تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 84

الموضوع: هل أجاز شيخُ الإسلام الاحتفالَ بالمَوْلِد؟

  1. #61

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    لا يخفى عليك أن أمثال هذه الكلمات لا تصلح للاعتماد لنسبة قول ما لعالمملف مرفق 13805
    كُتُبُ الموالد: أَوَّلُ من ابتدأها ابنُ دحية الكلبي ت 633 هـ، ثم سار على منهاجه غيره.
    وقد ألفها مؤلفوها: لتُقْرَأَ يوم المولد، وليس للاحتجاج على المولد.
    وإذا ألفت لتقرأ في يوم المولد كان في ذلك وجه استدلال.
    بل وحتى في تسميته (كتاب مولد) وهذا المصطلح ليس موجودا من قبل
    أقول: فيه وجه استدلال أيضا.

    أما ما ذكره صاحب الصورة (وأظنه شيخَ بعض شيوخي الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري) وظَلَّلْتَ عليه بالأزرق فخارج موضوعنا؛ لأن الشرط الأول من شروط شيخ الإسلام: أن يخلوَ من مُحَرَّمٍ.

    وعلى كلٍّ فليس الموضوع هنا: (حكم المولد) فهذا باب آخر، وإنما موضوعنا:
    هل أجاز شيخُ الإسلام الاحتفالَ بالمَوْلِد؟

    وما ذكرته من أمور إنما هو لكي يفهم كلام الشيخ رحمه الله تعالى، لا للاستدلال بجواز المولد

    والله أعلم
    هل أجاز شيخُ الإسلام الاحتفالَ بالمَوْلِد؟


  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    كُتُبُ الموالد: أَوَّلُ من ابتدأها ابنُ دحية الكلبي ت 633 هـ، ثم سار على منهاجه غيره.
    وقد ألفها مؤلفوها: لتُقْرَأَ يوم المولد، وليس للاحتجاج على المولد.
    وإذا ألفت لتقرأ في يوم المولد كان في ذلك وجه استدلال.
    بل وحتى في تسميته (كتاب مولد) وهذا المصطلح ليس موجودا من قبل
    أقول: فيه وجه استدلال أيضا.

    أما ما ذكره صاحب الصورة (وأظنه شيخَ بعض شيوخي الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري) وظَلَّلْتَ عليه بالأزرق فخارج موضوعنا؛ لأن الشرط الأول من شروط شيخ الإسلام: أن يخلوَ من مُحَرَّمٍ.

    وعلى كلٍّ فليس الموضوع هنا: (حكم المولد) فهذا باب آخر، وإنما موضوعنا:
    هل أجاز شيخُ الإسلام الاحتفالَ بالمَوْلِد؟

    وما ذكرته من أمور إنما هو لكي يفهم كلام الشيخ رحمه الله تعالى، لا للاستدلال بجواز المولد

    والله أعلم
    هل أجاز شيخُ الإسلام الاحتفالَ بالمَوْلِد؟

    أما عن القائلين بالجواز والرد على أدلتهم، فقد أجاد وأفاض العلماء، ولا نعلم لهم دليلًا يسلم من النقد.
    وأما عن البعد عن أصل النقاش، فعلَّك تذكر أنك من نقلت النقاش وذكرت ابن كثير وغيره.
    وعلى كل حال، فما أراه من أقوال ابن تيمية أنه لا يجيز الاحتفال وكلامه ظاهر في ذلك ولا حاجة لإعادته.
    وما ورد من كلام يشعر منه الجواز، فلا يتعدى الإجمال، فمرة في معرض الكلام عن إيثابة الواقع في البدعة جهلًا، مع حسن قصده، ومرة عن الكلام عن بعض البدع، فيرد لمفصل كلامه، والعلم عند الله.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    وكذا ألف الحافظُ ابن حجر كتابَ مختصرِ المولد النبوي، وألف تلميذُه الحافظُ السخاوي الفخر العلوي في المولد النبوي، وكذا السيوطي.
    لا يمكن تجاهل ما صدر به ابن حجر فتاواه في هذه المسألة:
    قال السيوطي رحمه الله في الحاوي:
    " سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد، فأجاب بما نصه :
    أصل عمل المولد بدعة ، لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ...


  4. #64

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    أصل عمل المولد بدعة
    هذا لا خلاف فيه، ومع هذا رأى جوازَها!!
    ولعله: يَدَّعِي أنها بدعةٌ لغويةٌ كصلاة التراويح والأذان الثاني يوم الجمعة
    وعلى هذا فهو مجتهد متأول.

    وعبارة شيخ الإسلام
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    مجموع الفتاوى (23/ 133): (فَلَوْ أَنَّ قُومَا اجْتَمَعُوا بَعْضَ اللَّيَالِي عَلَى صَلَاةِ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّخِذُوا ذَلِكَ عَادَةً رَاتِبَةً تُشْبِهُ السُّنَّةَ الرَّاتِبَةَ لَمْ يُكْرَهْ. لَكِنَّ اتِّخَاذَهُ عَادَةً دَائِرَةً بِدَوَرَانِ الْأَوْقَاتِ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الشَّرِيعَةِ وَتَشْبِيهِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ بِالْمَشْرُوعِ. وَلَوْ سَاغَ ذَلِكَ لَسَاغَ أَنْ يَعْمَلَ صَلَاةً أُخْرَى وَقْتَ الضُّحَى أَوْ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَوْ تَرَاوِيحَ فِي شَعْبَانَ أَوْ أَذَانًا فِي الْعِيدَيْنِ أَوْ حَجًّا إلَى الصَّخْرَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهَذَا تَغْيِيرٌ لِدِينِ اللَّهِ وَتَبْدِيلٌ لَهُ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي لَيْلَةِ الْمَوْلِدِ وَغَيْرِهَا).
    تأمل جيدا قوله: (وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي لَيْلَةِ الْمَوْلِدِ وَغَيْرِهَا)، وأعد صياغة الفتوى قبلها عليها، فكأنه يقول: (لَوْ أَنَّ قُومَا اجْتَمَعُوا بَعْضَ اللَّيَالِي عَلَى [المولد] مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّخِذُوا ذَلِكَ عَادَةً رَاتِبَةً تُشْبِهُ السُّنَّةَ الرَّاتِبَةَ لَمْ يُكْرَهْ، لَكِنَّ اتِّخَاذَهُ عَادَةً دَائِرَةً بِدَوَرَانِ الْأَوْقَاتِ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الشَّرِيعَةِ وَتَشْبِيهِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ بِالْمَشْرُوعِ).
    تدل على ما ذكرته من جوازه بالشروط:
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    والذي يظهر لي مما كتبه الإخوة ومن كلام شيخ الإسلام أنه يجيز الاحتفال بالمولد بشروط:
    أن تخلو من محرم كالاختلاط والكفر والموسيقى.
    ألا يحدد بزمان.
    ألا يحدد بمكان.
    والله أعلم

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    لازلت انتظر ما وقفت عليه من كلام ابن تيمية، غير الموضع الذي كررته أكثر من مرة، بارك الله فيك.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #66

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    لازلت انتظر ما وقفت عليه من كلام ابن تيمية، غير الموضع الذي كررته أكثر من مرة، بارك الله فيك.
    ؟؟

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة

    فجمعتُ قرابةَ 30 صفحةً من صفحات الوورد، كلها من كلام الشيخ، وجلها من الفتاوى ومن اقتضاء الصراط المستقيم.
    فاستقرأت هذه النصوص قراءة تمعن، فوصلت إلى ما وصلت إلى
    أعني كلامك هذا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  8. #68

    افتراضي

    سهل إن شاء الله
    اختر من المكتبة الشاملة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
    ثم اكتب في البحث: (مولد)
    تظهر لك 345 نتيجة، وفيها كتب مكررة
    اقرأها جيدا
    فإذا وجدت ما له تعلق بالمسألة انسخ كامل الفصل الذي تكلم الشيخ فيه، أو كامل الفتوى
    ثم اقرأه بتأملٍ وتمعن، وافهم سياق كلامه في ضوء الباب أو الفتوى الذي تكلم عن المولد فيه

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    سهل إن شاء الله
    اختر من المكتبة الشاملة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
    ثم اكتب في البحث: (مولد)
    تظهر لك 345 نتيجة، وفيها كتب مكررة
    اقرأها جيدا
    فإذا وجدت ما له تعلق بالمسألة انسخ كامل الفصل الذي تكلم الشيخ فيه، أو كامل الفتوى
    ثم اقرأه بتأملٍ وتمعن، وافهم سياق كلامه في ضوء الباب أو الفتوى الذي تكلم عن المولد فيه

    لذا قلت سابقًا:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة

    وعلى كل حال، فما أراه من أقوال ابن تيمية أنه لا يجيز الاحتفال وكلامه ظاهر في ذلك ولا حاجة لإعادته.
    وما ورد من كلام يشعر منه الجواز، فلا يتعدى الإجمال، فمرة في معرض الكلام عن إيثابة الواقع في البدعة جهلًا، مع حسن قصده، ومرة عن الكلام عن بعض البدع، فيرد لمفصل كلامه، والعلم عند الله.
    بارك الله فيك، وفي هذا القدر كفاية
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    هذا لا خلاف فيه، ومع هذا رأى جوازَها!!
    كيف هذا-كيف يكون الاحتفال بالمولد لا خلاف فيه ومع ذلك يرى شيخ الاسلام جوازه---اليك كلام شيخ الاسلام الذى يزيل المشتبه من كلامه فى المواضع الاخرى التى فهمت منها انه يرى جواز الاحتفال بالمولد فان المتشابه اذا رد الى المحكم زال الاشكال---- يقول شيخ الاسلام -- اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا مع اختلاف الناس في مولده: "فإن هذا لم يفعله السَّلَفُ، مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه لو كان خيرًا. ولو كان هذا خيرًا محضا، أو راجحًا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا، وهم على الخير أحرص. وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره، وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا، ونشر ما بعث به، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان. فإن هذه طريقة السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان"[اقتضاء الصراط المستقيم]
    ويقول : "وَأَمَّا اتِّخَاذُ مَوْسِمٍ غَيْرِ الْمَوَاسِمِ الشَّرْعِيَّةِ كَبَعْضِ لَيَالِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ الَّتِي يُقَالُ إنَّهَا لَيْلَةُ الْمَوْلِدِ، أَوْ بَعْضُ لَيَالِي رَجَبٍ، أَوْ ثَامِنَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ، أَوْ أَوَّلُ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ، أَوْ ثَامِنُ شَوَّالٍ الَّذِي يُسَمِّيه الْجُهَّالُ "عِيدُ الْأَبْرَارِ"، فَإِنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَسْتَحِبَّهَا السَّلَفُ وَلَمْ يَفْعَلُوهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ"(مجموع الفتاوى).

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية - رحمه الله -
    ملحق في إنكار الاحتفال بالمولد النبوي والرد على الشنقيطي
    بعدما نشر ردنا على الشنقيطي كتب مرة أخرى في الموضوع رددنا عليها بالسرد التالي :
    الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، محمد وآله وصحبه وسلم ، وبعد :
    فقد نشرت جريدة " الندوة " في العدد الصادر يوم السبت 16\ 4\ 1382هـ للشنقيطي محمد مصطفى العلوي في تبرير الاحتفال بالمولد النبوي مقالا آخر تحت عنوان : " هذا ما يقوله ابن تيمية في الاحتفال المشروع بذكرى المولد النبوي " .
    مضمون ذلك المقال أن شيخ الإسلام ابن تيمية يرى الاحتفال بالمولد النبوي ، واعتمد الشنقيطي في تلك الدعوى على ثلاثة أمور :
    (الجزء رقم : 76، الصفحة رقم: 22)
    1 - قول شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم " في بحث المولد : فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس ، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قدمت أنه يستحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد .
    يقول الشنقيطي : فكلام شيخ الإسلام - يقصد هذه العبارة - صريح في جواز عمل مولد النبي صلى الله عليه وسلم الخالي من منكرات تخالطه .
    2 - قول شيخ الإسلام في " الاقتضاء " أيضا : فإذا رأيت من يعمل هذا - أي : المنكر - ولا يتركه إلا إلى شر منه ، فلا تدع إلى ترك منكر بفعل ما هو أنكر ، أو بترك واجب أو مندوب تركه أضر من فعل ذلك المكروه .
    يقول الشنقيطي : من الجدير بالذكر ما أشار إليه شيخ الإسلام أن مرتكب البدعة لا ينهى عنها إذا كان نهيه يحمله إلى ما هو شر منها ، ومن المعلوم عند العموم أن أكثر أهل هذا الزمان يضيعون الليالي وخصوصا ليلة الجمعة في سماع أغاني أم كلثوم وغيرها من حفلات صوت العرب الخليعة مما يذيعه الراديو والتلفزيون ، فلا يخفى على مسلم عاقل أن سماع ذكر صفة وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير
    (الجزء رقم : 76، الصفحة رقم: 23)
    من سماع الأغاني الخليعة والتمثيليات الماجنة .
    3 - دعوى أن شيخ الإسلام ابن تيمية لا ينكر الابتداع في تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويذكر الشنقيطي أن أكبر شاهد على ذلك تأليفه " كتاب الصارم المسلول " .
    هذا ما ذكره الشنقيطي مما برر به هذه الدعوى الباطلة .
    والحق أنه إنما أتي من سوء فهم كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وسيرته ، وفي نوع ما وقع فيه ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب " الاستغاثة " : الوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلم لم يكن على المتكلم بذلك بأس ، ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم ، بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ، وهذا هو عين ما وقع للشنقيطي في عبارات شيخ الإسلام ابن تيمية ، وإلى القراء بيان ذلك فيما يلي :
    أما قول شيخ الإسلام : فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس ، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فليس فيه إلا الإثابة على حسن القصد ، وهي لا تستلزم مشروعية العمل الناشئة عنه ، ولذلك ذكر شيخ الإسلام أن هذا العمل - أي : الاحتفال بالمولد - يستقبح من المؤمن
    (الجزء رقم : 76، الصفحة رقم: 24)
    المسدد ، ولكن الشنقيطي أخذ أول العبارة دون تأمل في آخرها .
    وفي أول بحث المولد في " اقتضاء الصراط المستقيم " فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الذين يتخذون المولد عيدا محبة للنبي صلى الله عليه وسلم ص 294 ، 295 :
    والله تعالى قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا مع اختلاف الناس في مولده ؛ فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى وعدم المانع منه ، ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا ؛ فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا ، وهم على الخير أحرص ، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا ، ونشر ما بعث به ، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان ، فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان .
    فهذا تصريح من شيخ الإسلام بأن إثابة من يتخذ المولد عيدا محبة للنبي صلى الله عليه وسلم من ناحية حسن قصده لا تقتضي مشروعية اتخاذ المولد عيدا ولا كونه خيرا ؛ إذ لو كان خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا ؛ لأنهم أشد محبة وتعظيما لرسول الله منا .
    ثم بعد ذلك صرح شيخ الإسلام بذم الذين يتخذون المولد عيدا فقال في ص
    (الجزء رقم : 76، الصفحة رقم: 25)
    295 ، 296 : أكثر هؤلاء الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع ، مع ما لهم فيها من حسن القصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة ، تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه ، وإنما هم بمنزلة من يحمل المصحف ولا يقرأ فيه ، أو يقرأ فيه ولا يتبعه ، وبمنزلة من يزخرف المسجد ولا يصلي فيه ، أو يصلي فيه قليلا ، وبمنزلة من يتخذ المسابح والسجادات المزخرفة وأمثال هذه الزخارف الظاهرة التي لم تشرع ويصحبها من الرياء الكثير والاشتغال عن المشروع ما يفسد حال صاحبها .
    وقال شيخ الإسلام في " الاقتضاء " ص 371 : من كانت له نية صالحة أثيب على نيته ، وإن كان الفعل الذي فعله ليس بمشروع ، إذا لم يتعمد مخالفة الشرع ، وصرح في ص 290 بأن إثابة الواقع في المواسم المبتدعة متأولا ومجتهدا على حسن قصده لا تمنع النهي عن تلك البدع ، والأمر بالاعتياض عنها بالمشروع الذي لا بدعة فيه ، وذكر أن ما تشتمل عليه تلك البدع من المشروع لا يعتبر مبررا لها
    (الجزء رقم : 76، الصفحة رقم: 26)
    كما صرح في كلامه على مراتب الأعمال بأن العمل الذي يرجع صلاحه لمجرد حسن القصد ليس طريقة السلف الصالح ، وإنما ابتلي به كثير من المتأخرين ، وأما السلف الصالح فاعتناؤهم بالعمل الصالح المشروع الذي لا كراهة فيه بوجه من الوجوه ، وهو العمل الذي تشهد له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : وهذا هو الذي يجب تعلمه وتعليمه والأمر به على حسب مقتضى الشريعة من إيجاب واستحباب .
    أضف إلى هذا أن نفس قول شيخ الإسلام : فتعظيم المولد واتخاذه موسما قد يفعله بعض الناس ، ويكون له أجر عظيم لحسن قصده إلخ ، إنما ذكره بصدد الكلام على عدم محاولة إنكار المنكر الذي يترتب على محاولة إنكاره الوقوع فيما هو أنكر منه ، يعني : أن حسن نية هذا الشخص ولو كان عمله غير مشروع خير من إعراضه عن الدين بالكلية .
    ومن الأدلة على عدم قصده تبرير الاحتفال بالمولد تصريحاته
    (الجزء رقم : 76، الصفحة رقم: 27)
    في كتبه الأخر بمنعه ، يقول في " الفتاوى الكبرى " : أما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد ، أو بعض ليالي رجب ، أو ثامن عشر ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار ، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف الصالح ولم يفعلوها .
    وقال في بعض فتاواه : فأما الاجتماع في عمل المولد على غناء ورقص ونحو ذلك واتخاذه عبادة ، فلا يرتاب أحد من أهل العلم والإيمان أن هذا من المنكرات التي ينهى عنها ، ولا يستحب ذلك إلا جاهل أو زنديق .
    وأما قول شيخ الإسلام : فإذا رأيت من يعمل هذا - أي : المنكر - ولا يتركه إلا إلى شر منه فلا تدع إلى ترك منكر بفعل ما هو أنكر ، أو بترك واجب أو مندوب تركه أضر من فعل ذلك المكروه .
    فمن غرائب الشنقيطي الاستدلال به على مشروعية الاحتفال بالمولد ما دام شيخ الإسلام يسمي ذلك منكرا ، وإنما اعتبر ما يترتب على محاولة إزالته من خشية الوقوع في أنكر منه عذرا عن تلك المحاولة ، من باب اعتبار مقادير المصالح والمفاسد .
    وقد بسط شيخ الإسلام الكلام على هذا النوع في رسالته في " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " ، ومن ضمن بحثه في ذلك قوله : ومن هذا الباب
    (الجزء رقم : 76، الصفحة رقم: 28)
    ترك النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبي بن سلول وأمثاله من أئمة النفاق والفجور لما لهم من أعوان ، فإزالة منكره بنوع من عقابه مستلزمة إزالة معروف أكثر من ذلك بغضب قومه وحميتهم ، وبنفور الناس إذا سمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه ، ولهذا لما خطب الناس في قضية الإفك بما خطبهم به واستعذر منه ، وقال له سعد بن معاذ قوله الذي أحسن فيه ، حمي له سعد بن عبادة مع حسن إيمانه وصدقه ، وتعصب لكل منهما قبيلته حتى كادت تكون فتنة .
    ومن هذا يعلم أن لا ملازمة بين ترك النهي عن الشيء لمانع وبين إباحة ذلك الشيء كما تخيله الشنقيطي ، وقد فاته أن هذه العبارة التي نقلها عن شيخ الإسلام في عدم النهي عن المنكر إذا ترتب عليه الوقوع في أنكر منه ، لا تصلح جوابا لمن سأل عن الاحتفال بالمولد هل هو بدعة أم لا ؟ في بلد لا يقام فيه ذلك الاحتفال ، وإنما تعتبر جوابا لمن سأل عن حكم الإنكار على من اتخذ المولد عيدا إذا ترتب على الإنكار الوقوع في أنكر منه .
    كما فاته أن ما ذكره من جهة أغاني أم كلثوم وما عطفه عليها لا يعتبر مبررا للابتداع ، فإن الباطل إنما يزال بالحق لا بالباطل ، قال تعالى : وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا
    (الجزء رقم : 76، الصفحة رقم: 29)
    وليس النهى عن الاحتفال بالمولد من ناحية قراءة السيرة ، بل من ناحية اعتقاد ما ليس مشروعا مشروعا ، والتقرب إلى الله تعالى بما لم يقم دليل على التقرب به إليه ، ومن أكبر دليل على عدم اعتبار ما ذكره الشنقيطي أن المواضع التي تقام فيها الاحتفالات بالموالد ما حالت بينها وبين الاستماع لأغاني أم كلثوم وما عطف عليها ، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم أرفع من أن لا تقرأ في السنة إلا في أيام الموالد .
    وأما دعوى الشنقيطي فتح شيخ الإسلام ابن تيمية باب الابتداع فيما يتعلق بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ، فكتابات شيخ الإسلام ابن تيمية تدل أوضح دلالة على بطلانها ، فقد قرر فيها أن كيفية التعظيم لا بد من التقيد فيها بالشرع ، وأنه ليس كل تعظيم مشروعا في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن السجود تعظيم ومع ذلك لا يجوز لغير الله ، وكذلك جميع التعظيمات التي هي من خصائص الألوهية لا يجوز تعظيم الرسول بها ، كما قرر في غير موضع من كتبه أن الأعمال المضادة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وإن قصد فاعلها التعظيم فهي غير مشروعة لقوله تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ، ويستدل كثيرا بما
    (الجزء رقم : 76، الصفحة رقم: 30)
    جاء في النصوص من النهي عن الإطراء ، وكلامه في ذلك كثير لا يحتاج إلى الإطالة بذكره ما دامت المراجع بحمد الله موجودة ، هذا على سبيل العموم .
    أما ما يخص مسألة اتخاذ المولد النبوي عيدا بدعوى التعظيم فقد تقدم قول شيخ الإسلام ابن تيمية فيه : إنه لم يفعله السلف مع قيام المقتضى ، وعدم المانع منه ، ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا ؛ فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا ، وهم على الخير أحرص ، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان ، فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان .
    وتمثيل الشنقيطي " بالصارم المسلول " لدعواه فتح شيخ الإسلام ابن تيمية لباب الابتداع في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم إنما نشأ من عدم تدبر كلام شيخ الإسلام في مقدمته ، فإنه قد بين فيها أن مضمون الكتاب " الصارم المسلول " بيان الحكم الشرعي الموجب لعقوبة من سب النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر بيانا مقرونا بالأدلة ، ومن نظر إلى الأدلة التي سردها
    (الجزء رقم : 76، الصفحة رقم: 31)
    شيخ الإسلام في هذا الكتاب من نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة تبين له أنه دفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحماية لجنابه من التعرض له بما لا يليق به ، وهذا لا صلة له بالابتداع ، هذا وليت الشنقيطي فكر في تعذر الجمع بين الأمور التي استدل بها على تبرير الاحتفال بالمولد ، فإن كون الشيء الواحد مشروعا منكرا بدعة في آن واحد لا يتصور ، لكن من تكلم فيما لا يحسنه أتى بالعجائب ، هذا ما لزم بيانه وبالله التوفيق

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    جزاك الله خيرًا الفاضل: محمدعبداللطيف
    وأحسن الله إليك
    محمد بن عبدالله بن محمد
    وبارك الله في الأخ الطيبوني
    وفي مشرفنا أبي مالك المديني
    وفي كل من شارك في الموضوع

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  13. #73

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    هذا لا خلاف فيه، ومع هذا رأى جوازَها!!
    معنى كلامي:
    كون المولد لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خلاف فيه
    ومع كونه بدعة: رأى الحافظ ابن حجر جوازها!!
    فكيف يستساغ من أمير المؤمنين في الحديث -هو وغيره مع اتفاقهم على بدعية المولد- كيف يسوغ لهم أن يخالفوا: ((كل بدعة ضلالة))، إلا إن كانوا مجتهدين متأولين
    ولعل ذلك يكون بـ
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    ولعله: يَدَّعِي أنها بدعةٌ لغويةٌ كصلاة التراويح والأذان الثاني يوم الجمعة
    وعلى هذا فهو مجتهد متأول.

  14. #74

    افتراضي

    اللهم ألهنا الرشد والسداد والصواب
    اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه
    اللهم ارزقنا الإخلاص في الأعمال والأقوال
    أما بعد:

    فأيها الإخوة الأفاضل:
    إن التحقيقَ صعبٌ، يحتاج إلى تتبعٍ ودقةِ فهمٍ، وإدراكٍ، وإلى إنصاف.
    والنقاش ربما أَلْبَس على بعضٍ، ورما أُدْخِلَ موضوعٌ في موضوع

    لذا سأحاول هنا أن ألخص ما أفترق فيه بيني وبين الإخوة حفظهم الله تعالى ووفقهم لهداه، وما نتفق فيه.
    كي لا أُحَاوَر فيما أتفق معهم فيه، ويترك ما نحن مختلفون فيه
    وأجد البعض يجادل بمحفوظه الذي تلقفه من مشايخه، ثم ببضاعة مزجاة من قراءته وتتبعه، وهذا لا يصح في مثل هذا المقام
    فإني قبل أسبوعين فقط لا أختلف معكم في شيء من هذا كله، ما شبه به الشيخ الشنقيطي لا يلبس علي بإذن الله، لكن هذا التردد الذي حصل لي في بعض المسائل، والتراجع سببه عبارات شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.
    فأعتقد أن فهمنا لكلامه كان خاطئا، كنا أخذناه تقليدا لا تحقيقا
    ورحم الله مشايخنا، وجزاهم عنا كل خير، فما بلغونا إياه كان منهم استقراء ناقصا لكلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، فبذلوا جهدهم.
    أما نحن اليوم، وقد سهَّل اللهُ علينا سرعةَ البحث والوصول إلى نتائج من ملايين الصفحات في دقائق معدودة، فما يعجزنا إلا قراءة هذه النتائج، نتيجة نتيجة، بتأن، ودقة، وفهم، ثم نسخها وفَصْلَها كاملة، وإعادة القراءة، واستغرق مني ذلك ثلاثة أيام أو أربعة.
    ويعجبني تقديمُها للمنصف الذي يريد الحق، لا للمقلد الذي يبحث عن العثرات، فالإعراض عنه، وجعله يتعب بالبحث ليتذوق العلم، ويتعب في تحصيله أنفع له.


    فأقول أولاً:
    اتَّفَقَ مَن ذَكَرَ نشأةَ المَوْلِدِ: أنه بهذه الكيفية: مُحْدَثٌ مُبْتَدَعٌ، لم يكن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن على عهد الصحابة رضي الله عنهم، ولا التابعين.
    أما رواية سيرته صلى الله عليه وسلم مطلقا، مِن ولادته وبعثته وبعض ما حدث بينهما وما بعد ذلك: فهذا مما لا شك فيه: أنه كان من عهد النبوة، ثم في عهد الصحابة، ثم من بعدهم، وهذا ليس موطنَ خلاف أيضا.

    ثانيا:
    أختلفُ معكم في أنَّ شيخ الإسلام لم يُطلقْ بدعيَّتَهُ، بل قيَّد ذلك بالتخصيص، فإن لم تخصص فهي غير مكروهة عنده، واستدللت على هذا بنصين من كلامه:
    1) (فَلَوْ أَنَّ قُومَا اجْتَمَعُوا بَعْضَ اللَّيَالِي عَلَى صَلَاةِ تَطَوُّعٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّخِذُوا ذَلِكَ عَادَةً رَاتِبَةً تُشْبِهُ السُّنَّةَ الرَّاتِبَةَ لَمْ يُكْرَهْ. لَكِنَّ اتِّخَاذَهُ عَادَةً دَائِرَةً بِدَوَرَانِ الْأَوْقَاتِ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ الشَّرِيعَةِ وَتَشْبِيهِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ بِالْمَشْرُوعِ. وَلَوْ سَاغَ ذَلِكَ لَسَاغَ أَنْ يَعْمَلَ صَلَاةً أُخْرَى وَقْتَ الضُّحَى أَوْ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَوْ تَرَاوِيحَ فِي شَعْبَانَ أَوْ أَذَانًا فِي الْعِيدَيْنِ أَوْ حَجًّا إلَى الصَّخْرَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَهَذَا تَغْيِيرٌ لِدِينِ اللَّهِ وَتَبْدِيلٌ لَهُ.
    وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي لَيْلَةِ الْمَوْلِدِ وَغَيْرِهَا).
    وهذا نص ظاهر الدلالة، وتأويله بما يدل على ضعف شيخ الإسلام في اللغة: أمرٌ لا أقبله، ولا أنظر له.
    2) (مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ يَعْمَلُ كُلَّ سَنَةٍ خِتْمَةً فِي لَيْلَةِ مَوْلِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ أَمْ لَا؟
    الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. جَمْعُ النَّاسِ لِلطَّعَامِ فِي الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ سُنَّةٌ، وَهُوَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الَّتِي سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُسْلِمِينَ وَإِعَانَةُ الْفُقَرَاءِ بِالْإِطْعَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ هُوَ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» وَإِعْطَاءُ فُقَرَاءِ الْقُرَّاءِ مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى الْقُرْآنِ عَمَلٌ صَالِحٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَمَنْ أَعَانَهُمْ عَلَى ذَلِكَ كَانَ شَرِيكَهُمْ فِي الْأَجْرِ.
    وَأَمَّا اتِّخَاذُ مَوْسِمٍ غَيْرِ الْمَوَاسِمِ الشَّرْعِيَّةِ كَبَعْضِ لَيَالِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ الَّتِي يُقَالُ إنَّهَا لَيْلَةُ الْمَوْلِدِ، أَوْ بَعْضُ لَيَالِي رَجَبٍ، أَوْ ثَامِنَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ، أَوْ أَوَّلُ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ، أَوْ ثَامِنُ شَوَّالٍ الَّذِي يُسَمِّيه الْجُهَّالُ " عِيدُ الْأَبْرَارِ "، فَإِنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَسْتَحِبَّهَا السَّلَفُ وَلَمْ يَفْعَلُوهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ).
    تأمل السؤال، وتأمل الجواب
    تأمل السؤال، وتأمل الجواب
    تأمل السؤال، وتأمل الجواب.
    السؤال: عن ختمةٍ في ليلة المولد.
    الجواب: جمع الناس للطعام ... وإعانة الفقراء بالإطعام ... وإعطاء فقراء القراء ...: عمل صالح في كل وقت، وأما اتخاذ موسم ... فإنها من البدع.


    فلما استوقفني هذان النصان: تتبعتُ كلامَه رحمه الله تعالى في المولد فوجدتُه حين يُحَرِّمُه لا يُخْرِجُه عن التخصيص: (اتِّخَاذُ مَوْسِمٍ غَيْرِ الْمَوَاسِمِ الشَّرْعِيَّةِ) ، (اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا)، (اتخاذه موسمًا).
    ويدخله كذلك في مثل هذه الأبواب كما فعل في اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 121 - 148) فإنه أدخله تحت:
    (فصل [في الأعياد الزمانية المبتدعة، أنواع الأعياد الزمانية المبتدعة]
    قد تقدم أن العيد يكون اسمًا لنفس المكان، ولنفس الزمان، ولنفس الاجتماع.
    وهذه الثلاثة قد أحدث منها أشياء:
    أما الزمان: فثلاثة أنواع، ويدخل فيها بعض بدع أعياد المكان والأفعال:...
    النوع الثاني: ما جرى فيه حادثة، كما كان يجري في غيره، من غير أن يوجب ذلك جعله موسمًا، ولا كان السلف يعظمونه:
    كثامنَ عشرَ ذي الحجة، الذي خطب النبي صلى الله عليه وسلم فيه بغدير خم...
    وليس الغرض الكلام في مسألة الإمامة، وإنما الغرض: أن اتخاذ هذا اليوم عيدًا محدَثٌ، لا أصل له، ...
    وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادًا، أو اليهود، وإنما العيد شريعةٌ، فما شرعه الله اتُّبِع، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه.
    وكذلك ما يُحدثه بعض الناس -إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيمًا، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد، لا على البدع-: من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا -مع اختلاف الناس في مولده-؛ فإن هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه لو كان خيرًا ...).
    فالفصل الذي ورد تحته المولد إنما هو للتخصيص.
    والفصل الذي قبله أيضا تكلم عن تخصيص العبادات، فقال في اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 111): (وذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تخصيص أوقات بصلاة أو بصيام، وأباح ذلك إذا لم يكن على وجه التخصيص ...).


    ثم إني تتبعتُ كلامه في هذه المخصصات، فإذا به يقسمه قسمين:
    قسم يكون أصله مشروعا كالقراءة والسيرة والذكر والصوم.
    وقسم لا يكون أصله مشروعا، أو مخالفا للمشروع كإقامة عزاءٍ للحسين يوم عاشوراء كل سنة.
    فالثاني: واضحٌ، وليس بيني وبينكم خلافٌ في فهم كلام شيخ الإسلام فيه، وهو إنكار أصله؛ لأن أصله ليس مشروعًا.
    وإنما الخلاف بيني وبينكم في القسم الأول، الذي أصله مشروع، كالصيام ثم يخصصه بيوم ما، فالصيام مشروع، وتخصيصه بيوم غير مشروع، ولا منهي عنه، فهنا شيخ الإسلام ينهى عن تخصيصه، لا عن أصله وهو الصيام، وأنا أجزم أن المولد من هذا النوع، كما نبَّهت إليه، وأنتم تخالفوني في ذلك.


    وهناك موضعان من كلام شيخ الإسلام لا أخالفكم فيهما ولا أوافقكم؛ لأن كلامه فيهما محتملٌ، ولذلك عندي أسباب أُبَيِّنُها إن شاء الله:
    الموضع الأول: إذا توفرت الشروط التي ذكرتُهَا في المولد: فهل الكراهة تكون كراهة تحريمية أم تنزيهية؟
    الموضع الثاني: هل المسألة مستساغة في الخلاف، فيقبل اجتهاد العلماء فيها أم لا؟


    أعيد: أنا لا أوافقكم ولا أخالفكم، فعندي تردد في ذلك، وسأبين أسبابَ التردد:
    أما الموضع الأول فكان المتبادر إلى ذهني إلى وقت قريب جدا أنها تحريمية، لكن لما قرأت مقالة الإخوة وبحثت في كلام الشيخ ترددت في ذلك، أما كلام الإخوة فموجود في هذا الموقع المبارك، وأما ما وقفت عليه في كلام الشيخ فـ:
    كثيرًا ما يقرن شيخ الإسلام بين البدعة والكراهة في الموضع الذي ذكرتُه لكم سابقًا، وهو: (القسم الذي يكون أصله مشروعا كالقراءة والسيرة والذكر والصوم)، وهي محتملة لهما (التحريمية والتنزيهية)، والمتبادر -كما قلتُ- أن المقصود به الكراهة التحريمية إلى أن وقفتُ على قوله -وتأمل معي هذا النص مِن كلامه رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى (25/ 291): (وَأَمَّا الصَّمْتُ عَنْ الْكَلَامِ مُطْلَقًا فِي الصَّوْمِ أَوْ الِاعْتِكَافِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. لَكِنْ هَلْ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟)، فإن كان الصمت متفق عليه بين أهل العلم على أنه بدعة، فكيف يختلف فيه: (هَلْ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟)!!!، ثم يقول: (فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِهِ [يعني الإمام أحمد] وَغَيْرِه).
    فهذا النص أوقفني كثيرًا، أمرٌ متفق على بدعيته: يختلف فيه بين الكراهة والحرمة، إذًا ليس كل بدعة: محرمًا، بل قد يكون مكروهًا، وقد يكون محرمًا!.


    أما استساغة الخلاف فأسبابه:
    ما ذكره الإخوة من عباراتٍ موهمةٍ في كلامه رحمه الله تعالى، وهي:
    اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 123): (والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد).
    وقال (2/ 126): (فتعظيم المولد، واتخاذه موسمًا، قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم).
    اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 116): (لا ريب أنَّ من فعلها متأولًا مجتهدًا أو مقلدًا كان له أجر على حسن قصده، وعلى عمله، من حيث ما فيه من المشروع، وكان ما فيه من المبتدع مغفورًا له، إذا كان في اجتهاده أو تقليده من المعذورين، وكذلك ما ذكر فيها من الفوائد كلها، إنما حصلت لما اشتملت عليه من المشروع في جنسه: كالصوم والذكر، والقراءة، والركوع، والسجود، وحسن القصد في عبادة الله وطاعته ودعائه، وما اشتملت عليه من المكروه، انتفى موجبه بعفو الله عنه لاجتهاد صاحبها أو تقليده، وهذا المعنى ثابت في كل ما يذكر في بعض البدع المكروهة من الفائدة).
    والحق أن هذه النصوص وحدَها: لا يمكن التمسك بها على أن المسألة خلافية.

    لكن إذا ضُمَّت هذه النصوص إلى أشياء أخر: تَرَدَّدَ النَّظَرُ هُنالِكَ، وأعني بالأشياء:
    1) ما مر في الكلام على رأي شيخ الإسلام رحمه الله تعالى حول بدعية المولد.
    2) جلالةُ قدرِ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في علم أصول الفقه، ومعرفته بمذاهب العلماء فيه، ومن ذلك اختلافهم في تخصيص العمومات، ونقلت من كلام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى ما أريده من ذلك، وهو في كتابه شرح الإلمام (4/ 50 - 53): (وأما فِعْلُهُ مِن غيرِ إلحاق، فهذه المرتبةُ يجبُ أن تكونَ دونَ تلك المرتبة في الكراهة؛ لأنه يمكنُ إدراجُ هذه الأدعية تحت العُمومات المقتضية لاستحباب ذكر الله تعالَى، فمنْ لا يتوَقَّفُ في استحباب الشيء المخصوص في المحلِّ المخصوص علَى دليلٍ مخصوصٍ، فلا يَبعُدُ منه أنْ يَستحبَّ مثلَ هذا الفعل عملًا بالعموماتِ، ومن يرَى أنَّهُ لا بدَّ من دليل مخصوص على الحكمِ المخصوص، لا يستحبُّ ذلك)، وهي مما لا تخفى على شيخ الإسلام، ولا شك أنه مطلع على الخلاف فيها، فكما جرى بينهم خلاف في مثل العمل بالحديث المرسل وعمل أهل المدينة وغيرها من الأصول، وكانت سببا لاختلافهم في الفروع، فكذا لم لا يقال هنا.
    3) فِعْلُ أصحابِه من تأليف كتبٍ في المولِد، وإشعارُ بعضِ عباراتهم تعظيم المولد، كالحافظ المفسر ابنُ كثيرٍ تلميذُه؛ إذ قال في البداية والنهاية ط هجر (17/ 205) حين ذكر صاحب إربل: (وَكَانَ يَعْمَلُ الْمَوْلِدَ الشَّرِيفَ! فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَيَحْتَفِلُ بِهِ احْتِفَالًا هَائِلًا)، وألّف فيه كتابًا، قال في جامع المسانيد والسنن (8/ 348): (فقد رويناه في السيرة وفي الموالد)، والغرض من تأليفه المولدَ أن يُقْرَأ أيامه، بل وفي تسميته (المولد) شبهة!.
    وكذا مُحِبُّه: ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله تعالى، وهو الذي ألف كتاب "الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر".
    4) إفتاء العلماء الحفاظ مع إقرارهم ببدعية المولد: بجوازه، بل وعَمِلُوه، واستحسنوه، وألفوا الكتب فيه، وانتصروا له، وليس الغرض عرض الخلاف هنا بينه وبينهم، وإنما فهم مقصود شيخ الإسلام من قوله: (متأولًا مجتهدًا أو مقلدًا).
    فهل يريد أن هذا من الخلاف الاجتهادي كالخلاف بين أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، الذي ألف فيه شيخ الإسلام: (رفع الملام عن الأئمة الأعلام)، أم هو كاختلافنا مثلا مع المعتزلة في مثل خلق القرآن؟!.
    فرأى الشيخ رحمه الله تعالى أن المولد إذا خصص كان بدعة شرعية، ورأى ابن حجر ومن نحا نحوه: أنه بدعةٌ لغوية، كصلاة التراويح وأذان الجمعة.
    وإلى أي شيء يدلنا قوله: (كما يزول إثم النبيذ والربا المختلف فيهما عن المجتهدين من السلف، ثم مع ذلك يجب بيان حالها، وألا يُقْتَدَى بمن استحلها، وألا يقصر في طلب العلم المبين لحقيقتها)، فلا زال مجتهدو الأحناف لا يحدون شارب النبيذ إلا إذا سكر، ولا زال الشافعية يُجِيزون بيعَ العِينَة [إن كان هذا مقصد شيخ الإسلام]، ولا يرون فيها حتى الكراهة إلا إن كانت نية فاعلها التحايل على الربا، وهذا هو المفتى به في كتبهم.
    وإن كان غير هذا مقصده فقد ذكر رحمه الله تعالى في رفع الملام (ص: 54): (ثُمَّ إنَّ الَّذِينَ بَلَغَهُمْ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» فَاسْتَحَلُّوا بَيْعَ الصَّاعَيْنِ بِالصَّاعِ يَدًا بِيَدِ؛ مِثْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَأَصْحَابِهِ: أَبِي الشَّعْثَاءِ؛ وَعَطَاءٍ؛ وطاوس؛ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ؛ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَعْيَانِ الْمَكِّيِّينَ الَّذِينَ هُمْ صَفْوَةُ الْأُمَّةِ عِلْمًا وَعَمَلًا: لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ أَوْ مَنْ قَلَّدَهُ -بِحَيْثُ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ-: تَبْلُغُهُمْ لَعْنَةُ آكِلِ الرِّبَا؛ لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ مُتَأَوِّلِينَ تَأْوِيلًا سَائِغًا فِي الْجُمْلَةِ).
    وإذا كان هذا هو مراده فيعني: أنَّ مَنْ فَعَلَ المولد: فعل ذلك متأولا تأويلا سائغا في الجملة.

    وأرجع فأُذَكِّرُ: بأني لا أجزم في المسألتين الأخيرتين بشيء حول رأي شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.


    وعلى كل حالٍ، فأُلَخِّصُ لكم ما نتفق وما نختلف فيه في ضوء: "هل يرى شيخ الإسلام جواز المولد":
    نتفق على: أن شيخ الإسلام يرى حدوثه بعد عصر السلف.
    نتفق على: أنه يرى بدعيته الشرعية إن خُصِّصَ بزمان أو مكان.
    نتفق على: أنه يرى حرمته إن اشتمل على مُحَرَّمٍ.
    نختلف في: أنه في رأيه في أصل المولد: بين جوازه كما أقول، أو حرمته كما تقول.
    نختلف في: إطلاقه البدعة المكروهة، هل يريد بها الحرمة كما تجزم أنت، أم هي محتملة للتحريم والتنزيه، لا أجزم الآن بشيءٍ.
    نختلف في: أنه يرى الخلاف غير مستساغ كما تجزم أنت، أم أنه يحتمل أن يكون من قبيل الاختلاف المستساغ، لا أجزم الآن بشيء.

    والله اعلم

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    قال ابن تيمية: (النقل نوعان: أحدهما: أن ينقل ما سمع أو رأى. والثاني: ما ينقل باجتهاد واستنباط، وقول القائل: مذهب فلان كذا، أو مذهب أهل السنة كذا؛ قد يكون نسبه إليه لاعتقاده أن هذا مقتضى أصوله وإن لم يكن فلان قال ذلك؛ ومثل هذا يدخله الخطأ كثيرًا. ألا ترى أن كثيرًا من المصنفين يقولون: مذهب الشافعي أو غيره كذا، ويكون منصوصه بخلافه؟ وعذرهم في ذلك: أنهم رأوا أن أصوله تقتضي ذلك القول، فنسبوه إلى مذهبه من جهة الاستنباط لا من جهة النص؟). [مجموع الفتاوى: (11/ 137)].
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  16. #76
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    فلما استوقفني هذان النصان: تتبعتُ كلامَه رحمه الله تعالى في المولد فوجدتُه حين يُحَرِّمُه لا يُخْرِجُه عن التخصيص: (اتِّخَاذُ مَوْسِمٍ غَيْرِ الْمَوَاسِمِ الشَّرْعِيَّةِ)
    جزاك الله خيرًا
    ولم نقف من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية على غير هذين النصين، وكلامه كما وضحنا قبل ذلك فيهما واضح في النسبة للبدعة، وإن كان فلا يتعدى الاحتمال والإجمال، مع التنبيه أن القائيلن بنسبة جواز الاحتفال لشيخ الإسلام ابن تيمية لم يذكروا هذين النصين؛ دليل على أنهما لم يفهموا ما فهمته منهما، والله أعلم.
    ولو سلمنا جدلًا أن شيخ الإسلام يجيزه بالضوابط التي ذكرتها، فيبقى الأمر على أصله وهو عدم وروده عن السلف بأي شكل من الأشكال.
    وعلى كل حال نرجو لك الخير والسداد والثبات.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  17. #77
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وقفت على حوار دار بين شيخ الإسلام ابن تيمية، وبين بعض محبيه يوضح مقصوده في إثابة المخطئ وإن كان غير مصيب؛ لحسن قصده، وصلاح نيته، واجتهاده، لما قام جماعة من الغوغاء على الشيخ بجامع مصر وضربوه، وقام أهل الحسينية وغيرهم انتصارًا للشيخ، قال حاكي الواقعة: (واجتمع عنده جماعة، وتتابع الناس، وقال له بعضهم: يا سيدي قد جاء خلق من الحسينية، ولو أمرتهم أن يهدموا مصر كلها لفعلوا.
    فقال لهم الشيخ: لأي شيء؟
    قال: لأجلك.
    فقال لهم: هذا ما يجوز؟
    فقالوا: نحن نذهب إلى بيوت هؤلاء الذين آذوك؛ فنقتلهم، ونخرب دورهم فإنهم شوشوا على الخلق، وأثاروا هذه الفتنة على الناس.
    فقال لهم: هذا ما يحل.
    قالوا: فهذا الذي قد فعلوه معك يحل؟! هذا شيء لا نصبر عليه، ولا بد أن نروح إليهم ونقاتلهم على ما فعلوا.
    والشيخ ينهاهم ويزجرهم فلما أكثروا في القول قال لهم: إما أن يكون الحق لي، أو لكم، أو لله، فإن كان الحق لي فهم في حِلٍ منه، وإن كان لكم؛ فإن لم تسمعوا مني ولا تستفتوني فافعلوا ما شئتم، وإن كان الحق لله فالله يأخذ حقه إن شاء كما يشاء.
    قالوا: فهذا الذي فعلوه معك هو حلال لهم؟
    قال: هذا الذي فعلوه قد يكونون مثابين عليه مأجورين فيه.
    قالوا: فتكون أنت على الباطل وهم على الحق؟ فإذا كنت تقول: إنهم مأجورين فاسمع منهم، ووافقهم على قولهم.
    فقال لهم: ما الأمر كما تزعمون فإنهم قد يكونون مجتهدين مخطئين ففعلوا ذلك باجتهادهم، والمجتهد المخطىء له أجر.
    فلما قال لهم ذلك،
    قالوا: فقم واركب معنا حتى نجيء إلى القاهرة ...). [الانتصار: (صـ 317 - 318)، لابن عبد الهادي)].

    فتأمل: ما قاله في أنهم قد يؤجرون، ومع ذلك لم يصحح فعلهم.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  18. #78

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    وقفت على حوار دار بين شيخ الإسلام ابن تيمية، وبين بعض محبيه يوضح مقصوده في إثابة المخطئ وإن كان غير مصيب؛ لحسن قصده، وصلاح نيته، واجتهاده، لما قام جماعة من الغوغاء على الشيخ بجامع مصر وضربوه، وقام أهل الحسينية وغيرهم انتصارًا للشيخ، قال حاكي الواقعة: (واجتمع عنده جماعة، وتتابع الناس، وقال له بعضهم: يا سيدي قد جاء خلق من الحسينية، ولو أمرتهم أن يهدموا مصر كلها لفعلوا.
    فقال لهم الشيخ: لأي شيء؟
    قال: لأجلك.
    فقال لهم: هذا ما يجوز؟
    فقالوا: نحن نذهب إلى بيوت هؤلاء الذين آذوك؛ فنقتلهم، ونخرب دورهم فإنهم شوشوا على الخلق، وأثاروا هذه الفتنة على الناس.
    فقال لهم: هذا ما يحل.
    قالوا: فهذا الذي قد فعلوه معك يحل؟! هذا شيء لا نصبر عليه، ولا بد أن نروح إليهم ونقاتلهم على ما فعلوا.
    والشيخ ينهاهم ويزجرهم فلما أكثروا في القول قال لهم: إما أن يكون الحق لي، أو لكم، أو لله، فإن كان الحق لي فهم في حِلٍ منه، وإن كان لكم؛ فإن لم تسمعوا مني ولا تستفتوني فافعلوا ما شئتم، وإن كان الحق لله فالله يأخذ حقه إن شاء كما يشاء.
    قالوا: فهذا الذي فعلوه معك هو حلال لهم؟
    قال: هذا الذي فعلوه قد يكونون مثابين عليه مأجورين فيه.
    قالوا: فتكون أنت على الباطل وهم على الحق؟ فإذا كنت تقول: إنهم مأجورين فاسمع منهم، ووافقهم على قولهم.
    فقال لهم: ما الأمر كما تزعمون فإنهم قد يكونون مجتهدين مخطئين ففعلوا ذلك باجتهادهم، والمجتهد المخطىء له أجر.
    فلما قال لهم ذلك،
    قالوا: فقم واركب معنا حتى نجيء إلى القاهرة ...). [الانتصار: (صـ 317 - 318)، لابن عبد الهادي)].

    فتأمل: ما قاله في أنهم قد يؤجرون، ومع ذلك لم يصحح فعلهم.
    لعلك تقصد به هنا فهو الأقرب
    http://majles.alukah.net/t163971-2/

  19. #79
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    لعلك تقصد به هنا فهو الأقرب
    http://majles.alukah.net/t163971-2/
    نعم أحسنت، بارك الله فيك، وإن كان هذا الموضوع أخذ طرفًا منه في بدايته
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  20. #80
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: هل أجاز شيخُ الإسلام الاحتفالَ بالمَوْلِد؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    وربما يقال بالتفريق بين المبتدع في بدعة أصلية، وبين المبتدع في بدعة وصفية، مثال هذا: إذا كان أصل العبادة مشروع كالصيام؛ ولكنه صام في يوم لا يُسن فيه الصيام على أنه سنة؛ جهلًا منه أو تقليدًا، أو اجتهادًا، فهذا ربما يثاب على حسن نيته، والله أعلم.
    أما من ابتدع بدعة أصلية؛ فهذا لا يثاب بأي حال، والله أعلم.
    كل عبادة غير مأمور بها فلا بد أن ينهى عنها . ثم إن علم أنها منهي عنها وفعلها استحق العقاب فإن لم يعلم لم يستحق العقاب وإن اعتقد أنها مأمور بها وكانت من جنس المشروع فإنه يثاب عليها

    مجموع الفتاوى



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •