إليك اخي الفاضل وابشّرك بانّي قد عزمت على نسخه كاملا فإليك الجزء الأوّل أو مدخل الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله ، أمّا بعد :
فإن علم الأصول علم جليل القدر عظيم النفع ، غير خاف على الناس فضله وأهميته ؛ فإنه وسيلة التفقه في الدين ، وطريق الفهم السديد لنصوص الشرع ، وآلة الإجتهاد المتفق عليها ، وشرط منزلة الاتباع التي يرتقي بها عن حضيض التقليد .
ومع أهمية هذا العلم وفضله وشرفه الذي لا اختلاف فيه ، فإن كثيرا من الناس قد هجروه وزهدوا فيه ، وطريقة عرض مسائله فقد تبدلت معالم هذا العلم في هذه التآليف ، وانمحت فيها كثير من رسومه ، وأصبح دارسه لا يشعر بعظم نفعه ولا بمنزلته في الدين ، وتجد الطالب يفني فيه حظا لا بأس به من وقته – أو قل عمره – ثم هو لا يصل إلى الهدف الذي قصده ، ولا الغاية التي لأجلها وجد العلم .
لأجل ذلك أضحى من الضروري السعي إلى استحداث كتب جديدة تقرب مسائل العلم إلى طلبته ، يتجنب فيها المسائل الإضافية والمناقشات اللفظية ، والآراء المحدثة الخارجة عن مذاهب السلف ، ويتحرى فيها ربط القواعد بالأمثلة الفقهية الصحيحة ، إضافة إلى توخي الترتيب المنظم الميسر للفهم والحفظ ، عسى أن يسترجع هذا العلم مكانته وتعرف له أهميته .
وهذا البحث المتواضع جهد ضئيل من عبد ضعيف ، ومساهمة في هذا الإتجاه والمسعى المراد تحقيقه ، اعتمدت فيه على جملة من المصادر الأصولية مما صنف المتقدمون والمتأخرون ، كالرسالة للشافعي ، واللمع للشيرازي ، ومفتاح الوصول للتلمساني ، ومباديء الأصول لابن باديس رحمهم الله تعالى ، وأرجوا أن أكون قد وفقت إلى الوفاء بالأوصاف التي ذكرت والشروط التي اشترطت .
وقد جعلت البحث في مقدمة وفصلين وخاتمة ، أما المقدمة فضمّنتها الأحكام الشرعية ، وأما الفصل الأول فبينت فيه الأدلة الشرعية التي يصح الاستدلال بها ، وأما الفصل الثاني فجعلته لكيفية الاستدلال بالنصوص الشرعية ، أو شروط صحة الاستدلال بها ، وأخيرا في الخاتمة وضحت شروط الإجتهاد وقضية تجزؤ الإجتهاد ، وقد سميته :
(تيسير الوصول إلى الضروري من علم الأصول)
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ، وأن يتجاوز عما زل فيه قلمي ، ونأى فيه عن الصواب فهمي ، وأن يهديني إلى الحق ويثبتني عليه ، آمين .
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
مباديء علم الأصول
أولا : موضوع علم أصول الفقه
إن الناظر في كتب أصول الفقه يجدها قد حوت مسائل متعددة تجمعها أبواب كبرى ، ويجد المصنفين لهذه الكتب قد إختلفوا في تحديد هذه الأبواب على عدة طرائق ، فمنهم من جعلها بابين الأدلة وطرق الاستدلال ، ومنهم من جعلها ثلاثة أبواب بإضافة باب الأحكام الشرعية ، أو إضافة باب الإجتهاد ، ومنهم من جعلها أربعة أبواب بإضافة البابين المذكورين معا .
وأولى الطرائق هي الطريقة الأولى ، لأن المقصود من العلم معرفة الدليل وكيفية الاستدلال به ، أمّا الأحكام الشرعية فبيانها من باب المقدمات والمصطلحات الفقهية ؛ التي توضّح قبل الشروع في مسائل العلم ، وكذلك أحكام الإجتهاد فهي مسائل معدودة ، وحقها أن تجعل خاتمة لمسائل العلم .
ثانيا : تعريف علم أصول الفقه
المختار في تعريف أصول الفقه بناء على ما سبق أنه ( العلم الذي يعرف به الدليل ومرتبته وكيفية الاستدلال به ) (1) . فهو العلم الذي يعرف به الدليل الإجمالي كالكتاب والسنة والإجماع ، ومرتبة هذا الدليل من حيث الحجية ، ثم كيفية الاستدلال ويدخل في ذلك مسائل الدلالات كالعموم والخصوص والأوامر والنواهي ونحو ذلك . قال ابن دقيق العيد معلقا على من زاد في الحد (حال المستفيد) أي أحكام الاجتهاد : ( يمكن الاقتصار على الدلائل وكيفية الاستفادة منها ، والباقي كالتابع والتتمة ، لكن لما جرت عادة المصنفين بإدخاله في أصول الفقه وضعا أدخل حدا ) (2) .
ثالثا : فائدة علم أصول الفقه
لعلم أصول الفقه فوائد كثيرة يمكن تلخيصها في النقط الآتية :
1) التمييز بين الاستدلال الصحيح والاستدلال غير الصحيح ثبوتا ودلالة ، كإثبات القياس ورد الحديث المرسل .
2) معرفة مرتبة الدليل الصحيح ، كتقديم النّص على القياس ، وتقديم النص الخاص على النص العام .
3) الوقوف على أسباب الخلاف بين الفقهاء ممّا يرجع إلى مسائل الأصول ، وذلك من شأنه تسهيل الترجيح في مسائل الفقه الخلافية .
4) العلم بالأصول شرط أساسي من شروط الاجتهاد ، إذ من قصر في العلم به قصر في اجتهاده ووقع في التناقض ، وكذلك تحصيله شرط في الارتقاء إلى رتبة الإتّباع عن حضيض التقليد ، ومن لم يعرف الدليل وصحته لا يجوز له ادعاء الإتباع .
رابعا : تدوين علم أصول الفقه
إنّ علم أصول الفقه علم قديم وجد بوجود الاجتهاد والفتوى ، وذلك من عهد الصحابة إلى عصر الأئمة المجتهدين ، لكن أول من جرّد مسائل العلم وجلاّها في مصنّف مفرد هو الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في كتاب ( كتاب الرسالة ) (3) ، ثم توالت بعده التآليف على المذاهب الأربعة المشهورة ، وصنّف في هذا العلم المتكلّمون وطغى منهجهم على أكثر مصنفات المتأخرين ، ومصنفاتهم هي المشهورة المتداولة رغم ما عليها من مؤاخذات .
مقدمة في الأحكام الشّرعية
كل فعل من أفعال العباد إلاّ وله تعلّق بحكم الله تعالى ، وحكم الله تعالى هو طلبه أو إذنه أو وضعه (4) .
أولا : الطلب وهو أربعة أقسام
1 - الإيجاب : طلب الفعل على سبيل التحتيم ، كقوله تعالى : ( إنّ الله يأمركم أن تؤدوا الأمنت إلى أهلها ) (النساء 58) .
2 – الندب : طلب الفعل عل سبيل الترجيح كحديث : ( لولا أشق على أمّتي لأمرتهم بالسواك عند كلّ صلاة ) (5) .
3 – التحريم : طلب الترك على سبيل التحتيم ، كقوله تعالى : ( ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم من النساء ) (النساء 22) .
4 – الكراهة : طلب الترك على سبيل الترجيح ، كقول أم عطية : ( نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ) (6) .
ثانيا : الإذن
وهو الإذن في الفعل والترك ويسمى الإباحة ، كقوله تعالى : ( وأحلّ الله البيع ) (البقرة 275) . وكإباحة البكاء على الميت بحديث : ( إن العين تدمع وإن القلب يحزن ولا نقول إلاّ ما يرضي ربّنا ) (7) .
ثالثا : الوضع وهو ثلاثة أقسام :
1 – جعل الشيء سببا : وهو ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم ، كدخول الوقت لإيجاب الصلاة .
2 – جعل الشيء شرطا : وهو ما يلزم من عدمه العدم ، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم ، كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة .
3 – جعل الشيء مانعا : وهو ما يلزم من وجوده العدم ، ولا يلزم من عدمه وجود ، كالحيض بالنّسبة إلى الصلاة .
تنبيه : هذه الأحكام المذكورة أمور اصطلح عليها المتأخرون من الأصوليين والفقهاء ، فلا ينبغي حمل الألفاظ الشرعية عليها في كلّ الأحوال فقد يراد – مثلا – بالمكروه في الشرع المحرّم ، وقد يراد بالواجب المؤكد فعله ، وينبغي التنبه إلى أن كثيرا من متقدّمي الفقهاء لم يلتزم بهذه الاصطلاحات في بيان الأحكام الشرعية (8) .
توابع الأحكام الشرعية
1) إيقاع العبادة في وقتها المحدد لها شرعا يسمى أداء وإيقاعها بعده يسمى قضاء ، وإن فسدت وكان وقتها موسّعا فأعادها المكلّف فيه فذلك الإعادة .
2) ما شرعه المولى عزّ وجلّ أصالة من الأحكام العامة ؛ التي لا تختصّ بحال دون حال يسمّى عزيمة كتحريم الخمر ووجوب الصوم ، وما شرع على خلاف الأصل تخفيفا على المكلّف في أحوال يسمّى رخصة ، كإباحة الخمر للمضطر والفطر للمسافر .
3) فعل المكلّف إذا تمّ كامل الأركان والشروط خاليا من المفسدات والموانع كان صحيحا ، فتجزيء العبادة صاحبها ويلزم العقد وينفذ ، وإن اختلّ فيه شيء من ذلك كان باطلا ، فتعاد العبادة أو تقضى لعدم إجزائها ، ويجدد العقد لعدم لزومه .
الفصل الأول : الأدلة الشرعية (؟؟)
.............................. .............................. .............................. ..............................
1 - مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/486) مجموع الفتاوى لابن تيمية (20/401-402) .
2 – البحر المحيط للزركشي (1/24) .
3 – مجموع الفتاوى لابن تيمية (20/401) الإبهاج لابن السبكي (1/4) وقارن بالتمهيد للأسنوي (45) .
4 – انظر مباديء الوصول لابن باديس (15) .
5 – البخاري (897) مسلم (938) .
6 – البخاري (1278) مسلم (938) .
7 – البخاري (1303)
8 – مجموع الفتاوى (32/241) أعلام الموقعين (1/39) جامع العلوم والحكم لابن رجب (2/157) .
(؟؟) أنظر مباديء الأصول (21) .
تنبيه : أرجوا من المشرفين الكرام جعل هذه المشاركة في مدخل الموضوع وشكرا