بعض النصائح للطلاب العلم الشرعي
1. على الطالب أن يحرص أن يكون طلبه للعلم خالصا لله تعالى وهذا يعني أنه يراجع نيته دائما ويضع أمامه الحديث المشهور الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرأ ما نوى..." (رواه البخاري وغيره).
2. علينا أن نعمل بما علمنا فمن خلال العمل يترسخ العلم ويرزقنا الله حكمة وعلم ما لم نكن قد علمنا, والدليل ما أخرجه أبونعيم في الحلية: "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم"
وأخرج ابن حبان: "لا يكون المرء عالما حتى يكون بعلمه عاملا"
3. لطالب العلم أن يتزود إيمانا وتقوى فكلما زاد تقوى زاد علما فقد قال تعالى: [وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ] {البقرة:282} روي عن سفيان الثوري أنه قال: "كان الرجل إذا أراد أن يطلب العلم تعبد قبل ذلك عشرين سنة" (أثر الحديث الشريف للشيخ محمد عوامة عن تقدمة الجرح والتعديل) ويعينه في ذلك المواظبة على الصلوات الخمس مع تلاوة القرآن والاستغفار والدعاء
4. إن نور العلم الشرعي وثمرته وفهمه والمحافظة عليه تتحقق من خلال اجتناب المعاصي والعبرة في ذلك فيما نقل عن الإمام الشافعي حينما اشتكى من حفظه فقال:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم أن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاص
5. على الطالب أن يختار معلما الذي هومثال للعلم والعمل والصلاح والأخلاق فعندئذ يسري نور العلم إلى التلميذ وقد روي عن محمد ابن سيرسن أنه قال: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه"
ولا بد من مجالسة العلماء وقد نقل عن عبد الله ابن الإمام أحمد ابن حنبل أنه قال: "سألت أبي عن الرجل تكون عنده الكتب المصنفة فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلاف الصحابة والتابعين وليس للرجل بصر بالحديث الضعيف المتروك ولا بالإسناد القوي من الضعيف فيجوز له أن يعمل بما شاء ويتخير ما أحب منها يفتي به وبعمل به؟ قال: "لا يعمل حتى يسأل ما يؤخذ به منها فيكون يعمل على أمر صحيح، يسأل عن ذلك أهل العلم." (الفقيه والمتفقه)
6. هناك عدد كبير من طلاب العلم الذين يحرصون على حصول شهادات الجامعات والمؤسسات الأخرى. نعم إن هذه ضرورة في واقعنا حتى يحصل الطالب على وظيفة لكن له أن لا يغفل ولا ينسى أن هذا الدين وصل الينا وحفظ بالإسناد وقد روي عن عبد الله ابن المبارك أنه قال: "الإسناد من الدين لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء"
7. لا يغتر الطالب بالراحة والترف فإن علماءنا قد واجهوا مشاكل وصعوبات في سبيل التحصيل. وروي عن يحيى ابن أبي كثير أنه قال: "لا يستطاع العلم براحة الجسم" (تذكرة الحفاظ)
ونقل عن الإمام الشافعي أنه قال:"لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذل النفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح." (الفقيه والمتفقه)
8. هناك طلبة يظنون أنهم يصيرون علماء أعلاما في وقت وجيز من غير بذل جهد مذكور وهذا خطأ فإن العلم يحتاج إلى وقت فقد روي عن الإمام الجويني أنه قال في بيتين:
أخي لن تنال العلم إلا بستة سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة وصحبة أستاذ وطول زمان
9. ينبغي لطالب العلم أن يحترم ويتواضع أمام أساتذته وشيوخه وخاصة علماءنا الأسلاف وليس له أن يظن ولوفي لحظة بعد طلبه للعلم لسنوات قلائل أنه بلغ مبلغهم أو ينافسهم وأشد من هذا أن يرميهم بالضلال أو الفسق
فقد روى أبو حاتم الرازي عن يحيى ابن معين أنه قال: "إنا لنطعن على أقوام لعلهم حطوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مئتي سنة"
الإمام أحمد ابن حنبل والذي كان تلميذا للإمام الشافعي واختلف معه وهذا الاختلاف لم يؤثر على ما بينهما من الاحترام بل وكانوا يتزاورون فقيل للشافعي في ذلك فقال:
قالوا يزورك أحمد وتزوره قلت الفضائل لا تفارق منزله
إن زارني فبفضله أو زرته فلفضله فالفضل في الحالين له
(ذكره الشيخ عطية محمد سالم في موقف الأمة من اختلاف الأئمة)
وذكر أبو نعيم في الحلية في ترجمة الإمام مالك في نصيحته لغلام:"تعلم الأدب قبل العلم"
ثم على الطالب أن يتواضع أمام الذين يريدون أن يستفيدوا منه فقد أمر الله تعالى في القرآن قائلا: [وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ] {الشعراء:215}
10. ولا يظن الطالب ولولحظة أنه بلغ الغاية وليس له حاجة في الازدياد من العلم. بل يبقى طالبا وهذا فخر وقد روي عن سعيد ابن جبير أنه قال: "لا يزال الرجل عالما ما تعلم فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده كان أجهل ما يكون"
11. ولا ننخدع بكل فصيح ليس صاحب علم فقد أخرج الطبراني في الكبير وابن حبان عن النبي أنه قال: "أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي كل منافق عليم اللسان"
12. ينبغي للطالب أن يرى علمه أغلى وأنفس ما يملكه ولا نستصغر أنفسنا أمام أصحاب الاختصاصات الأخرى لأنه روي أن النبي عليه السلام قال: "إنما العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه اخذ بحظ وافر" (أخرجه أبوداؤد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
13. ينبغي للطالب أن يتدرب على قول "لا أدري" فقد روى البخاري في صحيحه بشرح فتح الباري في تفسير سورة الروم والدخان أن رجلا من كندة كان يحدث فقال: يجيء دخان يوم القيامة, فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم, يأخذ المؤمن كهيئة الزكام. قال مسروق: ففزعنا فأتيت ابن مسعود – وكان متكئا – فغضب فجلس فقال: " من علم فليقل ومن لم يعلم فليقل الله أعلم, فان من العلم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم"
وسئل الشعبي عن شيء وقال: "لا أدري"
فقيل له: "ألا تستحي في قولك هذا وأنت فقيه العراق؟"
فقال: "الملائكة لم تستح حينما قالوا: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا."
(وكان الشعبي يشير إلى وقت خلق آدم ثم أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم)
14. يشعر دائما بأن مهما يقول فيحتمل الخطأ وذلك لأنه نقل عن ابن مسعود أنه كان يقول: "إن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان..."(أخرجه أبوداود في كتاب النكاح في باب: فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات)
15. ثم لنعلم جميعا بأن كل عهد أقل علما من الذي قبله. فكلما نبتعد عن خير القرون يضعف مستوى العلم. فقد روى يعقوب ابن شيبة عن ابن مسعود: "لا يأتي يوم إلا وهو أقل علما من الذي قبله حتى إذا ذهب العلماء صار الناس على درجة واحدة. عندئذ لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر. عندئذ تهلكون"
وقال ابن تيمية في رفع الملام: “لو فرض انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها – أي في الدواوين – فليس كل ما في الكتب يعلمه العالم، ولا يكاد ذلك يحصل لأحد، بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثيرة وهو لا يحيط بما فيها، بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين كانوا أعلم بالسنة من المتأخرين بكثير... فكانت دواوينهم صدورهم التي تحوي ما في الدواوين، وهذا أمر لا يشك فيه من علم القضية."(نقلا عن أثر الحديث الشريف للشيخ محمد عوامة)
16. لكل طالب أن يخصص وقتا ليُعلِّم ما علم وهكذا يترسخ العلم في قلبه وفي ذهنه. ثم وفي هذا أجر عظيم فقد أرشدنا إلى هذا الرسول ص في حديث أخرجه مسلم فقال: "من دل على خير فله أجر من عمل به لا ينقص من أجورهم شيأ."
من خلال التدريس يكون الطالب متبعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرج ابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنما بعثت معلما."
17. ينبغي لطالب العلم أن يداوم على المذاكرة فقد روي عن ابن شهاب الزهري أنه قال:" إنما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة" (الفقيه والمتفقه)
18. ينبغي لطالب العلم أن يجتنب من أخذ رخص ونوادر العلماء
فقد أسند البيهقي إلى الإمام الأوزاعي أنه قال: "من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام."
(أثر الحديث الشريف)
19. يجب على طالب العلم أن يتمسك بأحكام الشريعة وبالتالي يكون قدوة للآخرين. قال الله تعالى: " [قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ] {آل عمران:31}
وقال تعالى: "[لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ] {الأحزاب:21}
فما دام العلماء هم ورثة الأنبياء فناسب أن يكونوا قدوة للناس كذلك.
أعدها: شعيب أحمد
معهد النور الإسلامي
بريتوريا – جنوب أفريقيا